تحقق نبوءات المسيح الموعود عليه السلام ح6

نبوءات وفاة المولوي عبد الكريم السيالكوتي ..

هذه هي الحلقة السادسة في الردّ على الاعتراضات التي تُثار حول تحقّق نبوءات سيدنا أحمد عليه السلام. نثبت من خلالها وعلى النقيض من الشّبهات التي تثار في هذه المسألة، أن حضرته عليه السلام كان قد تلقى بالفعل نبوءات عن وفاة المولوي عبد الكريم السيالكوتي قبل وفاته؛ كما ونثبت أن كل النبوءات بشأنه كانت تدل على قرب وفاته، ولم تكن هنالك نبوءة واحدة تقول بشفائه. إلا إنه رغم ذلك كان المسيح الموعود عليه السلام وكسنة الأنبياء من قبل، يركز على الدعاء من أجل أن يشفيه الله عز وجل وأوّل بعض الرؤى التي رآها بأنه سيشفى تفاؤلا.

الاعتراض:

يقول المعترضون إنه في عام 1905 توفي عبد الكريم السيالكوتي الذي كان من أهم أفراد الجماعة، بل لعله الرجل الثاني بعد نور الدين، رغم أن المؤسس دعا له كثيرا وتنبَّأ مرارا أنه سيشفى ولم يُشفَ، وبعد ذلك بعد فترة من وفاته قال إنني تنبأت وأُوحي إليّ أنه لن يُشفى، ويستحيل أن يُعثر عن هذا الوحي قبل وفاة عبد الكريم.

الجواب:

وُلد حضرة المولوي عبد الكريم السيالكوتي رضي الله عنه في 1858 (تاريخ الأحمدية مجلد 2)، وتوفي في 11/10/1905 عن عمر يناهز 47 سنة. (حقيقة الوحي)

تفاقم مرضُ حضرة المولوي عبد الكريم السيالكوتي في أغسطس 1905، فدعا المسيح الموعود عليه السلام لشفائه، وفيما يلي الإلهامات التي تلقاها حضرته عندئذ:

لقد نُشرت في جريدة “بدر” الأسبوعية الإلهامات التالية بعنوان الوحي الجديد في 7/9/1905.

2/9/1905 “سینتالیس سال کی عمر۔” أي: العمر 47 سنة. “إنا لله وإنا إليه راجعون.”

4/9/1905 “ما كان لنفسٍ أن تموت إلا بإذن الله.”

8/9/1905 “کفن میں لپیٹا گیا۔” أي: لُفَّ في الكفن

9/9/1905 “إنّ المنايا لا تطيشُ سهامُها.” (جريدة بدر الأسبوعية مجلد 1 رقم 23 بتاريخ 7/9/1905 صفحة 2 عمود 1 بعنوان “الوحي الجديد لله تعالى)

ونشرت هذه الإلهامات كذلك في جريدة الحكم الأسبوعية مجلد 9 رقم 32 بتاريخ 10/9/1905 صفحة 3 عمود 2 تحت عنوان “إلهامات وكشوف جديدة”.

10-9-1905 : “دوشہتیر ٹوٹ جائیں گے”، أي: سينكسر عمودانِ.

(جريدة الحكم الأسبوعية مجلد 9 رقم 32 بتاريخ 10/9/1905 صفحة 12 عمود 4 تحت عنوان “أسبوع دار الأمان”) (“بدر”، مجلد 1، عدد 24، يوم 14/ 9/1905، ص 2، و”الحكم”، مجلد 9، عدد 32، يوم 10/ 9/1905، ص 12)

لقد قدمنا الإلهامات التي تلقَّاها حضرته عليه السلام خلال مرض المولوي عبد الكريم السيالكوتي وقبل بضعة أيام من وفاته. وبالفعل توفي في 11/10/1905 بحسب هذه الإلهامات عن عمر يناهز 47 سنة.

أما الإلهام المذكور أعلاه “سينكسر عمودانِ” فتوفي بحسبه اثنان من كبار الصحابة أحدهما حضرة المولوي عبد الكريم السيالكوتي رضي الله عنه في 11/10/1905 وحضرة المولوي برهان الدين الجهلمي رضي الله عنه في 3/12/1905.

وهذه النبوءات كلها قبل شهر من وفاته، وواضح انها تتحدث عنه، فالنبوءة “العمر 47 ” اذا لا تتحدث عنه عمّن اذا!؟ وهو الإنسان المريض الذي عمره 47 سنة! إذا، فالادعاء بأن المسيح الموعود لم يتنبأ عن موته قبل الوفاة هذا كذب، بدليل أن كل هذه النبوءات حدثت شهر قبل الوفاة، وهي واضحة أنها متعلقة بالمولوي عبد الكريم، فهذه ليست نبوءات غامضة مثلما يُقال وطبقها المسيح الموعود على عبد الكريم بعد وفاته.

صحيح أن حضرته استنبط من بعض الرؤى شفاء المولوي عبد الكريم السيالكوتي، لكن الله تعالى لم يصرح في أي إلهام أنه سيشفى. حيث جاء في التذكرة:

30/ 8/1905

(أ): كان على ظهر المولوي عبد الكريم دملٌ تحت الرقبة، فشُقَّ، فقال المسيح الموعود – عليه السلام -:

لقد دعوت له هذه الليلة، فرأيت في الرؤيا أن المولوي نور الدين جالس متغطيًا برداء وهو يبكي. ثم قال – عليه السلام -: مِن خبرتي أن البكاء في المنام جيد، وأرى أن بكاء الطبيب بشارة بشفاء المولوي. (“بدر”، مجلد 1، عدد 22، يوم 31/ 8/1905، ص 2، و”الحكم”، مجلد 9، عدد 31، يوم 31/ 8/1905، ص 10)

(ب): كنتُ رأيته في إحدى الرؤى سليمًا معافى، ولكن الرؤى بحاجة إلى التأويل … والموت يعني الشفاء حينًا والموت حينًا آخر في علم تعبير الرؤى. وفي كثير من الأحيان يرى الإنسان في الرؤيا موت أحد ويكون المراد زيادة في عمره. (ملحق حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية، مجلد 22، ص 458 – 459)

فهذه رؤى أوّلها المسيح الموعود بشفاء المولوي عبد الكريم .

واستنباط سيدنا المسيح الموعود عليه السلام من بعض الإلهامات والكشوف بشفائه غير قابل للاعتراض أبدًا، خاصة أن السنة النبوية الشريفة هي أن تُؤوَّل الرؤيا بخير دوما وأن يُصرَف شرُّها ما أمكن، لذا فقد حاول حضرته عليه السلام التركيز على أنه سيشفى، واستمر في الدعاء، رغم تلقيه الوحي المنذر بكثرة.

فهكذا نرى أن حضرته عليه السلام، تلقى الإلهامات والنبوءات الحتمية بموت المولوي عبد الكريم ، ورغم ذلك ظل يدعو له بالشفاء ، وقد أوّل ما رآه عنه بالرؤيا – تفاؤلا منه وأملا – بأنه سيشفى، ولكن ما تحقق بالفعل هو الإلهامات التي تلقاها حضرته عليه السلام بشأنه والتي مفادها أن موته قدر مبرم. والعجيب أنه وفق منطق المعارضين كان لا بدّ للمسيح الموعود عليه السلام نظرا لتلقيه هذه الإلهامات عن موت المولوي عبد الكريم ، أن يدعوَ الله أن يميته تحقيقا لهذه الإلهامات، فهل هذا منطق وهل هذه سنة الأنبياء!؟؟

ثم إن التأويل الصحيح للنبوءات إنما هو ما يصدِّقه الأحداث. والأنبياء أيضًا يخطئون أحيانًا في شرح النبوءات اجتهادًا منهم رغبة منهم في صرف الشر عن أحبائهم ومقربيهم أو مدفوعين بآمال ٍ طيبة أخرى.

ومن أمثلة ذلك أن الله أخبر سيدنا نوحًا عليه السلام بحدوث طوفان عظيم في المستقبل: اصنع الفلك، وسوف أُنقذك أنت وأتباعك وأهلك. فصنع الفلك وجاء الفيضان فحمل فيها أصحابه والأمتعة الضرورية لكن ابنه لم يركب السفينة، فدعاه حضرته للركوب، فرفض قائلا سآوي إلى جبل يعصمني من الفيضان، فجاء الموج فغرق ابنُه أمام عينيه.

فلما توقف المطر وانحسر الماء قال سيدنا نوح عليه السلام لله تعالى بمنتهى الأدب: (رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ) (هود: 46)، فردَّ الله عليه قائلا: (إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ) (هود: 47)

هذه الآيات تفيد أن نوحا عليه السلام كان يظن منذ تلقّيه الوعد من الله بحفظ أهله أن الوعد الإلهي بالحفظ يشمل ابنَه أيضا، وأنه سينجو، لكن الوحي الإلهي الأخير كشف أن فهْمه للوحي السابق لم يكن صائبا.

كذلك أرى الله تعالى النبيَّ صل الله عليه وسلم في الرؤيا أنه يطوف بالكعبة آمنًا، فخرج برفقة 1400 صحابي للعمرة، لكن قريشا عارضوه، فأبرم صلحا عند الحديبية مع قريش من شروطه أنه سيعتمر في السنة القادمة، فعاد من هناك دون العمرة.

فثبت أن ما فهمه النبي صل الله عليه وسلم من الرؤيا بأنه سيعتمر في تلك الرحلة نفسها كان خطأً.

ثم ورد في البخاري:

قَالَ أَبُو مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صل الله عليه وسلم رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ، فَذَهَبَ وَهَلِي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ، فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ.

فظن النبي صل الله عليه وسلم من هذه الرؤيا أنه سيهاجر إلى اليمامة أو هجر، لكنه لما هاجر فعلاً علم أن الرؤيا إنما كانت تشير إلى المدينة لا إلى اليمامة ولا هجر.

فإذا كان المسيح الموعود عليه السلام أوَّلَ إلهامًا ما أو كشفا تأويلا خاطئا فهذا غير قابل للطعن أبدًا، إذ لم يصرِّح الله في أي إلهام  بشفاء المولوي عبد الكريم رضي الله عنه بل قد أخبر عن الوفاة حصرًا.

لقد كتب العلامة محمد عبد العزيز الفرهاري في كتابه “النبراس على شرح العقائد” وهو شرح لكتاب عقائد أهل السنة والجماعة المسمى بـ “شرح العقائد النسفية” :

إن النبي صل الله عليه وسلم قد يجتهد فيكون خطأ كما ذكره الأصوليون. وكان النبي صل الله عليه وسلم يشاور الصحابة فيما لم يوحَ عليه وهم يراجعون في ذلك… وفي الحديث: ما حدّثتُكم عن الله سبحانه فهو حق، وما قلت فيه من قبل نفسي فإنما أنا بشر أخطئ وأصيب” (النبراس، شرح العقائد للعلامة محمد عبد العزيز الفرهاري صفحة 392 المكتبة الرشيدية كويته باكستان)

أثبتنا في هذه الحلقة على النقيض من الشبهات في هذا الأمر:

  1. أن المسيح الموعود عليه السلام تلقى النبوءات الواضحة عن وفاة عبد الكريم قبل وفاته بشهر تقريبا في شهر 9 ، فتبطل بذلك الشبهة انه لم يتنبأ بموته
  2. هذه النبوءات واضحة انها متعلقة بعبد الكريم السيالكوتي وليست غامضة مثلما يدجل المعارضون على الناس
  3. كل هذه النبوءات تحدثت عن وفاة عبد الكريم وليست شفائه ، لا يوجد نبوءة تقول بشفائه
  4. رغم ذلك بالفعل كان المسيح الموعود يركز على الدعاء له ليشفيه الله ، وأوّل بعض الرؤى بحقه انها تدل على شفائه ولكن هذا يبقى تأويلا وفق سنة الانبياء بتأويل الأمر بالخير ، ثم الدعاء لدرء هذا الشر وفق قول النبي ص لا يرد القضاء إلا الدعاء.
  5. وبهذا تبطل كل الشبهات في هذا الموضوع.