لا نكفر أحدا .. ولكن نحذر من “الكفر دون الكفر ”
رسالة إتمام الحجة ..29
1: يحاول المعارضون والمحاربون للجماعة الإسلامية الأحمدية بوسائل الدجل والتلبيس على الناس، اتهامهم إيانا أننا نكفر المسلمين الآخرين، وأن المسيح الموعود عليه السلام والمصلح الموعود رضي الله عنه يكفران المسلمين غير الأحمديين، خاصة من وصلتهم دعوة المسيح الموعود عليه السلام ولم يؤمنوا به.
2: دعوني أبسّط المسألة دون الدخول في التعقيدات، لأقول إن الكفر أنواع، فهنالك الكفر المخرج من الملة (الكفر الإنتمائي أو التعريفي) الذي ينزع عن صاحبه تعريف وصفة الإسلام كليا . فهذا الكفر لا نكفّر به أي مسلم؛ فكل من يتلفظ بالشهادتين ويدّعي بأنه مسلم، مهما بلغت ذنوبه وآثامه ومهما كان فهمه وتطبيقه للإسلام ، فهو مسلم لا يحقّ لأحد في هذه الدنيا أن يكفره كفرا يخرجه من الملّة، وأن ينزع عنه تعريف وصفة الإسلام. ونحن بناء عليه لا نكفر أحدا ولا نكفر مسلما أيّا كان هذا الكفر الذي يخرجه من الملة . وهذا نابع من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: {اكْتُبُوا لِي مَنْ تَلَفَّظَ بِالْإِسْلَامِ مِنْ النَّاسِ} (صحيح البخاري, كتاب الجهاد والسير)وقوله صلى الله عليه وسلم: {مَنْ صَلَّى صَلَاتَنَا وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ فَلَا تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِهِ} (صحيح البخاري, كتاب الصلاة)
3: ولكن رغم هذا فهنالك نوع آخر من الكفر، وهو الكفر الذي ينبثق من معاصي الإنسان وذنوبه وآثامه، فمثلا عندما يقوم مسلم معين بإثم كبير نوبخه ونقول له :هذا كفر!. (فهذا الكفر هو في نظر الله تعالى رغم انتماء الشخص للإسلام وبقائه في الملة، وهو الكفر الذي عرف عند الفقهاء وفق المصطلح الفقهي بالـ “كفر دون الكفر” ) .
فهذا النوع من الكفر قد ينطبق على من لا يؤمن بالمسيح الموعود عليه السلام وبدعوته، لماذا؟ لأننا نؤمن بأن الإيمان بالمسيح الموعود عليه السلام هو أمرٌ من أوامر النبي صلى الله عليه وسلم وأوامر الله تعالى، وعدم الإيمان به معصية كبيرة وإثم كبير قد يَدخل في عِداد الكفر، وكبائر الذنوب التي قد تصل إلى أشد الكفر، الذي يستوجب عقاب الله تعالى.
لم نأت لننافق ونداهن العالم، بل نقول بكل صراحة، ونحذر من أن عدم الإيمان بالمسيح الموعود عليه السلام قد يُدخل الإنسان والمسلم أيضا في هذا النوع من الكفر ،وإن لم يخرج من الملة وبقي المسلم مسلما … ولولا هذا النهج لكنا منافقين ومداهنين ولا قيمة لإيماننا بالمسيح الموعود عليه السلام .
4: هذا هو الكفر الذي يقصده المسيح الموعود عليه السلام والمصلح الموعود رضي الله عنه، في تكفيرهم من لم يؤمن بدعوة المسيح الموعود عليه السلام. بإمكانكم تتبع النصوص كلها في هذا السياق، فسيتضح لكم أن القصد هو هذا التكفير وليس التكفير الذي يخرج المسلم من الملة.
5: وهذا الكفر قد ينطبق ليس فقط على المسلم العادي فقط بل على الأحمدي أيضا، فالأحمدي الغارق في الآثام والذنوب، قد تدخله آثامه هذه في عداد هذا النوع من الكفر، وقد يعد هو كافرا عند الله تعالى، ولكن رغم كفره هذا لا يحق لنا أن نقول بأنه ليس مسلما وليس أحمديا .
6: كما لا بدّ من التنويه لأمر مهم آخر، هو أننا عندما نقول بكفر شخص بناء على أفعاله وآثامه وذنوبه، فإن تكفيرنا له بهذا النوع من الكفر الذي لا يخرجه من الملة ، لا يعني الإقرار منّا بارتداده عن الدين ووجوب قتله؛ لأننا وخلافا لباقي الفرق الإسلامية لا نؤمن بقتل المرتد ولا بعقابه أصلا ، فكل شخص يحق له أن يختار دينه، وأي مسلم يريد ترك الإسلام فهو حرٌّ في ذلك.
7: بينما نجد باقي الفرق الإسلامية تكفر بعضها البعض، وتحكم على غيرها بالارتداد ووجوب القتل بسبب هذا الارتداد . أما نحن فلا نكفر أحدا، ولا نكفر هذه الفرق ولا أي مسلم آخر تكفيرا يخرجه من الإسلام، ويحكم عليه بالارتداد والقتل.
8: فمن العيب أن يعيبنا أحد على حديثنا عن التكفير في سياقاته الصحيحة التي بيّنتها.
9: وفي نهاية الامر فإن الحكم النهائي بيد الله تعالى وحده، فكل شخص وفق ظروفه، ولسنا مخوّلين أن نقرر مصائر العالم، فالله سبحانه وتعالى يحكم على كل شخص وفق ظروفه الشخصية . وظيفتنا الإنذار والتنبيه، أن معصية الله بعدم الإيمان بالمسيح الموعود عليه السلام قد تُدخله في الكفر من حيث لا يعلم، وقد ينال العقاب على ذلك في الآخرة، ولكن ما هو مصيره وعقابه وهل سيعاقب فعلا فنحن لسنا مخوّلين للخوض في هذه المسألة والقطع فيها ، لأن الحكم النهائي بيد الله تعالى، ورحمة الله وسعت كل شيء.
10: وهذه الأنواع المختلفة للكفر ليست هي من ابتكارنا واختراعنا كأحمديين، بل هذه الأنواع معروفة في الفقه والشريعة، وعلماء المسلمين وفقهائهم يتحدثون عن الكفر الذي يخرج من الملة، والكفر الذي لا يخرج من الملة ويعطونه اسما آخر وهو الكفر دون الكفر، وهو ما عبّرت عنه ببساطة بأنه الكفر في نظر الله والذي ينبثق من معاصي الإنسان وآثامه رغم انتمائه للإسلام وكونه مسلما تعريفا وانتماء.
ألا هل بلّغت.. اللهم اشهد ..