يذكر المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام التقية التي تعني إخفاء الحقيقة وإظهار خلافها لمصلحة بأنها ليست من تعاليم الإسلام ولا تجوز للمؤمنين ولا يقول بها إلا الشيعة للأسف وهُم مخطؤون:
“وإنّي عاشرتُ الخواص والعوام، ورأيتُ كل طبقة من الأنام، ولكني ما رأيت سيرة التقيّة وإخفاء الحق والحقيقة إلا في الذين لا يُبالون علاقة حضرة العزة. ووالله، لا ترضى نفسي لطرفة عين أن أداهن في الدين ولو قُطعتُ بالسكين، وكذلك كل من هداه الله فضلا ورحما، ورزق من الإخلاص رزقاً حسناً، فلا يرضى بالنفاق وسير المنافقين. أما قرأتَ قصة قوم اختاروا الموت على حياة المداهنة وما شاءوا أن يعيشوا طرفة عين بالتقية وقالوا: {رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ}؟ فيا حسرة على الشيعة! إنهم اجترؤوا على ذمّ المرتضى بما كان عندهم من منافرة للصدّيق الأتقى، وهفَت أحلامهم بتعصب أعمى. يتعامون مع المصباح المُتّقد، ولا يتأملون تأمُّل المنتقد. وإنِّي أرى كلماتهم مجموعة ريب، وملفوظاتهم رجم غيب، وما مَسَّهم ريح المحققين.” (سِرُّ الخِلافة ص 44-45)
ثم يُبين حضرته بأن الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنْهُم ما كانوا يعتقدون بالتقية بل يقولون الْحَقَّ ولا يداهنون:
“أيها الناس.. لا تظنّوا ظن السوء في الصحابة، ولا تُهلكوا أنفسكم في بوادي الاسترابة، تلك أمّة قد خلت ولا تعلمون حقيقةً بعُدت واختفت، ولا تعلمون ما جرى بينهم، وكيف زاغوا بعدما نوّر الله عينهم، فلا تتبعوا ما ليس لكم به علم واتقوا الله إن كنتم خاشعين. وإن الصحابة وأهل البيت كانوا روحانيين منقطعين إلى الله ومتبتلين، فلا أقبل أبدًا أنهم تنازعوا للدنيا الدنيّة، وأسرَّ بعضُهم غِلّ البعض في الطويّة، حتى رجع الأمر إلى تقاتُل بينهم وفساد ذات البين وعناد مبين. ولو فرضنا أن الصدّيق الأكبر كان من الذين آثروا الدنيا وزخرفها، ورضوا بها وكان من الغاصبين، فنضطر حينئذ إلى أن نقرّ أنّ عليَّاً أسد الله أيضا كان من المنافقين، وما كان كما نخاله من المتبتلين؛ بل كان يكبّ على الدنيا ويطلب زينتها، وكان في زخارفها من الراغبين. ولأجل ذلك ما فارق الكافرين المرتدين، بل دخل فيهم كالمداهنين، واختار التقيّة إلى مدة قريبة من ثلاثين. ثم لما كان الصدّيق الأكبر كافراً أو غاصباً في أعين عليّ المرتضى رضي الله تعالى عنه وأرضى، فلِمَ رضي بأن يُبايعه؟ ولِمَ ما هاجر من أرض الظلم والفتنة والارتداد إلى بلاد أخرى؟ ألم تكن أرض الله واسعة فيهاجر فيها كما هي سُنّة ذوي التقى؟ انظر إلى إبراهيم الذي وفّى.. كيف كان في شهادة الحق شديد القوى، فلما رأى أن أباه ضلّ وغوى، ورأى القوم أنهم يعبدون الأصنام ويتركون الرب الأعلى، أعرض عنهم وما خاف وما بالى، وأُدخِل في النار وأوذي من الأشرار، فما اختار التقيّة خوفا من الأشرار. فهذا هي سيرة الأبرار، لا يخافون السيوف ولا السنان، ويحسبون التقيّة من كبائر الإثم والفواحش والعدوان، وإن صدرت شمّة منها كمثل ذلّة فيرجعون إلى الله مستغفرين.” (سِرُّ الخِلافة ص 41-42)
ثم يقول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام مبيّناً أن التقية حرام بل هي من العقائد الكفرية:
“وإذا اعتقدوا أن القرآن مفقود، وكل مَن جمعه فهو كافر مردود، فلا شكّ أنهم يئسوا مما نزل على أبي القاسم خاتم النبيين، وغُلقت عليهم أبواب العلم والمعرفة واليقين، ولزمهم أن يُنكروا النواميس كلها، فإنهم محرومون من تصديق الأنبياء والإيمان بكتب المرسلين. وإذا فرضنا أنَّ هذا هو الحق أن الصحابة ارتدّوا كلهم بعد خاتم الأنبياء، وما بقي على الشريعة الغرّاء إلا علي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ونفر قليلون معه من الضعفاء، وهم مع إيمانهم ركنوا إلى إخفاء الحقيقة، واختاروا تقيّةً للدنيا الدنية تخوّفاً من الأعداء، أو لجذب المنفعة والحطام، فهذا أعظم المصائب على الإسلام، وبلية شديدة على دين خير الأنام. وكيف تظن أن الله أخلف مواعيده، وما أرى تأييده، بل جعل أوّلَ الدَنِّ دُردِيّا، وأفسد الدين من كيد الخائنين. فنُشهِد الخلق كلهم أنّا بريئون من مثل تلك العقائد، وعندنا هي مقدمات الكفر وإلى الارتداد كالقائد، ولا تناسب فطرة الصالحين. أكفَر الصحابة بعد ما أفنوا أعمارهم في تأييد الإسلام، وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم لنصرة خير الأنام، حتى جاءهم الشيب وقرب وقت الحِمام؟ فمن أين تولدت إرادة متجددة فاسدة بعد توديعها، وكيف غاضت مياه الإيمان بعد جريان ينابيعها؟ فويلٌ للذين لا يذكرون يوم الحساب، ولا يخافون رب الأرباب، ويسبّون الأخيار مستعجلين.” (سِرُّ الخِلافة)
فالتقية إذن عند الجماعة الإسلامية الأحمدية كما بيّنا من كلام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام حرام ولا تجوز للمؤمنين بل يجب تحري الصدق في كل الأحوال.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ