أنفاس المسيح الموعود تكشف الإلحاد

المعترض: يبدأ الفيج الأعوج من عام 40ه تقريبا حتى عام 1300ه. أي أنّ الميرزا يعلن أنه لا خير في هذا الدين الذي لم يُنتج سوى فيج أعوج

سلسة هراء ميرزائي.. ح4.. الأحمديون أفضل من جيل التابعين وكل أجيال الأمة عبر تاريخها

يقول الميرزا:

“إنّ مصداق المنعَم عليهم بصفة كاملة من حيث كثرة العدد وصفاء الكيفية والحصول على نعماء حضرة الأحدية في ضوء النص القرآني الصريح والأحاديث المتواترة لحضرة المرسَل الرباني فريقان فقط؛ أحدهما فريق الصحابة والفريق الثاني جماعة المسيح الموعود؛ لأن هذين الفريقين كليهما تربَّيا على يدَي النبي صلى الله عليه وسلم وليسوا بحاجة إلى اجتهادهم الشخصي. والسبب أن في الفريق الأول كان يقيم النبي صلى الله عليه وسلم نفسه والذي كان يتلقى الهدى مباشرة من الله ثم ينفخ الهدى نفسه في قلوب الصحابة رضي الله عنهم بتركيز النبوة الطيب، وكان مربيهم دون أي توسط، وفي الفريق الثاني المسيحُ الموعود الذي يتلقى الإلهام من الله وينال فيضًا من روحانية النبي صلى الله عليه وسلم. لذا فإن جماعته أيضا ليست بحاجة إلى اجتهاد جافٍّ، كما يُفهم من آية (وَآَخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ). (التحفة الغلروية 1900)

إذا كان ذلك كذلك، فما موقع جيل التابعين وتابعيهم من الأئمة والمحدثين؟

يتابع الميرزا مجيبا على هذا السؤال:

 أما الفريق المتوسط الذي سمّاه النبي صلى الله عليه وسلم بالفيج الأعوج وقال بحقه “ليسوا مني ولست منهم” فهذا الفريق ليس في الحقيقة مصداق المنعم عليهم. (التحفة الغلروية)

إذن، يبدأ الفيج الأعوج من عام 40ه تقريبا حتى عام 1300ه. أي أنّ الميرزا يعلن أنه لا خير في هذا الدين الذي لم يُنتج سوى فيج أعوج، وإنْ لم يخلُ من حفنة من الصالحين، حيث يتابع قائلا:

صحيح أنه كان في زمن الفيج الأعوج صالحون وأهل الله أيضا مقابل جماعة كبيرة للضالين، كما بُعث على رأس كل قرن مجدِّدون أيضا، لكن بحسب منطوق الآية: (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَثُلَّةٌ مِنَ الْآَخِرِينَ) ، فإن الحزب المحمدي الخالص الطاهر من كل أنواع الشوائب والمتمتع بإيمان مغسول بالتوبة النصوح ودقائق العرفان والعلم والعمل والتقوى جماعةٌ كثيرة العدد، فله في الإسلام فريقان فقط. أي فريق الأولين وفريق الآخرين.. أي الصحابةُ وجماعةُ المسيح الموعود. فلما كان الحكم على كثرة العدد وكمال صفاء الأنوار فإن المراد من جملة “أنعمت عليهم” في هذه السورة هذان الفريقان حصرا، أي رسول الله صلى الله عليه وسلم مع جماعته، والمسيحُ الموعود مع جماعته. (التحفة الغلروية)

كان ابنه محمود قد ذكر ما مفاده أن الله قد غضب على المسلمين زمن عليّ فنزع منهم الخلافة، لكنه رضي على المؤمنين زمن الأحمديين فأعاد لهم الخلافة. وهذا يجعل الأحمدي محتقِرا للمسلمين عبر تاريخهم، ومزدهيا بنفسه لمجرد أنه يطيع خليفة يكذب صباح مساء طاعةً عمياء.

الأحمديون الذين يشهدون الزور صباح مساء صاروا أفضل من جيل الحسن والحسين!!

وهذا ما يؤكده الميرزا هنا، حيث يرى أن جماعته أفضل من جيل الحسن والحسين ومَن بعدهما، وأفضل من جيل أبي حنيفة وجيل صلاح الدين والظاهر بيبرس، فأولئك فيج أعوج، أما جماعة الميرزا التي حوّلت المليون إلى 200 مليون فهم الأتقياء الأنقياء المنعَم عليهم، وما علينا سوى أن نسأل الله أن يهدينا صراطهم!

وإنما سبب ذلك أنّ ” المسيح الموعود يتلقى الإلهام من الله”، فما دام قد تلقى وحيَ “إنا زوجناكها” مرارا، ووحي: “بيراطوس” فقد صار الأحمديون الذين نشهد يوميا على خيانتهم للحقيقة “طاهرين من كل أنواع الشوائب متمتعين بإيمان مغسول بالتوبة النصوح ودقائق العرفان والعلم والعمل والتقوى”!! وأما غيرهم فهم في ضلال مبين!

 هل سمعتم في حياتكم وقاحة كهذه؟!

الرد: ثلة من الأولين وثلة من الآخرين

لقد تبيّن من خلال الشبهات السابقة التي تناولناها بالردود ولله الحمد أن المعترض ليست مشكلته مع الجماعة الإسلامية الأحمدية بل مع الإسلام وتراثه بشكل عام، ويمكن للقاريء العزيز أن يراجع الردود ليتضح له ذلك بجلاء. وهنا أيضا سوف يجد القرّاء الكرام أن المعترض يحاول من خلال الإساءة للجماعة الإسلامية الأحمدية الإساءة للإسلام ككل. ولنتناول مسألة ثلة من الآخرين ومدى علاقتها بجماعة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في آخر الزمان. يقول العلامة أبو الليث السمرقندي في تفسير قوله تعالى: ﴿ثُلَّةٌ مِّنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِّنَ الْآخِرِينَ ﴾ سورة الواقعة: 40-41 ما يلي:

قال عز وجل: ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ يعني: جماعة من أول هذه الأمة، وجماعة من الآخرين. فذكر في السابقين أنهم جماعة من الاولين، وقليل من الآخرين، لأن السابق في أخر الأمة قليل، وأما أصحاب اليمين يكون جماعة من أول الأمة، وجماعة من آخر الأمة.” (بحر العلوم — أبو الليث السمرقندي)

ويقول أبو السعود أفندي في التفسير:

﴿ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ﴾ ﴿وَثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ﴾ … عَنْ أبِي العالِيَةِ ومُجاهِد ٍوعَطاءٍ والضَّحّاكِ ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ أيْ: مِن سابِقِي هَذِهِ الأُمَّةِ وثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ في آخِرِ الزَّمانِ، وعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما في هَذِهِ الآيَةِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: « “هم جَمِيعًا مِن أُمَّتِي“.»” (إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم — أبو السعود أفندي)

وكذلك قال البغوي في التفسير:

وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ إِلَى أَنَّ الثُّلَّتَيْنِ جَمِيعًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَالِيَةِ وَمُجَاهِدٍ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالضَّحَّاكِ، قَالُوا: “ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ” مِنْ سَابِقِي هَذِهِ الْأُمَّةِ “وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ” مِنْ آخَرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ.” (معالم التنزيل — البغوي)

وقال الشوكاني:

﴿ثُلَّةٌ مِنَ الأوَّلِينَ﴾ يَعْنِي مِن سابِقِي هَذِهِ الأُمَّةِ، وثُلَّةٌ مِنَ الآخِرِينَ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ مِن آخِرِها.” (فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية — الشوكاني)

إذن لم تقل الجماعة الإسلامية الأحمدية بأن المقصود بالثلة الصالحة من الآخرين في هذه الأمة أنهم جماعة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بل علماء الأمة وأهل العلم الكرام رحمهم الله. وهذا يدل أيضاً على أن المعترض ساخط على تراث الإسلام وليس فقط على الجماعة الإسلامية الأحمدية إذا ما فرضنا جهله حول قول المفسرين، أما إذا لم يكن جاهلاً فالمصيبة أعظم.

القرون الثلاث الأولى و الفيج الأعوج

أما المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام فقد بيّن أن المقصود من الآية هم جيل الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين والتابعين وتابعيهم بإحسان رحمة الله عليهم أجمعين حسب حديث “القرون الثلاث الأولى” خير القرون ثم بعد أن يمر الإسلام بفترة عصيبة مظلمة تمتد حتى خروج الدجال بشكل واضح يعود الإسلام إلى مجده التليد من جديد على يد المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وجماعته المؤمنة كما يلي:

(١) أولهما الأولون، وهم جماعة النبي ﷺ (٢) والثاني الآخرون، وهم جماعة المسيح الموعود. أما الأفراد الكُمَّل في الزمن الوسطي -المسمى بالفيج الأعوج- فقد عُدُّوا كالشاذ والنادر بسبب قلة عددهم وكثرة الأشرار والفجار وهجوم جيوش الأديان الباطلة والعقائد السيئة والأعمال السيئة. ومع ذلك ظل الصالحون من الأمة المحمدية حتى في هذا الزمن الوسطي يتواجدون كالنهر العظيم رغم طوفان البدع بالمقارنة مع الأديان الأخرى. على كل حال، إن علْم الله ورسوله الذي لا يتطرق إليه الخطأُ، يفيد حصرا بأن الزمن الوسطي الذي هو بعد زمن النبي ﷺ، بل بعد زمن خير القرون كله وهو قبل زمن المسيح الموعود، لهو الفيج الأعوج.. أي زمن الفريق المعوج الخالي من الخير إلا نادرا. هذا هو زمن الفيج الأعوج الذي قال النبي ﷺ بحقهم “ليسوا مِنِّي ولست منهم” أي لا صلة لهم بي. ففي هذا الزمن حصرا قد ظهرت آلاف البدع والعادات الخبيثة التي لا حصر لها.” (التحفة الغولروية، ص 186)

أما الخلافة فقد رددنا على ذلك في منشور سابق (من هنا: مسألة الخلاف بين الحسن رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ومعاوية) و (هنا: معاوية والخلافة الملوكية)

أما شهادة الزُّور ليل نهار فلا ندري مَن الذي ينشر ((ليل نهار)) بين الناس التُهم ضد الآخرين مُتَّهِماً إياهم بالتزييف والكذب والدجل ولا يترك صغيرة ولا كبيرة من السخرية وأنواع الإساءات إلا وجَّهها ضدهم والمبالغة بشتم رموزهم المقدسة ((ليل نهار)) !

وسنترك ذلك لحكم القارئ الكريم.

أعداد الأحمديين

أما موضوع 200 مليون فقد اعترض المعترضُ بذات العدد -أي 200 مليون- ضد عدد المسلمين أنفسهم وليس فقط الأحمديين، وقد رددنا عليه أيضا في منشور سابق (من هنا: أعداد المسلمين حول العالم عام 1895).

أما زواج المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام فتجد الرد عزيزي القارئ (من هنا: نبوءة زواج المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام)

أما عبارة “لا خير في هذا الدين” فهي كذبة أخرى من المعترض تضاف لسجل الكذب الذي يوزعه يمنة ويسرة، وذلك لآن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام يقول في نفس الكتاب أي (التحفة الغولروية) ما يلي:

اعلموا ايها المسلمون رحمكم الله أن الله الذي تولى الاسلام. وكَفَلَ أموره العظام. جعل دينه هذا وُصلَةً إلى حكمه وعلومه. ووضع المعارف في ظاهره ومكتومه. فمن الحكم التي أودع هذا الدين ليزيد هدى المهتدين. هو الجهاد الذي أمر به في صدر زمن الاسلام. ثم نهى عنه في هذه الايام. والسر فيه أنه تعالى أذن للذين يقاتلون في أول زمان الملّة دفعاً لصول الكفرة، وحفظا للدين ونفوس الصحابة، ثم انقلب أمر الزمان عند عهد الدولة البرطانية. وحصل الأمن للمسلمين وما بقي حاجة السيوف والأسنّة.” (التحفة الغولروية، ص 51)

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

مُسْلِم لله

About الأستاذ فراس علي عبد الواحد

View all posts by الأستاذ فراس علي عبد الواحد