المعترض:

كتب الميرزا أنه تلقى الوحي التالي:
الابن الذي لا يحزن على موت أبيه كهذا ليتَه وُلد أنثى. (التذكرة نقلا عن دفتر إلهامات الميرزا ص 6)
ويخاطب الميرزا خصمًا له فيقول:
أنت دوما وفي كل حين وآن تتكلم عن الكفارة، فلست رجلا بل أقلّ شأنا حتى من المرأة. (ضياء الحق)
ويتحدث باحتقار عن إنجاب الأنثى فيتحدث عن خصمه عبد الحقّ قائلا:
أما ولادة الولد عند عبد الحقّ فإلى الآن لم ينشر أي إعلان بذلك، ربما قد ضاع الولد داخل البطن أو قد وُلدت أنثى فظل وجهه مسودا بحسب الآية القرآنية. إذ قد بشَّرنا الله عز وجلّ مقابل هراء عبد الحق بأنه سيرزقنا ولدا. (ضياء الحقّ)
وشبّه الشيطان بالأنثى، وشبّه صوته بصوت المرأة، فقال:
يتميز الوحي الحقُّ بشوكة وقوة ورفعة، ويصيب القلب بصدمة قوية. إنه ينـزل على القلب بقوة وبصوت مهيب. أما وحي الكاذبين فيكون بصوت خافت مثل صوت اللصوص والمخنثين والنسوان، لأن الشيطان سارق ومخنث وأنثى. (ضرورة الإمام)
ويفسر الآية {وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} بقوله:
أعوذ من شر ذوي سيرة الأنثى الذين ينفثون في العُقد…. وهذه عادات الأنثى إذ لا يواجهون المبعوث من الله ومرسَله، فأعوذ بالله من شر هؤلاء القوم. (فقه الميرزا نقلا عن الحَكَم، مجلد6، رقم8، الصفحة 3-6، عدد: 28/2/1902م)
ويحتقر عقل المرأة، فيجمعها مع الصبيان، فيقول:
من إعجازات القرآن أن مُحرِّف آياته لا يستطيع أن يُحرّف ويُبدّل ترتيبَه المحكم المرصّع الأبلغ، فينكشف كذبُه على النساء والصبيان فضلاً عن العلماء الراسخين، فسبحان من أنزل القرآن بإعجاز مبين. (حمامة البشرى)
ويخاطب خصمًا بقوله:
لا يحق لك إنكاري، وما دمتَ لستَ رجلًا، فاجلس مع النساء إن كنتَ ذا حياء. (ترياق القلوب)
ويعترض على الانتحار قائلا:
الأسلوب الحكيم للتضحية بالنفس في سبيل القوم إنما هو أن يتحمل الإنسان العناء لمصلحتهم…. لا أن يشج رأسه بحجر، أو أن يبتلع سما ويرحل عن الدنيا متأثرًا مما يرى فيه قومَه من بلاء شديد وضلال كبير وموقف خطير، ثم يحسب أنه قد أنقذ قومه بفعلته غير اللائقة هذه. ذلك ليس من شأن الرجال.. بل هو من صفات النساء. (فلسفة تعاليم الإسلام)
ويُقحِم المرأةَ جاعلا إياها مشبَّهًا بها فيما لا داعي له، فيقول:
لذلك يُظهر الأنبياء والمرسلون أنفسهم ومَن يقوم مقامهم ويُعتبرون في حكمهم بما لديهم من القُرب ويحملون قواهم فلا يبقون مختفين مثل النساء، لأنهم مغاوير في الميدان الروحاني، نعم، ينبغي للعابدين والزاهدين الذين يُعتبرون في حكم المخنثين أن يلبسوا برقعاً، وإلا ستُسلب ولايتهم. (مكتوبات أحمدية)
ويجعل سيرة النساء على النقيض من سيرة الرجال، فيقول:
يريد الله تعالى ألا تكونوا مثل النساء سيرةً، بل كونوا رجالا. فما أكبر منن الله علينا إذ فتح علينا كنوز الحقائق والمعارف ولم يجعلنا نخجل أمام أحد. (الملفوظات)
ويستخفّ الميرزا بشهادة المرأة ويجمعها مع شهادة الأطفال، فيقول:
عندما يُقبَض على السارق فهو لا يعترف بالسرقة في البداية ولكن عندما يكتمل تحقيق الشرطة يُعثر على زملائه أيضا، وتكفي شهادة النساء والأطفال أيضا. (الملفوظات)
ويتحدث عن إصلاح النساء فيقول:
إن في النساء عِرق الوثنية لأن طبيعتهن تميل إلى حب الزينة لذا فقد بدأت الوثنية منهن. ويكثر فيهن الجبن أيضا، فإذا واجهن شدة، مهما كانت بسيطة، يخضعن أمام مخلوق ضعيف مثلهن. لذا فإن الذين يتبعون زوجاتهم أكثر من المفروض، تتسرب هذه العادات إليهم أيضا رويدا رويدا. لذا من الضروري جدا أن تتنبهوا إلى إصلاح النساء. يقول الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} لذلك أعطي الرجال قوى أكثر من النساء. أستغرب من عقول الناس المعاصرين من التنوير الحديث الذين يؤكدون على المساواة ويقولون بأن حقوق الرجل والمرأة سواسية. فليكوِّنوا جيشا من النساء ويرسلوهن إلى جبهة القتال ثم لينظروا هل تكون النتيجة نفسها أو مختلفة. (الملفوظات)
ويجعل الميرزا النساءَ مضربَ المثل في الضعف فيقول:
اعلموا أنّ الذي يقول أنّ عليه أنْ يذهب إلى فلاة ويعبد ربه بعيدا عن المشاغل الدنيوية هو يهرب من الدنيا خائفا ويختار سيرة الخناثى. … لقد وهب اللهُ الإنسانَ قوى عظيمة وأودعه كنز القوى ولكنه يضيع قواه بالكسل ويصير أضعف من النساء أيضا. (الملفوظات)
ويتساءل مستنكرا على القائلين بانقطاع الوحي فيقول:
أيّ خير في أمة دنيّة وحقيرة هي أحطّ من نساء بني إسرائيل؟! (البراهين الأحمدية الجزء الخامس)
ويقول: والمعلوم أنه ما دام الله تعالى يكلِّم عباده منذ القِدم لدرجة أنْ نالت النساء من بني إسرائيل شرف مكالمته ومخاطبته مثل أم موسى ومريم الصديقة، فما أشقى هذه الأمة إذًا وما أشدها حرمانا إذ لا يعادل رجالها حتى نساء بني إسرائيل! (البراهين الأحمدية الجزء الخامس)
وقال: كيف لا يجوز مكالماتُ الله ببعض رجال هذه الأمة التي هي خير الأمم وقد كلّم اللهُ نساءَ قوم خلوا من قبلكم، وقد أتاكم مثل الأولين؟ (حمامة البشرى)
وقال: أليس من أعجب العجائب أن يكلّم الله نساء بني إسرائيل ويعطي لهنّ عِزّةَ مكالماته وشرف مخاطباته، وما يعطي لرجال هذه الأمّة نصيبا منها وهي أمّة خير المرسلين؟ (تحفة بغداد)
وقال مخاطبا المسلمين: ففي الأديان السابقة تلقّت النساء أيضا إلهاما مثل أم موسى ومريم. ولكنكم لا تُساوون هؤلاء النساء أيضا وأنتم رجال!! (ينبوع المسيحية)
ويقول: يقول الله تعالى في القرآن الكريم بأنه قد أُوحي إلى أمِّ موسى أيضا، فهل هذه الأمة أسوأ من النساء أيضا؟ (الملفوظات)
فهذا هو احتقار للمرأة عند مؤسس الجماعة الأحمدية.

الرد:

إن النصوص التي يقتطعها المعترضون من سياقها ويصرخون بأن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام فيها يهين المرأة والعياذ بالله كلها على الإطلاق وردت في سياق الضعف البشري الذي تتصف به المرأة من الناحية الجسدية عموماً والطباع التي تختلف عن الرجل من جوانب عدة والتي تتسم بالرقة والحياء والخوف والنعومة المناقضة للقوة الجسدية والصلابة والتحمل والخشونة المعروفة عند الرجال بوجه عام وليس النساء المكرمات القانتات وإنما بعموم الحال. فحضرته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام هو صاحب وحي “نساء مباركات” وهو الذي أعلن بأنه بعد جهد وترقي في سلم الروحانيات وصل إلى درجة المرأة وهي السيدة مريم عَلَيهِا السَلام فسخر منه المعارضون ولا زالوا آلى الآن يسخرون من حضرته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام بسبب تشبيهه نفسه بامرأة وكأن المرأة هذه المخلوقة المكرمة كائن معيب. لقد كان عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام هو الذي يقول بأن قلبه الباكي المضطرب بسبب الظلم المنتشر لم يطمئن إلا عندما زارته امرأة في الكشف وهي السيدة فاطمة رَضِيَ اللهُ عَنها وأرْضاها ووضعت رأسه كالأم الحنون لوليدها على حجرها وربتت على رأسه حتى ذهب عنه الاضطراب وشعر كأنه في حضن أمه (10) فكان مصداقاً لقول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم أن المهدي من نسل فاطمة. لقد كان عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام هو المدافع الوحيد عن حقوق الزوجات في زماننا هذا وبأنهن لسن جَوارٍ خادمات في بيت أزواجهن بل هن أهل البيت وأصحابه لهن مثل الذي للرجال (1). هو الذي علّمنا عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام بأن الله تعالى جعل المرأة الصالحة كامرأة فرعون ومريم عَلَيهِا السَلام بمثابة المعيار الأعلى للرقي الروحاني للرجال والنساء على حد سواء يجب الجد والاجتهاد للوصول إليه حيث يقول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام:

تسمى أُمَّة النبي في كُتب الله تعالى امرأة، حيث شبَّه الله تعالى في القرآن عباده الصالحين بامرأة فرعون في آية وبامرأة عمران في آية، وقد عُدَّ المسيح عريساً وأُمَّته عروساً في الأناجيل.” (2)

لا شيء أكثر غرابة وعجباً وقلّة مروءة أن يُتَّهم بإهانة المرأة مَن أثبت في غير موضع أن المرأة لها كل الاحترام والتقدير واعتبرها مساوية للرجل في الحقوق الإنسانية بل أثبت أن لها واجب الحب والاحترام ومراعاة المشاعر (3) وكان يوصي بها في كل وقت ومجلس واعتبر من لا يحسن إلى المرأة ويراعي مشاعرها بأنه فاسدٌ مهما عبد وصلَّى بل ليس من جماعته عَلَيهِ السَلام فيقول عليه السلام:

والذي لا يعاشـر زوجته وأقاربها بالرفق والإحسان فليس من جماعتي.” (4)

وقد تلقى المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وحياً في وجوب احترام المرأة وحسن معاملتها كما يلي:

خذو الرفق الرفق، فإن الرفق رأس الخيرات

وقد شرحه المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام كما يلي:

في هذا الوحي تعليم لأبناء الجماعة كلهم بأن يعاشروا زوجاتهم برفق ولطف، فإنهن لسن خادماتٍ لهم. الحقيقة أن النكاح معاهدة بين الرجل والمرأة، فاسعوا لئلا تكونوا في معاهدتكم من المخادعين. قال الله تعالى في القرآن الكريم: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، وورد في الحديث: “خيركم خيركم بأهله“، أي أن أفضلكم من هو أفضلكم في معاشرة زوجته. فاصنعوا إلى زوجاتكم المعروف روحانيّا وماديا، وادعوا لهن دائماً، واجتِنبوا الطلاق، لأنه شقي جداً عند الله مَن يتسرع في الطلاق. إن ما وصله الله، فلا تستعجلوا في كسره كما يكسر الإناء النجس.” (11)

وقد تحدث المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بكل عذوبة وجمال عن واجب الرجل تجاه زوجته وجعل حبها والحنان نحوها واحترامها واجب وحق مقدس يأتي مباشرة بعد اداء حق الله تعالى وعبادته ولا مجال لنوال الخلافة والوساطة بينه وبين الله تعالى إلا عبر حب المرأة واحترامها وجعل ذلك مُنطلَقاً لمواساة وحب البشرية جمعاء وأن من لم يحب زوجته فلا خير فيه ولن ينال قرب الله تبارك وتعالى فيقول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام:

وهكذا يتضح أن الإنسان الكامل الذي يستطيع أن يكون خليفة لله تعالى يجب أن يؤدي حق هاتين العلاقتين على أكمل وجه، وبدون ذلك فلن يصبح الإنسان كاملاً. كذلك من بعد آدم اعتُبرت هاتان العلاقتان عند الله تعالى ضرورةً لمن يصطفيه خليفة له، بمعنى أن إحدى العلاقتين تكون عند نفخ الروح السماوية فيه، فينشئ الله تعالى هذه العلاقة معه كما لو أنه ﷻ قد نزل عَلَيه، أما العلاقة الثانية فهي التي بين بني الإنسان وقد ظهرت بأبهى صورة بين آدم وزوجه حواء في الحب والحنو المتبادل لبعضهما البعض فكان أكثر ألقاً ونوراً بينهما من غيرهم. ولذا كانوا ينجذبون إلى زوجاتهم، وهذه أوضح آية أيضاً على امتلاكهم روح المواساة لبني الإنسان، وهو الذي يدل عليه الحديث الشريف:

خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ

أي أن الرجل لن يكون خير الناس للناس إلا إذا كان خيرهم لزوجته. فالذي يعامل زوجته بخشونة لا يمكنه أن يكون كريماً ورحيماً مع الآخرين، وهكذا بعد أن خلق الله تعالى آدم جَعَلَ زوجته الكائن الأول في صدارة محبته، وهكذا فالذي لا يحب زوجته أو ليس لديه زوجة يحبها فلا يمكنه تحقيق الكمال الإنساني ويفتقر إلى أحد شروط الخلافة الإلهية. فحتى لو كان بلا خطيئة فهو غير أهلٍ للخلافة الإلهية. إن الذي يتزوج امرأة فهو يضع لنفسه أساس مواساة البشر، فالزوجة تصبح أساساً لإنشاء دائرة واسعة من العلاقات، وعندما يولد الأطفال تتسع هذه الدائرة أكثر. وبالمقابل يجد الأولاد لأنفسهم زوجات وبالتالي يصبح لأطفالهم جدات وأعمام من بعضهم البعض. وبهذه الطريقة، يصبح مثل هذا الإنسان معتاداً وميالاً نحو الحب والعطف والمواساة، وتتمدد هذه الدائرة ويمتد حبه ومواساته نحو الجميع. أما أولئك الذين يعيشون في العزوبية والتبتل فلن ينالوا أي فرصة لتوسيع نطاق هذه العادة وسوف تظل قلوبهم جافة وقاسية.” (9)

ويقول عَلَيهِ السَلام في تفسير حديث الضلع الأعوج الذي يستغله المشايخ وأعداء الإسلام على حد سواء ما يلي:

يفسر الناس قول الله تعالى: ﴿وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ (النساء) أن حواء خلقت من ضلع آدم، وهو ما يعتَرض عليه، في حين أنه تفسير خاطئ. لم يقل القرآن الكريم أن حواء خلقَت من ضلع آدم بل معنى الآية أن حواء خلقت من ِجنس آدم، بمعنى أن المرأة أيضا خُلِقَت بالقوى والمشاعر نفسها التي خلق بها آدم. لأنه لو لم يكن الرجل والمرأة متجانسين في مشاعرهما لما نشأ بينهما الحب والمودة الحقيقية. بل لو أودع الرجل قوة الشهوة ولم تكن في المرأة، لتعاركا دوماً ولمَا اتفقا على أمر واحد. فلقد أودع الله تعالى المرأة مشاعر مماثلة ومتجانسة لما أعطاها الرجل ليعيشا حياة ملؤها المحبة والمودة. لاحظوا كيف يبعث هذا الأمر على المحبة والتوافق والانسجام بين الرجل والمرأة، فلو غضب رجل على زوجه يُنصح بأن للمرأة مشاعر مماثلة لمشاعرك، فكما لا تحب أن تجرَح مشاعرك كذلك هي أيضا تريد ألا تجرح مشاعرها، فينبغي أن تحترم مشاعرها أيضا.“(3)

كذلك نشر المُصْلِحُ المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الكثير من التوجيهات عبر كتبه ومقالاته موصياً باحترام المرأة والإحسان إليها وأسس حضرته لجنة خاصة بالنساء أطلق عليها اسم “إماء الله السلسلة العليا الأحمدية” وهي اليوم تعمل بنشاط لا نظير له في أي دين فرقة إسلامية ويمكن فقط كتابة Lajna Ahmadiyya على الانترنت وستظهر مجموعة من المواقع كل واحد منها لفرع من فروع لجنة إماء الله التي تخص نشاط النساء المسلمات الأحمديات. وهكذا درجَ صحابة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أيضا ومن بينهم السير محمد ظفر الله خان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الذي ألف كتاباً بعنوان “المرأة في الإسلام” يمكن قراءته باللغة الانكليزية من هنا: Woman In Islam

أما النص التالي من كلام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في الجزء الخامس من البراهين الأحمدية:

أيّ خير في أُمَّة دنيّة وحقيرة هي أحطّ من نساء بني إسرائيل.” أهـ

فهذا النص له سياق وهو استمرار الوحي ولم يرد مبتوراً بهذا الشكل، وخير دليل على هذا هي النصوص التي أوردها المعترض نفسه التي تبين مقصد الكلام، وقد جاء في القرآن الكريم أن الله تعالى أوحى إلى أُمِّ موسى عَلَيْهِ السَلام وأُوحي أيضاً إلى غيرها من بني إسرائيل بل أُوحي إلى الحشرات كما في مثال النحل، فهل يصح أن يقال أن القرآن الكريم يحط من شأن المرأة والإسلام إذ جعل الإسلام مصدر نقمة وانقطاع لبركة الوحي بل جعل المرأة في بني إسرائيل والحشرة خيراً من المسلمين والصحابة أجمعين؟

إن مثل هذا الاعتراض كمثل اعتراض أعداء الإسلام على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الذي يتهموه بأنه يهين النساء ويحقر من شأن المرأة وأنها مخلوق من الدرجة الثالثة وما إلى ذلك من افتراءات، ومثال ذلك الحديث الذي يقول فيه رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: “إنما الشؤم في ثلاثة: في الفرس، والمرأة، والدار.”، وكذلك يعترض المنصّرون على النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم بأنه جاء بدين يسَاوي بَين المرأة والغَائِط (أي التَبَرُز)، فكِلاهُمَا يُوجِبَان عَلى الرَجُل الغُسل مِن النَجَاسَة محتجين بقوله تعالى فى سُورة النِساء:

[وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَىٰ أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ] – النساء

ويصرخون كما يصرخ المعترض ضد ظلم الإسلام للمرأة وهضم حقوقها في الميراث بسبب قوله تعالى:

[لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ] – النساء

ويحاكمون القرآن الكريم بسبب إهانته للمرأة -والعياذ بالله- محتجين بالآية:

[وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ] – النساء

يقول المعترضون؛ ها إن نبي الإسلام يعبر عن مدى احتقاره للمرأة حتى فضَّلَ الرجل على المرأة وجعل له قوامة ودرجة فوق المرأة محتجين أيضاً بالآيتين:

[الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ] – النساء

[وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ۗ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ] – البقرة

وهكذا إذا قصّرت المرأة في شيء ما من خدمتها لزوجها فنبي الإسلام منح الزوج السلطة بمعاقبتها وذلك بمقاطعتها ورفض معاشرتها جنسياً بل ومعاقبتها بالضرب ! ولن ينفع القول بأن تضرب بالسواك فماذا عن مشاعرها الرقيقة التي تتأثر بمجرد نظرة عتاب ناهيك أن تُضرب بسواك أو بغيره، وهل السواك للضرب أو يسمى التأشير به ضربا ! ومن أعطى الحق للرجل بالامتناع عن الجنس كما يشاء بينما إذا امتنعت المرأة ولو قليلاً عنه ضُرِبَت وهُجرَتْ ! وقد بيَّنَ نبي االاسلام كيفية ذلك بأنه يكون بالسوط ويجب تعليقه ووضعه على مرأى المرأة كي تتأدب ويحتجون بالحديث:

علّقوا السوط حتى يراه أهل البيت فإنه أدب لهم.” (5)

هكذا يصرخ المعترضون وكل كلامهم موثق لمن يرغب بالتأكد، بل إن بعضهم أنشأ صفحات ضد الإسلام على الفيسبوك والعجيب أنهم وضعوا لها عنواناً بالضبط كعنوان المعترض ضد المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام؛ “احتقار المرأة: من أبرز مبادئ الفاشية الإسلامي ” ‎.

تشابهت قلوبهم !

ومن هذه الاعتراضات حديث “النساء حبائل الشيطان” (6)

يصرخ المعترضون أن نبي الإسلام يتشائم من المرأة محتجين بالحديث:

إن كان الشؤم في شيء: ففي المرأة، والفرس والمسكن.” (7)

وحديث “النساء ناقصات عقل ودين.” (8)

كانت تلك عيّنة والقائمة تطول، ولكل حديث سياق وسباق وشرح ووقفات ونظر وليس بالمطلق والعموم، وهكذا هي أحاديث المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام خادم النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم الذي أسس لاحترام المرأة كما فعل سيده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، ولكن معشر المعارضين لا يأبهون للسياق ومجموع ومنطوق الفكر في الكتب بل يجتزئون من هنا وهناك ابتغاء الفتنة والاساءة للذين أكرما النساء بما لا نظير له، ولا غرابة في ذلك فهو من عند الله تبارك وتعالى.

وهكذا فالمرأة مكرمة وناشطة في الجماعة الإسلامية الأحمدية على أعلى المستويات في فروع العلم والدعوة وكافة نواحي الحياة التي للرجل بما لا نظير له في كل الفرق الإسلامية وغير الإسلامية، وكل هذا بفضل الله تعالى اتّباعاً لتعاليم المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام فقط، هذا في الواقع أمر موثق وليس مجرد تنظير كما يفعل المعترض الذي لا يمكنه تقديم أي منهج يشعل مجرد شمعة في الفضاء الذي ملأه الْمَسِيحُ الموعودُ عَلَيهِ السَلام نورا، ويفضّل بدل ذلك لعن الظلام الذي يكتنف نفسه فيما تواصل الجماعة الإسلامية الأحمدية السير بخطى حثيثة متسقة وثابتة في درب الكمال الإنساني ولله الحمد والمنة.

يتضح مما سبق أمران هما؛ أما جهل المعترض في الإسلام أو تدليسه اقتداء بأعداء الدين.

الله المستعان

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

____________________________

المصادر:

1- يقول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام: “كثير من الناس يظنون أن نساءهم جوارٍ لهم. إنهن لسن بجوارٍ، بل هن صواحبهم.” (وحي للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام)

2- “الحكم”، مجلد 9، عدد 32، يوم 1905/9/10، ص 3، و”بدر”، مجلد 1، عدد 23، يوم 1905/9/7، ص 2.

3- إنجازات المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام الصفحة 76.

4- سفينة نوح ص 28.

5- الحديث: “عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلِّقُوا السَّوْطَ حَيْثُ يَرَاهُ أَهْلُ الْبَيْتِ، فَإِنَّهُ لَهُمْ أَدَبٌ.” (رواه الطبراني في المعجم الكبير بسند حسن. السلسلة الصحيحة، الألباني 3/ 431. قال الحافظ ابن حجر الهيتمي 8 / 106: “رواه الطبراني في الكبير والأوسط والبزار وإسناد الطبراني فيهما حسن”).

6- الحديث: “حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ، قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَائِشٍ، قال: حَدَّثَنِي إِيَاسٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: “إِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كَلَامُ اللَّهِ، وَأَوْثَقَ الْعُرَى كَلِمَةُ التَّقْوَى، وَخَيْرَ الْمِلَلِ مِلَّةُ إِبْرَاهِيمَ، وَأَحْسَنَ الْقَصَصِ هَذَا الْقُرْآنُ، وَأَحْسَنَ السُّنَنِ سُنَّةُ مُحَمَّدٍ وَأَشْرَفَ الْحَدِيثِ ذِكْرُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْأُمُورِ عَزَائِمُهَا، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَأَحْسَنَ الْهَدْيِ هَدْيُ الْأَنْبِيَاءِ … وَالشِّعْرَ مَزَامِيرُ إِبْلِيسَ، وَالْخَمْرَ جِمَاعُ الْإِثْمِ، وَالنِّسَاءَ حَبَائِلُ الشَّيْطَانِ.”” (حديث صحيح رواه ابن أبي شيبة موقوفاً في المصنف)

7- الحديث: عن سهل بن سعد الساعدي رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: “إن كان الشؤم في شيء: ففي المرأة، والفرس والمسكن.” (صحيح البخاري باب ما يذكر من شؤم الفرس 4807 وكذلك أخرجه في الأدب المفرد)

8- الحديث: “عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ. قال: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِى أَضْحًى، أَوْ فِطْرٍ، إِلَىَ الْمُصَلَّى، فصلى ثُمَّ انْصَرَفَ، فقام فَوَعَظَ النَّاسَ وَأَمَرَهُمْ بِالصَّدَقَةِ. فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، تَصَدَّقُوا، ثم انصرف فَمَرَّ عَلَى النِّسَاءِ. فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ، تَصَدَّقْنَ، فَإِنِّى أراَُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ. فَقُلْنَ: وَبِمَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِيرَ، مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ. فقلن له: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن بلى. قال: فذاك نقصان عقلها، أوليست إذا حاضت المرأة لم تصل ولم تصم؟ قلن بلى. قال: فذاك من نقصان دينها، ثُمَّ انْصَرَفَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا صَارَ إِلَى مَنْزِلِهِ، جَاءَتْ زَيْنَبُ امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ تَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ. فَقِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَذِهِ زَيْنَبُ تستأذن عليك. فَقَالَ: أَىُّ الزَّيَانِبِ؟ فَقِيلَ: امْرَأَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ. قَال: نَعَمِ، ائْذَنُوا لَهَا، فَأُذِنَ لَهَا. فقَالَتْ: يَا نَبِىَّ اللَّهِ، إِنَّكَ أَمَرْتَنا الْيَوْمَ بِالصَّدَقَةِ، وَكَانَ عِنْدِى حُلِيٌ فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَصَدَّقَ، فَزَعَمَ ابْنُ مَسْعُودٍ، أَنَّهُ وَوَلَدَهُ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتُ بِهِ عَلَيْهِمْ. فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: صَدَقَ، زَوْجُكِ وَوَلَدُكِ أَحَقُّ مَنْ تَصَدَّقْتِ بِهِ عَلَيْهِمْ.” (متفق عليه)

9- مجلة “مراجعة الأديان”، النسخة الأردية، المجلد الأول، ص. 175-184.

10- التبليغ ص 102.

11- الأربعين 3، الخزائن الروحانية، مجلد 17، ص 428-429.

About الأستاذ فراس علي عبد الواحد

View all posts by الأستاذ فراس علي عبد الواحد

One Comment on “المرأة عند المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام”

Comments are closed.