من هو صنيع وعميل الإنجليز أنحن الأحمديون أم أنتم السّلفيون والإخوانيون؟

تعليقي على المناظرة بين أمير الجماعة الاحمدية في الديار المقدسة محمد شريف عودة وسماحة الشيخ سمير الإبراهيم

بعدما “صرعَنا” الشيخ سمير بالإنجليز وأكاذيب علاقة المسيح الموعود عليه السلام بالإنجليز؛ آن الأوان أن يسمع المسلمون والعرب كلّهم، أن الجماعة الإسلامية الأحمدية لا علاقة لها بالإنجليز لا من قريب ولا من بعيد. إنما كل ما فعله سيدنا أحمد عليه السلام، وفعلته الجماعة وستظل تفعله، هو  أن تشكر الإنجليز وغير الإنجليز من أمريكا والغرب على كل إحسان يحسنونه تجاهنا وتجاه العالم الإسلامي كلِّه، في كل مرة يقومون به. كما أنها ستعرّفهم على أخطائهم وتقف ضدهم في كل خطأ يقومون به ضدّ الإسلام والمسلمين، لأننا جماعة حقّ نقول للأعور أعور بعينه، ونشكر كل محسن إلينا.

كل ما فعله المسيح الموعود عليه السلام هو شكر الحكومة الإنجليزية على مننها وإحسانها لمسلمي الهند، حيث وفّرت لهم الحرية الدينية وحمتهم من مذابح السيخ التي كانوا ينزلونها بالمسلمين. فأي عيب وأي عمالة وأي خطأ في كل هذا؟

إلا أنه في المقابل، فإن التاريخ يشهد على تواطؤ وعمالة الوهابية السلفية مع الإنجليز، وتواطؤ قوى عربية وإسلامية معروفة مع الإنجليز لضرب الخلافة الإسلامية العثمانية. ألم يتحالف الوهابيون مع الإنجليز!؟ ألم يتعامل ويتواطأ الإخوان المسلمون مع الإنجليز في مصر !؟ اسألوا جمال عبد الناصر يقُل لكم إنه في الوقت الذي كان يعمل هو للثورة كانت قيادات الإخوان مجتمعة مع الإنجليز . ألم تقم القاعدة بعون أمريكا !؟ ألم يتعامل الإخوان في مصر وقت حكمهم مع القوى الغربية!؟ ألم يجتمع مرسي مع هيلاري كلنتون!؟ ألم يتحالف الإخوان المسلمون مع نظام أوباما في ثورات الربيع العربي والتي لم ينتج عنها سوى تمزيق وتشريد الأمة الإسلامية!؟ ألم يحصل الإخوان ومشايخهم وقناة الجزيرة على دعم أمريكا في ثورات الربيع العربي!؟ ألم وألم وألم ……

الجماعة الإسلامية الأحمدية بريئة من كل خيانة وتواطؤ ، إنما نشكر من يستحق الشكر ونثني عليه، وإن كان الإنجليز أو أمريكا.

الحكمة وأمر الله يقول أن تجاهد ولا تلقي بنفسك إلى التهلكة، والجهاد القتالي له أوضاعه وشروطه التي ليس بالضرورة ان تتوفر في كل زمان ومكان، وإن كان الجهاد سائرا إلى يوم القيامة.

فكيف للجماعة أن تعلن الجهاد في عالم إسلامي تسوده الفرقة والتشتت ويضرب بعضه بعضا منذ مئات السنين!؟ كيف لها أن تعلن الجهاد في وقت اختلّت فيه موازين القوى وأصبح المسلمون فيه غثاء كغثاء السيل، إنما الوقت وقت الدعاء لا وقت الملاحم وقتل الأعداء ، هذا ما أقرّ به إمام الزمان، ومن لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية وألقى بنفسه إلى التهلكة!

وماذا يفعل من حيث الجهاد، سماحة الشيخ المشترِك في الحلقة هو وأمثاله من الذين يتهموننا بالعمالة وإلغاء الجهاد؟ لماذا يجلسون في بيوتهم ومكاتبهم؟ لماذا لا نراهم في أرض معركة مهاجمين الغرب وأمريكا وإسرائيل؟ لماذا اكتفوا بزجّ الشباب المسلم إلى نار الجحيم بتنظيرهم لهذا القتال الزائف الذي لا علاقة له بالدين، والإسلام منه براء، وهم يتنعمون في بيوتهم وقصورهم هم وأبناؤهم وعائلاتهم؟

كفى نفاقا وشعارات فارغة هدمتم فيها وسحقتم فيها هذه الأمة !! كفى سَحقا بهذه الأمة تحت شعارات الجهاد الفارغة! كفى قتلا بخيرة أبناء هذه الأمة ولا سيما بأبناء الشعب الفلسطيني؟ كفى زجّا بالأطفال الأبرياء العزّل في نار الموت لمواجهة جيش عرمرم! كفى دغدغة لمشاعرهم الساذجة بشعارات فارغة كأطفال الحجارة وانتفاضة السكاكين وغيرها!

آن الأوان لاستثمار الطاقات فيما هو أنفع، فلنستثمر في العلم والأخلاق والتربية الدينية الصالحة البعيدة عن التزمت والوحشية الدينية، ليعيش هذا الشعب وتعيش الأمة بأسرها، ولكي لا يقوى الغرب على التآمر علينا باستغلال فكرنا الديني الخرب! فلننظر إلى أنفسنا ونعالج فكرنا الخرب أولا، ثم ننهض بأنفسنا، بالتخلي عن كل فكر يمزق هذه الأمة، كفكر التكفير والقتل وإهدار الدم، ولنستبدله بتقبل بعضنا بعضا؛ لتصبح الأمة بالفعل أمة واحدة ..

مَن في هذه الأمة لم يوصم بتهمة العمالة ..!؟ فاتركوا هذه الأوهام وانظروا إلى الفكر الأحمدي نفسه، واحكموا على الجماعة وفق فكرها، وليس وفق الدعايات الكاذبة ضدها.

يدّعي الشيخ كذبا أن سيدنا أحمد عليه السلام تعلم في المدارس ” الليلية ” الإنجليزية، لم أسمع بهذا من قبل وخاصة بالليلية؟ أقول، أين يعيش هؤلاء الموهومون؟ ألم يتعلم الكثير من أمتنا في المدارس والجامعات الأمريكية والفرنسية والإنجليزية التي غزت بلادنا؟ ألا يهاجر نخبة العقول من أمتنا للتعلم في المدارس الغربية؟

حتى متى ستبقى هذه الأمة مبتلاة بأمثال هذه الشيوخ التي تعيش في الأوهام وتعيّش كل الأمة في الوهم والكذب!؟

ويقول، إننا  الأحمديين مرضيّ عنا! وهذا صحيح وجميل، لأننا نعرض للغرب وأمريكا وإسرائيل الإسلام السلمي الحقيقي الذي يحترم الإنسان ويصون حياته، بغض النظر عن دينه وانتمائه العرقي والطائفي! أما هذا الشيخ وأمثاله فقد أروا العالم أن الإسلام دين الدم وسفك الدماء وقطع الرقاب وحرق البشر وتجارة العبيد والسبايا في سوق النخاسة، وأروهم انه دين الإكراه والجبر والاغتصاب وجهاد النكاح! لقد أروا العالم والغرب أن الإسلام أقبح ما يمكن أن يُرى على وجه هذه الأرض، لأن ما رأيناه من داعش واخواتها هو نتاج الفكر الخرب عند السلفية والوهابية والإخونجية !!!

وما المشكلة في أن يرضى عنا الغرب وإسرائيل! ألم تستجدِ كل الدول العربية إسرائيل السلامَ معها بالمبادرة السعودية التي رمتها إسرائيل وضربت بها عرض الحائط؟ ألم تبرم السلطة الفلسطينية السلام مع إسرائيل في الوقت الذي كنتم  تختزلون مصائب الأمة كلها بمصيبة فلسطين!؟ فما العيب في العيش بسلام مع الغرب وإسرائيل بعد كل هذا !؟؟

لقد أثبت العقد الأخير أن محنة الأمة الإسلامية لا تقتصر على قضية فلسطين، كما عوّدتم العالم العربي عليه خلال السبعين سنة الماضية، وكما اختزلتم مصائب الأمة بها. لقد أثبت العقد الأخير وما فيه من أحداث الشتاء العربي الأحمر ، وما خلفه من تمزق البلاد الإسلامية وإغراقها بالدماء، أن محنة الأمة أعمق وأكبر من أن تُختزل في قضية فلسطين، فمحنة الأمة هي محنة دينية فكرية أخلاقية من الطراز الأول، وقضية فلسطين ليست هي السبب في مصائب الأمة بل هي النتيجة لكل هذه المحنة الدينية الاخلاقية، فلا تُصدّعوا رؤوس البشر بإعلان الجهاد في فلسطين، ولا تلوموا الجماعة الأحمدية في هذا الأمر ، بل ابحثوا عن الخلل الأكبر الذي أدى إلى ضياع فلسطين من بين أيديكم قبل أن تلوموا الجماعة في هذا الأمر ، واعملوا على تداركه.

ودعوني آتي لكم بها من الآخر ، لقد ضاعت فلسطين لأن الدين والإيمان الحقيقي قد ضاع ، وضاع الإسلام وارتفع الإيمان إلى الثريا ، ولم يبق من الإسلام إلا اسمه ولا من القرآن إلا رسمه ؛ والجهاد الحقيقي لحل القضية الفلسطينية ومصائب الأمة كلها هو ما تقوم به الجماعة الإسلامية الأحمدية فقط، وهو إعادة هذا الإيمان إلى الأرض وجمع الأمة على يد المبعوث السماوي المتمثل بالمسيح الموعود عليه السلام .

فنحن الذين نقوم بالجهاد وأنتم تمزقون الأمة، ولكن هذا الأمر يغيب عن قصيري النظر ، لأن الإسلام قد بدأ غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء.