خطبة الجمعة
التي ألقاها أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز
الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام
يوم 28/12/2018
*****
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّين. آمين.
أول الصحابة البدريين الذين سأذكرهم اليوم هو عبد الله بن الربيع الأنصاري، كان من فرع بني الأبجر من قبيلة الخزرج. أُمّه فاطمة بنت عمرو. شهد بيعة العقبة الثانية كما شهد بدرا وأُحدا ومؤتة، واستشهد يوم مؤتة.
والصحابي الثاني الذي سأذكره هو عطية بن نويرة، وقد شهد بدرا. هذا كل ما هو معروف عنه.
ثم هناك صحابي اسمه سهل بن قيس. أمّه نائلة بنت سلامة. وكان ابن عمّ الشاعر المعروف كعب بن مالك. شهد بدرا وأحدا واستشهد يوم أُحد. كان النبي r يأتي قبور شهداء أُحد كل عام، فإذا أتى الوادي قال بصوت عال: “السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار”. (هذه آية من سورة الرعد، غير أنها تبدأ من “سلام عليكم” بدلا من السلام عليكم) ثم كان أبو بكر بعد النبي r يفعله وكان عمر بعد أبي بكر يفعله، وكان عثمان بعد عمر يفعله، ثم معاوية حين مرّ حاجًّا أو معتمرًا.
كَانَ رَسُولُ اللهِ r يَقُولُ لَيْتَ أَنّي غُودِرْت مَعَ أَصْحَابِ الْجَبَلِ. وكان سعد بن أبي وقاص يذهب إلى ماله بالغابة (الغابة قرية صغيرة شمال غرب المدينة)، فيأتي من خلف قبور الشهداء فيقول: السلام عليكم! ثلاثاً، ثم يُقبل على أصحابه فيقول: ألا تسلمون على قوم يردون عليكم السلام؟ لا يسلم عليهم أحدٌ إلا ردوا عليه السلام إلى يوم القيامة.
مرّ رسول الله r على قبر مصعب بن عمير فوقف عليه، ودعا، وقرأ: ] رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا[. ثم قال: أشهد أن هؤلاء شهداء عند الله يوم القيامة، فأتوهم وزوروهم وسلِّموا عليهم، والذي نفسي بيده، لا يسلّم عليهم أحدٌ إلى يوم القيامة إلا ردُّوا عليه. وكان أصحاب النبي r يأتون إلى قبورهم ويسلّمون عليهم ويدعون لهم. كانت لسهل بن قيس أختان سخطى وعميرة آمنتا بالنبي r وحظيتا ببركة بيعته.
ثم هناك صحابي اسمه عبد الله بن حميِّر الأشجعي. كان من بني دهمان حلفاء الأنصار. شهد بدرا مع أخيه خارجة بن حميّر، وشهد أُحدا أيضا. زوجته أمُّ ثابت بن حارثة أيضا آمنت بالنبي r. كان عبد الله بن حميّر من بضعة الصحابة الذين ثبتوا على الجبل يوم أُحد مع عبد الله بن جُبير t. أما بقية الصحابة فقد نزلوا من الجبل لينضموا إلى المسلمين بعد أن رأوا انتصارهم. لقد قام عبد الله بن حميّر ينصحهم فحمد الله وأثنى عليه ثم نصحهم بطاعة رسول الله r، ولكنهم لم يقبلوا كلامه ونزلوا. فلم يبق على الجبل أكثر من عشرة من الصحابة مع عبد الله بن جبير، فرأى خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل خلوّ الجبل من الرماة وهجما على من بقي هنالك من الصحابة القليلين. فقابلتهم هذه الجماعة القليلة من الصحابة بالرماح ولكن المهاجمين قتلوهم جميعا في الحال.
لقد ذكر مرزا بشير أحمد t تفصيل واقعة أُحد في كتابه “سيرة خاتم النبيين” كما يلي: لقد تقدم النبي r متوكلا على نصرة الله تعالى ونزل في ميدان أُحد بحيث كان جبل أُحد وراء المسلمين، وكأن المدينة أمامهم. هكذا صارت مؤخرة الجيش محفوظة. كان في الجبل وراءهم ممرٌّ وكان من الممكن للعدو أن يشن الهجوم من ذلك الاتجاه. فدبّر النبي r حماية هذا المكان بحيث عيّن هنالك خمسين رماةً تحت إمرة عبد الله بن جبير t، ونصحهم ألا يتركوا المكان مهما كان الأمر بل يجب أن يستمروا في إطلاق السهام على العدو. كان النبي r كثير الاهتمام بحماية هذا المنفذ حتى نصح عبد الله بن جبير t مرارا ألا يتركه وأصحابه مهما كان الأمر، حتى ولو رأيتم انتصار المسلمين وفرار العدو مهزوما، ولو رأيتم هزيمة المسلمين وغلبة العدو عليهم فلا تتركوا الجبل بأي حال. وقد جاء في رواية أن النبي r أمرهم بما مفاده: لا تتركوا الجبل وإن رأيتم الطيور تأكل لحومنا، إلا أن آمركم بتركه. هكذا دبّر r حماية مؤخرة الجيش جيدا ثم جعل من الجيش صفوفا، وعيّن الأمراء على كتائب مختلفة. عندما رأى أصحاب عبد الله بن جبير أن المسلمين قد انتصروا قالوا لأميرهم أن المسلمين قد انتصروا وهم يجمعون الغنائم، فاسمح لنا أيضا لنذهب ونشترك مع الجيش في جمع الغنائم. فمنعهم عبد الله وذكّرهم بوصية النبي r المؤكدة ولكنهم نسوا ذلك في نشوة الانتصار، ولم يسمعوا لأميرهم ونزلوا من الجبل قائلين أن النبي r إنما كان يقصد من ذلك ألا نترك الجبل ما لم نتأكد من الفتح، وأما الآن فقد تم الفتح والانتصار فلا ضير في تركه الآن. فلم يبق لحماية المكان إلا عبد الله بن جبير وبعض من أصحابه. عندها رأى خالد بن الوليد إلى هذا المكان من بعيد ووجده خاليا من الرماة، فجمع فرسانه فورا وتوجه إليه ولحقه عكرمة بن أبي جهل أيضا فورا مع كتائبه وقتلوا عبد الله بن جبير وأصحابه في لمح البصر وهجموا على جيش المسلمين من الخلف.
الصحابي الآخر هو عبيد بن أوس الأنصاري ابن أوس بن مالك. شهد عبيد الله بن أوس بدرا، وهو الذي أسر عقيل بن أبي طالب، ويقال: إنه أسر العباس، ونوفلاً وعقيلاً، وأتى بهم رسول الله r، فقال له رسول الله r: “لقد أعانك عليهم ملك كريمٌ “، وسماه رسول الله r مقرنًا. وفي رواية: كان الذي أسر العباس أبو اليسر كعب بن عمرو. تزوج عبيد بن أوس من أميمة بنت النعمان التي كانت من المؤمنين بالنبي r وحظيت ببركة بيعته r.
والآن أتناول ذكر عبد الله بن جبير، الذي سبق ذكره في بيان وقائع صحابي آخر، أنه كان قائدا لكتيبة الرماة. كان عبد الله بن جبير من سبعين رجلا من الأنصار الذين شهدوا بيعة العقبة الثانية، وشهد بدرا وأُحدا واستُشهد يوم أُحد. لقد اشترك أبو العاص، الذين كان زوج السيدة زينب بنت النبي r، في غزوة بدر من قِبل المشركين وأسره عبدُ الله بن جبير.
يقول مرزا بشير أحمد t في ذكر هذا الحادث في كتابه “سيرة خاتم النبيين”: كان صهر النبي r أبو العاص ممن أُسر في بدر، فأرسلت زوجته زينب بنت النبي r التي كانت لا تزال في مكة بعض الأشياء فدية مقابل إطلاق سراحه، وكانت ضمن تلك الأشياء قلادة أعطتها السيدةُ خديجة بنتَها زينب عند زواجها. عندما رأى النبي هذه القلادة تذكّر زوجته المرحومة خديجة، واغرورقت عيناه فقال للصحابة: إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها هذه القلادة فأطلقوه بغير فداءٍ. واشترط r عليه أن يبعث له زينب إلى المدينة وبذلك نجت روح مؤمنة من دار الكفر. ثم تشهد أبو العاص شهادة الحق وهاجر إلى المدينة، وبذلك تم لَـمُّ شملِ الزوجين مرة أخرى.
لقد عيّن النبي r عبد الله بن جبير في غزوة أُحد قائدا على خمسين رماةً لحماية الممّر في الجبل. أما التفاصيل الأخرى فقد ذُكرت في وقائع سيرة عبد الله حميّر.
ثم أورد مرزا بشير أحمد t بعض التفاصيل الأخرى لهذا الحادث كما يلي: لقد تقدم النبي r متوكلا على نصرة الله تعالى ونزل في ميدان أُحد بحيث كان الجبل وراء المسلمين، وكأن المدينة أمامهم. هكذا صارت مؤخرة الجيش محفوظة. كان في الجبل وراءهم ممر وكان من الممكن للعدو أن يشن الهجوم من ذلك الاتجاه. فدبّر النبي r حماية هذا المكان بحيث عيّن هناك خمسين رماةً تحت إمرة عبد الله بن جبير t، ونصحهم ألا يتركوا المكان مهما كان الأمر بل يجب أن يستمروا في إطلاق السهام على العدو. وكما سبق الذكر أن النبي r كان مهتما كثيرا بحماية هذا المكان حتى نصح عبد الله جبير t مرارا ألا يتركه وأصحابه مهما كان الأمر، حتى ولو رأوا انتصار المسلمين وفرار العدو مهزوما، وكذلك لو رأوا هزيمة المسلمين وغلبة العدو عليهم فلا يتركوا الجبل بأيّ حال.
عن البراء بن عازب قال: جعل رسول الله r على الرماة يوم أحد – وكانوا خمسين رجلاً – عبد الله بن جبير. قال: ووضعهم موضعًا وقال: إن رأيتمونا تخطّفنا الطير فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا ظهرنا على العدو وأوطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم. قال: فهزموهم. قال: فأنا والله رأيت النساء يشتددن على الجبل، وقد بدت أسواقن وجلاجلهن، (في تلك الأيام كانت النساء أيضا يخرجن مع الجيش لإثارة حماسهم) رافعات ثيابهن، فقال أصحاب عبد الله بن جبير: الغنيمةَ، أي قومِ الغنيمةَ، ظهر أصحابكم فما تنتظرون؟ فقال عبد الله بن جبير: أنسيتم ما قال لكم رسول الله r؟! قالوا: إنا والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة. (أي لا بد أن نأخذ نصيبنا من الغنيمة مثل غيرنا) فلما أتوهم صرفت وجوههم، فأقبلوا منهزمين، فذلك قوله: يدعوهم الرسول في أخراهم. فلم يبق مع رسول الله r غير اثني عشر رجلاً، فأصابوا منا سبعين رجلاً وكان رسول الله r وأصحابه أصاب من المشركين يوم بدر أربعين ومئة، سبعين اسيراً وسبعين قتيلاً. فقال أبو سفيان: أفي القوم محمد، أفي القوم محمد، أفي القوم محمد؟ ثلاثًا. قال: فنهاهم رسول الله r أن يجيبوه (أي عندما تحولت هزيمة الكفار إلى الانتصار وهزموا المسلمين بإعادة الكرة عليهم عندها نادى أبو سفيان: أفيكم محمد؟ ولكن النبي r منع المسلمين من الرد عليه) ثم قال: أفي القوم ابن أبي قحافة، أفي القوم ابن أبي قحافة، أفي القوم ابن أبي حقافة (يعني أبو بكر t) ثم سأل ثلاث مرات أفي القوم ابن الخطاب؟ أي سيدنا عمر t؟ ثم أقبل أبو سفيان على أصحابه (وكان النبي r قد نهى الصحابة عن الجواب عند سؤاله كل مرة) فقال: أما هؤلاء فقد قُتلوا (أي كان هؤلاء الثلاثة يمكن أن يقودوا المسلمين، فقد قُتلوا)، فما ملك عمر نفسه أن قال: كذبت والله يا عدو الله! إن الذين عددت لأحياء كلهم وقد بقي لك ما يسوؤك. قال: فقال يوم بيوم بدر والحرب سجال ثم إنكم ستجدون في القوم مثلة لم آمر بها ولم تسؤني. ثم جعل يرتجز ويقول: أعل هبل، أعل هبل، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ألا تجيبونه؟! قالوا: يا رسول الله بماذا نجيبه؟ قال: قولوا الله أعلى وأجل. قال أبو سفيان: لنا العزى ولا عزى لكم، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: ألا تجيبوه؟! قالوا: وبماذا نجيبه يا رسول الله؟ قال: قولوا الله مولانا ولا مولى لكم.
لقد تناول حضرة المصلح الموعود t أيضا بيان غزوة أحد بالتفصيل وألقى الضوء الكافي على هذا الحادث، فقال: الصحابة الذين كانوا حول النبي r وقد دفعتهم هجمة الكفار المفاجئة إلى الوراء اجتمعوا حول النبي r من جديد فور هدوء الكفار، فحملوا جسد النبي r المبارك ونزع الصحابي أبو عبيدة بن الجراح المسمار الذي أصاب رأس النبي r ونزعه بشدة مما أدى إلى انكسار سنَّيه، وبعد قليل أفاق النبي r وأرسل الصحابة رجالهم في الميدان ليجتمعوا، فاجتمع الجيش الذي كان قد فرَّ، فقال لهم النبي r: الأفضل أن نلوذ بسفح الجبل، فذهب بهم هنالك، وعندما كان الجيش المتبقي في سفح الجبل، فلم يرد النبي r على قول أبي سفيان، حرصا منه ألا يطلع العدو على الحقيقة فيهاجم من جديد، لأن المسلمين كانوا ما زالوا ضعفاء وجرحى فخاف أن يتعرضوا لهجوم العدو، فلما لم يجد أبو سفيان أي جواب من الجيش الإسلامي أيقن أن ما قاله هو صواب، فنادى بملء فيه: لقد قتلنا أبا بكر أيضا، فنهى النبي r أبا بكر أيضا عن الجواب، ثم أعلن أبو سفيان إنا قد قتلنا عمر أيضا، فأراد عمر الذي كان حادّ الطبع، أن يقول ردّا على أبي سفيان، إنا بفضل الله أحياء وجاهزون لمقابلتك، فمنعه النبي r قائلا لا تلق المسلمين في المشكلة والزم الصمت. عندها أيقن الكفار أنهم قتلوا مؤسس الإسلام وساعديه، الأيمن والأيسر، وهتف أبو سفيان عاليًا: اُعْلُ هُبَل الذي قضى اليوم على الإسلام.
يقول حضرة المصلح الموعود إن الرسول r نفسَه الذي كان قد نهى الصحابة عن الرد على أبي سفيان من قبل عند ادعائه بقتله r وقتل أبي بكر وعمر، لئلا يكرر العدو الهجوم على المسلمين الجرحى ويُستشهد بأيديهم حفنة من المسلمين، حين رأى الهجوم على وحدانية الله تعالى فسمع هتاف الشرك اضطرب فقال للصحابة بمنتهى الحماس: لماذا لا تردّون؟ فقالوا: يا رسول الله، بماذا نردّ عليه؟ قال: قولوا: اللهُ أعلى وأجلّ، الله أعلى وأجلّ أي كذبت في قولك أن هبل عَلا، كلا بل الله الذي وحده لا شريك له أعلى وأجل. وبذلك أخبر r العدوَّ أنه مازال حيا، وهذا الرد الناجم عن الشجاعة والبسالة قد أثَّر في جيش الكفار تأثيرا عميقا جعَلهم لا يتجرأون على الكرَّة على المسلمين. فعادوا إلى مكة محتفلين بما أحرزوا من الفتح مسرورين بسماع هتاف أبي سفيان، رغم أن هذا الجواب كان قد خيب آمالهم تماما وكانوا يستطيعون القضاء على حفنة من المسلمين الجرحى أمامهم بسهولة بحسب القوانين المادية.
يقول حضرة المصلح الموعود t في تفسير الآية: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}.
انظروا كم تضرَّر الجيش المسلم في غزوة أُحد نتيجة مخالفة بعض المسلمين لهذا الحكم الرباني! كان الرسول r قد عيّن خمسين من الرماة على ممر هام في الجبل، ولحساسية الممر دعا النبي r رئيس هذه الكتيبة عبد الله بن جبير الأنصاري وأوصاه وأصحابه وقال: لا تتركوا هذا الممر سواء انتصرنا أو قُتلنا. ولكن لما هُزم الكفار وبدأ المسلمون يطاردونهم قال أصحاب هذه الكتيبة لقائدهم لقد تم الفتح للمسلمين، وبقاؤنا هنا الآن عبث، فدَعْنا ننضم إليهم لنأخذ ثواب الجهاد. فنصحهم قائدهم: لا تخالفوا أمر الرسول r. فقد أمرنا ألا نترك هذا المكان سواءً انتصر المسلمون أو هُزموا. لذا لن أسمح لكم بترك الممر. فقالوا: لم يقصد الرسول r بقوله أن لا نتحرك من هنا رغم انتصار المسلمين، وإنما كان يريد بذلك التأكيدَ. لقد انتصر جيش المسلمين الآن وقد انتهى عملنا، فماذا نفعل هنا. وهكذا قدّموا رأيهم الشخصي على ما أمرهم به رسول الله r وتركوا الممر ولم يبق فيه إلا قائدهم عبد الله بن جبير وبضعة من الجنود. وبينما كان الجيش الكافر يهرب من ساحة القتال إلى مكة نظر خالد بن الوليد إلى الوراء فوجد الممر خاليًا، فنادى عمرو بن العاص، وكانا لم يُسلِما بعد: انظر، هناك فرصة سانحة. تعال نرجع وننقضّ على المسلمين من هذا الممر. فجمعا الكتائب الكافرة الفارّة، وصعدا على الجبل من جانب الجيش الإسلامي ومزّقوا كل من بقي من جنود المسلمين على الممر إربًا، إذ لم يقدر هؤلاء البضعة على مقاومة الجيش الكافر. فهجم الكافرون على الجيش المسلم من خلفه بغتة.
وكان هذا الهجوم المفاجئ شديدًا على المسلمين الفرحين بالفتح والمنتشرين هنا وهناك في ساحة القتال، فلم يثبتوا أمام هذا الهجوم، وأسرع قرابة عشرين صحابيًا إلى النبي r والتفوا حوله، يدافعون عنه. ولكن إلى متى كان بوسع هؤلاء الحفنة من الصحابة أن يتصدّوا لهجمات العدو المتكررة؟ فقام الكافرون بهجمة شديدة ودفعوهم إلى الوراء، وفرّقوهم عن النبي r حتى صار وحيدًا في ساحة القتال. فأصابه حجرٌ في رأسه، فانغرست فيه مسامير مِغْفَره، (فنـزعها أحد الصحابة بأسنانه فانكسرت اثنتان منها، كما ذُكر سابقا) وسقط r مغشيًا عليه في إحدى الحفر التي كان الأعداء حفروها وغطّوها من قبل كيدًا بالمسلمين. كما استُشهد بعض الصحابة الآخرين وسقطت جثثهم على جسده r، وأُشيع في القوم أن رسول الله قد استُشهد. ولكن الصحابة الذين كانوا تقهقروا نتيجة هجمات الكفار المكثفة اجتمعوا ثانية حول الرسول r عندما انكشف العدو، فأخرجوه من الحفرة. فأفاق النبي r بعد قليل، وأرسل رجاله في كل طرف ليجمعوا المسلمين مرة أخرى، ثم أخذهم إلى سفح الجبل.
(هنا استنتج حضرته t عبرة وهي جديرة بالاستماع، فقال): إنما لقي الجيش الإسلامي تلك الهزيمة المؤقتة بعد انتصارهم على الكافرين لأن بعض المسلمين خالفوا حكم الرسول r واتبعوا اجتهادهم الشخصي بدلاً من العمل بأوامره r. ولو اتبعوا النبي r كما يتّبع النبض حركة القلب مدركين أن الناس كلهم لو جادوا بأرواحهم في سبيل اتباع أمر الرسول r لما كانت هذه التضحية أيضا ذات بال. فلو لم يتّبعوا اجتهادهم الشخصي ولم يتركوا الممر الذي أمرهم الرسول r بحمايته بقوله: لا تتركوا هذا المكان سواء انتصرنا أو قُتلنا، لَما وجد العدو فرصة للهجوم ثانية، ولَما أصيبَ الرسولُ r ولا أصحابُه بأي ضرر. لذا فإن الله تعالى قد لفت أنظار المسلمين في هذه الآية ووضَّح لهم أن الذين لا يطيعون أحكام رسول الله r طاعة كاملة، أو يفضّلون اجتهاداتهم الشخصية على أوامره، (أو يشرحون الأوامر بحسب هواهم ويؤولون الأحكام من عند أنفسهم) عليهم أن يخافوا أن تنزل عليهم بسبب ذلك آفة أو عذاب شديد. وكأن الله تعالى يقول لنا: إذا أردتم النجاح فعليكم أن تنهضوا لرفع يد واحدة وتجلسوا لخفض يد واحدة. وسيظل المسلمون أحياء ما بقيتْ فيهم هذه الروح، وفي اليوم الذي تموت فيه هذه الروح، سيبقى الإسلام حيًا دون شك، ولكن يد الله تعالى ستُهلك القوم الذين يخالفون أوامر محمد رسول الله r.
من الملاحظ أن هذا هو حال المسلمين في العصر الراهن، فقد رُفع عنهم نصرُ الله I، هم يؤولون وصية النبي r لهم بأن عليهم أن يؤمنوا بالمسيح والمهدي المبعوث بحسب نبوءته r ويبلِّغوه سلامه ويعدُّوه حَكما وعدلا. لكن هؤلاء أوَّلوا هذه الأوامر ويواجهون نتيجة ذلك أيضا.
في هذا الحادث درس وتنبيه للأحمديين أيضا، أن ضمان فُتوحهم بعد الإيمان بالمسيح الموعود u يكمن حصرا في الطاعة الكاملة، فكل واحد منهم يجب أن يفحص نفسه إلى أي مدى أحرز معايير الطاعة.
لقد ذكرت قبل قليل أن مع خالد بن الوليد كان عكرمة بن أبي جهل، وذَكر حضرة المصلح الموعود صحابيا آخر، أي عمرو بن العاص أنه هو الذي هاجم من الممر، وفي بعض الروايات الأخرى ذُكرت أسماء أخرى. والبحث الذي أرسلته لجنة البحث من المركز في ضوء ما ورد في كتب السيرة، نجد فيه ذكر عكرمة مع هجوم خالد بن الوليد، كما نجد أيضا أن عمرًا بن العاص أيضا كان من قادة الفرسان المشركين. يقول هذا البحث في هذا الصدد أن خالد بن الوليد حين وجد الممر خاليا هاجم مع الفرسان، وتبعه عكرمة بن أبي جهل. وإذا رأينا كل هذه الأمور معا، فيمكن التوفيق بينها. لقد ورد في كتب المصلح الموعود t وكتب التاريخ الأخرى أن عمرًا بن العاص كان مشرفا على فرسان المشركين، لذا يمكن أن يكون خالد وعكرمة وعمرو بن العاص معا، وبذلك لا يبقى اختلاف في الرواية.
وتفصيل استشهاد حضرة عبد الله بن جبير أنه حين هاجم خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل أطلق عليهما عبد الله بن جبير سهاما، وحين انتهت سهامه قاوم بالرمح وحين انكسر ذلك قاتَل بسيفه، حتى سقط شهيدا، فقد قتله عكرمة. حين سقط جرَّه الأعداء ومثَّلوا بجثته أشد مثلة، حيث شقُّوا جسده كثيرا حتى خرجت أمعاؤه. يقول حضرة خوات بن جبير: إن المسلمين بعد ذلك وصلوا إليه وكنت معهم، ثم قال: قد ضحكت حيث لا يضحك أحد، (يذكر حالته) ونعستُ حيث لا ينعس أحد، وبخلت حيث لا يبخل أحد. (أي لا يقوم أي إنسان بهذه الأمور الثلاثة في هذه الحالة) فقيل: ما هي؟! فقال: حملته فأخذتُ بضبعيه وأخذ أبو حنّة برجليه وقد سددتُ جرحه بعمامتي، فبينا نحن نحمله والمشركون ناحيةً إلى أن سقطت عمامتي من جرحه، فخرجتْ حشوته ففزع صاحبي وجعل يتلفّت وراءه يظنّ أنّه العدوّ فضحكتُ، ولقد شَرع لي رجل برمح يستقبل به ثُغرة نحري فغلبني النوم وزال الرمح، (هذه أيضا كانت نصرة من الله تعالى إذ غلّب عليه النوم في حالة لم يكن يملك حيلة للنجاة لأن الرمح كان قريبا من ثغرة نحره ولكنه زال، ثم يتابع) ولقد رأيتُني حين انتهيَتُ إلى الحفر له ومعي قوسي، وغلظ علينا الجبل فهبطنا به إلى الوادي فحفرتُ له بسِيَة القوس وفيها الوَتَرُ فقلتُ لا أُفْسِد الوَتَر،َ فحللته ثمّ حفرتُ بسِيَتِها حتى أنعمنا، ثمّ غيّبناه وانصرفنا. وفق الله تعالى عبد الله بن جبير وأصحابه ليفهموا روح الحكم ويطيعوه بكل وفاء كذلك ندعو الله تعالى أن يوفقنا نحن أيضا لنفهم روح الأوامر ونقوم بالطاعة الكاملة وننال بذلك أفضال الله تعالى دوما.
وبعد صلاة الظهر والعصر سأصلي صلاة الجنازة غائبا على السيد نادر الحصني الذي تُوفي بقضاء الله تعالى في 20 كانون الأول/ديسمبر عن عمر يناهز 85 عاما. إنا لله وإنا إليه راجعون. كان المرحوم صالحا ومخلصا وإنسانا طيبا، وكانت تضحياته المالية أيضا معيارية. كان منخرطا بنظام الوصية، وترك في ذويه زوجة وابنا وهما ليسا أحمديَّين. كان المرحوم ابنَ السيد عبد الرؤوف الحصني الذي بايع في 1938 بعد بيعة أخيه السيد منير الحصني. كان السيد عبد الرؤوف أيضا تقيا وورعا وقليلَ الكلام. حين زار المصلح الموعود t الشام ذهب في ليلةٍ إلى بيته لتناول العَشاء. كان السيد نادر الحصني أيضا يملك مزايا والده وقدّم نموذجا عاليا للإخلاص والوفاء.
كتب أمير الجماعة في كندا: بعد بناء المسجد بيت الإسلام كان المرحوم يصل المسجد بالتزام بعد أن يسوق سيارته أربع ساعات ويعود في اليوم نفسه إلى بيته في “سدبري”. وقلنا له عدة مرات أن يستريح هنا يوم الجمعة ويعود إلى بيته في اليوم التالي ولكنه كان يعتذر بأسلوبه الخاص ويعود في نفس اليوم لكيلا يثقل على الجماعة بأي شكل. وواصل هذا الطريق حتى في مرضه الأخير وكان مؤذن مسجد بيت السلام منذ سنوات طويلة، وكان أسلوب أذانه متفردا ومليئا بحماس عجيب مما يجعل حالة وجد خاص تستولي على السامع.
كتبت زوجة المرحوم السيدة سمية: رحم الله تعالى نادر الحصني وأسكنه فسيح جناته. إنه كان صادقا ومستقيما جدا جدا، وأمينا ومخلصا من كل قلبه لأهل بيته ولجماعته. كان يمد يده بالخير لكل من يحتاج إليه، كان يعطف كثيرا على المحتاجين. كان يساعد سيدة أحمدية فقيرة قدر المستطاع سرًّا، وعندما كنا نزورها كان يذهب للتسوق ويحضر من كل شيء، كان هذا قبل مرضه. قالت أيضا: لم نشاهد مدى حياتنا إنسانا صبورا على ما ابتلي من مرض ودوما كان يقول الحمد لله. كان يناجي ربه بقلب خاشع باكٍ. كان مواظبا على صلاته وصلاة قيام الليل. كل من يعرفه من الناس يتكلم عن طيبة قلبه.
كتب السيد معتز القزق من كندا:
كنت أسمع عن السيد نادر الحصني وأنا في سوريا، فعائلة الحصني معروفة بإخلاصها للجماعة وتمسكها بالخلافة. وبعد وصولي إلى كندا قابلتُ السيد نادر الحصني في مسجد بيت الإسلام، ووجدته شخصا طيبا مبتسما. خلال حديثي معه لفت انتباهي حبه للخلافة وحبه للالتقاء بالإخوة في المسجد. إخلاصه والتزامه بالصلاة مَثَلٌ لنا جميعا، وعلينا أن نتعلم الدرس منه في الالتزام بالصلاة.
بعد وفاته حضرتْ زوجته وابنه إلى تورنتو ووُفقتُ تحت نظام الجماعة لأقوم بالخدمة في الاهتمام بعائلة المرحوم وفي أمور الدفن. قالت زوجته لي وهي غير أحمدية: توجد ثلاثة مساجد في منطقتنا، وسألوني عن الجنازة فأخبرتُـهم بأن جنازته ستخرج من المسجد الذي كان يصلي فيه.
ثم قال السيد معتز القزق: عندما أنزلوا التابوت في القبر لم أتمالك نفسي من البكاء فرجعت ذاكرتي للوراء لسنوات حيث كنت جالسا بالقرب من عمي السيد سامي القزق وهو في مرض الموت كيف قال لي وهو يبكي: “أخبر سيدي أمير المؤمنين نصره الله أنني أحبه وأنني مخلص للخلافة لآخر لحظة في حياتي”. أظن أنه توفي في زمن الخليفة الثالث رحمه الله، على أية حال هذه كانت كلماته. قال السيد معتز: هكذا كان شعوري بالأخ نادر الحصني في إخلاصه، فحتى في مرضه كان محبا مخلصا للخلافة، وتحقق بمثل هؤلاء الناس: ]مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا[ (الأحزاب 24)
ثم قال السيد معتز: المرحوم له ذكريات مع الخلفاء ومنها أن حضرة المصلح الموعود t عندما كان في زيارة لسوريا عام 1955م أكرم الله المرحوم برفقة حضرته، وفي يوم 3 مايو 1955م بعد أن جلس المصلح الموعود t مع الأحمديين في الشام وتكلم معهم باللغة العربية، وقال حضرته t في هذه الزيارة التاريخية: “قبل أكثر من نصف قرن من الزمان حين لم يكن قد وُلد أكثر الموجودين منكم قد أوحى الله تعالى إلى المسيح الموعود عليه السلام “يدعون لك أبدال الشام وعباد الله من العرب” ولقد تحقق هذا الوحي اليوم بوجودكم هنا.” وكان للمرحوم نادر الحصني بعض الصور التذكارية مع المصلح الموعود t في هذا السفر.
كتب ابن أخته السيد عمار المسكي الذي يعمل في مكتب وكيل التبشير الإضافي ويقيم في لندن: كان خالي على علاقة طيبة بالسير ظفر الله خان، كما أنه ترجم لظفر الله خان كتابا إلى اللغة العربية. وكان شديدَ التعلق بالجماعة الأحمدية ولا يسمح لأحد بالتطاول على المسيح الموعود u أو الخلفاء. وحدث مرة أنه كان مع اثنين من إخوته في عزاء لأحد الجيران وتصادف وجود الشيخ الألباني ومعه العديد من أتباعه والذين كانوا يعرفون أن الأستاذ نادر وإخوته أحمديون فأخذوا يتناولون نقاط الخلاف بين المشايخ والأحمديين تدرجا حتى انبرى أحدهم للتطاول على المسيح الموعود u فما كان من خالي الأستاذ نادر الحصني إلا أن وقف قائلا إن كان فيكم من يستطيع أن يناظرني، وكانوا ثلاثة إخوة، بينما الشيخ الألباني وتابعوه يتجاوز عددهم 15 شخصًا إلا أنه لم يجرؤ أحد منهم على المناظرة بل لجؤوا إلى المشاجرة وهـمّوا أن يهاجموه وأخوَيه حتى فصل بينهم الحاضرون في العزاء.
وأثناء الدراسة لـم يترك المرحوم فرصة لتبليغ دعوة المسيح الموعود u، وبعد الثانوية هاجر إلى أميركا لدراسة هندسة الميكانيكا، في سنة التخرج حصل له نقاش مع فرقة من اليهود في أمور عقدية، ولم يملكوا دليلا مقابله فما كان منهم إلا أن شكوه لعميد الكلية ليتم إجباره على ترك الكلية أو أن يتهموه بقضية تسبب فصله حيث لن يجد فرصة أخرى لإتمام الدراسة فبناء على توجيه العميد اختار المرحوم الانتقال لكلية أخرى وعليها هاجر إلى كندا.
كان جل اهتمامه كتب المسيح الموعود u وخلفائه. وقد سجّل بصوته من مجلدات الخزائن الروحانية الأجزاء المكتوبة بالعربية، كما حاول تعلم اللغة الأردية وقام بترجمة بيت للمسيح الموعود عليه السلام. وسخر معرفته باللغة الإنجليزية والعربية للترجمة فكان ضمن الفريق الذي قام بترجمة المجلد الأول من التفسير الوسيط. ألف بعض الكتب باللغة العربية للرد على خصوم الإسلام مستمدًّا علومه من المسيح الموعود u، من هذه الكتب “الأنباء المسبقة لظهور الرسول الأعظم محمد r”. كانت لديه مكتبة كبيرة للكتب الإسلامية وكان قد أوصى بها للجماعة بعد وفاته.
قال السيد عبد القادر عودة: ألف المرحوم بعض الكتب عن الجماعة ونشرها على حسابه الشخصي، وكان محبا ومخلصا للجماعة والخلافة، وكان يوضّح للناس أهمية التبرعات.
قال الداعية عبد الرزاق وهو أستاذ في الجامعة الأحمدية بكندا: كان المرحوم صابرا وشاكرا للغاية، ما كان يستطيع تناول الغذاء من الفم بسبب المرض في السنوات الأخيرة بل كان يدخل الغذاء في معدته بواسطة ماكينة. وفي هذه الحال أيضا كلما تحسن قليلا أتى المسجد لصلاة الجمعة بعد قطع مسافة طويلة. وبعد أن ساءت ظروف سوريا حين كان الأحمديون السوريون يأتون كندا كان المرحوم يلتقي بهم بكل حفاوة وحب ويوصيهم بالارتباط بالجماعة وينصحهم بأن الطريق الوحيد لحماية الأولاد في هذا البلد هو الارتباط بالجماعة والمسجد.
قال السيد مصلح الدين شنبور داعية الجماعة في كندا: كان السيد نادر الحصني يستمع لخطب الخليفة ثم يطبعها ويقرؤها مرة أخرى ثم يحفظها في ملف. سجل في بيته الكتبَ العربية للمسيح الموعود u والترجمة العربية للتفسير الكبير بصوته وكلما كان يأتي لصلاة الجمعة كان يستمع لها أثناء سفره وفي بعض الأحيان كان يستمع لتلاوة القرآن الكريم. وحين بدأ بث درس القرآن الكريم للخليفة الرابع رحمه الله تعالى باللغة العربية على ايم تي ايه بدأ تسجيله والاحتفاظ به عنده. ذهبتُ إلى بيته عدة مرات وكلما أقمتُ عنده سمعتُ صوت التضرع والابتهال وقت التهجد قبل صلاة الفجر بساعتين أو ساعة ونصف يوميا، ورأيتُ أنه لم يكن يشاهد على التلفاز إلا قناة أيم تي ايه أو يستمع للأنباء في بعض الأحيان. ذات مرة تعطلت ايم تي ايه عنده فأرسل فورا ليصلحوا القناة فورا لأنه لا يستطيع العيش بدونها. كتب السيد شنبور أيضا: كان المرحوم يدعو في الصلاة بهذا الدعاء: اللهم أتمم علينا نعمة الخلافة. وكلما ردد هذا الدعاء بدأ بالبكاء، قد حدث ذلك عدة مرات أمام عيني.
رفع الله تعالى درجات المرحوم المغفور له ووفق ابنه وزوجته لمبايعة المسيح الموعود u وأن يستجيب الله تعالى جميع أدعيته لأهله. (آمين)
*****