من إنجازات المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وجماعته المباركة كما ذكرنا في منشورات سابقة هي إدخال الإسلام في دول الغرب، واليوم نتحدث عن دخول الإسلام بشكل رسمي إلى سويسرا الدولة التي تقع في قلب قارة أوروبا. هذا في الحقيقة ما أكّده المؤلف والمؤرخ المعروف “ماثياس كورتمان Matthias Kortmann” في سلسلته الشهيرة حول نشاط الإسلام في الغرب Kortmann, Matthias 2013, p. 104-101) وهو أنَّ الإسلام في سويسرا لم يكن موجوداً بل كان غائباً حتى القرن العشرين ولم يتواجد في سويسرا إلا حين افتتحت الجماعة الإسلامية الأحمدية أول مسجد للمسلمين في قلب العاصمة زيورخ التي تقع في قلب سويسرا.
بدأ الإسلام يظهر بصورة رسمية معلنة في سويسرا في منتصف القرن الماضي بعد الحرب العالمية الثانية وذلك على يد الجماعة الإسلامية الأحمدية حين بدأت البعثة الأحمدية بأمر المُصْلِح المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في سويسرا سنة 1946، ثم افتتحت الجماعة على يد السيدة “أمة الحفيظ بيغم” ؒوهي إبنة مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام الإمام المهدي والمسيح الموعود افتتحت أول مسجد للمسلمين قاطبة في سويسرا وذلك يوم الـ 25 من أغسطس لسنة 1962 وتمَّ تسميته بـ “مسجد محمود Mahmud Moschee”. وقد قامت السيدة أمة الحفيظ ؒ شخصياً بوضع حجر الأساس لهذا المسجد الذي يقع في العاصمة السويسرية زيورخ. وتم افتتاح مسجد محمود بحضور الصحابي السير مُحَمَّد ظفر الله خان ؓ الذي كان يرأس الجمعية العامة للأمم المتحدة وكذلك عمدة مدينة زيورخ العاصمة السيد “إيميل لندولت Emil Landolt” وسط ترحيب وتعاون من السكان المحليين، ولم يعارض بناء المسجد إلا كنيستين هما الكنيسة الإنجيلية والكاثوليكية في المدينة اللتان رفعتا شكوى إلى الحكومة بسبب السماح للمسلمين ببناء مسجد في منطقة لا يجد المسيحيون البروتستانت أنفسهم مكاناً فيها لبناء كنيسة لهم، ولكن سرعان ما رفضَ المجلس المحلّي للعاصمة هذه الشكوى وحكَمَ لصالح “مسجد محمود” ولله الحمد.
لقد تحقق في هذا المسجد أيضاً جانب من وحي المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام الذي تلّقاه من الله تعالى جاء فيه:
“قَالَ لي اللهُ جلّ شأنه مبشّراً بأني سأملأ بيتك بالبركات وسأتمُّ عليك نعمتي، يكثر نسلك من السيدات المباركات اللواتي ستجد بعضهن فيما بعد“. (إعلان 20/2/1886)
وبالفعل فقد امتلأ بيت حضرته من الأولاد والبنات المباركات.
وكان المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام قد تلقّى وحياً خاصاً بهذه البنت المباركة حيث يقول حضرته عَلَيهِ السَلام:
“وُلِدَتْ في بيتي بنتٌ سُمّيَتْ “أَمَةُ الحَفيظ”، وهي البنت التي تلقيت بشأنها الوحي التالي: «وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ».” (دفتر إلهامات سيدنا المسيح الموعود، ص 20)
وكذلك تلقى عَلَيهِ السَلام وحياً آخر تعريبه:
“بنتُ الكِرام.” (بدر، مجلد 3، عدد 18-19، يوم 8/1904/5/16، ص 10، الحاشية)
بالإضافة إلى هذا الوحي قد تلقى سيدنا المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام الوحي التالي أيضا حول هذه البنت وهو كالتالي:
“أمة الحفيظ.” (بدر، مجلد 2، عدد 44، يوم 1906/11/1، ص 4)
وقال المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام تعليقاً على هذا الوحي ما يلي:
“إنَّ اللهَ تعالى قد وَعدَ بالحفظ في الوحي، ووعْدُ اللهِ حقٌّ.” (بدر، مجلد 2، عدد 44، يوم 1906/11/1، ص 4)
وبالفعل قد حدث ذلك ووُلِدَتْ لحضرته ابنته السيدة “نواب صاحبة أمة الحفيظ بيغم” في سنة 1904، وهي التي أسَّسَتْ أوّل مسجدٍ للمسلمين في سويسرا فحفظت دين الله تعالى ووصل على يدها إلى إحدى دول الغرب.
بعد بناء “مسجد محمود” هذا المسجد الجميل ذو المنارة البيضاء العالية الذي يقع في قلب العاصمة السويسرية المزدحم تماماً مقابل كنيسة العاصمة تمَّ ولله الحمد بعدها في 2005 بناء مسجدٍ آخر أيضاً وهو “مسجد النور Nuur Moschee” في مدينة “ويغولتنجن Wigoltingen” الذي يقوم بإمامته أحد السويسريين الداخلين إلى الجماعة الإسلامية الأحمدية وهو السيد “تارنتزر W. Tarnutzer” إلى الآن، وهو الأمير الحالي للجماعة الإسلامية الأحمدية في سويسرا.
من الأنشطة الأخرى إلى جانب بناء المساجد إتمام ترجمة معاني القُرآن الكَرِيم وتقديمها إلى الشعب السويسري وكذلك إصدار صحيفة إسلامية إسمها “الإسلام Der Islam”. ذلك إلى جانب أنشطة عديدة للترجمة والتبليغ. وهذا موقع الجماعة الإسلامية الأحمدية السويسري للراغبين (ahmadiyya.ch).
كانت هذه إحدى بركات المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في ريادة الإسلام وإدخاله إلى الغرب لتتحق نبوءة طلوع الشمس من مغربها على يده عَلَيهِ السَلام
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ