لمعرفة موضوع هذه المباهلة دعونا نقرأ ما قاله خليفة المسيح الرابع رحمه الله في خطبة الجمعة سنة 1999:
“على مبشّرينا أنْ يفهموا بأنني أنا هو رئيس الجماعة وليست وظيفتي هي أنْ أقْبَل المباهلة دائماً مِمَّن هبَّ ودَبَّ أو أنْ أردّ عليه مُتحدّياً. لا أدري لِمَ لا يفهم البعض هذا الأمر. أما الذي حدث فهو أنَّ اثنين مِن مبشّرينا استُدرِجوا إلى شِباك الخصم فدعَوه إلى المناظرة. وكان الخصم قد جاء إلى الحوار أصلاً مِن أجْل المباهلة. فَلَمْ يكن مُحتّماً عليّ قبول تحدّيه. ولو كان الأمر كما قال الخصم لتم الردّ عليه على الفور أن يُظهِر الناس الذين يقفون وراءه ويمثلهم في هذه المباهلة والذين سيقبلون بهزيمته عندما تنتصر الجماعة الأحمدية، ولكن بِغضّ النظر عن ذلك كلّه فإن المبشرَّين البسيطَين لم يكتفيا بقبول تحدّيه هذا بل وعرضا عليه أيضاً التحدّي مني له دون عِلمي وإذنِي. فلَمْ يحقّ لهما ذلك، ولكنهما كانا على أيّ حال مِن مُقاتِلي جيش الأحمدية، فإذا قَبِلا المباهلة فسأقبلها أنا أيضاً.
ينبغي أنْ نُشير إلى أنَّ المباهِل في الحقيقة قد تمَّ إثبات زيفه في المباهلة ذاتها. فقََدْ قَدّمْتُ دعاوى الجماعة الإسلامية الأحمدية أمام الخصم بوضوح تام وقلتُ بأنَّ عليه أنْ يُعلن أنَّ كُلّ دعوى من هذه الدعاوى خاطئة بحسب تسلسلها ويقول هذه دعوى خاطئة. ولكنه لم يفعل ذلك البتة. وسأقدّم لكم الكلمات التي قلتُها.
إنَّ معارضي الجماعة الإسلامية الأحمدية يقولون بأنَّ الجماعة الإسلامية الأحمدية تؤمن في صميم عقيدتها بأنَّ مؤسسها مرزا غلام أحمد القادياني هو الله. ‘ألا لعنة الله على الكاذبين!’.
[الجمهور يردِّد ‘لعنة الله على الكاذبين!’]
إنَّ المليون الذين انضموا اليوم إلى الجماعة الإسلامية الأحمدية بالإضافة إلى ملايين الأحمديين الآخرين لن تجد بينهم جميعاً أحمدياً واحداً يعتقد بأنَّ حضرة مرزا غلام أحمد القادياني عَلَيهِ السَلام هو مِثل الله والعياذ بالله.
الزَعْم الثاني: أنَّ حضرته هو ‘ابْنُ الله’. ‘ألا لعنة الله على الكاذبين!‘.
وعلاوة على كُلّ ذلك فإن هذه المزاعم في الواقع تفنّد بعضها بعضا. فإذا كان هو الله فكيف يكون هو أيضاً ابن الله؟ هذا هو جنون المولويين أو أحد مظاهر جنونهم.
ومِن المزاعم الأخرى أيضاً أنَّ حضرته هو والد الله والعياذ بالله. وبدل اللعنة نقول هذه الْمَرَّةِ من قلوبنا ‘إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ’ على هذا الادّعاء.
كذلك هذا الزعم المخيف بأنَّ حضرته هو أعظم وأعلى من جميع الأنبياء ومنهم النبي الأكرم سيدنا مُحَمَّد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. ‘ألا لعنةُ الله على الكاذبين‘. ليس هنالك أحمديٌّ واحدٌ في العالم كُلّه يفكر أو يتخيّل مثل هذا الزَعْم.
ثم يزعم بأن الحديث الشريف لا قيمة له بالمقارنة مع وحي حضرته والعياذ بالله. ‘ألا لعنة الله على الكاذبين!‘.
ثم يقول بأن مكان عبادة الأحمديين مساوٍ في التكريم والتقديس للكعبة المشرِّفة. يقصد أنَّ كُلّ مسجد أحمدي هو مساوٍ للكعبة المُكرَّمة. ‘إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ’، ‘ألا لعنة الله على الكاذبين!‘.
كذلك يزعم أنَّ أرض قاديان مقدّسة عندنا مثل مكّة المكرّمة. وأنَّ زيارة قاديان مرّةً كل سنة تغفر الذنوب.
حسنٌ، ليس مِن عقيدتنا أنَّ زيارة أي مكان مقدس في العالم من شأنها أن تغفر الذنوب.
إنَّ ذِكْرَ الله تعالى هو الذي يؤدّي إلى مغفرة الذنوب. فالذي يجعل الله تعالى أمامه ويذكره فحتماً سيغفر الله ذنوبه. أما إذا لم يحفظ اللهَ تعالى في وجدانه فتبقى إرادة الله تعالى يغفر له أو يعذّبه.
ثم الزعم أنَّه بدلاً مِن أداء الحج في بيت الله الحرام فإن الجلسة السنوية في قاديان بحدِّ ذاتها تُعتبر هي ‘الحج’. ‘ألا لعنة الله على الكاذبين!‘.
وفوق كل هذه المزاعم يوَجّه ضد الجماعة الإسلامية الأحمدية زعم شرير وهو أنَّ لدى الأحمديين شهادة مختلفة عن شهادة المسلمين أي لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ. ‘ألا لعنة الله على الكاذبين!’،
كما أنَّ قول الأحمديين -حسب زعمه- لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ إنما هو خداعٌ للمسلمين، إذ عندما يقول الأحمديون مُحَمَّد فإنهُم يقصدون مرزا غلام أحمد القادياني.
‘ألا لعنة الله على الكاذبين!’.
زعمه: الله عند الأحمديين ليس هو الله إِلَهَ النبي مُحَمَّدٍ أو الله في القرآن الكريم.
‘ألا لعنة الله على الكاذبين!’.
يعتقد القاديانيون بملائكة غير الملائكة المذكورين في القرآن الكريم والسنة.
‘ألا لعنة الله على الكاذبين!’.
للقاديانيين أنبياء مختلفون.
عبادة القاديانيين وصَلاتهم مختلفة.
الحج عند القاديانيين مختلف.
المعتقدات عند القاديانيين مختلفة كُلّ الإختلاف عن معتقدات المسلمين وعقائد الإسلام المعلنة في القرآن والسُنّة.
الآن وبعد ذِكر كلّ هذه المزاعم أُعلنُ بأنها كلّها ادعاءات باطلة وأكاذيب مُنحطّة. ولا واحدة منها صحيحة. ‘فلعنة الله على الكاذبين!‘.
في النهاية جعلتُ لعنة الله على الكاذبين. كذلك أعلنتُ أنه إذا كان قول المولويين كاذباً -وهو كذلك فعلاً- فامطرنْ إلهي خيرات الدارين على الجماعة. واظْهِرْ حقيقتها على العالم أجمَع.
إنَّ كُلّ هؤلاء الذين أتوا من جميع أرجاء العالم وحضروا إلى هنا هم في الحقيقة شهود على ذلك. وهكذا تظهر حقيقة الجماعة أمام الناس كافة.
كذلك قلتُ بأن مزاعم الخصوم إذا كانت صحيحة فأرسل يا إلهي غيظك وغضبك علينا في مدّة سنة واحدة، واضرب علينا الذل والدمار واجعلنا في مرمى عقابك واسحقنا تحت طاحونة عذابك، لكي يرى العالم بما لا يمكن إنكاره أنَّ هذا الأمر لا يد للبشر فيه ولا خداع، وليس نابعاً من حقد أو كراهية، بل من قوّة وعَظَمة الله تعالى فقط.
هذه هي العجائب التي تظهر للجميع.
فالحقيقة التي أقدّمها لكم هي أنَّ السَنة الواحدة فقط كانت كفيلة بإثبات كذب هذا المباهِل. لأن الجماعة كان يجب أنْ تنتهي هذا العام. ولكن بدلاً من انتهائها فقََدْ نَمَتْ وأصبحَتْ اليوم أكثر قوة من ذي قبل. وهكذا يرتد هزء الهازئين عليهم. نحن لا نهتم لهم إطلاقا. وسأنصح بترك أي قضية مماثلة إلى الله تعالى. سترون نجاح الجماعة وتقدّمها يوماً بعد يوم على مَر الأعوام سواء قَبِلَ أحدٌ المباهلة أم لم يقبل وستستمر النجاحات للجماعة وتُصبُّ اللعنات على خصومها بإذن الله تعالى، ومَن يعش من الحاضرين في هذه الخطبة فسيشهد تحقُّق ذلك.” (خطبة الجمعة لخليفة المسيح الرابع ؒبتاريخ 30 يوليو 1999)
إذن كيف تحقّقت المباهلة لصالح الخصوم والطرف الآخر منها بنفسه يقول أي خليفة المسيح الرابع حضرة مرزا طاهر أحمد رَحِمَهُ الله بنفسه يقول أنّه كسب المباهلة وثبت فشل الخصم بكلّ وضوح ! نعم لقد عاش وقال ذلك
ولكن، بما إنَّ الخصوم يزيّفون هذه القصة، فسنقدّم الردّ على ذلك.
أولاً، لنأخذ الآية التالية:
﴿فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ -آلِ عِمْرَانَ 62
لقد أنزلَ اللهُ تعالى هذه الآية الخاصة بمباهلة النبي ﷺ للنصارى، ومع ذلك لم يمت النصارى قبل النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. السبب في ذلك لأنهم لم يَقبلوا في الواقع هذه المباهلة ولا شروطها. وهكذا الحال مع إلياس ستار الذي حاول الخداع -وهذا ليس بالجديد على هؤلاء “المشايخ”- فكان أنْ تعرّضَ للخزي التام بيد الله تعالى.
لقد بدأ الموضوع في الثالث من شهر حزيران سنة 1999 أثناء جلسة أسئلة وأجوبة حضرها عددٌ من غير الأحمديين وكان من بينهم إلياس ستار وبعض الأشخاص. وكان اثنان من العلماء حاضران وهما عثمان شهيد وعبد الرحمن. وقد جرت الجلسة دون أن يستطع إلياس ستار الإجابة عن أي شيء، فقام بطلب المباهلة. فقال العلماء بأنَّ المباهلة يجب أنْ تكون بواسطة الخليفة فقط. فواصلَ إلياس ستار طلب المباهلة حتى قَبِلَ العلماءُ طلبه. وقد حدث ذلك في مدينة كراتشي.
وهذا ما قاله إلياس ستار:
“إذا كان مرزا غلام أحمد على الباطل وليس من الله فأدعو الله أن يعاقب مرزا طاهر أحمد خلال سنة واحدة وأن يعاقب الجماعة كلها خلال سنة واحدة“.
هل لأحدٍ الآن أن يخبرني ما الذي حدث في هذه السنة الواحدة؟ لقد نَمَت الجماعة وأصبحت أقوى من ذي قبل. وقد قال حضرة مرزا طاهر أحمد رَحِمَهُ الله بنفسه:
“فالحقيقة التي أقدّمها لكم هي أنَّ السَنة الواحدة فقط كانت كفيلة بإثبات كذب هذا المباهِل. لأن الجماعة كان يجب أنْ تنتهي هذا العام. ولكن بدلاً مِن انتهائها فقََدْ نَمَتْ وأصبحَتْ اليوم أكثر قوة من ذي قبل.“
ثم كتب ووقّعَ إلياس ستار في جريدة تدعى “جرأت” في الحادي عشر من تشرين الثاني سنة 1999 وادّعى بأن الجلسة السنوية الـ 34 ستكون هي الأخيرة للجماعة الإسلامية الأحمدية، وكانت هذه هي النقطة الرئيسية في المباهلة. وَقَدْ أثبتَ ذلك أيضاً مزيداً من الفشل للمباهِل لأن الجماعة عقدت منذ ذلك الحين أكثر من جَلْسَة، وكلّ سنة كانت تنعقد جلسات في دول كثيرة أيضا، ووفقاً للمباهِل، فإن الجماعة كان يجب أن تختفي من الوجود في العام 2000.
اذن لا يوجد لستار أي سببٍ للاحتفال على الإطلاق. ونحن نسأله: ما الشيء السيء الذي حدث لحضرة مرزا طاهر أحمد ؒوالجماعة؟ فإذا تجرّأ أيُّ معترض وقال بأن حضرته كان مريضاً والمرض هو العقاب، فهذا القول هو الجهل بعينه، لأن الأنبياء ؑأيضاً مرضوا عندما بلغوا سِنّاً متقدّمة. وإذا كان مرض حضرته عقاباً فلماذا كَتَبَ الله تعالى له الشفاء؟ ففي مدّة سنة ابتداء مِن عام 2000 قدَّمَ حضرته 44 خطبة. وما الذي حدث في السنة التالية؟ ألقى حضرته 52 خطبة. ثم ماذا حدث في السنة التالية 2002؟ ألقى حضرته 48 خطبة. لقد عافاه الله تعالى من العارض المؤقت، وبهذا خابَ المباهِل ستار. أما الخليفة الرابع رحمه الله فقد باركه الله تعالى أيّما بركة لدرجة أنّه أعانه حتى اليوم الأخير في حياته الشريفة ليقدم باقتدار وبمنتهى الجمال خطبة رائعة ومثيرة.
أمر آخر تجدر الإشارة إليه وهو أن ستار لم يلتزم بالشرط الأول للمباهلة، ورغم ذلك فقد خاب وأخزي على يد الله ﷻ كما سبق بيانه، فقد كان الشرط أن ينشر هذه المباهلة في جريدة باكستانية في 10 حزيران 1999، ولكنه فشل في ذلك أيضا. علاوة على هذا فقد عاش حضرة مرزا طاهر أحمد رَحِمَهُ الله أكثر سنوات وليس مجرد سنة واحدة وأعلنَ بنفسه أنه فاز بالمباهلة. والمهم هنا أن المباهلة لم تكن بين الخليفة الرابع رحمه الله وبين ستار، بل كانت بين الجماعة الإسلامية الأحمدية وخصوم الجماعة. يجب تذكّر ذلك !
حتى بعد وفاة حضرة مرزا طاهر أحمد رَحِمَهُ الله، فقََدْ حقّقَ اللهُ له الوعد كرّةً أخرى وبٰارَكَ الجماعة بخليفةٍ عالميٍّ ولم يترك الجماعة لتزول، فخيّبَ ظنّ المعترضين. أما من جهة أخرى فمن يكون ستار؟ إنه مجرد نكرة غير معروف ولا يسمع به أحد ولا أحد يذكر إسمه.
يمكن مشاهدة الصور للوثائق الأصلية للمباهلة التي تثبت كُلّ ما تناولناه في هذا المنشور:
وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ