المعترض:
يقول الميرزا غلام أحمد: ” كلّ من بلغتْه دعوتي ولم يصدّقني فليس بمسلم”. (التذكرة)
واللافت جدًّا أن الميرزا كتب عبارته هذه في رسالة إلى د. عبد الحكيم عام 1906، ولم يكتبها في كتاب ولا في إعلان، فقد كتب له: “لقد كشف الله عليّ أن كلّ من بلغتْه دعوتي ولم يصدّقني فليس بمسلم، وهو مؤاخَذ عند الله تعالى”. (التذكرة)
أي أنه كافر وسيعاقبه الله على ذلك، لا أنه كافر اسما فقط، وحيث إن دعوة الميرزا بلغت العالم في عصر الفيسبوك، فالناس كفار ومحاسَبون على كفرهم هذا!
واللافتُ أنّ قضية خطيرة مثل هذه لم يجد الميرزا وقتا ولا مبررا لكتابتها ولا الاهتمام بها، لكنه وجد ألف وقت للحديث عن محمدي بيغم وليكهرام. وقد سئل الميرزا عن التناقض بين ما جاء في هذه الرسالة وبين ما كتبه في ترياق القلوب، فأجاب إجابة لا يمكن أن تُفهم.
ولأنّ هذا يُحرج الأحمديين المعاصرين جدّا أمام العالم، فقد عمد معرِّب التذكرة إلى تحريف ترجمة الرسالة، حتى صارت:
لقد كشف الله عليّ أن كلّ من بلغتْه دعوتي ولم يصدّقني فهو عرضة للمؤاخذة عند الله تعالى، وإنْ كان من المسلمين. (الطبعة العربية الأولى للتذكرة، عام 2013)
وهذا التحريف لن تجدوه في الموقع، فقد صُحِّح منذ سنتين، لكنكم ستجدونه في الطبعة الورقية المنشورة.
وكان يمكن لهذه الرسالة أن تُهمل للأبد، لولا أنّ محمودا أكّد على التكفير وتخصّص فيه، حيث يقول:
“ليس الكافر فقط مَن يكفِّر المسيح الموعود، بل من لا يؤمن به كافر حتى لو لم يكفِّره، وحتى لو صدقه في قلبه ولم ينكره بلسانه ولكنه ما زال مترددا في البيعة فيُعدُّ كافرا… إن الذين لا يؤمنون بالمرزا رسولا كفارٌ أشد الكفر وإن كانوا يعترفون بصدقه باللسان”. (مرآة الحق)
ويقول: “كنتُ قد كفّرتُ غير الأحمديين في حياة الخليفة الأول وكل فرد من أفراد الجماعة كان مطّلعا على رأيي هذا.” (مرآة الحق)
وحتى لا يتفلسف أحمدي ويقول: إن التكفير هنا لا يُقصد به الكفر الأكبر، بل الكفر الأصغر.. أي المعصية؛ فقد أكّد محمود أنه لا فرق بين المسلمين وبين غير المسلمين، فقال: “لما كان سكان التيبت وسويسرا كفارا لعدم إيمانهم برسول الله فكيف سيُعَدُّ سكان الهند مؤمنين مع عدم إيمانهم بالمسيح الموعود؟ (المؤمن من يؤمن بالمبعوثين جميعا)
وإذا ماحك أحد المتنطّعين قائلا: إن محمودا ينفي عنه الإيمان، لا الإسلام، سردنا له قول محمود التالي: “الإسلام يذكر اصطلاحين فقط: مؤمن وكافر، فالذي آمن بنبي فهو مؤمن، ومن لم يؤمن به فهو كافر، سواء كان عدم إيمانه بسبب عدم علمه بالأمر، أو بسبب شرّه”. (التفسير الكبير سورة البينة)
أما العقاب فإنّ محمودا ينفيه عن الجاهل، وإنْ ظلّ اسمه كافرا، فيقول:
“إذا كان عدم إيمانه بنبي بسبب عدم علمه فهو كافر، لكنه ليس من أهل النار، وإذا كان كفره بنبي بسبب شرّه، فهو كافر ومن أهل النار”. (التفسير الكبير)
ويقول: “فالذي لم يسمع باسمه هو كافر، ولكنا لا نعتبره من أهل النار؛ إذ يمكن أن يختبره الله تعالى في الآخرة فيغفر له بناءً على إيمانه الفطري. إننا لا نستطيع الجزم بصدد عقابه، لكننا مضطرون لاعتباره كافرًا لأن الإسلام يذكر اصطلاحين فقط: مؤمن وكافر”. (التفسير الكبير)
والتكفير عند محمود مبنيّ على أساس أنّ نبوة الميرزا لا تختلف عن نبوة الأنبياء السابقين، فيقول:
باختصار، الأنبياء نوعان: الأول؛ الذين يأتون بشريعة جديدة مثل موسى ، والثاني: الذين يقيمون الشريعة السابقة- بعد أن تكون قد ابتعدت عن الحقيقة بسبب تسرب أفكار الناس إليها- مثل إِيلِيا وإِشَعْيَا، حِزْقِيَال، ودَانِيال والمسيح الناصري عليهم السلام. لقد ادّعى مرزا غلام أحمد أنه نبي من النوع الثاني (الأحمدية، الإسلام الحقيقي). لذلك استنكر محمود التفريق بين المسلم الهندي وبين المسيحي السويسري.
فالأحمدي الذي ينتقد التكفير اليوم إنما ينتقد محمودا، أو أنه جاهل بنصوص محمودٍ، أو أنه يتعمّد إخفاءها.
الرد:
● التكفير عند المعترض هو: “حرمان الناس بالقوة من حق الانتساب إلى الإسلام وأن أي ادّعاء علني لهم بالإسلام يؤهلهم إلى أشد العقاب”.
● التكفير عند الأحمدية هو: “عدم حرمان الناس بأي طريق من حق الانتساب إلى الإسلام بل العكس إذ سيفرح كل مُسْلِم أحمدي إذا ادعى الناس جميعاً علناً الانتساب إلى الإسلام سواء كان ذلك صدقاً أم تظاهراً وعدم الشق على قلوب الناس.”
فأي هذين التعريفين هو التكفير المقصود ؟
سنثبت إنْ شاءَ الله بأن حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام والخليفة الثاني رَضِيَ اللهُ عَنْهُ إنما يتحدثان عن حقيقة الإسلام وليس عن مُسمَّاه وحق الانتساب إليه على الإطلاق.
لنعرف بداية؛ هل كان المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أو المُصْلِحُ المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يتحدثان عن منع الناس من حق الانتساب إلى الإسلام وعن عقوبة ذلك بالقوة كما يفعل المعترض والمشايخ التكفيريون أم عن معنى الإسلام وحقيقته. ولنأخذ عيّنة من كلام حضرته عَلَيهِ السَلام وهو يخاطب المسلمين جميعاً كما يلي:
“ومن الجدير بالذكر أن تكفير المكذبين هو من شأن الأنبياء المشرعين. وأما سواهم من الملهمين والمحدثين فمهما بلغ علو شأنهم ورفعة منزلتهم لدى الجناب الإلهي، ومهما خلع عليهم من المكالمة الإلهية فلا يكفر احد بإنكارهم. نعم إنه لسيء الحظ ذاك المنكر الذي يُكذب هؤلاء المقربين الربانيين لأنه بإنكاره يأخذ قلبه يقسو شيئا فشيئا حتى يفقد نور الإيمان من صدره. .. لا شك انني أعتبر كل منحرف عن الحق والصدق ملوثا برجس الضلالة. ولكني لا أسمي الناطق بالشهادتين كافراً ما لم يكفرني هو ويكذبني فيكتب الكفر على نفسه. وهكذا ففي هذه المعاملة كان المخالفون أسبق مني دائما. فهم كفروني وأفتوا علي بذلك مع أنني إن كنت مسلما عند الله تعالى بتكفيرهم إياي يصبحوا هم الكافرين تبعاً لفتوى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. فأنا لا أكفرهم، بل هم الذين يشملون أنفسهم بفتوى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.” (ترياق القلوب ص 133)
فالواقع أن حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام لم يكفر أحدا على الإطلاق بل هو الذي أصدر المشائخ بحقه فتاوى التكفير، فبالتالي هم الذين كفروا أنفسهم بأنفسهم وما كان للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أن يخالف ذلك. فقد روى عبدالله بن عمر رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كما في الحديث من صحيح مسلم أن النبي ﷺ قال:
“أيُّما امرئٍ قالَ لأخيهِ : يا كافِرُ . فقد باءَ بِها أحدُهما . إن كانَ كما قالَ . وإلَّا رجعَت عليهِ.” (صحيح مسلم، 60)
وفي قصيدة بالأردية معرّبة يقول عَلَيهِ السَلام بأن التكفير والحرمان من الانتساب للإسلام هو فعل الخصوم التكفيريين فقط فيقول حضرته:
“إنَّ ديننا هو دين المسلمين الحقيقيين، ونحن خدّام خاتم المرسلين قلبا وقالبا
نحن بريئون من الشرك والبدعة، ونحن بمنـزلة ترابٍ في طرق أحمد المختار عَلَيهِ السَلام
نؤمن بجميع الأوامر، ونحن فداء هذا السبيل قلبا وقالبا
لقد سلّمنا له القلب، ولم يبق إلا الجسد، ونتمنى أن يكون هو الآخَر، له الفداء
إنكم تلقّبونني بلقب الكافر، لِـمَ لا تخافون العقاب أيها الناس؟
لقد ثارت في الأرض ضجة كبيرة، فارحَم الخلق يا ربي الحبيب!
أرِهِم نموذج قدرتك، فأنت قادر على كل شيء يا ربَّ الورى. آمين.” (إزالة الأوهام، ص 551)
ويبّين عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام أن التكفير بمعنى الحرمان من لقب الإسلام ليس إلا فعل الخصوم أنفسهم فيقول حضرته:
“هل لأحد من المشائخ أو المعاندين أو (المتصوفة) أن يثبت أننا كَفَّرناهم قبل (تكفيرهم إيانا) ؟ وإذا كنا قد نشرنا ورقة أو إعلانا في هذا الصدد حيث كَفَّرنا المسلمين المعاندين قبل إصدارهم فتوى التكفير ضدنا فليقدموها وإلا يجب أن يتفكروا في أنفسهم كم هي كبيرة هذه الخيانة إذ يكفروننا ثم يتهموننا وكأننا نكفِّر المسلمين.” (حقيقة الوحي، ص 120، الخزائن الروحانية، ج 22. النسخة العربية المنفصلة ص 107-108)
أما حقيقة اعتقاد المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بالتكفير فيبينه قوله التالي عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام للمسلمين المكفرّين له:
“يا عزيزي؛ روحي تذوب حزنا على إيمانك، وإني في نظرك كافر، يا لعجبي.
إذا كنت تريد أن تُكشف عليك حقيقة صدقي، فاطلب نور القلب من الله ذي الإكرام.
أنا لا أفكر في تكفير أحد أبدا، فأنا سكران من كؤوس ألطاف حبيبي.
أنَّى لِطَعْن الأعداء أن يؤثر بي، فأنا سكران من ذِكرَى حبيبي.
إنني أعيش بوحي من الله الذي هو معي، ودعوته نَفَسُ حياتي.
لقد نزلت في بيت حبيبي، فلا تسألني عن العالَم المظلم.
في كل حدب وصوب أرى وجه ذلك الحبيب، مَن ذا الذي يمكن أن يخطر سواه ببالي.
يا حسرة؛ ما عرفني القوم، وبعد رحيلي من هذه الدنيا سيعرفونني.
قد أُدمي قلبي حزنا وألما من أجلهم، وأتمنى أن أقدم رأسي أيضا في هذا السبيل.
كل ليلة تغزوني آلاف الآلام والأحزان من أجل قومي، فيا رب نجّني من هذا العصر المليء بالبلايا والشرور.
يا رب اغسلْ كسلهم بماء عيني، فقد سالت اليوم عيناي دموعا بسبب هذا الحزن المتزايد.” (إزالة الأوهام، ص 197-198)
فالمقصود إذاً هو المسلم الحقيقي أي أن من يكفر الناس أو يكذب المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام فهو مع إنه مسلم ولكنه في الحقيقة ليس مسلما حقيقيا بل مسلم بالاسم فقط أي لا نجرده من لقب الإسلام ولكن إسلامه عندنا في حقيقته غير صحيح. الدليل على هذا المعنى علّمناه المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بنفسه حيث خاطب المسلمين في كتبه كلها لآخر يوم من حياته الشريفة بلقب “المسلمين”، ونذكر منها بعض النصوص:
“يدّعي عامة المسلمين بناء على أفكار قديمة مترسخة في قلوبهم أن المسيح ابن مريم سينـزل من السماء حقيقة، متكئا على كتفَيْ مَلَكَين..” (إزالة الأوهام، ص 131)
وقال عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام صبيحة 1901/8/28:
“إن معارضينا نوعان، الأول: المشايخ من المسلمين، والثاني: القسس الإنجليز وغيرهم، وكلا الفريقين معتدٍ في معارضته لنا وهجومه على الإسلام.” (“الحكم”، مجلد 5، عدد 32، يوم 1901/9/31، ص 9)
“من المؤسف حقا أن إخواننا المسلمين أيضا واقعون في الدوامة نفسها، وقد ترسخت في أذهانهم أيضا -مثل اليهود- فكرة أنهم سيرون المسيح عَلَيهِ السَلام نازلاً من السماء حقيقةً، وسيرون بأم أعينهم أعجوبة نزوله من السماء لابسا لباسا أصفر، والملائكة عن يمينه ويساره..” (إزالة الأوهام، ص 169)
“ولكن مع كل ذلك لا يكاد إخواننا المسلمون يتخلّون عن تعصبهم.” (إزالة الأوهام، ص 236)
“يبدو أن إخواننا المسلمين قد اعتادوا -منذ زمنٍ انضم فيه المسيحيون إلى الإسلام بكثرة، وربما دخلوه مع شيء من أفكار شركيّة بحق المسيح- على تعظيم المسيح أكثر من المفروض ودون مبرر، الأمر الذي لا يقبله القرآن الكريم، فهم يَغْلون في شأن المسيح أكثر من حد الاعتدال.” (إزالة الأوهام، ص 241)
“إن جميع المسلمين الذين يسمّون أنفسهم موحدين في العصر الراهن مخدوعون في ظنهم أن الشهداء فقط يدخلون الجنة بعد الممات، أما بقية المؤمنين حتى الأنبياء والرسل فسَيَبقَون خارجها إلى يوم الحساب، وسيُفتح لهم إلى الجنة نافذة صغيرة فقط.” (إزالة الأوهام، ص 304)
“إلتماس من علماء الهند/ أيها الإخوة في الدين، وعلماء الشرع المتين، استمعوا إلى كلامي بانتباه خاص: إنَّ ما ادّعيته كوني مثيل الموعود، الذي حسبه قليلو الفهم مسيحا موعودا، فما هو بدعوى جديد سُمع مني اليوم فقط، بل هو إلهام قديم قد تلقيته من الله تعالى وسجلته في عدة أماكن في “البراهين الأحمدية” بكل صراحة، وقد مضت على نشره ما يربو على سبع سنين. ما ادّعيتُ قط أني المسيح ابن مريم، ومن اتّهمني بذلك فهو مفترٍ وكذاب بحت.” (إزالة الأوهام، ص 207)
ولقد خاطب عَلَيهِ السَلام المشايخ الذين كفروه شخصياً بأنهم مسلمون فقال عَلَيهِ السَلام:
“إعلان المباهلة بهدف دعوة مشايخ المسلمين الذين يَدْعُون هذا العبد المتواضع كافراً وكذاباً ومفترياً ودجالاً ومن أهل جهنم… بما أن فتنة التكفير والتكذيب من قبل مشايخ البنجاب والهند قد تجـاوزت الحدود، وليس المشايخ فقط، بل إن المتنسكين وأصحاب الزوايا هم الآخـرون يدعمون ويوافقون ويؤيدون رأي هؤلاء المشايخ القائل بكفر هذا العبد المتواضع وكذِبه، كما أنه يوجد ألوف مؤلَّفة من المسلمين الذين يروننا أشد كفرا مـن النصارى واليهود والهندوس بإغواء هؤلاء المشايخ، ومع أنَّ وزر فتنـة هـذا التكفير كلّه يقع على عاتق الشيخ نذير حـسين الـدهلوي، إلا أن المـشايخ الآخرين هم أيضا مذنبون وآثمون لأنهم لميُعملوا عقولهم ولم يبحثوا في مسألة تكفير المسلمين الحساسة هذه، بل قد آمنوا بفتوى نذير حسين الدجالية الـتي أعدَّها محمد حسين البطالوي دون أي بحث أو تنقيح وصدَّقوها.” (عاقبة آتهم، ص 47)
ويقول عَلَيهِ السَلام:
“أيها المسلمون .. جعلكم الله مسلمين .. اعلموا أني من الله، وكفى بالله شهيدا.” (التبليغ، 28)
ومن جهة إخرى كان عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام يخاطب المشايخ الذين يكفّروه له بأرق العبارات، فيقول عَلَيهِ السَلام:
“لا أريد أن ألعن أحدا في هذه المواجهة ولن أفعل ذلك. أما أنتم فلكم الخيار لتفعلوا ما تشاؤون.. إنني أوجِّه هذا الكلام إلى المولوي محيي الدين وعبد الرحمن اللكهوكي، وميانْ عبد الحق الغزنوي، والمولوي محمد حسين البطالوي، والمولوي رشيد أحمد الكنكوهي، والمولوي عبد الجبار الغزنوي، والمولوي نذير حسين الدهلوي. أما الآخرون فتلقائيا بهم يلحقون.” (إزالة الأوهام، ص 486-487)
وأيضاً:
“رحم الله تعالى علمائنا، إنهم لا ينتبهون إلى مرتبة نبينا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وعظمته، وأن فضل الله تعالى عليه كان أكثر من أيّ واحد آخر.” (إزالة الأوهام، ص 261)
ويقول حضرته عَلَيهِ السَلام في رده على الشيخ محمد حسين البطالوي بعد أن تلقى منه خطاباً مليئاً بالسب واللعن والشتم القبيح المخجل:
“يا أيها الشيخ المحترم؛ إن الحياء من الإيمان ! فاتقوا الله وكونوا من المؤمنين.” (إزالة الأوهام، ص 623)
“فيا أيها الإخوة، أقول لكم نصحا لله، وبحماس المواساة الكاملة التي أكنّها لكم ولديننا الحبيب إنكم ترتكبون خطأ جسيماً حين تحصرون كشوف النبي ﷺ في ظاهر كلماتها فحسب.” (إزالة الأوهام، ص 231)
“يا أيها المشايخ الكرام، لماذا تُلقون الناس في الابتلاء؟ ولماذا تدَّعون أكثر مما تعلمون؟” (إزالة الأوهام، ص 330)
“فتفضلوا أيها المشايخ الكرام، وشمروا عن سواعدكم وابطشوا على الأقل بجساسة الدجال الشرير، ولا تفتر عزيمتكم؛ لأن كل هذه الأشياء موجودة على الأرض على أية حال!” (إزالة الأوهام، ص 394)
ويقول عَلَيهِ السَلام:
“وما قلت من عند نفسي بل اتبعت ما كُشف عليّ. والله بصير بحالي، وسميع لمقالي، فاتقوا الله أيها العلماء.” (إزالة الأوهام، ص 402)
“فيا أيها الإخوة، أناشدكم بالله ألا تتعصبوا لرأيكم ولا تتعنتوا، فقد كان ضروريا أن أقدِّم أمورا أخطأتم فهمها. فلو كنتم على جادة الصواب مسبقا، فما الحاجة لمجيئي أصلا؟ لقد قلت مرارا إني جئت بصفة ابن مريم لإصلاح هذه الأمة، وجئت كما جاء المسيح ابن مريم لإصلاح اليهود. وإنني مثيله، لأنني قد كُلِّفت بالمهمة نفسها التي كُلِّف بها هو عَلَيهِ السَلام.” (إزالة الأوهام، ص 420)
“فيا أيها الإخوة، أناشدكم بالله ألا تستعجلوا..” (إزالة الأوهام، ص 424)
“فيا أيها المنصفون، وطلاب الحق، ويا عباد الله الأتقياء، توقَّفوا في هذا المقام وقفة تأملية وتدبروا بهدوء وتأنٍ؛ أليست عقيدة صعود نبينا الأكرم ﷺ إلى السماء بجسده ثم نزوله منها بجسده بالتي أُجـمِع عليها في صدر الإسلام؟ لم يكفّر أحدٌ الصحابةَ الذين عارضوا ذلك الإجماع، ولم يسمّهم أحدٌ ملحدين أو ضالين أو مؤوّلين مخطئين.” (إزالة الأوهام، ص 262)
“تأملوا في هذا المقام جيدا ولا تمروا به سريعا، وادعوا الله تعالى أن يشرح صدوركم.” (إزالة الأوهام، ص 484)
ويقول أيضا عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام:
“إن المسلمين الذين هم إخوتنا في الدين متقاعسون في هذه الأيام عن أداء فرائضهم الدينية والأخّوة الإسلامية، ومُهملون وغافلون عن تأدية مقتضيات المواساة القومية لدرجة لا نظير لها في أيّ قوم على الإطلاق. بل الحق أنه لم تعُد فيهم روح التعاطف القومي والديني أصلا.” (البراهين الأحمدية)
ويقول المُصْلِحُ المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
“الخطأ الخامس الذي وقع فيه المسلمون وغير المسلمين أيضا ظنهم أن هناك تكرارا في مواضيع القرآن الكريم. ولقد أثبت المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أنه لا تكرار فيه بل كل كلمة واردة فيه تأتي بمعاني جديدة وميزات فريدة.” (إنجازات المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام، ص 67)
ويقول حضرته:
“والمنجز الخامس الذي قام به من أجل رقي الإسلام هو إثباته عَلَيهِ السَلام بأن اللغة العربية أم الألسنة، وأكد على المسلمين بضرورة تعلم العربية. لم يدرك المسلمون إلى الآن عظمة هذا الأمر.” (إنجازات المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام، ص 142)
ويقول حضرته رَضِيَ اللهُ عَنْهُ:
“وقد شارك خمسمائة شخص من أفراد الجماعة في هذا المؤتمر بعد شراء تذاكر الدخول، ونظراً إلى اشتراك الأحمديين اشترك المسلمون الآخرون أيضا.” (سيرة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام، ص 85)
وهذا شرح المُصْلِحُ المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ للموضوع بالتفصيل في التفسير الكبير لسورة البينة ص 481-491.
فلا تكفير بمعنى منع الناس من حق الانتساب إلى الإسلام ألبتة لا عند المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام ولا الخليفة الثاني رَضِيَ اللهُ عَنْه.
● وهذه خطبة الجمعة للخليفة الرابع رحمه الله أيضاً حول منع التكفير أي عدم منع الناس من الانتساب للإسلام.
● وفي مقابلة مع أكثر من عشرين ضيف إندونيسي يمثلون مختلف وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية والمراكز الفكرية في مسجد طه في سنغافورة قال خليفة المسيح الخامس حضرة مرزا مسرور أحمد أيَّدَهُ اللهُ بِنَصْرِهِ العَزِيز يوم 28/9/2013 خلال جلسة الأسئلة والأجوبة:
“لقد علّمنا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم أن لا أحد يملك الحق في تكفير أي شخص ينطق بالشهادتين، والحقيقة أنه ليس لإنسان أو قوة الحق في رفض ما هو في قلب شخص آخر“.
فيثبت مما سبق أن التكفير الذي ملأ به المعترض الدنيا ضجيجاً ليس له أي علاقة بتجريد الناس من حق الانتساب إلى الإسلام أو وضع أي عقوبة على من يعلن الإسلام بل هو رجوع التكفير على صاحبه كما قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم وكذلك حقيقة الإسلام وليس مجرد التسمّي به أو الانتماء العيني له فقط إذ يقول الله تعالى:
﴿أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيتلوه شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ -سورة هود 17
أي أن الله تعالى عدَّ من لا يؤمن بالمسيح الموعود ؑ الشاهد من النبي ﷺ عَدَّهُ كافراً ولكنه لم يقل امنعوه من الانتساب إلى الإسلام أو إطلاق لقب المسلم على نفسه بل جعل العقوبة في الآخرة فقط. أما المعترض ومشايخ التكفير فهم يقصدون بالتكفير هو منع الناس من الانتساب إلى الإسلام بحدِّ السيف وأن أي إعلان بالإسلام يؤدي عندهم إلى أشد العقاب. وهذا نص القانون الذي اتخذه المشايخ في باكستان عام 1984 الذي يباركه المعترض بشدَّة:
“أي شخص من الفرقة القاديانية أو الفرقة اللاهورية الذين يسمون أنفسهم أحمديين أو بأي اسم آخر، يذكر بكلمات منطوقة أو مكتوبة أو بأي تعبير محسوس طريقة النداء للصلوات التي تستعملها فرقته بكلمة الأذان، أو يقرأ الأذان كما يقرؤه المسلمون –سيعاقب بسجن لمدة يجوز أن تمتد إلى ثلاث سنوات عن كل تعبير، وسيكون معرضاً للغرامة أيضاً.“ (القاديانية فئة كافرة، ص 15)
ولنا أن نسأل المعترض: بعد أن أثبتنا بالدليل أن الجماعة الإسلامية الأحمدية لا تكفر المسلمين أي لا تمنع أحد من الانتماء إلى الإسلام والإعلان عن ذلك بأي ظرف وسبب بل نخاطب كل من يقول بأنه مُسْلِم بأنه مُسْلِم كما يدّعي ويُعلن، فهل المعترض مستعد أن يخاطبنا بالمسلمين أيضا ؟ هل يجرؤ أن يقول مثلاً “الجماعة الإسلامية الأحمدية” أو “المسلم الأحمدي” ؟
وكذلك نسأل المعترض: هل لك الجرأة على القول بأن قرار المشايخ في باكستان بتكفير الجماعة الإسلامية الأحمدية قرار خاطئ ؟
فالمطلوب من المعترض ومن يوافقه أن يقول بعد أن قلنا بأنه مُسْلِم ما دام يطلق على نفسه لقب المسلم، هل يقول بأننا مسلمون أيضا وأن قرار التكفير ضدنا قرار خاطئ ؟
فإذا لم يجرؤ المعترض أو أي من يوافقه على أن يقول بأننا أيضاً مسلمون مثلما قلنا لهم، فليعلم القرّاء بأن تهمة التكفير التي تُلصق بِنَا ظلماً إنما هي مصداق قول المثل العربي:
“رَمَتْنِي بِدَائِهَا وانْسَلَّتْ”
وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ