هل ألقى الشيطان في أمنية الرسول؟
ما هو تفسير المسيح الموعود للآية التي تقول بأن الشيطان ألقى في أمنية الرسول وهل نطق الرسول ﷺ بالفعل بمدح الأوثان كما تقول بعض التفاسير؟
يقول المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام:
“الإلهام إما يكون من الرحمن أو من الشيطان. فلو توجّه المرءُ إلى استكشاف أمرٍ ما، أو إلى الاستخارة أو الاستخبار، واضعاً في الحسبان أفكاره وأهواء نفسه، ولا سيما إذا كانت في قلبه أمنية كامنة أن يتلقى كلمة خير أو شر بحق أحد بحسب رغبته هو؛ لتدخَّلَ الشيطانُُ عندئذ في أمنيته حتماً، ولجرت على لسانه كلمة تكون من الشيطان. وفي بعض الأحيان يحدث هذا التدخل في وحي الأنبياء والرسل أيضاً، ولكنه يُنسَخ فورا.” (إزالة الأوهام، ص628)
أي إذا خالط الوحي كلام الشيطان بسبب أمنية النبي سماع ما يحب لنفسه أو لغيره فان هذا الوحي المختلط لن يُنطق على لسان النبي بل سيُنسخ فوراً قبل أن يصل إليه وبالتالي لن ينطق النبيُ إلا الوحي الرباني الصحيح والمحفوظ من تدخل الشيطان. وهذا الذي بَيَّنَهُ المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام كما يلي:
“إنَّ الوحي كما ينزل على الأنبياء كذلك ينزل على الأولياء، ولا فرْق في نزول الوحي بين أن يكون إلى نبيٍّ أو وليٍّ، ولكلٍٍّ حظٌٌّ من مكالمات الله تعالى ومخاطباته على حسب المدارج. نعم .. لِوَحي الأنبياء شأنٌ أتمّ وأكمل. وأقوى أقسامِ الوحي وحيُ رسولنا خاتم النبيين.” (تحفة بغداد، ص20 – 21)
“كما يكون وحيُ النبيّ والرسول محفوظاً كذلك يكون وحي المحدَّث أيضاً محفوظا.” (الحكم، مجلد 6، رقم 40، عدد 10/ 11/1902م، ص 6)
فلا يمكن للشيطان أن يتدخل في وحي النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، لأن نوعية وحيه ﷺ محفوظة من تدخل الشيطان وهي الأعلى والأعظم فوق كل وحي. فبهذا نفى المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام التفسير التقليدي أن النبي (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم تلفظ بالكفر بسبب إلقاء الشيطان في أمنيته. فما هي أمنية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم؟ هل هي الرغبة بسماع ما يحب لنفسه أو لغيره؟ يجيب المسيح الموعود نفسه عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام في تفسيره للآية 4 من سورة الشعراء: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} كما يلي:
“كانت في قلب النبي صلى الله عليه وسلم رغبة عارمة ليرى انتشار الإسلام في العالم في حياته، وكان لا يروق له أن يرحل إلى دار الآخرة قبل إقامة الْحَقِّ في الأرض. فقََدْ بشّّره اللهُ تعالى في الآية: {إذا جاء نصر الله …} بأنه تعالى حقق مُنيته صلى الله عليه وسلم. لا شك أن كل نبي كان يكنّ هذه الرغبة ولكن لمّا لَمْ يملكوا هذا القدر من الحماس لذا لَمْ يتلقّ هذه البشارة موسى ولا عيسى عليهما السلام بل تلقاها الذي قال القُرآنُ الكريمُ بحقه: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ}.” (نور القرآن، الجزء الأول، ص 19، الحاشية)
فأمنية النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم كما قال المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام ليست رغبة شخصية أو لأحد ما بل هي رغبة انتشار الإسلام والتوحيد لله تعالى فقط وقد تحقّقت وبشّره الله تعالى في سورة النصر.
وبهذا يتفق تفسير المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام مع المُصْلِحُ المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الذي نشرناه سابقاً من هذا الرابط:
حقيقة قصة الغرانيق وشرح المصلح الموعود ؓ
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ