بدأت قصة الأخ “جوزيف سيغر Joseph Seager” مع الدين منذ سن مبكرة عندما كان يذهب إلى الكنيسة ويحضر القداس والمواعظ والمناسبات كباقي أفراد أسرته وجميع أقرانه المسيحيين. ففي هذا الوقت ورغم صغر سن جوزيف إلا أنه لم يكن يجد المتعة والفائدة الروحية في تعاليم المسيحية ولذلك كان يكتم الملل الذي يشعر به حتى وصل به الأمر أخيراً إلى ترك الدبن وهو لازال يافعاً وذلك لأنه كثير التفكر والبحث عن الحقيقة ولا يحب التوقف عند نقطة يشعر أنَّ فيها تناقضات أو تصادم مع حقائق ثابتة. ولكن رغم تركه للمسيحية وهو لا زال في سن المراهقة، إلا أن جوزيف ظلّ يؤمن بالله تعالى ويتطلع إلى السماء وتستهويه التأملات بالنجوم المتلألئة في جوف الليل وكان قلبه يرتاح بالعلم والمنطق ويرى بأنهما يَصبّان في نهر الإيمان. نما هذا الشعور عند الأخ جوزيف لسنوات وكان يصاحبه حزن على حال العالم وما يحدث فيه من ظلم وجور، وذات يوم شاهد تقريراً علمياً حول قوانين الفيزياء والكون فصُعِق وصار أشدّ إيماناً بوجود الله ﷻ، فخرج إلى الشرفة ليلاً ونظر إلى السماء وقال مخاطباً الله تعالى:

“يا الله، لقد آمنتُ بك. فأين أنت؟ إنَّ العالم في خراب”.

بعد هذه الحادثة انتقل جوزيف للعيش في مدينة أوستين بولاية تكساس الأمريكية، وهناك تعرّف على جاره المسلم “عزيز لطيف”. أُعجب جوزيف بأخلاق جاره عزيز، فهذا الجار كان دمثاً للغاية محترماً وعطوفاً وكان يساعد جوزيف وأهله كلما احتاجوا إلى مساعدة وكان يشاركهم الطعام في منزله ويقدم النصح القيّم لهم كلما طلبوه. والذي استرعى انتباه جوزيف هو حديث الجار عزيز لطيف المتكرر والممزوج بالحب الشديد حول حكمة وجمال خُلُق النبي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم. بالطبع لم يكن جوزيف يعرف أي شيء عن النبي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، فقدَّمَ له جاره عزيز نسخة من كتاب “فلسفة تعاليم الاسلام” الذي ألّفه مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام، فبدأ جوزيف يقرأه بالإضافة إلى كتاب آخر للجماعة حول أساسيات الدين. وهنا حدثت النقلة النوعية في حياة الأخ جوزيف والتي يصفها بأغرب شيء حدث في حياته. لقد بدأ جوزيف بعد قراءة كتاب المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام “فلسفة تعاليم الاسلام” يدعو الله كعادته ولكن هذه المرة بدأ يتلقى إجابات مباشرة من الله تبارك وتعالى ! وقد كان جوزيف يرى أنَّ التواصل مع الله تعالى هو أمر غير ممكن ولكن ها هو الآن يدعو فيتلقى الرد مباشرة ! فبدأ يقرأ أكثر حول الأديان ويقارن ويدعو الله تعالى فيتلقى الرؤى العجيبة التي كانت مثل الحوار المتسلسل مع الله ﷻ، وأحياناً يشاهد الردود الإلهية والإشارات في اليقظة. كان الأمر في منتهى الجَمال فأخذ جوزيف يروي لأصدقائه ما يجري معه، ولكنهم كانوا يردّون عليه بأنه ربما بدأ يفقد عقله.

أثار كتاب “فلسفة تعاليم الاسلام” إعجاب جوزيف لدرجة كبيرة وبالأخصّ أنَّ المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام يتكلّم حول كل ما درسه جوزيف وتعلمه أثناء مراجعة الأديان المختلفة، وكانت معرفة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بهذه الديانات وفهمه لها والرد عليها قد أذهلت جوزيف كثيراً خاصة وأنَّ المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام يتحدث عن تجربة لا عن دراسة فقط، فقال جوزيف: لا شك أنَّ هذا الرجل العارف يمتلك ما يفتقر إليه الجميع، ألا وهو الفهم الصحيح للقُرآن الكريم وحب النبي مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم ومقامه عند الله تبارك وتعالى.

واصلَ الأخ جوزيف صلواته ودعائه بلا انقطاع حتى أَخْبَرَهُ جاره ذات يوم بأنك تعيش بالفعل كمسلم، فلماذا لا تدخل الإسلام بطريقة رسمية لتتمتع بحالة الإسلام الحقيقي؟ ومن هنا ساعد الجار عزيز لطيف جاره الأمريكي جوزيف سيغر على إملاء وثيقة البيعة.

يقول الأخ جوزيف سيغر بأنه بعد دخوله في الإسلام على يد الجماعة الإسلامية الأحمدية بدأ يرى العديد من الآيات تتحقق وكلما احتاج أمراً وأراد فهمه أصبح يرى الجواب مباشرة عندما يفتح القُرآن الكَرِيم. يقيم الأخ جوزيف سيغر حالياً في كندا وهو متزوج من سيدة أحمدية ونشاطه في مجال التبليغ لا ينضب ويعمل بدأب على نشر الإسلام في الغرب.

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

About الأستاذ فراس علي عبد الواحد

View all posts by الأستاذ فراس علي عبد الواحد