المعترض:

أيها المهووسون المهلوسون الأحمديون أهل الكذب والانحطاط، أين تذهبون مني ؟ سوف أدينكم اليوم من فم الميرزا نفسه. اقرأوا ماذا يقول:

“أليس غريبًا أن تُدعى هذه الأناجيل “كُتُبَ الله” مع أنها تتضمن مبالغات خرافية مثل قولهم: قد أتى المسيحُ بأعمال لو سُجِّلت كلها في الكتب لما وسعتها الأرضُ. فهل هذه المبالغة من الصدق والأمانة في شيء؟!” (كتاب المسيح في الهند).

وبعد أربعة أعوام من ذلك كتب الميرزا أنه ” ظهرت على يده أكثر من مليون آية إلى الآن، ولا تزال تظهر”. (كتاب تذكرة الشهادتين)

فهل يحقّ لنا القول: أليس غريبًا أيها الميرزا أن تدعي أنّك نبيّ مع أنّ أقوالك تتضمن مبالغات خرافية؟ فهل هذه المبالغة من الصدق والأمانة في شيء؟

ويقول في عام 1907: ” وقد أظهر لتصديقي آيات عظيمة يبلغ عددها ثلاثمائة ألف، وقد كتبتُ بعضها نموذجا في هذا الكتاب” (كتاب حقيقة الوحي). فالآيات العظيمة 300 ألف، وغير العظيمة 700 ألف، عدا عما ظهر بين عامي 1903 و1907 من آيات!!! فهل هذا من الصدق في شيء؟ إذا ظهرت مليون آية على صدق الميرزا بين عامي 1875 و1903.. أي خلال 28 سنة، فهذا يعني أنه كان يتلقى يوميا مائة آية مختلفة! ما هو ردكم أيها المهووسون ؟

الرد:

النص الأول يتحدث عن أعمال قام بها المسيح عَلَيهِ السَلام بنفسه وقد بالغَ الكتبةُ بعددها حتى قالوا أن الأرض كلها لن تسع كتابتها أي لن تسع الأرض بما رحبت ذِكْر معجزات المسيح التي قام المسيح بها بنفسه وليس المعجزات المتفرعة المنبثقة عنها، وهذا بالفعل غير معقول فالأرض بالتأكيد تسع لكتابة أعمال شخص مهما كان عددها. أما النص الثاني فهو مبتور كالعادة من سياقه حيث يتحدث المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام مدافعاً عن معجزات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم التي تجلَّت بجمالها على يدي المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام فهي لا تعد ولا تحصى والسياق ومنطوق كلام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام ككل هو الذي يحدد ذلك، وسنأتي ببعض المقتبسات من كلامه عَلَيهِ السَلام حيث يقول حضرته:

ومن دلائل نبوته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أنه جاء في وقت الضرورة، وما رحل من هذه الدنيا إلا بعد تكميل أمر الملّة. وأما معجزاته الأخرى.. فوالله إنها لا تُعدّ ولا تُحصى، والكتب من بعضها مملوءة وهي متظاهرة، وإنها في القوم مشهورة متواترة.” (نجم الهدى، ص 17)

ويقول عَلَيهِ السَلام:

وكل ما يظهر من آيات تأييدي إنما هو معجزات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في الحقيقة.” (الملفوظات ج 1 ص 414)

أما موضوع معجزات المسيح عَلَيهِ السَلام فهذا الاعتراض قديم وكان يحاول المشايخ والنصارى معاً إثارته واتهام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بالاستهزاء من معجزات المسيح عَلَيهِ السَلام والعياذ بالله، وقد رد المسيح الموعود بنفسه عَلَيهِ السَلام على هذا الاعتراض فقال حضرته:

ومن اعتراضاتهم أنهم قالوا: إن هذا الرجل يحقّر معجزاتِ المسيح ويستهزئ بها ويقول إنها ليست بشيء، ولو أردتُ لأُرِيَ مثلَها بل أكبر منها، ولكني أكره ولا أتوجّه إليها كالشائقين. أما الجواب فاعلم أن المعجزة ليست من فعل العباد، بل من أفعال الله تعالى؛ فما كان لرجل أن يقول أني أفعل كذا وكذا باختياري وإرادتي. وما يفعل إنسان باختياره وإرادته وتدبيره فهو فعلٌ من أفعال الإنسان، ولا نسمّيه معجزة، بل هو مكيدة أو سحر. فافْهَمْ يا أخي.. زادك الله رشدا.. أني ما قلت كما فهِم المستعجلون، بل قلتُ متكلما بزيِّ رجلٍ محمدي نظرًا على فضلٍ كان على سيدنا محمد المصطفى خاتم النبيين. وما ضحكتُ على المسيح وما استهزأت بمعجزاته، بل كان مرادي من كلماتي كلها أنّا أُوتينا دينًا كاملا ونبيا كاملا، ولا شك أنّا نحن خير أُمّة أُخرجتْ للناس. فكم من كمال يوجد في الأنبياء بالأصالة، ويحصُل لنا أفضلُ منه وأولى منه بالطريق الظلّي، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء. ألا ترى قول رسول الله ﷺ: إن في الجنة مكانا لا يناله إلا رجل واحد، وأرجو أن أكون أنا هو، فبكى رجل من سماع هذا الكلام وقال: يا رسول الله ﷺ، لا أصبر على فراقك، ولا أستطيع أن تكون في مكان وأنا في مكان بعيد عنك محجوبا عن رؤية وجهك، فقال له رسول الله ﷺ: أنت تكون معي وفي مكاني. فانظرْ كيف فضّله على الأنبياء الذين لا يجدون ذلك المكان.” (حمامة البشرى، ص 162-163)

وأمّا كراهتنا من بعض معجزات المسيح فأمرٌ حق، وكيف لا نكرَه أمورا لا توجد حِلّتَها في شريعتنا؟ فمثلا.. قد كُتب في إنجيل يوحنا، الإصحاح الثاني أن عيسى دُعي مع أُمّه إلى العُرس، وبعد أن نفدت الخمر، جعَل الماء خمرا من آنية ليشرب الناس منها. فانظر.. كيف لا نكره مثل هذه الآيات؟ فإنّا لا نشرب الخمر، ولا نحسبه شيئا طيبا، فكيف نرضى بمثل هذه الآية؟ وكم من أمور كانت من سنن الأنبياء، ولكنا نكرَهها ولا نرضى بها، فإن آدم.. صفيّ الله.. كان يُزوِّج بنته ابنه، ونحن لا نحسب هذا العمل حسنا طيبا في زماننا، بل كنا كارهين.” (حمامة البشرى، ص 163-164)

فالنص الأول نفى فيه المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أن تكون معجزات المسيح عَلَيهِ السَلام لا تحصى وبالفعل فالأرض لن تضيق لذكر معجزات المسيح عَلَيهِ السَلام مهما كبر عددها وهي معجزات مرتبطة ببني إسرائيل فقط وليس العالم أجمع لأن المسيح الإسرائيلي عَلَيهِ السَلام كان كما يقول القرآن الكريم [رَسُولًا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيل] فقط وليس كالنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الذي قال تعالى عنه [وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ]. أما النص الثاني فهو يذكر معجزات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم التي ظهرت في زمنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم والتي ظهرت وتظهر على يد المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وكل المعجزات التي تتفرع عنها بما لا يحصى عدده، فوعْد الله تعالى مثلاً بنشر رسالة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام إلى أقصى الأرض لا زال يتحقق إلى الآن رغم مرور ما يزيد على قرن من وفاته عَلَيهِ السَلام بوصول المساجد والجماعة إلى الجزر النائية في المحيط الهندي والأطلسي والقطب المتجمد وغيره وليس مجرد جري بعض الأشخاص لسماع ما يقوله شخص ما هنا وهناك، فهذا من السذاجة ولا يمكن مقارنته ببناء المساجد والجماعات في أقصى الجزر وأكثرها بُعداً في المحيطات بعد الوحي الذي تلقاه المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام “سأبلّغُ دعوتك إلى أقصى الأرض“. وما الأعداد التي ذكرها المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام إلا مجرد مثال مما أمكن له إحصائه من هذه المعجزات العظمى التي تتجدد بفضل الله تعالى يوماً بعد يوم.

وبهذا يتضح أن المعترض لا يخرج عن أمرين؛ أما أن يكون جاهلاً بالسياق والمنطوق الكلي لكلام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام فيعترض بجهل، أو أن يكون على علم بسياق ومنطوق كلام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام الكلي ولكنه يدلس في نقله ويكذب على القرّاء ولا يكترث بمعجزات النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وتجليها وبأنها أكثر بما لا مقارنة فيه من معجزات المسيح عَلَيهِ السَلام نبي بني إسرائيل التي مهما كثرت فهي لا تقارن كمّاً وقيمةً بمعجزات سيدنا مُحَمَّد المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وخادمه المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام. وأحلى الأمْرين مُر.

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

About الأستاذ فراس علي عبد الواحد

View all posts by الأستاذ فراس علي عبد الواحد