حديث ولا المهدي إلا عيسى
“عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللـه صَلَّى اللـه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لا يَزْدَادُ الأَمْرُ إِلا شِدَّةً وَلا الدُّنْيَا إِلا إِدْبَارًا وَلا النَّاسُ إِلا شُحًّا وَلا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ وَلا الْمَهْدِيُّ إِلا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ .” (رواه ابن ماجه)
يحتج مضعفو الحديث بأن أحد رواته أي محمد بن خالد الجندي مجهول بينما نجد أن أهل العلم قالوا عَنْهُ ثقة و ليس بمجهول، وبذلك يسقط ادعاء التضعيف :
“قَوْلُهُ : ( لَا يَزْدَادُ الْأَمْرُ ) أَيِ : التَّمَسُّكُ بِالدِّينِ وَالسُّنَّةِ (إِلَّا شِدَّةً ) لِقِلَّةِ أَعْوَانِهِ وَكَثْرَةِ مُخَالِفِيهِ (وَلَا الْمَهْدِيُّ ) أَيْ : وَصْفًا لَا لَقَبًا أَيِ الْمُتَّصِفُ بِالْهَدْيِ عَلَى كُلِّ وَجْهٍ بَعْدَهُ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – الَّذِي يَنْصَرِفُ إِلَيْهِ مُطْلَقُ الِاسْمِ وَهُوَ عِيسَى وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ اللَّقَبَ بِالْمَهْدِيِّ لَيْسَ إِلَّا لِعِيسَى ، فَالْحَدِيثُ عَلَى تَقْدِيرِ ثُبُوتِهِ لَا يُخَالِفُ أَحَادِيثَ الْمَهْدِيِّ ، وَفِي الزَّوَائِدُ قَالَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ بَعْدَ أَنْ رَوَى هَذَا الْمَتْنَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ هَذَا حَدِيثٌ يُعَدُّ فِي أَفْرَادِ الشَّافِعِيِّ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَقَدْ حَدَّثَ بِهِ غَيْرُهُ ، ثُمَّ ذَكَرَ سَنَدَ أَبِي يَحْيَى بْنِ السَّكَنِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْجَنْدِيِّ بِهِ وَقَدْ بَسَطَ السُّيُوطِيُّ الْقَوْلَ فِيهِ وَخُلَاصَةُ مَا نَقَلَ عَنِ الْحَافِظِ عِمَادِ الدِّينِ ابْنِ كَثِيرٍ أَنَّهُ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ مَشْهُورٌ بِمُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ الْجَنْدِيِّ الصَّغَانِيِّ الْمُؤَذِّنِ شَيْخِ الشَّافِعِيِّ وَرَوَى عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ أَيْضًا وَلَيْسَ هُوَ بِمَجْهُولِ كَمَا زَعَمَهُ الْحَاكِمُ ، بَلْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ ثِقَةٌ وَلَكِنْ رَوَى بَعْضُهُمْ عَنْهُ عَنِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا وَذَكَرَ الْمِزِّيُّ فِي التَّهْذِيبِ عَنْ بَعْضِهِمْ أَنَّهُ رَأَى الشَّافِعِيَّ فِي الْمَنَامِ وَهُوَ يَقُولُ كَذَبَ عَلَيَّ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى لَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيثِي قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى الصَّدَفِيُّ مِنَ الثِّقَاتِ لَا يُطْعَنُ فِيهِ بِمُجَرَّدِ مَنَامٍ وَهَذَا الْحَدِيثُ فِيمَا يَظْهَرُ بِبَادِئِ الرَّأْيِ مُخَالِفٌ لِلْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي إِثْبَاتِ مَهْدِيٍّ غَيْرِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَعِنْدَ التَّأَمُّلِ لَا يُنَافِيهَا ، بَلْ يَكُونُ الْمُرَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمَهْدِيَّ حَقٌّ ، الْمَهْدِيُّ هُوَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، وَلَا يَنْفِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ غَيْرُهُ مَهْدِيًّا أَيْضًا – ص 496 – ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ . ” انتهى (سنن ابن ماجه بشرح السندي – كِتَاب الْفِتَنِ – التمسك بالدين والسنة)
ويسنده الحديث الذي رواه الإمام أحمد بن حنبل : “حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ : حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ ، عَنْ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : “ يُوشِكُ مَنْ عَاشَ مِنْكُمْ أَنْ يَلْقَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ إِمَامًا مَهْدِيًّا ، وَحَكَمًا عَدْلًا ، فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ ، وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ ، وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ ، وَتَضَعُ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا“. (مسند أحمد بن حنبل)
الحديث ليس ضعيف
فالحديث ليس بالضعيف لعلة الجندي بعد أن وثقه أهل العلم، بل أن الحديث ثابت عند الشيعة أيضا :
يقول النبي ﷺ : “ لا مهدي إلا عيسى بن مريم “. ( بحار الأنوار، ج 51 ص 93 )
أما سر تضعيف هذا الحديث القوي فلا يخفى على متابع، فهي محاولة الألباني رحمه الله لتضعيف الحديث وذلك بسبب استدلال (القاديانية) به على إثبات دعوى المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام متناسيا أن الجماعة الإسلامية الأحمدية لا تستدل بهذا الحديث لوحده لإثبات صدق المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بل إن هنالك جملة من الآيات والأحاديث كما تبين وغير ذلك.
يقول الألباني :
“… هذا الحديث تستغله الطائفة القاديانية في الدعوة لنبيهم المزعوم غلام أحمد القادياني الذي ادّعى النبوة…“
وليس صعبا على القارئ الفطين أن يفهم لماذا كانت المحاولة لإثبات ضعف الحديث.. لأن الطائفة القاديانية تستغله حسب قوله، ولذلك حاول الباحث أن يُثبت ضعف الحديث. وبالتالي فتلك كانت مجرد محاولة فاشلة لتضعيف هذا الحديث الذي ثبتت صحته وله شواهد معروفة.
لم يبق من شك أن المهدي و المسيح شخص واحد.
هنالك أيضا حديث يزيد الأمر توثيقا:
“عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج المهدي حكما عدلا ، فيكسر الصليب ، ويقتل الخنزير ، ويطاف بالمال في أهل الحواء ، فلا يوجد أحد يقبله .” (أخرجه الحافظ أبو بكر البيهقي في ” البعث والنشور “. وأورده العلامة الشيخ يوسف بن يحيى بن علي بن عبد العزيز المقدسي السلمي الشافعي من علماء المائة السابعة في كتابه ” عقد الدرر في أخبار المنتظر “، ص 166 ط القاهرة في مكتبة عالم الفكر)
فالملاحظ من هذا الحديث أن صفة كسر الصليب وقتل الخنزير أُسندت للإمام المهدي هذه المرة بدل عيسى عَلَيهِ السَلام مما يؤكد كون المقصود بالإمام المهدي والمسيح الموعود شخصا واحدا.
وأخيرا نقرأ ما يرويه ابن أبي شيبة في مصنفه عن الوليد بن عتبة عن زائدة عن ليث عن مجاهد، فقال:
“المهدي قال: المهدي عيسى ابن مريم“. (مصنف ابن أبي شيبة، ج8، 192)
وكذلك ما ورد في كتاب الفتن :
“حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: « الْمَهْدِيُّ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ » “. (الفتن لنعيم بن حماد، ج ١، ص ٣٧٦، رقم ١١١٩)
من هو ابن شيبة؟
وقد وُلد ابن شيبة قريبا من عام 150 هـ، وهو شيخ للبخاري ومسلم، وهو من أوائل جامعي الحديث. وروايته هذه تؤكد أن القول بأن المهدي هو نفسه عيسى أو نفسه المسيح كان معروفا منذ البداية.
هذه هي القضية ببساطة والحديث صحيح ثابت متنا وسندا وتدعمه شواهد كما رأينا ولله الحمد.
بارك الله فيكم