هل هي استشارات محمدية “تجارية” كالبراهين والتبرعات الأحمدية “التجارية”؟
الاعتراض:
يعترض المعارضون على المسيح الموعود عليه السلام والجماعة من بعده في قضية طلب التبرعات من أفراد الجماعة وكذلك من الآخرين. فمثلا اعترضوا على طلب المسيح الموعود عليه السلام التبرعات لكتابه “البراهين الأحمدية “من المسلمين لا سيما من الشخصيات الإسلامية المرموقة في عهده، واعترضوا عليه بأنه لم يُعد هذه التبرعات إلى أصحابها عندما لم تصلهم هذه الكتب. وكذا يعترضون على الجماعة بجمعها التربعات في صناديق مختلفة من أفراد الجماعة لا سيما ما يُجمع في نظام الوصية حيث يتبرع المرء عُشرا إلى ثلث من أمواله في سبيل الله. ويقول المعارضون بأن كل هذه التبرعات ما هي إلا تجارة تقوم بها الجماعة لفائدة القائمين عليها.
الرد: تبرعات الجماعة الإسلامية الأحمدية
قلنا ألف مرة للمعارضين: إنكم تهدمون الإسلام وتطعنون به في كل اعتراض واعتراض تقدمونه ضد الجماعة. وهذا الاعتراض لهو خير مثال على ذلك.
1: فطلب الصدقات والتبرعات هو نهج الرسول صلى الله عليه وسلم جهادا في سبيل الله، فالآيات القرآنية التي تحضّ على التبرع بالأموال كثيرة؛ نذكر منها:
أ:{ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)} (التوبة 103)
ب: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41) } (التوبة 41)
ث: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ } (الحجرات 16)
وليس عبثا أن في كل هذه الآيات جاء الحضّ على الجهاد بالأموال قبل الجهاد بالنفس نظرا لأهمية هذا النوع من الجهاد.
2: لم يقتصر هذا الجهاد بالأموال فقط على الزكاة، بل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يطلب من المسلمين التبرع للجيوش الإسلامية قبل الغزوات والحروب أيضا، وكان ذلك أحيانا يحدث في أوقات عصيبة جدا، فكيف يمكن أن ننسى تجهيز جيش العُسرة الذي سيّره الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، والتي تُدعى أيضا غزوة العسرة بالذات بسبب ضيق أحوال المسلمين المادية والمعيشية ؛ ولكنه بالرغم من هذه الأحوال فقد حضّ الرسول على التبرع لهذه الغزوة – فهل كان الرسول صلى الله عليه وسلم- كما يقول المعارضون في اتهامهم الجماعة كالخفافيش يمصّ دماء المسلمين في طلب هذه التبرعات والعياذ بالله !؟
3: وبالرغم من كل هذه الأحوال العصيبة، تسابق المسلمون من أجل التبرع لهذه الحملة، فتبرع سيدنا أبو بكر بكل ماله وسيدنا عمر بن الخطاب بالنصف منه، وجهّز سيدنا عثمان بن عفان ثلث الجيش، وغيرهم كثيرون من تبرع لهذا الجيش ؛ وجاء في هذه الواقعة هذا الحديث الشريف:
{عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ قَال سَمِعْتُ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَتَصَدَّقَ فَوَافَقَ ذَلِكَ عِنْدِي مَالًا فَقُلْتُ الْيَوْمَ أَسْبِقُ أَبَا بَكْرٍ إِنْ سَبَقْتُهُ يَوْمًا قَالَ فَجِئْتُ بِنِصْفِ مَالِي فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ قُلْتُ مِثْلَهُ وَأَتَى أَبُو بَكْرٍ بِكُلِّ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ قَالَ أَبْقَيْتُ لَهُمْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ قُلْتُ وَاللَّهِ لَا أَسْبِقُهُ إِلَى شَيْءٍ أَبَدًا } (سنن الترمذي, كتاب المناقب عن رسول الله)
فهل يعيش المعارضون في الإسلام أم خارجه!؟ ألا يعرفون هذه الحقائق الدينية والتاريخية!؟ أم أنهم من أجل محاربة الجماعة تبرأوا من الإسلام كلية!؟
4: وماذا للمعارضين أن يقولوا بحق هذه الآية القرآنية : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ذَلِكَ خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ } (المجادلة 13).
فهذه الآية تأمر المسلمين بالصدقة عند كل مناجاة للرسول صلى الله عليه وسلم، أي عند كل استشارة له، وذلك لما فيه من استئثار بوقت الرسول صلى الله عليه وسلم.
أفلا يحق بناء على ذلك لسيدنا أحمد عليه السلام أن يطلب التبرعات لكتاب البراهين لما فيه من استغلال لوقته الخاص وجهده الخاص، ومن أجل تغطية تكاليف الطباعة والنشر والبريد!؟
فإذا كان كتاب البراهين تجاريا وفق منطق المعترضين، فلا بدّ أن تكون هذه الاستشارة التي يطلب الرسول صلى الله عليه وسلم صدقة مقابلها، أن تكون استشارات تجارية، بل أكبر تجارة من كتاب البراهين. فإنني أتخيل ما كان سيقوله المعارضون لو عاشوا زمن الرسول صلى الله عليه وسلم عند نزول هذا الأمر، فلا شك ّأن لسان حالهم يقول:
“ما هذا الأمر؟ وما هذه التجارة بالدين؟ وهل من المفروض علينا في كل استشارة أن نقدم صدقة لمحمد صلى الله عليه وسلم، وكم من الوقت ستأخذ منه هذه الاستشارة؟ لن تأخذ أكثر من بضع دقائق، فلماذا نتصدق؟ أليس هذا مصّا لدماء المسلمين المغلوب على أمرهم والمضحوك عليهم؟ هذه لا شك استشارات تجارية كما سيأتي مسيحه في المستقبل ببراهينه التجارية!!
5: وقد أجبنا على قضية إعادة الأموال في مقال سابق، وقلنا إنه ليس من المعقول لمن يريد الاحتيال على المتبرعين أن يُدرج أسماءهم بقوائم خاصة ويوثق تبرعهم هذا ويشكرهم عليه كما فعل سيدنا أحمد عليه السلام ؛ فلا شك أن القضية ليست احتيالا قطّ، بل تدخل فيها ظروف مانعة من استمرار الكتابة، وقد أعلن حضرته أنه على استعداد لإعادة الأموال لكل من يطلبها .
6: لا يوجد أي نظام بإمكانه القيام دون طلب التبرعات والمعونة المالية من أفراده، فطلب التبرعات من الأفراد هي الطريق الأسلم للجهاد في سبيل الله؛ بحيث لا يكون أي ارتباط وانقياد لأية جهة سياسية في هذا الأمر . فهل يريد المعارضون من الجماعة أن تقوم بما تقوم به الجماعات الإسلامية الأخرى، من إقامة جمعيات جزء منها وهمية من أجل كسب الأموال من الحكومات، وكل هذا باسم الدين والإسلام!؟
وبناء على كل هذا، حيث نرى القرآن الكريم يزخر بالآيات التي تحضّ المسلمين على الجهاد بالمال، فلا بد للمعارضين أن يعتبروا الإسلام كله مشروعا تجاريا، ويصدقوا بذلك على أقوال المستشرقين الطاعنين بالإسلام، أن الهدف منه ومن الغزوات الإسلامية كان قطع الطريق على القوافل التجارية والاستيلاء على ثرواتها وحمولتها والسيطرة الاقتصادية على قريش وجزيرة العرب. وما رأوه بالبراهين من تجارة فلا بد أن يروه في استشارات الرسول صلى الله عليه وسلم أيضا.
وبعد هذا كله، فإن السؤال الأهم الذي يُسأل: ألا يرى هؤلاء العميان إلى أين تذهب هذه الأموال التي تجمعها الجماعة من أفرادها ؟ ألا يرون المساجد التي تُبنى في جميع أقطار العالم؟ ألا يرون المنشورات والكتب والفعاليات والمؤتمرات والاجتماعات المحلية والعالمية من أجل نشر الدعوة والإسلام الحقيقي؟ ألا تذهب كل هذه الأموال في سبيل الله؟؟ فالذي يرى كل هذا ويتهم الجماعة فهو دجال، وأما الذي لا يرى فهو أعمى!
قال المسيح الموعود ع : لن يدخل في جماعتي الا الذي دخل في الاسلام حقيقة