هل كان المسيح الموعود عليه السلام يؤمن بتناسخ الأرواح؟
يرد حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بنفسه على هذه الفرية كما يلي:
إنني وإن كنت قد شرحتُ في كتبي الكثيرة أنني لا أقصد من دعواي “بأني عيسى المسيح ومحمد المهدي” بأنني أصبحتُ عيسى عَلَيهِ السَلام في الحقيقة أو أنني أنا محمد المصطفى ﷺ في الحقيقة. مع ذلك من المحتمل أن يساور الشكّ أولئك الذين لم يقرأوا كتبي قراءة متأنية ولم يمعنوا فيها، بأني قد ادعيت ذلك على شاكلة التناسخ، وأدّعي أن روحَي هذين النبيين الجليلين قد حلّتا فيَّ في واقع الأمر، غير أن الحقيقة غير ذلك تماما .. وباختصار؛ هناك إجحافٌ شنيع يجري في أمتنا الإسلامية فيما يتعلق بحقوق المخلوق، فإذا كانوا يبيحون هذا الظلم تجاه المَلِك المحسن، فماذا يُتوقع منهم في حق الآخرين؟ فقد نظر الله ﷻ إلى هذا الظلم من السماء، فأرسل لإصلاحه شخصا على شاكلة عيسى المسيح عَلَيهِ السَلام وصفاتِه و سمّاه مسيحا كما نقول مجازا لصورة الإنسان المنعكسة في الماء أو المرآة بأنه هو هو، لأن التعليم الذي نركز عليه.. أي أحِبُّوا أعداءكم وأحسِنوا إلى خلق الله عموما، هو الذي كان يركز عليه نبي جليل من الأنبياء السابقين، وهو الذي يسمى عيسى المسيح. أما في هذا الزمن فقد آلت حالة بعض المسلمين إلى أنهم بدلا من أنْ يحبوا أعداءهم، فإنهم يقتلون بغير حق – محتجين بعذر ديني مخجل – أناسا لم يسيئوا إليهم قط، بل قد أحسنوا إليهم. فكان من الضروري أن يظهر لإصلاح هؤلاء رجلٌ يتلقى الإلهام من الله تعالى ويتمتع بصفات المسيح عَلَيهِ السَلام ويأتي برسالة الصلح والسلام. ألم يكن الزمن الراهن بحاجة إلى رجل يظهر مثيلا للمسيح؟ بل كانت الحاجة ماسَّة ، بحيث أصبح قتل الشعوب الأخرى بعذر الجهاد دأب عشرات الملايين من المسلمين على الكرة الأرضية، بل إن البعض لا يقدرون على أن يحبوا الحكومة المحسنة بإخلاص، مع أنهم يتمتعون بالعيش الآمن في ظلها، ولا يوصلون المواساة الحقيقية إلى الكمال، ولا يتخلون عن النفاق والمداهنة تماما، فكانت الحاجة ماسة إلى مظهر المسيح، فأنا ذلك المظهر الذي بُعث بروحانية المسيح وعلى شاكلته وبصفاته … فكما سمّاني الله ﷻ في هذا العصر “مسيحا” للقضاء على غصب حقوق العباد، وأرسلني مظهرا لعيسى المسيح عَلَيهِ السَلام في خصاله وصفاته وأخلاقه وأوضاعه، كذلك سمّاني مُّحَمَّداً وأحمدَ أيضا للقضاء على غصب حقوق الخالق، وجعلني مظهرا لسيدنا محمد ﷺ لنشْر التوحيد، ومَنَّ عليَّ بجميع خصال النبي ﷺ وصفاته وأخلاقه وأوضاعه، وألبسني الخلعة المحمدية. فنظرا لهذه المعاني؛ أنا عيسى المسيح، ومحمد المهدي أيضا، فالمسيح لقبٌ مُنح لعيسى عَلَيهِ السَلام ومعناه: الذي يمسح الله ويمسَّه، ويفوز بحظ من الإنعام الإلهي، وخليفة الله، والمتحلي بالصدق والصلاح. أما المهدي، فلقبٌ أُعطيَه محمد المصطفى ﷺ، ومعناه: الحائز على الهدى بفطرته، ووارثُ الهدى كله، والمظهر التام للاسم الهادي. فقد جعلني الله بفضل منه ورحمة جامعاً لهذين اللقبين، وجمع في شخصي هذين اللقبَلين في هذا الزمن؛ فأنا بهذه المعاني “عيسى المسيح، ومحمد المهدي” أيضا. وهذا الأسلوب للظهور يسمّى في المصطلح الإسلامي “بروزا” . فقد أُعطيتُ بروزينِ ، أي بروز عيسى وبروز محمد ﷺ..
من كتاب الحكومة الانكليزية والجهاد، ص 33-40