بسم الله الرحمن الرحيم
فيما يلي، ملخص لخطبة الجمعة التي القاها حضرة خليفة المسيح الخامس، ميرزا مسرور احمد ايده الله تعالى بنصره العزيز، بتاريخ 02/02/2018:
بعد تلاوة سورة الفاتحة، قرأ حضرته
حم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ
اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ
في هذه الايات من سورة غافر وسورة البقرة، ذكرت بعض صفات الله سبحانه وتعالى وعظمته، وعن اهمية هذه الايات، ورد في الحديث حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
مَنْ قَرَأَ حم الْمُؤْمِنَ إِلَى ]إِلَيْهِ الْمَصِيرُ[ وَآيَةَ الْكُرْسِيِّ حِينَ يُصْبِحُ حُفِظَ بِهِمَا حَتَّى يُمْسِيَ وَمَنْ قَرَأَهُمَا حِينَ يُمْسِي حُفِظَ بِهِمَا حَتَّى يُصْبِحَ.
إن اية “حم” هي من المقطعات، وتعني الحميد والمجيد.
يقول المسيح الموعود عليه السلام: إن حقيقة الحمد تتحقق للذات التي هي مبدأ الأنوار والجدير بالمنة. ان هذا المعنى لله تعالى وحده، فهو المحسن الحقيقي وله الحمد في الدارين واليه يرجع الامر كله.
قوموا عافاكم الله واستغفروا الله عز اسمه وأمعنوا فيه كالمتفكرين. وذلك لان بإدراك كلمة الحمد ستدركون الصفات الاخرى أيضا. ذلكم ربكم ومولاكم الكامل وجامع المحامد الشاملة، أي جميع المحامد تتحقق فيه.
ثم يقول المسيح الموعود عليه السلام: يجب ان تستغفروا على الدوام. ان النور الذي يوهب للمؤمن مؤقت، وللحفاظ عليه فهو بحاجة الى الاستغفار. وهذا هو احد الأسباب الذي كان الأنبياء يستغفرون لأجله، لأنهم مطلعون على هذه الأمور ويخشون أن يسلب منهم هذا النور، وهذا معنى الإستغفار، كي يحافظوا على نور الله تعالى ويستزيدوه.
للحصول على هذا النور يجب المداومة على الصلوات الخمس، فالصلاة مهمة جدا وخلالها يتوب العبد الى الله تعالى ويستغفره. إن الصلاة كالمعراج وهي دعاء بالتضرع والإبتهال، وبواستطها يمكن ان يتخلص الانسان من هذه الامراض الروحانية والمادية.
لقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقراءة هذه الآيات، ولكن مجرد قرائتها لا يفيد، لانه هناك حاجة أن نعي الكلمات.
يقول المسيح الموعود عليه السلام عن الاستغفار:
بسبب الدعاء، يحفظ الله تعالى المستغفرين من نتائج المشاكل التي وقعوا فيها. ان المراد من الاستغفار هو أن يستمر الانسان بالإستغفار في قلبه، ويطلب العون من الله تعالى دائما. ان الكلمات وحدها لا تفيد. فلا حاجة أن يردد الانسان ‘استغفر الله’ بينما يكون قلبه غافلا، واعلموا أن الدعاء الذي يصل الى الله تعالى هو الذي يصدر من القلب فقط.
يجب ان يدعو الإنسان قبل حلول البلاء، ولهذا السبب يحميه الله تعالى عند الابتلاء. ينبغي أن يكون هناك تغيير حسن في قلب المبايع، وإلا فلا فائدة من بيعته. ان بعض الناس يرددون أدعية صغيرة، فهي أيضا لا تفيد الا اذا أديتم الفرائض كلها بشوق، فالأذكار لا تفيد إلا إذا كان هناك عمل في المقابل.
كذلك ذكرت أيضا صفة الله ‘قابل التوب’، أي أن التوبة ومعنى التوبة هو أن يركع الانسان لله تعالى ويطلب منه أن يغفر ذنوبه. اذا عاهد العبد الله تعالى أنه سيتجنب الذنوب، فسيقبل الله تعالى توبته.
يقول المسيح الموعود عليه السلام:
إن اليوم الأكثر بركة للانسان، وأكبر بركة من يوم الجمعة والعيدين، هو يوم توبته. لأن هذا اليوم تُغفر له ذنوبه وهو أكثر يوم فَرح وأكثر بركة، عندما يزيل الله تعالى عنه غضبه بحيث يصبح قريبا له بعد أن كان بعيدا.
قال الله تعالى عن هولاء، أنه يحب التوابين ويحب المتطهرين. وفي هذه لآية يذكر الله تعالى أن التوابين محبوبين إليه. والتوبة الحقيقية تلزم الطهارة، وأيضا ينبغي على الانسان أن يقوي عزيمته ويبتعد عن النجاسة والقذارة، وإلا فلا فائدة من ترديد كلمات التوبة.
منذ ذلك اليوم الذي قررتم فيه أنكم ستتوبون عن ذنوبكم، فإني اؤمن يقينا، ان كل من تاب من صميم قلبه فجميع ذنوبه تغفر، فالتائب عن الذنب كمن لا ذنب له.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
إن لكل شيء سناماً، وسنام القرآن سورة البقرة، فيها آية هي سيدة آي القرآن، لا تقرأ في بيت فيه شيطان إلا خرج منه (اية الكرسي).
فهو الحي القيوم، والوحيد الذي هو حي. إن صفة الحي، هي انه هو حي بذاته ويهب الحياة لآاخرين. اما القيوم، فهو القائم على الناس.
فهاتان صفتان أساسيتان لحياة الإنسان والكون، وقد ذكر الله تعالى ذلك في سورة الفاتحة، حيث قال: إياك نعبد. فإذا أردنا أن نعبد الله، فلا بد أن نستعين بالإله الحي القيوم.
الشفاعة: كل من يدعو للآخر فهذا نوع من الشفاعة، ويجب ان تكون هذه صفة المؤمن، وهي أن يدعو للآخرين.
مما لا شك فيه أننا ندعوا لإخواننا، وهذا نوع من المواساة. فلا يكتمل ايمان أحد حتى يعد مصائب الآخرين كمصائبه.
وهكذا تزداد مشاعر المساواة بين البشر.
لقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نردد هذه الآية، كي تتولد مشاعر المواساة في قلوبنا. ولكن لسوء الحظ، أن المسلمين أصبحوا متعطشين لدماء بعضهم، ومن ناحية اخرى يدعون أنهم يعملون بحسب القران والسنة.
إن الشفاعة الحقيقية حق منحه الله تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم، ويذكر المسيح الموعود عليه السلام:
لا يمكن ان يكون شفيع في الاخرة الا الذي ترك نموذجا في هذه الدنيا. فالرسول صلى الله عليه وسلم كان اعظم شفيع، حيث اجلس الصحابة الفقراء رضوان الله تعالى عليهم على العرش، وبتاثير شفاعته تحول عباد الاصنام الى صالحين ومقدسين.
العلي العظيم:
مالك لأرض والسماوات ومقام عظمته لا يدرك، ولا يمكن أن يخرج أي شيء من دائرة علمه. أنه علي وعظيم، ومعنى عظمته هو أن لا يمكن أن يدرك أحد شأنه ومقامه وهو عظيم بحيث يحيط بكل شيء. ولا يخرج أي شيء من قدرته وعلمه.
يقول المسيح الموعود عليه السلام:
إن آية ‘وسع كرسيه السماوات والارض’ هي أن الله تعالى يحمل كل شيء ولا يمكن أن يصل إليه أحد لا يدرك كنهه. إن السماوات والأرض تحت تصرف الله تعالى وأنه لا يتعب بحمل السموات والأرض، الذي يسعهما كرسيه.
ندعوا الله تعالى ان يوفقنا ان نعيش حياتنا حسب هذه الوصايا، آمين.