المعترض:

أحلام الميرزا بمحمدي بيغم تاريخًا.. ح1 و ح2 وعدة الحامل
محمدي بيغم من مواليد عام 1875، أو 1874. في مطلع عام 1886 أي حين كانت في العاشرة والنصف من عمرها أعلن الميرزا ما يلي:
“قال لي الله جلّ شأنه مبشرا بأني سأملأ بيتك بالبركات وسأتم عليك نعمتي، يكثر نسلك من السيدات المباركات اللواتي ستجد بعضهن فيما بعد”. (إعلان 20/2/1886)
لم يتزوج الميرزا أي زوجة بعد هذا الإعلان، فزوجته المهجورة كان لديها ابنان، وأما زوجته الثانية فكانت في شهرها السادس من حملها الأول.
ولكن كيف عرفنا أنّ وحي الميرزا يشير الى الطفلة محمدي بيغم لا غيرها؟
بعد 106 أيام من هذا الكلام، وبُعيد ولادة الابنة الأولى بعث الميرزا بهذه الرسالة لنور الدين، حيث قال فيها:
“قبل قرابة أربعة أشهر انكشف على هذا العبد المتواضع أني سأوهب ابنًا كامل القوى، وكامل الظاهر والباطن، واسمه بشير. وكنت أظن أن ذلك الابن سيولد من زوجتي هذه، ولكن أتلقى الآن معظم الإلهامات التي تشير أنني سأتزوج زواجًا آخر قريبًا، وأنه قد تقرَّر عند الله تعالى أنه سيهب لي زوجة صالحة طيبة السيرة وسيكون منها أولاد”. (رسالة إلى نور الدين في 8 حزيران يونيو 1886)
وقد سرد الميرزا رؤيا ثم قال:
“الولد الجميل جسدياً وروحانياً لن يولد إلا من زوجة جميلة عفيفة في الظاهر أيضاً”. (الرسالة السابقة)
وهذا تعريض بزوجته أم محمود، وكأنها تخلو مِن الجمال ومِن العِفّة.
ثم يتابع مُلحًّا على الزواج الثالث وباحثا عن مبرر له بعد ولادة ابنته الأولى، فيقول:
“ويعترض الأعداء: لماذا لم يولد الولد في هذه المرة؟! ونشر صديقٌ إعلانات رداً عليهم. ويبدو لي أن الزواج الثالث ضروري قبل ولادة هذا الولد، حيث توجد إشارات أنه سيكون منها أولاد. ويبدو أن الوقت قد حان للزواج الثالث. فلننظر أين قدّر ربنا القادر هذا الأمر؟! إنني أُلهَمُ كثيراً في هذا الصدد ويبدو أن الإرادة الإلهية متوهّجة”. (رسالة إلى نور الدين في 8 حزيران يونيو 1886)
واضح أن الميرزا يلمّح لنور الدين حتى يساعده في طلب يد الطفلة محمدي، فهو يخجل من أهلها على ما يبدو، خصوصا أنها صغيرة. ولم يفهم نور الدين تلميح الميرزا، فقال له: “إنني مستعد أن أزوّجك ابنتي ولكنها ليست بالغة”. (رواية يعقوب عرفاني في الحاشية تحت هذا الإعلان)
ويبدو أن الميرزا استاء من عبارة نور الدين، فالعلةُ التي ذكرها في ابنته مشتركة مع فتاةِ أحلامه محمدي، فكتب له أن زواجه الثالث قضاءٌ مبرم فلا ينبغي له أن يتذرّع بصِغَر العمر، ولا بغيره، وأنّ واجبه أن يعرف قصد الميرزا وأن يعرف الفتاة التي يريدها الميرزا، فقال:
“كان الهدف مما كتبتُ لك (عن الزواج الثالث) أن أطلعك على بعض الأسرار الإلهامية، ومن عادة هذا العاجز أن يخبر أحباءه بعض الأخبار الغيبية لكي يزيدهم إيماناً. وإلا هذا العاجز ليس بشيء. وإني حائر ومتفكر منذ أن تلقيت إشارة الزيجة الثالثة، ولا أجد ملجأ من أمر الله عز وجلّ، مع أني أكره القيام بها. وأردت في البداية أن يبقى هذا الأمر معلّقاً، ولكن الإلهامات والكشوف المتواترة تُظهر أن هذا الأمر قدر مبرم. وتعهدت أني سأعرض عن هذا ما لم ينزل الأمر الإلهي فيه صراحة ويدفعني إليه قسراً! بما أعلم أن عبء تعدد الزيجات ومكارهه ومفاسده كثيرة؛ ولا يتجنبها إلا الذين يأمرهم الله بإرادة خاصة ومصلحة خاصة وإلهامات خاصة للقيام به، بما يزيل الله عز وجلّ مكارهه ويبارك فيه”. (رسالة في 20/6/1886)
ويظهر أنّ تبرُّم الميرزا من الزواج الثالث ليس سببه إلا أنّ الناس لم يفهموا قصده ولم يعرفوا مَن هي التي يحلم بها، فعرضوا عليه فتيات لا يرغبُّ بهنّ، حيث لم يكن يجد الميرزا جرأةً في التصريح بمحمدي. ولسان حاله يقول: لا تظنوا أنني أريد الزواج حيثما كان، بل إن الله هو الذي يأمرني به، وما عليكم سوى معرفة موقع إرادة الله التي لم تعرفوها بعد. فما دام قضاء الله مبرما فإنّ العلة فيكم، وأنتم تعارضون أمر الله، ولا ينبغي أن يخطر ببالكم أن قضية الزواج الثالث فكرةٌ مني، بل إنني أكرهها، لكنها قضاء مبرم من الله.
في الحلقة القادمة سنذكر حدثين وقعا في شهري 2 و 3 من عام 1888 كان لهما دور كبير في الأحداث اللاحقة في هذه القصة التاريخية.
ذكرنا في الحلقة الأولى رسالة الميرزا لنور الدين يخبره فيها أن الزواج الثالث قضاء مبرم من الله تعالى، وأنه يتلقى إلهامات كثيرة بصدده، وأنّ الابن الموعود سيكون من الزوجة الثالثة، لأنه لا بد أن يكون من زوجة جميلة عفيفة، لا مِن غيرها مِن ناقصات الجمال والعفّة، أو عديماتهما.
مضى عام 1886 ولم يجد الميرزا جرأةً على التقدم لطلب محمدي بيغم، وبدأ العام التالي، فيبدو أنّ الميرزا رأى أن يخطب وُدّ أقاربه لعله يستطيع أن يتحدّث معهم بشأنها، فكتب لنور الدين أن يعطي ابن عمه حصانا، حيث قال: “لقد أرسلت رسالة إليك وتوسطت فيها لابن عمي السيد مرزا إمام الدين الذي أصرّ عليّ كثيراً بأن أوصيك في إعطائه حصاناً. وكنت أعرف أن التوسط له في مثل هذا الوقت غير مناسب ومع ذلك كتبتُ إليك للسلوى، لأنه أحد أقاربي. وأردت أن يصلح الله عز وجلّ حالة إيمانه وينقذه من العقائد الفاسدة. (رسالة الى نور الدين في 5 مارس آذار 1887)
هذه الرسالة تكذّب فكرةَ أنَّ هناك عداءً بين الميرزا وأقاربه. وسواء ضغط إمام الدين على الميرزا، أم أن الميرزا هو الذي يريد التقرّب منه بهذه الهدية الثمينة، فالفارق ليس كبيرا، مع أننا نستبعد جدا أن يكون هناك ضغط من إمام الدين، بل نرجّح أنْ تكون محضَ رشوة من الميرزا من أجل محمدي بيغم.
وقد اقترح نور الدين فتاة أخرى على الميرزا ليتزوج بها، فرفضها الميرزا قائلا: “لا يفتيني قلبي في الزواج من بنت مثل هذا رجل”. (رسالة لنور الدين 5 آب 1887)
ومضى عام 1887 من دون زواج، ولا طلب يد الفتاة.
وفي 7/2/1888 توفيت امرأة عمرها 25 سنة من أقارب الميرزا.
وفي أواسط شهر 3 على ما يبدو، لجأ والد محمدي بيغم للميرزا من أجل أن يوقع على ورقة بشأن الأرض، فاستغل الميرزا الفرصة. فقام بما يلي:
1: أصدر إعلانا في 20/3/1888 أنّ المرأة التي ماتت قبل شهر ونصف كانت تحقيقا لنبوءة سابقة تنبأ بها الميرزا قبل 31 شهرا. ليستغلّ ذلك في الضغط على والد محمدي.
2: طلَب يد محمدي بيغم، عارضا ثلث أرضه، وأكثر، ومهدِّدا بعذاب الله الأليم وبالكوارث المتلاحقة إن رُفِض طلبه. ذاكرا مثال المرأة حديثة الوفاة.
وقد نشر أهل محمدي بيغم رسالة طلب ابنتهم في جريدة نور أفشان في 10 مايو 1888، وكانت فضيحة مدويّة للميرزا، بل كانت خزيا تاريخيا، فصار الميرزا أضحوكة الناس؛ فانزوى جدا، ولم يكتب إعلانا ردًّا إلا بعد شهرين، حيث نسب فيه فِعلته إلى الله، فقال:
“أمرني الله تعالى أن اطرحْ موضوع الزواج من ابنته الكبرى، وقلْ له بأنك ستعامَل معاملة حسنة نتيجة ذلك، وسيكون هذا الزواج مباركا وآية رحمة لك وستنال نصيبا من البركات والرحمة المذكورة في إعلان 20/2/1886م. ولكن لو انحرفتَ عن ذلك لكانت عاقبة الفتاة سيئة جدا. والرجل الذي تُنكح له الفتاة سوف يموت في غضون سنتين ونصف وكذلك يموت أبوها في ثلاث سنين، وتحل ببيته فُرقة وضيق ومصيبة، وسيحل بالفتاة خلال تلك المدة أيضا الكثير من المكروهات والأحزان. (إعلان 10/7/1888)
ويتابع قائلا:
وعندما ركّزتُ في تلك الأيام على الدعاء لمزيد من التفصيل والتصريح علمتُ أنه تعالى قدّر أن قران بنت المخاطب في الرسالة الكبرى -التي طُلبت يدها- سيُعقَد معي في نهاية المطاف بعد إزالة كل العقبات في هذا السبيل، وسيجعل اللهُ الملحدين مسلمين، وينشر الهداية في الضالين. ففي هذا الصدد تلقيت بالعربية إلهاما نصه: “كذّبوا بآياتنا وكانوا بها يستهزئون، فسيكفيكهم الله ويردّها إليك، لا تبديل لكلمات الله، إن ربّك فعّال لما يريد. أنت معي وأنا معك. عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا.” (إعلان 10/7/1888)
ثم شرح الميرزا معنى الوحي: ” فسيكفيكهم الله ويردّها إليك”، فقال:
كُشف تفصيله بعد التركيز المتكرر بأن الذين يحاولون عرقلة تحقق النبوءة من عائلتنا أو قومنا بسبب إلحادهم وحمايتهم البدعات سوف ينزِل الله عليهم آيات غضبه ويحاربهم ويُحِلّ عليهم أنواع العذاب. وينزِل عليهم مصائب لا يعرفون عنها إلى الآن. ولن يسلم من هذا العقاب أحد منهم لأنهم لم يتصدوا لأي سبب آخر سوى عدم التزامهم بالدين. (نفس الإعلان)
فالطفلة في ذهن الميرزا من أول لحظة، لا أنّ كفْرَهم في ذهنه وأنه استثمر الزواج من أجل هدايتهم كما زعم لاحقا!!!
ثم هل في ذهن العقلاء أنهم إذا رأوا عائلة ملحدة طلبوا يَدَ ابنتهم مِن أجل أن يعيدوهم إلى الدين؟
ثم هل في ذهن الأتقياء أن يعرضوا رشوة كبيرة على شخص من أجل أن تتحقق نبوءة قال الله عنها إنها ستحدث حتما وأنها قضاء مبرم؟
ثم هل في ذهن مَن لديه مسحة مِن حَياء أن يتحدث عن طفلة، ثم يظلّ يصرّ على أنه ستعود زوجةً له بعد ترملّها؟ ألا يجب عليه أن يعتذر لها ويتمنى له حياة أسرية هادئة تملؤها السكينة؟
الحقيقة أنه {قَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى} (طه 61)، {وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا} (طه 111).
عدةُ الحامل تختلف عن عدّة غير الحامل التي هي ثلاثة قروء، أو أربعة أشهر تقريبا، فإن كانت الحامل في شهرها الأول مثلا فعدتها ثمانية أشهر، {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}.
ما سببُ هذا التفريق؟
كنا قد ذكرنا إبداع الميرزا في ذلك حين قال:
“الحكمة في ذلك أنه إذا عُقد القران في أثناء الحمل فمن المحتمل أن تستقر نطفة الزوج الثاني، وفي هذه الحالة يضيع النسبُ ولن يتبين أي مولود لأي والد”. (آرية دهرم)
لكنّ أشدّ الناس حماقةً وبلاهة لا يقول بمثل ذلك. ليس لأنّ الحمل فوق الحمل غير ممكن فحسب، بل لأنه لو كان ممكنًا ووُلد الولد وعمره 9 أشهر، فالزوج قبل الأشهر التسعة معروف في كل حال. فلو تزوجها آخر قبل شهر من ولادتها فلا يمكن أن يُشكّ بالوالد الطبيعي للوليد. وإذا أمكن أن تحمل امرأة فوق جنينها ذي الأشهر الستة مثلا، وكانت قد تزوجت بآخر، فإنّ هذا الجنين الجديد لن يكبر فجأة ليصير بحجم الجنين الثاني، بل سيُعرف أنه مختلف!!! هذا كله نقوله من باب الإلزام، وإلا فهذا هراء محض.
قال أبو رغال: “إن الحمل فوق الحمل ممكن علميا، وهو من العلل الخفية التي جعل الله تعالى من أجلها عدة الحامل، وأن الميرزا كان يعرف هذه الحقيقة العلمية قبل أكثر من 100 عام”. ووعد أبو رغال أن يكتب عن الإعجاز العلمي عند الميرزا.
فأيها الناس، مضى على وعد أبي رغال هذا أكثر من نصف سنة، فإن رأيتموه وَفَى به فسنكون سعداء، حتى نتعلّم من علم الميرزا وإعجازه! أليس الميرزا هو الذي علّم العالم جواز الإصرار على الزواج من امرأة متزوجة؟ أليس هو مَن علّم العالم جواز التحدّث عن أحلامه بها وهي في لباسها الأحمر؟ أليس هو من علّم العالم روعة كتابة ألف لعنة متواصلة تغطي عشر صفحات؟ أليس الميرزا من أعلن على الملأ براءته من ابنيه وزوجته لمجرد مشاركتهم في حفل زواج؟ أليس الميرزا هو وحدَه في العالم الذي يهين نفسه، كما في قوله: “إذا ساواني الشيخ محمد حسين درجةً أيضا فسأعترف بخطئي وسأحرق كتبي كلها. وسيحق للشيخ محمد حسين أن يضع في عنقي حبلا ويقول: يا أيها الكذاب الدجال، ويا أيها المفتري، لقد ظهر خزيك اليوم”. (مرآة كمالات الإسلام)؟
أتحداكم جميعا أن تثبتوا أنّ أحدا سبق الميرزا في ذلك! فإن لم يكن هذا إعجازا فما هو الإعجاز؟!! فالمهم الآن أننا ننتظر من أبي رغال أن يفي بوعده لنفرح بإعجازات ميرزائية أخرى. فإن لم يَفِ، ولن يَفِيَ، فليشهد العالم أن أبا رغال يجلب على نفسه الهوان والوبال.

الرد:

نص قول حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام كالتالي:

قال لي الله جلّ شأنه مبشرا بأني سأملأ بيتك بالبركات وسأتم عليك نعمتي، يكثر نسلك من السيدات المباركات اللواتي ستجد بعضهن فيما بعد“. (إعلان 20/2/1886)

والسؤال هو: أين نجد زواج حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام من “محمدي بيغم” في النص أعلاه ؟

النص يقول أن نسل حضرته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام سيكثر من السيدات المباركات، وبالفعل فبعد هذا الإعلان وُلد لحضرته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام عشرة أطفال أوّلهم ابنته “عصمت” التي وُلدت في 1886، ثم وُلد لحضرته ابنه “مرزا بشير” وذلك في 1887، ثم وُلدَ الإبن الموعود حضرة مرزا بشير الدين محمود أحمد خليفة المسيح الثاني رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وذلك في 1889، ثم وُلد لحضرته “شوكت” في 1891، ثم وُلدَ لحضرته ابنه “مرزا بشير أحمد” في 1893، ثم وُلِدَ لحضرته ابنه “مرزا شريف أحمد” في 1895، ثم وُلد لحضرته ابنته “نواب مباركة بيغم” في 1897، ثم وُلِدَ لحضرته ابنه “مرزا مبارك أحمد” في 1899، ثم وُلدت ابنة حضرته “أمة النصير” في 1903، ثم ولد لحضرته ابنته “نواب صاحبة أمة الحفيظ بيغم” في 1904.

إذاً بعد إعلان المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام: “قال لي الله جلّ شأنه مبشرا بأني سأملأ بيتك بالبركات وسأتم عليك نعمتي، يكثر نسلك من السيدات المباركات” ملأ الله تعالى فعلاً بيت حضرته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام ملأه مباشرةً بالبركات ورزقه 10 من الصبيان والبنات !

فالعاقلُ يرى أن هذا تحقّقٌُ صريح لقول المسيح، أما المعترض فيحاول الالتفاف وفهم النص عكسياً كما يحلو له !

أما الشبهة الثانية عند المعترض فهي قول حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام في عام 1886 ما يلي:

“قبل قرابة أربعة أشهر انكشف على هذا العبد المتواضع أني سأوهب ابنًا كامل القوى، وكامل الظاهر والباطن، واسمه بشير. وكنت أظن أن ذلك الابن سيولد من زوجتي هذه” أهـ

فكان أن تمَّ أوّل تحقُّقٍ لهذه النبوءة بعدها بثلاثة أعوام فقط أي في 1889 وذلك عند ولادة الابن الموعود حضرة مرزا “بشير” الدين محمود أحمد رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الذي أصبح خليفة للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام لأكثر من خمسين عام ! يمكن العودة إلى منشورنا حول الابن الموعود (نسف ثلاث شبهات بحجر واحد – النسخ عند المسيح الموعود ونبوءاته وصدق شهادته).

أما باقي النص فيشرحه قول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام في نهاية النص نفسه كما يلي:

وكنت أظن أن ذلك الابن سيولد من زوجتي هذه.” أهـ

أي أن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام كان يؤول النصوص التي يتلقاها إذا لم يتلقى شرحها من عند الله تعالى وهذا التأويل هو اجتهاد من حضرته فقط عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام، والزواج من محمدي بيغم بكل حال كان مشروطاً كما شرحنا من قبل.

‏وهكذا أوَّلَ حضرته هذا الوحي بأنه زواج فقال ما يلي:

أعلنت في فبراير سنة 1886 بعد الإلهام من الله بأنه بشرني بالزواج بعد هذا الإعلان وسوف أتزوج نسوة ذوات يمن وبركات ويولد منهن أولاد.” أهـ

لأن حضرته اعتقدَ بأن ‏النساء المباركات المذكورات في الوحي زوجات ولسن بنات. ‏فكما قلنا؛ ما لم يرد في الوحي شرح واضح فإن المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام كان يأوّل النص ‏حتى يتضح في وقته. ‏وقد اتضح وتحقق بكل جلاء كما تقدم.

أما قول المعترض حول قول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام أن الابن الموعود سيكون جميلاً مثل أمه الجميلة والعفيفة قول المعترض: “وهذا تعريض بزوجته أم محمود، وكأنها تخلو مِن الجمال ومِن العِفّة.” فهو جهل مركّب لأن مدح شخص لا يعني ذم آخر بل هو لازم للشخص الممدوح لا غير. ولو أخذنا بقياس المعترض فسوف نسيء إلى النبي ﷺ وخاصة أمهات المؤمنين رَضِيَ اللهُ عَنْهن، فقد ثبت من السُنَّة أن النبي ﷺ كان يقول بأن الجنة:

«خيرُ نسائِها مريمُ بنتُ عمرانَ، وخيرُ نسائِها خديجةُ بنتُ خويلدٍ» (البخاري ومسلم)

فهل يعني ذلك أن النبي ﷺ كان يُعرّض بالسيدة عَائِشَةُ وأمهات المؤمنين الأُخر ؓ؟ هل يعني ذلك أن النبي ﷺ كان يقول أن لا خير في أزواجه ﷺ إلا خديجة ؓ؟

بالطبع لا فالمدح مخصوص بالممدوح ولا يقتضي ذم غيره. ولكن المعترض يفهم كما يحلو له !

بل إن السيدة عَائِشَةُ أُمّ المؤمنين رَضِيَ اللهُ عَنْهُا كانت تغار من السيدة خديجة أُمّ المؤمنين رَضِيَ اللهُ عَنْهُا لكثرة مدح النبي ﷺ وكانت تقول: “ما غِرتُ على أحدٍ من نساءِ النبي ﷺ ما غِرتُ على خديجةَ، وما رأيْتُها، ولكن كان النبيُّ ﷺ يُكثرُ ذِكرَها، وربما ذبح الشاةَ، ثم يُقَطِّعُها أعْضاءً، ثُمَّ يَبْعَثُها في صَدائِقِ خديجَةَ، فربما قُلْت له: كأنهُ لم يكُن في الدنيا امرأةٌ إلا خديجةُ، فيقول: «إنها كانت، وكانت، وكان لي منها ولدٌ»”.” (صحيح البخاري)

يمكنك عزيزي القارئ أن تلاحظ التطابق في جواب النبي ﷺ مع كلام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام حول محبته للزوجة التي يُرزق منها بالولد!

أما ما نسجه المعترضُ من حبكة حول نبوءة زواج المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام من محمدي بيغم فتنسفها على بكرة أبيها العبارة التي نقلها المعترضُ بنفسه وهي قول حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام:

ولا ينبغي أن يخطر ببالكم أن قضية الزواج الثالث فكرةٌ مني، بل إنني أكرهها، لكنها قضاء مبرم من الله.” أهـ

أي أن هذا الزواج ليس لأن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام كما يظن المعترض يسعى للزواج -والزواج على كل حال ليس بعيب بل هو سُنَّة يقال عنها أنها نصف الدين- بل كان حضرته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام يكره هذا الزواج بالذات ولا رغبة له به ولكن لا بد من الرضوخ للأمر الإلهيٌ الذي هو كما قلنا سابقاً مشروطٌ بقبول والدها وتوبته وأهله من معاداة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ !

أما موضوع الحمل الذي يكرره المعترض فإن مؤداه أن المعترض يصفُ نفسَه وبلسانِه أنه: “أشدّ الناس حماقةً وبلاهة” ذلك أن حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام لم يذكر الأشهر الأربعة قط ولم يذكر موضوع الحمل بعد ذلك البتة، وإنما كان عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام يذكر النص القرآني الثابت بمنع التزوج بالمطلقة الحامل لقوله تعالى:

﴿وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ﴾ – البقرة 236

وقدّمَ عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام سبباً لدعم حُكْم القرآن الكريم وهو احتمال أن تُنتج المطلقةُ الحاملُ بويضةً أثناء الحمل، ولم يُحدد عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام عمر الجنين ولم يتطرق لمدة الحمل من قريب ولا من بعيد!

هذا ما قاله عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام:

إنّ عدَّة الحوامل أن يجتنبن الزواج بعد الطلاق حتى الولادة، والحكمة في ذلك أنه إذا عُقد القران في أثناء الحمل فمن المحتمل أن تستقر نطفة الزوج الثاني، وفي هذه الحالة يضيع النسبُ ولن يتبين أي مولود لأي والد.” (آرية دهرم)

فأين الأربعة أشهر وعمر الجنين ! وهل نحن مُلزَمون بخيال المعترض !

أما قول المعترض:

ليس لأنّ الحمل فوق الحمل غير ممكن فحسب، بل لأنه لو كان ممكنًا ووُلد الولد وعمره 9 أشهر، فالزوج قبل الأشهر التسعة معروف في كل حال. فلو تزوجها آخر قبل شهر من ولادتها فلا يمكن أن يُشكّ بالوالد الطبيعي للوليد. وإذا أمكن أن تحمل امرأة فوق جنينها ذي الأشهر الستة مثلا، وكانت قد تزوجت بآخر، فإنّ هذا الجنين الجديد لن يكبر فجأة ليصير بحجم الجنين الثاني، بل سيُعرف أنه مختلف!!! هذا كله نقوله من باب الإلزام، وإلا فهذا هراء محض.

فهذا من المُضحكات المُبكيات ذلك أن الحمل فوق الحمل هو أمرٌ ممكنٌ وإن كان من الحالات النادرة وتسمى ‏هذه الظاهرة علمياً بـ “superfetation” كما ورد في صحيفة “الديلي ميل” العالمية المعروفة التي نشرت خبراً يؤكد حدوث هذا النوع من الحمل لإحدى السيدات التي كانت حاملاً فحملت بجنين جديد من رجل آخر أثناء حملها الأصلي (من هنا) (وترجمته باختصار من هنا).

فالنطفة التي تستقر في الفترة المبكرة عند الحامل تجعل تحديد هوية والد كل طفل منهما أمراً مستحيلاً دون تحاليل علمية متقدمة لم تكن موجودة في زمن حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة والسَلام، خاصة أن الخبر نفسه ذكر ذلك كما يلي:

“لا يمكن التأكد من ذلك قبل ولادة الطفلين وإجراء تحاليل الكروموزم.” (راجع)

وعموماً، فالخبر المترجَم كان سابقاً للولادة، إذ وَلدت المرأة كلا الطفلين بنفس الوقت كما في الخبر الأصلي.

إذاً كان حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام يتحدث عن استقرار نطفة الزوج الثاني في الفترة المبكرة التي يُمكن للمطلقة الحامل أن تحمل فيها بطفل جديد مما يؤدي إلى ضياع النسب وعدم معرفة الوالد !

والنتيجة أن الناس لا يلزمها خيال المعترض الواسع والمليء بالتناقضات وإساءة الفهم !

والمحصلة هي أن حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام كان يتحدث عن الحكم القرآني فقط ويقدِّم لتأييده حالة طبية ممكنة الحدوث ! ولكن المعترض لأنه ملحد لا يهمه حكم القرآن المجيد فلم يخطر بباله عند قراءة هذا النص إلا السوء والفحشاء التي ملأت قلبه حتى صار لسانه لا يخرج منه إلا السوء أعاذنا الله وإياكم، اللهم آمين.

أما موضوع الزواج المزعوم من متزوجة والطفلة والثياب الحمراء فقد رددنا عليها كلها في منشورات سابقة يمكن العودة لها والاطلاع على الردود (رؤيا المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام) ثم (نسف المعترض في سطور في قضية الزواج من محمدي بيغم) ثم (غيظ ‏المعترض يفضح إلحاده – مسألة الزواج والعمر ومحمدي بيغم) (نبوءة زواج المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام – شبهة وشهاب).

كذلك رددنا على موضوع اللعنة وما المقصود باللعنة ومن المخول بإصدارها ومن المخول بإعلانها وكل تفاصيل الموضوع (لماذا يلعن الأنبياء).

إذاً تكرار المعترض لشبهات سبق الرد عليها ونسْفها لن يفيد في تثبيتها لأن الردود عليها كافة موجودة متيسرة ‏بفضل الله تعالى يمكن للقرّاء العودة إليها متى شاؤوا. وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

About الأستاذ فراس علي عبد الواحد

View all posts by الأستاذ فراس علي عبد الواحد