خطاب

ألقاه أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز

الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي u بيوم 6/7/2019م

في خيمة النساء، بمناسبة الجلسة السنوية في ألمانيا

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّين. آمين.

]مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ[

]التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ[

يقول الله تعالى في الآية الأولى التي تلوتها عليكم إنه إذا عمل أحد من المؤمنين عملا صالحا سواء أكان ذَكرا أو أنثى فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون.

هذا هو عدل الله تعالى أنه يعطي الرجال والنساء جزاء أعمالهم. هناك بعض الأمور واجبة على الرجال وتناسب ظروفهم ولكنها ليست فريضة واجبة على النساء بالأسلوب نفسه. لقد بيّن الله تعالى لنا قائمة واجباتنا ومسؤولياتنا وشرح ما هي واجبات النساء وما هي واجبات الرجال في المجتمع الإسلامي. هذه قائمة طويلة لا أستطيع بيانها كلها في هذه العجالة بل سأضرب لكم مثالا. خذوا الصلاة مثلا فقد فُرض على الرجال أن يصلّوا في المسجد جماعة إلا إذا كانوا مضطرين اضطرارا شديدا، بينما هذا ليس فرضا على النساء، حتى إن صلاة الجمعة أيضا ليست فرضا عليهن كفرضيتها على الرجال. لقد قيل للرجال أنكم إذا صلّيتم جماعة لنلتم ثوابا 27 ضعفا من صلاتكم بغير جماعة. فهل هذا يعني أن النساء سيُحرمن من 27 ضعفا من الثواب لعدم صلاتهن جماعة؟ أو أن الصلاة جماعة لم تُفرض عليهن لئلا ينلن هذا القدر من الأجر والثواب بل يبقين محرومات منه؟ كلا! ليس الأمر هكذا بل قال الله تعالى أن هناك أعمالا تناسب كل إنسان، فلو كسبها الرجال أو النساء يُعطون أجرا وثوابا بحسبها. إن صلاة المرأة في بيتها وأداءها مسؤولياتها المنـزلية تجعلها تستحق ثوابا مثل ثواب الرجال. لذلك قال النبي r ذات مرة لسيدة أن اعتناءكُنّ ببيوتكن وتربيتكن أولادكن يجعلكن تستحققن أجرا مثل أجر الرجال الذي ينالونه نتيجة جهادهم في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم.

فإذا كانت المرأة تؤدي واجباتها كذلك يؤدي الرجل مسؤولياته وكلاهما يفعلون ذلك خشية لله ولنيل رضاه I فستتزكّى دنياهم وينالون رضا الله تعالى عاملين بأوامر الله تعالى، ويُعطون أجرهم في الآخرة أيضا بحسب أعمالهم. إذًا، قد أقرَّ الإسلام في هذه الآية بحقوق الرجال والنساء على السواء، وقال للرجال والنساء معا أنهم سيُعطون أجرا بحسب أعمالهم. وأمرَهم أيضا بأن عليهم أن يجعلوا أعمالهم وحياتهم بحسب تعليم الله تعالى، وأن يخشوا الله ويعملوا لنيل رضاه I ويهتمّوا بمسؤولياتهم. وقد دُحض في هذه الآية اعتراض القائلين بأن الإسلام لا يهتم بحقوق النساء. بل الحق أن الإسلام يبشر النساء اللواتي يعملن الصالحات برضا الله تعالى في هذه الدنيا ويُعلنُ لهن إنعامات الله تعالى وإن كانت أعمالهن أقل مشقة بالمقارنة مع الرجال في الظاهر. وليس ذلك فحسب بل يعلن الإسلام أيضا للنساء أجرًا أحسن بعد الممات أيضا نتيجة أدائهنّ مسؤولياتهن لوجه الله تعالى. الذين يتّهمون الإسلام قائلين بأنه لا يعطي حقوقا للنساء تساوي حقوق الرجال فإن قولهم هذا مبني على الجهل فقط. والذين يتأثرون بالحرية المزعومة في المجتمعات المتقدمة من الناحية الدنيوية ويشعرون بشعور الدونية من المسلمين ويفكرون تفكيرا سلبيا في صدق الإسلام وحقوقهم فيه فإن جهلهم أكبر من جهل غير المسلمين. أو يمكن القول إن النساء والفتيات المثقفات يتساءلن عما إذا كان الإسلام قد أعطاهن حقوقهن أصلا أم لا.

فكلُّ مَن تنتابه فكرة أن الإسلام لا يعطي النساء حقوقهن، سواء أكان من المسلمين أو غيرهم، فهو ليس مطّلعا على تعليم الإسلام الجميل أصلا. فمن واجب كل أحمدي اليوم أن يخبر العالم ما هو الدين، وما هي حقوقنا وما هي واجباتنا. يُبعث الأنبياء في الدنيا لتقريب العباد إلى الله تعالى. والدينُ يتحدث عن الحياة في هذه الدنيا، وعن الحياة الأبدية بعد الممات. أما الإنسان المادي فيحسب الحياة الدنيوية فقط غايته المتوخاة. فعلى كل الأحمديين، رجالا ونساء وفتيات وشبابا أن يجعلوا نصب أعينهم دائما أن الإسلام شريعة كاملة وتبيّن حقوق الرجال والنساء وواجباتهم، وأن عليهم أن ينالوا رضا الله تعالى عاملين بها، وينفِّذوا هذه التعاليم في حياتهم وألا يتأثروا بأناس غير ملتزمين وماديين، وليس ذلك فحسب بل عليهم أن يشرحوا لهم حقيقة الدين ويقربوهم إلى الله تعالى مشيرين إلى تفكيرهم المبني على الجهل ويخبروهم أننا مسلمون أحمديون وأن تفكيرنا عن الدين صائب وتفكيرنا عن الله تعالى صائب وأنتم مخطئون. فعلى كل واحد منا أن يقضي حياته بهذا التفكير، ويلتزم بأوامر الله تعالى ويجعل العالم يعترف بجمال تعليم الإسلام. وإذا فعلنا ذلك عندها فقط يمكن أن نكون أحمديين حقيقين وعندها فقط تعود علينا جلساتنا هذه بفائدة؟ أما إذا عقدنا الاجتماعات أو الدورات التربوية والجلسات كل عام وعبّرنا عن فرحنا بأن عددنا قد بلغ كذا وكذا وأن خليفة الوقت قد ألقى علينا خطابا، فلا فائدة من ذلك قط. بل يكون ذلك الحماس مؤقتا فقط، كما أن بعض الفقرات من محاضرات المحاضرين تبعث على الحماس مؤقتا ولكن الحماس المؤقت لا ينفع شيئا ما لم تسعَيْن جاهدات لجعْل النصائح الحسنة هذه جزءًا لا يتجزأ من حياتكنّ.

تذكَّرن دائما أنه لا جدوى من علمكنّ وعقلكنّ وتوقُّدكنّ الذهني إن لم تفهمن أوامر الله تعالى أولم تحاولن لفهمها أو لا تسعَين جاهدات للعمل بتلك الأوامر بعد سماعها وفهمها.

فعليكن الاستفادة مما يقال في هذه الجلسة لفعل الخيرات، كما يجب عليكن السعي لتحرِّي أوامر الله والعمل بها، وعندها سوف تنفعكم هذه الجلسات وفعالياتها. وكما ذكرت من قبل مشيرا إلى هذه الآية، فإن الله تعالى قد وعد المؤمنين والمؤمنات أيضا بالجزاء على أعمالهم الحسنة، وفي آية أخرى قد ذكر الله تعالى بعض أعمال هؤلاء المؤمنين والمؤمنات الذين قد بشرهم بالجزاء، حيث قال تعالى ]التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ[ (التوبة 112)

وقوله تعالى ]وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ[ موجَّهٌ إلى رسول الله r، والبشارة المذكورة هنا تشمل كلاً من الرجال والنساء. وأول صفة ذكرها الله لهؤلاء الذين تلقوا هذه البشارة الربانية هي أنهم التائبون.

ما هي التوبة؟ التوبة هي الانتهاء عما نهى الله عنه من السيئات والآثام، وعدمُ الاكتراث لأنظار أهل الدنيا وكلماتهم التي ملؤها الاحتقار والسخرية، ولتهديداتهم، وعدم الانجرار وراء أهل الدنيا باسم الحرية.

لقد تحدث المسيح الموعود u في موضع عن التوبة وقال: التوبة تعني أن يقلع المرء عن السيئة مع إقراره بأنه لن يعود إليها لو ألقيَ في النار.

فهذا هو المستوى الذي يجب على المؤمن بلوغه. على المؤمن، ذكرًا كان أو أنثى، أن يصمم كل التصميم على تجنّب السيئات، ثم لا يبرح يعمل بحسب هذه العزيمة غير مكترث وإن ضحى بحياته في سبيل ذلك، وليس أن ينبهر بزخارف الدنيا ويتأثر بأقوال أهلها وينغمس في سيئاتها ويتمادى فيها حتى يخلو قلبه من خشية الله تعالى.

للقيام بمثل هذه التوبة ولتجنب شوائب الدنيا وسيئاتها لا بد للمرء من الاستغفار، حيث إنه يساعده على النجاة من مساوئ الدنيا كلها. فاليوم تجد السيئات عند كل خطوة. لو شغّل أحد التلفاز وجد هذه السيئات فيه، ولو فتح شبكة الانترنيت وجد سوق المعاصي قائمة هناك، ولو ذهب إلى السوق وجد هذه السيئات هناك، ولو ذهب إلى المدرسة وجد المنكرات هناك. لا يوجد في هذا المجتمع المتقدم في زعمهم مكان محفوظ بمنأى من السيئات. لذا فلا بد من التوبة والاستغفار لتجنب هذه المنكرات.

لقد كتب حضرة المسيح الموعود u في موضع: لقد نبهنا الله تعالى إلى ضرورة الاستغفار من أجل نيل القوة والتوفيق للتوبة، أي إذا أردتم النجاة من الآثام وإذا أردتم أن تكونوا في مأمن من الذنوب فعليكم بالاستغفار دائما. هذا خلاصة ما قاله حضرته وقد ذكرته بكلماتي.

وكتب u أيضا: أحيانا يصيب الصدأ والظلمة قلبَ المرء فجأةً من حيث لا يدري، والاستغفار يحول دون هذا الصدأ والظلام. هناك مغريات كثيرة اليوم في مشاغل الدنيا ولهوها ولعبها، وقلب المرء معرَّض للمَيْل إلي تلك المغريات ميلا عظيما بحيث يصاب قلبه بالصدأ رغم أنفه، ويلحق الكدرُ والفتورُ لمعانَ ضوء الدين وصفائه ونقاء القلب، وتتغلب عليه زخارف الدنيا، وهذه الزخارف الدنيوية هي الرين والصدأ. بل لقد قال المسيح الموعود u إن مثل هذا الإنسان تحيط به الظلمة فيدخل في الظلام كلية، ويبتعد عن الله تعالى ودينه وضوء تعاليمه بعدًا كبيرا. ونجد في مجتمعنا المعاصر أن هذه الظلمة تشتد باستمرار، ويرى المرء ضوء الدنيا الفاني ومغرياتها أشدَّ إضاءةً وإبهارا. فإذا أردنا إصلاح دنيانا وعاقبتنا والحفاظَ عليها دائما فلا بد لكل مؤمن من الاستغفار كل حين، وبذل الجهد للتوبة الصادقة. لذا فنحن بحاجة ماسة إلى أن ننتبه إلى هذا الأمر كل الانتباه.  فلإزالة هذا الصدأ ولتبديد هذه الظلمة إننا بأمس الحاجة إلى أن نبذل جهدا كبيرا للتقدم إلى الله تعالى، وكل هذا لا يتأتى بدون فضل الله تعالى، فلكي نجتدب فضل الله تعالى لا مناص لنا من عبادة الله كما علمنا بالإضافة إلى الاستغفار.

بعد الحث على التوبة قد نبهنا الله تعالى هنا إلى العبادة؛ حيث أمر رسوله أن يسوق هذه البشارة للعابدين.

وإن أهم طرق العبادة التي علّمنا الله إياها هي الصلاة. فلأن المرأة راعية البيت والمسؤولة عنه، فهي مسؤولة عن المحافظة على صلواتها وكذلك عن المحافظة على صلوات أولادها، لذا يجب أن تحافظ على صلواتهم أيضا. إن الأمهات اللواتي يواظبن على صلواتهن ويهتممن بها، فإن اهتمامهن بها يرغّب أولادهن منذ صغرهم فيها، وإن أولاد مثل هؤلاء الأمهات يكونون مواظبين على الصلاة عادة، ومثل هؤلاء النسوة والأمهات يربين أولادًا يعرفون الغاية من خلقهم كما بينها الله تعالى. لا شك أن الأولاد بعد عمر معين يتأثرون جدا بتصرفات آبائهم أيضا ولا سيما الأبناء، ولذلك قد قلتُ مرارا، وأقولها مرة أخرى إننا لا نستطيع القول أن الآباء ليسوا مسؤولين عن تربية أولادهم، وأن التربية مسؤولية الأمهات فقط. كلا، بل إن كان الأولاد يفسدون بسبب تصرفات الآباء السيئة رغم جهود مضنية وأدعية كثيرة من قبل الأمهات، فإن مثل هؤلاء الآباء سيقعون تحت بطش الله تعالى، ولكن الأمهات اللواتي يسعين لحسن تربية أولادهن ولجعلِهم عابدين، فإنهن بجهودهن هذه يَدخلن في اللواتي بشّرهن الله تعالى هنا. ثم من الملاحظ أيضا أن الأولاد الذين يفسدون نتيجة تصرفات الآباء الخاطئة يرجعون إلى الله في آخر المطاف ويسيرون في دروب الخير نتيجة أدعية وتربية أمهاتهم.

فلا شك أن تربية الأولاد ولا سيما الذكور تكون تحديا كبيرا لبعض الأمهات ولكن ينبغي ألا تفتر عزيمة الأمهات، وأما البنات فتكون تحت تأثير الأمهات عموما فإذا كانت البنات تفسدْن فهذا يعني أن الذنب على الأمهات يقينا، وإذا كانت البنات مائلات إلى الحرية فالتقصير لدى الأمهات يقينا، وإذا كانت البنات يُنشئن علاقات الصداقة غير المناسبة في الجامعات فيجب أن تقلق الأمهات ويُكثرن من الدعاء، وإذا صلحت بناتنا، ومعظهن صالحات بفضل الله تعالى، كانت إمكانية صلاح الجيل القادم أكبر. وما دام النساء يحافظن على هذا الشعور وهذه الروح واضعات في الحسبان أن عليهن أن يؤدّين بكل كفاءاتهن مسؤولية ربط الجيل القادم بالله تعالى لَبَقِيَ الدينُ في الأجيال. فيجب ألا تيأس النساء بسبب أعمال الرجال. لقد تبيّن لي في هذه البلاد أن الرجال إذا كانوا مقصّرين فالنساء أيضا لا يؤدّين مسؤوليتَهن على وجه صحيح. هن بعض النساء، ولكن ما يُقلقني هو أن عددهن في تزايد، لذا يجب على النساء أن يفحصْن أنفسهن ويلتزمْن بالدعاء ويؤدّيْن حق عبادة الله فليعلمْنَ أن الله تعالى ذو القدرة العظيمة فهو سوف يصلح الرجال أيضًا وسوف يَرَيْن الجنة في هذه الدنيا نفسها.

ثم يقول الله تعالى أن من علامة المؤمنين أنهم حامدون. وإنّ حمْدَ الله تعالى يتطلب أن نشكره على نِعمه، فلقد حسّن الله تعالى حالاتنا وظروفنا المادية فيجب أن نشكره، وحين سنتوجه إلى الحمْد الحقيقي سيتقوّى في قلبنا هذا التفكير من أن الله تعالى وحده يستحقّ الحمد، وإذا كانت حالي تتحسن فبالارتباط بالله تعالى، وإذا واجهْنا يوما بعضَ المشاكل والضيق فلن نقصِّر في حمد الله تعالى أبدا، لأن التقصير في حمد الله تعالى يؤدي بالمرء إلى الكفر، والكفر يُبعده عن الله تعالى، فينبغي أن يصبح كل واحد عبدا شكورا لله ويتوجه إلى حمده.

في بعض الأحيان يخطر ببال بعض الفتيات أنهن دعوْنَ الله تعالى لنيل شيء واجتهدْن أيضا وحمدْنه I ولكنهن لم يحصلْن على النتيجة المتوخاة والمرضية، وبالتالي يبدأْن في الابتعاد عن الله تعالى، وهذا المرض مستشر في الشباب أيضا، ولكن لو لم ينظر المرء إلى هذه الدنيا فقط بل علم أن هناك حياة بعد هذه الحياة الدنيا -كما سمعْنا في القصيدة بالتفصيل- وأن نِعم الله تعالى واسعة جدا، لتوجّه دوما إلى حمد الله تعالى وشكر له I، وهذا وعد الله تعالى أنكم إن شكرتموه لَيَزيدن من نِعمه، باختصار ينبغي أن يكون حمد الله تعالى وشكره في كل حال ميزة كل مؤمن ومؤمنة.

وينبغي أن يتذكر كل مؤمن دوما أن هذه النعم كلها بفضل الله تعالى ولا فضل للمرء فيها، وإذا واجه مشكلة مؤقَّتا فلا يتخلّى عن تمسُّكه بالله ولا يُظهر أمام أولاده أبدا أنه لم يستفد بعبادته لله وبحمده له، بل يجب على المؤمن أن يُظهر نموذج الصبر والجلَد في كل حال ويتمسك بأهداب الله تعالى باستمرار، فيُنزل الله تعالى فضله على مثل هؤلاء الناس. وإن الله تعالى قد بشّرنا بواسطة النبي r أنه طوبى لكم إن استقمتم.

ثم وردت صفة المؤمنين أنهم السائحون في سبيل الله تعالى، معظمكم، رجالا كانوا أو نساء، جاؤوا هنا إذ ضُيِّق عليهم في بلدهم واضطُرروا إلى الهجرة واللجوء إلى هذه البلاد، فمن هذه الناحية يكون سفركم هذا في سبيل الله تعالى، أو للحفاظ على دينكم أو للحفاظ على حياتكم من أجل الدين. فالأكثرية منكم لا يملكون كفاءات بحيث يدّعون أنهم جاؤوا إلى هذه البلاد بسبب أية كفاءة لهم، وهجْرتهم هذه بسبب كفاءة لهم، فلما كانت الهجرة في سبيل الله لكي تنالوا الحرية الدينية وتستطيعوا أن تؤدوا حق الله تعالى فلا بد أن تستجيبوا لأوامر الله تعالى. فالتحسن المادي والسعة التي نالها الأكثرية بعد مجيئهم هنا يتطلب منهم أن يعملوا بأحكام الله تعالى. وإذا فحصْتُم قلوبكم ونظرتم إلى الحقيقة فلا بد أن يشهد أكثركم بأن هذه الحُلِيَّ الذهبية من الأسورة والحلقات والقلائد وهذه البيوت والملابس الفاخرة والسيارات كلها من نِعم الله تعالى التي أنعم بها عليكم نتيجة سفركم في سبيله تعالى ولأنكم حافظتم على دينكم. لقد تثقّف أولاد معظمِكم، فلو كانوا في باكستان لما وجد أكثرهم فرصة الدراسة هكذا وخاصة البنات لم يكن ليجدْن قط فرصة واسعة للدراسة كما وجدنها في هذه البلاد، وقد حصلتْ اليوم كثير من البنات على الميداليات، هذا أيضا فضل من الله تعالى. فيجب أن تتذكر الفتياتُ أيضا أن آباءهن وأمهاتهن قد هاجروا إلى هذه البلاد بسبب الدين وهذا يُلقي عليهن مسؤولية أن يتنشّطْن في عبادة الله وفي حمده ويقوِّين علاقتهن به ولا ينسَيْن الله تعالى من أجل تحقيق أهوائهن الدنيوية وبسبب تورّطهن في أنواع من السيئات. ولا يذهبْن إلى الحرية تحت تأثير المحيط هنا، فعلى المهاجرين إلى هذه البلاد وأولادِهم أن يسجدوا لله تعالى شاكرين له الذي بشَّر المهاجرين في سبيله تعالى، وقد حقق وعوده رغم كثير من تقصيراتكم.

هناك كثيرون يشكلون عبئا على الحكومة هنا، ومع ذلك تتحملكم الحكومة، وذلك لأنكم هاجرتم إلى هنا من أجل الدين، فتفكروا وتدبروا هل تؤدون حق شكر الله I على هذه الإنعامات؟! حيث تنسون بعد العيش هنا بضع سنين أنه لو لم تكن أوضاع الجماعة في باكستان سيئة لما سمحت لكم هذه الحكومات بالعيش هنا لدقيقة واحدة. حتى الآن بعض المسؤولين الحكوميين أو القضاة الذين يكنّون البغض للمسلمين، أو أخذوا انطباعا سلبيا لتصرُّفات بعض المسلمين، وهذا الانطباع وإن كان خاطئا إلا أنه خطأ المسلمين. إذ بسبب عملهم نشأ هذا الانطباع السلبي، هؤلاء المسؤولون لا يقبلون طلبات اللجوء، ثم في طلب الاستئناف حين تُطلع الجماعة الدوائر المعنية في كثير من البلاد الأوروبية على القانون ضدنا هم يقبلون هذه الطلبات في أغلب الأحوال، وهذا ما يحدث في ألمانيا أيضا. إذن يجب أن يكون الإنسان شاكرا دوما، ولا يكون ناكر الجميل أبدا. فحين تشكرون الحكومات هنا يجب أن تتذكروا أن هذا الشكر يقتضي أن تجتنبوا تقديم المعلومات الكاذبة عنكم قصد نيل المساعدات، ويجب أن تبحثوا عن عمل، بدلا من الحصول على المساعدة، لكيلا تشكِّلوا عبئا على الحكومات. كونوا اليد العليا المعطية بدلا من أكل الصدقات. وإلى جانب ذلك يجب على اللاجئين أن يشكروا الله I أيضا إذ هيأ لهم الوسائل للعيش هنا وأغناهم. بعض الشباب والبنات يأتون إلى هنا قصد الزواج، وبعد أيام قليلة يشتبكون في نزاعات الخلع والطلاق. يترشح من تصرفات بعضهم منذ البدء أنهم يريدون من الزواج الحصول على التأشيرة ويكون في بالهم على ما يبدو أنهم بعد الانتقال إلى هنا سوف يفعلون ما يحلو لهم. فليس سفر هؤلاء في سبيل الله بل هو خداع باسم السفر في سبيل الله ويستحيل أن ينطلي الخداع على الله I. فأمثال هؤلاء يستجلبون غضب الله بدلا من البشارة. فبسبب هذا الخداع يمكن أن يعيشوا بضع سنين رغدا في هذا العالم ولْيتذكروا دوما أن الله عليم بالنيات، وهم يمكن أن يتعرضوا لبطش الله بعد الموت. فقد يقول البعض إننا لم نكن ننوي ذلك، فأنا أقول حسنا أنا لستُ مطلعا على ما في القلوب، أما الله I فبصير بأحوال القلوب، إن لم تكن النية صالحة فيمكن أن نتعرض لبطش الله I.

فعلى الرجال والنساء من هذا القبيل أن يحاسبوا أنفسهم دوما، إذا كنتم تريدون الفوز بأفضال الله في هذه الدنيا والآخرة، فاخلقوا في أنفسكم وفي قلوب ذرياتكم أيضا الإحساس بأن سفرَنا من أجل الدين وهو يقتضي منا أن نتمسك بالجماعة أكثر من ذي قبل ونستجيب لأوامر الله I أكثر من ذي قبل، ولا نغدر أبدا، عندها سترث أجيالُكم أيضا هذه الأفضال على الدوام.

ثم يقول الله I أن المؤمنين يتلقون البشائر ويركعون ويسجدون، وقد وضَّحت ذلك شيئا ما في سياق الحديث عن العبادة. ثم يلفت الله أنظار المؤمنين إلى الركوع والسجود أي يجب أن لا تكون العبادة في الظاهر فقط، بل يجب أن يعيش المؤمنون لله ببذل جميع كفاءاتهم، وينبغي أن يكون ركوعهم وسجودهم حقيقيا، ويلبُّوا كل أمر من أوامره، كما قال النبي r أقرب ما يكون العبد إلى الله وهو ساجد. إذن يجب أن تكون سجداتنا في الصلاة أيضا من هذا الطراز بحيث نسجد انقطاعًا عن الدنيا وإنابةً إلى الله. يجب أن يكون ركوع كل واحد منا وسجوده من هذا الطراز.

ثم يقول الله I أن من خصال المؤمنين أنهم يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وإذا عمل رجالنا ونساؤنا بهذا الأمر بعد إدراك حقيقته فسوف تصبح بيوتنا أيضا جنة، وسنـزيل المخاوف من الإسلام أيضا بإيصال الرسالة الحقيقية للإسلام إلى المجتمع. فيجب على كل واحد منا أن يفحص نفسه إلى أي مدى يعمل بهذا. لا يحسبنّ الرجال أن من مسؤولية المرأة فقط أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، كلا بل إن هذه المسؤولية تقع على الرجال أكثر. واليوم أثناء إلقاء خطابي هذا في النساء، أُرسل رسالة إلى الرجال مفادها أنهم ما داموا لا يساعدون النساء ولا يُظهرون نماذجهم العملية في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلا ضمان لأجيالهم القادمة أنهم سيمتنعون عن السيئات ويحرزون الحسنات، إن لم يقم الرجال بواجبهم. فعلى النساء أن يقدمن هذه النماذج في البيت وعلى الرجال أن يقدموا هذه النماذج في البيت وخارجه أيضا، وأن يؤْثروا الدين على الدنيا بدلا من إشباع الأهواء المادية. عندئذ سترون أنكم تربُّون جيلا يؤثر الدين على الدنيا رغم العيش في هذا العالم الحر. ولن يعلن ذلك بترديد شتى العهود فقط. بسبب هذه البيئة تقلّ معرفة تعليم الإسلام عن الحسنة والسيئة في الجيل الجديد. إذا كنتن تردن إنقاذ أجيالكن القادمة من التأثير السيئ لهذا المجتمع فيجب أن تبذلوا سعيا مشتركا معا لنشر الحسنات والامتناع عن السيئات. ثمة حاجة إلى تحرِّي الأحكام التي أنزلها الله I في القرآن الكريم- أي ما أمَر به في القرآن الكريم وما نهى عنه- والعمل بها. إذا سعى أهل كل بيت لذلك متفكرين أنهم سينقذون أجيالهم القادمة من تأثير سيئ للبيئة المحيطة، عندها يمكن أن نتدارك أجيالنا وذرياتنا. إن أهل الدنيا يستنـزفون جهودهم ضد الدين وأوامر الله I وفي هذه الأوضاع من واجبنا أن نتصدى لذلك ونردّ عليهم. في المدارس يعلَّم الأولاد أمورا سيئة باسم الحرية ولا يمكن دحضها إلا إذا تعلمت الأمهات ما هي الحسنة وما هي السيئة بحسب تعليم الله ثم أخبرن الأولاد عن هذه السيئات، وهذا ما يجب على الآباء أيضا.

هناك حاجة ماسة إلى أن تخبروا أولادكم بشكل واضح عن سيئات المجتمع ولا داعي للخجل في هذا الأمر الآن إذا أردنا إنقاذ أجيالنا القادمة، وإلا فإن هذه الأجيال سوف تبتعد عن الدين، وسيتلاشى من قلوبهم بسبب بريق هذه الدنيا وألوانها ذلك الدين الذي هاجرتم إنقاذًا له. هذا الأمر يدعو إلى الخوف والفكر الكثير. فعليكم أن تنصحوا جمیع الأحمدیین بالحسنة ليكونوا مواطنين طيبين، وأخبروهم بأن هناك بعض الأمور مسموح بها في هذه البلدان إلا أنها سيئة في عين الله تعالى، وعلى المؤمن أن يجتنبها. ومن مقتضيات خدمة البلد والقوم أن يكون كل أحمدي متحليا بأخلاق عليا، وأن يكون في الصف الأول لخدمة الإنسانية. ينبغي على كل أحمدي أن يسعى لإنقاذ الجميع من بطش الله تعالى، وتحقيقًا لذلك ينبغي أن تتقدموا في ميدان التبليغ، وهذه هي الخدمة الحقيقية التي يمكن لأحمدي أن يقوم بها من أجل البلد والقوم، لا أن يعمل بالقوانين التي وضعها الناس باسم الحرية لنشر الفاحشة. إن الله تعالى يأمر بأداء حقوق الله وحقوق العباد، وهي حدود قوانين الله تعالى، وإن العمل بهذا النصح أي بأداء هذه الحقوق يؤدي إلى تحقيق القيم الإنسانية ويكفل إنقاذ البشرية من عذاب الله تعالى.

فمن واجب الأم الأحمدية، التي هي أم للأطفال اليوم أو ستكون أمًّا في المستقبل، أن تربي الأجيال القادمة في حضنها لتدرك هذه الأمور، وأن تدعو لهم وتسعى من أجل خيرهم. ومن واجب الآباء الأحمديين أن يساعدوا زوجاتهم بكل ما أوتوا من كفاءات وقدرات وإلا فإن وعودكم بأنكم ستؤثرون الدين على الدنيا تكون كاذبة ومجرد ادعاءات فارغة، وسوف يسألكم ربكم عن هذه العهود إن لم تحققوها. فعلى كل واحد منا أن يسعى لأداء مسؤولياته واضعًا خشية الله في قلبه. لقد أخذ منا المسيح الموعود u عهد البيعة وينبغي أن نسعى لتحقيقه. ما الذي يريده منا المسيح الموعود u؟ قال حضرته مرة: “إنّ الله لكنز عظيم فاقدروه، فإنه ناصرُكم عند كل خطوة، ولستم بشيء مِن دونه، لا أنتم ولا أسبابكم ولا تدابيركم.”

ثم قال حضرته: “لا تقلّدوا الأمم الأخرى برؤية ما حقّقوه من تقدُّمٍ في خططهم الدنيوية، فتقولوا هَلُمَّ نتّبعْ سبيلهم. ألا فاسمعوا وعوا، إنهم لا يعرفون أبدًا الله الذي يدعوهم إلى نفسه، وغافلون عنه جدًّا. (وهو ذلك الإله الذي أسلمتم من أجله وآمنتم بالمسيح الموعود u بسببه)

قال حضرته: لا أمنعُكم من كسب الدنيا وحِرفتها، (ومن قبيل الحرفة العمل في المحل أو التجارة أو في مجال الصناعة، فقد قال حضرته أنه لا يمنعكم منه) ولكن لا تتّبعوا الذين حسبوا الدنيا كلَّ شيء. ينبغي أن تداوموا على الاستعانة بالله تعالى في كل عمل، سواء أكان من أعمال الدنيا أو الدين، ولكن ليس بشفاهكم فقط، (أي لا تكتفوا بقولكم بألسنتكم فحسب بأن يعيننا الله) بل بإيمان صادق بأن كل برَكة إنما تنـزل من السماء فقط. لن تكونوا بارّين حقًّا إلا إذا كان دأبكم، عند كل مهمة وعند كل مشكلة وقبل أن تتخذوا أية حيلة، أن تغلقوا عليكم الباب وتخروّا على العتبة الإلهية (أي يمكن أن تخططوا بحسب تدابيركم الدنيوية ولكن اخضعوا أمام الله قبل هذا واسجدوا واركعوا وأقيموا الصلوات وادعوا الله تعالى) قائلين: اللهم قد أصابتنا هذه البليّة، فيسِّرْ لنا أمرنا بفضلك. عندها سيؤيّدكم روح القدس، ويُفتَح لكم السبيل من وراء الغيب.

ارحموا أنفسكم، ولا تتّبعوا أولئك الذين قطعوا عن الله كل صلة، وتهافتوا على الأسباب كل التهافت، حتى إنهم لا ينبسون بكلمة “إن شاء الله” طلبًا للقوة منه. فتح الله عيونكم لتعلموا أَن إلهكم هو دعامة تدابيركم كلها؛ أتبقى العارضات مستقّرة في السقف إذا تهدّمت الدعامة؟  (أي إن كانت تدابيركم ومساعيكم ستنجح وتستقيم أو تنقذكم فبفضل الله تعالى فحسب، لذلك ينبغي أن تخضعوا أمام الله تعالى فهو تلك الدعامة الرئيسية، إن تهدمت الدعامة الرئيسية للغرفة فلا بد أنها ستنهار وستنهدم. قال حضرته:) أتبقى العارضات مستقّرة في السقف إذا تهدّمت الدعامة؟ كلا بل ستسقط دفعة واحدة، وقد تزهق نفوسًا كثيرة؛ فكذلك من المحال أن تنفعكم تدابيركم من غير معونة الله، فإن لم تستعينوا به ولم تتخذوا الاستعانة به دستورًا لكم، فلن تفلحوا أبدًا، بل ستموتون أخيرًا بحسرة كبيرة.

ولعلكم تتساءلون: لماذا تنجح الأمم الأخرى (تلك الأقوام الحرة التي هي الأمم المتطورة من هذه البلاد، ولماذا ينجح هؤلاء اللادينيون المزعومون؟) مع أنّها لا تعرف الربّ الذي هو ربّنا الكامل القادر؟ إنما جوابه أنّها قد ابتُليت بالدنيا لإعراضها عن ربّها. واعلموا أن الله يبتلي تارةً مَن يتركه ويتكالب على الدنيا وملذّاتها ويطمع في أموالها بفتح أبوابها عليه، بينما يجعله في الدين مفلسًا تمامًا لا يملك منه شيئًا، فيموت في النهاية هائمًا وراء الدنيا ويُلقى في الجحيم الأبدية. وتارةً أخرى يبتليه الله تعالى بخيبة آماله في الدنيا أيضًا.” (سفينة نوح)

وفقنا الله تعالى لنكون ممن يفهمون أقوال الله تعالى وأقوال رسوله ويعملون بها، ويؤدون حق بيعة المسيح الموعود u ويتجتنبون لغو الدنيا وفواحشها وينقذون ذراريهم أيضا، ويحققون العهد الذي قطعوه بالإيمان بالمسيح الموعود u، وفقنا الله تعالى لذلك، آمين.

تعالوا الآن ندعُ معًا.

About الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز

حضرة أمير المؤمنين الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز ولد حضرته في الخامس عشر من أيلول 1950 في مدينة (ربوة) في الباكستان. هو حفيد لمرزا شريف أحمد نجل المسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام. أنهى حضرته دراسته الابتدائية في مدرسة تعليم الإسلام في مدينة (ربوة) وحصل على درجة البكالوريوس من كلية “تعليم الإسلام” في نفس المدينة. ثم حصل حضرته على درجة الاختصاص في الاقتصاد الزراعي من كلية الزراعة في مدينة (فيصل آباد) في الباكستان وذلك في عام 1976م.

View all posts by الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز