المعترض:

انظروا يا ايها الناس واسمعوا إلى الكذب الذي تحترفه جماعة العجائب أي الجماعة الأحمدية بخصوص موضوع خاتم النبيين وكيف يقول الأحمديون أنه لا يعني الآخر بل الأفضل ويستهزؤن بالمسلمين! لقد كان الميرزا صاحب إلى آخر يوم في حياته ينفي النبوة عن نفسه ولم يفسر قَطْ خاتمَ النبيين إلا كما هو معروف عند المسلمين أي الآخر وأكد أن النبوة انقطعت ولا نبي بعد محمد ﷺ (وأخذ المعترض يقرا بعض النصوص من كلام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام)، ولكن محمود خليفتهم الثاني يقول أن النبوة مستمرة وأن الذي يقول بأن الأمة لا ينزل فيها نبي فهو يضحك على المسلمين ! طيب أبوك هو الذي يقول بانقطاع النبوة! لقد حاول المولوي محمد علي أن يروج للميرزا صاحب على أنه ليس نبياً وأنه مجدد لا أكثر ولكن الله شاءَ أن يقوم ابن الميرزا بتدمير أبيه وجماعته بنفسه عندما أعلن أن والده نبي! الرجل لم يقل باستمرار النبوة بل أكد ألف مرة بأن النبوة انقطعت وأن لا نبي بعد محمد ﷺ! لهذا أقول بأن هذه الجماعة هي افشل جماعة على الإطلاق وأن كل ما قاله الميرزا يتناقض مع ما يقوله ابنه وخليفته الثاني محمود 180 درجة والأحمديون من بعده! هل تريدون أكثر عجباً وفشلاً من هذا ؟

الرد:

نشكر المعترض بداية على اعترافه الصريح والصحيح أن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام كان يؤمن ويقول طيلة حياته بأن النبي ﷺ هو خاتم النبيين لا نبي بعده ولم يخالف المسلمين على الإطلاق، فهذا اعتراف منه به نشكره عَلَيه. بقي أن نضيف أن الجماعة الإسلامية الأحمدية تؤمن بأن خاتم النبيين بالفعل تعني آخر النبيين ولكنها لا تقول ذلك وتسكت فتقصر المعنى على ذلك فقط بل تأخذ بمجموع المعاني لعبارة خاتم النبيين بما تنص عليه اللغة وهو الآخر والأفضل والأكمل خاصة وأنه ورد في سياق المدح مضافاً إلى جمع العقلاء، وبهذا التفصيل السريع تثبت الجماعة الإسلامية الأحمدية عبر المُصْلِح المَوْعود أي حضرة مرزا بشير الدين محمود أحمد خليفة المسيح الثاني رَضِيَ اللهُ عَنْهُ تُثبت أن النبي ﷺ هو آخر وأفضل وأكمل نبي في سلسلة النبيين والمرسلين وتبرهن على ذلك من خلال بعثة المسيح تابعاً له ولشريعته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم.

نزول المسيح والنبوة

يجب أن نعي في البداية أن مسألة نزول المسيح بصفته نبياً ثابتة في الإسلام ولا يختلف على هذا الأصل إلا الذين ينكرون السنة، وان نزول المسيح عند جمهور المسلمين وعمومهم هو أمر مفروغ منه. ولقد أكد المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بعد أن تلقى الوحي من الله تعالى بأنه هو المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وأن المسيح الإسرائيلي عَلَيهِ السَلام قد توفي ولن يعود وأن المهدي هو عيسى كما في حديث النبي ﷺ وبذلك يكون هو المسيح المهدي لهذه الأمة بمثال ووظيفة المسيح الذي أرسل إلى بني إسرائيل وتوفي بنص القرآن الكريم. ومن هذا التأكيد نقتبس قول المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام حيث يؤكد بأن أي نفي للنبوة صرّح به عَلَيهِ السَلام إنما كان للنبوة المستقلة التي تاتي بشريعة جديدة، فهذه انقطعت ولا مجال لأي نبوة ولا رسالة بعد النبي ﷺ، بينما المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام الذي بشّرَنا به المصطفى ﷺ هو نبي ولكن نبوته نابعة من نبوة سيده مُحَمَّد ﷺ فقط ولا شريعة عنده إلا شريعة القرآن الكريم ودوره يقتصر على التجديد وازالة الأوهام والمفاهيم الخاطئة وإعادة الفهم الصحيح للدين، فيقول عَلَيهِ السَلام:

حيثما أنكرت نبوتي ورسالتي فبمعنى أنني لست حامل شرع مستقل، كما أنني لست بنبي مستقل. ولكن حيث إني قد تلقيت علمَ الغيب من الله تعالى بواسطة رسولي المقتدى، مستفيضًا بفيوضه الباطنة، ونائلا اسمَه فإنني رسول ونبي، ولكن بدون أي شرع جديد. ولم أنكر أبدًا كوني نبيًّا من هذا المنطلق، بل إن الله تعالى قد ناداني نبياً ورسولاً بنفس هذا المعنى. لذلك لا أنكر الآن أيضا كوني نبيًّاً ورسولاً بهذا المفهوم. .. لا بد من أن تتذكروا أمرًا هامًا ولا تنسوه وهو أنه بالرغم من أنني قد نوديتُ بكلمات “نبي” و”رسول” إلا أنني قد أُخبرتُ من عند الله تعالى أن كل هذه الفيوض لم تنـزل عليّ مباشرة، وإنما ببركة الإفاضة الروحانية من كائن مقدس يوجد في السماء.. أعني محمدًا المصطفى ﷺ. فببركة هذه الوسيلة، ومن خلالها وبفضل نيلي إسمَيه مُّحَمَّداً وأحمدَ.. فأنا رسولٌ ونبيٌّ أيضاً“. (إزالة خطأ، الخزائن الروحانية ج 18 ص 210 -211، طبعة 1901)

وزادَ عَلَيهِ السَلام الأمر تأكيداً فقال:

إنني أدّعي أني رسول ونبي. والواقع أن هذا النـزاع لفظي. ذلك أن الذي يكلّمه الله ويحاوره بحيث تكون مكالماته مع الله تعالى أكثر من الآخرين كمًّا ونوعًا، وتكون مشتملةً على كثير من الأنباء الغيبية.. فإنه يُدعَى نبيًّاً. وهذا التعريف ينطبق علي، لذا فأنا نبي، غير أن هذه النبوة غير تشريعية أي غير ناسخة لكتاب الله تعالى“. (جريدة “بدر” 5 مارس/ آذار 1908. و “الملفوظات”، مجلد 10 ص 126)

وكذلك قال عَلَيهِ السَلام:

وأُقسم بالله الذي نفسي بيده أنه هو الذي بعثني، وهو الذي سماني نبيًّا، وهو الذي ناداني مسيحًا موعودًا، وقد أرى -إظهارًا لصدقي- آيات كبرى يبلغ عددها حوالي ثلاث مائة ألف“. (تتمة حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية ج 22 ص 503، طبعة 1907)

وكذلك قال عَلَيهِ السَلام:

فإنني نبي وفق حكم الله تعالى. ولو أنني أنكرت ذلك لأصبحت عاصيًا. وما دام الله هو الذي سماني نبيًّا فكيف يمكن أن أنكر ذلك“. (جريدة “أخبار عام”، لاهور، 26 مايو/ أيار 1908)

فهل بقي بعد هذا أي التباس أو غموض حول إعلان المسيح الموعود عن نبوته عَلَيهِ السَلام ؟

إذاً، فالقول أن المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام نفى النبوة مطلقاً هو قول خاطئ تماماً بعد أن سقنا الدليل القاطع من كلام صاحب الشأن نفسه أي حضرة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام بما لا يحتمل التأويل. أما استمرار النبوة فلا تقول به الجماعة الإسلامية الأحمدية وإنما هي نبوة المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام فقط الذي نتفق جميعاً كمسلمين أحمديين وغير أحمديين بأنه نبيٌّ بغضّ النظر عن كونه هو حضرة مرزا غلام أحمد عَلَيهِ السَلام أو عيسى نبي بني إسرائيل المتوفَّى عَلَيهِ السَلام. فالنبوة ثابتة عند الجميع بهذا الوجه، وهو ما تقول به الجماعة الإسلامية الأحمدية، ولا يختلف المسلم الأحمدي عن غيره من المسلمين إلا في تحديد هوية هذا المسيح الموعود.

بناء على ذلك فلا يوجد تناقض بين كلام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام والخليفة الثاني حضرة مرزا بشير الدين محمود أحمد رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بل هو اتفاق محكم وتبيان لما أكده المسيح الموعود حول نبوته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام خاصة وأن حضرته عَلَيهِ السَلام هو الذي بشّر بِالابْن الموعود الذي سيكون مظهراً ومثيلاً للمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام وأنه سوف ياتي بالتفسير الكبير كما أوردنا الإلهام في منشور سابق. أما الضحك والاستهزاء فليس من شيمة ولا عادة المسلمين الأحمديين يعرفه القاص والدان. أما قول الخليفة الثاني رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فهو يخص الذين ينكرون بعثة رجل من هذه الأمة بصفة المسيح والذين ينفون بعثة المسيح بما يتضمن إنكار الأحاديث الصحيحة فهو بالفعل ضحك على المسلمين لأنه إنكار وتكذيب في ذات الوقت.

أما عن معنى ختم النبوة فيشرحه حضرة المسيح الموعود بنفسه حيث يقول عَلَيهِ السَلام:

ونعني بختم النبوة ختم كمالاتها على نبينا الذي هو أفضل رسل الله وأنبيائه، ونعتقد بأنه لا نبي بعده إلا الذي هو من أمّته ومن أكمَلِ أتباعه، الذي وجد الفيضَ كله من روحانيته وأضاء بضيائه. فهناك لا غير ولا مقام الغيرة، وليست بنبوة أخرى ولا محلَّ للحيرة، بل هو أحمَدُ تجلّى في سَجَنْجَلٍ آخرَ، ولا يغار رجل على صورته التي أراه الله في مِرْآة وأظهَرَ. فإن الغيرة لا تهيج على التلامذة والأبناء، فمن كان من النبي.. وفي النبي.. فإنما هو هو، لأنه في أتمّ مقام الفناء، ومصبَّغ بصبغته ومرتدى بتلك الرداء، وقد وجَد الوجودَ منه وبلَغ منه كمالَ النشوّ والنماء. وهذا هو الحق الذي يشهد على بركات نبينا، ويري الناسَ حُسْنَه في حُلل التابعين الفانين فيه بكمال المحبة والصفاء، ومن الجهل أن يقوم أحد للمِراء، بل هذا هو ثبوت من الله لنَفْيِ كونِه أبتَرَ، ولا حاجة إلى تفصيل لمن تدبَّرَ. وإنه ما كان أبا أحد من الرجال من حيث الجسمانية، ولكنه أب من حيث فيض الرسالة لمن كمّل في الروحانية. وإنه خاتم النبيين وعَلَمُ المقبولين. ولا يدخُل الحضرةَ أبدا إلا الذي معه نقشُ خاتمه، وآثار سنته، ولن يُقبَل عمل ولا عبادة إلا بعد الإقرار برسالته، والثباتِ على دينه وملته. وقد هلك من تركه وما تبِعه في جميع سننه، على قدر وُسْعِه وطاقته. ولا شريعةَ بعده، ولا ناسخَ لكتابه ووصيته، ولا مبدِّلَ لكلمته، ولا قَطْرَ كمُزْنتِه. ومن خرج مثقالَ ذرّة من القرآن، فقد خرج من الإيمان. ولن يفلح أحد حتى يتّبع كلَّ ما ثبت من نبينا المصطفى، ومن ترَك مقدار ذرة من وصاياه فقد هوى. ومن ادّعى النبوة من هذه الأمة، وما اعتقد بأنه رُبّيَ من سيدنا محمدٍ خيرِ البريّة، وبأنه ليس هو شيئا من دون هذه الأسوة، وأن القرآن خاتم الشريعة، فقد هلك وألحَقَ نفسه بالكفَرة الفجَرة. ومن ادعى النبوة ولم يعتقد بأنه من أمته، وبأنه إنما وجَد كلَّ ما وجَد من فيضانه، وأنه ثمرة من بستانه، وقطرة من تَهْتَانِه، وشَعْشَعٌ من لمعانه، فهو ملعون ولعنة الله عليه وعلى أنصاره وأتباعه وأعوانه. لا نبيَّ لنا تحت السماء من دون نبيّنا المجتبى، ولا كتابَ لنا من دون القرآن، وكلُّ من خالفه فقد جرّ نفسه إلى اللظى.” (مواهب الرحمن)

ويقول عَلَيهِ السَلام:

يجب أن تتذكروا هنا جيدا أن التهمة التي تُلصَق بي وبجماعتي أننا لا نؤمن بكون رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتَم النبيين، إنما هي افتراء عظيم علينا. إن القوة واليقين والمعرفة والبصيرة التي نؤمن بها ونتيقن منها بكون النبي صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، لا يؤمن الآخرون بجزء واحد من المائة ألف جزء منها، لأن ذلك ليس بوسعهم. إنهم لا يفهمون الحقيقة والسر الكامن في مفهوم ختم النبوة لخاتم النبيين صلى الله عليه وسلم. لقد سمعوا هذه الكلمة من الآباء والأجداد ولا يعرفون حقيقتها ولا يعرفون ما هو ختم النبوة وما المراد من الإيمان به. ولكننا نؤمن بكون النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين بالبصيرة التامة (التي يعلمها الله). والله تعالى قد كشف علينا حقيقة ختم النبوة بحيث نجد من شراب المعرفة الذي سُقينا إياه لذة لا يتصورها أحد إلا الذين سُقُوا من هذا النبع.” (الملفوظات ج1 ص342)

إن الحقيقة المجردة هي أن الجماعة الإسلامية الأحمدية هي وحدها مَن يقول بختم النبوة، فهي ترفض أن ينـزل نبيٌّ من بني إسرائيل لهذه الأمة، وترفض أن يأتي نبيٌّ بشريعة جديدة لينسخ حرية الاعتقاد والجزية وهو قول عامة المسلمين للأسف. كما تؤمن الجماعة الإسلامية الأحمدية أن تلامذة سيدنا مُحَمَّد ﷺ يصلون إلى المقامات العليا فينال منهم مقام النبوة ويكون مسيحاً تابعاً للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم، وهذا كله مما يتضمنه ختم النبوة. فالنبوة كمقام تختلف عن النبوة المستقلة حيث ينالها النبي دون الحاجة لأن يكون تابعاً لنبي آخر. فالمقام باق في هذه الأمة بينما النبوة المستقلة فهي التي انقطعت. وبذلك تكون الجماعة الإسلامية الأحمدية هي جماعة ختم النبوة بامتياز واستحقاق لا مجرد لقب يسيء إلى ختم النبوة ولا يبرهن على كمال النبي ﷺ بشيء غير القتل وسفك الدماء من خلال التكفير والكراهية واضطهاد الأقليات.

أما عن المولوي محمد علي فهو لم ينكر النبوة بل كان فقط يعتبر النبوة مجازية كذريعة لخروجه على الخلافة بينما أصر الخليفة الثاني رَضِيَ اللهُ عَنْهُ على كلام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام حول النبوة وحقيقتها. أما الفشل والتدمير فهو لمن ترك الخلافة وصار كالمشرد بلا جماعة ولا إمام ولا هم له إلا الطعن بالصالحين بلا أساس إلا اتّباعاً للظن ولن يغن عن الحق شيئا. الحق أن الخليفة الثاني رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كان بالفعل صمام الحياة للجماعة الإسلامية الأحمدية وبتفسيره الكبير والوسيط ومحاضراته وكتبه ودروسه وقيادته استمرت الخلافة وامتدت طولاً وعرضاً حول العالم حتى بلغت أقصى الأرض تبني المساجد والمشافي والجامعات والمدارس وتقيم الطرق والجسور والمشاريع الإنسانية باسم الإسلام ونبي الإسلام سيدنا مُحَمَّد المصطفى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم في الوقت الذي يتردى خصوم الجماعة في مهاوي الخلافات والتفرقة والمنازعات والفشل والهزائم في كل عام مرة أو مرتين.

نسأل الله العافية للأمة الإسلامية جمعاء

اللهم آمين

وَآخِرُ دَعْوَانْا أَنِ الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ

About الأستاذ فراس علي عبد الواحد

View all posts by الأستاذ فراس علي عبد الواحد