الاعتراض: النفاق لمن لم يشترك في نظام الوصية

يعترض المعترضون على قول المصلح الموعود رضي الله عنه، التالي:

لقد قال المسيح الموعود – عليه السلام – من لا يشترك في نظام الوصية ففيه نفاق” منهاج الطالبين (1/ 23). ويقولون أنه وفق هذا القول يتضح أن نصف الأحمديين منافقون.

الردّ:

نعم، لقد ورد هذ القول للمصلح الموعود رضي الله عنه في كتاب منهاج  الطالبين، حيث جاء: “لقد قال المسيح الموعود – عليه السلام – من لا يشترك في نظام الوصية ففيه نفاق” منهاج الطالبين (1/ 23). وقد أشير في نفس المصدر أن هذا الاستنتاج للمصلح الموعود رضي الله عنه مبني على قول المسيح الموعود عليه السلام المذكور في كتاب الوصية، حيث قال حضرته:

وقد يعترض علينا في ذلك مَن غلب عليه سوء الظن فيعتبر هذا النظام ( الوصية) مبنيا على المصالح الشخصية، أو يحسبه بدعة. ولكن اعلموا أن الله تعالى يفعل ما يشاء في شؤونه وأفعاله. ولا ريب أن الله أراد أن يميز المنافقين من المؤمنين بهذا النظام. وإننا لندرك أن الذين يطّلعون على هذا النظام الإلهي، ويسارعون بدون تردد إلى تقديم عُشر أملاكهم في سبيل الله، بل ويُبدون حماسًا أكبر من هذا، إنما يُبرهنون على صدق إيمانهم. يقول الله – عز وجل -: {الم، أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ} …. لقد قدر الله تعالى في عصر رسول الله – صلى الله عليه وسلم – بعض الابتلاءات البسيطة أيضًا .. فقد سنّ- مثلا- ألاّ يستشير أحدٌ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، مهما كان نوع استشارته، ما لم يقدم له هديةً، فكان في ذلك أيضًا ابتلاء للمنافقين. وإننا لَنشعر أن أعظم المخلصين الذين آثروا الدين على الدنيا حقيقةً سيتميَّزون عن الآخرين نتيجةً لهذا الابتلاء، ليكون ذلك دليلا على أنهم صَدَقوا ما بايعوا عليه وبرهنوا على إخلاصهم. لا شك أن هذا النظام سيكون ثقيلا على المنافقين، وسيُفتضح به أمرُهم.” (الوصية، الخزائن الروحانية ج 20 ص 327 – 328).

فكما قلنا للمعارضين مرارا وتكرارا إن كل اتهاماتهم الموجهة ضدّ المسيح الموعود عليه السلام والجماعة الأحمدية، هي في الحقيقة اعتراضات وتعريض بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالإسلام نفسه، فهكذا أيضا هذا الاعتراض.

فقول المسيح الموعود عليه السلام  أو المصلح الموعود رضي الله عنه،بأن الأحمدي الذي لا يتبرّع الوصية فيه نفاق أو منافق، مشابه للحديث الشريف : {عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَرْبَعَةٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا أَوْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ الْأَرْبَعِ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْ النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ} (سنن النسائي, كتاب الإيمان وشرائعه)

فإن قال المعارضون بأنه بناء على أقوال المسيح الموعود والمصلح الموعود يتضح  “أن نِصْف الأحمديين منافقون”، فعلى نفس النهج يترتب على كلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، أن 80% من المسلمين منافقون، لأن هذا حالهم اليوم إذ تجتمع فيهم هذه الصفات المذكورة في الحديث الشريف من الكذب ونكث الوعود والغدر والفجور بالخصومة، بل يجتمع فيهم ما هو أسوأ منها أيضا ولا ينفكون عنها.

فهل يقبل  المعارضون هذا التفسير للحديث؟ وهل يقبلون أن 80% من المسلمين منافقون ؟ فإن قالوا : نعم، فهل يدل ذلك على بطلان الإسلام، سيجيبون :لا. فأقول:  إذًا كون 50% من الأحمديين منافقين (إن كانوا كذلك) لا يجعل الأحمدية باطلة.

وما رأيكم في قول الرسول صلى الله عليه وسلم :”من ترك الصلاة عامدا متعمدا فقد كفر“. ألا يترتب على هذا بأن 95% من المسلمين كفار لتركهم الصلاة اليوم.

فعلى الجميع أن يعرف أن الجهاد في هذا الوقت هو جهاد بالمال، وهو موازٍ للجهاد بالنفس زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، فكما أن المتخلفين عن القتال في ذلك الوقت يُعتبرون من المنافقين، فهكذا الأمر للمتخلفين عن الجهاد المالي في هذا الزمن، فلا بدّ  أن يتنبهوا إلى أن هذا خصلة من النفاق الذي يتوجب عليهم تداركه.

  وكما أن الطبيب وظيفته أن يشخّص مرض المريض ويُعلِمه به، فهكذا المصلح الأخلاقي، وظيفته تشخيص المرض الروحاني وإعلام المريض به لمصلحته. أما العقاب والثواب فعلى الله تعالى..

ثم لا بدّ من التنويه، أن هذه الأقوال كلّها، أقوال النبي صلى الله عليه وسلم، وأقوال المسيح الموعود عليه السلام، كلها تأتي في سياق الحثّ على الجهاد واتّباع أوامر الله، ولا جزم في كل هذا، فالقرار النهائي بيدِ الله عز وجل، ليحكم على كل إنسان وفق طاقته ومقدرته ومستوى عقله وتفكيره.

 أما النبي والخليفة فوظيفتهم الحثّ بالترغيب وكذا الترهيب، على نهج القرآن الكريم . وهذا الأمر مشابه لقول المسيح الموعود عليه السلام حيث قال ما معناه : “إن الذي لا يقرأ كتبي ثلاثة مرات أشك في إيمانه “، كل هذا لحثّ الأحمديين على قراءة كتبه ليثبت الإيمان في قلوبهم، وهو ليس حكما قطعيا بنفاق الأحمديين أو قلة إيمانهم، فهذه علمها عند الله تعالى ..