وُلِدَت السيدة “باميلا إلدر Pamela Elder” في أربعينيات القرن الماضي أيام الحرب العالمية الثانية لأسرة إنكليزية تقليدية حيث كان والدها يعمل في مصانع الحديد وأمها ربّة بيت ماهرة وذلك في مدينة هارتلبول بإنكلترا. وبعد تخرجها بدأت الفتاة باميلا بعملها المفضل كممرضة في مستشفى المدينة العام، ولم تكن باميلا في ذلك الوقت تعرف عن الإسلام إلا الشيء القليل على الرغم من أنها كانت تعمل مع العديد من الأطباء المسلمين، أما الأحمدية فلم تكن تعرف عنها أي شيء.
بدأت رحلة باميلا مع الإسلام بعد تعرفها على الدكتور حَمِيد خان وزوجته ساجدة خان حيث كان يعمل كطبيب بنفس المستشفى ويسكن في الطابق العلوي لنفس المبنى الذي كانت باميلا تعيش فيه، فكانت باميلا تشاهد الدكتور وزوجته وطفليهما أحيانا يخرجون في السيارة ويعودون للمنزل في وقت لاحق. وقد كانت البداية في موسم أعياد الميلاد حين قررت باميلا أخذ بعض الهدايا وتقديمها لجيرانها لتسعد أطفالهم الصغار. وكانت باميلا معتادة على أن تأخذ معها الكتاب المقدس كلما ذهبت إلى منزل جيرانها الجدد، فكان الطرفان يتبادلان المراجع. وبدأ منذ ذلك الحين الحديث حول الإسلام والنصرانية يتخذ مساراً مدهشاً لباميلا حيث أخذت تعاليم الإسلام تبدو أكثر منطقية وأقرب للفطرة من عقيدة التثليث التي لم تفهمها في حياتها وكان عليها فقط أن تؤمن بها بدون نقاش.
كانت السيدة ساجدة خان وهي من مواليد أمريتسار من الدعاة النشطاء وكانت تنظّم لقاءات التبليغ بالإسلام مع تقديم القهوة والكعك لتعريف الغربيين بالإسلام الحنيف. وقد تأثرت السيدة باميلا بأسلوب السيدة ساجدة في التبليغ وإخلاصها وصدقها فاستعارت منها كتيب لحضرة شودري ظفر الله خان عنوانه “النجاة من الصليب” بالإضافة إلى العديد من الكتب الأخرى التي وضعت النقاط على الحروف بالنسبة لباميلا. أما الأمر الآخر الذي أثَّرَ على السيدة باميلا وجعلها تقبل الإسلام فهو كما يلي من كلامها:
“ما جعلني أرغب باعتناق الإسلام على يد الأحمدية هو المثل الأعلى والقدوة، فالمسلمون الأحمديون هم بالفعل يعيشون تعاليم دينهم، لقد كان أهم شيء في حياة السيد خان هو الله تعالى، ولهذا لم يقم بفعل أي شيء خاطئ بأي شكل فقط ليقينه أن الله تعالى يراقبه.”
وعن السيدة ساجدة خان تقول باميلا:
“She was generous; she would share her last bite of food with anybody. She was kind, honest, generous, trustworthy, a wonderful friend…She lived her faith.”
الترجمة:
“كانت كريمة لدرجة أنها تشارك طعامها مع أي شخص، وكانت حنونة وشريفة، كريمة وصادقة، ثقة وصديقة رائعة. كانت بحق تعيش دينها.”
أحبّت باميلا الإسلام وقررت البيعة بلا تردد، ولكن التحدي الذي أصبح ماثلاً أمامها الآن هو الخوف من مواجهة والدتها عندما تعلم بتحول ابنتها إلى الإسلام، ولذلك لم تغيّر باميلا اسمها تحاشياً لاستفزاز مشاعر والدتها، ورغم أنها أُعطيَت إسماً إسلامياً هو “توبة” ألا إن المبشر أخبرها بأن الإسم ليس بالشيء المهم بل الإيمان هو المهم، فأراحها هذا الكلام لدرجة كبيرة. كان لهذا دور في تليين الخبر على والدتها التي لم تكن لحسن حظ باميلا معادية للإسلام ذلك لأنها كانت تعرف السيد خان معرفة شخصية وتدرك جيداً أنه شخص محترم لدرجة عالية جداً ومختلف عن الآخرين، فكانت تأتي مع باميلا إلى بيت السيد خان وتدور بينهم الحوارات. وقد حاولت باميلا قصارى جهدها لجعل أمها أيضا تقبل الإسلام، لكن أمها كانت تقول بأنها في هذا السن المتقدم ليس من السهل أن تغيّر عقيدتها خاصة بهذه السرعة. لذلك لم يتغير على الأسرة شيء حول باميلا إلا أنها صارت لا تشرب الكحول ولا تأكل لحم الخنزير، ولذلك لم يكن أحد من الأسرة يقدم لها هذا النوع من الشراب والطعام احتراماً لرغبتها، وعدا هذا لم تحدث أية مشكلة بين باميلا وأهلها.
تقول باميلا أنها بعد دخول الإسلام أصبحت علاقتها مع الله تعالى أفضل بكثير من المسيحية، وذلك بفضل الدعاء والصلاة مما جعلها تشعر بقرب الله تعالى أكثر من ذي قبل.
من حسن حظ باميلا أيضا هو لقائها بالخليفة الثالث والرابع رحمهما الله، فقد كان خليفة المسيح الثالث ؒ كان متزوجاً من شقيقة الدكتور خان، ولهذا السبب كان يزورهم في منزلهم، فكانت فرصة عظيمة أن تلتقي باميلا بحضرته. لم يكن الخليفة الرابع ؒ قد أصبح خليفة بعد آنذاك ولكنه كان يصحب الخليفة الثالث ؒ في زياراته إلى هارتلبول، وكان الخليفة الرابع ؒ هو الذي علَّمَ باميلا شروط الصَلاة وهيئتها.
ازداد تعلق باميلا بالإسلام لدرجة أنها قررت زيارة قاديان في الهند، فتشرفت بالفعل بزيارة قبر المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام. وأعجبت بأخلاق الأحمديين، حيث تقول باميلا:
“من الأشياء التي جذبتني إلى الإسلام عبر الأحمدية وجعلتني أتمنى أن أكون جزءا من هذه الجماعة هو السلوك والقدوة الصالحة عند جميع الأحمديين، فهم يحاولون قصارى جهدهم لعيش حياتهم على خطى النبي الكريم وسنته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بكل قوتهم.”
تُعتبر السيدة باميلا إلدر من أوائل البريطانيين في هارتلبول الذين قبلوا الجماعة الإسلامية الأحمدية، وهي تقوم بجهود قيّمة لخدمة الجماعة وهي من أشد النساء الأحمديات إخلاصاً وحباً بالإسلام والدعوة له، ولا تزال تقوم بقدر ما تستطيع بجهود مميزة في التبليغ. حفظها الله تعالى ونفع بها اللهم آمين.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ