صدق المسيح الموعود عليه السلام كيفما يتجلى في إعجازه اللغويّ

كلمتي في اجتماع العرب خلال الجلسة السنوية للجماعة الإسلامية الأحمدية في بريطانيا.

ملحوظة: فاتني أن اذكر خلال إلقاء الكلمة أن الآية: ” سلاسلا وأغلالا وسعيرا” وردت هكذا في قراءات قرآنية متعددة ومختلفة غيرقراءة حفص.

كذلك لا بدّ من التنويه إلى أن نصّ الكلمة أعم وأشمل، حيث إنني خلال الإلقاء اختصرت ذكر بعض الأمور.


لقد بعث الله تعالى سيدنا احمد عليه السلام مسيحا موعودا ومهديا معهودا، وأيده بالآيات والمعجزات كما أيد باقي الأنبياء والرسل.

وقد قال حضرته عليه السلام في هذا الصدد: لقد قلت مرارا أن الله تعالى قد أعطاني أربعة أنواع من الآيات، وقد كتبتها ونشرتها مرارا مع تحدٍّ كبير.

وهذه الآيات هي:

  • استجابة الأدعية: وأستطيع القول بأنه قد استجيبت أدعيتي أكثر من أي إنسان آخر. ( باستثناء النبي محمد ص)
  • آية الأنباء، أي الإظهار على الغيب. وفق قول الله {لَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} (الجن 27 – 28) والفرق بين كلام الملهم والمنجّم، أن إنباء الملهم يتسم بالعظمة والشوكة الإلهية.
  • آية دقائق القرآن ومعارفه: وفق قوله تعالى {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} (الواقعة 80)، وقال حضرته في هذا الصدد ما معناه: لقد تحديت المعارضين مرارا في هذا المجال ولكنهم لم يجرءوا على نزالي.

أما أهم هذه الآيات أو من أهمها:

  • معرفة وتعلم اللغة العربية، فهي ما سنفصل فيه الحديث لنبيّن كيف يتجلى صدقه عليه السلام من خلال هذه الآية:

تكمن اهمية هذه المعجزة والآية في أنها جاءت كظل للقرآن الكريم، فهي معجزة ماثلة أمامنا إلى يوم القيامة، تنطق بها كل كلمة من كلامه العربي، حيث قال حضرته عنها:

لقد أُعطيتُ آيةَ الفصاحة والبلاغة بالعربية كظلٍّ لمعجزة القرآن الكريم. لا أحدَ يقدر على مبارزتي في ذلك“.
(ضرورة الإمام، ص 25 – 26)

وقد ذكر المسيح الموعود عليه السلام هذه الآية في العديد من كتاباته، نذكر بعضها:

وكنتُ أنوي أن أكتب هذه الرسالة بالأردية ولكن عَلمتُ الليلة من بعض ‏الإشارات الإلهامية أنه يجب أن أكتبها بالعربية“‏ (في مقدمة كتاب التبليغ)

مكتوب أحمد، إذ جاء فيه:‏

‏”إن كمالي في اللسان العربي، مع قلة جهدي وقصور طلبي، آيةٌ واضحة من ‏ربي، ليُظهر على الناس علمي وأدبي. فهل من معارض في جموع المخالفين؟ ‏وإني مع ذلك عُلّمت أربعين ألفا من اللغات العربية، وأُعطيتُ بسطة كاملة ‏في العلوم الأدبية، مع اعتلالي في أكثر الأوقات، وقلّة الفترات، …..

فكيف تجلّت مظاهر ووجوه الإعجاز في هذه الآية، وكيف تجلى صدق حضرته عليه السلام فيها؟

أول وجوه الإعجاز هذه، هو في المقدرة على الإنشاء والكتابة كمّا وكيفا وسرعة بلغة عربية فصيحة وبليغة رغم الظروف المحيطة بحضرته عليه السلام.

فهذه الظروف لا نستطيع ان نغض الطرف عنها لفهم الإعجاز في هذه الآية. فما هي إذن!؟

فالمسيح الموعود عليه السلام، هذا الرجل الأعجمي الذي يظهر في الهند النائية عن البلدان العربية، لا يدخل المعاهد العليا لتعلم اللغة العربية ولا يمارسها في حياته اليومية – ولا نقول إنه لم يكن يعرفها من قبل كلية، بل قد تعلم قسطا يسيرا من اللغة العربية، ولكنه لم يدخل المدارس والمعاهد لتعلمها؛ وحتى لو دخل المدارس والمعاهد، فهذا كلّه لا يسعف في عملية الكتابة والإنشاء بالمستوى الذي كتبه حضرته عليه السلام.

لانه ليس كل من تعلم اللغة قادر على كتابتها، فالقضية ليست متعلقة فقط بقراءة الكتب والتخرج من مدارس وجامعات، كل هذا لن يسعف في الانشاء والكتابة، فعلماء اللغة عربية الأعاجم لا يستطيعون ذلك رغم تخصصه بهذه اللغة. إذ من أجل الكتابة بهذا المستوى الرفيع لا بدّ من الممارسة المستمرة اليومية والاختلاط بأهل اللغة لمعرفة دقائق اللغة وقواعدها من نحوها وصرفها، ودقائق المعاني اللغوية وكيفية ومواضع استعمالها المختلفة.

فلو أعطينا أي شخص أعجمي أحاطت به نفس ظروف المسيح الموعود من عدم مخالطة العرب، وعدم دخول المدارس والمعاهد لتعلم اللغة العربية، وإن كان قد تعلم اللغة الى مستوى معين، إذا أعطيناه كتابا مع قاموس لغوي وقلنا له، خذ نفس الكلمات المستعملة في هذا الكتاب، ولك أن تستخرج معانيها من القاموس، وقم بإنشاء موضوع وكتابة كتاب بلغة عربية فصيحة، فلن يستطيع ذلك.

قد يستطيع أن يكتب شيئا ولكن بشق النفس وبصعوبة بالغة، وليس في مستوى الأديب واللغوي البارع، وقد يفلح في شيء ولكن بجهد جهيد وسوف يأخذ منه الوقت الطويل لذلك.

فلن يستطيع هذا أن يكتب بمستوى المسيح الموعود عليه السلام، والحديث هنا عن الكيفية والجودة والكمية والسرعة في التأليف، فكلها دلائل ومظاهر وتجلي لهذا الإعجاز.

وقد أكد المسيح الموعود على ذلك في كتاب إعجاز المسيح حيث قال:

كل ما أدّعيه هو أنني قد أوتيتُ معجزةَ القدرةِ على الإنشاء بالعربية تأييدًا من عند الله تعالى، لكي نكشف للدنيا معارف القرآن وحقائقه بهذا الأسلوب أيضًا، ولكي نسخّر ذلك الاحتراف البلاغي الذي كان قد راج في الإسلام بشكل خاطئ مشين، ونجعله خادمًا لكلام الله العزيز. فما الجدوى من إنكار هذه الدعوى ما لم يكتبوا بمثل ما كتبناه.

أما مجرد الطعن فلم يسلم منه حتى القرآن الكريم، فقد اتهم بعض الأشرار الخبثاء بأن مضامينه مسروقة من التوراة والإنجيل …. كما يزعم اليهود عن الإنجيل بأن فيه عباراتٍ مسروقةً حرفًا حرفًا من التلمود.

وجاء في جريدة الحكم:

أولها: آية معرفة اللغة العربية، …. إن الذين يدرسون الإنشاء العربي وكتابتها يمكن أن يقدروا صعوبة ذلك ويراعون محاسنها،…..إن أكبر صعوبة أواجهها هي عندما لا أجد الكلمة الأصلية عند محلها المناسب، وعندها يلقي الله عليَّ تلك الكلمة. إنّ اختراع اللغة الجديدة المصطنعة أمر سهل، ولكن استخدام اللغة الأصيلة أمر صعب جدا. ثم إننا قد نشرنا هذه المصنفات مع جوائز قيّمة، متحدِّين أن يستعينوا بمن شاءوا وحتى من أهل اللغة العربية. وقد أكّد لي الله تعالى أنهم لن يقدروا على ذلك، لأنّ هذه الآية قد أُعطيتُ كظل لمعجزات القرآن الكريم الخارقة. (الملفوظات)

فهذا الأنشاء كما وكيفا وسرعة، بالظروف التي نشأ بها المسيح الموعود عليه السلام، هو أحد وجوه الإعجاز في لغته العربية.

هذا إذا نظرنا إلى لغته عليه السلام التي تتماشى مع اللغة المعروفة لنا في عصرنا الحاضر والتي يعرفها أبناء اللغة أنفسهم ويعرفها المتخصصون باللغة العربية من أدباء وشعراء. فبالنظر إلى هذه الجزئية من لغته عليه السلام نرى بأن الإعجاز واضح وجلي.

ولكن، كيف إذا عرفنا أن هذا الإنشاء وهذه الكتابة، جاءت بلغات عربية يجهلها أبناء اللغة أنفسهم ويجهلها أدباء وشعراء ومتخصصو اللغة العربية من أبناء هذه اللغة نفسها؟!

حينها يكون الإعجاز أعظم وأسمى بما يدل بشكل قطعي أن كل هذا التعلم لا يمكن إلا أن يكون مصدره الوحي الإلهي والعناية الربانية، وهذا ما ثبت فعلا!

حيث قال المسيح الموعود عليه السلام:

وإني مع ذلك عُلّمت أربعين ألفا من اللغات العربية.

وقال أيضا:

ومن آياته أنه علّمني لسانا عربية، وأعطاني نكاتا أدبية، وفضّلني على العالمين المعاصرين.

فما هي هذه اللغات وما هي هذه النكات؟

معنى اللغات

اللغات العربية لها مفهوم واسع يحوي بين طياته المفردات والتراكيب والأساليب، ثم معاني الكلمات والمترادفات، الاختلاف في قراءة الكلمات ولفظها وتحريكها. ولكن الأهم من كل ذلك أن القصد من اللغات العربية، هو لهجات ولغات عربية وقواعد لغوية ونحوية غير تلك المعروفة لنا، ولا حتى لمتخصصي اللغة انفسهم، وقد تبدو لأول وهلة بأنها أخطاء لغوية، ولكن بعد فحص المسألة يتضح أنها لغات عربية فصيحة تكلمت بها بعض القبائل العربية القديمة، أو لغات وقواعد نحوية عربية أخذ بها بعض النحاة المعروفين دون غيرهم، إلا أنها أقل رواجا من غيرها وصولا إلى ما هو شاذ ومهمل ومتروك، وهذه كلها من اهم مظاهر الإعجاز في لغة المسيح الموعود عليه السلام.

لماذا أقول أن هذه أهم مظاهر الإعجاز، لأننا قلنا أن أول وجوه الإعجاز هو ملكة الإنشاء بلغة فصيحة وبليغة رغم الظروف المحيطة به عليه السلام، ولكن ممكن أن يكون هذا الإنشاء وفق اللغة الرائجة اليوم لأنها الأسهل في معرفتها وتعلمها، عن طريق الاختلاط مع العرب، أو قراءة الكتب العربية لأنها تتبع هذه القواعد؛ ولكن الإعجاز يكون أكبر وأسمى حين يتبين لنا أن المسيح الموعود يحيط بهذه اللغات غير المعروفة رغم فصاحتها، والتي لا يتكلمها ولا يكتب بها العرب في هذا العصر، وهذا لا يمكن أن يتأتى إلا بتعليم الوحي الرباني.

لفهم هذه المسألة لا بد من فهم مسألة وضع قواعد اللغة

معنى القواعد

حيث أن قواعد اللغة من بين أهم الأهداف لوضعها كان تسهيل تعلم اللغة، خاصة على غير العرب وكذلك على العرب أنفسهم، نظرا لاتساع اللغة العربية واختلاف اللهجات فيها، وكذلك لأن من هذه اللّغات ما لم يسلم من التأثّر باللغات الأخرى، وبدا تسرب الخطأ فيها .. فلمنع ذلك بدأ التقعيد في اللغة.

فجاء النحاة وبدأوا عملية تقعيد اللغة باعتمادهم على القرآن الكريم، وعلى لهجات ولغات القبائل العربية المعروفة بفصاحتها ونقاء لغتها، وأخذوا منها الأكثر شيوعا، فجاءوا لنا بالقواعد الرائجة اليوم في لغتنا الفصحى التي نتعلمها في الابتدائية والثانوية والجامعات.

ولكن رغم ذلك، إلا أنه هنالك الكثير من القواعد التي تخرج عن هذا الإطار المعروف أو الأكثر شيوعا في لغتنا وبين المتخصصين، وهذه القواعد نرى بأن المسيح الموعود اتبعها في لغته، وهي التي تشكل وجوها مختلفة للإعجاز في لغته. تعالوا نعددها ونضرب الأمثلة عليها:

  • قواعد نحوية لم يأخذ بها النحاة أنفسهم، ولم يكتمل علمهم فيها، بل هي موجودة في لغات ولهجات القبائل العربية الفصيحة المعروفة بفصاحتها

مثال على ذلك: الممنوع من الصرف.حيث إننا نتعلم في المدارس والجامعات أن هنالك بعض الكلمات ممنوعة من الصرف. ولكن بفحص المسألة نجد أن هنالك قبائل عربية صرفت الممنوع من الصرف، وهي من أفصح القبائل العربية. ووفق هذه اللغة نجد المسيح الموعود قد صرف الممنوع من الصرف أحيانا في بعض كتاباته.

وهذه ليست لغة شاذة بل موجودة في القرآن الكريم في قراءات قرآنية مختلفة وعديدة، كما في الآية: “وسلاسلا وأغلالا وسعيرا“، لغة قرآنية، والآية {وَلَا يَغُوثَا وَيَعُوقَا وَنَسْرًا} (نوح 24) فأين هؤلاء الذين يخطئون المسيح الموعود في هذا الأمر من القرآن الكريم!؟؟؟؟

  • قواعد نحوية أعم وأشمل من المتبعة في لغتنا الأساسية المعروفة، مثلا: المستثنى بإلا في إحدى حالاته، التام الموجب، تعلمنا أنه يجب نصبه لا غير، ولكن عندما نبحث في القضية نجد بأن لهذه القاعدة قاعدة أعم وأشمل تقول أنه يجوز أن يرفع. ووفق هذه القاعدة الشاملة جاءت الآية القرآنية:{ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ} (البقرة 250) التي وفق قراءة أخرى نجد أنها جاءت برفع قليل. وهذه القاعدة من الرفع للمستثنى بإلا في هذه الحالة اتبعها المسيح الموعود عليه السلام أيضا.

وهذه ليست قاعدة شاذة أو غير معروفة، بل موجودة في أهم المصادر النحوية ومن أفصح اللغات العربية، ولكن اختُصرت تيسيرا للطلاب في تعلم اللغة. المشكلة أن متخصصي لغة عربية لا يعرفون أنها صحيحة ويعترضون على المسيح الموعود فيها.

  • وهذه ( صرف الممنوع من الصرف ورفع المستثنى التام الموجب) قواعد نحوية موجودة في قراءات قرْانية مختلفة غيرقراءة حفص التي بين يدينا؛ والسبب في ذلك أن النحاة لم يعتمدوا كثيرا على القراءات المختلفة في تقعيد اللغة، رغم أنها كلها تصيب وجها من وجوه اللغة العربية وفق أقوال الباحثين، ونجد اليوم من الباحثين من ينادي الى الاعتماد عليها، وإعادة النظر في موضوع الممنوع من الصرف خاصة.
  • قواعد نحوية موجودة في القرآن بالقراءة التي بين يدينا ولكن نجدها متبعة أكثر في قراءات القرآن الأخرى، مثل كان التامة التي تحتاج الى فاعل فقط. مثل:

{وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} أي: حدث ووقع، وهذه في قراءتنا

وقال تعالى في قراءات مختلفة: {إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً/ تجارةٌ عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} و {وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً/ حسنةٌ يُضَاعِفْهَا} و(أكان للناس عجبا/ عجبٌ)

وهذا ما أكّده المسيح الموعود عليه السلام أن الوحي كان يعلمه ويلقى على قلبه جملا، وتكون بعضها آياتٍ من القرآن الكريم، وبعضها شبهَ آيات مع شيء من التصرف.

عندما كتب المسيح الموعود عليه السلام (أكان للناس عجبٌ) أقام المعارضون الدنيا ولم يقعدوها بالقول أن رفع عجب خطأ، وان هذا يخالف القرآن الكريم، وهؤلاء المساكين لا يعلمون انها لغة قرآنية نزل بها الوحي القرآني.

  • قواعد نحوية اختلف فيها النحاة وما أكثرها، أقول بدون مبالغة: أكاد لا أجد كتابا أو موضوعا في النحو إلا وفيه اختلاف بين النحاة. في كل موضوع البصريون و الكوفيون و البغداديون، مختلفون فيه ولكل آراءه.

إذ قد عُرف عن المدرسة الكوفية أنها لم تكن تفرّط في أي شيئ يصلها عن العرب بالسماع، فكانوا يأخذون حتى الشاذ والمهمل، ووصل بهم الأمر أنهم كانوا يجعلون هذا الشاذ أصلا فيبنون عليه قاعدة ويبوّبوا عليه. هذا على عكس البصريين الذين يريدون إخضاع كل شيء لقاعدة معينة أو للقياس ويؤاخذون بإهماله الكثير من اللغة.

فنجد أحيانا ونظرا لهذا الاختلاف أن المسيح الموعود عليه السلام، يسير وفق رأي بعض النحاة الأقل شيوعا. مثل توكيد النكرة الذي أقرّ به بعض نحاة الكوفة.

فإذا كانت آراء الكوفيين لم ترُج، فماذا إذن، هل لنا أن نحكم عليهم بأنهم ليسوا فصحاء ؟؟؟

  • كذلك هنالك قواعد لغوية اتبعتها بعض القبائل العربية وممكن أن لا نجدها في القرآن الكريم، ولكنها لغات عربية فصيحة، مثل إبطال عمل ليس اذا انتقض بإلا الاستثنائية، وهي لغة بني تيمي.

مثل قول المسيح الموعود عليه السلام: ليس عندهم إلا كافر دجال.

ومن الجدير ذكره ان عدم ورود هذه اللغات في القرآن الكريم،لا يقدح في فصاحة هذه اللغات، فالقرآن الكريم هو الأفصح ولا شكّ، ولكن هذا لا يقول أن لغات القبائل العربية الأخرى ليست فصيحة، من الممكن أن نقول أنها أقل فصاحة ولكن بين أن نقول أقل فصاحة من القرآن الكريم و أنها غير فصيحة فرق كبير.

  • (قواعد نحوية أخذ بها ورجّحها مفسرو القرآن على خلاف النحاة أنفسهم، ونجد من بين المتخصصين اليوم من يؤيدها، اذ لم يستطع النحاة استنباط جميع القواعد النحوية من القرآن الكريم، فمثلا عندهم شبه الجملة يجب أن تعتبر خبرا دائما، ولكن عند بعض مفسري القرآن الكريم على خلاف النحاة والقواعد النحوية عندهم ممكن اعتبار شبه الجملة مبتدأ أحيانا. فمن اتبع هذه القاعدة التي تناقض إحدى المسلمات في النحو العربي؟ المسيح الموعود عليه السلام.

هذه هي النكات اللغوية، وجزء من اللغات التي تعلمها المسيح الموعود عليه السلام من الله تعالى. إذ كيف يمكن له عليه السلام وفق الظروف التي سردناها أن يصل إلى هذه الدقائق اللغوية لولا التعليم الإلهي!

ورغم أنها ليست شائعة أو رائجة، إلا أن هذا لا يقدح بفصاحتها، ويكفي إثباتا لفصاحتها، أنها مما نزلت به القراءات القرآنية المختلفة، فلغات المسيح الموعود عليه السلام هذه، هي لغات الوحي الألهي، والذي يعترض عليها إنما يعترض على الوحي الإلهي من حيث لا يحتسب!!

وكل هذه اللغات والنكات تشهد على صدق حضرته في قوله بتعلم اللغة العربية من الله تعالى، وتشهد على صدق دعواه بشكل عام.

وأختم بما قاله حضرته عليه السلام:

فلا تستطلعوني طِلْعَ أديبٍ، وما أنا في بلدة الأدب إلا كغريبٍ