طفولة مايكل بيتر دينيس نوونان وبداية تعرفه على الإسلام
ولد الأستاذ “مايكل بيتر دينيس نوونان” وعاش في مدينة “واترفورد” بأيرلندا. ينتمي الأستاذ “مايكل بيتر نوونان” إلى أسرة من الروم الكاثوليك ملتزمة ومتشددة دينياً ولها تاريخ عريق في خدمة الكنيسة الكاثوليكية وأغلب أقاربه وأعمامه وأهل بيته من القسس والكهنة والراهبات والرهبان وخدام الكنيسة. أكمل الأستاذ “مايكل نوونان” دراسته الابتدائية ثم الإعدادية في “مدرسة الرسول بولس” وتَخَرَّجَ من “جامعة القديس ديفيد للثالوث” قسم اللاهوت والفلسفة في “ويلز”. تعرَّف الأستاذ “مايكل نوونان” على الإسلام أثناء زيارة صيفية له إلى “تونس” مع بعض الأصدقاء. رغم معلوماته الأولية عن الإسلام ألا أن كل شيء بدا له جديداً على أرض الواقع وأعجبه ونال احترامه فصل الرجال عن النساء في المساجد والأماكن المختلطة فيما كان أصدقاؤه وصديقاته في الرحلة يرون ذلك ظلماً للمرأة خصوصاً وأن النساء التونسيات على الشاطئ يرتدين الزي الساتر للجسد بشكل كامل على عكس الغربيات تماما. أثار ذلك احترام “مايكل بيتر نوونان” بشدة وخاصة بعد سماع الأذان يرفع لأول مرة من أحد المساجد فبادر على الفور إلى سؤال أحد العرب الذين يتحدثون الإنكليزية عن معنى هذا الأذان وماذا يقول، فشرح له التونسي الموضوع كاملاً مما جعل الأستاذ “مايكل بيتر نوونان” يزداد إعجاباً وانبهاراً بالإسلام وقرر أن يبحث في الإسلام فور عودته إلى المملكة المتحدة.
عندما عاد “مايكل” إلى بريطانيا التقى بأحد أصدقاءه المسيحيين أثناء احتفال في الكنيسة الرسولية العالمية فأخبره برحلته إلى تونس فرد عَلَيهِ صديقه بأن المسلمين هم أكثر الناس عناداً بالنسبة للتحول إلى المسيحية وترك الإسلام والسبب هو أن المسلمين يمارسون اعتقادهم ويؤمنون به بصدق. كان لهذا الرد أثره الكبير على “مايكل” وخصوصاً أن ما سمعه كان قد شاهده بأم عينه خلال زيارته لتونس.
الحوارات الدينية في هايد بارك والإقتراب من المسلمين
انطلق “مايكل بيتر نوونان” في إحدى رحلاته التبشيرية بالمسيحية إلى “هايد بارك” بالعاصمة “لندن” حيث مختلف الديانات والنقاشات تدور بين المحاورين، ولكن أكثر ما لفت انتباهه هو الحوار مع المسلمين إذ كان المسلمون يمطرون القسس بوابل من الأسئلة بدون إجابات شافية مع أن “مايكل نوونان” كان قد درس اللاهوت بالإضافة لدراسته للكتاب المقدس وتفاسيره وتحليله في “كنيسة العنصرة العالمية” والفروق بين الكاثوليكية والإنجيلية. قابل الأستاذ “مايكل” العديد من المسلمين السنة الصوفية والوهابية والشيعة وغيرهم مما زاد تعلقه بالإسلام وصار يزور “هايد بارك” و”ساحة بيكاديلي” أسبوعياً للاستزادة من المعلومات حول الإسلام. بعد فترة من البحث والتحقيق تعرّف “مايكل” على بعض مدارس الفكر في الإسلام وأكثر الذي أثار اهتمامه في البداية كان التصوف وخصوصاً الطريقة “النقشبندية” خاصة وأن الكثير من الأيرلنديين اعتنقوها، ولكن التصوف لم يرق لمايكل ولم يمل إليه فقرر زيارة المساجد الكبرى التابعة للوهابية والسلفية في لندن لأنه كان معجباً بتنظيمهم وصرامتهم، ولكنه اكتشف فيما بعد مبادئهم المتطرفة. دُعي “مايكل بيتر نوونان” إلى حفل زواج في مسجد سلفي لأول مرة في حياته فأعجب بإجراءات الزواج التي يقيمونها وكان الجميع يرتدي الجلابيب المنسدلة ويتميزون باللحى الطويلة ويعانق بعضهم بعضاً بعبارات “السَلامُ عَلَيْكُم” بالإضافة للمصافحة وغيرها.
نزول مثيل المسيح والتعرف على الأحمدية
كان في المبنى قاعة مخصصة للرجال وبسبب بشرة “مايكل” البيضاء ولونه الأوروبي المختلف عن الآسيويين أثار انتباه الحاضرين من حوله فبدأوا يقومون بدعوته إلى الإسلام، وكان هنالك أيضاً نقاش حاد بين مسلمَين يتجمهر حولهما جمع غفير وكان الموضوع هو “نزول المسيح” حيث كان يقول أحدهما بأن المسيح المقصود هو عيسى بن مريم عَلَيهِ السَلام نبي بني إسرائيل فيما يصر الآخر على أن المقصود هو شخص آخر مثل المسيح. كان محور الحديث هو عودة المسيح عَلَيهِ السَلام ومهمة قتل الخنازير وكسر الصلبان وإلغاء الجزية. كان المسلم (أ) يرى بأن الحديث يجب أن يُفهم حرفياً فيما يرى المسلم (ب) بأن الحديث له تأويل ومعان. فتقدم الأخ “مايكل بيتر نوونان” إلى المسلم (أ) -وهو عضو برلمان شهير في الوقت الحالي عن حزب العمال وأصوله آسيوية- وسأله الأخ “مايكل” إذا كان يسمح له بتعليق بسيط حول الموضوع فوافق الإثنان أي المسلم (أ) و المسلم (ب) على طلب الأستاذ “مايكل” وسمحا له. أخذ الأستاذ “مايكل” يشرح الأمر مبيناً أن المسلم (ب) كان أقرب للمنطق وأن تأويله للحديث كان قوياً مقنعاً ويدعمه الواقع. وبعد أن انتهى الإثنان من النقاش سأل المسلم (أ) لأستاذ “مايكل بيتر” هل هو مسلم فردَّ عَلَيهِ بأنه يؤمن بأن محمداً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم نبي صادق وأن القرآن الكريم كتاب إلهي ولكنه لم يعلن عن إسلامه بعد، فقال له المسلم: “ما دمتَ لستَ مسلماًً فلا تعلمني ما هو الإسلام !” ، ثم قال: “هذا الشخص -أي المسلم (ب)- ليس مسلماً بل هو كافر!”. فقال له الأستاذ “مايكل”: “هل هو شيعي فالشيعة وحدهم يُطلَق عليهم بالكفرة !” فأجابه: “بل أسوأ، هذا الرجل قادياني!”، ثم مضى الرجل غاضباً وتركه، فاقترب الأستاذ “مايكل بيتر نوونان” من الرجل الذي قيل عنه قادياني وسأله: “ما معنى قادياني؟” فأجابه ببساطة وهدوء: “لست قاديانياً بل أحمدي!”. فسأله ثانية: “ما معنى أحمدي؟” فقال له بأنه مسلم وينتمي لجماعة إسمها الجماعة الإسلامية الأحمدية وشرح له بإيجاز تفاصيل العقيدة التي تؤمن بها الأحمدية وخصوصاً عدم موت المسيح عَلَيهِ السَلام على الصليب وبعثة مثيل له وليس هو بنفسه. في قرارة نفس السيد “مايكل نوونان” كان موضوع بعثة مثيل للمسيح أمراً مرفوضاً بسبب علمه بأن الموعود هو المسيح نفسه لا شخصاً آخر، وهذا الذي درسه في المسيحية والإسلام. لقد جذبت شخصية النبي ﷺ الأستاذ “مايكل بيتر نوونان” لجلالها وعظمتها ووضوحها وكان يعرف بأن الإسلام يذكر أيضاً بعثة المسيح عَلَيهِ السَلام في آخر الزمان، ولكن أن يكون المسيح شخصاً آخر غير عيسى نفسه عَلَيهِ السَلام فهو أمر جديد وغريب عَلَيهِ بل ومرفوض كل الرفض بالنسبة له! فسأل الأخ الأحمدي السيد “مايكل نوونان” إذا كان يرغب بقراءة كتاب فأجابه بالإيجاب.
موت المسيح ووقع الصدمة
كان كتيباً بعنوان “قبر المسيح” وفيه تحليل لعدم موت المسيح عَلَيهِ السَلام على الصليب والأدلة من الكتاب المقدس، فعاد السيد “مايكل نوونان” إلى لندن وبدأ يقرأ الكتيب بإعجاب شديد وتعجب بسبب المراجع الكتابية الكثيرة التي فيه والتي تدعم نجاة المسيح عَلَيهِ السَلام من الصليب ولم يستطع أن يترك الكتاب حتى أنهاه عند الساعة الثانية صباحاً! عند انتهاءه من القراءة خرَّ على ركبتيه في دعاء حار متوسلاً إلى الله ﷻ: “هل يمكن أن أكون قد قضيت عمري في عبادة إنسان بدل الله تعالى وأن هذا الإنسان لم يمت على الصليب بل هاجر بحثاً عن خراف بيت إسرائيل؟”. كان الأمر أشبه بالصاعقة أو حافلة نقل صدمته، فقرر في اليوم التالي الاتصال بالأحمدي والاستفسار حول الكتاب فكان الأحمدي مسروراً لهذا الأمر ولكنه قال بأنه ليس ذو معرفة واسعة ولكن لديه كتاباً آخر سوف يجيب عن جميع أسئلته المتعلقة بالكتيب الأول.
كان الكتاب الثاني بعنوان “المسيح الناصري في الهند”. تطلب إنهاء الكتاب من السيد “مايكل” شهراً كاملاً لكي يهضم أغلب النقاط المذكورة فيه، وكان الكتاب بالفعل عجيباً وغريباً ومقنعاً ولم يقرأ مثله طوال حياته. لقد شكَّل الكتاب مصدراً للإزعاج بالنسبة للسيد “مايكل” خصوصاً وأن الكتاب يحيط بالموضوع من جميع الجهات التاريخية والعقلية والعلمية والدينية وبدا وكأن دراسة اللاهوت والمسيحية والفلسفة انهارت وسجدت أمام هذا الكتاب! كان السيد “مايكل نوونان” في غاية الحيرة والذهول والانزعاج وأراد الاتصال بأصدقائه المسيحيين الكثر والمسلمين لأخذ النصيحة والمشورة والمساعدة حول هذا الكتاب الرهيب، ولكنه لم يفعل ويرى اليوم بأن ذلك كان جيداً إذ كان الرد سيكون “هذه الجماعة مجرد كفرة” لا غير.
أخذ السيد “مايكل نوونان” يزور الـ “هايد بارك” باستمرار ويستمع إلى الحوارات بين المسلمين والمسيحيين وغيرهم وكانت أغلب نقاط الهجوم المسيحية هي الطعن في النبي محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وتعرّف السيد “مايكل” إلى القس الشهير “جاي سميث” وصاروا أصدقاء وهو اليوم أي “سميث” من ألد أعداء الإسلام والجماعة الإسلامية الأحمدية بالذات. كان المسلمون يبشرون بأن النبي محمد ﷺ هو الخلاص للبشرية فكان القس “سميث” يسأل المسلمين: “أين هو محمد؟” فيردّون ببساطة: “ميت” فيرد عليهم: “يعني هو ميت في قبره! تبارك الرب يسوع الذي قام من الموت وهزم الصليب فهو الحي في السماء! لقد مات المسيح من أجل التكفير عن خطاياكم جميعا وتحمل الموت ولكنه هزم الموت وقام منه ليحيا في السماء وهو حي اليوم كما كان في السابق بينما محمد رجل عادي مات ودُفِن وهو اليوم ميت في القبر وليس بيديه الخلاص ولا أي شيء”.
عند سماع ذلك القول من القس تذكّر “مايكل نوونان” الكتب التي قرأها والتي تؤكد وجود اعتقاد عند المسلمين بأن المسيح مجرد نبي نجا من الصليب ثم توفي وفاة طبيعية كباقي الناس مما دفع “مايكل” إلى الاتصال بالمسلم الأحمدي ثانية.
كان السيد “مايكل” يزور الـ “هايد بارك” و “ليستر سكوير” باستمرار حيث تقام المناظرات والحوارات بين المسلمين والمسيحيين وكان لديه أصدقاء كثر من الصوفية والشيعة والسلفية وغيرهم وكان في كل مرة يجتمع بهم يطلبون منه أن يعلن شهادة أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وأَّن مُّحَمَّداً رَّسُولُ اللَّهِ، ومع أنه قريب جداً من الإسلام ويكاد يعلنها ألا أن شيئا ما كان يمنعه وكان متمسكاً بيسوع الذي تقدمه الأناجيل. كان في قلبه أسئلة كثيرة يود أن يجيب عنها الأحمدي فهو فقط من يمتلك الأجوبة.
حضور الجلسة السنوية للجماعة الأحمدية
التقى الأستاذ “مايكل نوونان” بالأحمدي فطلب منه الأخير أن يحضر الجلسة السنوية التي تقام غداً ففيها كل الأجوبة، وبعد إلحاح من الأحمدي وافق السيد “مايكل بيتر نوونان” على الحضور ليوم واحد فقط. عند حضور الجلسة كان المنظر جديداً عَلَيهِ، فهنالك أعداد هائلة من البشر والكثير منهم من الآسيويين سواء من باكستان أو الهند وكان يجلس السيد “مايكل” في قسم اللغة الإنكليزية، وعندما شاهد الناس تقوم وتصيح رافعين قبضاتهم يهتفون “نعره تكبير” أي “كبِّروا!” فكان “مايكل نوونان” يظن بأنهم مجانين أو شيئا من هذا ولكنه شاهد رجلاً جليلاً يرتدي عمامة بيضاء كبيرة يتقدم ويجلس أمامهم ويحدثهم حول تعاليم الإسلام والجماعة. أعجب السيد “مايكل” به لكونه أول زعيم ديني يحاسب جماعته على الأخطاء والتقصير الروحي ويقودهم إلى الله تعالى. عندما انتهى الشيخ من الخطاب وغادر جرى السيد “مايكل” مسرعاً ليلتقي به حتى إنه اصطدم برجل فسقط ولما ساعده على القيام وسأله هل انت بخير قال له نعم ولكن أين كان ذاهباً بهذه السرعة فقال له بأنه يريد أن يقابل الشيخ الخطيب فلم يسمع مثله في حياته، فقال له الرجل ليس هكذا تتم مقابلة حضرته فهو الخليفة ولا يجوز مقابلته بهذه الطريقة وأن عَلَيهِ إذا أراد الحضور غداً في جلسة الأسئلة والأجوبة وليسأل كما يشاء. كان هذا الرجل هو الإمام “عطاء المجيب راشد” إمام مسجد لندن.
في اليوم التالي حضر السيد “مايكل بيتر نوونان” جلسة الأسئلة والأجوبة حيث أُجلِس في المقدمة وسط حضور حاشد من الأوربيين كالإنكليز والألمان وغيرهم، ولما حضر الخليفة الرابع رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كان حسب وصف السيد “مايكل” جميلاً ومنيراً كالبدر في السماء. بدأ الخليفة يرد على الأسئلة بطريقة مدهشة وهادئة لا نظير لها وكانت عينا السيد “مايكل” متسمرة على الخليفة طيلة الوقت لا تفارقه من شدة الإعجاب. عندما انتهت الجلسة اتجه السيد “مايكل نوونان” إلى شخص بريطاني من سكوتلندا معتنق للأحمدية وسأله عن كيفية الانضمام للجماعة الإسلامية الأحمدية فقال له الرجل بأن عَلَيهِ أن يملأ استمارة البيعة وبعد شرح سريع قيل له بأن عَلَيهِ أن يقابل الإمام السيد “عطاء المجيب راشد”.
عند مقابلة الإمام “راشد” قال له الإمام بأن عَلَيهِ أن يقرأ المزيد من الكتب حتى يعرف حقيقة من هو المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام. فاخذ مجموعة من الكتب وسافر عائداً إلى أيرلندا.
إعتناق الإسلام وضغط الأهل
كان السيد “مايكل” مصمماً على التبشير بالإسلام لأهله، ولكن العودة بعد أربع سنين من دراسة اللاهوت في الكنيسة الكاثوليكية للتبشير بالإسلام كان أمراً صعباً للوهلة الأولى، فقرر “مايكل نوونان” أن يترك الموضوع للقدر.
صباح يوم الأحد ذات يوم كان وقت الفطور حيث تُقَدَّم حسب التقاليد البريطانية وجبة طعام صباحية مكونة من لحم الخنزير المقلي والبيض والبودينغ وهي المفضلة عند أغلب البريطانيين، ولكن “مايكل” رفض وطلب البيض فقط فانفجر والده غضباً وسأله: “هل أصبحت مسلماً؟” فأجاب “مايكل” وسط ذهول وصدمة: “نعم!”. فازداد والده غضباً وأخذ يجري مسرعاً على السلالم ليخبر والدته التي نزلت بعد قليل وهي تردد صلاة العذراء والصلاة الربانية. قالت له بأنها شاهدت كتباً غريبة في مكتبته (تقصد القرآن الكريم) وراقبته يقوم بحركات غير مفهومة في غرفته (تقصد الصَلاة). بعد ساعة تقريباً كان جميع الأخوة والأخوات قد اجتمعوا في المنزل ليناقشوه ويقنعوه بأن اختياره هذا خطأ جسيم لا بد من التوبة عنه وأن “مايكل” قد فقد صوابه وما إلى ذلك. عند مساء ذلك اليوم استدعى والد “مايكل نوونان” قسيس البلدة إلى البيت، فجاء القسيس المحترم وأخذ يعظ الأخ “مايكل” مطولاً حول عدم وجود أي سبيل للخلاص إلا عن طريق الرب يسوع، فأجابه “مايكل” بعد أن انتهى بأن سعادة القسيس يضيع وقته الثمين لأنه -أي “مايكل”- قد اختار طريقه ولن يثنيه شيء عن اختياره.
بعد هذه التجربة ولوقت طويل أخذ الأهل يضغطون على ابنهم “مايكل” ويسيئون معاملته بغية التأثير عَلَيهِ، فقرر الأخ “مايكل نوونان” أن ينتقل إلى مدينة أخرى حيث كان والده يزوره وبعض الأصدقاء ويحاولون أن يقنعوه بأنه ارتكب خطأ فادحاً بدخوله الإسلام. كانت لحظات الضعف تراود الأخ “مايكل” أحيانا خصوصاً عندما يتذكر أهله وأصدقاءه الذين خسرهم وبالأخص صديقته التي كان يحبها كثيراً ويهتم بها وكان الجميع يحاصرونه بالثقافة الأيرلندية (التي تتمحور حول الحانات والمراقص الليلية والاختلاط بالنساء). فكان “مايكل” يتساءل في نفسه “هل أنا أحمق؟ هل الإسلام ليس خياراً صحيحاً؟”، كانت هذه الأفكار تؤثر على عقله وقلبه.
مفرق الطريق في الوصول إلى الحق
تذَكَّرَ الأخ “مايكل نوونان” كلمات أحد الأحمديين الإنكليز الذين التقى بهم وهو مولانا “أورتشارد” الذي قال له بأن أمامه طريقين أحدهما طويل وهو قراءة كل الكتب التي أخذها من الإمام “راشد” والآخر سريع وهو عبارة عن استخارة الله تعالى حول صدق المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام، فقرر الأخ “مايكل نوونان” أن يستخير الله تعالى نظراً لظروفه العصيبة. لم يكن الأخ “مايكل نوونان” يجيد العربية في ذلك الوقت ولكنه وضع نسخة من القرآن الكريم ونسخة من الكتاب المقدس أمامه على الرف وأخذ يدعو الله تعالى باللغة الإنكليزية دعاء حاراً تتفطر له القلوب أن يريه الحق. فأراه الله تعالى في تلك الليلة رؤيا بأنه -أي مايكل- يصلي داخل كنيسة ويشير إلى جهة الشرق ويهتف “الله أكبر” ثم تبعه سبعة من المصلين في الكنيسة وأخذوا يشيرون إلى الشرق أيضاً ويهتفون “الله أكبر”!
قبول الأحمدية ومواجهة المعارضة
بعد أن استيقظ الأخ “مايكل” من المنام أحس بشعور قوي جداً يدفعه لاعتناق الإسلام بأسرع وقت. حزم الأخ “مايكل نوونان” حقائبه وقرر السفر إلى “لندن” ليكون قريباً من المسلمين. كان وداعاً عاطفياً مؤثراً، فقد جاءت والدته تتوسل به للبقاء وعدم الرحيل وكان والده يبكي أيضا، ولكن الأخ “مايكل” كان مصمماً على الذهاب. عند وصوله إلى “لندن” انطلق الأخ “مايكل” مباشرة إلى “مسجد الفضل” حيث قابل الإمام “عطاء المجيب راشد” وأعلن بحضوره شهادة أن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وأنَّ مُّحَمَّداً رَّسُولُ اللَّهِ ومضى وثيقة البيعة. بعد هذه التطورات التقى الأخ “مايكل” ببعض الأصدقاء المسلمين غير الأحمديين الذين كان له معهم ذكريات سابقة فسألوه عن حاله وأين يقضي الوقت فأخبرهم بأنه عاد إلى لندن وأعلن الإسلام وشهادة لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ ففرح الأصدقاء المسلمون فرحاً كبيراً وسألوه عن المسجد الذي يصلي فيه فهم لم يروه يصلي في المسجد الذي كانوا يلتقون به، فأجابهم بأنه “مسجد لندن”، فقالوا: “هل تقصد مسجد ريجنت الكبير؟”، فقال: “بل هو مسجد لندن في ساوثفيلدز”.
عند سماع ذلك قال أحدهم: “هل تقصد مسجد القاديانية؟ هؤلاء ليسوا مسلمين.” فقال لهم: “ليسوا قاديانيين بل أحمديين.” فأعطوه كتاباً بعنوان [القاديانية دراسة تحليلية]، فعلم بأنه من كتب أعداء الأحمدية ولكنه أخذه منهم ليتأكد من الأمر، فلعلهم على حق. لم يكد الأخ “مايكل نوونان” يقرأ بعض الصفحات حتى أغلق الكتاب حيث وجده مليئاً بسب ولعن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام ! عند ذلك فرش الأخ “مايكل نوونان” سجادة الصَلاة وجثا على ركبتيه في دعاء وبكاء وصرخ قائلاً: “إلهي، إذا كان حضرة مرزا غلام أحمد هو المسيح الموعود بحق فأرني إياه!”.
في تلك الليلة بعد أن خلد الأخ “مايكل نوونان” إلى النوم شاهد حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام يقف أمامه ويقول له: “الأحمدية هي الإسلام والإسلام هو الأحمدية”. ثم قال له: “إذا كنت في ريب ثانية فادع وأنت بهذا الوضع.” ثم شاهد المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام يسجد أمامه. عندما استيقظ الأخ “مايكل” كان يتصبب عرقاً وأدرك بأن الأحمدية هي الإسلام الصحيح !
بعد ذلك ارتقى الأخ “مايكل نوونان” أو “إِبْرَاهِيمَ نوونان” فيما بعد في سلّم الروحانية وهو من أكثر الخدام إخلاصاً ونشاطاً وهو يشغل في الوقت الحالي منصب مسؤول التبشير في أيرلندا كما أنه هو إمام “مسجد مريم” الجديد في أيرلندا. فالحمد لله من قبل ومن بعد.