تحقق نبوءات المسيح الموعود عليه السلام ح7
نبوءة “ما كان له أن يُشفى” وكسر التحدّي..
نثبت في هذه الحلقة أن الإلهام الذي تلقاه المسيح الموعود عليه السلام بشأن وفاة المولوي عبد الكريم السيالكوتي والذي يقول ” ما كان الله ليشفيه” أو بصيغة أخرى ” ما كان ليُشفى” كان قد تلقاه المسيح الموعود عليه السلام ونشره في صحيفتي البدر والحكم قبل وفاة المولوي عبد الكريم بأربعة أشهر؛ ونعرض في هذه الحلقة صورتين طبق الأصل لهاتين الجريدتين مع الإلهام المنشور فيهما. وبذلك يُكسر تحدّي المعارضين الذين قالوا: لا يوجد إلهام كهذا، ولم يُنشر إلهام كهذا قبل وفاة المولوي المحترم في كل مصادر الجماعة.
كما نبين من خلال هذه الحلقة المفهوم الحقيقي لهذه النبوءة، وأنها تتحدث عن وفاة المولوي عبد الكريم وليس عن شفائه الكامل المحتوم كما يروج له المعارضون.
الاعتراض:
بعد وفاته (عبد الكريم السيالكوتي) بفترة قال المؤسس: أنا كنت قد تلقيت وحيا بشأنه يقول: ما كان له أن يُشفى.
نقول ( المعترضون): يا أيها الناس ابحثوا عن هذا الوحي في كل الكتب، في كل الإعلانات في كل الملفوظات بشرط أن يكون قبل تاريخ وفاة عبد الكريم، لن تجدوا.
ثم يقول المعترضون في مكان آخر: هل يعقل أن ينسى هذا الوحي ولا يسجله قط لا في كتاب ولا في إعلان ولا في كلام؟
ويقول المعترضون: بعد سنتين من وفاة عبد الكريم، يبدو أنه تذكر أنه تلقى هذا الوحي ولكن لم يُنشر هذا الوحي قبل هذا في أي مكان.
ولقد كرر المعترضون هذا الاعتراض عدة مرات.
الرد:
إن هذا الوحي كان مسجلا بالفعل ومنشورا في جريدتي “بدر” و”الحَكم” قبل وفاة المولوي عبد الكريم السيالكوتي، ولكن هؤلاء المعترضين المتسرعين يتجرَّأون دون االبحث والفحص بما فيه الكفاية، وبيان كما يلي:
لقد سجل سيدنا المسيح الموعود عليه السلام عددًا من آياته وذكر ضمنها المولوي عبد الكريم السيالكوتي رضي الله عنه فقال:
وفي السنة الماضية وبتاريخ 11 أكتوبر/تشرين الأول عام 1905م بالتحديد توفِّي أحد أصدقاؤنا أي المولوي عبد الكريم بالمرض نفسه أي السرطان. وكنتُ قد دعوت له أيضا كثيرا ولكن لم أتلق أي إلهام عنه يبعث على الاطمئنان، بل أُلهمتُ مرارا ما تعريبه: سُجِّي في الكفن. العمر 47 عاما، وما نصه: “إنالله وإنا إليه راجعون. إن المنايا لا تطيش سهامها“. فدعوت على إثرها وتلقيت إلهاما آخر نصه: “يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم. تؤثرون الحياة الدنيا”. (أي أيها الناس اعبدوا الله الذي خلقكم، واتخذوه وحده كفيل أعمالكم، وعليه وحده توكَّلوا. هل تحبون الحياة الدنيا؟) وكان في ذلك إشارة إلى أن اعتبار شخص مهمًا لدرجة كأن موته سيسبب حرجًا يدخل في الشرك، وأن الإصرار الشديد على حياته نوع من عبادته. فالتزمتُ السكوت بعد ذلك، وأدركت أن موته محتوم. فارتحل من هذه الدار الفانية بتاريخ 11 أكتوبر/تشرين الأول عام 1905م يوم الأربعاء وقت العصر. (حقيقة الوحي)
ثم قال عليه السلام:
“وليكن معلوما أيضا أن من عادة المولوي ثناء الله الأمْرِتْسَري أنه بعد الاطلاع على آياتي يقدم – من جراء ثورةِ عقلية أبي جهل فيه – أعذارا واهية لإنكارها. فهنا أيضا أظهَر العادة نفسها وكتب عني افتراء منه في جريدته “أهل الحديث” عدد 8 فبراير/شباط 1907 أني تلقيتُ إلهاما بحتمية شفاء المولوي عبد الكريم، ولكنه مات. بماذا نردّ على هذا الافتراء إلا أن نقول: لعنة الله على الكاذبين. ليخبرْنا المولوي ثناء الله أنه إذا كان الإلهام المذكور قد نزل عن شفاء المولوي عبد الكريم، فعَمَّنْ كانت الإلهامات المنشورة في جريدتي “بدر” و”الحَكَم”، التي جاء فيها: سُجِّي في الكفن، العمر 47 عاما، إنا لله وإنا إليه راجعون، ما كان له أن يُشفى، “إن المنايا لا تطيش سهامها“.
فليكن واضحا أن كل هذه الإلهامات كانت عن المولوي عبد الكريم. صحيح أني رأيت في إحدى الرؤى أنه سليم معافى، ولكن الرؤى تكون بحاجة إلى التأويل . فيمكن أن تروا في كتب تعبير الرؤى أنه يراد من الموت أحيانا الشفاء ويراد من الشفاء أحيانا الموت. وفي كثير من الأحيان يرى الإنسان في الرؤيا موت أحد ويكون المراد طول عمره. (حقيقة الوحي)
إذن، فإن سيدنا المسيح الموعود عليه السلام قد سجل في المقتبس المذكور آنفا الإلهام: “ما كان له أن يُشفى”، ومع ذلك يتحدى المعترضون الجهلاء بشدة وبإصرار أن ابحثوا عن هذا الوحي في كل الكتب، في كل الإعلانات في كل الملفوظات بشرط أن يكون قبل تاريخ وفاة عبد الكريم، لن تجدوا.
ما دام سيدنا المسيح الموعود عليه السلام قد صرح في هذه العبارة من كتابه حقيقة الوحي أن هذا الإلهام قد نُشر في جريدتَي الحَكم وبدر، دون أن يذكر حضرته تاريخ عدد الجريدتين، فكان من واجب المعترضين المتسرعين ألا يتحَدُّوا بهذه الشدة والإصرار والإلحاح، بل كان عليهم أن يبحثوا في الأمر بحثا كاملا وشاملا.
علمًا أن المسيح الموعود عليه السلام قد سجل هذا الإلهام هنا من ذاكرته، مما أدى إلى تغيير بسيط في النص الحقيقي للإلهام دون أي فرق يُذكر في المضمون. كان حضرته قد تلقَّى هذا الإلهام في 19/6/1905 (أي قرابة أربعة أشهر قبل وفاة المولوي عبد الكريم)، ونصه:
“خدا نے اس کو اچھا کرنا ہی نہیں تھا۔بے نیازی کے کام ہیں۔اعجاز المسیح۔” (أردية)
وتعريبه:
” أي: ما كان الله ليشفيه. إنها أعمال الغِنى الإلهي. إعجاز المسيح.”
وقال عليه السلام في شرح هذا الإلهام:
“أي كان موته كتقدير مبرم، لكن الله تعالى أخَّره ( شفاه/ حسّن من وضعه الصحي)، وبذلك أظهر إعجازًا للمسيح، فهذا استغناؤه.” ( سنوضّح ترجمة هذا النصّ لاحقا أدناه)
وكتب سيدنا المسيح الموعود عليه السلام إلى جانب هذا الإلهام أيضا:
“كان أربعة من أبناء جماعتنا قد أصيبوا بمرض شديد، وهنا في هذا البستان كنت قد تلقيت بحق أحدهم هذا الإلهام.”
وكان حضرة المولوي عبد الكريم السيالكوتي رضي الله عنه يعاني في تلك الأيام آلامًا شديدة جرّاء حبس البول (تاريخ الأحمدية مجلد2 صفحة 401)، وببركة دعاء المسيح الموعود عليه السلام أظهر الله تعالى نموذجا لإعجاز المسيح، فشفاه حينها، لكن عاوده المرض، فلبى نداء ربه في 11/10/1905 تحقيقا للإلهام: “ما كان الله ليشفيه.”
وكان هذا الإلهام قد نُشر في العمود 3 للصفحة 2 من جريدة الحكم 24/6/1905، كما نشر هذا الإلهام في جريدة بدر 15/6/1905 صفحة 2 عمود 1، (علمًا أن هذا العدد من جريدة “بدر”تأخر صدورها لأسباب، وتاريخ النشر 21/6/1905 مذكور على الصفحة) كما كان قد نشر الإلهام في ريفيو أوف ريليجنـز يوليو 1905 صفحة 290 أيضا، وكل ذلك قبل وفاة المولوي عبد الكريم رضي الله عنه. ( أنظر صور الجرائد المنشورة أدناه)
ثم إن هذا الإلهام أي “ما كان الله ليشفيه” الذي نزل في 19/6/1905 مسجّل في التذكرة تحت تاريخ 19/6/1905 نفسه، ومع ذلك يتحدى المعترضون ويقولون: “ابحثوا عن هذا الوحي في كل الكتب، في كل الاعلانات في كل الملفوظات بشرط أن يكون قبل تاريخ وفاة عبد الكريم، لن تجدوا.”
فمن الذي زوّر الحقائق؟ نترك القرار لكم بعد الاطلاع على هذه المعلومات.
نوضّح فيما يلي ترجمة النصّ الكامل لهذه النبوءة:
أما قول المسيح الموعود عليه السلام:
تلقّيت في هذا البستان عن واحد من أربعة (1) من أبناء جماعتنا الذين مرضوا مرضًا شديدا الإلهام التالي:
“خدا نے اس کو اچھا کرنا ہي نہيں تھا?بے نيازي کے کام ہيں?اعجاز المسيح?” (أردية)
أي: ما كان الله ليشفيه. إنها أعمال الغِنى. إعجاز المسيح.
بمعنى أن موته كان مثل القدر المبرَم، وكأنه المبرَم فعلاً، ولكن الله شفاه ( بالنص الأردي: اتشا كر دِيا )كإعجاز للمسيح الموعود. ذلك أن القدر المبرم غير قابل للتّبدل، ولكن من الأقدار ما يشبه القدر المبرم جدًا ويبدو مبرمًا في النظر الكشفي، ومثل هذا القدر يمكن أن يلغى نتيجة العناية الكاملة والإقبال على الله من قِبل أحد المبارَكين من أهل الله. (“بدر”، مجلد 1، عدد 11، يوم 15/ 6/1905، ص 2، و”الحكم”، مجلد 9، عدد 22، يوم 24/ 6/1905، ص 2)
وقد طبق المسيح الموعود عليه السلام هذه النبوءة على عبد الكريم السيالكوتي.
قيل بأن هذا الإلهام هو إلهام عن الشفاء وليس عن الموت، بحكم أن ما قاله المسيح الموعود “ولكن الله شفاه” وإن الأحمديين يكذبون وجعلوه عن الموت وحرفوا كلام المسيح الموعود من “شفاه الله” إلى “أخّره”. إن هذا الاعتراض مجرد هراء وكذب لأن النصّ الأرديّ الأصليّ لا يُفهم منه أن الله سيشفيه شفاء كاملا، بل ذكر هناك “أوسكو خدا ني أتشا كرديا” والتي تعني أنه تحسن وتماثل للشفاء وليس القصد منها أنه شُفي كلية، فهذا الإلهام ليس عن الشفاء الكامل مثلما يقول المعارضون وإنما عن الموت المبرم الذي أخّره الله بالفعل بفضل دعاء المسيح الموعود كعلامة إعجاز للمسيح، حيث تحسنت حالته نوعا ما، إلا إنها تفاقمت فيما بعد، شهرين قبل الوفاة في أغسطس 1905 . فما قلناه بالردّ “أن الله أخره ” يعطي المعنى الصحيح أيضا وهو ليس تزويرا وتزييفا، وإنما القضية هي مسألة دقة في الترجمة تعود إلى المترجم وانتقائه للكلمات خلال الترجمة بما قد يبدو أنه يُعطي معنى مغايرا لما حدث واقعيا، والاعتماد على الترجمة من أجل إثارت الشبهات ما هو إلا الخوض في المتشابهات التي من شأنها أن تهدم الإيمان، وهو ما نهى عنه الله عز وجل في كتابه العزيز.