لقد نصّ الجزء الأول من النبوءة على ما يلي:
– الفريق الخصم الذي ليس على حقّ سيقع في الهاوية وسيصيبه الذل والهوان في مدة 15 شهرا من يوم النبوءة 5-6-1893.
وقد تحقق هذا الجزء أيضا في حق عبد الله آتهم بشكل أوليّ، حيث لقي من الذل والهوان وألقي في الهاوية، كما ألقي أعضاء الفريق الآخرين من القسس وفق ما بيّناه آنفا، وذلك لأن الهاوية في الحقيقة لا تعني فقط الموت، رغم أن المسيح الموعود عليه السلام قد صرّح بأنه فهم منها موت الشخص الذي يناظره أيضا، إلا أن نصّ النبوءة لا يذكر الموت بالذات. وبناء على ذلك فيصبح للهاوية معنى واسع يشمل المصائب العديدة حتى يصل في النهاية إلى الهاوية القصوى والتي تعني الموت. وهذا ما أكّده المسيح الموعود في قوله: ” إلا أن المعنى الذي فهمتُه للإلهام هو أن المراد من الهاوية- بحق الشخص الذي يناظرني شخصيًّا تأييدا للباطل- هو الموتُ، لكن الكلمة الواردة في الإلهام هي “الهاوية” فقط…. قد أكَّد لي في الوحي أن عبد الله آتهم نال حظا من الرجوع بتسليمه بعظمة الإسلام وهيبته، الأمر الذي أخَّر عنه وعْد الموت والدخول في الهاوية كاملا. فمن المؤكد أنه وقع في الهاوية إلا أنه نجا لأيام من الهاوية العظمى التي تُسمَّى الموتَ”. ( أنوار الإسلام/ إعلان 5-9-1894)
وقد ذاق آتهم الذل والهوان وألقي في الهاوية إذ صُبّت عليه المصائب وأنواع العذاب المختلفة التي أفقدته صوابه وهذه الآلام تتلخص بما يلي:
– استولى على قلبه الاضطرابُ والجنون والذهول، وأنواع من الأمراض العقلية كال- ” مانيا” ( الهوس الاكتئابي) ومرض القطرب ( المالنخوليا).
– سحَّقت قلبَه النبوءةُ المتعلقة به حتى أصابه الاضطراب المتناهي.
– ظل يتنقل من مدينة إلى مدينة وفي كل مكان خائفا متوجسا.
– خاف الكلابَ وفزع من الثعابين كما أبدى الخوف من الأماكن الداخلية في البيت.
– استولى عليه الخوف والوهم والحرقة القلبية وأصابتْه الهيبة الكاملة للنبوءة وشعر بتأثيرها قبل تحققها.
– سلب الله منه راحة قلبه وظل يتشرد ويهيم في كل مكان كالفزعين المذعورين متأثرا بهيبة النبوءة بشدة.
وهذا ما صرح به المسيح الموعود عليه السلام حيث قال:
“ومما يجدر الانتباه إليه بتركيز أن الإلقاء في الهاوية التي هي الكلمات الأصلية للوحي قد حققه السيد عبد الله آتهم بيده، فالمصائب التي واجهها والأسلوب الذي أصابته به سلسلةٌ من الاضطرابات وأمسك بقلبه الهولُ والهلع فإنما هي الهاوية في الحقيقة، وإن الموت هو إكمال لها، وهو غير مذكور في النص الإلهامي. فمن المؤكد أن المصيبة التي واجهها عبد الله آتهم بأوضاعه تمثِّل هاويةً، لكن الهاوية الكبرى التي عُبر بها عن الموت، قد أُجّلتْ عنه لفترة، لأن هيبة الحق أثرت فيه، فاستحق في نظر الله الانتفاعَ نوعا ما من هذا الشرط المذكور في عبارة الإلهام… نحن نؤكد لمعارضينا أن هذا هو الحق، هذا هو الحق. ونؤكد مكررا أن السيد عبد الله آتهم قد نال نصيبا من الهاوية، وليس ذلك فحسب بل قد أصاب دماغَه مقدماتُ “قطرب” و”مانيا” أيضا. (أنوار الإسلام / إعلان 5-9-1894)
كما أن ما يؤكد حالة الفزع التي أصيب بها آتهم هو أن تصرفاته هذه وأحواله لم تكن خافية عن العيان ولم ينكرها هو، ويكفي تأكيدا على صدق المسيح الموعود عليه السلام فيما ذكره عن أحوال آتهم، أن آتهم قد اعترف بنفسه بحالة الفزع والهوس التي أصابته، من خلال تصريح له في جريدة ” نور أفشان” المسيحية، وهذا ما نقله المسيح الموعود عليه السلام من هذه الجريدة حيق قال عليه السلام:”بل قد ورد تصريحه في السطر الأول من العمود الأول للصفحة رقم 12 من جريدة نور أفشان الصادرة في 14/ 9/1894م حيث قال فيه: كنت أظن أني سوف أُقتل. وقد ورد في العمود نفسه أنه بكى عندما تحدث عن هذه الأمور، وأفاد ببكائه أنه عاش ألمًا كبيرا.” ( أنوار الإسلام/ إعلان 5-9-1894)
فقد اعترف آتهم بأنه قد استولى عليه الخوف في فترة النبوءة، ولكنه لم يعترف أن سبب الخوف هو النبوءة نفسها بل عزا ذلك لخوفه من أن يُقتل، وذلك بأن يقوم المسيح الموعود وأتباعه بقتله، وهو اتهام لا مبرر له إذ لم يُعرف عن الأحمديين وعن المسيح الموعود قيامهم بمثل هذه الأعمال الإجرامية، فما كان قوله هذا إلا كتمانا للحق لتواطئه مع القسس المسيحيين، وعدم رغبته كشف الحقيقة في أنه خاف من النبوءة نفسها.
وقد فنّد المسيح الموعود عليه السلام زعمه هذا بقوله: لم يستطع ( آتهم) أن يثبت أن خوفه ذلك كان من القتل فقط، إذ لم يُلقَ القبض على قاتل أثناء شنه الهجوم عليه، ولم يثبت أن هذا العبد المتواضع قد عُرِفَ عنه الإجرام والقتل في السابق مما زرع في قلبه هاجس الخوف من القل.” ( إعلان 27-10-1894، مجموعة إعلانات، جلد 1)