خطبة الجمعة
التي ألقاها أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز
الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام
يوم 1/2/2019
*****
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّين. آمين.
سأتناول اليوم ذكرَ الصحابي أبي حذيفة بن عتبة ؓ، كُنيته أبو حذيفة، واسـمُه هُشيم أو هاشم أو قيس وقيل مُهَشِّم. وأمه أم صفوان واسمها فاطمة بنت صفوان. كان طويل القامة وجميل الوجه، وكان قد أسلم قبل دخول النبي ﷺ دار الأرقم، أيْ كان من السابقين إلى الإسلام. وكتب حضرة مرزا بشير أحمد ؓ في ذكره: كان أبو حذيفة بن عتبة ؓ من بني أمية، واسم أبيه عتبة بن ربيعة وهو من سادة قريش، واستُشهد أبو حذيفة ؓ في معركة اليمامة التي وقعت في عهد أبي بكر ؓ مع مسيلمة الكذاب، واشترك أبو حذيفة في كِلتا الهجرتين إلى الحبشة، وهاجرت معه زوجته سهلة بنت سهيل.
لقد مر ذكر هذه الهجرة من قبلُ في تذكرة بعض الصحابة، كيف ولماذا تمت؟ وأذكرها هنا أيضا بإيجاز. لقد أخذ مرزا بشير أحمد ؓ من كُتب التاريخ والحديث، وسأذكر بشيء من الاختصار بعضَ الأمور منه. كتب مرزا بشير أحمد ؓ: لما بلغ أذى المسلمين منتهاه وأفرطت قريش في إيذائهم، أمر النبي ﷺ المسلمين بالهجرة إلى الحبشة وقال: إن ملك الحبشة عادل ولا يُظلم عنده أحد. كانت الحبشة في ذلك الزمن دولة مسيحية قوية يُلقب ملِكها بالنجاشي، وكانت للحبشة علاقات تجارية مع العرب، وكان ملك الحبشة حين هاجر المسلمون إليها أصحمة الذي كان ملكا عادلا وحكيما وعزيزا. باختصار، حين بلغ أذى المسلمين منتهاه أمرهم النبي ﷺ بأن الذين يستطيعون الهجرة فليهاجروا إلى الحبشة، فهاجروا بأمر النبي ﷺ هذا في رجب من العام الخامس بعد البعثة وكانوا أحد عشر رجلًا وأربع نسوة، والأسماء الشهيرة منهم هي عثمان بن عفان وامرأته رقية بنت الرسول ﷺ، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وأبو حذيفة بن عتبة، (وهو الذي نحن بصدد ذكره) وعثمان بن مظعون، ومصعب بن عمير، وأبو سلمة بن عبد الأسد، وامرأته أم سلمة ؓ. كتب مرزا بشير أحمد ؓ: من الغريب أن معظم المهاجرين الأوائل كانوا من القبائل القوية لقريش، وكان الضعفاء قلة، بحيث يتبين أمران، الأول هو أن المسلمين المنتمين إلى القبائل القوية أيضا ما كانوا محفوظين من ظلم قريش، والأمر الثاني هو أن المسلمين الضعفاء -مثلًا العبيد وغيرهم- كانوا في حالة ضعف وعجز إلى درجة أنهم ما كانوا يقدرون على الهجرة أيضا، حين وصل هؤلاء المهاجرون، المتجهون جنوبا، إلى الشعيبةَ التي كانت ميناء العرب حينها، وفّق الله لهم سفينةً تجارية كانت على أهبة الانطلاق، فركبوها. وبعد وصولهم الحبشة نالوا حياةً آمنة ونجاةً من مظالم قريش، ولكن كما كتب بعض المؤرخين لم يلبثوا أن وصلوا الحبشة إلا بلغتهم شائعة أن قريش آمنت جميعها وصارت مكة آمنة لهم، ونتيجة هذا الخبر عاد معظم المهاجرين دونما تفكر وتأمل. وقد ألقى مرزا بشير أحمد ؓ ضوءًا على هذه الشائعة وكيف انتشرت وماذا كان سببها؟ فكتب مستنبطا من كتب التاريخ المتعددة: كان هذا الخبر كاذبا لا أساس له في الحقيقة، ولعل قريش نشرته لإعادة المسلمين المهاجرين إلى الحبشة ولإيذائهم، بل لو تأملنا أكثر لوجدنا قصةَ الشائعةِ وعودةِ المهاجرين كلَّها باطلة، ولكن لو سلّمنا بصحتها فقد تكون وراءها واقعة وردت في بعض الأحاديث وفي صحيح البخاري أيضا. وهي أن النبي ﷺ ذات مرة تلا آيات سورة النجم في صحن الكعبة إذ كان هناك بعض رؤساء قريش وبعض المسلمين أيضا، وحين أنهى النبي ﷺ تلاوة سورة النجم سجد وسجد معه المسلمون والكفار. لم يرد في الأحاديث سبب سجود الكفار ولكن يبدو أن النبي ﷺ تلا آيات الله بصوت مؤثِّر للغاية، وكانت الآياتُ تَذكر بوجه خاص وحدانيةَ الله وقدرتَه وجبروته بأسلوب فصيح وبليغ جدا، وتُذكِّر بمِنَنه تعالى وتُنذر قريش بكلام ملؤه الهيبة والجلال أنهم إذا لم ينتهوا عن شرهم كانت عاقبتهم مثل عاقبة الأمم السابقة التي كذّبت رسل الله، ثم في نهاية هذه الآيات أُمِر بأن اسجدوا لله، وبعد تلاوة هذه الآيات خرَّ النبي ﷺ والمسلمون ساجدين دفعةً واحدةً فأثّر هذا الكلام وهذا المشهدُ في الكفار حتى أنهم أيضا سجدوا مع المسلمين عفويا. كتب مرزا بشير أحمد ؓ: ليس ذلك غريبا لأن في مثل هذه المناسبات والحالات التي تم ذكرها يرتعد قلب الإنسان في معظم الأحيان ويقوم عفويا بما يخالف مبدأه ومذهبه، فلقد رأينا أن في بعض الآفات الطارئة ينادي ملحدٌ أيضا أنْ يا رب يا رب أو يا رام يا رام، أما قريش فما كانوا ملحدين بل كانوا يؤمنون بوجود الله وإن كانوا يشركون به الأوثانَ. وفي هذه الأيام أيضا نرى عند الحديث مع الملحدين، حين نسألهم أنه إذا عَرضَت لهم مشكلة فجأة، أفلا يخطر ببالهم اسم الله أو يجري على اللسان؟! فيسلّمون بذلك. باختصار، كان تأثيرُ تلاوةِ السورة وكلماتِـها وفعلِ المسلمين أن رؤساء الكفار أيضا سجدوا مع المسلمين. خرَّت جماعة المسلمين ساجدة دفعةً واحدة فنشأ تأثير ساحر بحيث سجدت قريش معهم عفويا بلا إرادة، ولكن يكون هذا التأثير مؤقتا عموما ويعود الإنسان فورا إلى حالته الأصلية، فكان الكفار أيضا عادوا إلى حالتهم الأولى. هذا الحدث مذكور في الأحاديث الصحيحة بما فيها صحيح البخاري أيضا، فإذا كان خبر عودة المهاجرين صحيحا فيبدو أن قريش الذين كانوا مهتمين بإعادة مهاجري الحبشة متحسرين على إفلات هؤلاء الناس من أيديهم بهجرتهم، بعد هذا الحدث نشروا بأنفسهم هذه الشائعة مدَّعين بفعلهم هذا أن قريش قد أسلمت وأن مكة صارت آمنة للمسلمين، وحين بلغ المهاجرين إلى الحبشة هذا الخبر فرحوا بالطبع وعادوا تحت تأثير الفرح فور سماعهم هذا الخبر دونما تبيُّن، ولكن حين وصلوا مكة أدركوا حقيقة الأمر، فدخل بعضهم مكة خِفْيَةً وبعضهم مستجيرين بعضَ رؤساء قريش الأقوياء، وبعضهم عادوا إلى الحبشة. فإن كانت ثمة حقيقة في خبر إسلام قريش فهي حدث سجودهم عند تلاوة النبي ﷺ سورة النجم فقط. باختصار، الله أعلم بالحقيقة. وإذا كان مهاجرو الحبشة عادوا إلى مكة فعلا فعاد معظمهم إلى الحبشة مرة أخرى، ولأن قريشًا كانوا يزدادون إيذاء وكانت مظالمهم تشتد يوما بعد يوم لذا بدأ المسلمون الآخرون أيضا يستعدّون للهجرة سرًّا بأمر النبي ﷺ، وخرجوا شيئا فشيئا كلّما وجدوا فرصة حتى وصل عدد المهاجرين إلى الحبشة مائة نسمة منهم ثماني عشرة نسوة، وبقي عدد قليل من المسلمين مع النبي ﷺ في مكة، وسمى بعض المؤرخين هذه الهجرةَ هجرةً ثانيةً إلى الحبشة. هجرة الدفعة الأولى من المهاجرين تُسمى الهجرة الأولى، ثم حين هاجر الآخرون إلى الحبشة سميت الهجرة الثانية. ثم حين أُذن بالهجرة إلى المدينة هاجر إليها أبو حذيفة وعبده سالم الذي كان أبو حذيفة قد حرَّره. كانت هجرة أبي حذيفة الأولى إلى الحبشة والثانية إلى المدينة حيث سكن في بيت عباد بن بِشْر ؓ، وآخى النبي ﷺ بين أبي حذيفة وبين عباد بن بشر ؓ.
شهد أبو حذيفة ؓ سَرِيّة عبد الله بن جحش. وأُقَدِّمُ تفصيل هذه السَّرِيَّة وخلفيتها كما ورد في سيرة خاتم النبيين ﷺ.
كان كرز بن جابر الفهري من رؤساء مكة وأغار مرة على سرح المدينة التي كانت تبعد عن المدينة ثلاثة أميال فقط، واستاق إبل المسلمين. حين بلغ ذلك النبيَّ ﷺ أمّر على المدينة زيدا بن حارثة وخرج في طلبه مع جماعة من المهاجرين حتى بلغ سفوانَ ولكن فاتَه كرزٌ. هذه هي غزوة بدر الأولى.
يتابع مرزا بشير أحمد ؓ إن غارة كرز بن جابر هذه لم تكن غارة عادية من بدويّ (أي لم يكن هذا الغزو من بدوي عادي جهلا منه لنهب الأموال فقط) بل كان المهاجم قد جاء من قِبل قريش غازيا المسلمين بحسب خطة معينة. بل من الممكن أنه كان ينوي إلحاق الضرر برسول الله ﷺ. ولكن حين وجد المسلمين مستعدين اكتفى بسرقة الإبل وعاد. يبدو من ذلك أيضا أن قريشًا كانوا قد عقدوا العزم على أن يشنوا على المدينة غارات متتالية للقضاء على المسلمين.
إن غارة كرز بن جابر المباغتة تركت المسلمين خائفين ومتحفزين بطبيعة الحال. وبما أنَّ تهديد رؤساء قريش بشن الغارة على المدينة والقضاء على المسلمين كان موجودا سلفا، قلق المسلمون بشدة، وبالنظر إلى هذا الموقف الخطير أراد النبي ﷺ أن يستطلع تحركات قريش عن كثب ليطلع على نواياهم وتخطيطهم. وللاطلاع عن خططهم أراد النبي ﷺ أن يرسم خطة ليكون على علم عن كثب وفي وقت مناسب بمخططاتهم بُغية حماية المدينة من خطر الغارة عليها. فشكل ﷺ جماعة متكونة من ثمانية من المهاجرين. وبمقتضى الحكمة ضم إليها رجالا من قبائل مختلفة من قريش ليسهل استكشاف نوايا قريش الخفية. وأمّر على هذه الجماعة ابن عمته عبد الله بن جحش، وكان في الجماعة أبو حذيفة بن عتبة أيضا. ولكي تبقى الغاية من إرسال هذه الجماعة خافية على عامة المسلمين أيضا لم يخبر النبي ﷺ حتى أمير الجماعة عن الجهة التي سيُرسَل إليها ولا عن الهدف وراء إرساله، بل أعطاه عند انطلاقه رسالة مختومة وقال إن فيها تعليمات لك. وعليك أن تسافر من المدينة إلى جهة كذا وبعد أن تقطع مسافة يومين يمكن أن تفتح الرسالة وتعمل بما ورد فيها. خرج عبد الله وأصحابه بأمر النبيِّ ﷺ وعندما قطع مسافة يومين فتح رسالة النبيِّ فوجد فيها أن اذهب إلى وادي النخلة الكائن بين مكة والطائف واستطلع أحوال قريش وأخبرنا بها. لما كانت مهمة الاستعلام والإعلام من مكان يقرب من مكة إلى هذا الحد حساسة جدا لذا كان هناك تعليم آخر مكتوب في نهاية الرسالة أنه إذا كان أحد من أعضاء الجماعة مترددا في البقاء فيها بعد علمِه بطبيعة المهمة وأراد العودة فله ذلك. قرأ عبد الله هذا الأمر على مسامع أصحابه، وقدم الجميع أنفسهم بالإجماع وبكل سرور لهذه المهمة وقالوا: نحن مستعدون لذلك.
ثم رحلت هذه الجماعة إلى النخلة، وفي الطريق فقدوا جمل سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان فانفصلا عن أصحابهما في البحث عن بعيرَيهما، ولم يتم العثور على سعد بن أبي وقاص وعتبة بن غزوان على الرغم من البحث الكثير. بقي في الجماعة ستة أشخاص فانطلقوا في متابعة مهمتهم، ووصلوا إلى النخلة وانشغلوا في عملهم، أي استطلاع نوايا كفار مكة، وهل ينوون الهجوم على المدينة؟ أو ما هو تخطيطهم؟ وحلق بعضهم رؤوسهم ناوين إخفاء مهمتهم حتى يظن الناس أنهم جاؤوا معتمرين فلا يشكوا في أمرهم. ولم تمض فترة طويلة على وصولهم هناك وإذا بقافلة صغيرة تَمُرُّ بهم في طريقها من الطائف إلى مكة، وواجهت الجماعتان بعضهما. علمت فئة قريش أنهم مسلمون وتصدّوا لهم عاقدين العزم على محاربتهم. تشاور المسلمون فيما بينهم فيما يجب فعله الآن، لأنهم كانوا قد أُرسلوا لاستعلام أخبار قريش سرا. ولكن من ناحية ثانية كانت الحرب قد بدأت مع قريش إذا كان الفريقان في مواجهة بعضهما البعض. كان المسلمون خائفين بطبيعة الحال من أن قافلة قريش قد رأتهم وأن مهمة استعلام أخبارهم وإرسالها لن تبقى خافية على قريش. وكانت هناك مشكلة أخرى، وهي أن بعض المسلمين كانوا يظنون أنه اليوم الأخير من الشهر الحرام رجب الذي لا يجوز فيه القتال بحسب عادة العرب القديمة. وكان البعض يرون أن شهر رجب قد انتهى وبدأ شهر شعبان. وجاء في بعض الروايات أن هذه السرية كانت قد أُرسلت في جمادى الآخرة. فكان هناك شك فيما إذا كانت هذه أيام جمادى الآخرة أم أيام رجب. كان وادي النخلة واقعا على حدود منطقة الحرم. وكان واضحا أنه لو لم يتم البتّ في الأمر في اليوم نفسه ستدخل القافلة في اليوم التالي منطقة الحرم التي لا بد من احترام حرمتها.
فبالنظر إلى كل هذه الأمور قرر هؤلاء المسلمون الستة أن يهاجموا قافلة قريش ليأسروا أهلها أو يقتلوهم. فأغاروا عليهم وقُتل أحد الكفار اسمه عمرو بن الحضرمي وأُسر اثنان وفرّ الرابع هاربا ولم يتمكن المسلمون من القبض عليه، وبذلك لم تنجح خطتهم لأسرهم أو قتلهم نجاحا كاملا. واستولى المسلمون على أمتعة قافلة الكفار كلها. ولما كان أحد أفراد القافلة قد فرّ هاربا وكان من المتوقع أن يصل خبر هذه المواجهة إلى مكة فعاد عبد الله بن جحش أيضا إلى المدينة فورا مع أصحابه ومالِ الغنيمة الحاصل من هذه المواجهة.
يحتج المستشرقون بهذا الحادث ويقولون إن هذه الجماعة من المسلمين كانت قد أُرسلت قصدا ليهاجموا القافلة ولكن هذا ليس صحيحا مطلقا. والحق أنه عندما بلغ النبيَّ ﷺ أن هذه الجماعة من الصحابة هاجموا القافلة سخط كثيرا. فقد جاء في رواية أنه عندما جاءت هذه الجماعة إلى النبيّ وسردوا له القصة سخط ﷺ كثيرا وقال ما مفاده: لم آذنْ لكم أن تقاتلوا في الشهر الحرام، ورفض أن يأخذ مال الغنيمة وقال لن آخذ منه شيئا. فندم عبد الله بن جحش وأصحابه كثيرا وظنوا أنهم هالكون نتيجة سخط الله ورسوله عليهم وخافوا بشدة. ولامهم الصحابة الذين كانوا في المدينة بشدة وقالوا إنكم فعلتم ما لم تؤمروا به، وقد قاتلتم في الشهر الحرام مع أنكم لم تؤمَروا بالقتال قط. ومن ناحية ثانية أثارت قريش ضجة بأن المسلمين نقضوا حرمة الشهر الحرام. ولما كان عمرو بن الحضرمي المقتول في هذه المواجهة من الرؤساء، وكان حليفا أيضا لعتبة بن ربيعة رئيس مكة لذا فقد أشعل هذا الحادث نار غضب قريش، وبدأوا يستعدون للهجوم على المدينة بشدة أكثر من ذي قبل.
باختصار، بدأت الأقاويل حول هذا الحادث بين المسلمين والكفار وقيل أنهم هاجموا في الشهر الحرام.
يتابع مرزا بشير أحمد ؓ ويقول في كتابه سيرة خاتم النبيين: وأخيرا نزل الوحي التالي في القرآن الكريم مُطَمْئِنا للمسلمين: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا)
أي أن هتك حرمة الشهر الحرام، وإخراج سكان منطقة الحرم قهرا، كما تفعلون أيها المشركون بإخراجكم المسلمين أكبر من القتل عند الله.. وإن عيث الفتنة في البلاد في الشهر الحرام أسوأ من القتل الذي يتم درأً للفتنة.
ويا أيها المسلمون، إن الكفار قد تمادوا في عدائكم ولن يكفُّوا عن قتالكم في أي وقت وفي أي مكان في المستقبل وسوف يستمرون في قتالكم حتى يردُّوكم عن دينكم إن استطاعوا.
فالثابث من التاريخ أن زعماء قريش كانوا يستمرون في الدعاية الدامية ضد الإسلام حتى في الأشهر الحرم، بل كانوا ينشطون في أعمال الفساد والفتنة أكثر في الأشهر الحرم مُسْتَغِلِّين فرصة الاجتماعات والأسفار فيها. ثم كانوا يستبدلون هذه الأشهر بمنتهى الوقاحة لِطَمْأَنَةِ قلوبهم طَمْأَنَةً كاذبة، وكانوا يسمُّون هذا الفعل النسيءَ. فقد أبلغوا أفعالهم هذه تجاه المسلمين منتهاها حتى فتْح مكة. وقد عبر عن ذلك حضرة مرزا بشير أحمد ؓ وقال: لقد مارس كفار مكة الظلم إلى أقصى الحدود حيث رفعوا السيف على قبيلة متحالفة مع المسلمين في الحرم في زمن صلح الحديبية رغم العهد والميثاق. ولما خرج المسلمون لحماية تلك القبيلة، استخدموا السلاح ضدهم أيضا في حدود الحرم.
كان المسلمون سيطمئنون بطبيعة الحال، بهذا الجواب الذي أنزله الله في القرآن غير أن قريشا أيضا هدأوا به، وخلال ذلك وصل رجالهم أيضا إلى المدينة لتحرير الأسيرَين اللذين أسرهما المسلمون. لكن لما كان سعد بن أبي وقاص وعتبة لم يعودا بعد، إذ كانت ناقتهما ضاعت، وكان النبي ﷺ يخشى عليهما كثيرا من أنه إذا وجدتهما قريش فلن تتركهما حيَّين. لذا رفض إعطاءهم الأسيرين ما لم يعودا. أي حين جاء الكفار لتحرير أسيريهم قال لهم النبي ﷺ: لن أطلق سراحهما ما لم يعد سعد بن أبي وقاص وعتبة. فلما عادا، أطلق سراح الأسيرين مقابل الفداء. لكن أحدهما تأثَّر أثناء إقامته في المدينة بالأخلاق الفاضلة للنبي ﷺ وصدق تعليم الإسلام كثيرا حتى أنه رفض الذهاب إلى مكة حتى بعد تحريره، وأسلم على يد النبي ﷺ وانضم إلى خدامه ﷺ ولاحقا استُشهد في حادثة بئر معونة، وكان اسمه الحكم بن كيسان. فلو كان هناك إكراه واعتداء لما اعتُنق الإسلام هكذا. لقد ورد عن أبي حذيفة أنه يوم بدر تقدم لمواجهة أبيه، لأن أباه لم يكن مسلما وأتى مع الكفار، نهاه النبي ﷺ عن التعرض إليه قائلا سيقتله شخص آخر. فقد قُتل في بدر أبوه وعمُّه وأخوه وابن أخيه. وأبدى حذيفة صبرا كبيرا، ورضي برضوان الله وشكر الله على نصرته التي أظهرها الله للنبي ﷺ أي مكَّنه من الانتصار.
عن هذه الحادثة هناك رواية أخرى أيضا، عن ابن عباس: قال رسول الله ﷺ لأصحابه يومئذ: من لقي منكم عباسا فلا يقتلْه بل عليه أن يأسره، فإنه إنما أُخرج مستكرهًا.
فحين حدَّث أحدٌ بذلك أبا حذيفة قال له- ولم يقلْ في وجه النبي ﷺ-: أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا وعشيرتنا، ونترك العباس؟! والله لئن لقيتُه لألحمنه السيف، فبلغ رسولَ الله ﷺ فقال لعمر بن الخطاب: يا أبا حفص، أيُضرب وجه عمِّ رسول الله بالسيف؟! (وكان حضرته يقول والله إنّه لأوّل يوم كنّاني فيه رسول الله ﷺ بأبي حفص) فقال عمر: يا رسول الله، دعني فلأضربن عنقه بالسيف فوالله لقد نافق من قال هذا. فنهاه النبي ﷺ عن ذلك.
فكان أبو حذيفة يقول: ما أنا بآمِنٍ من تلك الكلمة التي قلتُ يومئذ، (فقد نشأ لديه إحساس أنه نطق كلمة منكَرة) ولا أزال منها خائفاً إلا أن تكفِّرها عني الشهادةُ، (أي إذا استُشهدت للإسلام فسوف أعلم أني أِمنتُ شر ذلك الكلام) فقُتل يوم اليمامة شهيداً. لقد صدرت منه كلمةٌ بحماس فظل يخاف طول الحياة من شرها حتى استُشهد.
عن عائشة قالت: أمر النبي ﷺ بإلقاء قتلى المشركين في قليب يومَ بدر، فلما أُلقوا وقف رسول الله ﷺ عليهم وقال: يا أهل القليب، هل وجدتم ما وعدكم ربكم (أي الأوثان) حقًا، فقد وجدت ما وعدني ربي حقًّا؟ وإذا كان المراد من “ربكم” “الله”، فسيكون المعنى أنه سيعاقبكم.
باختصار، قال النبي ﷺ: إني وجدت ما وعدني ربي حقا بأنه سيعاقبهم، وأنهم لن يغلبوك. فقال الصحابة: يا رسول الله، أتخاطب هؤلاء الذين قد ماتوا؟! فقال: لقد علموا أن ما وعدكم ربكم كان حقا. فلما أُلقوا في القليب بأمر النبي ﷺ رأى أبا حذيفةَ مُكتئبًا، لأن أباه كان يُلقى في القليب. فقال له: يا أبا حذيفة، والله يبدو أن ما يُفعل لوالدك ساءَك، فقال: لا، والله ما شككت في الله ورسوله قط. ولكني كنت أعرف من أبي رأيًا وحِلمًا وفضلاً ولم تكن له نية فاسدة، وكنت أرجو أن يقرِّبه ذلك إلى الإسلام. فلما رأيت ما أصابه حزَنني ذلك. فدعا رسولُ الله ﷺ لأبي حذيفة بخير. لقد شارك أبو حذيفة في جميع الغزوات واستُشهد في معركة اليمامة في عهد سيدنا أبي بكر ؓ عن عمر يناهز 53 أو 54 سنة.
الآن أود أن أذكر صالحا من خدام الجماعة القدامى، أقصد البروفيسور سعود أحمد خان الدهلوي المحترم، فقد توفي في 21/1/2019، إنا لله وإنا إليه راجعون.
كان والده حضرة محمد حسن إحسان الدهلوي وجدُّه حضرة محمود حسن خان الدهلوي المدرس في بتياله أيضا من صحابة المسيح الموعود ؏. لقد كتب حضرة المسيح الموعود ؏ اسمَ جد المرحوم ضمن 313 صحابيا له، على رقم 301 حيث ورد مولوي محمود حسن خان المحترم المدرس الحكومي في بتياله. وكتب ضمن قائمة المتبرعين لإعداد دار الضيافة وحفر البئر، المسجلة في كتابه السراج المنير كالتالي: مولوي محمود حسن خان المحترم من بتياله.
كان عمر حضرة محمد حسن خان إحسان الدهلوي والدِ المرحوم سعود خان المحترم قرابة 12 سنة يوم شاهد بأم عينه آية نزول الخطبة الإلهامية في قاديان. لقد وقف البروفيسور المرحوم حياته في إبريل 1945. كان عنده شهادة البكالوريوس في اللغة الفارسية من جامعة عليكره. وذكَره سيدنا المصلح الموعود ؓ وإخوتَه الذين وقفوا حياتهم في إحدى خطب الجمعة في 1955 وقال: أرى أن قدوة الأستاذ محمد حسن إحسان المحترم لجديرة بالمدح والثناء.
كان مدرسا بسيطًا ورجلا فقيرا فدرّس أولاده بتحمل الضيق والفاقة وجعلهم يتخرجون بشهادة البكالوريوس، ثم قدّم للجماعة أربعة من أبنائه السبعة، ويخدم الجماعة الآن هؤلاء الأربعة، وكلهم بفضل الله يخدمون بإخلاص شديد وفق مقتضيات الوقف.
يقول حضرته ؓ أنه لو لم يكن هؤلاء الأولاد وقفا للجماعة لظل هؤلاء السبعة يذيعون السمعة الطيبة لوالدهم لعشر أو عشرين سنة ولقالوا إن والدنا كان رجلا عظيما. ولكن عندما تنشر خطبتي هذه فإن مئات الألوف من الأحمديين سوف يثنون على موقف والدهم محمد إحسان وسيقولون ما أروع هذا الأحمدي! الذي رغم فقره سعى لدراسة أبنائه السبعة ثم قدّم أربعة منهم إلى الجماعة أي وقَفَ حياتهم، ثم كان هؤلاء الأبناء الأربعة صلحاء وطيبين بحيث قبلوا بكل سرور تضحية والدهم وأثبتوا بأعمالهم صحة قراره.
ظل السيد سعود خان يدرّس في مدرسة تعليم الإسلام بقاديان من يونيو عام 1946 إلى أكتوبر 1949.
ثم من أكتوبر 1949 إلى بضعة أشهر ظل يؤدي واجبه كمدّرس للغة الإنجليزية في الجامعة الأحمدية.
لقد أرسله الخليفة الثاني ؓ في عام 1950 إلى غانا في غرب إفريقيا للخدمة الدينية، حيث عُيّن للمرة الأولى نائب المدير للثانوية الأحمدية. قد بدأ سفره إلى هناك في 30 أبريل 1950 ووصل إلى” كُماسي” في 30 يونيو، أي وصل بعد سفر طيلة شهري مايو ويونيو، في حين أننا نقطع المسافة نفسها الآن في خمس أو ست ساعات، ثم بدأ بالتدريس في الثانوية الأحمدية في “كُماسي”.
لماذا طال سفره إلى هذه المدة كلها؟! يذكر ابن أخيه عرفان خان: عندما تم تعيينه للمرة الأولى في غانا فقد انطلق من ربوه ووصل في مدة شهرين إلى “كُماسي” بعد سفر مجهد وشاق، لأنه في ذلك الوقت كان لا بدّ من التنقل بين عدة بواخر، وكانوا عمومًا يسافرون بحرًا لا جوًّا. فأولاً سافر من كراتشي إلى عدن بعد أن اشترى بـ160 روبية تذكرة رخيصة لا تتضمن الطعام. ثم من عدن إلى غانا سافر عن طريق الباخرة والباصات والشاحنات والطائرة أيضا، فقد اشترى تذكرة الطائرة إلى نيجيريا ب 55 جنيها واضطر في سبيل ذلك إلى بيع حقيبته وبعض أغراضه الأخرى، وربط أغراضه الشخصية المتبقية في رداء. ثم اشترى له مركز الجماعة في غانا تذكرة الباص من نيجيريا إلى غانا. وهكذا وصل إلى نيجيريا جوًّا واشترى التذكرة ببيع أمتعته. ثم من نيجيريا إلى غانا سافر بالباص.
ورد في تاريخ الأحمدية أسماء الدعاة الثمانية الذين أرسلوا إلى غرب وشرق إفريقيا وهولندا في عام 1950، واسم السيد سعود خان ورد على رأس هذه القائمة حيث ورد اسمه كالتالي: رقم 1: السيد سعود أحمد خان المغادر من لاهور إلى غانا في 25 أمان 1329 الهجرية الشمسية.
ثم رجع السيد سعود أحمد خان إلى باكستان بأمر من حضرة المصلح الموعود ؓ في عام 1958 وأكمل دراسة الماجستير في التاريخ في جامعة البنجاب، وكان والده أيضا حائزًا على درجة الماجستير في التاريخ. لقد توفي والده السيد محمد إحسان الدهلوي في أغسطس عام 1955 أي في الفترة التي كان يخدم فيها في غانا. ثم في عام 1961 عيّن مرة أخرى في غانا، وظل يقوم بخدمات جليلة هناك إلى 1968.
لقد أقيم بموافقة الخليلفة الثالث رحمه الله مجلس الوعظ في المسجد المبارك في ربوه خلال فترة سفره إلى أوروبا، وتقرر أن يُلقى وعظٌ يومي لمدة 15 دقيقة بعد صلاة المغرب، وقد بدأ هذا البرنامج منذ 7 يوليو، وكان قد شدّ إليه المستمعين كثيرًا لأنه كان مجلسًا علميًا. وكان السيد سعود أحمد خان من بين العلماء الذين ألقوا خطبهم في هذا المجلس.
فلما بدأت ترجمة الخطابات أثناء الجلسة السنوية فقد حظي السيد سعود أحمد خان بشرف ترجمة خطابات الخليفة الثالث رحمه الله تعالى إلى اللغة الإنكليزية وظل يقوم بهذا الواجب حتى آخر جلسة في ربوة.
وكان من بين تلامذة البروفيسور سعود أحمد خان السيد عبد الوهاب آدم من غانا والسيد ب. ك. آدو الذي كان قد أقام هنا في بريطانيا.
بعد عودته إلى باكستان في عام 1968 عيّنه الخليفة الثالث رحمه الله في عام 1969محاضرًا في كلية تعليم الإسلام.
وعيّنه الخليفة الرابع رحمه الله أستاذًا للغة الإنجليزية لمدة سنة واحدة في الجامعة الأحمدية بربوه، وكان حينها يخدم كأستاذ محاضر في كلية تعليم الإسلام أيضا. فقد بدأ عمله في الجامعة الأحمدية بتاريخ 2 مارس 1987 وواصله إلى سنة كاملة.
كان أخوه الكبير السيد مسعود أحمد الدهلوي، الذي كان مديرًا لجريدة الفضل وتوفي قبل بضع سنوات، يقول: إن أخانا سعود أحمد مكتبة متنقلة، فكانت معلوماته واسعة جدًّا وكان شخصية علمية.
تقول ابنته السيدة راشدة: كان والدي حليمًا جدًّا ومتواضعًا إلى درجة كبيرة وعالمًا متبحرًا، وكان شخصا صالحًا يكثر التعبد ويلتزم بصلاة التهجد، كان يكرم الضيف جدًّا وكان إنسانًا متواضعًا.
والحقيقة أنه كان كما وصفته ابنته.
يقول ابن أخيه السيد نفيس أحمد عتيق وهو داعية الجماعة: كان المرحوم متواضعًا جدًّا وتقيًّا ومتوكلا على الله تعالى ومحبًّا للبساطة. كان وفاؤه وعاطفته للخدمة الدينية مثالا يحتذى به لجميع الواقفين حياتهم.
يقول هذا الداعية: قال لي السيد سعود أحمد خان مرة: إن اللباس والمرافق الأخرى ينبغي استخدامها على قدر الحاجة، ولا يليق للداعية الجري وراء الموضة والتكلف وحياة التنعم. وكان الحياء جانبًا بارزًا من سيرة المرحوم.
يقول أحد تلامذته من غانا، وهو السيد آئي كي إلياسي: كان السيد سعود أحمد خان أول نائب للمدير لثانوية تعليم الإسلام في كُماسي بين فترة 1950 إلى 1955، وكان الدكتور أيس بي أحمد أول مدير لها. كان السيد سعود أحمد خان عالمًا مجتهدًا فذًّا في التاريخ الإنكليزي والأوروبي. (وهو كان يدرسهما).
ثم يقول هذا الأخ الغاني: لم أجد له مثيلا فيما يتعلق بقواعد اللغة الإنكليزية والتحليل اللغوي للجمل. وكان له دور كبير في تحسين لغتي الإنكليزية.
يقول السيد مبشر أحمد أياز وهو عميد الجامعة الأحمدية للقسم الأعلى في ربوه:
كان البروفيسور سعود أحمد خان شخصًا متواضعًا جدًّا وعالمًا من علماء الجماعة. كنّا طلابا حين كان يدرِّس في الجامعة الأحمدية، فكان يأتي إلى الصف في الوقت المحدد ويواصل درسه إلى آخر دقيقة من حصته. كان بعض الطلبة يحاولون من خلال أحاديثهم الخروج من موضوع الدرس إلا أنه كان يصرفهم عن هذا الأمر ويواصل الدرس بكل لطف دون أن يلجأ إلى التوبيخ أو الزجر.
يقول: لقد لاحظت أنه كان يكن احترامًا كبيرًا للواقفين حياتهم. وإذا لزم نصح أحد الطلاب بشيء من الشدة فكان يراعي مشاعره وعزة نفسه.
يقول: عندما سجّلت برامج للفضائية الأحمدية في بداية عهدها فإن السيد سعود أحمد خان أيضا سجل بعض البرامج حول سيرة النبي ﷺ. كان متقدّما في السن ومع ذلك كان يعدّ البرنامج بكل جهد ويضع الأسئلة ثم يوزعها على ضيوف البرنامج، وكان يكتب الأسئلة بخط يده.
يقول: وأحيانًا تختلف الأراء ويحتد النقاش حول بعض الأمور عند تسجيل البرامج إلا أنه كان حليمًا ومتواضعًا بحيث لم تَبْدُ يومًا علائم الغضب على جبينه وكأنه لا يسمع أي كلام شديد صدر من غيره، وبعد هذا كان يستأنف تسجيل البرنامج من حيث توقف بابتسامة خفيفة على ثغره وبكل طمأنينة.
بعد وفاة البروفيسور سعود أحمد خان قال أحد جيرانه ويُدعى السيد فضل إلهي ملك وهو يبكي بكاءً شديدًا: ليس من حظ الجميع أن يجدوا مثل هذا الجار.
كانت البساطة مَزِيَّتَه الغالبة وكان عالمًا من العلماء.
ترك خلفه بنتًا وابنين. أحد ابنيه السيد سعد سعود، ويخدم الجماعة كرئيس لأحد فروعها في بريطانيا. رفع الله تعالى درجاته، آمين.
الحقيقة أنه كان يتميز بصفات أكبر وأكثر مما ذُكرتْ هنا، كان يحب الخلافة حبًّا كبيرًا ويرتبط بها ارتباط الطاعة الكاملة. وفق الله تعالى أولاده ونسله أيضا للارتباط الدائم مع الخلافة والجماعة ورفع الله درجاته، آمين.
سأصلي عليه صلاة الغائب بعد صلاة الجمعة.