سَـــمِــيــر بُــو خــطّــة – المبشر الأحمدي (ومنظم فروع الجماعة في الجزائر) وافته المنية صباح 24 فبراير 2015 في ألمانيا رحمه الله تعالى وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله الصبر والسلوان آمين – إن لله وإن إليه راجعون
يقول سيدنا مسرور أحمد أمير المؤمنين نصره الله في خطبة الجمعة ليوم 27/02/2015 :
“بعد الجمعة والعصر سأصلي الجنازة على الغائبَين أحدهما السيد سمير بوخطة الذي وافته المنية صباح 24 فبراير 2015 في ألمانيا، إنا لله وإنا إليه راجعون. كان مريضًا بالسرطان منذ فترة طويلة، إلا أنه ظل مشغولا بخدمة الدين رغم هذا المرض المؤلم. كان عمره 58 عاما.
ولد في الجزائر في 11 مايو 1957 وبايع على يد الخليفة الرابع رحمه الله في عام 1991.
يقول أمير الجماعة في فرنسا: كان المرحوم يقول: لقد رأيت الرؤى الصالحة بكثرة لدرجة لم يبق أمامي مجال لرفض الأحمدية. ظل يخدم بوصفه رئيس الجماعة في فرع “كاسل” بألمانيا من 1993 إلى 1994، وصار أميرًا محليًا في إقليم “كاسل” من 1994 إلى 1999. ومن 99 إلى 2003 وُفِّق لخدمة الجماعة بوصفه أميرا لإقليم “هيسن”.
يقول أمير الجماعة في فرنسا: اشترك المرحوم في الجلسة السنوية لجماعة فرنسا عام 1998، وكان هذا لقائي الأول معه. قال لي أثناء الحديث إن المصلح الموعود رضي الله عنه قال إنه لو لقي شخصين مخلصين إلى حد الجنون لتحقق هدفه، وأريد أن أكون أحدهما. ثم حاول أداء واجب التبليغ بكل إخلاص إلى حد الجنون. كتب لي عام 2006 بأنه يريد خدمة الدين بصفة معلم ديني، مع أنه كان يقوم بخدمة الدين من قبل أيضا، فوفقه الله تعالى بعد هذا الطلب للخدمة على أحسن وجه إلى آخر لحظة من حياته. كتب أمير جماعتنا في فرنسا: لقد رأيت سمير بوخطه يقوم بالدعوة كالمجانين منذ 16 عاما. لو اضطر للمشي طويلا في شوارع فرنسا والمغرب وتونس والجزائر وجزر الكاريبي، فلن يشتكي قط ولن يقول بأن المسافة طويلة ولا توجد سيارة، بل كان يبدأ المشي ويظل يمشي أميالاً وأميالا من أجل التبليغ والدعوة وتوزيع المنشورات والرد على أسئلة الناس.
كان يحب الخلافة جدا، ويحافظ بحرص واحترام على كل رسالة تصله من الخليفة. قام برحلات كثيرة للجزائر من أجل تنظيم فروع الجماعة هنالك. كتب رئيس جماعتنا في الجزائر: في بعض المناطق التي كان السفر فيها صعبا جدا، وصل إلى كل قرية مشيًا على الأقدام في الحر الشديد، وظل يعمل عندنا بدون انقطاع رغم إصابته بالسكري. قام المرحوم مع أمير جماعتنا في فرنسا بجولات عديدة إلى المغرب، وذات مرة قضى شهر رمضان واحتفل بالعيد هنالك. كان يزور كل بيت أحمدي ويجمع أهله ويعلّمهم نظام الجماعة. لقد خدم الجماعة بمثابرة وثبات عظيمين. لم يقم بنشر دعوة الأحمدية فقط، بل قام بتربية مَن بلّغهم الدعوة، وقام بتنظيم فروع الجماعة. ذات مرة ألقت الشرطة القبض عليه في تونس في أحد أسفاره الدعوية، ثم خلّت سبيله لكونه يحمل جواز سفر أوروبي. كتب أمير فرنسا: لن أبالغ لو قلت كان المرحوم يقوم بالدعوة كالجنّ. لقد بلّغ الدعوة في آخر أيامه أيضا، وأوصى أبناء الجماعة بالدعوة. كتب داعيتنا في مدينة كاسل: كانت آخر رسالة بعثها المرحوم لحضرتكم عن طريقي كالتالي: إذا كنتُ قد ارتكبت خطأ في عملي فاعفُ عني يا سيدي. وأنا أقول: الحق أن المرحوم لم يوفّ عهد البيعة حق الإيفاء فحسب، بل سعى لإيفاء عهده بخدمة الدين أيضا إلى آخر حد ممكن. كانت خدمة الدين شغله الشاغل. كانت طاعته للخليفة عظيمة بحيث لا يتوقع المرء بأن أحمديا جديدا يمكن أن يتحلى بمشاعر الطاعة لهذه الدرجة.
كتب السيد سفيرُ الأمان داعيتُنا في كاسل: بعد جهد جهيد حصل على إذن خاص من إدارة المستشفى لأداء صلاة الجمعة الماضية، وحضر المسجد فعلاً، وأخذ معنا الصور، إذ كان يعلم بل كان يقول: إنها آخر جمعة لي. ويتابع داعيتنا في كاسل ويقول: طالبني المرحوم في أيامه الأخيرة بتزويده بنسختين من كتاب “الذكر الإلهي” لحضرة المصلح الموعود رضي الله عنه، لأنه يريد أن يعطيهما بعض الأطباء الذين كانوا يعالجونه، ولما أوصلتُ له النسختين في المستشفى فلم يلبث أن أمر زوجته أن توصلهما إلى الطبيبين بدون تأخير. وكان هؤلاء الأطباء أيضا معجبَين جدا بسلوكه وأخلاقه حتى قالوا مرة بعد أخرى إنهم لم يروا مريضا صبورا ومتوكلا على الله مثله. ويتابع الداعية ويقول: عقدْنا ذات مرة جلسة لنقرر مقدار ونوعية الطعام الذي سنعده لبعض الضيوف القادمين، ولكن طال النقاش بدون داع، وكان المرحوم حاضرا هذه الجلسة كممثل لجهته، فتضايق من طول النقاش وقال في سخط شديد: لسنا أولادًا صغارا ولا أحمديين جُددًا حتى نعلَّم القواعد من جديد، عندنا نظام وهو أن ممثل الخليفة، أي الداعيةَ، موجود بيننا، فعلينا أن نطيعه فيما يقول، فاتركوا الأمر له ثم اعملوا بقراره وأطيعوه. وأقول: لو تحلّى أبناء الجماعة بهذه الروح لكُتب لمختلف فروع الجماعة الاتفاق والاتحاد والازدهار بفضل الله تعالى.
كان المرحوم يقول دائما: علينا أن نسعى جاهدين لتبليغ دعوة المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام في كل مكان نستطيع أن نصله، أما الهداية فعلى الله. وكان يقول أيضا: تبليغ الدعوة هو بمنزلة الأكسجين لي. ويوجد في جماعتنا في مدينة كاسل كثير من الأحمديين الباكستانيين الذين قد انضموا إلى الجماعة بجهود المرحوم. لقد خلّف وراءه أرملته السيدة مريم بوخطة وثلاثة أبناء أكبرهم نور الدين وهو متزوج، والثاني هو عبد الحكيم، والثالث هو منير أحمد. رفع الله درجات المرحوم ووفق أولاده لاتباع خطواته. آمين
كان عند المرحوم حقيبة صغيرة كان يخرج بها في الأسفار التبليغية دائما، وكان قد حجز في هذه الأيام أيضا تذاكر السفر إلى الجزائر، ولكن جاءه الأجل قبل ذلك. يقول أمير فرنسا: بعد وفاة المرحوم سُلّمت هذه الحقيبة إلى أرملة المرحوم، فوجدت فيها قميصين وسروالا ومعطفا دافئا، وأربعة من كتب عربية لسيدنا المسيح الموعود عليه السلام، ورسائل الخليفة الخامس، ومئة استمارة بيعة بالعربية. هذا كان زاده الذي يأخذه في أسفاره في هذه الحقيبة التي كان يحتفظ بها دوما. وكتب السيد فالي محمد رئيس جماعتنا في الجزائر: كان المرحوم دمث الأخلاق وممثلاً للخليفة على أحسن وجه. قابلته أول مرة عام 2007، وبعدها قام بتنظيم جماعتنا بحسب تعليمات الخليفة. كان يقوم بالجولات رغم مرضه بدون أي شكوى أبدا. كان يتحلى بالصبر دائما من أجل إعلاء كلمة الحق. كان يتمنى بشدة أن يكون لجماعتنا مسجد في الجزائر نصلي فيه. وكتب السيد أعمراش حميد من الجزائر: كان المرحوم ذا شخصية قوية، وقد غمرت قلبي مشاعرُ الحب نحوه من أول لقاء معه. قلت له في اللقاء الأول هل يمكن أن يكون لنا مسجد هنا، فتبسم وقال إن وعد الله تعالى مع الخادم الصادق للنبي صلى الله عليه وسلم وعدٌ حقٌ يقينا، وعندما يُبنى هنا مسجد لنا ولم أستطع الحضور هنا فلا تنسوني واذكروني في دعائكم.
قال المرحوم: في جولتي لإحدى البلاد الإفريقية أخذ شيخ كبير بيدي وقال: هل أريك كنزًا؟ ثم أخرج من جيبه رسالة قبول البيعة من الخليفة وكان قد حفظها بتغليفها بالبلاستيك، وقال: هذا كنز لا بد من الحفاظ عليه. فهؤلاء قوم قد انضموا إلى الأحمدية ولا يزالون يزدادون إخلاصا ووفاء.
وكتب السيد عبد الكريم من ألمانيا: كان المرحوم محبًا للخلفاء إلى حد الجنون، مطيعا للمسؤولين، متحمسا للدعوة والتبليغ ومخلصا فدائيا. لقد قرأ كتب المسيح الموعود العربية والمترجمة ثلاث مرات، وكان يحفظ فقرات كثيرة منها عن ظهر غيب.
خلال إمارته لجماعتنا في كاسل انضم إلى الجماعة من خلال دعوته أناس كثر من 18 شعبا، فقام بتربيتهم وجعلهم أعضاء نشيطين في الجماعة. كان يقيم في مركز الجماعة في كاسل ندوة تربوية يحضرها نحو 90 من العرب الأحمديين الذين كانوا يُحضرون معهم العرب غير الأحمديين. كان ملاكًا لجماعتنا في كاسل. لقد لعب دورًا كبيرا في حصول جماعتنا على مسجد هنالك. كان يتقن العربية والفرنسية والألمانية. وكتب السيد عبد السميع القرشي: لقد بايع المرحوم بواسطتي، ولما أرسلت استمارة بيعته إلى الخليفة الرابع رحمه الله كتب له في الجواب: أنت مصداقٌ لوحي المسيح الموعود عليه السلام: ينصرك رجال نوحي إليهم من السماء”. وقد أثبت المرحوم فعلا أنه كان مصداقا لهذا الوحي بفضل الله تعالى.”