من فم المعترض ندينه وأعوانه ..ونذكره: الساكت عن الحق شيطان أخرس!

قدّم المسيح الموعود عليه السلام تصريحه التالي من كتاب البراءة، بالنسبة لأحاديث نزول سيدنا عيسى بجسده العنصري من السماء. نجعل تصريحه عليه السلام على جزأين، كما يلي:

1: لكن لا يغيبنَّ عن البال أن كلمة السماء لا توجد في أي حديث مرفوع متصل…

2: إذا بحثتم في كتب الحديث لجميع الفِرق الإسلامية فلن تعثروا على أي حديث موضوع أيضًا يفيد بأن عيسى – عليه السلام – قد صعد إلى السماء بجسمه المادي وأنه سينزل إلى الأرض في زمن ما، ودونك وجود حديث صحيح. فإذا قدَّم لنا أحد مثل هذا الحديث، فأنا على استعداد أن أدفع له عشرين ألف روبية غرامةً، بالإضافة إلى التوبة وحرق جميع كتبي، فليطمئنوا كما يريدون.” (البرية)

ردّا على هذا التصريح يعرض المعارضون بعض الأحاديث التي حسب رأيهم وردت فيها كلمة السماء، وتفيد بأن سيدنا عيسى عليه السلام صعد إلى السماء بجسده العنصري وسينزل منها، ظانّين أن ما ورد في هذه الأحاديث يكسر تصريح المسيح الموعود عليه السلام. لذا رأينا أن نعرض هذه الأحاديث التي أتى بها المعارضون، لنبيّن حقيقتها وحقيقة ورود كلمة السماء فيها، وهل هي من أصل الحديث أم لا؟ ولنثبت أن كل هذه الأحاديث لا تنقض تحدي المسيح الموعود عليه السلام وتصريحه المذكور أعلاه.

بالنسبة للجزء الأول من تصريح المسيح الموعود عليه السلام:

1: حديث البيهقي :

895 – أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، أنا أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ، أنا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا ابْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ نَافِعٍ، مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ مِنَ السَّمَاءِ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ» . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي الصَّحِيحِ عَنْ يَحْيَى بْنِ بُكَيْرٍ، وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ يُونُسَ. وَإِنَّمَا أَرَادَ نُزُولَهُ مِنَ السَّمَاءِ بَعْدَ الرَّفْعِ إِلَيْهِ” [الأسماء والصفات للبيهقي (2/ 331)]

أقرّ الألباني في كتابه “قصة المسيح الدجال” بأن لفظ (من السماء) الوارد في هذا الحديث هي زيادة من البيهقي نفسه، فهذه الزيادة هي إدراج وليست من أصل الحديث. حيث إن الحديث مذكور في الصّحاح ومصادر أخرى أوثق من البيهقي دون لفظ من السماء، مما يدل على أن رواية البيهقي هي الشاذة. حيث قال الألباني ما يلي:

“الثامن: عن أبي هريرة أيضا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(كيف أنتم إذا نزل ابن مريم [من السماء] فيكم وإمامكم (وفي رواية: وأمكم) منكم؟). قال: ابن أبي ذئب – أحد رواته -: تدري ما (أمكم منكم)؟ أمكم بكتاب ربكم تبارك وتعالى وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم. أخرجه البخاري (6/ 384) ومسلم (1/ 94) وعبد الرزاق (20841) وأحمد (2/ 272 و336) وابن منده (41/ 2) والبيهقي في (الأسماء) (ص 424) والزيادة له. ” {قصة المسيح الدجال (ص: 97)}

فيقر الألباني هنا أن الزيادة التي أشار إليها بين الأقواس [من السماء] هي للبيهقي حيث قال: والزيادة له.

وهذا ما اصطلح عليه علماء أصول الحديث بالزيادة الضعيفة في المتون الصحيحة، وهذا أكده علماء أصول الحديث على الأحاديث المخرجة على الصحيحين:

قال الإمام النووي في كتابه [التقريب والتيسير لمعرفة البشير النذير في أصول الحديث]

[الكُتب المخرجة على الصحيحين لم يلتزم فيهما موافقتهما في الألفاظ فحصل فيها تفاوت في اللفظ والمعنى، وكذا ما رواه البيهقي، والبغوي، وشبههما قائلين: رواه البخاري أو مسلم وقع في بعضه تفاوتٌ في المعنى، فمرادهم أنهما رويا أصله فلا يجوز أن تنقل منهما حديثا وتقول هو كذا فيهما إلا أن تُقابله بهما أو يقول المصنف أخرجاه بلفظه] انتهى

كما أن البيهقي في نظر علماء الحديث والرجال ليس له دقة التحري في الحديث، وبهذا قال الذهبي إنه قليل الحديث وإنما وقعت له البركة في حديثه، وبالجملة فكونه أكثر تحريا من شيخه الحاكم لا حقيقة له ولا نصيب من الصحة]

وقال الحافظ العراقي:

[أما ما بين المستخرج وبين الرجل فيحتاج إلى نقد لأن المستخرج لم يلتزم الصحة في ذلك]

وقد كان موقف الأصوليين من هذه الزيادات هو الرفض لأنها غالبا ما تكون شاذة كما هو ثابت عن ابن رجب الحنبلي وابن القيم والعلائي وغيرهم.

ودعونا نسعف المعارضين بإيراد حديث آخر لم يذكروه، وردت فيه لفظة السماء، وهو حديث البزار التالي:

2: حديث البزار كما نقله الهيثمي عنه:

12543 – «وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا الْقَاسِمِ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ يَقُولُ: ” يَخْرُجُ أَعْوَرُ الدَّجَّالِ مَسِيحُ الضَّلَالَةِ قِبَلَ الْمَشْرِقِ فِي زَمَنِ اخْتِلَافٍ مِنَ النَّاسِ وَفُرْقَةٍ، فَيَبْلُغُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَبْلُغَ مِنَ الْأَرْضِ فِي أَرْبَعِينَ يَوْمًا اللَّهُ أَعْلَمُ مَا مِقْدَارُهَا، فَيَلْقَى الْمُؤْمِنُونَ شِدَّةً شَدِيدَةً. ثُمَّ يَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – مِنَ السَّمَاءِ فَيَؤُمُّ النَّاسَ، فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ رَكْعَتِهِ قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ، قَتَلَ اللَّهُ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ وَظَهَرَ الْمُسْلِمُونَ “. فَأَحْلِفُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَبَا الْقَاسِمِ الصَّادِقَ الْمَصْدُوقَ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – قَالَ: ” إِنَّهُ لَحَقٌّ، وَأَمَّا أَنَّهُ قَرِيبٌ فَكُلُّ مَا هُوَ آتٍ قَرِيبٌ» “.

رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ غَيْرَ عَلِيِّ بْنِ الْمُنْذِرِ وَهُوَ ثِقَةٌ.” [مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (7/ 349)]

في مقال له من تاريخ 18 – 11 – 2010 علق كبيرهم المعترض على تخريج الألباني للفقرة

31 من حديث أبي أمامة عن الدجال والتي تقول:

: “فبينما إمامهم قد تقدم يصلى بهم الصبح؛ إذ نزل عليهم عيسى بن مريم، فرجع ذلك الإمام ينكص يمشى القهقرى ليتقدم عيسى، فيضع عيسى يده بين كتفيه، ثم يقول له: تقدم فصلّ؛ فإنها لك أقيمت . فيصلى بهم إماماً“.

علق كبيرهم على الألباني متهما إياه بالخيانة فقال:

أما الأحاديث التى تشهد لهذه الفقرة، فقد جاءت عن تسعة من الصحابة، حسب بحث الألبانى، وهم: عثمان بن أبى العاص، عن جابر بن عبد الله، أبو هريرة، النواس بن سمعان، عائشة، بعض الصحابة لم يسمّهم الراوى عنهم، سمرة، حذيفة بن اليمان، حذيفة بن أسيد. ثم إن الحديث عن أبى هريرة قد ورد بعشرة طرق عنه.

 وإن الأحاديث التى وردت من طرق الصحابة هؤلاء جميعا تذكر نزول المسيح ولا تذكر كلمة السماء قط. والطرق العشرة عن أبى هريرة تذكر النزول ولا تذكر كلمة السماء قط. وقد وردت هذه الروايات عنه فى البخارى ومُسلم والسُنن وغيرها…

 هناك رواية واحدة فقط، من طريق واحد فقط من طرق أبى هريرة، فى كتاب واحد فقط، تذكر كلمة “من السماء”.. إنها فى البزار، وهو كتاب فى الحديث لا يكاد يسمع به أحد. ولم يذكر الألبانى أنه أخذها من البزار، بل ذكر أنه أخذها من الهيثمى فى مجمع زوائده.

 الآن: هل يمكن أن يتوهّم تسعة من الرواة عن أبى هريرة وينسَوْن كلمة السماء، ثم ينسى تسعةُ صحابةٍ آخرين أن يذكروا كلمة السماء؟!! هذا محال، بل الذى حصل أن رواية البزار هذه هى الشاذة والتى تنقضها كل هذه الروايات. والذى حصل فى هذه الرواية يسمى إدراجا فى اصطلاحات المُحدِّثين، أى أن الراوى أضاف هذا الكلام من عنده، من حيث لا يشعر. هذا على فرض أن البزار أخرجها.

ثم يقول المعترض: الرواية المنسوبة للبزار، قد أخرجها ابن حبان وإسحاق بن راهويه من غير إضافة “من السماء”..

ويتابع المعترض: وهذه الرواية نفسها حرفيا ومن دون كلمة “من السماء” قد أوردها الهيثمى نفسه فى موارد الظمآن. { إلى هنا النقل من بحث المعترض سنة 2010}

فيخلص المعترض من كل بحثه المتعلق بحديث البزار خاصة، وكذا حديث البيهقي الذي ذكرناه آنفا، إلى ما يلي: الخلاصة: ليس هناك عبارة من السماء البتة.

فخلاصة كلام المعترض في بحثه أن لفظ (من السماء) الوارد في حديث البزار هي إدراج وليست من أصل الحديث، ورواية البزار هي رواية شاذة شذت عن كل طرق روايات الحديث الواردة عن أبي هريرة في المصادر الأخرى، وأنه لا يوجد لفظ (من السماء) في الحديث الأصلي.

وفضلا عما سبق فإن المعروف عن البزار خطأه في الإسناد والمتن واعتماده على الحفظ كما ذكر الإمام الذهبي نقلا عن الحاكم:

قال الحاكم أبو عبد الله: [سألت الدار قطني عن أبي بكر البزار، فقال: يخطئ في الإسناد والمتن، حدّث بالمسند بمصر حفظاً، ينظر في كتب الناس، ويحدّث من حفظه ولم يكن معه كتب، فأخطأ في أحاديث كثيرة]

الخلاصة في رواية البزار

يتضح من كل ما تقدم أن لفظ (من السماء) الوارد في حديثي البيهقي والبزار ما هو إلا إدراج وزيادة ضعيفة في متون صحيحة على ألفاظ الحديث الأصلي، بحيث لا يصح أن يحتج بهذين الحديثين للقول بورود كلمة السماء في أحاديث نزول المسيح .

كان على المعترض لو كان حريصا على الأمانة والحق أن يهبّ لتوبيخ أعوانه الذين يقولون بوجود كلمة السماء في هذه الأحاديث، والذين يصرّحون أنهم يتحدثون معه بشكل شبه يومي. إلا أنه لم يحرك ساكنا في هذا الأمر، ولم يطلع أعوانه على خطئهم هذا ببحثه القديم الذي أثبت فيه أن كلمة السماء في هذه الأحاديث مُدرجة.

لذا سأنشر بمحاذاة هذا المقال (في التعليقات أدناه) بحث المعترض الذي كتبه سنة 2010 ليكون حجة عليه أمام أعوانه والمطبلين له، ولنثبت أن هذا البحث يشهد على خيانته للحق والأمانة العلمية، إذا كان قد رأى وسمع ما يقوله المطبلون له؛ فالساكت عن الحق شيطان أخرس. أما إذا لم يكن رأى وسمع أقوالهم فسيثبت هذا المقال خيانته هذه إن ظل ساكتا على أقوالهم أو أيدها بعد نشر هذا البحث من جديد.

أما الأحاديث الأخرى التي عرضها المعارضون فهي :

3: «قال ابن عباس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “فعند ذلك ينزل أخي عيسى ابن مريم من السماء على جبل أفيق إماما هاديا وحكما عدلا، أخرجه إسحاق بن بشر وابن عساكر كما في ((كنز العمال)) .{ التصريح بما تواتر في نزول المسيح (ص: 223)}

فهذا الحديث مقطوع السند، لم يخرجه إلا ابن عساكر وإسحاق ابن بشر عن ابن عباس.

ومعلوم أن صحة الحديث يجب أن يكون الإسناد فيه متصلا لا منقطعا، كما أن الحديث المنقطع لا يُحتجُّ به عند الأصوليين.. ونتحدى المخالفين أن يأتوا بسند متصل لهذا الحديث إن كانوا صادقين!

4: وَأخرج عبد بن حميد وَابْن جرير وَابْن الْمُنْذر عَن مُجَاهِد فِي قَوْله {شُبِّه لَهُم} قَالَ: صلبوا رجلا غير عِيسَى شبه بِعِيسَى يَحْسبُونَهُ إِيَّاه وَرفع الله إِلَيْهِ عِيسَى حَيا . {الدر المنثور في التفسير بالمأثور (2/ 728)}

ليس هذا قولا للرسول صلى الله عليه وسلم. بل من الآثار ومن المراسيل فيسقط الاستدلال بها. فكيف به إن خالف قول صحابي آخر أو خالف ظاهر النصّ من الكتاب أو الحديث الصحيح في وفاة عيسى!

5: عن صفية أم المؤمنين رضي الله عنها أنها كانت إذا زارت بيت المقدس، وفرغت من الصلاة في المسجد الأقصى: صعدت على جبل زيتا فصلت عليه وقالت: هذا الجبل هو الذي رفع منه عيسى عليه السلام إلى السماء، وكانت النصارى يعظمون ذلك الجبل، وكذلك اليوم يعظمونه.{التصريح بما تواتر في نزول المسيح (ص: 258) للهندي}

ليس هذا بحديث للرسول صلى الله عليه وسلم ولا هو بحديث متصل مرفوع. فيسقط الاستدلال به.

6: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( «كان طعام عيسى عليه السلام الباقلاء حتى رفع، ولم يكن يأكل شيئاً غيرته النار حتى رفع» )) . {التصريح بما تواتر في نزول المسيح (ص: 257) لمحمد أنور شاه الهندي}

هذا الحديث بلا سلسلة سند اي منقطع السند، فهو ليس متصلا مرفوعا على شرط المسيح الموعود عليه السلام.

التعليق:

من المهم أن نذكّر أن المسيح الموعود عليه السلام لا ينفي ورود كلمة السماء كلية في الأحاديث، بل ينفيها فقط في الأحاديث المرفوعة المتصلة. وكل هذه الأحاديث الستة التي ذكرناها آنفا، لا ترقى إلى مستوى الاحتجاج بها لنقض تصريح المسيح الموعود عليه السلام هذا، وذلك لأن كل هذه الأحاديث ليست بأحاديث مرفوعة متصلة؛ بل من المرسلات المنقطعة السند التي لا سند متصل فيها، ولا تجد فيها سلسلة من الرواة المتصلين، وبعضها الآخر لا يحوي كلمة السماء بتاتا، ناهيك عن أن بعضها ليس بأحاديث للرسول صلى الله عليه وسلم.

الجزء الثاني من تصريح المسيح الموعود عليه السلام:

لا بدّ أن أنوه إلى أن نصّ التحدي الذي نقله المعارضون من كتاب البرية والذي يقول: “فلن تعثروا على أي حديث موضوع أيضًا يفيد بأن عيسى – عليه السلام – قد صعد إلى السماء بجسمه المادي وأنه سينزل إلى الأرض في زمن ما” منشور بهذه الترجمة في كتاب البراءة (البرية) بالفعل.

إلا أنه في الحقيقة عند الرجوع إلى النص الأصلي لهذا الكتاب باللغة الأردية، يتضح أن الترجمة لم تكن دقيقة، وعدم الدقة واقع في كلمة (يفيد) إذ لا بد أن تغير هذه الكلمة إلى (مكتوب فيه) إذ هكذا هو النص الأردي الذي وردت فيه الكلمات الأردية (يه لكها هو) والتي تعني (مكتوب فيه).

لذا فإن الترجمة الصحيحة للنص لا بدّ أن تكون كما يلي:

إذا بحثتم في كتب الحديث لجميع الفِرق الإسلامية فلن تعثروا على أي حديث موضوع – دعك من حديث صحيح- مكتوب فيه بأن عيسى – عليه السلام – قد صعد إلى السماء بجسمه المادي وأنه سينزل إلى الأرض في زمن ما. فإذا قدَّم لنا أحد مثل هذا الحديث، فأنا على استعداد أن أدفع له عشرين ألف روبية غرامةً، بالإضافة إلى التوبة وحرق جميع كتبي، فليطمئنوا كما يريدون.

وبمعرفة الترجمة الصحيحة لهذا التحدي يتضح قصد المسيح الموعود عليه السلام من تصريحه هذا، وهو أنه لن يجد أحدٌ حديثا صحيحا ولا موضوعا، يصرّح بشكا واضح وجلي، ويكون مكتوبا فيه بشكل حرفي هذه العبارات “بأن عيسى – عليه السلام – قد صعد إلى السماء بجسمه المادي وأنه سينزل إلى الأرض في زمن ما“.

وهذا ما لا يمكن للمعارضين أن يأتوا به ولو أفنوا حياتهم كلها بحثا عنه!

وعليه، فإن كل الأحاديث الستة التي عرضها المعارضون والتي ذكرناها أعلاه، لا تصمد أمام هذا التحدي، لأنها لا تحوي هذا التصريح العلني الواضح والصريح بحرفية العبارات التي ذكرها المسيح الموعود عليه السلام. هذا ناهيك عن كون بعضها ليست أحاديث للرسول صلى الله لعيه وسلم كما بيّنا. لذا فهي لا تنقض هذا التحدي الذي سيبقى قائما إلى يوم القيامة.

نظرا لكل هذا وبعد اكتشاف عدم الدقة في ترجمة نصّ التحدي، سنقوم بتغيير هذه الترجمة في الطبعة الإلكترونية والطبعات الورقية المستقبلية إن شاء الله، وذلك بما يتوافق مع النصّ الأصلي للكتاب.

ولا يستطيع المعترض أن يتهمنا بالتزييف لتغييرنا ترجمة هذا التحدي، لأنه كما عوّدَنا فهو “ضليع” في اللغة الأردية بعد معاشرة القوم خمس عشرة سنة، فبإمكانه بسهولة أن يشهد على صحة ما نقوله في وقوع عدم الدقة في الترجمة المنشورة، وإن لم يسعفه اضطلاعه باللغة الأردية فبإمكانه استشارة أسياده الباكستانيين. وسأنشر بمحاذاة هذا المقال صورة للنصّ الأصلي باللغة الأردية لهذا التحدي، لكي يتسنى للمعترض وأعوانه التحقق منه، قبل كيل الاتهامات الزائفة ضد الجماعة.

خلاصة البحث:

1: كل الأحاديث التي يعرضها المعارضون لا تنقض قول المسيح الموعود عليه السلام بأنه لا وجود للفظ السماء في الأحاديث المتصلة المرفوعة، لأن الأحاديث التي يعرضها المعارضون ليست من هذا الصنف من الحديث المرفوع المتصل، وإن كانت من هذا الصنف، فثبت أن لفظ السماء فيها مُدرجا وليس من أصل الحديث.

2: كل الـأحاديث التي يعرضها المعارضون لا تنقض تحدي المسيح الموعود عليه السلام، لأنها لا تحوي النصّ الصريح بحرفيته، والذي طلبه المسيح الموعود عليه السلام وفق الترجمة الصحيحة للنص الأصلي، والقائل: بأن عيسى – عليه السلام – قد صعد إلى السماء بجسمه المادي وأنه سينزل إلى الأرض في زمن ما”.

أشكر الأخ جمال أغزول على اقتراحاته وإضافاته القيّمة لهذا البحث.