بسم الله الرحمن الرحيم
وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ
فيما يلي، ملخص لخطبة الجمعة التي ألقاها سيدنا أمير المؤمنين، حضرة ميرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز بتاريخ 15/12/2017:
لقد وصل صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم مكانة عالية جدا وكانوا كالنجوم في السماء، بعض هذه النجوم كان اكثر لمعان، ولكن جميعهم كانوا نورا، فكل من اتبع الصحابة فهو مهتدي عند الله التعالى.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصحابى كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم.
هذه هي المكانة التي اعطاها الله تعالى لصحابة النبي صلى الله عليه وسلم، بحيث كان كل واحد منهم نبراسا.
قال المسيح الموعود عليه السلام: لقد ابدى جميع الصحابة الصدق في سبيل الله تعالى، حتى رضي الله عنهم ورضوا عنه. تعجز الكلمات عن وصف مكانتهم، ان الوصول الى هذه المكانة ليس من قدرة الانسان العادي، وانما ينالها الانسان بالصبر والتوكل.
ومن هنا يتبين ان الصحابة قطعوا جميع اشواط المعرفة والسلوك.
عليكم ان تطهروا قلوبكم كي يرضى الله عنكم وترضوا عنه. عليكم ان تشكوا الله تعالى ابدا، وان تبدوا الصدق والطهارة والتقوى والتزكية ومعايير الطاعة الرفيعة جدا.
اذا فعلتم ذلك، فسيرضى الله عنكم وترضوا عنه ويبارك في كلامكم واجسادكم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضاً بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله.
وقال ايضا: لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه.
ومع ذلك فان بعض الفرق الاسلامية يتهمون الصحابة اتهامات باطلة، وخاصة الشيعة.
لقد تحمل الصحابة اشد العذاب وضحوا اكبر التضحيات، وكان حماسهم كالفدائيين نتيجة حبهم الصادق. ان تعاليم النبي صلى الله عليه وسلم وتزكيته للنفوس منقطعة النظير في اي نبي اخر.
لقد اصتبغت جماعة المسيح الموعود عليه السلام بصبغتهم، ولكن هل ارتقينا الى منزلتهم؟
لم يكن صحابة النبي يبغون الدنيا، فقد ورد عنهم انهم في الكتب السابقة انهم سيقومون الليل ويصومون النهار، وهذا ما نجده في القران ايضا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ.
ذات مرة كانت محاورة بين ابو بكر وعمر رضي الله عنهما، فأغضب أبو بكر عمر فانصرف عنه عمر مغضبا، فاتبعه أبو بكر يسأله أن يستغفر له، فلم يفعل. فأقبل أبو بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: يا رسول الله! إني كان بيني وبين بن الخطاب شيء فأسرعت إليه ثم ندمت، فسألته أن يغفر لي، فأبى علي فأقبلت إليك، فقال:يغفر الله لك يا أبا بكر.
فبعد ان ندم عمر أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل وجه النبي صلى الله عليه وسلم يتمعر، حتى أشفق أبو بكر فجثا على ركبتيه، وقال: يا رسول الله! والله أنا كنت أظلم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله بعثني إليكم فقلتم: كذبت وقال أبو بكر: صدقت وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركو لي صاحبي.
ذات مرة، طلب معاوية بن ابو سفيان من احد الصحابة ان يصف له عليا فقال: أما إنه والله كان بعيد المدى شديد القوى يقول فصلا ويحكم عدلا يتفجر العلم من جوانبه وينطق بالحكمة من نواحيه يستوحش من الدنيا وزهرتها ويستأنس بالليل وظلمته كان والله غزير الدمعة طويل الفكرة، يقلب كفه ويخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما خشن ومن الطعام ما جشب كان والله كأحدنا يجيبنا إذا سألناه ويبتدئنا إذا أتيناه ويأتينا إذا دعوناه ونحن والله مع تقريبه لنا وقربه منا لا نكلمه هيبة ولا نبتديه لعظمه.
ذات مرة وصلت قافلة من ٧٠٠ ناقة لعبد الرحمن بن عوف فذاع خبرها في المدينة بسبب كبرها، فوصل الخبر عائشة فقالت، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ان عبد الرحمن من اهل الجنة ، فعندما سمع ذلك، قال اضحي بكل هذه القافلة في سبيل الله.
يقول المسيح الموعود عليه السلام: ما اطاع احد في التاريخ مثل الصحابة. لقد كان حواريي المسيح عليه السلام ضعفاء جدا، فاحدهم لعن المسيح والثاني خانه. اما الصحابة، فضحوا بانفسهم وارواحهم في سبيل حب وطاعة الرسول.
ما واجهه الصحابة من مصائب ومظالم، ما واجهه احد من قبل، ولكنهم مع ذلك لم يتخلوا عن الاسلام. لقد هاجروا مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وعندما تجاوز الشر الحدود، امرهم الله تعالى ان يعاقبوا هؤلاء الظالمين الكفار. ما كانت لهم اسباب الحرب، ومع ذلك نزلو ميدناه وقاتلوا الكفار طاعة لله ورسوله.
يقول الخليفة نصره الله: لو كان المرء صافيا مثل الاواني النظيفة، يمكن وضع الطعام الطيب فيه. ولكن كم من الناس هم كقول الله تعالى: قد افلح من زكاها.
هناك حاجة ماسة لتطهير النفس كالاواني النظيفة وان نسعى للعمل بما قاله المسيح الموعود عليه السلام. واذا قدمنا نماذج كالصحابة رضوان الله تعالى عليه، ممكن ان ندعي اننا اتباع المسيح الموعود حقيقة.