خطبة الجمعة
التي ألقاها أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز
الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام
يوم 3/08/2018
في حديقة المهدي، محافظة سري ببريطانيا
*****
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّين، آمين.
نشترك اليوم بفضل الله تعالى في جلسة سنوية أخرى، علما أن هناك بعض الإخوة الذين حضروها لأول مرة، وهناك كثيرون آخرون لديهم سهولة التأشيرة والسفر فهم يشتركون فيها منذ عدة سنين. ومن سكان بريطانيا أيضا الذين سيشتركون فيها لأول مرة، وهم الذين جاؤوا إلى بريطانيا قبل فترة قليلة واستقروا فيها، أو هناك بعض الصغار الذين سيستفيدون من جوّ الجلسة لأول مرة بعد بلوغهم سن الرشد. فعلى جميع الحضور أن يسعوا جاهدين للاستفادة من الجو الروحاني لأيام الجلسة الثلاثة، ويجب أن يستمعوا لبرامجها كلها بإنصات وانتباه، عندها فقط يمكنهم الاستفادة من الاشتراك فيها ويكونون ممن يحققون هدف المسيح الموعود ؏ من عقدها.
يعلم الجميع أن العاملين في ترتيبات الجلسة أو تسعين بالمائة من أفراد الجماعة يعملون متطوعين، وخاصة في أيام الجلسة لذا يمكن أن تبقى فيها بعض النقائص والتقصيرات. وإنَّ سَدّ هذا النوع من النقائص والتقصيرات واجب علينا جميعا. فكما سيفحص العاملون أعمالهم وسيسعون جاهدين لسد النقائص، كذلك على الضيوف والحضور أيضا أن يغضوا الطرف عنها، وحيثما كان العاملون بحاجة إلى مساعدة فليتقدموا لمساعدتهم. ستتولد فينا الوحدة حين نحمل أثقال بعضنا ونساعد بعضنا كلما اقتضى الأمر، فهذا هو المبدأ الأساس الذي يجب أن يتذكره الضيوف والمضيفون على حد سواء. إنني عادة أذكر مسؤوليات العاملين وواجباتهم في خطبة الجمعة التي تسبق الجلسة، ثم أنصح الضيوف وأوجههم إلى واجباتهم في خطبة الجمعة يوم الجلسة. هذه هي مزية جلساتنا بل مزية نظام الجماعة فنستطيع أن نعيش بحب متبادل إذا أدرك كل واحد منا واجباته ومسؤولياته وأدّاها على أحسن وجه.
اليوم سأوجه أنظار العاملين والضيوف إلى بعض الأمور. لم أخاطب العاملين في الخطبة الماضية، غير أنني نصحتهم ببعض الأمور يوم الأحد الماضي بمناسبة فحص ترتيبات الجلسة وأرشدتهم إلى كيفية العمل والتصرف. إن أغلبية العاملين في ترتيبات الجلسة يعملون منذ فترة طويلة، وبذلك يكونون قد تدرّبوا جيدا وعرفوا كيفية عملهم على ما يُرام، غير أن هناك عددا لا بأس به من الأطفال والشباب الذين ينضمون إلى صفوفهم كل عام فيربيهم ويدربهم العاملون والمشرفون على فروع مختلفة بناء على خبرتهم السابقة. ولكن هناك بعض الأمور الهامة نسبيا وتدعو الحاجة إلى التذكير بها، لذا سأوجه اليوم أنظار الضيوف والمضيفين إليها.
الأمر الأول المتعلق بالعاملين هو أنهم قدّموا أنفسهم لخدمة الضيوف الذين جاؤوا للاشتراك في الجلسة التي أسّسها سيدنا المسيح الموعود ؏ بأمر من الله تعالى، ولم يحضروا مهرجانا أو حفلا دنيويا، بل جاؤوا إلى هنا لرفع مستواهم الروحاني والعلمي. وأتوقع أن هذا ما يفكر به كل واحد من الحضور وإلا فإن حضورهم الجلسة عبث محض.
على أية حال، يجب على العاملين أن يتذكروا دائما أنّ عليهم أنْ يراعوا مشاعر الضيوف وعواطفهم ويضربوا أمثلة عليا في الأخلاق الفاضلة مهما كان سلوك الضيف. ولو أساء أحد من الضيوف التصرفَ يجب على العاملين في هذه الحالة أيضا أن يتحكموا في عواطفهم ولا يردوا عليهم بالطريقة نفسها. فما دام قدّم كل عامل نفسه لخدمة الضيوف لوجه الله فليتحملْ لوجهه سلوكا غير لائق أيضا من الضيوف إن صدر من أحدهم، عندها فقط سينالون رضا الله تعالى. كيف كانت أسوة النبي الذي نؤمن به تجاه الضيوف من المدينة التي كان يسكنها والذين كانوا يأتونه كل يوم؟ علما أنهم ما كانوا يأتونه مرة في العام فقط مثل مناسبة الجلسة بل كانوا يزرونه كل يوم بحيث كان النبي ﷺ يدعوهم أحيانا للطعام نظرا إلى فقرهم، فكان بعضهم يجلسون لفترة طويلة خائضين في الأحاديث وبذلك كانوا يخلِّون بأوقات راحته ﷺ، ومع ذلك لم يقل النبي ﷺ لأحد منهم ولو مرة ألا يأتوا مبكرا لأنه مشغول ولم يُشر عليهم بالانصراف فورا بعد تناول الطعام قائلا: لا أستطيع إنجاز بعض أعمالي بسبب طول مكوثكم. ولكن الله تعالى رأى سلوك هؤلاء الناس ورحابةَ صدره ﷺ في استقبال الضيوف فقال للمؤمنين: ]فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ[ فلا تؤذوا النبي بطول المكوث في بيته دون مبرر. فمن ناحية ذكر الله تعالى أسوة النبي ﷺ المثلى وحُسن أخلاقة في الضيافة، ومن ناحية ثانية أمر الضيوف ألا يتجاوزوا حدودهم كضيوف بل يجب أن يراعوا حدود الضيافة وقيودها وألا يستغلوا الموقف كونهم ضيوفا. كانت أسوة النبي ﷺ بحق الضيوف غير المسلمين أيضا ورحابة صدره مما يجعل الإنسان في حيرة من أمره. ونرى مثالا على ذلك حين جاءه ضيف غير مسلم فأحسن ﷺ ضيافته، ثم حدث أن دنَّس الضيف فراشه قبل مغادرته صباحا فنظف ﷺ الفراش بيده.
سأل الصحابة رضوان الله عليهم أن يتيح لهم أيضا فرصة الخدمة فلماذا يُكلِّف نفسه؟ فقال: كان ضيفي ولذا سأرفع حدثه بنفسي. هذه هي أسمى أسوة، لا ينافسه فيها غيره. يحضر جلساتِنا الأحمديون وغيرهم، وكل القادمين هم حائزون على أسمى الأخلاق ويأتون من أجل تعلُّم الدين، أو من أجل الحصول على المعلومات عن الأحمدية، أي الإسلام الصحيح. ففي كل واحد ضعف بشري، وإذا صدر من أحدهم أي تصرف غير لائق أو تجاوز فلا يسعنا القول إنهم سيئو الأخلاق أو نياتُهم غير سليمة. فهي من ضعف بَشري ويجب أن نتحمله. ومن الصحيح تماما أن الأحمدي سواء كان ضيفا أو مضيفا يجب أن يتعامل بالأخلاق السامية. أما الذين تقدموا لخدمة ضيوف الجلسة تطوعا يجب أن يبدوا أسمى الأخلاق من غيرهم. فإذا اتسم العاملون بالصبر وسمو الأخلاق فسوف يخجل مخاطبهم من تلقاء نفسه. فعلى كل متطوع في كل قسم وشعبة أن يتخلق في هذه الأيام بأخلاق سامية باعتبار ذلك تحدِّيا كبيرا. لقد قال الله ﷻ في القرآن لافتا أنظارنا إلى ذلك: ]قُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا[ (البقرة 83) أي تكلموا مع الناس كلاما لطيفا وبرفق ولين. فهذا هو الأمر الأساسي الذي لا بد منه لإظهار الأخلاق الفاضلة والقضاء على النـزاعات والخصومات، وهذا المبدأ لا يتعلق بالمناسبات الخاصة فقط، بل هو دائم. وإذا تمسك به الناس دوما فلن يبقى هناك أي تجاوز أو انزعاج مطلقا. فعلى المضيفين والضيوف أن يضعوا هذا التوجيه الإلهي في الحسبان دوما الآن ولاحقا أيضا إلى الأبد. ويجب أن يراعوا ذلك في هذه الأيام حتما، إذ يجب على الجميع أن يجعلوا هذه البيئة سعيدة لكي يتحقق الهدف الذي من أجله قد اجتمعنا هنا وهو تحسين أوضاعنا الأخلاقية والروحانية. وهذه الأخلاق نفسها ستقود من يأتون هنا من غير المسلمين إلى اعتناق أخلاق الإسلام السامية هذه. وسوف ينشر الضيوف والعاملون الدعوةَ بصمت. يقول النبي ﷺ: لا شيء أثقل في الميزان من الخلق الحسن. ونرى أن المتخلق بأخلاق سامية يتمكن من المداومة على الصلاة والصيام أيضا، أي يوفَّق لإحراز الحسنات. وخاصة حين يوفَّق الإنسان للحسنات ابتغاء مرضاة الله، ينشأ لديه الالتفات إلى عبادة الله، وشُكرِه تعالى أيضا على أنه يُبدي هذه الأخلاق الفاضلة عملا بأوامر الله ﷻ. وهذا الشكر يسوقه إلى العبادة أيضا، فكأن حسنة واحدة تقود المرء إلى إحراز حسنات من مستوى رفيع على الدوام، بمعنى أن الحسنة تنجب حسنات عدة باستمرار. فعلى العاملين أن يوطنوا أنفسهم بصفة خاصة مقابل خشونة معاملة الآخرين بابتسامة لا تفارق وجوههم أبدا. وهذه الحالة الظاهرة تؤثر في القلوب أيضا، بحيث لن تنشأ أية قسوة في القلوب أيضا، وحين لن يكون في القلوب قسوة بلا سبب فلن تصدر القرارات الخاطئة التي تصدر أحيانا في حالة الغضب. يقول أحد الصحابة بيانا لأسمى أخلاق النبي ﷺ هذه: ما رأيت قط وجها أكثر بشاشة من وجه النبي ﷺ. ثم إن حضرته ﷺ قد نصح أتباعه أن يتلطفوا لأن مَن حُرم اللطف والرفق فقد حرم الخير أيضا. وإذا فهم هذا الأمرَ المتطوعون والضيوف كلُّهم، فببركة هذه البيئة سوف يملأون جرابهم بالخيرات والبركات.
المتطوعون بفضل الله يخدمون كل ضيف بإخلاص قلبي، ومع ذلك إذا خطر ببال أحد الحضور أن فلانا من الضيوف يُكرَم أكثر منه، فعلى المتطوعين أن يسعوا لتصحيح هذه الفكرة. لكنني أود أن أقول للمشاركين في الجلسة أيضا إن ترتيبات الجلسة الهائلة والواسعة تتم بفضل الله بواسطة المتطوعين، وهم ليسوا موظَّفين عندنا. وبعضهم حائزون على مناصب مرموقة، ويتقدمون لخدمة ضيوف المسيح الموعود ؏ بحماس وعاطفة. وكذلك الشباب من طلاب وطالبات المدارس الثانوية والجامعات، وكذلك الأولاد يخدمون الضيوف برغبة قلبية. فإن رأيتم بعض الثغرات ونقاط الضعف في النظام فيجب غضُّ الطرف عنها، ويجب أن تضعوا نصب أعينكم دوما الهدف السامي وهو اجتماعكم هنا للاستماع لما قال الله ورسولُه فقط. وإذا كان هذا الهدف السامي في حسبانكم فلن تنشأ أية شكوى. فلإنجاز الأمور الإدارية للجلسة هناك نظام خاص، ومن أجل إنجاز الأعمال بسهولة أنشئتْ شتى الأقسام والشُّعب، فإذا رأى أي ضيف النقص في أي قسم وخطر بباله أنه لا يضيَّف ويكرَم كما كان يجب ويستحق، فعليه أن يكتب إلى رئيس ذلك القسم فقط، بدلا من التشاجر مع العاملين. فإن لم نستطع إزالة ذلك النقص هذا العامَ فسوف نسعى لإزالته في السنة القادمة. فمن حسن نظام الجماعة- ويجب أن يكون كذلك- أن النقائص التي تُرفع إلينا نحاول إزالتها.
من أهم أقسام الضيافة إعداد الطعام، وحيثما تُعقد الجلسات حتى الآن، وعلى الأقل حيث توجد غالبية الباكستانيين والهنود، يُعدّ طعامٌ معين حصرا في أيام الجلسة ما عدا بعض الأطعمة التي تُحضَّر للأجانب فقط.
وأقصد من الأجانب غيرَ الباكستانيين وغير الهنود، ولأن معظم الحضور من أصل باكستاني أو هندي لذا تُطبخ البطاطا مع اللحم والحبوب المجروشة والخبز. صحيح أننا نُطعم الحضور طعاما نريده نحن، ولكن يجب على مسؤولي الطبخ أن يتأكدوا من أن الطعام طُبِخ بشكل جيد، وخاصة اللحم يجب أن يكون ناضجا كما ينبغي، فقد علمتُ أن البارحة لم يكن اللحم ناضجا بشكل جيد، ولأن الضيوف كانوا بعدد قليل لذا لم ترِد الشكاوى ولكن لو تكرر ذلك اليوم أيضا فينبغي على المسؤولين أن يتصرفوا حيال ذلك بجدّية، وإذا كان اللحم من نوع غير جيد فيجب عليهم أن يتخذوا إجراءات فورا للحصول على اللحم ذي الجودة العالية، وآمل أن لا يشتكي الضيوف من ذلك ولكن لو اشتكوا كانت شكواهم جائزة، ولكن يجب ألا ترفعوا الشكوى مدفوعين بالغضب بل وجِّهوا المسؤولين بالحب إلى التقصير وإلى إزالته وأخبروهم بأن ذلك سيؤدّي إلى ضياع الطعام مع أننا أُمرنا بالاهتمام به.
ثم يجب على حضور الجلسة أن ينتبهوا إلى قول النبي ﷺ: مِن حسن إسلام المرء ترْكُه ما لا يعنيه، وهذه الجلسة، التي سمّاها المسيح الموعود ؏ الجلسة الخاصّة لوجه الله، أحرى أن نتجنب فيها ما لا يعنينا ونتحاشى ضياع الوقت أو إضاعته وأن نستمع لبرامج الجلسة باهتمام سواء أعجبتم بالخطباء أم لا، ولكن عناوين الخطابات تُحَدَّد بحيث تُفيد الجميع، وكل خطاب يحوي بعضَ النكات التي تؤثّر في البعض حتما، لذا لو استمعتم لها بإمعان لتأثرتم، ولا تخرجوا من قاعة الجلسة إلا في حال الاضطرار الشديد، وهيئة الحضور الآن هي التي يجب أن تكون في برامج أخرى للجلسة، لكي يعلم الأطفال والشباب أيضا أهمية الجلسة ويربطوا أنفسهم بالدين ويسعوا لذلك. في هذه الأيام من الضروري جدا في المحيط المادّي أن يُعلَّم الأطفالُ والشبابُ أهمّية الدين ويُربَطوا به ويجب على الآباء والأمهات أن يتوجهوا إلى هذا الأمر، وعلى كل والد ووالدة السعي لذلك، وفّق الله الجميع لذلك.
أهم شيء فيما يتعلق بالتربية والربط بالدين هو العبادةُ ولذلك فُرضت علينا الصلواتُ الخمس، ولقد جاء كثيرٌ من الناس من الخارج فنجمع الصلوات في هذه الأيام بسبب برامج الجلسة والمسافرين، فيجب الالتزام بها أيضا، التزموا بها أنتم وأحضروا معكم أولادكم في أوقات الصلاة هنا في حديقة المهدي إن كنتم هنا. وإذا كنتم غير موجودين هنا وعدتم إلى بيوتكم في وقت صلاة الفجر وصلاة المغرب والعشاء فصلّوا في مراكز الصلاة أو المساجد قرب بيوتكم، وإذا كانت بيوت بعضكم بعيدةً عن المسجد أو مركز الصلاة فعليهم أن يصلوا جماعةً في بيوتهم، وكذلك على العاملين الذين هم متفرغون في وقت الصلاة أن يأتوا هنا للصلاة في الجماعة والذين هم مشغولون عليهم أن يُصلوا أولا بعد إنهاء العمل، والمسؤولون الذين يستخدمون العاملين عليهم أن يقسموا الأعمال نظرا إلى أوقات الصلوات ولا ينبغي أن يفوت أحد وقت الصلاة بحجة العمل، ويجب أن يتناوبَ العاملون العمل بحيث يجد الجميع فرصة الصلاة، لأنه إن لم نهتم بالصلوات فتذهب جميع أعمالنا سدى.
أريد الإشارة إلى بعض الأمور الإدارية الأخرى أيضا. الذين يأتون بسياراتهم عليهم أن يتعاونوا مع الإدارة ويصفّوا سيارتهم حيث وكما يُطلب منهم، وفي بعض الأحيان تحدث المشاكل في ذلك لأن البعض يُصرون على صف سياراتهم بحسب رغبتهم فيتشاجرون مع العاملين، هذا يؤدي إلى الخلل في الإدارة، وفي بعض الأحيان تُسبب هذه الأشياء خطرا وتُحدث قلقا للآخرين. وإضافة إلى مكان الجلسة السنوية، فالذين يأتون إلى مسجد فضل للصلاة وكنتُ قد وجّهتُ العاملين يوم الأحد ليضبطوا هذا الأمر، ولكن الضيوف وحضور الجلسة الذين يذهبون إلى هناك من أجل الصلاة عليهم أن يتذكروا أن من واجبهم أن يصفّوا سياراتهم في مكان لا يسُدّ طريقَ الجيران ولا يسد الطريق المؤدي إلى بيوتهم لكي لا يتضايقوا، وكنت أخبرتُ العاملين أيضا يوم الأحد الماضي أن جيراننا يشكون من أنكم تصفون سيارتكم أمام بيوتهم بحيث تُسَدُّ طرقهم فلا يستطيعون الخروج من بيوتهم أو الدخول إليها، وقال بعض الجيران: إنكم تدّعون أن الخليفة يُرشدكم، لأن للأحمديين صِلات بهؤلاء الجيران فيذهبون إليهم كل سنة بمناسبات الأعياد ويقدمون إليهم بعض الهدايا وكذلك يتواصلون معهم في أيام الجلسة، فقال لهم هؤلاء الجيران: إنكم تتحدثون كثيرا عن الخلافة وأنكم تطيعون جدا خليفتكم، أفلا يخبركم الخليفةُ عن حقوق الجيران؟ أم أنكم لا تُطيعونه؟ ما قاله الآخرون عنا مُخجل جدا لنا جميعا، فقد شعرتُ أنا بالخجل الشديد لهذا الأمر، وقولهم صحيح لأننا إن كنا نفعل ذلك فلا بد أن يكون السبب أحد هذين الأمرين. لذا يجب أن تهتموا بهذا الأمر بشكل خاص. تحمّلوا كل مشقة ولكن لا تسبّبوا أية مشكلة لجيرانكم ولا تسدوا طريقهم أبدا.
فالإسلام يركز على حقوق الجيران بما لا يركز عليها أي دين آخر ولكن إن لم يعمل به بعضنا فهم آثمون وذلك مخجل، وأقول بشكل خاص للذين يأتون من خارج لندن ومن أوروبا كألمانيا وغيرها الذين يأتون منهم بسياراتهم عليهم الانتباه لهذا الأمر لأن بعضهم لا يهتمون به.
ولقد أُخبِرتُ أنه إذا نُبّه هؤلاء لهذا الأمر من قِبل الشباب القائمين على الخدمة فإنهم يعاملونهم أيضا معاملة غير لائقة ويتكلمون بطريقة خاطئة، فإنهم من جهة يرتكبون جريمتين: إيقاف السيارات في مكان خاطئ والإساءة إلى الجار، ومن جهة أخرى يقضون بتصرفهم هذا ما في قلوب الشباب والأطفال من أدب واحترام للكبار، لأن هؤلاء الأطفال أيضا سوف يتكلمون لاحقًا بالطريقة نفسها التي ستؤدّي إلى معاملة الناس بصورة غير لائقة. فلماذا توقعون هؤلاء الأطفال في الابتلاء والامتحان؟ لا جدوى لمن تصدر منه هذه المعاملة من الإنفاق الكثير وتجشم عناء السفر للحضور إلى الجلسة، بل كان الأفضل ألا يأتوا. فإن مثل هذا الشخص يضر بمصلحة الجار كما أنه يخالف أمر الله تعالى ويفسد تربية الأطفال كما قلت. فعليكم مراعاة هذا الأمر في المستقبل بشكل خاص.
ومن الناحية الإدارية هناك قسم النظافة أيضا، وثمة حاجة ماسة إلى الانتباه إليها، وأنبّهكم دومًا إلى أن النظافة من الإيمان ويجب أن نتذكر هذا الأمر دومًا. على الضيوف أيضا أن يحافظوا على نظافة المراحيض عند استخدامها وتجفيف المياه فيها، ولقد رُفِعت بعض الشكاوى من أن المياه تفيض على أرضية المراحيض بحيث يصعب على الآخرين استخدامها. صحيح أن هذا واجب الخدام أيضا ولكن يجب ألا تتركوه على الخدام فقط بل ساعدوهم في هذا الخصوص. كذلك إذا رأيتم كؤوسًا أو علبًا فارغة أو أكياسًا أو أي شيء آخر ملقى في الحقول الواسعة فخذوه وألقوه في الحاوية.
وهناك أمر آخر جدير بالاهتمام في هذه الأيام وهو أن العشب قد جفّ كثيرًا جراء عدم نزول المطر، فهناك خطر كبير من أن تنشب فيه النار وإن كان الإخوة حاولوا جزّ العشب وحفظه إلا أن هناك إمكانية حدوث حادثة ما، فلا بد من الاحتياط. ويجب أن يهتم المتطوعون للخدمة والضيوف أيضا بهذا الأمر بشكل خاص وألا يرموا على الأرض ما يؤدي إلى إشعال النار. ولا بد من قول الحق وينبغي بيانه لإصلاح العيوب وإزالتها، فمن اعتاد التدخين فالأنسب له في هذه الأيام الخروج من حدود حديقة المهدي للتدخين. ولكن يجب ألا يُفهم من هنا أنني أجيز التدخين ولا أعتبره سيئًا، بل هو سيئ ويجب أن تحاولوا الإقلاع عنه وتجنبه. ولقد ألقيتُ خطبًا حوله أيضا. لم يحرّمه المسيح الموعود ؏ إلا أنه لم يحبذه بل أظهر كراهيته له في بعض المناسبات ونصح بتجنبه، ناهيك عما يضيف إليه بعض الشباب من المخدرات متأثرين بمحيطهم الفاسد فإنه ممنوع وإثم.
ثم ينبغي عليكم أن تراقبوا ماحولكم من ناحية الحراسة إذ يمكن لبعض العناصر الشريرة أن تقوم بالشر في داخل مكان الجلسة وخارجها، ويجب أن تكونوا يقظين فإن رأيتم أي شيء يثير الشكوك أو لاحظتم أن تصرفات أحد مشكوك فيها فأطلعوا عن ذلك المسؤولين أو أي شخص قريب يقوم بالخدمة.
وعلى النساء أيضا الاهتمام بألا تدخل إحداهن مكان الجلسة وهي متنقِّبة، وأن يتم الفحص الإلكتروني للهويات على الباب الرئيس بشكل جيد، ويجب التأكد من رؤية الوجوه، وينبغي أن تسفر النساء عن وجوههن في الأماكن المخصصة لهن في الجلسة.
وبما أن هناك نظامًا خاصًّا لفحص بطاقات الدخول مما قد يطيل هذه العملية بما قد يؤدي إلى تحمل مشقة الانتظار، فعلى الضيوف أن يتحملوها لأن الحيطة والحراسة أمران هامّان جدًّا.
تُرفع من قبل النساء شكوى أحيانًا مفادها أن أمهات الأولاد يحاولن إسكات أولادهن في خيمة الأمهات والأولاد بإعطائهم بعض الأشياء فيهدأون نوعًا ما وبالتالي يلتهون بالصمت باللعب أو بأكل شيء ما، أما الأمهات فلعلهن يرين أن عليهن الآن إثارة الضجة بعد إسكات أولادهن، لذلك فإنهن لا يلبثن أن يتحدثن فيما بينهن، وأحيانًا تستمر محادثاتهن أثناء خطابات الجلسة أيضا والضجيج يعم ذلك المكان إلى درجة أن لو رغبت إحداهن في الاستماع للخطاب بإنصات فلا تستطيع ذلك، فعلى من يخدمن هناك مراقبة هذا الأمر لأنه يمكن تحمل ضجيج الأطفال في خيمة الأمهات والأطفال إلا أنه لا يمكن تحمل ضجيج الأمهات.
وهناك شكوى من قبل النساء أيضا أن بعض النساء في الخيمة الرئيسة الخاصة بهن يتكلمن فيما بينهن أثناء الخطابات دونما سبب، ويُسِئن الكلام مع مَن تُنبهْهُنّ من المتطوعات ويردُدن عليهن بردود خاطئة لا تليق.
وفق الله تعالى الجميع للاستفادة من الجلسة أكثر وأكثر ووفقهم للعمل بهذه الأمور والنصائح التي أسديتها الآن أو التي هي مكتوبة في منشور برنامج الجلسة، ولكن يجب أن تتذكروا أمرًا يحيط بكل هذه التعليمات وهو واجب على الجميع وضروري جدًّا، أي الدعاء الخاص لنجاح الجلسة، جعل الله تعالى هذه الجلسة مباركة بمحض فضله وحفظنا جميعا من كل شر وأن نستفيض بتلك الفيوض التي اجتمعنا هنا لأجلها.
كذلك أريد أن أخبركم أنه كالسنوات السابقة قد أقيم معرض عن كفن المسيح تحت إشراف ريفيو أوف ريليجنـز وفي خيمتها، كذلك أقيم مشروع القلم أيضا في الخيمة نفسها. كذلك هناك معرض أقيم تحت قسم الأرشفة وسيكون أيضا جديرًا بالزيارة وموجبًا لازدياد المعلومات، إضافة إلى ذلك فإن قسم التبليغ في بريطانيا أقام معرضًا حول القرآن الكريم وسيكون أيضا موجبًا لزيادة المعلومات إن شاء الله، فعليكم بزيارته.
سيتم إطلاق موقعين أيضا اليوم وهما True Islam وRational religion وهناك مسابقة الخطابات على الانترنيت من قبل قسم التبليغ ويقبل عليها المشتركون الآن، ولقد بدأوها في هذه الجلسة بوجه خاص، على أية حال هذه هي بعض الأمور الزائدة عن البرامج المعهودة التي تتم في مكان الجلسة، وعلى المشاركين الاستفادة من هذه المعارض والبرامج.
وفق الله تعالى جميع المشاركين في هذه الجلسة لنيل نصيب من دعوات المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام. آمين.