الشبهة

شبهة والعاديات ضبحا

الرد

لقد ورد الضبح في اللغة للتعبير عن صوت الخيل والإبل عند الإغارة على العدو في ساحات الجهاد ويقصد به سرعة واندفاع ورغبة الفارس في لقاء عدوه غير آبه بالعواقب. فالتعبير يقصد الفرسان لا الخيل نفسها فالخيل لا تتجه للقتال مسرعة لوحدها وإن ذكرت الخيل دون فارسها وهو تعبير شائع فيقال في لسان العرب “يا خيل الله اركبي” ويقصد بذلك الفرسان لا الفرس.

يذكر القس “ويري” في تفسيره أن هذه السورة نزلت في مكة وهو توثيق مهم للاستدلال حيث إن الخيل لم تكن كثيرة في مكة وكان العرب يستخدمون الإبل عوضا عنها في تنقلهم وحروبهم، ولكننا نجد المسلمين استخدموا الخيل لأول مرة في وقت لاحق في المدينة ومن بعدها في مواجهات العدو، فكيف يصح اطلاق لفظ العاديات المسرعة في القتال أي الخيل في مكة مع أن ذلك لم يحصل تاريخيا كما أثبتنا؟

إذاً ففي الأمر معجزة عظيمة للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم تتحدث حول نبوءة عن خيل تجري مسرعة حتى يسمع صوتها من شدة الجري نحو العدو مما يثبت أن النبأ كان حقاً من الله تعالى أخبره نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في سورة مكية عن الجهاد على ظهور الخيل والذي تحقق فيما بعد في المدينة ثم باقي معارك المسلمين ضد المعتدين وسَجَّلَهُ التاريخ.

أما اعتراض الخصم على تعبير الضبح والعاديات فجوابه أن التعبير لم يقل “والخيل العاديات ضبحا” بل “والعاديات ضبحا” وما دام لفظ العاديات يشمل الخيل والإبل وغيرها مما تصدر صوتا يدل على السرعة والإقدام عند النزال فما الداعي لحصره في الخيل دون غيرها أو الإبل دون غيرها؟

صحيح أن العاديات تشير بقوة إلى الخيل وهو ما حدث ولا تجد تعبير العاديات إلا مقترناً بالخيل وحدها وقد تحققت نبوءة ذلك بقوة في المدينة كما أثبتنا، ولكن ما دام أن اللفظ من ناحية اللغة لا يمنع انطباقه على الإبل وغيرها خصوصا وقد بيّن الله ﷻ ذلك بقوله [وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ] (سورة النحل) أي أن الله تعالى يخلق مراكب أخرى لا تعلمون الآن ماهيتها وحقيقتها. فالإبل العادية وغيرها مما لا نعلم ولم يكن العرب خصوصاْ يومها يعلمون هي إشارةٌ إلى مركوب جديد يخترع في آخر الزمان ويسهل السفر ويكون سريع السير وله صوت جهوري يسمع به ما بين الخافقين كما تدل الأحاديث الكثيرة ولسرعة سيره وسهولة السفر به لا يلتفت الناس إلى مراكب أخرى حتى أن الجمال والخيل التي كانت تقطع معظم الطرق في أيام خالية أصبح لا يعتد بها، وإليه أشار الله سبحانه وتعالى بقوله [وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ] (سورة التكوير).. وفي الحديث: “ليُترَكُنَّ القِلاصُ فلا يُسعَى عليها” (صحيح مسلم، باب نزول عيسى ابن مريم”). وقال صاحب المرقاة عنه: “والمعنى أنه يترك العمل عليها استغناء عنها لكثرة غيرها” (الجزء الخامس ص221).

وقد استغنى الناس في هذه الأيام عن العِشار والقِلاص لوجود البواخر والسيارات والقطارات والطائرات التي تجري بسرعة ليلا ونهارًا وتنادي الركاب بصوت جهوري وهي لا تتعب ولا تكلّ، والدخان يصاحبها، وفي موضع آخر قد ورد في أمر ذلك المركب المعهود “توشك أن تخرج نار مِن حبسِ سيلٍ تسير سيرَ بطيئةِ الإبلِ” (كنـز العمال، الجزء السابع صفحة205). وهذا متحقق في القطار والبواخر وغير ذلك من المراكب الحديثة، وأما خوضه في البحر إلى كعبيه الذي تنص عَلَيْهِ الأحاديث فلا يخفى على الذي رأى البواخر سابحات في البحار. ولا زال القرآن العظيم يقول بأننا نجهل ما سيهيئه الله تعالى في المستقبل من بديل للخيل والبغال والحمير التي تترك في زمن خروج الدجال ونزول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام.

يمكن مراجعة التفسير الكبير على موقع الجماعة الإسلامية الأحمدية سورة العاديات وكذلك كتب المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وخلفاءه الكرام رضوان الله عليهم أجمعين حول الدجال وتحقق نبوءات النبي الأكرم محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وقد صدق رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

About الأستاذ فراس علي عبد الواحد

View all posts by الأستاذ فراس علي عبد الواحد