خطبة الجمعة التي ألقاها أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز
الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام
يوم 3/11/2017
***
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّين. آمين.
لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِـمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ (آل عمران: 93)
لقد بيّن الله تعالى في هذه الآية مضمونا لم يفهمه إلا المؤمنون الذين ينفقون في سبيل الله تعالى، وأبدى نموذجَه الأعلى صحابةُ رسول الله الذين ضحّوا بأرواحهم وأموالهم وأوقاتهم في سبيل الله تعالى، وأولئك الذين أدركوا حقيقة البر وفهموا أهمية البر وسعوا لإحراز أعلى مستوى الحسنات والتقوى والأخلاق والتضحية المالية ونيلِ رضوان الله تعالى. ورد في رواية أنه لَـمَّا أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَامَ أَبُو طَلْحَةَ إِلَى رَسُولِ اللهِ فقال إِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ -وهي كَانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ الْمَسْجِدِ- قال: إِنَّ أَحَبَّ أَمْوَالِي إِلَيَّ بَيْرُحَاءَ (بستان نخيل له) وَإِنّني أتصَدّقُ بها اليوم في سبيل الله. هذا كان مستوى الصحابة، واليوم أكثر الناس إدراكا لكل أنواع التضحية هم المؤمنون بالخادم الصادق للرسول وإنما الأحمديون يبدون نموذجه العملي أيضا بفضل الله تعالى. فاليوم بينما تتسابق الدنيا في جمع الأموال يكسب غالبية الأحمديين الأموال ولكنهم حين يُدعون إلى التضحية المالية يقدمون أموالهم، إنه نتيجة التربية المتستمرة التي قام بها المسيح الموعود لنا، فلقد نصحنا بالتضحية في مختلف المناسبات وبأساليب متنوعة، فقال في مناسبة وهو يوصي بالتضحية المالية:
“إن الإنسان يحب المال في الدنيا كثيرا، لذا فقد قيل في علم تعبير الرؤى بأنه لو رأى أحد أنه أخرج الكبد وأعطاه لغيره، فالمراد منه المالُ. لذا فقد وجّه الله تعالى أنظارنا من أجل الحصول على التقوى الحقيقية والإيمان إلى: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ لأن مواساة خلق الله والمعاملة الحسنة معهم تتطلب إنفاق قسط كبير من المال، (أيْ ثمة حاجة للمال من أجل أداء حقوق العباد) وإن مواساةَ البشرِ وخَلْقِ الله بشكل عام هو الجزء الثاني للإيمان، وبدونه لا يكتمل الإيمان ولا يترسخ (في القلوب). (أيْ حقوق العباد أيضا جزء من الإيمان ولا يكتمل الإيمان ولا يترسخ من دونها) وما لم يتحلَّ الإنسان بالإيثار لا يمكن أن ينفع الآخرين. فلا بد من الإيثار من أجل نفع الآخرين ومواساتهم. وقد ورد الأمر والتوجيه إلى الإيثار في الآية: لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ. إن الإنفاق في سبيل الله تعالى إنما هو معيار سعادة الإنسان ومِـحَكٌّ لتقواه. (أيْ هو معيار لاختبار التقوى) إن معيار وقف الحياة في سبيل الله ومحكّه في حياة أبي بكر كان أن النبي ذكر حاجة ما فجاء أبو بكر بكل ما كان في بيته. (الملفوظات، المجلد 2، ص 95) فهذا هو المستوى الأعلى الذي أقامه أبو بكر ، وأقامه بعده عمر بحسب أسلوبه، قال المسيح الموعود بأن أبا بكر جاء بكل أثاث البيت وجاء عمر بنصف أثاث البيت وكذلك قدّم باقي الصحابة تضحيات بحسب مقدرتهم، وهذه هي الروح وهذا هو المعيار الذي يريد المسيح الموعود أن يُقيمه فينا. وكما قلتُ هناك كثير من الأحمديين الذين يسعون لإحراز المستوى العالي في التضحية، وإنهم حين يقرأون القرآن والحديث وأقوال المسيح الموعود يوقنون بأن الله تعالى وعد الـمُنفقين في سبيله بالزيادة في أموالهم ونفوسهم، وقال الله تعالى أيضا حين ينفق الإنسان أحبَّ ما لديه في سبيل الله تعالى فهو يزيد في ماله سبعمئة ضعف بل يمكن أن يزيد أكثر من ذلك. فحين يُضحي الأحمديون فهم يوقنون بأن الله تعالى سيُعطيهم أكثر ويعاملهم هذه المعاملة. فالأحمديون ينفقون بحسب قول النبي هذا: إِنَّ الرَّجُلَ إِذَا تَصَدَّقَ بِتَمْرَةٍ مِنْ الطَّيِّبِ وَلَا يَقْبَلُ اللهُ إِلَّا الطَّيِّبَ (هذا شيء مهم للغاية وجدير بالتذكر أن الله تعالى لا يقبل ما يكسبه المرء بخداع بل إنما يقبل المال الطيب فقط، قال :) وَقَعَتْ فِي يَدِ اللهِ فَيُرَبِّيهَا لَهُ كَمَا يُرَبِّي أَحَدُكُمْ فَلُوَّهُ أَوْ فَصِيلَهُ حَتَّى تَعُودَ فِي يَدِهِ مِثْلَ الْـجَبَلِ. (مسند أحمد، كتاب باقي مسند المكثرين)
فحين نقرأ هذه الأشياء ونسمعها في هذا الزمن فلا نجدها في القصص القديمة فقط بل اليوم أيضا يراها المضحّون من خلال تجاربهم الشخصية، فيوسّع هذا الشيءُ وسائلَ الذين يقدمون تضحيات ويزيدهم إيمانا. أقدم لكم بعض هذه الأحداث.
في أفريقيا بلد اسمه “الكاميرون”، قال داعيتنا فيه بأن الداعية المحلي السيد أبو بكر أخبره بأن أحد الأحمديين، الذي اسمه عبد الله، كان عاطلا عن العمل في السنة الماضية وكانت ظروفه المادية سيئة لدرجة كان صعبا أن يعول عائلته، وفي هذه الحالة جاء يوما لصلاة الجمعة حيث أعلن السكرتير عن تبرُّع التحريك الجديد فكان في جيب السيد عبد الله عشرة آلاف فرنك سيفا، وحين سمع الإعلان أعطى المبلغ كله في صندوق التحريك الجديد، وبعد أيام جاء المسجد مرة أخرى فقال: لقد تقبل الله تعالى تبرُّعي، ومنحتْني شركة خاصة عملا في غضون أسبوع واحد، وتقرر راتبي مئة ألف فرنك سيفا شهريا، وهو بالضبط عشرة أضعافا ما تبرّعتُ به، يقول: لأن الله تعالى أكرمني بفضله الخاص لذا سأتبرع براتب الشهر الأول. هؤلاء الناس فقراء وانظروا كيف إن الله تعالى يمرّرهم بمثل هذه التجارب ويكرمهم بالبركات.
وهناك مثال آخر في الكونغو برازفيل وهي أيضا بلد أفريقي وهناك مبايع جديد السيد داود، قِيل له نظرا إلى ظروفه المادية السيئة بأن يأتي المسجد على الأقل لأداء صلاة الجمعة، يقول الداعية: حين واظب على صلاة الجمعة أخبرتُه في لقاء خاص بأهمية التضحية المالية وقلتُ له: كل ما يرزقك الله عليك أن تتبرع منه في سبيله وسوف يعيده الله تعالى أكثر مما تتبرع به لأنه وعد أنكم لو أنفقتم في سبيله ليزيدن في أموالكم، وهكذا ستتحسن ظروفك المادية أيضا. قال الداعية: بعد هذه النصيحة أعطيتُه أجرة السفر ليعود إلى بيته وودّعته. وبعد أسبوع حين جاء لصلاة الجمعة كان سعيدا جدا، حين سألتُه عن سبب ذلك فقال: إنك دعوتَ للتبرع في الجمعة الماضية فقبل العودة إلى البيت تبرّعتُ مئة فرنك سيفا، وبعد التبرع حين عدتُ إلى البيت جاء أحد الجيران الذي كان قد وضع الحطب في صحن بيتي واستعاد حطبه وعند العودة وضع أربعة آلاف فرنك سيفا في يدي، ففرحتُ جدا بأنني ما إنْ عدتُ إلى البيت بعد التبرع أعطاني الله تعالى أربعين ضعفا فورا.
كذلك كتب أمير جماعة تنزانيا أن أحد المبايعين الجدد السيد عبيد يقول: إنني أشتغل بنّاءً ولم أجد عملا منذ خمسة أشهر، وكانت ظروفي المادية سيئة، وكان الأهل والأولاد أيضا في ضيق وأصبح العيش صعبا جدا، فذات يوم دعا الداعية المحلي للتبرع، فقلقتُ أكثر لأن المبلغ الذي كنتُ أقتنيه آنذاك كان لطعام الأولاد ليوم واحد فقط، فحين قال الداعية المحلي بأن الله تعالى يبارك في الأموال التي تُنفَق في سبيله تعالى، فقرّرتُ أن أعطي هذا المبلغ في صندوق التبرع، وهذا ما فعلتُ، وبعده بدأتُ أفكّر ماذا سيأكل الأولاد، بينما كنتُ في هذا التفكير ما لبث أن جاءني شخص برسالة بأن في مكان فلاني يُبنى مبنى وعليك أن تذهب هناك فورا وتقوم بمسح الأرض وغيرها من الأعمال، ومع ذلك أعطاني بعض المبلغ سلفة من الأجرة، فاستغربتُ أنني كنت أعاني منذ خمسة أشهر وفور أن أنفقتُ في سبيل الله تعالى فتح علي أبواب رحمته، فمنذ ذلك اليوم تغيّرت ظروفي المادية ولم أبرح أدفع التبرع.
يمرر الله تعالى المبايعين الجدد أيضا بهذه التجارب. إن “مالي” بلد آخر في أفريقيا. وبايع هناك أحد الأشخاص قبل أربع سنوات تقريبا واسمه “لاسينا”، تبرع من دخله المتواضع خمسمئة فرنك سيفا، يقول: لم تكن تجارتي جيدة قبل انضمامي إلى الجماعة وأدائي التبرعات، ولكن بفضل التبرعات بارك الله تعالى في تجارتي بركة غير عادية، والآن قد انضم إلى نظام الوصية أيضا بفضل الله تعالى، وكان قد دفع خمسمئة فرنك سيفا في صندوق التحريك الجديد ولكن الآن يدفع خمسا وثلاثين ألف فرنكا سيفا شهريا، ويظن أصدقاؤه غير الأحمديين نظرا إلى ازدهار تجارته أن الجماعة تمدّه بالمال.
كتب أحد المبايعين من فرنسا السيد حمزة: بعد البيعة حين علمتُ نظام التبرع في الجماعة كانت ظروفي المادية سيئة للغاية، وأخبرني بعض الأحمديين أن في التبرع بركة كثيرة ويعيده الله تعالى أضعافا مضاعفة. يقول: لم يكن عندي كثير من المال بل كان لدي ستون يورو فقط، فقلتُ لأتبرع بها في سبيل الله، فليحدث ما يحدث. يقول: لم يمض على تبرعي إلا بضعة أيام إذ وصلني كشف حسابي البنكي فرأيتُ أن ستمئة يورو جاءت في حسابي من جهة لم أعرفها، وحين استعلمتُ عرفت أنه كان على الحكومة أن تدفع لي ستمئة يورو التي لم تكن في سجلاتها من قبل.
فالمبلغ الذي دفعته في التبرع أعاده الله إلي أضعافا مضاعفة بحيث لم يكن ذلك في حسباني قط.
يقول أمير الجماعة في تنـزانيا: هناك أخ اسمه أحمد الثاني وهو مشترك في نظام الوصية، كان قد وعد سابقا بدفع خمسين ألف شلن في صندوق التحريك الجديد، ودفعها بالكامل. ثم رآني في المنام أني زرتُ بيته وسألتُه: هل تعمل في مجال استخراج الذهب من الأرض؟ قال: نعم، ولكن العمل في هذه الأيام ليس على ما يرام. ثم نظرت إليه وسمع هو في الحال صوتا يقول: عليك أن تزيد في تبرعك في صندوق التحريك الجديد. يقول الراوي بأنه يعمل طبيبا شعبيا أيضا في قريته- وهو بارع في الحقيقة في هذا المجال- وقد بارك الله في عمله بركة خارقة، ومنذ شهر مضى بدأ الناس يأتونه للعلاج من مسافات بعيدة وقد ارتفع دخله كثيرا. ثم يقول الراوي أنه دفع بعد هذا المنام في صندوق تحريك جديد أكثر من 427000 شلن إضافي في شهر واحد، وهكذا دفع أكبر مبلغ في هذا المشروع في منطقته.
هناك شاب مخلص في منطقة بنغلور بالهند وكان عاطلا عن العمل، وبسبب عطله عن العمل تعذر عليه دفع أقساط شهرية لبيته. يقول محصِّل صندوق التحريك الجديد في تلك المنطقة أنني زرتُه في بيته وفي أثناء ذلك أخبرني سكرتير المال المحلي عن ظروف هذا الشاب المالية السائدة آنذاك فالتزمتُ الصمت ولم أقل للشاب شيئا ولم أطالبه بأي مبلغ. فقال لي الشاب بعد هنيهة: لعلك كنتَ تريد أن تقول لي شيئا؟ قلتُ: لقد جئت لأوجّهك إلى أن تَعد بدفع مئة ألف روبية في صندوق التحريك الجديد إذ لم أكن أعرف عن ظروفك المالية، أما الآن فقد اطلعتُ عليها فالتزمت الصمت، ولك أن تَعد بملبغ تستطيع دفعه بسهولة. قال الشاب: أكتب عني وعدَ مئة ألف روبية، وإنني واثق من الله تعالى أنه سيوفقني لدفع هذا المبلغ أيضا. فكان من فضل الله تعالى أنه وجد عملا جيدا جدا وتمكن من أداء ما كان وعد بدفعه للعامين أي في العام الماضي والحالي أيضا.
يقول داعيتنا في جزيرة “مايوتي”: إن سكان هذه الجزيرة فقراء جدا ويكسبون لقمة العيش بالكاد من بيع خضروات يزرعونها. أحد الإخوة الأحمديين المحليين يعمل في محل تصليح الدراجات، ويدفع التبرع أكثر من غيره، وقال لي ذات مرة: إن أمري غريب حقا إذ يعاد إلي في نهاية الشهر ضِعف ما أتبرع به شهريا. وأضاف وقال: قالت لي زوجتي ذات يوم: لماذا تتبرع بمبلغ كبير إلى هذا الحد؟ قلت: إن الله تعالى يعيد إلي ضعف ما أدفعه، لذلك أنفق في سبيل الله كثيرا. ثم تبرع بمبلغ معين على مرأى من زوجته وقال لها: ترقّبي الآن سيعيده الله تعالى إلي حتما. وهذا ما حدث بالضبط إذ دفع صاحب المحل للعاملين عنده مبلغا إضافيا في نهاية الشهر، وما أُعطيه هذا المتبرع كان أكثر مما تبرع به. يقول داعيتنا أن هذا الأخ المخلص يزداد تضحية مالية يوما فيوما.
يقول أمير الجماعة في كندا: أن سكرتيرة لمشروع التحريك الجديد في لجنة إماء الله ذكرت له أنها أخبرت أختها ذات مرة أنه عندما بدأ سيدنا المصلح الموعود هذا المشروع طلب من الجماعة أن يدفع الإخوة في هذا المشروع جُلّ راتبهم لشهر واحد أو نصفَه. عندما قالت لأختها هذا الكلام كانت أختها تعمل بدوام جزئي، ولكنها كانت تتمنى أن تنال وظيفة بدوام كامل لتدفع جُلّ راتبها في هذا السبيل. فوجدتْ وظيفة بدوام كامل براتب قدره خمسة آلاف دولار فدفعتْها في مشروع التحريك الجديد.
هذا، وهناك أمثلة عديدة من هذا القبيل، وقد ذكرتُ بعضها المتعلق بالأحمديين القدامى والجدد وكذلك للذين بايعوا حديثا. إن تقديم التضحيات في هذا الزمن وخاصة التضحيات المالية صفة تمتاز بها الجماعة الإسلامية الأحمدية عن غيرهم، ومعظم الأحمديين يدركون أن العصر الراهن هو عصر إكمال نشر الإسلام – وقد بعث الله تعالى المسيح الموعودَ لهذا الغرض- وأن هذه الحملة جارية على قدم وساق من خلال نشر القرآن الكريم وترجمة معانيه، وترجمة كتب المسيح الموعود في لغات مختلفة ونشر أدبيات الجماعة، وبواسطة بناء المساجد ومراكز الجماعة، وتأسيس الجامعات لتأهيل الدعاة. وقد أُسِّست الجامعات في آسيا وبلاد أفريقيا وأميركا الشمالية وإندونيسيا يتخرج فيها الدعاة والمبشرون ثم يشرعون في مهمة تبليغ دعوة الإسلام. فعندما يطّلع الأحمديون على هذه النشاطات ويطّلعون على أن هناك ضرورة للتضحيات المالية يقدّمونها بكل سرور.
يقول المسيح الموعود إن مواساة خلق الله جزء من الإيمان، ولتقديم المواساة نبني المستشفيات والمدارس، وإلى جانب ذلك هناك نظام واسع لمساعدة المستحقين، وكل هذا يتم نتيجة تضحيات المخلصين الذين يؤمنون بأن الله تعالى يجزيهم على تضحياتهم في هذه الدنيا وفي الآخرة أيضا. وإذا وُجد نقص بسيط في التضحيات المالية فيتبين دائما أن سببه عائد إلى أن المسؤولين لم يُلفتوا إليها انتباه الإخوة، وكلما تم تنبيه أفراد الجماعة إليها يلبّون الدعوة دائما.
لقد قال المسيح الموعود ذات مرة عن تنبيه الإخوة إلى هذا الأمر: من المحتمل أن كثيرا من الناس لا يُخبَرون أن جماعتنا بحاجة إلى تبرع. هناك كثير من الناس الذين يبايعون باكين بكاء شديدا، ولو أُخبِروا عن التبرعات لدفعوها حتما، ولكن توجيه الإخوة إليها ضروري. فقد قال أنه يجب أن تشركوا الإخوة الضعفاء من الناحية المالية أيضا في التبرعات، وحثُّوا بعضكم بعضا. أقول: إن صحة هذا الكلام ثابتة اليوم أيضا، وعندما يُلفت انتباه الإخوة إلى التبرعات يلبون الدعوة فورا. لذلك قلتُ أن عليكم أن تزيدوا عدد المشتركين في صندوق التحريك الجديد والوقف الجديد، فكما يزداد العدد باستمرار كذلك نشاهد حماسا جديدا للتضحية في الأطفال الصغار.
يقول داعيتنا في منطقة نكورو في كينيا: السيد أبو بكر كيبي هو رئيس فرع الجماعة هنالك وهو ضابط في الجيش، وهو أحمدي مخلص جدا، وعلى الرغم من كونه يسكن في ثكنة الجيش بعيدا عن المسجد فهو يحضر صلاة الجمعة دائما قاطعا مسافة طويلة ويُحضر معه بناته الثلاث أيضا. وقد ركّب في بيته صحنا لالتقاط قناتنا الفضائية ويشاهد برامجها بنفسه ويدعو أصدقاءه وزملاءه في العمل أيضا ليشاهدوها. فيقول: منذ بضع خطب الجمعة في مسجدنا المحلي كان هناك تركيز على أهمية مشروع التحريك الجديد. وقبل بضعة أيام قال الأخ المذكور لداعيتنا بأن بناته أيضا استمعن لهذه الخطب. وحدث ذات مرة أن جاءنا ضيف وعند عودته أعطي ابنتي الصغيرة التي عمرها 5 سنين فقط واسمها سميرة، 25 شلنا. بعد انصراف الضيف جاءتني هذه البنت وسلّمت لي 20 شلنا وقالت: ادفعْ هذا المبلغ تبرعا مني في صندوق التحريك الجديد، أما 5 شلنا الباقية فسأشتري بها بعض المأكولات.
ويقول داعيتنا في ليبيريا: في أثناء حملة جمع التبرعات لصندوق التحريك الجديد ذهبنا إلى أحد بيوت الأحمديين في قرية “نائي غَيما” وشرحنا لهم ما هو هذا المشروع، وأنه يمكن للجميع أن يشتركوا فيه بمن فيهم الكبار والصغار بقدر استطاعتهم. كانت في البيت طفلة صغيرة تكاد تبلغ من العمر 6 أو 7 سنوات، واسمها “بنتو سماوير” وتبيع أشياء بسيطة في سلة. فجاءتنا بعد أن سمعت كلامنا وقالت: هل يمكن أن يشترك الصغار أيضا في هذا المشروع ولو بدفع مبلغ زهيد؟ قلنا: نعم، يمكنهم فعلُ ذلك. فدخلت البيت مسرعة وجاءت بعشرين دولارا من العملة المحلية، وقالت: ليس عندي حاليا إلا هذا المبلغ فأرجو أن تسجّلوني أيضا في المشروع. ثم تبرع أبواها أيضا نظرا إلى فعْلها البريء.
فهذه بضع أمثلة للتضحية وهي تشكل ميزة فريدة للأحمديين كبارا كانوا أم صغارا وحيثما كانوا يسكنون في العالم. الحق أن تضحيات الأطفال الصغار تدل على فطرتهم الطيبة. ندعو الله تعالى أن يهب الجماعة دائما صغارا وكبارا يتحلون بحماس للتضحيات في سبيل الله تعالى، ويوفون بعهودهم.
من المعلوم أن افتتاح سنة جديدة لمشروع التحريك الجديد يبدأ في نوفمبر كل عام، فأعلن اليوم بداية العام الـ 84 لهذا المشروع، وإلى جانب ذلك سوف أقدم بعض الإحصائيات عن العام المنصرم. لقد انتهت السنة الـ 83 لمشروع التحريك الجديد، وبدأت السنة الـ 84، من أول نوفمبر الجاري كما قلت من قبل. وبحسب التقارير الواردة إلى الآن فقد وفّق الله تعالى الجماعة بأداء (12580000) جنيه أسترليني في هذا المشروع، فالحمد لله على ذلك. وهذا المبلغ يربو على مبلغ مدفوع في العام الماضي بقدر 1543000 جنيه أسترليني.
تحتل جماعة ألمانيا (بعد باكستان) المرتبة الأولى من حيث دفع المبلغ الإجمالي. علما أن الأخوة في ألمانيا يقدمون تضحيات مالية كبيرة في مشروع “بناء مئة مسجد” أيضا. وقد أخذت منظمات فرعية أي مجلس خدام الأحمدية وأنصار الله ولجنة إماء الله مسؤولية جمْع مبلغ كبير -يقارب ثلاثة ملايين يورو- لهذا المشروع. الأحمديون هنالك ليسوا بأغنياء كثيرا ولكنهم يتحلون بحماس كبير للتضحية بفضل الله تعالى. فندعو الله تعالى أن يبارك في أموالهم ويتقبل منهم تضحياتهم.
احتلت جماعة بريطانيا المرتبة الثانية، واحتلت جماعة أميركا المرتبة الثالثة، ثم جماعة كندا ثم الهند، ثم أستراليا ثم إندونيسيا، وقد احتلت جماعة من الشرق الأوسط المرتبة الثامنة، واحتلت المرتبة التاسعة أيضا جماعة أخرى من الشرق الأوسط، وجاءت جماعة غانا في المرتبة العاشرة.
فيما يتعلق بالتبرع لكل شخص، فمن هذه الناحية احتلت المرتبة الأولى والثانية جماعتان من الشرق الأوسط، ثم جماعة سويسرا، ثم جماعة بريطانيا. ولكن عدد المتبرعين أقل بكثير من عدد المشتركين في جلستهم السنوية، وهذا يعني أن المسؤولين لم يهتموا بهذا الأمر على ما يرام. تحتل جماعة أميركا المرتبة الخامسة، مع أنه لا يشترك في جلستهم أيضا جميع الأحمديين. ثم أستراليا، ثم ألمانيا. إن عدد المتبرعين في ألمانيا أقرب إلى عدد الذين يشتركون في جلستهم، وهذا يعني أن سكرتير التحريك الجديد وزملاؤه في ألمانيا بذلوا جهدا ملحوظا في هذا المجال. تحتل جماعة السويد المرتبة الثامنة ثم النرويج، ثم كندا.
أما الجماعات في أفريقيا من حيث التبرع لكل شخص فترتيبها كما يلي: غانا، نيجيريا، ثم جماعة مالي، ثم جماعة الكاميرون، ثم ليبيريا، ثم بنين. قلتُ قبل بضع سنين أنه يجب التركيز أكثر فأكثر على عدد المشتركين في المشروع، أما الأموال فتُجمع على أية حال.
لقد قال سيدنا المسيح الموعود : ينبغي أن تُؤخذ التبرعات من كل واحد، حتى لو تبرع أحد بقرش، فكما تُشكِّل القطرات نهرًا كذلك يتكون مبلغ جيد بجمع القروش.
باختصار استجابة لتوجيهي لرفع عدد المتبرعين، قد زاد عدد المتبرعين في هذا الصندوق هذا العام بفضل الله عن مليون وستمائة ألف. ومائتا ألف منهم متبرعون جدد، والبلاد التي رفعت عدد المتبرعين هذا العام في الدول الإفريقية نيجيريا هي الأولى، حيث 57 ألف أحمدي اشترك في نظام التبرعات أول مرة، وبعدها الكاميرون حيث اشترك 23 ألف وبعدها تجدر بالذكر بنين وساحل العاج والنيجر وغيني كوناكري ومالي وغيني بساو وغامبيا والسنغال وبوركينافاسو. وفي الدول غير الأفريقية التي ارتفع فيها عدد المشتركين في صندوق التحريك الجديد تحتل إندونيسيا المركز الأول ثم ألمانيا ثم بريطانيا ثم الهند ثم أميركا ثم كندا. وما زال هناك متسع كبير لرفع هذا العدد، ويجب أن تهتم بذلك الجماعاتُ.
في باكستان تغير نظام الإمارات قليلا، لذا بدلا من المحافظات إن الجدول الذي رُفع إلي للجماعات التي قَدمت التضحية بحسب ذلك ربوة أولا ثم إسلام آباد ثم تاون شِب بلاهور ثم عزيز آباد بكراتشي ثم دلهي غيت بلاهور ثم مدينة راولبندي ثم مُلتان وبيشاور وكويته وغوجرانوله.
أما ترتيب المحافظات في باكستان فهو كما يلي: الأولى هي محافظة سرجودها ثم فيصل آباد، ثم عمركوت ثم غجرات ثم نارووال ثم حيدر آباد، ثم ميربور خاص، ثم بهاولبور وأوكاره كلاهما، ثم توبه تيك سنغ ثم كوتلي في كشمير الحرة.
أما الجماعات العشر الأُوَل في ألمانيا فهي: نوايس، رودِن مارك، وائن غارتن، ليدا، بننغ بورغ، مهدي آباد، هايدل بورغ، لمبورغ، كيل وفلوريس هايم.
أما الإمارات العشر الأُول في ألمانيا فهي: هامبورغ، ثم فرانكفورت ثم بواي فيلدن، ثم غيروس غيراؤ، ثم فيزبادن، ثم دتسن باخ، ثم منهايم، ثم دتشتد، ثم دام شتد ثم أوفن باخ.
الجماعات الأول من حيث جمع التبرعات في بريطانيا: فهي مسجد فضل، ثم وُوستر بارك، ثم برمنغهام ساوث، ثم برادفورد ساوث، ثم بتني، ثم غلاسغو، ثم إسلام آباد، ثم نيو مولدن، ثم جلنغهام، ثم سكنتهوب.
والمناطق الأولى من حيث دفع التبرعات فرديا في بريطانيا فهي: ساوث ويست، ثم نورث ايست ثم إسلام آباد ثم مِدليندز ثم سكوتلندا.
في الجماعات الأميركية تحتل سليكون فالي المركز الأول ثم آش كاش ثم سياتل ثم ديترويت ثم يورك، لوس أنجلوس، سِلور سبرنغ الوسطى، جرسي، ساوث ويست اتلانتا، ولوس أنجلوس إِن ليند.
الإمارات الأولى من حيث جمع التبرعات في كندا هي: وان، ثم بيس فليج، ثم بريمتون ثم فانكووفر ثم مسيساغا.
والولايات الأولى في الهند هي: كيراله، كرناتك، جامون وكشمير، تلنغانه، تامل نادُو، أُريسه، بنجاب، البنغال، دلهي، مهاراشتر.
أما الجماعات الكبيرة الأولى في الهند فهي: كاليكت كيراله، باتا بريام كيراله، قاديان، حيدرآباد، كلكوتا، بنغلور، كينانول تاون، بنغادي، ماتهوتم، كيرولاي.
أما الجماعات الأولى في أستراليا فهي: كاسل هِل، ملبورن، بروك، ايه ستي كيمبرا، مارزن بارك، برزبن، لوغن، ايلتيد ساوث، بكمبتن، ملبورن لانغ وارن، بيزث وملبورن ايست. بارك الله في أموال كل هؤلاء ونفوسهم بركات لا حصر لها.
الآن أود أن أطلق نداء آخر لجمع التبرعات، وهو موجه إلى أبناء جماعة بريطانيا بوجه خاص وإلى الأحمديين في العالم كله ذوي السعة ومحبي الإنفاق في سبيل الله بوجه عام، وهو أنه قد مضت سنتان تقريبا على حادث احتراق جزء من مسجد بيت الفتوح. وهذا النداء يخص أعمالَ تجديد بناء ذلك الجزء المحترق. بسبب مقرّ الخلافة هنا في بريطانيا منذ 1984 يأتي الأحمديون هنا، فلإقامتهم وعقْد شتى الاحتفالات- حيث يتوافد الأحمديون على مدى العام بكثرة من المنظمات الفرعية والجماعات عموما- تظهر المشاكل. في السابق كانت هناك قاعات وغُرف مختلفة وكانت تكفي لإسكان الضيوف. لكن الآن بعد الحريق ضاق المكان وتظهر المشاكل. وقد أُعد مشروع البناء من جديد وهو مشروع كبير، حيث يغطي مساحة أكبر بقليل، فالخطة واسعة.
حين كان الخليفة الرابع رحمه الله طلَب جمع التبرعات لمشروع بناء المسجد هذا، كان قد طلب أول الأمر خمسة ملايين جنيه، ثم حين أُنفق مبلغ كبير على مبان أخرى ملحقة بالمسجد وبقي بناءُ المسجد اضطُر حضرته لإطلاق نداء آخر بجمع خمسة ملايين أخرى. وحتى بعد ذلك أيضا طرأت بعض النفقات والحاجات وسدَّت الجماعة بحسب ميزانيتها، واكتملت أعمال البناء.
ثم تعرَّض جزء كبير من المسجد لحريق بحسب قدر الله. والنفقات التي قُدرت لمشروع البناء الجديد بلغت المبلغ نفسه أي 11 مليون جنيه، ونصف هذا المبلغ تقريبا توفَّر من التأمين والتبرعات التي قدمها الإخوة من تلقاء أنفسهم إثر الحريق. وثمة حاجة لجمع أكثر من النصف الآخر، وله سيضحِّي الأحمديون في كل حال كما ضحَّوا على الدوام في السابق.
مسجد بيت الفتوح يعدّ واحدا من خمسين بناء في أوروبا من حيث التصميم والجمال والحجم. عندما كان الخليفة الرابع رحمه الله قدَّم هذا المشروع أمِلَ في أن يكون هذا المسجد أكبر مسجد في أوروبا. وقال إنه سيتسع لسبعة أو ثمانية آلاف مصلٍّ، وقال آنذاك: إنه سيكفي لسد حاجتنا. لكنه حين تم بناء المسجد كان يكفي لعشرة آلاف مصل بما فيه القاعات المختلفة. لكن تلك السعة أيضا خلال سنتين أو ثلاث سنوات ضاقت، واضطر المسئولون هنا للإعلان بأن لا يأتي الأحمديون إلى هنا لأداء صلاة العيد، ولْيصلوا في مناطقهم. ومع ذلك كنا نُضطر لنصب خيمة إضافية في الميدان المجاور للمسجد للعيد. باختصار هناك حاجة للتوسّع وينبغي أن نوسِّع المبنى قدر الإمكان، فالذين لم يقدّر لهم الإسهام في السابق في بناء هذا المسجد فليتقدموا حتما ويسهموا في البناء. بما أن هذا المشروع لجماعة بريطانيا لذا كما قلتُ سابقا هي من مسئولية الأحمديين في بريطانيا حصرا فليسهموا في ذلك. أما الأحمديون الأغنياء الذين يحبّون الإنفاق في سبيل الله خارج بريطانيا فهم أيضا يمكن أن يسهموا. فعلى المنظّمات الفرعية أيضًا وعلى الجماعات الكبيرة أن تسهم وذلك لأن الضيوف من الخارج يأتون إلى هنا على مدار السنة وجماعة بريطانيا تستضيفهم. وعدد هؤلاء الضيوف بلغ الآلاف الآن. لقد قال سيدنا المسيح الموعود في موضع: “اندلع الحريق في المسجد الملكي في زمن الملِك المغولي عالمغير فاندفع الناس إلى الملك ليخبروه أنه قد شبَّ الحريق في المسجد فخرَّ الملك ساجدًا فور سماعه الخبر وشكر الله . فسأله رجال الحاشية بمنتهى التعجب: جلالةَ الملك، لماذا سجدت سجدة الشكر؟ فقد شب الحريق في بيت الله والناس حزانى جدًّا، فقال لهم الملك: كنت أفكر منذ مدة وأتأَوّه حسرة على أن هذا المسجد العظيم الذي ينتفع به آلاف المخلوقات ليس لي نصيب في بنائه وكنت أفكر أنه ليتني أجد فراغا أملأه وبذلك يكون لي إسهام فيه لكنني كنت أجده كاملا وعديم النقص والعيب من كل النواحي، ولم أكن أعرف كيف يكون لي فيه ثوابٌ، فاليوم هيأ الله لي الفرصة لأنال الثواب. والله سميع عليم.”
فالذين لم تتسنَّ لهم التضحية لبناء هذا المسجد فليسهموا حتما كما قلت سابقا، فليسجِّلوا الوعود التي سينجزونها خلال ثلاث سنوات، وفي الوقت نفسه يجب أن يدفعوا في السنة الأولى ثُلث ما يعِدون حتما.
الآن أذكر بعض التفاصيل لهذا المشروع الجديد، فالجزء المسقف في السابق كان 4700 مترا مربعا، أما في هذا المشروع الجديد فالجزء المسقف هو 5800 مترا مربعا، ورُفع سقف قاعة ناصر أيضا. في الطابق الأرضي ستكون قاعةُ نور، وفي الطابق الأول ستكون مكاتب مختلفة، وفي الطابق الثاني والثالث ستكون مكاتب وقاعات للمعارض وغُرف للضيوف ودُور الضيافة. وستكون البناية على مسافة من البوابة، ليتَّسع المكان لإيقاف عدد من السيارات، ويسهل مرورُ السيارات كما بُني مساران منفصلان للرجال والنساء. وفَّق الله جماعة بريطانيا لإنجاز هذا المشروع، وبارك فيها.
بعد الصلاتين سأصلي جنازة الغائب على المرحوم عادل حمود ناخوذة المحترم من اليمن، الذي توفي في 14/10/2017 إثر نوبة قلبية عن عمر يناهز 40 سنة. إنا لله وإنا إليه راجعون.
يقول ابن المرحوم طارق المحترم: كان أبي قبل بيعته مقصراً في صلاته وبعد البيعة لم يكن يلتزم بصلواته الخمس شخصيا فحسب بل كان يعلمني أهمية الدين ويعرفني على الجماعة الأحمدية وقد حرص أبي على أن يصلي بنا جماعة في البيت في أوقات الصلوات وكان يقرأ لنا من كتب سيدنا المسيح الموعود .
كان أبي يقوم بتوزيع بطاقات فيها التردد الخاص بالقناه الأحمدية الـ mta3 وكان ينصح الناس بالانضمام إلى الجماعه الأحمدية. كان أبي بعد البيعة قد تغيرتْ حياتُه إلى سعادة بالكامل، واللهِ لم أر أبي منورا إلا عندما انضم إلى الجماعة الأحمدية.
يقول أحد أصدقاء المرحوم السيد علي الغرباني المحترم:
كان المرحوم يدعوني أنا وبعض أفراد أسرته الأحمديين إلى بيته ويسألنا عن مسائل تتعلق بالأحمدية وكنا نوضح له أمورا كثيرة مثل الدجال وعلاماته وقد أعجبه شرح مفهوم الدجال وقال إن هذا الكلام لا يأتي به إلا رجل من الله وبعدها تكلمنا عن وفاة عيسى بن مريم .
وكان يريد أن يتأكد ويبحث في القرآن الكريم. ذات مرة تم الزج بنا في السجن إثر تهمة زائفة ولكن بالرغم من أن المرحوم لم يكن قد بايع آنذاك إلا أنه كان يدافع عنا بكل جرأة وشجاعة. (وهذا ما كتبه أقاربه الآخرون أيضا أن حياته كانت قد تغيرت تماما بعد البيعة) كان كلما تكلم عن الدين قدَّم آيات القرآن والحديث وكنا نستغرب ونسأله من أين أتيتَ بهذه الأدلة فكان يقول: مَن يؤمن بالإمام المهدي والمسيح المحمدي فإنه يتعلم من هذا النور الذي استنار من نور محمد المصطفى .
ترك المرحوم أرملة وابنا وبنتا، ومعظم أفراد عائلته أحمديون بفضل الله، رفع الله المرحوم درجاتٍ، وغفر له ورحمه وجعل مثواه عند أقدام أحبته، وتكفل أفراد أسرته، وجعلهم صالحين ومقتفين أثر المرحوم.