المعترض:
يقول المؤسس: “ومن جملة آياتي الطاعون أيضًا، إذ كنت أنبأتُ به يوم لم يكن له أي أثر أو أمارة، وكنت تلقيت إلهامًا أيضًا “يا مسيح الخلق عدوانا”. فانظروا الآن كيف قد تفشَّى هذا الوباء بشكل خطير. (الملفوظات 5، شباط 1903)
أين أنبأ به قبل أن يكون له أي أثر؟ ثم لاحظ كيف عطف إلهام “يا مسيح الخلق عدوانا” على تلك العبارة ليوهم أنه تلقاها أيضا حين لم يكن له أي أثر. كما فعل في النصّ الذي ذكرتُه في إحدى الحلقات، وهو قوله: “ففي البراهين الأحمدية أيضًا هذا الإلهام “أمراض الناس وبركاته”، وإلهام آخر “يا مسيح الخلق عدوانا”. (أيام الصلح 1898)..
لاحظ كيف عطفه على نص في البراهين (عام 1883) ليوهم أيضا أنه في البراهين.
ثم من قال لكم إن الخصوم لم يتحدثوا عن ذلك كله؟ وهل قرأنا كتبهم الأردية؟
الجواب:
لقد صَدَقَ عَلَيهِ السَلام إذ قد أنبأ بالطاعون قبل أن يكون له أي أثر، أي أن هذا أمر معروف بديهي لكل من تابع الإلهامات سواء من الأحمديين أو من غيرهم في ذلك الوقت، ومنه إلهام عام 1883 الذي نصّه “أمراض الناس وبركاته“، وقد ذَكَرَهُ عَلَيهِ السَلام في موضع آخر للدلالة على الطاعون. فهذا الإلهام هو قبل الطاعون بما يزيد على عَقْدٍ من الزمان!
أما قوله عَلَيهِ السَلام بأنه تلقى وحياً نصّه “يا مسيح الخلق عدوانا” فهي جملة معطوفة تشترك بالسياق وليس بالزمن، حيث لا يشترط لغة اشتراك جملتي العطف في المعنى بل قد تكون الجملة المعطوفة مضادة للمعطوف عليها كقوله ﷻ ﴿قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ النمل/45. فلا يصح اعتبار ظلم النفس أي الكفر والإسلام مع سليمان سواء، بل يكون المعنى بداهة أنها ظلمت نفسها وقد أسلمت بعد ذلك مع سليمان عَلَيهِ السَلام. وبالتالي لا يشترط اتحاد المعنى في الجمل المعطوفة. هذا ما يُفهم ببساطة من كلام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أيضا، حيث أنبأ عَلَيهِ السَلام بالطاعون قبل حدوثه بسنين طوال كما سلف، ومن ثم ذكر عَلَيهِ السَلام وحياً تلقاه حول الطاعون عام 1898، وهذا يعرفه كل القراء الأحمديون منهم وغير الأحمديين، ولا داعي لافتراض أن الكاتب يريد إيهام الناس الذين يتابعون ويسجلون إلهاماته ويراجعونها أولاً بأول. اذن، هذا الاعتراض لا يتبادر إلا إلى الأذهان التي فيها رغبة وشوق للوقوف على زلّة وعيب ليطيروا بها كل مطار فيما الحقيقة أن الناس تعي جيداً ماذا قصد المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام من ذكر الإلهامين في جملتين؛ أي للتنبيه على الإنباء بهذا الطاعون قبل أن يكون له أثر وبعد أن بأن أثره في مكان آخر من البلاد وكأنه مصداق للخبر الأول، أي انظروا؛ فقد أنبأتُ عن هذا الوباء قبل أن يكون له أثر وبعد أن تحقق بالفعل وصار مُهدِّدا.
باختصار، من يريد أن يعبث بفهم النصوص هكذا فليفعل، ولكن لا يلزمنا هذا الفهم لأنه يخالف المنطق الذي يؤكد أن الناس كانت تسجل وتراجع إلهامات المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام حرفاً حرفا، ولو كان التزوير والعياذ بالله طبع الأحمديين لحذفوا ذلك أو بدلوه أو حتى خطر ببالهم في معرض الرد على الشبهات، وهو الأمر الذي لم يحدث ألبتة. وهذا يقطع بأن أحداً في زمن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام اعترض أو أثار أي استغراب حول هذا، والسبب أنها حكاية لا وجود لها عند من تابع الإلهامات وقتها وعَلِمَ أن اعتراضاً كهذا -على فرض تبادره إلى الأذهان- فهو اعتراض واه من السهل رده، ولا يقوم إلا على الظن الموغل في السوء لا أكثر.
وهكذا تتساقط شبهات الخصم مثل أوراق الخريف
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ