خطبة الجمعة

التي ألقاها أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز

الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي u

في مسجد بيت الفتوح بلندن

يوم 26/4/2019م

*****

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّين. آمين.

في الخطبة الماضية أنهيت كلامي عن حضرة عثمان بن مظعون t بالقول أنه كان أول من دُفن في جنة البقيع، والتفصيل الذي وجدتُه عن بداية جنة البقيع وتأسيسها هو أن النبي r حين هاجر إلى المدينة كانت هناك مقابر كثيرة، فكانت لليهود مقابر خاصة، وكانت لشتى القبائل العربية مقابر خاصة، كانت المدينة الطيبة مقسَّمة إلى مناطق مختلفة، فكانت كل قبيلة تدفن أمواتها في الخلاء، وكانت مقبرة قباء مشهورة أكثر، وإن كانت هناك مقابر صغيرة أخرى كثيرة. كانت لقبيلة بني ظفر مقبرة خاصة ولبني سلمة مقبرة خاصة، ومن بين هذه المقابر الأخرى كانت مقبرة بني ساعِدة حيث أقيمت لاحقا سوقُ النبي. والمكان الذي بني فيه المسجد النبوي كانت فيه أيضا بعض مقابر المشركين في أشجار النخيل. وكانت من بين هذه المقابر كلها المقبرة الأقدم والأكثر شهرة “بقيع الغرقد”، وحين انتخبها النبيُّ r لتكون مقبرة المسلمين فهي من ذلك اليوم تحتل مكانة متميزة وستظل تحتلها إلى الأبد.

عن عبيد الله بن أبي رافع قال: كان رسول الله r يبحث عن مكان يجعله مقبرة خاصة بالمسلمين، وزار بعض الأماكن لهذا الغرض، وكان هذا الشرف قد قُدر لبقيع الغرقد، فقال النبي r: قد أُمرتُ بهذا، أي أن أختار بقيع الغرقد، وكان يقال له بقيع الخبخبة في ذلك العصر، وكان فيه كثير من الأشجار وأكثرها الغرقد. وكان المكان ممتلئًا بالبعوض والحشرات الأخرى، وعندما كانت تطير يبدو كأن هناك سحب من الدخان. وكان أول من قُبر هناك عثمان بن مظعون t كما سبق ذكر ذلك، فوضع رسول الله حجرا عند رأسه وقال: “هذا قبر فرطنا”. وكان إذا مات المهاجر بعده قيل: يا رسول الله، أين ندفنه؟ فيقول: “عند فرطنا عثمان بن مظعون”.

والبقيع هو مكان كثير النبات، وكان هذا المكان سمي ببقيع الغرقد لوجود أشجار الغرقد فيه بكثرة، كما كانت تكثر به نباتات صحراوية أخرى أيضا، ويقال له جنة البقيع، فالجنة في العربية الحديقة أو البستان، لذا يدعو الزوار العجم هذا المكان بجنة البقيع أكثر. لقد كتب هذا التفصيل الأستاذ عبد الحميد القادري، ثم يقول: لا يغيبن عن البال أن العرب يطلقون على مقابرهم كلمة “الجنة” نفسها. أحد أسماء هذه المقبرة “مقبرة البقيع” وهو مشهور في العرب أكثر.

عن سالم بن عبد الله عن أبيه قال كلما مات مسلم قال النبي r ألحقوه بأفراطنا، نعم السلف لنا عثمان بن مظعون. وروى ابنُ عباس أن النبي r دخل على عثمان بن مظعون حين مات، فانكبَّ عليه ورفع رأسه، ثم حنى الثانية، ثم حنى الثالثة، ثم رفع رأسه وله شهيق وقال: “اذهب عنك أبا السائب. خرجت منها ولم تلبس منها بشيء.”.

وعن عائشة: أن النبي r قبَّل عثمان بن مظعون وهو ميت، وهو يبكي، وعيناه تهراقان (أي كان يبكي كثيرا وكانت تفيض دموعه وتسقط على خدَّي عثمان). ولما توفي إبراهيم ابن رسول الله r قال رسول الله r: “األحق بالسلف الصالح عثمان بن مظعون”.

عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّ النَّبِيَّ r صَلَّى عَلَى عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَكَبَّرَ عَلَيْهِ أَرْبَعًا.

بعض الناس يقولون لا تكون أربع تكبيرات بل هي ثلاثة فقط، لكن هذه الرواية تفيد أن أربع تكبيرات أيضا جائز.

عَنْ الْمُطَّلِبِ قَالَ: لَمَّا مَاتَ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ أُخْرِجَ بِجَنَازَتِهِ فَدُفِنَ فَأَمَرَ النَّبِيُّ r رَجُلًا أَنْ يَأْتِيَهُ بِحَجَرٍ فَلَمْ يَسْتَطِعْ حَمْلَهُ فَقَامَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ r وَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ. قَالَ الْمُطَّلِبُ قَالَ الَّذِي يُخْبِرُنِي ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ r قَالَ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى بَيَاضِ ذِرَاعَيْ رَسُولِ اللَّهِ r حِينَ حَسَرَ عَنْهُمَا ثُمَّ حَمَلَهَا فَوَضَعَهَا عِنْدَ رَأْسِهِ وَقَالَ أَتَعَلَّمُ بِهَا قَبْرَ أَخِي وَأَدْفِنُ إِلَيْهِ مَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِي. (سنن أبي داود)

الآن أقدم إليكم شيئا مما كتبه حضرة مرزا بشير أحمد t عن وفاة حضرة عثمان بن مظعون، فقد كتب ضمن بيان أحداث العام الثاني بعد الهجرة، أن النبي r جعل لأصحابه في نهاية ذلك العام مقبرة يقال لها جنة البقيع، وبعده دفن فيها الصحابة عموما. وأول من دفن فيها من الصحابة هو عثمان بن مظعون. كان عثمان t من أوائل المسلمين وكان صالحا وعابدا ومتصوفا، وبعد إسلامه استأذن النبيَّ r يوما في ترك الدنيا والأهلِ ليقف حياته لعبادة الله خالصة فلم يأذنْ له النبيُّ r بذلك. (ولقد بينتُ تفصيل ذلك في الخطبة الماضية) لقد تلقَّى النبيُّ r صدمة كبيرة بوفاة عثمان بن مظعون. وفي رواية أنه حين توفي دخَل عليه النبيُّ r فقبَّل جبينه وعيناه تدمعان. وبعد دفْنه وضع حجرًا عند رأسه كعلامة، وبعد ذلك كان يرتاد جنة البقيع بين حين وآخر ويدعو له. كان عثمان أول مهاجر توفي في المدينة.

قالت امرأته ترثيه:

يا عين جودي بدمع غير ممنون … على رزية عثمان بن مظعون

على امرئ بات في رضوان خالقه … طوبى له من فقيد الشخص مدفون

طاب البقيع له سكنى وغرقده … وأشرقت أرضه من بعد تعيين

وأورث القلب حزناً لا انقطاع له … حتى الممات، فما ترقى له شوني

هكذا أبدت زوجتُه عواطفها.

قالت حضرة أم العلاء وهي امْرَأَة كانت بايعت النَّبِيّ r: حين اقترعت الأنصار على سكنى المهاجرين طار لنا في السكنى عُثْمانُ بن مَظْعون. لنُسكنه في بيتنا، فأقام عندنا وحين اشتكى عندنا مرّضناه، حتى إذا توفي أدرجناه في أثوابه فدخل علينا رسول الله r فقلتُ: رحمة الله عليك أبا السائب، شهادتي عليك لقد أكرمك الله. فقال رسول الله r: “وما يدريكِ أن الله أكرمه؟ فقلت: لا أدري بأبي أنت وأمي! (أنا لا أعلم عن ذلك لكنني أعربت عن عواطفي) فقال رسول الله r: “أما هذا فقد جاءه اليقينُ من ربه، وإني لأرجو له الخير من الله، (أي أرجو من الله أنه سيكرمه) ووالله ما أدري وأنا رسول الله r ما يفعل بي؟” قالت أمّ العلاء: والله لا أزكي أحدًا بعده أبدًا. (أي لن أقول ما يوحي أنه قد غُفر له حتما) فأحزنني ذلك فنمت، فرأيت لعُثْمان عينًا تجري، فجئت إلى رسول الله r فأخبرته، فقال رسول الله r: “ذاك عمله”. أي أن العين التي أراك الله هي في الجنة، وما تجري فيها إنما هي أعمال عثمان t. إذًا، كان هذا أسلوب النبي r للتربية لذا قال ناصحا أنه ينبغي ألا تشهدوا شهادة مؤكدة على مغفرة الله لأحد هكذا. أما عندما أُريتْ أمُّ العلاء أعمال عثمان بن مظعون بصورة عينٍ صدّق النبيُّ r رؤياها، وإلا كان النبي r يعلم سلفا أن الله تعالى قد رضي عن الصحابة البدريين. وأضف إلى ذلك أدعية النبي r لعثمان وما أبداه r من عواطفه بحق عثمان يوضح جيدا أنه r كان واثقا بأن الله تعالى سيجيب أدعيته بحق عثمان وسينال قرب الله تعالى. ومع ذلك قال r لا يحق لكم أن تشهدوا بذلك بحق أحد.

وفي رواية في مسند أحمد بن حنبل: عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أُمِّهِ قَالَتْ إِنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ لَمَّا قُبِضَ قَالَتْ أُمُّ خَارِجَةَ بِنْتُ زَيْدٍ طِبْتَ أَبَا السَّائِبِ خَيْرُ أَيَّامِكَ الْخَيْرُ فَسَمِعَهَا نَبِيُّ اللهِ r فَقَالَ مَنْ هَذِهِ قَالَتْ أَنَا قَالَ r وَمَا يُدْرِيكِ؟ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ (أي أن أعماله وعباداته توحي لي بأن الله تعالى قد غفر له حتما) فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r أَجَلْ عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ مَا رَأَيْنَا إِلَّا خَيْرًا وَهَذَا أَنَا رَسُولُ اللهِ وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا يُصْنَعُ بِي.

أقول: ليس في العالم شخص أحبّ إلى الله تعالى من النبي r فهو حبيب الله، ومع ذلك كان r يخشى الله تعالى ويتَّقيه نظرا إلى غناه إلى درجة أن يقول: وَاللهِ مَا أَدْرِي مَا يُصْنَعُ بِي. فكم هو مقام خوف لنا نحن! وإلى أيّ مدى يجب أن ننتبه إلى كسب الأعمال الصالحة وعبادة الله تعالى! ويجب ألا نعتز بأعمالنا وعباداتنا أبدا، بل ينبغي أن نزداد تواضعا ونسأل الله تعالى فضله وندعوه دائما أن يغفر لنا بفضله ورحمته.

وفي رواية أخرى في مسند أحمد بن حنبل: قَالَتْ أُمُّ الْعَلَاءِ فَاشْتَكَى عُثْمَانُ بْنُ مَظْعُونٍ عِنْدَنَا فَمَرَّضْنَاهُ حَتَّى إِذَا تُوُفِّيَ، أَدْرَجْنَاهُ فِي أَثْوَابِهِ فَدَخَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ r فَقُلْتُ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ يَا أَبَا السَّائِبِ شَهَادَتِي عَلَيْكَ لَقَدْ أَكْرَمَكَ اللَّهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r وَمَا يُدْرِيكِ أَنَّ اللَّهَ أَكْرَمَهُ؟ قَالَتْ فَقُلْتُ لَا أَدْرِي بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r أَمَّا هُوَ فَقَدْ جَاءَهُ الْيَقِينُ مِنْ رَبِّهِ وَإِنِّي لَأَرْجُو الْخَيْرَ لَهُ. وَاللَّهِ مَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ مَا يُفْعَلُ بِي قَالَ يَعْقُوبُ بِهِ قَالَتْ وَاللَّهِ لَا أُزَكِّي أَحَدًا بَعْدَهُ أَبَدًا فَأَحْزَنَنِي ذَلِكَ.

ثم ذكرتْ أمُّ العلاء رؤياها التي سبق ذكرها، وقد ورد هذا الذكر في كتابين مختلفين للأحاديث.

لا شك أن الله تعالى رفع درجاته، وكان النبي r قد دعا له أيضا. ندعوه الله تعالى يرفع درجاته باستمرار ويوفقنا للتأسي بأسوتهم.

الصحابي الآخر الذي سأذكره هو وهب بن سعد بن أبي السرح. كان من بني عامر بن لؤي، وهو أخو عبد الله بن سعد بن أبي السرح، أُمّه مهانة بنت جابر من الأشعريين. كان وهب أخا عبد الله بن سعد بن أبي السرح كاتبِ الوحي الذي ارتد فيما بعد. وقد بيّن سيدنا المصلح الموعود t تفصيل هذا الحادث فقال: كان ثمة كاتبٍ للوحي اسمه عبد الله بن أبي السرح.

وقد ورد في السيرة الحلبية أنه كان أخا عثمان بن عفان من الرضاعة.

ثم يضيف المصلح الموعود t: كلما نزل على النبي r شيء من الوحي دعاه وأملاه عليه. وذات يوم كان النبي r يملي عليه بعض الآيات من سورة المؤمنون آية 14 و15 فلما بلغ قولَ الله تعالى: ]ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ[ قال الكاتب من تلقائه: فَتَبَارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ، فقال له النبي r: اكتبْها أيضًا فقد نزلت عليّ في الوحي. ولم يفكّر الكاتب أن هذه الجملة نتيجة منطقية وطبيعية للآيات السابقة. وإنما ظن أن محمدًا r لما سمعها مِن لسانه عَدَّها من عند نفسه آية قرآنية؛ وهذا يعني أنه يختلق القرآن كله من عنده، معاذ الله! فارتد الكاتب وذهب إلى مكة. ولدى فتح مكة كان عبد الله هذا بين أناس أمر النبي r بقتلهم حيثما وُجدوا. ولكن عثمان t أجاره.

تفصيل هذه الإجارة أنه عندما علم عبد الله بن أبي السرح أن النبي r أمر بقتله ذهب إلى أخيه من الرضاعة عثمان بن عفان، وقال له ما مفاده: يا أخي، أُطلب لي الأمان قبل أن يقتلني رسول الله. هذا ما ورد في السيرة الحلبية.

على أية حال، يقول سيدنا المصلح الموعود t: فظل مختبئًا في بيته ثلاثة أيام. ثم جاء به عثمان ذات يوم إلى النبيّ r والناس يبايعون على يده، والتمس منه r أن يقبل منه بيعته. فتردد النبي r أول الأمر، ثم قبِل بيعته، وهكذا أسلم عبد الله بن أبي السرح ثانية.

أقول: كانت هنا أمور أخرى كثيرة أدت إلى إصدار الحكم بقتله، مثل إشعال الفتنة والفساد، ولم يصدر هذا الحكم بقتله بسبب ارتداده.

قال عاصم بن عمر: لما هاجر وهب بن سعد من مكة إلى المدينة نزل على كلثوم بن الهدم. وآخى رسول الله، r بين وهب بن سعد وسويد بن عمرو. شهد وهب بن سعد أُحداً، والخندق، والحديبية، وخيبر، وقُتل يوم مؤتة شهيدا في جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة، وكان يوم قُتل ابن أربعين سنة.

لقد ذُكرت أسباب معركة مؤتة في “الطبقات الكبرى” كما يلي: بعث رسول الله r الحارث بن عمير … إلى ملك بصرى بكتاب، فلما نزل مؤتة عرض له شرحبيل بن عمرو الغساني (كان شرحبيل أحد ولاة قيصر على الشام بحسب ما قيل في السيرة الحلبية) فقتله ولم يُقتل لرسول الله r رسولٌ غيره، فاشتد ذلك عليه وندب الناس فأسرعوا وعسكروا، وهم ثلاثة آلاف، فقال رسول الله r: أمير الناس زيد بن حارثة … وعقد لهم رسول الله، r لواء أبيض ودفعه إلى زيد بن حارثة وأوصاهم رسول الله r أن يأتوا مقتل الحارث بن عمير وأن يدعوا من هناك إلى الإسلام فإن أجابوا وإلا استعانوا عليهم بالله وقاتلوهم.

إذًا، قد اشترك وهب أيضا في هذه المعركة. وهناك تفاصيل أخرى بهذا الشأن وأذكرها بإيجاز:

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ أَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ r فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ زَيْدَ بْنَ حَارِثَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ r  إِنْ قُتِلَ زَيْدٌ فَجَعْفَرٌ وَإِنْ قُتِلَ جَعْفَرٌ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ. يُسمّى هذا الجيش “جيش الأمراء” أيضا.

يقول المصلح الموعود t في بيان ذلك: لقد ورد في رواية أن يهوديا كان موجودا حينذاك، فلما سمع قول النبي r جاء إلى زيدٍ وقال: إذا كان محمد رسول الله صادقا لن يرجع أحدكم الثلاثة حيا.

فقال زيد: سواء رجعتُ حيًا أم لم أرجع فإن محمدا رسول الله حقًا r.

لقد تلقى رسول الله r من عند الله تعالى خبر الذين استُشهدوا في هذه المعركة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله r علم باستشهادهم فنعاهم إلى الناس قبل ان يجيء الخبر، قال أخذ الرايةَ زيدٌ فأصيبَ، ثم أخذ جعفرٌ فأصيبَ، ثم أخذ عبدُ الله بن رواحة فأصيبَ، وعيناه تذرفان، ثم قال: ثم أخذ الراية بعدُ خالد بن الوليد، فانتصر.

رفع الله درجات هؤلاء الصحابة. بعد ذكرهم سوف أذكر اليوم بعض الإخوة الذين قد توفوا، وسوف أصلي عليهم الجنازة أيضا.

أوّلُهم الداعية ملك محمد أكرم، الذي توفي في 25 إبريل الجاري في مانشستر، إنا لله وإنا إليه راجعون. وجنازته حاضرة وسوف أصلي عليه بعد صلاة الجمعة بعد ما أخرج من المسجد إن شاء الله تعالى.

وُلد المرحوم في مدينة “ملكوال” بمحافظة غجرات في 2 فبراير 1947. بايع في 1961 وانضم إلى الجماعة. كان أخوه السيد ماستر أعظم بايع قبله، فبايع المرحوم بواسطته. أتذكر أنه كتب مقالا قال فيه: كنتُ جئتُ إلى ربوة من أجل الدراسة، فتأثرتُ بما رأيت هنالك وبايعتُ.

بعد البيعة نذر حياته لخدمة الجماعة عام 1962. نال شهادة بكالويوس ثم حصل على درجة الشاهد من الجامعة الأحمدية وأيضا على شهادة “مولوي فاضل” الحكومية في اللغة العربية. وفي عام 1971 بدأ العمل كداعية.

أعلن حضرةُ الخليفة الثالث رحمه الله عقد قرانه على السيدة أمة الكريم بنت المولوي أبي البشارة عبد الغفور في عام 1970.

عمل المرحوم كداعية في مختلف مناطق باكستان، ثم وفّقه الله تعالى للدعوة خارج باكستان في بلاد شتى. وخدم الإسلام في المملكة المتحدة في أوكسفورد ومانشستر وغلاسغو وكاردف 30 عاما. والمدة الإجمالية لخدماته الدينية هي 48 عاما.

عمل نائبًا للمشرف الأعلى على مكان الجلسة السنوية في المملكة المتحدة سنوات عديدة.

من عام 1971 إلى 1973 عمل داعيةً في شتى مناطق باكستان.

من عام 1973 إلى 1977 عمل داعيةً في غامبيا.

ثم عاد وعمل من 1977 إلى 1979 داعية في باكستان في كراتشي.

ثم من 1979 إلى 1980 عمل في وكالة التبشير بربوة.

ثم من عام 1980 إلى 1983 عمل عميدًا لكلية دعاة الجماعة بألارو في نيجيريا.

ثم عاد إلى باكستان وعمل في ربوة حتى عام 1989.

ثم وفقه الله للخدمة في المملكة المتحدة منذ عام 1989 إلى 2018. في فبراير 2007 بلغ سن التقاعد، ثم استأنف خدمة الجماعة من جديد، ووفقه الله لخدمة الجماعة حتى عام 2018. إن الواقف للحياة يظل يعمل حتى الممات، إلا أنه في الأيام الأخيرة لم يقدر بسبب مرضه على مواصلة الخدمة على ما يرام، وهكذا تقاعد عن الخدمة عمليا، ومع ذلك نستطيع القول إنه لم يستطع القيام بالخدمة النشيطة إلا بضعة شهور فقط، وقضى نحبه وهو يعمل في الحقيقة.

لقد كتب أمير الجماعة بالمملكة المتحدة: كان المرحوم مجتهدا ومطيعا جدا، وحليما. كلما وُكلت إليه مهمة من خدمات الجماعة قام بها بكل جهد وأمانة، وكان مواظبا على رفع التقرير عن عمله على الفور. لقد بنينا مسجدنا دار الأمان في مدينة مانشستر في أيام خدمته هنالك، فلعب دورًا فعالا في جمع التبرعات للمسجد.

وكتب السيد عطاء المجيب راشد: كان المرحوم أكرم دمث الأخلاق، متحليا بمحاسن عديدة. كان صالحا ورعا أمينا وأحمديا مخلصا فدائيا، وداعية متحمسا، وخادمًا للجماعة. لقد تبوَّأ مكانة عالية في طاعة الخلافة.

وكتب السيد مجيد السيالكوتي: كان المرحوم ذا محاسن جمة أبرزها كونه خادمًا وفيا للخلافة. كان يحب التبليغ والدعوة حبا جما منذ زمن دراسته في الجامعة الإسلامية الأحمدية. ذات مرة جاء إلى قريتنا في زمن دراستنا في الجامعة، وحث أهل القرية على التبليغ ثم اشتغل بنشر الدعوة هنالك مع الشباب والكبار، وهكذا جعل إجازته وقفًا على الدعوة. لقد عاش مطيعًا على الدوام.

وكتب السيد أسلم خالد المحترم الذي يخدم في مكتب السكرتير الخاص بلندن: صار المرحوم بزواجه من أقاربي من قبيل الأصهار. حيثما عمل المرحوم داعيةً أحبه أبناء الجماعة. في أيام مرضه كان يذكر أبناءَ فروع الجماعة التي عمل فيها ولا سيما جماعتنا في مانشستر بحب ولطف. كان يعامل الأطفال والشباب بشفقة كبيرة. ذكر لي السيد خالد مثالا على ذلك فقال: أخبرني المرحوم قائلا: كان هناك طفل من الأطفال الذين قد كبروا الآن وتزوجوا، فعندما رزقه الله أول ولد، اتصل بي هاتفيا في حوالي الساعة الثالثة ليلاً وقال لي حضرةَ الداعية لقد رزقني الله ابنًا. يقول السيد أكرم: فقلت في نفسي في أول وهلة لماذا يخبرني بذلك ويزعجني في هذه الساعة المتأخرة بالليل، هلا أخبرني في الصباح، ولكنّ ما قاله الشابّ بعد ذلك أفحمني حيث قال معبرا عن حبه العميق للداعية الذي رباه: حضرةَ المربي المحترم، كنتُ عاهدت نفسي أنه عندما يرزقني الله أول ولد أن أخبرك أولاً، وقد أخبرتُك أولا، والآن سأخبر أبي.

إلى هذه الدرجة كان أبناء الجماعة يحبون هذا الداعية المرحوم وكان يحبهم. رفع الله درجات المرحوم وتغمده بواسع رحمته، وألهم ذويه الصبر والسلوان. جنازته حاضرة، وسوف أصلي عليه عندما أخرج من المسجد بعد الصلاة.

والجنازة الثانية هي للداعية تشودري عبد الشكور بن تشوردي عبد العزيز السيالكوتي. توفي المرحوم في 12 إبريل الجاري، إنا لله وإنا إليه راجعون.

وُلد المرحوم في 10-11-1935. كان أحمديا بالمولد حيث بايع جده في عام 1901.

حصل الداعية عبد الشكور على شهادة الثانوية، ثم نال شهادة “الشاهد” من الجامعة الإسلامية الأحمدية، ثم حصل على شهادة “مولوي فاضل” الحكومية، ثم في يونيو عام 1956 نذر حياته لخدمة الإسلام. كان قبل ذلك يعمل في مصلحة القطار ككاتب. في عام 1962 نال شهادة “مولوي فاضل” ونال شهادة “الشاهد” في 1963. وفي يوليو 1963 بدأ يعمل في وكالة المال الثانية. ثم عمل في دوائر مختلفة للجماعة في ربوة. في عام 1964 أُوفدَ إلى سيراليون لنشر دعوة الإسلام، وعمل هنالك حتى عام 1968. ثم عمل من ديسمبر 1970 إلى ديسمبر 1973 في غانا، ثم من عام 1975 إلى 1978 في غامبيا، ثم من فبراير 1980 إلى إبريل 1986 في ليبيريا. لقد خدم المرحوم في هذه البلاد أميرا وداعية مسوؤلا.

في عام 1990 عين نائبَ وكيل التبشير، ثم خدم بصفته نائب وكيل المال الثالث، ثم سكرتير لجنة العمران، ثم نائب وكيل المال الثاني. وفي عام 1995 بلغ سن التقاعد، ثم استأنف الوقف وظل يخدم الجماعة حتى عام 2004، إنه لم يستطع الاستمرار في الخدمة بسبب إصابة عينه بمرض المياه الزرقاء.

كتب ابن المرحوم الدكتور عبد الصبور من الولايات المتحدة: كان أبي رجلا بسيطا ومجتهدا جدا. لقد أتيحت لنا فرصة رؤيته وهو يقوم بمهماته في مجال التبليغ والتربية بصفته أميرا والداعية المسؤول في ليبيريا. كان يعدّ خطبه بمنتهى الجهد دائما، وكان يلقي خطبًا رائعة بعد إعدادها على ضوء القرآن الكريم والحديث الشريف وكتب الجماعة والكتاب المقدس وغيرها من المصادر. كان يقوم بالدعوة بين المسلمين الآخرين والمسيحيين بالأدلة والبراهين وبمنتهى الحب والرفق. لقد سد كل نفقات دراستنا نحن الإخوة والأخوات من وسائله المحدودة، وزيَّننا جميعا بزينة العلم.

وقال السيد محمود طاهر القائدُ العمومي لمجلس أنصار الله بباكستان: كان المرحوم خدومًا صامتا. كان يركّز على عمله فقط. وكان سديد الرأي.

وكتب السيد شيخ خالد نائبُ وكيل التبشير بربوة: كان المرحوم متواضعا، طيب النفس، نفيس الطبع، وفيا وفدائيا للخلافة.

وكتب الداعية حيدر علي ظفر، نائب الأمير بألمانيا في هذه الأيام: كان السيد عبد الشكور ذا خصال حميدة كثيرة. كان مخلصا، بسيطا، متواضعا، مجتهدا، وشديد الحيطة في إنفاق أموال الجماعة. كان تقيا وصاحب مبدأ. أدار مكتبة الجماعة في ليبيريا على أحسن وجه، حتى أعاد بناء المسجد وبيت الداعية هنالك بما درّتْ به هذه المكتبة. بنى في مساحة صغيرة مجمعا صغيرا يحوي مكتبة ودار ضيافة وصالتين للمسجد منفصلتين للرجال والنساء، وبيتًا للداعية. كان يشترك مع العمال في أعمال بناء المسجد. فكان المرحوم من جهة يكسب المال بنفسه، ثم بنى بما كسبه هذا المجمع والمسجد، كما اشترك مع العمال في عمل البناء، في عام 1986م.

يقول السيد حيدر علي: حين استلمت منه المهام وأُقيم حفل وداعه، فحضرتُ الحفل حيث ذكر الناس ما قام به من جهود لبناء المسجد والمركز وأشادوا به، فردّ بكل تواضع: قد وُفّق داعية قبلي لشراء هذه المكان ووفّقني الله تعالى لأكمل هذا العمل في عهدي، والآن يمكنكم أن تقوموا بأعمال تبشيرية فيه، والحق أنه محض فضل الله تعالى الذي وفَّق لذلك. كان المرحوم منخرطا في نظام الوصية وترك في ذويه زوجته وابنتَين وثلاثة أبناء. رفع الله تعالى درجاته.

وثالثا نصلي على الغائب السيد محمد صالح محمد الداعية المحلي تحت مشروع الوقف الجديد. تُوفي في 21 نيسان/أبريل 2019م. إنا لله وإنا إليه راجعون. كان أبو جدته لأمِّه ملك الله بخش t صحابيا للمسيح الموعود u وهو بعد أن رأى آية الكسوف والخسوف ذهب من لودهران إلى قاديان سيرًا على الأقدام وبايع على يد المسيح الموعود u، كان والده غلام محمد من الدعاة المحليين الأوائل في الجماعة. وُلد المرحوم في 1959م وقدّم طلب التسجيل في الجامعة الأحمدية في 1976م ولكنه لم يُقبَل لأن عمره كان أكبر من العمر المقرر للتسجيل. فتوظف في معمل في مدينة كوتري. كتب ابنه: ذهب جدي ملك غلام محمد الداعية المحلية إلى كوتري للقاء أبي فلم يُعجبه المحيط هناك فأمره بأن يترك الوظيفة فورا ويُوقف حياته ليصبح داعية محلية تحت مشروع الوقف الجديد. فتـرك الوظيفة التي كان يتقاضى فيها راتبا قدره أربع مائة وخمسون روبية، وكان قد تزوج حينها، فجاء ليدرس في صف الدعاة. وأصبح داعية محليًّا للجماعة وكان راتبه 135 روبية فقط، ولكنه كان يعتز بأن الله تعالى وفقه لخدمة دينه، وهذا الراتب كان ربع أو ثلث الراتب الذي كان يتقاضاه قبل الوقف.

عُيِّن داعيةً في “نكر باركر” في 1979م وكانت الظروف صعبة جدا، كتب ابنه الذي هو داعية أيضا: حدثتني أمي أنه حين عُين في قرية “أباسر” بمحافظة “نكر باركر” كانت دار الداعية قد انهارت لأنها بقيت مغلقة لمدة طويلة، فكان أبي يأتي بالطين والماء من مكان بعيد في النهار وكان أبواي يصنعان من الطين لبنات في الليل، وبعد صناعة اللبنات الكافية بنوا مسكنا لهم، لأنه لم يكن لديهم مكانا آخر للسكن. عاش الدعاةُ المحليون في منطقة “سِنْدَه” في ظروف قاسية. أحضر المرحوم الماء من مكان بعيد وجمع الطين ثم صنع اللبنات وبنى غرفةً للسكن بنفسه ولم يطلب من الجماعة شيئا.

كتب ابنه: أخبرني أبي أنه لم تكن أيةُ تسهيلات في “نكر باركر” لذا حين كان يذهب للاجتماع الشهري كان يأتي معه بحاجيات البيت وأدوية الهوميوباثي وأشياء ضرورية أخرى، لأنه كان يُقيم في منطقة نائية. فذات مرة عند عودته من الاجتماع ضل الطريق لأنها منطقة صحراوية واسعة والمرء لا يعرف الطريق إلا بواسطة آثار الأقدام فلم يستطع معرفة طريقه الصحيح وضلّ، ونفد الماء من عنده أثناء الطريق، وكانت أيام الحر الشديد، وأخيرا بسبب شدة التعب والعطش غُشي عليه وسقط هناك، فمرّ رجلان على جمل ورأيا شخصا ساقطا على الرمل، فاقتربوا منه فعلِموا أنه الدكتور، كان معروفا باسم الدكتور لأنه كان يعالج الناس بالطب الهوميوباثي، وكان هذان الرجلان يتعالجان على يده، فعرفاه وسقَيَاه الماءَ، ثم أخذاه إلى قريتهما حيث بات ليلته وفي اليوم التالي أوصلاه إلى بيته.

كتب أيضا: كان أبي يوصي أولاده بالصلاة وكان ملتزما بصلاة التهجد حتى صلى التهجد يوم وفاته أيضا وأيقظ أُمّي أيضا للصلاة. كان خلوقا جدا يحب الناس، ولو أساء إليه أحدٌ صبَرَ ولم يردّ بمثله قط، وكان نشيطا جدا في تطوير العلاقات مع الناس، وكان الناس يودعون عنده أماناتهم لكونه أمينا، وكلما حصل نزاع في الأسرة كان يُصلح بينهم دوما، كان منخرطا في نظام الوصية، وترك في ذويه ثلاثة أبناء وثلاث بنات إضافة إلى زوجته. ابنه السيد مبارك أحمد منير داعية الجماعة في بوركينافاسو ولذلك لم يستطع الذهاب إلى باكستان ليصلي على أبيه، رفع الله تعالى درجات المرحوم وغفر له ورحمه ووفق أولاده للحماس وروح التضحية التي كان المرحوم يملكها.

ورابعا نصلي على الغائب السيد موشي جمعة من تنزانيا. توفي في 13 آذار/مارس. إنا لله وإنا إليه راجعون. وُلد في 1933 أو 1934م في منطقة موروغو بتنزانيا. وانضم إلى الجماعة الأحمدية في 1967م. وقصة دخوله في الجماعة كالتالي: كانت عادة سائدة في مشايخ أهل السُنّة أنهم يطالبون الناس بإقامة مأدبة فاخرة لإيصال الثواب إلى المرحومين وفي الوقت نفسه كانوا يعملون العقيقة للولد المتوفى حديثا. وكان المرحوم يختلف معهم كيف يجمعون هذين الأمرَين. كان مشايخ أهل السنة يؤمنون بعمل عقيقة الولد الذي تُوفي حديثا وليس للولد الحي لكي يستطيعوا أكل الطعام مرارا وتكرارا. وكان المرحوم لم يجد شيئا كهذا في تعاليم الإسلام فكان يحزن جدا لما يرى من المشايخ وكان يتألم بالنظر إلى حال المسلمين ويدعو الله دوما أن يُرسل المسيح عيسى u لإحياء الإسلام من جديد.

كتب الداعية المسؤول في تنزانيا أن المرحوم كان يقول: التقيتُ بالداعية المسؤول، وكان آنذاك الداعيةُ المسؤول في تنزانيا السيد جميل الرحمن رفيق الذي هو وكيل التصنيف في باكستان حاليا، قال: حين التقيتُ به ذكّرني بحديث الرسول r: من لم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية. فخطر ببال المرحوم أنه لم يؤمن بإمام الزمان لذا هو ليس مسلما حقيقيا فبايع فورا دون تأخُّر. وبعد البيعة ذهب إلى قريته وبشّر إخوته وأخواته وأسرته وأصدقاءه وجمعهم جميعا وبلّغهم دعوة المسيح الموعود u، فبايع أخوه السيد عيدي سلمان في العام نفسه، وهو قد توفي، وكذلك دخلت الجماعةَ زوجةُ السيد جمعة فورا بتبليغه.

واجه المرحوم معارضة شديدة أولا، ثم بدأ الناس يدخلون الجماعةَ شيئا فشيئا وانتشرت الجماعة في قرية المرحوم “مكيوني” وفي القرى المجاورة. يقول الداعية المسؤول: الآن جماعة “مكيوني” جماعة نموذجية في منطقة “موروغو” كلها، وهي من الفروع التي أنشأها المرحوم ببذل جهد جهيد. كان بعد انضمامه إلى الجماعة يتبين من كل عمله أنه يحب الخلافة جدا، وكان يحترم للغاية الدعاةَ والمسؤولين في الجماعة ويلتزم بنظام الجماعة. وكان مفرط الحماس للدعوة والتبليغ ولم يكن يضيع أية فرصة للتبليغ، وكان من السباقين في دفع التبرعات بل كان يحنّ دوما إلى دفع التبرع كلما حصل له دخل، وكان يقول دوما: لا حقيقة لهذه الدنيا الفانية. كان منخرطا في نظام الوصية وكان يحث الآخرين أيضا لينخرطوا في هذا النظام المبارك. وكان مثالا للالتزام بالصلوات فكان يلتزم هو نفسه بالصلوات الخمس كما كان ينصح بذلك أولاده وأحفاده وأسباطه. وكان يتهجد بكل شوق، وحفظ كثيرا من أدعية الرسول r، وكان يحب جدا قراءة كتب المسيح الموعود u.

كتب ابنُه السيد شمعون جمعة الذي هو أستاذ في الجامعة الأحمدية بتنزانيا: كنا ثلاثة أخوة ندرس في الجامعة التي يتخرج منها الدعاة المحليون من 1987 إلى 1990م، قال: أتذكر أننا نحن الإخوة تشاورنا فيما بيننا أثناء العطلة الصيفية أن يتـرك أحدُنا الدراسة في الجامعة ليساعد الأبوَين في الأمور اليومية في البيت، فذكرنا ذلك لأبينا فاستاء جدا. كتب الابن شمعون جمعة: لا أنسى ذلك اليوم أبدا، كان أبونا غاضبا جدا، وأفهمنا قائلا: ينبغي أن تتوكلوا على الله وتستمروا في الدارسة في الجامعة ولا تفكروا في تركها أبدا. نفخ المرحومُ روحَ خدمة الجماعة في أولاده الثلاثة. رحمه الله تعالى وغفر له ورفع درجاته وجعل أولاده خداما صادقين للدين والإسلام.

سأصلي عليهم جميعا كما ذكرتُ. جنازة السيد ملك أكرم حاضرة وسأخرج لأصلي عليها وأما أنتم فتشتركون في الصلاة في داخل المسجد.

*****

About الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز

حضرة أمير المؤمنين الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز ولد حضرته في الخامس عشر من أيلول 1950 في مدينة (ربوة) في الباكستان. هو حفيد لمرزا شريف أحمد نجل المسيح الموعود والإمام المهدي عليه السلام. أنهى حضرته دراسته الابتدائية في مدرسة تعليم الإسلام في مدينة (ربوة) وحصل على درجة البكالوريوس من كلية “تعليم الإسلام” في نفس المدينة. ثم حصل حضرته على درجة الاختصاص في الاقتصاد الزراعي من كلية الزراعة في مدينة (فيصل آباد) في الباكستان وذلك في عام 1976م.

View all posts by الخليفة الخامس مرزا مسرور أحمد أيده الله بنصره العزيز