قال الخليفة الثاني حضرة الحاج مرزا بشير الدين محمود أحمد (رضي الله عنه):
كان الخليفة الأول – رضي الله عنه – يقول:
لقد رأينا أثناء المناظرة التي تمت بين المسيح الموعود – عليه السلام – وبين القسيس “آتهم” مشهدًا أذهلنا ورفع إيماننا إلى السماء.
فإن القسيسين لما عجزوا في المناظرة ورأوا أنهم لا تنفعهم حيلة تجاه حضرته – عليه السلام -، مكروا مكرًا بمساعدة بعض المسلمين ليستهزئوا به – عليه السلام -، فأحضروا في أحد الأيام بعض الصمّ والعُمي والعُرج قبل موعد المناظرة وأخفوهم هناك، ولما حضر المسيح الموعود – عليه السلام – قدّموهم إليه فجأة وقالوا: إن هذا النزاع لن يُحسَم بالنقاشات؛ إنك تدعي بأنك مثيل للمسيح الناصري، وكان المسيح يهب البصر للعُمي والسمع للصُمّ وقوة المشي للعُرج؛ وقد أحضرنا كل هؤلاء لكي لا تتعب في البحث عنهم، فإذا كنت مثيلاً للمسيح الناصري حقًّا فاشفِ هؤلاء القوم؟
يقول حضرة الخليفة الأول – رضي الله عنه – لما سمعنا كلام القسيسين وجلت قلوبنا وخارت قوانا. كنا نعلم أنه كلام فارغ، ولكن خشينا شماتة الأعداء واستهزاءهم. فلما نظرنا إلى المسيح الموعود – عليه السلام – لم نجد على وجهه أي آثار للقلق أو الضيق
بل لما فرغ القسيسون من كلامهم قال لهم بكل هدوء:
إن المسيح الذي أدّعي بأني مثيل له لم يكن، بحسب تعليم الإسلام، يشفي العمي والصم والعرج الماديين، وإنما أنتم الذين تعتقدون بأن المسيح كان يشفي العمي والصم والعرج الماديين؛ وقد ورد في كتابكم أيضًا أنه لو كان فيكم إيمانٌ مثلُ حبّةِ خردلٍ لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقِلْ من هنا إلى هناك فينتقل، وتضعون أيديكم على المرضى فيبرَؤون (متى 17: 20 ولوقا 17: 6 ومرقس 16: 18)؛ فلا يحق لكم أن تطالبوني بهذا، لأني لا أستطيع أن أُري أية معجزات إلا كالتي أراها سيدي محمد المصطفى – صلى الله عليه وسلم -، ولو طالبتموني بها فإني مستعد لأريكم إياها.أما المعجزات التي تقولون أن المسيح قد أراها فإن كتابكم يعلن أن كل مسيحي فيه حبة خردل من الإيمان قادرٌ على أن يُريها؛ وقد أحسنتم صنعًا إذ وفّرتم علينا تعب البحث عن العُمي والصم والعرج، فاشفوهم إن كان فيكم مثقال حبة خردل من الإيمان.
التفسير الكبير للمصلح الموعود رضی اللہ عنه ، المجلد السابع، ص 110