في هذا التسجيل نشاهد ونسمع العلّامة أحمد ديدات رحمه الله وهو يلوم القائلين بالطلوع المادي للشمس من المغرب أشد اللوم ويصفهم بالغباء المفرط ثم يشرح معنى طلوع الشمس من مغربها الذي ورد في الحديث الشريف شرحاً بيّنه حضرة مرزا غلام أحمد المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام قبله بقرن من الزمان.
وللتذكير، يقول حضرته عَلَيهِ السَلام:
“أما طلوع الشمـس من مغربها، فنؤمن به في كل حال؛ غير أن ما كُشف عليّ في الرؤيا هو أن طلوع الشمس من المغرب يعني أن البلاد الغربية التي تسودها ظلمةُ الكفر والضلال من الِقدم ستُنوَّر بشمس الحق، وستعطَى نصيباً من الإسلام.” (إزالة الأوهام، الخزائن الروحانية، مجلد ٣، ص ٣٧٧-٣٧٦)
والحديث هو كالتالي:
قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم :
“لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها. فإذا طلعت من مغربها آمن الناس كلهم أجمعون. فيومئذ لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا“. (صحيح مسلم: الجزء الأول باب بيان الزمن الذي لا يُقبل فيه الإيمان)
ولا يظننّ أحد أن الشمس في الظاهر تطلع من المغرب، لأن هذا الرأي مخالف للقرآن صراحة ويناقضه، يقول الله تعالى: {فَإِن اللهَ يَأْتِي بِالشمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ} (البقرة 259) و{لا الشمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ ولا الليْلُ سَابِقُ النَّهَارِ} (يس 41)، فهل تتبدل الحركة الأرضية أو ينقل المشرق إلى المغرب والمغرب إلى المشرق خلاف سنة الله المستمرة؟
يقول الله تبارك وتعالى: {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنةِ اللهِ تَبْدِيلا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنةِ اللهِ تَحْوِيلا} (فاطر 44).
فالمعنى الصحيح الذي لا يخالف القرآن أن الله تعالى ينوّر البلاد الغربية بشمس الصدق ويهدي الله الغارقين في الضلالة والكفر والظلمة منذ أمد بعيد إلى الإسلام فكأنما شمس الإسلام تطلع من مغربها.
وأما ما ورد “فيومئذ لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا“، فمعناه أنه إذا دخل أهل الغرب في الإسلام أفواجًا بعد أفواج وطلعت شمس الإسلام تمامًا على الديار الغربية، فيحرم عن الإسلام أولئك الذين تكون فطرتهم مخالفة للإسلام ولا يريدون أن يدخلوا في الإسلام، فينسد عليهم باب التوبة، ولا تقبل توبتهم. وليس المراد منه أنهم يتوبون ويخضعون ويخشعون ولكن الله لا يقبل توبتهم. لأن هذا لبعيد عن الله تعالى، إنه رؤوف رحيم يقبل التوبة عن عباده ويغفر السيئات.
والحق أن قلوبهم ستصير قاسية وأنهم لا يوفقون للتوبة، وهؤلاء هم الأشرار الذين تقوم الساعة عليهم، وقد طلعت شمس الهداية والصدق بمجيء المسيح الموعود عليه السلام من مغربها لأن كثيرًا من الأوروبيين قد دخلوا في الإسلام بواسطة الجماعة الأحمدية، وأُرسل كثير من المبشرين من قبل الجماعة الأحمدية إلى البلاد الغربية، الذين يدعونهم إلى الإسلام الحقيقي، حتى تذكر المجلة المصرية (نور الإسلام) التي كانت تصدرها مشيخة الأزهر ما نصه:
“وفي لندرة مجلة نقد الأديان The Review of religions وهي لسان حال القاديانية في لندرة، ويصدرها باللغة الإنجليزية منذ سنة 1902م الأستاذ ع، ر، درد المبشر الأحمدي (المجلد 2 الجزء 6).
و “الولايات المتحدة وبها مسجد أحمدي في المشيغان” (المجلد 2 الجزء 3).
والآن صار لنا مراكز كثيرة للتبشير الإسلامي في الديار الغربية، كأمريكا وإنكلترا وألمانيا وإسبانيا وسويسرا وفرنسا وبلجيكا وهولاندا وإسكندينافية وأفريقية الغربية والشرقية والوسطى والجنوبية وغيرها من الديار فاقت الـ 200 مركز حول العالم وقد شيدت الجماعة الإسلامية الأحمدية أكثر من 15 ألف مسجد وترجمت معاني القرآن الكريم إلى 73 لغة وشيدت أكثر من 500 مدرسة وعشرات المستشفيات والمشاريع الإنسانية باسم الإسلام ونبي الإسلام محمد خاتم النبيين صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. والناس يدخلون يومًا فيومًا في الإسلام، ويصلّون على النبي صلى الله عليه وسلم ويعبدون الله الواحد الأحد بعدما كانوا يعبدون المسيح ويتخذونه إلها من دون الله. فها هي شمس الإسلام تطلع من المغرب ولله الحمد.