الاعتراض:
يقول مؤسس الأحمدية:
“العلامة العاشرة هي أنه حين أوذِي المسيح تفشى في اليهود طاعون جارف، وقد تفشى الطاعون في زمني أيضا”. (تذكرة الشهادتين)
الطاعون مستمر حتى عصرنا هذا. ثم من قال أنّ طاعونا جارفاً حدث بعد إيذاء المسيح؟ لا أساس لهذا الكلام في الكتاب المقدس ولا التاريخ.
الرد:
أوذي المسيح أي تعرّض لمحاولة القتل صلباً، وقد أوذي التلاميذ بعد ذلك أيضاً فَلَمْ يمض القرن الأول وبالذات في السنة 61 للميلاد حتى تفشت الأوبئة المدمّرة وَلَمْ تمرّ إلا بضعة عقود فقط بعد القرن الأول حتى ضرب الطاعونُ المسمى بـ “الوباء الأنطوني Antonine Plague” المرعب ضرب الإمبراطورية الرومانية والذي تشير المصادر التاريخية إلى تسببه في تدمير أغلب أو كامل الجيش الروماني ووفاة ما يصل إلى 2000 حالة يومياً بعدد إجمالي للوفيات يقدّر بحوالي 5 ملايين شخص. (انظر: Plague in the Ancient World نسخة محفوظة 06 أغسطس 2017 على موقع واي باك مشين)
أم يريد معارضو المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أوبئة أشد وأدهى من ذلك !
وللعلم فالطاعون هو أحد الأوبئة الرئيسية الثلاث إلى جانب الكوليرا والحمى الصفراء الواجب الإبلاغ عنها على وجه التحديد إلى منظمة الصحة العالمية. (انظر : WHO IHR Brief No. 2. Notification and other reporting requirements under the IHR 2005. نسخة محفوظة 30 يناير 2012 على موقع واي باك مشين)
ولنستعرض التفاسير المسيحية وتحديداً للعدد التالي من إنجيل لوقا:
“وتَحدُثُ زَلازِلُ شديدة ومَجاعاتٌ وأَوبِئَةٌ في أَماكِنَ كَثيرة، وستَحدُثُ أَيضاً مَخاوفُ تأتي مِنَ السَّماءِ وعَلاماتٌ عظيمة.” (لوقا 21:11)
فقد كتبَ الأب الدكتور لويس حزبون الكاهن وأستاذ اللاهوت والمسؤول القانوني على القبر المقدس على موقع وقناة abouna.org المسيحي المعروف كتبَ مقالاً أكد فيه على حدوث الأوبئة التي أشار لها إنجيل لوقا بعد (صلب المسيح) كما يلي:
“تشير عبارة “تَحدُثُ زَلازِلُ شديدة” الى الزلازل التي حدثت يوم صُلب رب المجد (متى 27: 51) والزلازل التي حدثت في كريت عام 46 م.، وفي روما عام 51 م.، وفي أفاميا سنة 53 م. وفي لاذقية فريجية عام 60 م.، وفي أورشليم سنة 67م إلخ.؛ اما عبارة “مَجاعاتٌ وأَوبِئَةٌ في أَماكِنَ كَثيرة ” فتشير الى مجاعات كالتي تنبأ عنها أَغابُس (أعمال الرسل 11: 28) التي حدثت عام 49 م. وتفشى الوباء في روما عام 65م والذي أودي بحياة ثلاثين ألفًا، وتشير أيضا الى ما وصفه يوسيفوس المؤرخ اليهودي في أورشليم قبيل دمارها خاصة المجاعة التي أصابت السكان حتى كانوا يأكلون البذار التي في بواقي الحيوانات وذلك بسبب حصار اورشليم لمدة ستة سنوات، حيث نفذ كل ما عند اليهود من أكل، فحدثت مجاعات مات بسببها الكثيرون، ولم يجدوا من يدفنهم، فظهرت الأمراض والأوبئة؛ اما عبارة “عَلاماتٌ عظيمة” فتشير الى علامات نهاية العالم وهي مسالة تقليدية في الدين اليهودي المعاصر ليسوع. وتشير الآية الى انباء يسوع بآخِر الأزمنة عن حدوث نكبات وكوارث في العالم الطبيعي. وقد يسمح الله بذلك لكي يدرك الإنسان أن العالم المادي غير خالد، مصيره إلى الزوال، حيث انه يسير في طريق الدمار يومًا بعد يوم. اما في العهد القديم فكان الله يسمح بالضيقات لأجل توبة الخاطئين.” (تنبؤات يسوع عن خراب الهيكل ونهاية العالم، الأب د. لويس حزبون)
ويقول المفسر المعروف “بنيامين بنكرتن” بأن هذا كله قد حدث بالفعل بعد عقود قليلة فقط من صلب المسيح عَلَيهِ السَلام قبل خراب أورشليم نفسها كما يلي:
“فتمَّ هذا الكلام قبل خراب أورشليم بعد ذلك بنحو 47 سنةً كما لا يخفى.” (بنيامين بنكرتن، لوقا 21: 10-19، مكتبة الأخوة)
ولكن المفسر “وليم ماكدونالد” يذهب إلى أبعد من ذلك إِذْ يعتبرها نبوءة عظمى تخص مجيء المسيح عَلَيهِ السَلام ثانيةً في المستقبل، أي أن الزلازل والوباء ستحدث في المستقبل أيضاً عندما ينزل المسيح ثانية في آخر الزمان كما يلي:
“تقسيم لأحداث مستقبلية: يظهر أن الرب في إجابته، نقل التلاميذ إلى انقضاء الدهر عندما سيتعرّض الهيكل للخراب ثانية قبل إقامة الملكوت. فسيقوم مسحاء كذبة كثيرون، وتروَّج إشاعات كاذبة، كما أنه سيكون حروب وقلاقل. ولن يقتصر الأمر على الصراعات بين الأمم، ذلك لأن الطبيعة أيضًا ستشهد كوارث عظمى: زلازل … مجاعات وأوبئة، مخاوف وعلامات عظيمة في السماء.” (تفسير وليم ماكدونالد، لوقا 21: 8-11)
إذن عندما أوذي سيدنا المسيح عَلَيهِ السَلام -لأننا نقول بأنه لم يُصلَب بل أوذي فقط- فقََدْ حدثت بُعيد ذلك أوبئة مجيحة مدمرة وسوف تتكرر عندما يتعرض المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في آخر الزمان للإيذاء. لا عيب أن يجهل المعارضون للجماعة الإسلامية الأحمدية فكل البشر يجهلون ويعلمون، ولكن العيب الشنيع أن يهاجموا الجماعة وخاصة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام الذي ثبت علمه في كل مرة نرد على شبهاتهم وتهجمهم المتسرع بهذا الجهل وقلة التدبّر. نسأل الله تعالى الهداية للجميع، اللّهُمّ آمين.
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ