بسم الله الرحمن الرحيم
فيما يلي، ملخص لخطبة الجمعة التي القاها حضرة خليفة المسيح الخامس، ميرزا مسرور احمد ايده الله تعالى بنصره العزيز، بتاريخ 09/02/2018:
عن عائشة عن النبي ﷺ قال: “مَا مِنْ مَيِّتٍ تُصَلِّي عَلَيْهِ أُمَّةٌ مِن المُسْلِمِينَ يَبْلُغُونَ مِائَةً كُلُّهُمْ يَشْفَعُونَ لَهُ إِلَّا شُفِّعُوا فِيهِ”. وفي رواية: مرّتْ جنازة بالنبي ﷺ، فأثني عليه الناس، فقال ﷺ: وجبتْ له الجنّة.
أردت اليوم أن أصلي جنازتين وأن أذكر بعض الأحاديث والأمور الفقهية المتعلقة بالجنازة والتكفين والدفن، ولكني لن أتمكن من أحاديث الجنازة وغيرها اليوم، لأن خادمًا كبيرا للجماعة قد توفي وكان وفيا لعهد وقفه، وسأصلي عليه اليوم. قد أرسل لي الإخوة عنه روايات ووقائع كثيرة، لكن لن أستطع ذكر حتى خمسها، وفي جميعها دروس عديدة للواقفين ولأبناء أسرة المسيح الموعود عليه السلام وللأحمديين عمومًا.
لقد توفي ميرزا غلام أحمد الأسبوع الماضي عن عمر 78 عامًا إثر صدمة قلبية مفاجئة. كان مصابًا بمرض القلب منذ فترة طويلة. كان ابن حفيد المسيح الموعود عليه السلام مرزا عزيز أحمد. جده ميرزا سلطان أحمد رضي الله عنه، وجدُّه من طرف والدته السيد مير اسحق رضي الله عنه، وكان المرحوم زوج أختي.
كل هذه القرابات ليست ذات أهمية كبيرة، إنما المهم هو شمائل هذا المرحوم التي سأتحدث عنها.
كان المرحوم خادمًا للدين. نذر حياته لخدمة الإسلام، ورغم مرضه وصدمة وفاة أخيه عينته الناظر الأعلى قبل أيام. فقام بواجبه على خير ما يرام. قبل يوم من وفاته وزع الشهادات والجوائز على خريجي مدرسة تحفيظ القرآن بربوة، وصباح يوم وفاته زار عددًا من المرضى، وصلى الصلوات الخمس في المسجد المبارك.
بدأ المرحوم حياته كواقف عام 1962. كان حصل على الماجستير من لاهور، ثم تقدم لامتحان لوظيقة حكومية كبيرة. وأخبرني مرة أنه تقدم لهذا الامتحان لأن الناس كانوا يقولون إنه امتحان صعب، وبعد أن نجح فيه نذر حياته لخدمة الدين، وقال فعلتُ ذلك حتى لا يقال إني نذرت حياتي بعد أن فشلت في نيل الوظائف الدنيوية.
عيّنه الخليفة الثاني رضي الله عنه مديرًا إداريًا لمجلة مقارنة الأديان، وقال له عليك أن تتعلم أمور الدين أيضا. فتعلم الحديث من مير داود أحمد.
كان اسمه سعيد في البداية، ولكن المصلح الموعود غيّره لغلام أحمد. والدته قالت للمصلح الموعود أريد تغيير اسمه، لكني لو غيّرتُ اسمه فربما لم يحب والده ذلك، فغيّرِ أنت اسمه. فقال حضرته: سأسميه باسم يحبه أبوه أيضا، وهو غلام أحمد، لكني سأناديه أحمد لأنه لم يمض على وفاة سيدنا المسيح الموعود عليه السلام فترة قصيرة طويلة ولا أستطيع مناداته بغلام أحمد.
في 1946 عقد قرانه مولانا جلال الدين شمس. من أبنائه الثلاثة اثنان واقفان للحياة لخدمة الدين وهما مرزا فضل أحمد، وهو ناظر التعليم بربوة، ومرزا ناصر انعام وهو عميد الجامعة الأحمدية في بريطانيا. وابنه الثالث يخدم الجماعة في أمريكا. وللمرحوم بنتان إحداهما أمة العلي وهي متزوجة من سيد محمود أحمد وهو واقف للحياة ويشغل منصب ناظر الصحة في ربوة.
خدم ميرزا غلام أحمد كناظر للتعليم وناظر للديوان لمدة طويلة، حتى جعلتُه بعد وفاة أخيه الناظر الأعلى ، ورئيس صدر أنجمن أحمدية. في زمن الخليفة الرابع رحمه الله خدم نائبًا للأمير المحلي. كان عضوًا في مجلس الوقف الجديد، ثم رئيسًا له، وفي مجلس أنصار الله في باكستان كان نائب الرئيس، ثم رئيسًا له. وفي مجلس الخدام العالمي كان نائب الرئيس، ثم صار رئيسا له. وخدم محررًا لمجلة مقارنة الأديان وسكرتيرا خاصا للخليفة الثالث رحمه الله، ورئيسًا للجنة مكتبة الخلافة، ومديرًا لمؤسسة فضل عمر. وكان نائبَ المسؤول عن الجلسة السنوية لمدة طويلة. وخدم في الجلسة السنوية لفترة طويلة كناظم للأُجَراء الذين يكون من بينهم أناس صعبي المراس، ولكنه وُفِّق لهذه الخدمة على ما يرام. وكان رئيس مجلس تبركات المسيح الموعود عليه السلام وعضوا في مجلس تحرير الروايات عن المسيح الموعود عليه السلام، وسكرتيرا لمجلس انتخاب الخلافة ومسؤولا عن الشركة الإسلامية. علاوة على مهامه الأصلية خدم عضوا في لجان كثيرة جدا.
في عام 1989 سجن لبضعة أيام هو وأخوه مرزا خورشيد أحمد مع أحمديينِ آخرينِ تحت قانون 298 c، وهكذا جعله الله في عداد الأسرى في سبيل الله تعالى.
في 2010 عندما استشهد الأحمديون في مسجدين في لاهور، ترأس الوفد الذي أرسله الناظر الأعلى للاهور لتفقد أحوال أُسر الجرحى والشهداء. بقي هنالك أسبوعين وأشرف على كل الإجراءات والترتيبات، وقام في أداء هذه المهمة ببذل جهود جبارة. فعاد الجرحى وأشرف على علاجهم وزار عائلات الشهداء في بيوتهم. وفي مسجد دار الذكر عقد جلسة للهيئة الإدارية، وانتخب الأميرَ، وصلى في المسجد ليزيل الرعب من القلوب.
وأثناء عيادته للمرضى جاء حاكم البنجاب للتعزية، فقال للحاكم إن الهجوم قد شُن علينا بسبب المنشورات المشاعة ضد الجماعة، ومن واجبك أن تهتم بالأمر. وزاره للعزاء أيضًا وزير الأقليات الغير مسلمة، فقال له بشجاعة: نشكرك على زيارتك، لكن ليكنْ واضحًا إننا لا نعتبر أنفسنا أقلية غير مسلمة، فنحن مسلمون بفضل الله. فقال الوزير لقد جئت لزيارتكم بوصفي مسوؤلًا عن حقوق الإنسان أيضا. فقال له عليك أن ترفع صوتك في الحكومة ضد هذا الظلم وتنبههم لواجباتهم. (أقول: نحن لا ننظر للحكومات ونتوجه فقط لله وهو من سيزيل الصعاب)
شارك في تلك الأيام أيضا في مؤتمر صحفي بُثّ في محطات عالمية وقال فيه بوضوح إننا مسلمون ولا يستطيع أحد حرماننا من هذا الحق.
ذكر الخليفة الرابع رحمه الله في إحدى خطبه: كنت أفكر بأن أزيد من أعمالي، فرأيت في الرؤيا ميرزا غلام أحمد الذي هو ذو رأي سديد دائمًا، فأشار علي ألا أضيف تعليقات مني لترجمة المصلح الموعود للقرآن، بل علي أن أقوم بترجمة جديدة للقرآن الكريم. ففعلتُ. قال له الخليفة الرابع رحمه الله في إحدى رسائله: وصلتني رسالتك، أدعو لك دائما. لقد جعل الله في خصالك الصدق، والله لا يضيع الصادقين. زادك الله روحانية دائما وكتب لك المزيد من البركات. ثم ذكر الخليفة نصره الله عددًا من رسائل الإخوة الذين تحدثوا عن مناقب المرحوم ثم قال: رفع الله درجاته. لقد انتقل لدار سينتقل إليها كل إنسان عند انتهاء أجله، ولكن سعيدون الذين يعيشون حياتهم بحسب مرضاته تعالى. أدعو الله أن يرفع درجاته وأن يورث أولاده حسناته، وأن يوفق جميع الواقفين للتأسي بأسوته في الوفاء بعهد الوقف وأن يعطي الجماعة أمثاله من الخادمين الصالحين الفدائيين دائما.
والجنازة الثانية هي للسيدة ديبانو التي أسلمت عام 2004. كانت منذ طفولتها مصابة بالفشل الكلوي، لكنها كانت مواظبة دائمًا على التهجد والصلاة وتلاوة القرآن. كانت تعاني من مرض خطير في الكبد، ولكن الله شفاها منه بعد البيعة بصورة إعجازية. رحمها الله ورفع درجاتها. آمين.