كشفٌ منذ ألف عام: المهدي من الهند من أحمد يفهم منطق الحيوان يقيم طائفة كلها من العجم يتحدثون العربية ويخلفه حافظٌ ليس من أقاربه
وُلِدَ الإمام الصوفي محيي الدين بن عربي ؒفي القرن الخامس الهجري وكان صاحب مدرسة كبرى بين الصوفية فأطلقوا عليه لقب “الشيخ الأكبر” لعلمه وتقواه. وقد كان الشيخ ابن عربي ؒيشتهر بتلقي الكشوفات الروحية حتى كُتب عنه بأنه “صاحب العلم اللدني والكشف العظيم الشيخ الأكبر والكبريت الأحمر محيي الدين ابن عربي” وما شابهها من ألقاب.
بالتأكيد للرجل ما له وعليه ما عليه، ولا نوافق على كل ما يعتقده فلا عصمة إلا لنبي ولا نبي في هذه الأمة بعد النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم إلا عيسى عَلَيهِ السَلام، ولكن ما يهمنا في هذا المنشور هو أن الشيخ ابن عربي سَجَّلَ كشفاً منذ ألف عام تقريباً أي قبل تاسيس الجماعة الإسلامية الأحمدية بأكثر من ثمانمائة عام، وفي هذا الكشف يُبين بأن الإمام المهدي ؑ سيكون من آل أحمد (أي سيتصل باسم النبي ﷺ الجمالي أحمد بدل الجلالي مُحَمَّدٍ ﷺ) وأنه هندي يتلقى الكشوف ويفهم منطق الحيوان (أي قد يكلّم الحيوان كشفاً لأن الحيوان غير عاقل) وأن له طائفة خاصة تؤمن به وتنصره وأن أتباعه كلهم من الأعاجم ليس بينهم عربي واحد ولكنهم يتحدثون العربية ثم يخلفه من بعده إمامٌ حافظ أمينٌ مقربٌ للإمام المهدي ولكنه ليس من أقاربه. وتتصف جماعته بالاختفاء عن مسامع الناس، أي أنهم سيتعرضون لاضطهاد وتُمنع كتبهم ودعوتهم وكأنهم أصحاب الكهف الذين هربوا بدينهم واختفوا عن العلن سنين عددا. وهو ما يقابل ما ورَدَ فِي تَفْسِيرِ ابْنِ مَرْدَوَيْهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ؓ أنه قال: «أَصْحَابُ الْكَهْفِ أَعْوَانُ الْمَهْدِيِّ»، قال ابن حجر: وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ، فَإِنْ ثَبَتَ حُمِلَ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَمُوتُوا بَلْ هُمْ فِي الْمَنَامِ إِلَى أَنْ يُبْعَثُوا لِإِعَانَةِ الْمَهْدِيِّ. وَقَدْ وَرَدَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ بِسَنَدٍ وَاهٍ أَنَّهُمْ يَحُجُّونَ مَعَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ.” (فتح الباري شرح صحيح البخاري، ابن حجر العسقلاني، كِتَاب أَحَادِيثِ الْأَنْبِيَاءِ، الدعاء في الكرب).
كل الذي ذكرناه في الحقيقة لا ينطبق إلا على شخص واحد وهو مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام. فمؤسس الجماعة عَلَيهِ السَلام هو الوحيد من الهند الذي ادّعى بأنه المهدي والمسيح (أي لم يستشكل عليه نزول المسيح كما يحدث عادة عند ادعياء المهدوية) وأن اسمه بالفعل أحمد (مرزا لقب فقط) وبالفعل بيّن سبب تسمية الطائفة المقصودة الجماعة بالأحمدية تأسياً باسم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الجمالي أحمد. وبالفعل جميع أتباعه وأقاربه في البداية كانوا من العجم ولكن أكثرهم يتحدث العربية ومنهم مَن كان ينظم ويكتب الشعر والأدب العربي، وقد خَلَفهُ حضرة المولوي نور الدين رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وكان يلقب بالحافظ وهو الوحيد من خلفاء المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام إلى اليوم الذي ليس من أقاربه، وقد كان المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بالفعل يرى الكشوف ومنها ما تكلّم فيه حيوان وهو كشف رأى فيه حضرته دجاجة تتكلم وهو كما يقول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام:
“رأيتُ أن على جدار دجاجة وهي تتكلم بشيء، وَلَمْ أحفظ كلامها كله، غير أني حفظت منه ما يلي: “إنْْ كنتم مسلمين.” ثم استيقظتُ، وبينما كنت أقول في نفسي: ما هذه الكلمات التي قالتها الدجاجة، تلقيتُ الإلهام التالي: “أنفقوا في سبيل الله إنْ كنتم مسلمين.”. إنَّ كلمات الدجاجة وكلمات الإلهام أيضاً موجهة إلى الجماعة. كلتا الكلمتين موجهتان إلى جماعتي.” (“بدر”، مجلد 1، عدد 38، يوم 1905/12/8، ص 2، و”الحكم”، مجلد 9، عدد 43، يوم 1905/12/10، ص 1)
وهذه الكشوف لا تنطبق فقط على مواصفات الإمام المهدي في كشف ابن عربي بل توافق أيضاً كرامات الأنبياء الذين تُكشف لهم الحُجُب فيكلمهم الحيوان والجماد كما في الحديث الذي رواه أحمد ؒفي مسنده عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال:
“كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذع نخلة فقالت امرأة من الأنصار وكان لها غلام نجار: يا رسول الله إن لي غلاماً نجارًا أفآمره أن يتخذ لك منبرًا تخطب عليه؟ قال: «بلى»، فاتخذ له منبرًا فلما كان يوم الجمعة خطب صلى الله عليه وسلم على المنبر فأنَّ الجذعُ الذي كان يقوم عليه كما يئنُّ الصبيُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ هذا بكى لما فَقَدَ من الذكر». وفي رواية البخاري: فصاحت النخلة (جذعها) صياح الصبي، ثم نزل صلى الله عليه وسلم فضمه إليه يئن أنين الصبي الذي يسكن، قال: «كانت تبكي (أي النخلة) على ما كانت تسمع من الذكر عندها». الحديث.
وكذلك الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه وأحمد بسنده عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:
“قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلّم عليّ قبل أن أُبعث، إني لأعرفه الآن». الحديث.
وهنالك شواهد لحوادث أخرى مشابهة كلها في حقيقتها كشوف تُرى للأنبياء عليهم السَلام. والنص الذي نقدمه للقاريء العزيز من كلام الشيخ ابن عربي الذي رَآه في الكشف كما يلي:
“ينزل عليه عيسى ابن مريم بالمنارة البيضاء بشرقي دمشق بين مهرودتين متكأ على ملكين مَلَكٌ عن يمينه وملَكٌ عن يساره، يقطر رأسه ماء مثل الجمان يتحدّر كأنما خرج من ديماسٍ والناس في صلاة العصر فيتنحى له الإمام من مقامه فيتقدم فيصلّي بالناس، يؤمّ الناس بسنّة مُحَمَّدٍ ﷺ، يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويقبضُ اللهُ المهديَّ إليه طاهراً مُطهراً … ولذلك ورَدَ في الخبر أن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، إلا إن خَتْم الأولياء شهيدُ * وعينُ إمامِ العالمَين فقيدُ * هو السيدُ المَهْديّ من آلِ أحمدِ * هو الصارمُ الهنديّ حين يُبيدُ * هو الشمس يجلو كُلّ غمٍّ وظُلمة * هو الوابلُ الوسميُّ حين يجودُ * وقد جاءكم زمانُه وأظلّكم أوانُه … فشهداؤه خير الشهداء وأمناؤه أفضل الأمناء، وإن الله يستوزر له طائفةً خبّأهم له في مكنون غيبه، أطلَعهم كشفاً وشهوداً على الحقائق وما هو أمر الله عليه في عباده، فبمشاورتهم يفصل ما يفصل، وهم العارفون الذين عرفوا ما ثم، وأما هو في نفسه فصاحب سيف حقٍّ وسياسة مدنية يعرف من الله قدر ما تحتاج إليه مرتبته ومنزله لأنه خليفةٌ مُسدَّدٌ يفهم منطق الحيوان، يسرى عدلُه في الإنس والجان، من أسرار عِلم وزرائه الذين استوزرهم اللهُ له قوله تعالى: {وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ}، وَهُمْ على أقدام رجالٍ من الصحابة صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وَهُمْ مِن الأعاجم ما فيهم عربيٌّ لكن لا يتكلمون إلا بالعربية، لهم حافظٌ ليس من جنسهم ما عصى الله قَطّ هو أخصّ الوزراء وأفضل الأمناء، فأعطاهم الله في هذه الآية التي اتخذوها هجيراً وفي ليلهم سمير أفضل، علم الصدق حالاً وذوقاً، فعلموا أن الصدق سيف الله في الأرض ما قام بأحدٍ ولا اتّصف به إلا نَصَره اللهُ.” (الفتوحات المكية، ابن العربي، ج 3، ص 327-328)
فهل يتحقق إلا الحق!
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ