إننا نؤمن أن الله تعالى يكشف على عباده حقائق قد مضت من الزمن، كما يوحي جل جلاله أمورا مستقبلية ستتحقق في المستقبل، وبذلك يتجلى الله تعالى لعباده بصفته علام الغيوب.
سبق أن رأينا أن بعض الأنباء قد لا تُفهم في وقت نزولها نظرا إلى أن العقل البشري في حالة دائمة من التطور، ولكن الإنسان يعلمها في زمن تحققها، أما الله فهو يعلم ما خفي وما ظهر وإن لم يفهمه البشر.
حين نزل القرآن الكريم وتكلم عن مرج البحرَين وجمع الوحوش وغيرها من الأنباء، كان من البديهي أن يتساءل الناس: كيف ستتحقق هذه الأمور؟! مع أنهم رأوها مستحيلة في بادئ الأمر، وفوق القدرات البشرية ولكن لم يخطر ببالهم أن يشطبوا هذه الكلمات من القرآن الكريم، بل تركوها كما هي مؤمنين أن كلمات الله تعالى ستتحقق في يوم من الأيام ولو كانت فوق إدراك العقول، كذلك كان أمر الدجال وحماره حين سمعوه في الأحاديث لم يشطبوه بحجة أن عقلهم لا يفهم هذه الأمور. وهكذا الحال عند الجماعة الإسلامية الأحمدية، فهي تؤدي حق الأمانة وإن لم يُفهم أمر من كلام المسيح الموعود عليه السلام، مثلا يوجد في وحي المسيح الموعود عليه السلام وحيا عن الأرقام مع مفتاحها ولا ندرك حقيقة هذا الوحي مع ذلك أبقيناه في مجموعة إلهاماته. كما أن الجماعة تأخذ الحذر والحيطة ألا يدخل شيء في كلام المسيح الموعود عليه السلام لم يقله بنفسه، وإذا وُجد كلَاما نُسب إلى حضرته ولم يعثر له على مصدر ثابت فيُرد، بل ولو وُجد كلام معارض لما قاله حضرته عليه السلام في كتبه فلا نقبل ذلك الكلام وإن كان قد أُدخل في كتب أحد علماء الجماعة خطأً، ونصحح ذلك الخطأ بدلا من أن نبقيه كما هو. وهذا هو حال الكلام المنسوب إلى المسيح الموعود عليه السلام: “كل من بلغته دعوتي ولم يؤمن بي فليس بمسلم وهو مؤاخذ عند الله تعالى.”
فالحق هو أن هذا الكلام قد نشره عبد الحكيم البتالوي، الذي ارتد عن الجماعة، في كتابه “الذكر الحكيم رقم 4” ونسبه إلى المسيح الموعود عليه السلام. ثم أدرجه أحد الأحمديين خطأً في مقالة منشورة في جريدة الفضل 15 كانون الثاني 1935 بعد سنين طويلة من وفاة المسيح الموعود عليه السلام. ومن هناك قام أحد مرتبي كتاب التذكرة بإدخال هذا النص إليه.
وبعد تدارك الأمر طلب أمير المؤمنين نصره الله أن يحذف هذا النص من التذكرة للأسباب الجلية وهي:
١. لم يعثر على هذا الكلام من كتب المسيح الموعود عليه السلام المحررة.
٢.ذكر النص فقط في كتب أحد الأشخاص المعارضين المرتدين عن الجماعة ولا مصداقية لكلامه حتى نأخذ به.
٣.لا نجد أثرا مشابها قد كتبه المسيح الموعود عليه السلام؛ بل النص المذكور يخالف سائر ما كتبه عليه السلام.
٤.لم نجد هذا الكلام منشورا في أدبيات الجماعة من قِبَلِ أبنائها نُسب فيها إلى المسيح الموعود عليه السلام.
فتقتضي الأمانة هنا أن لا يُدخل هذا النص في كلام المسيح الموعود عليه السلام، وإن كان قد أدرج سابقا خطأ فالأمانة العلمية تقتضي أن يحذف الآن. وهذا ما قامت به الجماعة بالضبط إذ أزيل النص من الطبعات التالية.
وندعو الله تعالى أن يوفقنا جميعا لأداء حق الأمانة الموكلة إلينا.