لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
في ما يلي، ملخص لخطبة الجمعة التي القاها سيدنا امير المؤمنين، حضرة ميرزا مسرور احمد ايده الله تعالى بنصره العزيز، بتاريخ 1/12/2017:
الثاني عشر من ربيع الأول هو اليوم الذي ظهر فيه النور الذي سماه الله سراجا منيرا، والذي أنار العالم بنوره الروحاني، والذي كان عليه أن يقيم حكم الله في العالم فأقامه، والذي كان عليه أن يحيي الموتي الروحانيين فأحياهم، والذي كان عليه أن ينشر السلام والأمان في العالم ففعل، والذي قال الله له “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”، أي أنت لست رحمة للناس فحسب بل للحيوانات من طيور وغيرها. والنبي صلى الله عليه وسلم ليس رحمة للمسلمين فقط بل لغيرهم، وإن شريعته رحمة للجميع إلى يوم القيامة.
لقد قال الله تعالى لأتباعه:”لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا”. فبدون التأسي بأسوته الحسنة لا يمكن أن يسمَّى المسلم مسلمًا حقيقيًا. لقد قدم لنا نبينا صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة في كل مجال، في إقامة التوحيد والعبادة والخُلق الحسن وأداء حقوق العباد. ولكن المؤسف أن أكثرية المسلمين اليوم يدّعون حب الرسول ولكن أعمالهم تعاكس تعاليمه وأسوته.
لقد ارسله الله تعالى رحمة للعالمين، ولكن من يدّعون حبه ويحتفلون بيوم ميلاده بحماس ينشرون اليوم الفساد والفتنة بدلاً من أن يعاهدوا على نشر الرحمة في كل مجال تأسيًا به.
في يوم السعادة والفرح هذا، يجب أن يتجلي من عمل كل مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم هو ملِكُ السلام ورحمةٌ للعالم أجمع ونموذج عال لعبادة الله ومتخلق بأسمى الأخلاق. يجب أن يقولوا: إننا بحسب أمر الله وحكمه نتأسى بأسوته صلى الله عليه وسلم ونأتمر بأمره. اليوم يوم ولادة هذا النبي واحتفالا بهذا اليوم سوف تتفجر على أيدينا ينابيع المحبة والمودة والسلام، لأن هذا ما أمرنا به، وهذا ما توقعه منا. ولكن الملاحظ هو عكس ذلك، فالفساد مستشرٍ في العالم الإسلامي، والعالم غير الإسلامي خائف من المسلمين.
هل من تعاليم رسول الرحمة أن يخاف الناس منهم؟ ففي باكستان تقف الشرطة في كل مكان من أجل الحفاظ على الأمان. المشايخ اليوم يقومون بسبّ المسيح الموعود عليه السلام بشدة احتفالا بولادة صلى الله عليه وسلم، ظانين أنهم يزيدون بذلك الرسول عزًا. لقد حاصروا المدن في باكستان وسدوا الطرق، مما ألقى الرعب في قلوب الناس، وتوقفت الحياة في كل مكان. مع أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى حتى عن الجلوس في الطرق، فقال له الصحابة إنما نستخدمها للحديث للتجارة، فقال حضرته، إذا كان لا بد لكم من الجلوس فيها فغُضُّوا الطرف، وأَفْشُوا السلام، ومُروا بالمعروف وانهوا عن المنكر.
فهذه هي حقوق الطرق، ولكن هؤلاء المشايخ أغلقوها وآذوا الناس، ومع ذلك يزعمون احتكار الدين ويكفّرون من يشاؤون ويدخلون بالإسلام من يشاؤون. وهم لا يفعلون ذلك إلا من أجل مصالحهم الخاصة، ولا علاقة لهم ولا لأعمالهم بتعاليم النبي صلى الله عليه وسلم.
فمن واجب المسلمين الأحمديين التأسي بأسوة النبي صلى الله عليه وسلم بكل جوانبها وأن يسعوا للعمل بها بكل ما أوتوا من قوة.
يقول المسيح الموعود عليه السلام: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عاشقا ولهانًا لذات البارئ تعالى، ولذلك نال ما لم ينله أحد في العالم أبدًا. لقد أحبّ الله كثيرًا حتى قال الناس”عشق محمدٌ ربه”.
وقال عليه السلام: “إنني دائمًا أنظر بعين الإعجاب إلى هذا النبي العربي الذي اسمه محمد – عليه ألف ألف صلاة وسلام – ما أرفَعَ شأنَه! لا يمكن إدراكُ سموِّ مقامه العالي، وليس بوسع الإنسان تقدير تأثيره القدسي. من المؤسف أن الدنيا لم تقدّر مكانته حق قدرها. إنه هو البطل الوحيد الذي أعاد التوحيد إلى الدنيا بعد أن غاب عنها. لقد أحبَّ اللهَ غاية الحبِّ، وذابت نفسه شفقةً على خلق الله تمامًا، لذلك فإن الله العالِمَ بسريرته فضَّله على الأنبياء كافةً، وعلى الأولين والآخرين جميعًا، وحقّق له في حياته كلَّ ما أراد”.
اللهم صلّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.