المظاهر الإعجازية في لغة المسيح الموعود عليه السلام العربية ..275
نكتة العجمة في الخلط بين حروف الجر ..3
الاعتراض :
يدّعي المعترض خطأ المسيح الموعود عليه السلام، في الفقرات المذكورة أدناه. وموضع الخطأ وفق زعمه، هو في الخلط بين حروف الجر واستعمال حروف جرّ خاطئة. نعرض لكم هذه الفقرات مع تصحيحاته المزعومة:
1: “وأرفعك من قدرتي“. (التذكرة). الصحيح: (أرفعك بقدرتي).
2: “لا تستعن من غيري“. (التذكرة). الصحيح: (لا تستعن بغيري) .
3: ويحمدك الله عن عرشه.” (التذكرة ). الصحيح: من عرشه؛ أو على عرشه بمعنى وهو على عرشه
4: ولا يرضى بعباده أن يسبّوا المؤمنين المسلمين. (سر الخلافة ). الصحيح: لعباده
5: إنهم يتركون القرآن وبيّناته، بل قلوبهم في غمرة من هذا ويقولون بإخوانهم إنّا نتبع أخبار رسول الله – صلى الله عليه وسلم -(حمامة البشرى ). الصحيح: يقولون لإخوانهم.
6: وكانت الأرض أمحلتْ وخلَتْ راحتُها مِن بخل المُزْنة. (إعجاز المسيح). الصحيح: “لبخل المزنة”؛ فاللام تعليلية أما “مِن” فلا تستعمل للتعليل.
7: فإذا كان الدجال محيطًا على الأرض كلها، فأنى يكون من الصليب وملوكه أثر معه .. ألا تعقلون؟ (التبليغ). الصحيح: محيطا بالأرض، وليس عليها.
ووفق زعم المعترض، فإن مردّ هذه الأخطاء يعود للعجمة وتاثير اللغة الأردية على المسيح الموعود عليه السلام، وقلة علمه وباعه عليه السلام في اللغة العربية والعياذ بالله.
الرد:
كنّا في مقال سابق قد بيّنا وجه صحة هذه التعابير وأمثالها الواردة في لغة المسيح الموعود عليه السلام، وقلنا إنها تتوجه على إنابة حروف الجر مناب بعضها بعضا، إما بمعانيها الحقيقية وفق المدرسة الكوفية، وإما على التضمين والمجاز وفق المدرسة البصرية. (يُنظر مظاهر الإعجاز 28 و274 على الرابط التالي: https://wp.me/pcWhoQ-3wm والرابط: https://wp.me/pcWhoQ-5qh ). ولنا في هذا المقال أن نضيف بعض الشواهد على كل ما ذكرناه في المقال الأول المتعلق بهذه التعابير، لنؤكد توجيهاتنا السابقة على النحو التالي:
1: “وأرفعك من قدرتي”. (التذكرة)
2: “لا تستعن من غيري”. (التذكرة)
الاعتراض: الصحيح- (أرفعك بقدرتي). و (لا تستعن بغيري) .
تـأكيدا لما نقلناه من الجنى الداني في المقال الأول، أن (مِن) تأتي بمعنى موافقة (الباء)، جاء في معجم الصواب:
“أجاز اللغويون نيابة حروف الجر بعضها عن بعض، كما أجازوا تضمين فعل معنى فعل آخر فيتعدى تعديته، وفي المصباح (طرح): «الفعل إذا تضمَّن معنى فعل جاز أن يعمل عمله». وقد أقرَّ مجمع اللغة المصري هذا وذاك. ومجيء «من» محل «الباء» كثير في الاستعمال الفصيح، كما في قوله تعالى: {يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} الرعد/11. أي، بأمر الله، وقوله تعالى: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا} نوح/25، وقول الشاعر:
يموت الفتى من عثرة بلسانه وليس يموت المرء من عثرة الرِّجل
واشتراك الحرفين في بعض المعاني، كالتبعيض والاستعانة والتعليل يمكن معه اعتبارهما مترادفين. ويؤكد صحة النيابة [ص:95] هنا وقوعها في بعض الأفعال في المعاجم القديمة… “[معجم الصواب اللغوي (1/ 94)]
إذًا، فالحرفان مشتركان في معنى الاستعانة، وهو المعنى المقصود هنا. فلا خطأ في تناوبهما.
3: ويحمدك الله عن عرشه.” (التذكرة )
الاعتراض: الصحيح- من عرشه؛ أو على عرشه بمعنى وهو على عرشه
إضافة إلى ما نقلناه من الجنى الداني بأن (عن) تشارك (على) في معنى الاستعلاء، ولذا فيجوز أن تنوب (عن) مناب (على). جاء دعما لهذا في معجم الصواب ما يلي:
“وحلول «عن» محل «على» كثير في لغة العرب، ومنه قوله تعالى: {فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ} محمد/38.” [معجم الصواب اللغوي (1/ 814)]
4: ولا يرضى بعباده أن يسبّوا المؤمنين المسلمين. (سر الخلافة )
الاعتراض: الصحيح – لعباده .
قلنا في المقال الأول إن الفعل (يرضى) ممكن أن يتعدى بأحرف مختلفة مثل: “الباء” و” على” و” من” و”عن”؛ فنقول رضي به وعليه ومنه وعنه. ومما يؤكد تعدّيه بالباء ما يلي:
“و رَضِيَ عنه، و عليه يَرْضَى رِضاً ورِضْواناً، ويُضَمَّانِ، ومَرْضاةً ضِدُّ سَخِطَ، فهو راضٍ من رُضاةٍ، ورَضيٌّ من أرْضِياءَ ورُضاةٍ، ورَضٍ من رَضِينَ. وأرْضاهُ أعْطاهُ ما يُرْضيهِ. واسْتَرْضاهُ وتَرَضَّاهُ طَلَبَ رِضاهُ، ورَضِيتُهُ، و به، فهو مَرْضُيٌّ ومَرْضِيٌّ، وارْتَضاهُ لِصُحْبَتِهِ وخِدْمَتِهِ. وتَراضَياهُ وَقَعَ به التَّراضِي. واسْتَرْضاهُ طَلَبَ إليه أن يُرْضِيَهُ. [القاموس المحيط (3/ 425، بترقيم الشاملة آليا)]
وبإثباتنا أن الفعل متعد بالباء، نكون قد نسفنا الاعتراض من أساسه.
ومما يؤكد إمكانية التناوب بين (الباء) و(على)، على اعتبار أن أصل الكلام (لا يرضى على عباده أن يسبوا..) ما يلي:
“الصواب والرتبة: -أفْطَرَ على التمر [فصيحة]-أفْطَرَ بالتمر [صحيحة]
التعليق: أجاز اللغويون نيابة حروف الجر بعضها عن بعض، كما أجازوا تضمين فعل معنى فعل آخر فيتعدى تعديته، وفي المصباح (طرح): «الفعل إذا تضمَّن معنى فعل جاز أن يعمل عمله». وقد أقرَّ مجمع اللغة المصري هذا وذاك، ومجيء الباء بدلاً من «على» كثير في الاستعمال الفصيح، ومنه قول الشاعر:
وبسنة الله الرضيّة تفطر
أي على سنة، وقد جاءت بعض الأفعال متعدية بـ «الباء»، و «على» في المعاجم،..” [معجم الصواب اللغوي (1/ 61)].
ومن كل هذا، يثبت أنه لا خطأ في القول يرضى بعباده، ولا خلط فيها ولا عجمة.
5: إنهم يتركون القرآن وبيّناته، بل قلوبهم في غمرة من هذا ويقولون بإخوانهم إنّا نتبع أخبار رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وليسوا بمتّبعين…” (حمامة البشرى )
الاعتراض: الصحيح- يقولون لإخوانهم.
تأكيدا على ما ذهبنا إليه في المقال الأول، بأن (الباء) هنا جاءت بمعنى (مع) وتفيد المصاحبة، وأنها تعني الظرفية بمعنى (في)، جاء في معجم الصواب ما يلي:
“ومجيء «الباء» بدلاً من «في» كثير في الاستعمال الفصيح، ومنه قوله تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ} آل عمران/123، وقوله تعالى: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ} آل عمران/96، وتجري الباء مجرى «في» في دلالتها على الظرفية كما ذكر الهمع وغيره؛ “[معجم الصواب اللغوي (1/ 761)]
فتثبت صحة التعبير من هذا ولا خطأ فيه.
6: وكانت الأرض أمحلتْ وخلَتْ راحتُها مِن بخل المُزْنة. (إعجاز المسيح)
الاعتراض: الصحيح- “لبخل المزنة”؛ فاللام تعليلية أما “مِن” فلا تستعمل للتعليل.
(يُنظر المقال الأول).
7: فإذا كان الدجال محيطًا على الأرض كلها، فأنى يكون من الصليب وملوكه أثر معه .. ألا تعقلون؟ (التبليغ)
الاعتراض: الصحيح- محيطا بالأرض، وليس عليها.
يُنظر المقال الأول، وكذا المقال الخاص بالفعل (أحاط) مظاهر الإعجاز 270 على الرابط التالي: https://wp.me/pcWhoQ-5q3 .