من التعاليم المهمة التي جاء المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام لكي يثبتها ويصحح فهمها أن الإسلام لا يأمر بقتل المرتد المسالم. وقد تناول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام قضية قتل المرتد في عدد من كتبه وبَيَّنَ بأن المرتد غير المحارب لا عقاب عليه في الدنيا حسب تعاليم الإسلام وإنما حسابه هو عند الله تعالى في الآخرة وأنَّ العقاب الدنيوي هو فقط على المرتد المحارب الذي يؤذي المسالمين. ولقد استغرب المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام كُلّ الاستغراب من قول المشايخ أن الإسلام يجبر الناس على اعتناقه، وبَيَّنَ عَلَيهِ السَلام بأن هذا يسيء إلى الإسلام لأنه يحولّه إلى دين لا يضم إلا المنافقين المجبرين على اعتناقه والعياذ بالله، وهذا يخالف تعاليم الإسلام والواقع كل المخالفة، حيث يقول حضرته عَلَيهِ السَلام:
“أنا لا أعرف كيف ومن أين سمع معارضونا أنَّ الإسلام قد انتشر بقوّة السيف؟ لقد أعلن اللهُ في القرآن الكريم: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾. فمن ذا الذي أمر باستخدام القوة؟ وما هي وسائل الإجبار التي كانت متوفرة لدى المسلمين؟ وهل يمكن أن يتحلّى مَن يُجبَرون على تغيير دينهم بهذا الإخلاص وهذا الإيمان، أي أن يجرؤوا -رغم كونهم مئات قليلة وبدون أن يتلقوا أيّة رواتب أو أغراض مادية- على مواجهة جيش من الآلاف، وعندما يصل عددهم إلى الألف يهزمون مئات الآلاف من أعدائهم. ويرضون بالذبح مثل الخروف والماعز في سبيل الدفاع عن الدين من هجمات الأعداء، ويشهدون بدمائهم على صدق الإسلام. كما يكونون مشغوفين بنشر وحدانية الله تعالى، فيتحمّلون في سبيل نشر رسالة الإسلام أنواع الشدائد ويصلون إلى صحارى أفريقيا كالمتنسكين ثم يصلون بعد مكابدة كُلّ نوع من الصعاب، إلى الصين على شكل الدراويش غير قاصدين الحرب على أهلها، فيبلغونهم دعوة الإسلام، ثم ينجحون بجهودهم المباركة في إدخال عشرات الملايين من أهل الصين في الإسلام. ثم يدخلون الهند على شكل الدراويش، مرتدين الخَيش، وينجحون في إدخال الكثيرين في الإسلام من أتباع الديانة الآرية (الهندوسية). ثم يصلون إلى حدود أوروبا ويبلغوا لها رسالة لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. أخبِرونا -بالله عليكم- هل يمكن أن يقوم بهذه المهمة مَن أُكرِهوا على الإسلام، وظلّت قلوبهم كافرة ولم يعلنوا الإيمان إلا بألسنتهم؟ كلا! بل لا يقوم بهذه المهمة إلا أولئك الذين تعمر قلوبهم بنور الايمان، ولم يشغل أي حيز من قلوبهم إلا الله.” (بيغام صلح -رسالة السلام، الخزائن الروحانية، مجلد 32، ص 468-469)
ثم يقول عَلَيهِ السَلام بأن دين الإسلام لا يجبر أحداً على اعتناقه بل يقدّم الحجج العقلية فقط:
“يقول تعالى … ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ .. أي أنَّ هذا الدين لا يُكرِه أحداً على قبول شيء منه، بل يُبيِّن كُلّ أمرٍ مع أدلته.” (فلسفة تعاليم الإسلام، ص 130)
تبديل الدين وحده لا يستوجب العقاب في الدنيا
يقول عَلَيهِ السَلام حول مشايخ قتل المرتد بسبب تبديل الإسلام بالنصرانية وغيرها فقط دون العدوان على المسلمين:
“إنَّ هؤلاء الناس لا يُدركون أنَّ التَنصُّر أو عبادة الأوثان وحدها لا تستدعي العذاب في الدنيا، بل إنَّ يوم القيامة مُقرَّر لمثل هذه العذابات. العذاب يحلّ دائماً نتيجة التجاسر والجرأة. لو لم يرتكب أبو جهل وغيره تجاسراً لمَا نزلَ العذاب. الاعتقاد بالباطل وحده لا يستدعي عذاباً ولا نبوءة بل تأتي النبوءات نتيجة التجاسر دائماً. لقد سمُيّ اليهودُ مغضوبٌ عليهم لأنهم قاموا بالوقاحة والتجاسر وحلّت بهم العذابات، ولكن لم يُطلِق اللهُ “المغضوب عليهم” على “الضالين” مع أنَّ العذاب سيصيب اليهودَ والنصارى على السواء في الآخرة، ولكن لمّا لم يرتكب النصارى التجاسر لَمْ ينـزل بهم العذاب في الدنيا. مهما عبد الإنسان أوثاناً أو عبد أناسًا لا ينـزل عليه العذاب ما لم يتجاسر. لو نزل العذاب بناء على الأمور المذكورة آنفاً ماذا سيبقى ليوم القيامة؟ لقد حلّت العذابات باليهود لأنهم آذوا الأنبياء وخطّطوا لقتلهم وأساؤوا بحقهم. السجن الحقيقي للكفار هو القيامة، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو: لماذا إذًا يحل العذاب في الدنيا؟ جوابه أنه ينـزل نتيجة التجاسر. يجب مخاطبة عامة الناس بكلام بسيط وعادي. لقد جعل الله تعالى المعجزات جزء من النبوءات ليستفيد منها العوام، أما الخواص فلا يكونون بحاجة إلى المعجزات بل تكفيهم المعارف والحقائق. لأن العوام يفتقرون إلى المعرفة لذا تُظهر المعجزات لإسعادهم.” (الملفوظات، الجزء الرابع، بتاريخ 2/11/1902 م)
فلا عقوبة على المرتد المسالم حسب المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام.
يقول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بأن العذاب الإلهي لا يحلّ إلا على المعتدين:
“هذه العذابات تأتي دائماً نتيجة الشرور والمظالم التي تُصبّ على المبعوثين من الله وجماعتهم، وإلّا لا تُنـزل العقوبة في هذا العالم على التكذيب وحده بل أمره في يد الله ويعذب عليه في الآخرة. العذابات تنـزل عندما يبلَّغ التكذيب إلى درجة الإيذاء ويتحول التكذيب إلى الاستهزاء والسخرية. أما إذا قال المرء بهدوء ونباهة أنه لم يفهم هذا الأمر لذا هو متردد في قبوله، فهذا النوع من التكذيب لا يجلب العذاب لأنه يكون ناتجاً عن السذاجة وقلة العلم فقط. أقولُ صِدقاً وحقاً أنه لو كان اعتراض قوم نوح متسّماً بالنبل والنباهة لما بطش بهم الله. الأقوام تُعاقَب نتيجة أعمالهم السيئة. لقد قال الله تعالى بأن الذين يأتون لسماع القرآن يجب أن تبلّغوهم مأمنهم وإن كانوا منكرين ومعادين لأنه لا إكراه في الدين كما يقول الله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} البقرة: 257. ولكن إذا ارتكبَ أحدٌ القتلَ أو خطّط للقتل وسعى للإيذاء فسيعاقَب حتما. من المعروف بوجه عام أنَّ كُلّ شخص يُبطَش به على سلوكه الإجرامي.” (الملفوظات)
الحرية الدينية حقّ ثابت ولا عقاب إلا للمعتدين
يقول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام:
“لا بُدَّ من الحُرّية في الأمور الدينية. يقول اللهُ تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}. لا يوجد مثل هذا الكلام في الإنجيل قَطّ. ما هو السبب الحقيقي للحروب؟ لقد أخطأ هؤلاء القوم في فهم ذلك، لو كان هناك أمرٌ بشن الحروب لكان معنى ذلك أن 13 عاماً للنبي ﷺ قد ضاعت إِذْ لم يرفع السيف فور بعثته، بل الأمر هو بقتال المقاتلين فقط. لم يتبنَّ الإسلام مبدأ بدء الحرب قَطّ. ما كان سبب الحرب؟ فقََدْ بينّه الله تعالى بنفسه فقال: “ظُلِموا“. فلما رأى الله تعالى أنَّ هؤلاء الناس مظلومون أَذِنَ لهم بالقتال، ولم يأمر قَطّ أنَّ هذا هو وقت رفع السيف لذا عليكم أن تُدخلوا الناس في الإسلام قهراً، بل قال بأنكم مظلومون فقاوِموهم الآن، جميع القوانين تسمح للمظلوم أن يقاوِم من أجل حماية النفس. إنَّ تهمة نشْر مثل هذه الأفكار لا تقع على القساوسة بل المشايخ أنفسهم رسّخوها ضد أنفسهم.” (الملفوظات، الجزء الرابع بتاريخ 5/1/1903 م)
سبب قتل المرتدين هو منع الزكاة والعدوان
يقول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام:
“والذين دخلوا الإسلام في الأخير كانوا حزبين لم يحظوا بصحبته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ولكنهم رأوه. هؤلاء الناس يدخلون في الفئة الثالثة وبعضهم ارتدّوا أيضا. وقد ورد بحقهم أن النبي ﷺ سيقول عنهم لله يوم القيامة بأنهم آمنوا، فيقول الله تعالى: “ما تدري” لأنهم لَمْ يلبثوا في صحبتك إلا قليلاً، وهم أولئك الذين ارتدَّ أيضاً بعضُهم فيما بعد، وقُتلوا لعدم أدائهم الزكاة.” (الملفوظات)
وهكذا هي الردّة التي حدثت في عهد الصدّيق أبي بكر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كانت لمقاتلة المرتدّين الذين منعوا الزكاة وكانوا يحاصرون المسلمين ويستعدّون لقتالهم فقط فأكدَ المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بأنها كانت ردّة مُسلّحة لجيوش المرتدّين ومدّعي النبوة لغزو المسلمين وإبادتهم، فقال عَلَيهِ السَلام:
“وثَب الأسود باليمن ووثب مسيلمة باليمامة، ثم وثبَ طليحة بن خويلد في بني أسد، يدّعي كلهم النبوة. … وتنبأتْ سجاح بنت الحارث من بقي عقفان، واتبعها الهذيل بن عمران في بني تغلب، وعقبة بن هلال في النمر، والسليل بن قيس في شيبان، وزياد بن بلال، وأقبلت من الجزيرة في هذه الجموع قاصدة المدينة لتغزو أبا بكر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.” (سِرّ الخلافة، ص 92)
وقال عَلَيهِ السَلام مخاطباً جماعته بأن الجهاد المشوّه أي قتل المرتد فقط لردّته وضربَ عَلَيهِ السَلام على ذلك مثالاً هو فتاوى المشايخ بقتل الأحمديين تحت مسمّى الجهاد ضد المرتدّين قال عَلَيهِ السَلام بآن هذا الجهاد ليس من الإسلام في شيء بل الإسلام هو دين مواساة جميع البشر، فيقول حضرته:
“المسلمون الذين يخالفون الفرقة الأحمدية قد اطّلعتم على فتاواهم أي أّن قتلكم واجب عندهم، وأن كلباً يستحق الرحمة دونكم في رأيهم. إنَّ فتاوى البنجاب والهند بل فتاوى البلاد الإسلامية كلّها بحقّكم هي أنكم تستحقون القتل، وأنَّ قتلكم ونهب أموالكم والنكاح بزوجاتكم قهراً والإساءة إلى جثثكم وعدم السماح بدفنها في مقبرة المسلمين ليس جائزاً فقط بل هو عمل ثوابه عظيم. … تذكّروا أنه ما من مسألة أكثر إساءة إلى الإسلام في رأيي من مسألة الجهاد في الإسلام. الدين الذي تعليمه جميل، وقد أرى الله تعالى معجزات ولا يزال يريها لإظهار صدقه، ما حاجة هذا الدين إلى الجهاد؟ كان الظالمون في زمن نبينا الأكرم ﷺ يهاجمون الإسلام بالسيف وأرادوا أن يقضوا عليه بالسيف. فالذين رفعوا السيوف قُتلوا بها. فكانت تلك الحروب دفاعية فقط. فنشر المعتقدات -دون مبرر- أنَّ مهدياً سفاكاً سيأتي وسيعتقل الملوك المسيحيين، مسائل مخترعة بحتة أدّت إلى فساد قلوب المعارضين من المسلمين وقسوتهم. والذين يكنّون مثل هذه المعتقدات إنهم أناس خطيرون، ويمكن أن تكون هذه المعتقدات سبباً لتمرد الجهال بل ستكون كذلك حتماً في زمن من الأزمان. فأنا أسعى جاهداً لأن يتخلّص المسلمون من هذه المعتقدات. اعلموا أنه لا يمكن أن يكون من الله دينٌ لا مواساة للبشرية فيه. لقد علّمنا الله أنْ ارحموا من في الأرض لتُرحموا من السماء.” (الملفوظات 1907م)
ثم بيَّنَ عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام بأن الذي يرتدَّ أي يُبَدِّل الدين إنما يضرّ نفسه فقط، أي لن يضرَّه أحد آخر:
“والذي يؤمن بِالْحَقِّ إنما يتحرى وسيلة للتطهر من الذنوب بنفسه، وإلا ما حاجة الله به؟ يقول الله ﷻ: لو ارتددّتم كلّكم لأتى اللهُ بقومٍ آخرين يحبّونه. والذي يرتكب الذنب ويكفر لن يضرَّ اللهَ شيئا. والذي يؤمن لا يزيد في الله شيئا. فكلٌّ واحدٍ ينفعُ أو يضرُّ نفسه بنفسه.” (الملفوظات)
كيفية التعامل مع المرتدّ غير المحارب
بعد ذلك يبيّن عَلَيهِ السَلام بأن سبب ارتداد المسلمين إلى النصرانية وغيرها هي في الواقع فتاوى المشايخ نفسها التي تنص على قتل المرتد بسبب الدين وحده، ووضّح المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بأنَّ الواجب ليس إصدار فتاوى القتل على هؤلاء المرتدّين غير المحاربين ومعاقبتهم بل يجب احتضانهم ومعاملتهم بلطف والإجابة على تساؤلاتهم:
“بقدر ما تنصّرَ الناس أو ألحدوا فالمشايخ هم المسؤولون في الحقيقة عن خطئهم، لأنهم كلّما يطرحون عليهم سؤالاً أويسألونهم شيئاً يفتون فوراً أنَّ قتله واجب، هو كافرٌ وملحدٌ فاقتلوه. عندما رأى المعترضون هذا الوضع فهموا أنَّ معتقدات الإسلام ضعيفة وبالية فعلاً لدرجة لا تستطيع مقاومة العقلانية، فاستحسنوا ترك هذا الدين. المشايخ هم السبب وراء ارتداد آلاف الناس. من السهل جداً القول: لماذا يسألون؟ الْحَقُّ أنَّ هؤلاء الناس جاؤوا بعد 1400 عام في زمن يستحق أن يُدعى زمن الظلام بسبب هذا القدر من البُعد، لذا من حقهم أن يسألوا ما لا يفهمون. ولكن المشايخ أضلّوهم عند السؤال. كان من المفروض أن يعذروهم ويعاملوهم باللطف حاسبين إياهم جديرين بالرحم وينصحوهم ولكنهم نفّروهم من الإسلام. ففي هذه الحالة أرسلني الله لأبيّن محاسن تعليم الإسلام ثم أقدّم نموذجاً عملياً لتلك المحاسن وأُري تأثيراتها.” (الملفوظات)
ثم قال عَلَيهِ السَلام أن ارتداد الناس ليس حادثة غريبة بل هي سُنَّة الله تعالى في الذين خلوا من قبل كذلك:
“الارتداد أيضاً من سنة الله تعالى، فقد ارتدَّ النَّاسُ في زمن موسى ؑ وفي زمن رسول الله ﷺ أيضا.” (الملفوظات)
ثم يقدّم المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام مثالاً حقيقياً عملياً على معاملة المرتدّين المسالمين، إذ ذات مرّة عندما كان حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام معتلّ الصحة لأيام عديدة متتابعة بسبب كثرة العمل لأنه كان يقضي أكبر هزيع من الليل في العمل ورغم ذلك كُلّه طلب حضرته الخروج للتنـزه مراعاة للضيوف. فخرج عَلَيهِ السَلام حوالي الساعة التاسعة. وفور خروجه جاء إليه متنصر اسمه منشي عبد الحق وشرح لحضرته كيف ارتدّ تاركاً الإسلام وتنصّر وأنه قصدَ حضرته للسؤال، فقال له المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام:
“لقد أحسنتَ إذ جئتَ إلى هنا لشهرين، يبدو أنه علامة على بحثك عن الحق. … أرى أّن الطريق الأسهل والأنسب الذي يمكن أن يفيدك أيضاً هو أن تكتب بالترتيب اعتراضاتك على الإسلام وتقدّمها واحداً بعد الآخر وسأردُّ عليها. والجواب الذي لَمْ تقتنع به يجب أن تسأله مرة بعد أخرى وتقول بصراحة بأنك لم تقتنع به. ولكن يجب أن تنتبه في الاعتراضات ألّا تقدِّم ما لا يوجد له أثر في الكتب السابقة وإلا سيكون مضيعة للوقت. عندما تنهي اعتراضاتك سأشرح لك محاسن الإسلام … هناك سببان لتبديل الدين. السبب الأكبر هو الجزئيات التي تُفهم على غير حقيقتها بسبب سوء الفهم أو بالكذب فيها وتُترك أصول الدين مقابلها كليّا.” (الملفوظات)
ثم قدَّمَ المسيحُ الموعودُ عَلَيهِ السَلام أهمّ الاعتراضات التي يثيرها المُنصِّرون وغيرهم على الإسلام وأجاب عنها كلها عَلَيهِ السَلام بكلّ روعة وعظمة، وسوف ننشر هذه الإجابة إنْ شاءَ الله تعالى في منشور لاحق. المهم أنَّ المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وبعد إجاباته العظيمة على تساؤلات المتنصّر المرتد وفي أثناء هذا الحديث كان قد وصل حضرته قرب بيته فقال مخاطباً المتنصر منشي عبد الحق:
“أنتَ ضيفنا، والضيف لا يجد الراحة إلا إذا كان بعيدًا عن التكلف والشكليات، فكلّما احتجتَ إلى شيء فأَخْبِرْني دون أدنى تكلّف. ثم قال مخاطباً الآخرين: اعلموا أنه ضيفنا، وعليكم جميعاً أن تعاملوه بحسن الخلق، وتسعوا لكيلا يتعرّض لأيّة معاناة، ثم دَخَلَ حضرته بيته.” (الملفوظات)
وهكذا يقدّم المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام المبدأ الحقيقي والعملي على فهم معنى الارتداد عن الدين وأنه لا يترتب عليه أي عقاب دنيوي بيد البشر إذا كان الارتداد لمجرد تغيير الدين وليس الحرابة والعدوان، فإذا كان الارتداد الذي فهمه العرب قديماً بمعنى القتال والعدوان فهو واجب العقاب ولكن فقط لعلّة العدوان لا غير. وبمثاله العملي علّمنا حضرته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام أن لا نعبس في وجه المرتد المسالم بل نحسن إليه بصدق ونحرص على إجابته ومساعدته بالرحمة والمواساة لانها تعاليم الله تبارك وتعالى.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ