خطبة الجمعة
التي ألقاها أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز
الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي u
في مسجد مبارك في إسلام آباد ببريطانيا
يوم 17/5/2019م
السلام عليكم ورحمة الله، لقد أزحتُ قبل قليل الستار عن لوحة افتتاح منصوبة في الخارج وبذلك تم افتتاح المسجد. عندما افتتح سيدنا الخليفة الثاني t المسجد المبارك في ربوة قال: يجب أن يكون هناك تنسيق لأداء ركعتي نافلة قبل الافتتاح، ولكن هذا التنسيق لم يكن متاحا في هذا الوقت لذا سنؤدي سجدة الشكر.
العادة السائدة هي أنه عندما أزيح الستار عن لوحة الافتتاح نقوم بالدعاء، ولكن اليوم سأؤدي سجدة الشكر بدلا من الدعاء، تأسيا بتلك الأسوة فاشتركوا معي فيها، إذ قد أعطانا الله تعالى مركزا صغيرا ومسجدا، وبعد السجود سأشْرع رسميا في إلقاء الخطبة. تعالوا نؤدي سجدة الشكر.
(فخرّ سيدنا أمير المؤمنين أيده الله تعالى ساجدا شكرا لله وسجد معه الحضور كلهم، ثم بدأ حضرته خطبة الجمعة كما يلي) :
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّين. آمين.
]قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ * فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ * يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) (الأَعراف: 30-32)
نحمد الله تعالى على أنه وقفنا اليوم لأداء صلاة الجمعة في هذا المسجد في إسلام آباد. كنتُ قد ذكرتُ في إحدى الخطب قبل بضعة أسابيع خبر الانتقال إلى المركز الجديد في إسلام آباد وقلتُ أننا كنا نشعر بضيق المكان بشدة في إدارة المكاتب بجانب “مسجد فضل” لذا نحن بحاحة إلى مكان أفضل وأوسع لهذا الغرض، وقد هيأ الله تعالى ذلك بفضله إلى حد لا بأس به بعد إكمال مشروع البناء في إسلام آباد. وإلى جانب ذلك قد هُيئ السكن قدر الإمكان للبعض ممن يخدمون الجماعة ويعملون في مكاتبها، كذلك بُني في إسلام آباد مقر الخليفة أيضا. كان ضروريا أن يكون مع مقر الخليفة مسجد أيضا ليتمكن أفراد الجماعة من أداء الصلوات خلفه بسهولة، وليتمكنّ خليفة الوقت من أداء مهامه الأخرى مثل التعليم والتربية بسهولة.
ومع أننا نفتح هذا المسجد اليوم رسميا بإقامة صلاة الجمعة فيه، إلا أن سلسلة إقامة الصلوات والبرامج الأخرى كانت قد بدأت عمليا فور انتقالي إلى هنا. لقد ظلت وفود مجالس خدام الأحمدية وأطفال الأحمدية ولجنة إماء الله تأتي إلى هنا من الخارج بأعداد كبيرة، فعُقدت الجلسات مع تلك الوفود في هذا المسجد، كما عُقدت برامج أخرى معهم في قاعات صغيرة أخرى. فلما كان المسجد مهيأ لإقامة الصلاة بسهولة لذا جاءت الوفود المذكورة إلى هنا. هذا المسجد أوسع من “مسجد فضل” بأربع مرات. ولكن تبين من زيارة الوفود المذكورة أن هذا المسجد أيضا بدأ يضيق على المصلين من الآن. لقد بُنيت قاعة متعددة الأغراض بجانب المسجد ويصلي فيها من لم يسعهم المسجد.
باختصار، تُبنى المساجد بفضل الله تعالى في بريطانيا وفي بلاد أخرى في العالم أيضا. وبفضل الله تعالى قد أولى أفراد الجماعة منذ العشر أو الخمس عشرة سنة الماضية اهتماما خاصا ببناء المساجد، فتُبنى المساجد بسبب هذا الاهتمام الخاص. ولكن هذا المسجد الذي سمّيتُه “مسجد مبارك” يحتل أهمية خاصة لأن الخليفة يسكن بجواره. كما يسكن في هذا المركز الجديد قرابة الثلاثين ممن يخدمون الجماعة إذ قد بُنيت لهم بيوت مناسبة وجيدة. كذلك توجد هنا بعض المكاتب الهامة التي أتعامل معها بكثرة وفي كل يوم. إذًا، هذا المقام وهذا المسجد مسجد مركزي من هذا المنطلق ويحتل أهمية خاصة.
ندعو الله تعالى أن يكون هذا المسجد مثيل المسجد المبارك ومدعاة لجذب أفضال الله تعالى ومباركا من كل الجوانب والنواحي. عندما كان اختيار اسم هذا المسجد قيد الدراسة خطرت بالبال أسماء أخرى قبل الاستقرار على هذا الاسم وتم التشاور حول أسماء مختلفة. وفي هذه الأثناء لاحَ لي إلهام المسيح الموعود u فجأة واخترتُ هذا الاسم بناء عليه. ونص الإلهام هو: “مبارِك ومبارَك وكلُّ أمر مباركٍ يُجعل فيه”.
ندعو الله تعالى أن تُقبل بحق هذا المسجد أيضا أدعية دعاها المسيح الموعودُ u في “المسجد المبارك” في قاديان وما تمناه u لانتشار الإسلام وغلبته في العالم، وأن يكون هذا المسجد وهذا المركز سببا دائما لنشر وحدانية الله ودعوة الإسلام في بريطانيا وأوروبا وفي جميع بلاد العالم، وأن يكون انتقال المركز إلى هنا مباركا من كل الجوانب، وأن تجذب جميع المشاريع التي يبدأها خليفة الوقت أفضال الله تعالى وبركاته دائما، وأن ينال هذا المسجد أيضا على الدوام تلك البركات التي أناطها الله تعالى بمسجد المسيح الموعود u. لم أكن أعرف من قبل بل علمتُ البارحة فقط أنه عندما بدأ عمران ربوة، قال سيدنا المصلح الموعود t أيضا عند بناء المسجد المبارك أن هذا المسجد ينوب عن المسجد المبارك في قاديان وظّله ومثيله. مما لا شك فيه أن الخلفاء سكنوا هناك مدةً طويلة، ولا تزال المكاتب المركزية للجماعة كائنة هناك. ولكن بسبب هجرة الخليفة من هناك قبل أكثر من ثلاثين سنة طرأت هنا أيضا حاجة إلى مكاتب جديدة ومبانٍ جديدة ومساجد جديدة. لقد اضطر الخليفة إلى الهجرة من ربوة إلى هنا بسبب قانون البلد، ولكن الله تعالى فتح أبواب التقدم أكثر من ذي قبل لسد حاجات الجماعة هنا. ندعو الله تعالى أن يزيد أكثر فأكثر في هذه السعة التي منّ بها علينا. الأفضال والبركات التي أراد العدو أن ينـزعها منا بحسب زعمه، قد أعطانا الله تعالى إياها أضعافا مضاعفة وأكثر بكثير من ذي قبل. هذا هو حال عقلية الذين يزعمون أنهم مُتَحَكِّمون في قدر الجماعة الإسلامية الأحمدية، ومن ناحية أخرى قد بلغ جهلهم مبلغا عظيما إذ أراني أحد الإخوة رجلا سياسيا من أحد الأحزاب السياسية يقول في تعليقه له عبر وسائل الإعلام: لقد فرضنا الحظر على الجماعة الأحمدية ولم نسمح لها أن تنمو في باكستان، أما الآن فقد جاءت حكومة جديدة وسمحت للأحمديين ببناء مركزهم في إسلام آباد (باكستان). هذه هي حال عقلهم!! وقبل فترة أذاع بشأننا رجل سياسي آخر بيانا مبنيا على الجهل التام مثله ثم قال فيما بعد: قد صدر مني خطأ إذ لم أفهم الأمر جيدا.
باختصار، هذه أفكار هؤلاء الناس الماديين، إنهم لا يدرون أن سبب تقدم الجماعة الإسلامية عائد إلى أفضال الله تعالى فلا تقدر حكومة دنيوية على الحيلولة دون تقدمها، كما ليست الجماعة بحاجة لتقدمها وازدهارها إلى مساعدة أية حكومة. فما دمنا نعمل بحسب أوامر الله تعالى، ونسعى جاهدين لنيل رضا الله تعالى سنظل محط أفضال الله تعالى وننال أنواع التقدم. لذا علينا أن نحاسب أنفسنا دائما.
إن الذين وفقهم الله تعالى للسكن في هذه القرية الجديدة، والذين ينتقلون أو يسعون للانتقال للعيش حول هذا العمران الجديد بسبب انتقال مركز الجماعة إلى هنا، من واجبهم أن يسعوا لتحسين حالهم العملية ليرى الناس في هذه المنطقة صورة حقيقية للأحمدية والإسلام. لا شك أنه قد عاش في هذه المنطقة الواقفون لحياتهم والعاملون الآخرون في الجماعة لفترة طويلة، وأهل هذه المنطقة يعرفون الأحمديين بسبب ذلك، كما أنهم يعرفون عن الأحمدية نتيجة الجلسات السنوية التي عقدت هنا لفترة طويلة حتى عام 2004، والآن تعقد في “اولتن” التي هي قريبة من هنا، لكن أهل هذه المنطقة يرون صورة جديدة الآن، ولذلك سوف ينظرون إلينا بنظرة جديدة حيث بدأوا يقولون: إن الأحمديين يشترون البيوت للإقامة هنا فجأة.
لقد شعروا بذلك ووبدأوا يذكرون ذلك للأحمديين قائلين إن خليفتكم أو زعيم جماعتكم قد انتقل إلى هنا وأخذتم تتوجهون إلى هذه المنطقة فجأة. ولذلك فلا بد للأحمديين من تقديم نماذج سلوكية أحسن من ذي قبل ليتركوا لديهم أثرهم الطيب. أما إذا تضايق الجيران بسبب ضجيجنا أو مخالفتنا للمرور أو لأي سبب آخر فسوف ننقل لهم رسالة خاطئة. وإذا لم نبلغهم رسالة الإسلام على النحو السليم من خلال أعمالنا وتصرفاتنا فسيكون ادعاؤنا الشكرَ لله تعالى مجردَ ثرثرة اللسان فقط. إن الحمد والشكر لله تعالى يقتضي منا أن يتفق قولنا مع عملنا، وأن يتطابق تعليمنا مع تصرفاتنا، لا أن نقول شيئا ونفعل شيئا آخر. إن الله تعالى قد آتانا في القرآن الكريم تعاليم بشأن المساجد أيضا، والآيات التي تلوتها آنفا أيضا تنبهنا إلى أمور هامة، ولو عملنا بها فسوف نؤدي حق عبادة الله تعالى كما سنؤدي حق العباد أيضا.
يقول الله تعالى في هذه الآيات للمؤمنين صراحة إن كنتم تريدون رضا الله تعالى فأخلِصوا إيمانكم ودينكم لله، وإن لم تفعلوه فلن تتقدموا بل تقعون في هوة الضلال.
فلا بد لكم من تحقيق الهدف من بناء المساجد وعندها تحصلون على الجوائز والنعم. لا بد لكم من إخلاص عباداتكم وعندها ترثون نعم الله تعالى، ولا بد لكم من تطهير أذهانكم من الأفكار الدنيوية والأولويات المادية وعندها تنزل عليكم أفضال الله تعالى. عندما نقوم بهذه المحاولة خمس مرات يوميا عندها نكون من الذين يخلصون الدين لله تعالى.
فلا بد لنا من العناية بتطهير أرواحنا أيضا، ويخبرنا الله تعالى أن هذا التطهير لا يتأتى إلا بإخلاص الدين لله وحده، أما الذين لا يسعون للاهتداء، ولا يخلصون دينهم لله فإنهم يقعون في هوة الضلال، وهم الذين اتخذوا الشيطان بدلاً من أن يكونوا في كنف الله تعالى، ومع ذلك يظنون أن أعمالهم تتفق مع رضا الله تعالى. وهذا هو حال مَن يرفضون من يبعثه الله تعالى.
وهو حال علماء السوء اليوم والذين يعادوننا اليوم كما نرى. إنهم يضلّون عامة الناس أيضا، وهم يحسبون ويزعمون أنه ليس في الدنيا أحد هو أكثر منهم عملاً بالإسلام. لا يتركون حيلة ولا محاولة ماكرة ولا خداعا إلا ويلجأون إليها لتحقيق مآربهم، حتى إن الحكومات أيضا تظل خائفة منهم.
وإن عداءهم لنا على أشده في كراتشي بباكستان في هذه الأيام، إذ يطالبون بإصرار شديد بأن نهدم منارات مساجدنا، والحكومة أيضا توافقهم الرأي. لقد قلنا لهم مرارا إن مساجدنا هذه ذات المنارات قديمة، وقد مضى على بنائها أكثر من خمسين أو ستين عاما، ومع ذلك لا يفهمون. إن الحكومة تخاف هؤلاء المشايخ خوفًا شديدا. إنهم يتمادون في اضطهاد جماعتنا والاعتداء عليها باستمرار.
لقد تمادوا في سب سيدنا المسيح الموعود u. وفي مثل هؤلاء القوم يقول الله تعالى إن الضلال قد صار لزامًا لهم. لا شك أن المشايخ المزعومين الذين هم وراء هذه المعارضة هم يقينًا من الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم: “مساجدهم عامرة وهي خراب من الهدى، علماؤهم شر مَن تحت أديم السماء، مِن عندهم تخرج الفتنة وفيهم تعود” (كما نجدها نحن وغيرنا عامرة في هذه الأيام في بادئ الرأي).
وفي مثل هذه الظروف تتضاعف مسؤوليتنا أضعافًا لكي نخلص عباداتنا لله تعالى، ونُطْلِع العالم على تعاليم الإسلام الحقيقية. إن الله تعالى يفتح لنا السبل لنشر تعاليم الإسلام الحقيقية أكثر من جهودنا، وإن مركزنا هذا من هذه السبل. فعلينا أن ندرك مسؤولياتنا. ما كان لنا أن نبني هذا المركز لا بالجهود الشخصية ولا بالجهود الجماعية، إنما هو فضل الله وحده الذي أعطانا هذا المركز.
فما دام الله تعالى قد هيأ لنا في أيام شهر رمضان هذه الأسباب لتطوير أرواحنا فعلينا أن نسعى أكثر من ذي قبل لإخلاص ديننا لله تعالى. أما وكيف أرشدنا المسيح الموعود u لإخلاص الدين لله تعالى، فقد قال حضرته ذات مرة:
ورد في القرآن الكريم: {وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ}، فيجب ذكرُ الله بإخلاص، وينبغي مطالعةُ مننه كثيرا. ليكنْ هناك الإخلاص والتفكر في منن الله تعالى والرجوع إليه تعالى مع إدارك أنه هو الرب وأنه هو الذي يعمل لنا كل شيء. ثم يقول حضرته: إن ملخص أصول العبادة إنما هو أن يقوم المرء أمام الله تعالى وكأنه يرى الله تعالى أو أن الله يراه. يجب أن يتنزه المصلي من كل لوثة وشرك، ويركز في عظمته وربوبيته هو سبحانه تعالى. عليه أن يدعو الله تعالى بكثرة بالأدعية المأثورة وغيرها من الأدعية، ويُكثِر من الاستغفارَ، ويعبّر عن ضعفه مرة بعد أخرى، لكي تتيسر له تزكية النفس، وتنشأ له علاقة صادقة مع الله تعالى ويتفاني في حب الله تعالى.
فعندما يصبح ديننا خالصًا لله تعالى وعندما تصير عبادتنا خالصة لله تعالى، عندها تتيسر لكم تزكية النفس أيضا وتوفقون لتلك التزكية، وتؤدون عباداتكم حق الأداء، وتسعون للعمل بأحكام الله تعالى من أجل أداء حقوق العباد أيضا.
لقد نشر أحدهم في مواقع التواصل الاجتماعي لقطة عن دعوة إفطار اجتمع فيها المسلمون قبل الإفطار، فنشب بينهم الشجار والسباب بسبب الطعام على الأغلب قبل حلول موعد الإفطار، فمدّوا أيديهم إلى بعضهم البعض وبدأوا يتقاتلون، فأوسع بعضهم بعضًا رفسًا ولكمًا وضربًا، وتبعثرَ الطعام هنا وهناك، ووقع هذا هنا وسقط ذلك هناك، لم يكترثوا لاحترام الكبير ولا للشفقة على الصغير. كانوا يتعاركون عِراكا شديدا، وكل ذلك وهم صائمون، ولابسون جلابيب وقمصانا طويلة كما هي عادتهم عند مجيئهم للصلاة. لقد جاءوا في هذه الجلابيب ليتقاتلوا!
مع أن النبي r قال: وَإِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلَا يَرْفُثْ وَلَا يَصْخَبْ فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ. (صحيح البخاري، كتاب الصوم) وقال أيضًا: الصيام لي وأنا أُجْزَى به. أَوَ سيكون الله تعالى جزاءً لمثل هؤلاء الصائمين؟! أَوَ مثل هؤلاء الناس ينالون رِضى الله I؟! أَوَهذه هي التزكية التي تحدث فيهم نتيجة الصيام؟! لا شك أن مثل هذه الأحداث إنما تُبيِّن أهمية الإيمان بالمسيح الموعود u وضرورة مجيئه لإصلاح المسلمين، الذي عندما جاء لم يؤمنوا به، ولكن هذه الأحداث إنما تُوجِّهنا إلى أن نفحص أنفسنا ونصلحها، وإذا كانت ثمة أمور صغيرة تتسبب في خلْق الكُدرة والاضطراب في أنفسنا فيجب أن نزيلها ونؤدِّي حق الصيام ونعبدَ الله تعالى مخلصين له الدين ونعملَ بأحكامه.
كذلك قال المسيح الموعود u في مناسبة: “الأمر الذي يُسمى إسلاما، قد طرأ عليه الفتور في العصر الراهن، وانتشرت الأخلاق الذميمة كلها، والإخلاص المذكور في ]مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ[ (الأعراف:30) قد ارتفع إلى السماء. (أي لم يعد له وجود) لقد تلاشى الصدق مع الله والوفاء والإخلاص والحب والتوكل على الله، وقد أراد الله I الآن أن يحيي هذه القوى من جديد.” ثم قال u: “ففي هذا العصر تطورت الرذائل من الرياء والعجب والإعجاب بالنفس والتكبر والأنانية والعناد وغيرها، أما الصفات الحسنة مثل ]مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ[ فقد ارتفعت إلى السماء”. قال u: “وقد تلاشى التوكل والتفويض وغيرها”. أيْ لا نرى صفات المؤمن الذي يتوكل على الله تعالى ويفوض أموره إلى الله، ولا تُرَى هذه الأمور في المؤمنين المزعومين بل هم يتقاتلون لأتفه الأمور وتلاشت الأخلاق الحسنة نهائيا. قال u: “والآن أراد الله تعالى أن يبذر بذرها”، قال u أولا “قد أراد الله I أن يحيي هذه القوى من جديد.” وهنا قال u: “والآن أراد الله تعالى أن يبذر بذرها.” وقد بُذر البذر بواسطة المسيح الموعود u وأراد الله تعالى أن تحيا هذه الأخلاق وأن تكون العبادات خالصة له وأن تُؤدَّى حقوقه I وحقوق عباده، وأراد الله تعالى أن يتحقق ذلك بواسطة المسيح الموعود u، فعلينا أن نصبح أغصان تلك النباتات والأشجار التي نبتت من هذه البذرة. ولكن لا يمكن ذلك ما لم نعبد الله تعالى مخلصين له وما لم نصلح أنفسنا حين نرى تقصيرات الآخرين وما لم نؤثِر رِضى الله تعالى على أولوياتنا الأخرى.
قال المسيح الموعود u في مناسبة: “الإخلاص شرط في الأعمال.” فإذا كانت هناك أعمال ظاهرية ولم يكن فيها الإخلاص والحرقة لنيل رضى الله فهذه الأعمال باطلة والصلوات باطلة”. (هذا أيضا تنبيه لنا بأننا لو لم نخلص عباداتنا لم نستفد منها شيئا. ثم قال u: ) “ليكن واضحا أنه وِفق هداية الفرقان هناك روابط وثيقة للغاية بين الحالات الطبعية والحالات الأخلاقية والروحانية، حتى إن أسلوب المرء في الأكل والشرب يؤثر أيضًا في حالاته الأخلاقية والروحانية.” (كما ذكرتُ حدث الإفطار الذي اجتمع فيه الناس ليُفطروا ولكنهم أخذوا يتقاتلون، فحالتهم الظاهرية إنما تُظهر حالتهم الروحانية، أيْ لم تعد فيهم الروحانية قط. ولكن يجب أن تكون هذه الأمور عبرةً لنا أيضا. ثم قال u: ) ولو استخدم الإنسان أحواله الطبعية حسب تعليمات الشريعة لتحولت كل هذه الأحوال أخلاقًا كما تتحول الأشياء في داخل الملح مِلحًا، ولأثّرت في روحانيته تأثيرًا عميقًا. (أيْ يجب أن نعمل بأحكام الله تعالى فيما يتعلق بالأكل والشرب أيضا ولا نسرف فيهما ولو قمنا بها بحسب تعليمات الشريعة لتحسَّنت أخلاقنا أيضا) ومن أجل ذلك اهتمّ القرآن المجيد بالغ الاهتمام برعاية الطهارة الجسمانية والآداب الظاهرية والحركات الجسدية في سائر العبادات وفي جميع الفرائض.” (فالطهارة الظاهرية والآداب أيضا ضرورية لكي يكون الإنسان معتدلاقال u: ) “وإذا أمعنَّا النظر تبين لنا أن الفلسفة الصحيحة الصائبة للغاية هي أن للأوضاع الجسمانية تأثيرًا قويًا في الروح، فإننا نرى أن أفعالنا الطبعية، وإِن كانت جسمانية، يكون لها في حالاتنا الروحانية أثر محسوس يقينا. فالعين مثلًا إِذا أخذتْ في البكاء ولو تصنُّعًا فلا بد أن تنبعث من الدموع لوعة تسري إِلى القلب، يَخضع لها ويكتئب. وكذلك لو ضحكنا، وإِن يكن تكلُّفًا، اكتسب الفؤاد فرحًا وانبساطًا. وكذلك نرى أن السجود الجسماني يولّد في نفس الساجد حالة من التضرع والخشوع. كما نشاهد العكس من أنه لو مشى الإِنسان رافعا رأسه مُقْعِسًا صدره، فمشيته هذه تولد فيه كبرًا وغطرسة. ومن هذه الأمثلة يتبين تماما أن للأوضاع الجسمانية أثرًا في الحالات الروحانية من دون ريب.”
ثم بيّن المسيح الموعود u أن الأغذية تؤثر في حالة المرء الروحانية لذا ينبغي أن تتناولوا الغذاء المتوازن ولا تقتصروا على اللحوم فقط كما لا تقتصروا على الخضروات فقط، لا شك أن أكْل كل ما خلق الله تعالى لنا من الطيبات والحلالِ جائز ولكن لا بد من التوازن والاعتدال في ذلك، لأنها تؤثر في حالة المرء الروحانية والأخلاقية، والغذاء المتوازن يحافظ على اعتدال الأخلاق ويوجه المرء إلى عبادة الله تعالى. قال u: إنه من جمال الإسلام فحسب أنه يرشد في جميع الأمور، قال u: “كانت منة الله علينا وعلى العالم كله أن حدد المبادئ للمحافظة على الصحة. وقد قال أيضا: ]كُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا[، أي كلوا واشربوا ولا تُكثروا أو تقللوا الطعام والشراب في غير المحل.” لأن ذلك أيضا يفسد التوازن وبالتالي تتأثر الحالات الروحانية. فالعابد الحقيقي الذي يعبد الله تعالى مخلصا له الدين لا يحسّن حالته الروحانية وعلاقتَه بالله فحسب بل يحسّن حالته الجسمانية أيضا ويستخدم نِعم الله تعالى لنيل رضى الله تعالى.
وليست غايته المتوخاة أن يتمتع بمتاع الدنيا من الراحة والرفاهية والأكل والشرب، بل يسعى أن يقضي ما قدر له من الحياة الدنيا متمتعا بالنعم المادية لينال رضوان الله I ويتوخى السعي لنيل رضوان الله فقط، وكذلك يُعِير المؤمن الاهتمام بتأدية حقوق خلق الله I أيضا. فالإسلام هو الدين الوحيد الذي يلفت نظر المومن إلى تأدية حقوق المخلوق أيضا إلى جانب تأدية حقوق الله I . فكما قلت من قبل يجب علينا أن نرفع معايير عباداتنا تأدية لشكر الله على إعطائه لنا هذا المركز وفي الوقت نفسه ثمة حاجة إلى رفع معايير أخلاقنا أيضا، ولا سيما في هذه الأوضاع الجديدة حيث سوف ينظر إلينا الأغيار من الجيران وسكان هذه المنطقة من منطلق جديد. إذن تمسّنا الحاجة إلى أن نُبرز نحن أيضا جوانب جديدة لتعليم الإسلام الجميل من خلال أعمالنا وأقوالنا أكثر من ذي قبل، وعندما سنقضي حياتنا واضعين هذا الأمر في الاعتبار فهذا سيكون وسيلة كبيرة لنشر الإسلام وهو الذي سوف يُكسبنا أفضال الله على الشكر له. هنا يجب أن تتذكروا أيضا أن البعض يتعاملون مع الجيران ومع من يلقونهم خارج البيت بطيب ورفق بينما لا تكون معاملتهم مع زوجاتهم وأولادهم في البيت طيبة وجيدة. فهذه السلوكيات لا تؤثر سلبا عليهم وحدهم، وصحيح أنها سلوكيات شخصية من منطلق أن الله I سيبطش بهم لاعتداءتهم لكنها تؤثر سلبا على وحدة الجماعة وسكينتها، إذ إن عدم السكينة في البيوت يؤثر في الأولاد الذين لا يلبثون أن يبتعدوا عن الجماعة والدين بدلا من أن يكونوا جزءا رائعا من الجماعة في المستقبل. لذا يجب عليكم أن تتداركوا أجيالكم القادمة لتتمكنوا من نشر الإسلام مخلصين دينكم لله I . أما إذا كانت معاملاتكم هكذا فسوف تفسد الأجيال القادمة. لذا يجب أن نبذل الجهود في هذا المجال أيضا. هذا الأمر يكون له علاقة بالجماعة، بمعنى أنه عندما يرى الأولاد أن أباهم في الظاهر رجل متدين ويعد من المحترمين في الجماعة، لكن معاملته في البيت مختلفة تماما عنها في الخارج، فردةُ فعل الأولاد هذه تبيد الجيل القادم. ثم إن النـزاعات في البيت تؤدي إلى الخصومات أكثر في أهل الزوجة وأهل الزوج أيضا ويتلاشى بذلك سلام المجتمع. فالبيوت التي تحدث فيها مثل هذه الأمور على أهلها أن يسعوا للمحافظة على سكينة بيوتهم بل يجب أن يتخذوا قرارا صارما أنهم سيعملون على ذلك لا محالة. فالمنة التي منَّها الله I علينا بضمِّنا إلى الجماعة يقتضي الشكر عليها أن نعيش مستجيبين لأوامر الله I بإخلاص. وكذلك النساء اللاتي يغلبُهن الغضبُ على أبسط الأمور، بحاجة إلى أن يُحدثن التغيير في أوضاعهن من أجل تربية أولادهن.
فاجعلوا شهر رمضان هذا متميزا بعقد العزم على تحسين الأوضاع في بيوتكم ببركات هذا الشهر. الاهتمام الذي نشأ في رمضان بحضور المساجد يفرض علينا التقدم في التقوى التي هي الزينة الحقيقية للمساجد، واجتناب الرياء والاستكبار والعنجهية سائرين على درب التقوى. كما قال ذلك المسيح الموعود u. فبقدر ما تنـزل علينا أفضالُ الله يجب أن نتحرى سبل رضوانه تعالى في كل عمل، بحيث يجب ألَّا نكون من المصلين الذين جعل الله صلاتهم ويلا وغضبا عليهم، بل يجب أن نُعدّ من أولئك الذين ينالون رضوان الله ويرِثون إنعاماته.
هذا المركز الذي أعطانا الله I الغرض الأصلي منه استخدامُه لحاجات الدين، لكنه في الوقت نفسه من ناحية مادية أيضا فضل عظيم علينا من الله وإنعام منه حيث لم يكن في وسعنا كما قلت سابقا أن نحظى به بمساعينا. وبتعبير آخر قد منَّ الله علينا بمنة دينية ومادية أيضا. فعلينا أن نشكر الله I واضعين في الاعتبار كل جانب. حين ينظر رجل مادي إلى هذا المشروع بأكمله، يتأثر به حتما، وحين يعرف أن كل ذلك تحقق بفضل الله فقط إذ نحن جماعة صغيرة وسائلُها المادية محدودة جدا وتتم كل أعمالها بتضحيات أبناء الجماعة فقط، يستغرب أكثر. ومن ثم ينشأ لديه الإحساس بأن الإله الحي ينصر اليوم أيضا مَن يريده، ويُكرم من يريد إكرامه. فمن هذا المنطلق يؤثر تعليمنا في الرجل المادي في ظاهر الأمر أيضا، ويصبح ضمن المدعوين إلى الله. إذا كنا نريد أن نري الآخرين الله I فيجب أن تكون أقوالنا وأعمالنا مؤثرة فيهم. فمن أي جانب ننظر إلى هذا تنحني رؤسنا لله باستمرار ويجب أن يكون كذلك، إذ قد وفَّقنا لإعمار قرية، وإن كان هذا المشروع السكني يساوي حارة واحدة، بل أصغر منها، إلا أنها كما قلت حائزة على أهمية كبيرة لكونها مركزا. لقد وفَّقنا الله I لبناء المركز في منطقة تخلو من التوحيد وليس ذلك فحسب بل تكتظ بالشرك، لنعمل بعزم جديد لنشر التوحيد من هنا، ونسعى لتحقيق هدف الخادم البار للنبي r، ليطْلع يومٌ تعلن فيه التوحيدَ قريةٌ تلو قرية ومدينةٌ تلو مدينة. فالذين يقولون ضد النبي r اليوم ما يحلو لهم، ويطلقون ضده كلاما بذيئا، سيفتخرون بالجلوس تحت رايته r بدلا من ذلك ويصلّون عليه r. فهذه هي مسؤوليتنا وليس لسكان إسلام آباد فقط أو الذين ينتقلون إلى المنطقة المجاورة لإسلام آباد للسكن، بل هي مسؤولية كل أحمدي في هذا البلد بل في العالم كله، أن يتحرى الطرق لرفع لواء وحدانية الله ويسعى لذلك ويفكر كيف نأتي بسكان العالم تحت لواء النبي r؟ وكيف نحقق الغاية من بعثة المسيح الموعود u؟ وكيف نساعد خليفة الوقت في تحقيق مشاريعه بالدعاء والعمل؟ لقد وفَّقنا الله I لافتتاح هذا المسجد في رمضان، وهي المناسبة الأولى في عهدي التي يتم فيها افتتاح المسجد في رمضان، أما الخلفاء قبلي فلا أعرف عن ذلك. فادعوا الله كثيرا في شهر البركات وإجابة الدعاء مستفيدين منه بوجه صحيح لتقدُّم الأحمدية وتحقُّق الهدف من بناء المركز في هذه المنطقة في العالم.
وادعوا كثيرًا أن يوسع الله تعالى في هذا المركز وينتشر الأحمديون حوله أيضا، ونرى مشهد دخول الناس في كنف الإسلام ومشهد تمزّق مكايد المخالفين كلهم، وأن تفتح سبل العودة إلى ربوة وسبل العودة إلى قاديان التي هي مبعث المسيح الموعود u، وأن تفتح لنا سبل الذهاب إلى مكة والمدينة فإنهما بلدا سيدنا ومطاعنا محمد المصطفى r وإنهما مركزان أبديان للإسلام، وأن تصل رسالة الإسلام الحقيقية إلى أهلهما، وأن يقبلوها ويصبحوا مصدقي الخادم الصادق للنبي r. وادعوا الله تعالى أن يفتح أعين الذين يتعصبون بجهل، وأن يهيئ أسبابًا للبطش بالذين يملأون صدور الناس بالتعصب ضد المسيح الموعود u وجماعته، وأن يجتمع المسلمون على يد المسيح الموعود u ويصبحوا أمة واحدة ويتحولوا إلى نموذج عملي للتعاليم الإسلامية الحقيقية، وأن يأتي العالم غير الإسلامي أيضا تحت راية الإسلام.
أخبركم قليلا عن هذا المسجد وعن مشروع البناء هذا أيضا. إن مساحة الأرض المقام عليها المسجد والتي يمكن أن يصلي عليها المصلون هي 314 مترًا مربّعًا أي يمكن أن يصلي فيه قرابة 500 مصل. كذلك هناك قاعة مجاورة أيضا ويمكن أن يصلي في جزء منها قرابة 1200 مصل وفي جزء آخر منها قرابة 110 مصلين. ثم هناك ساحة مفتوحة بها سقيفة قبالة مدخل القاعة ويمكن أن يصلي فيها 300 مصل تقريبًا، وعليه فإن هذا المكان كله يسع أكثر من 2000 مصل تقريبًا.
كذلك أخبرتكم أن هناك بيوتًا ومكاتب أيضا أُنشئت هنا، فللمكاتب ثلاث وحدات أنشئت فيها خمسة مكاتب. وآمل أن يتيسر هنا مكان لإنشاء ستوديو لأم تي أيه أيضا، كما يتوفر هنا كل المرافق مثل المراحيض والمغاسل، وكل هذه الأماكن مزودة بالألواح الشمسية أيضا، وبُذِلت المساعي لتوفير جميع المرافق العصرية هنا.
ورغم عظم هذا المشروع لم تُطلب له التبرعات بشكل خاص، وعلى حدّ علمي إنه أول مشروع اكتمل بدون أية دعوة خاصة للتبرعات له.
أما تصميم هذا المسجد فهو يعجب البعض كما لا يعجب البعض الآخرين، إلا أن الخبراء يقولون أن هذا التصميم يوفر الكهرباء والطاقة. وإنشاء البناء بحسب هذا التصميم كان أرخص عند الخبراء من التصميم العادي.
أما لوحات الخطوط العربية داخل المسجد فلم يُرَ مثلها بهذا الحجم في مساجدنا قبل هذا، ولكن بما أن تصميم هذا المسجد كان مختلفًا لأجل ذلك قلت لهم ألَّا حرج في أن يكتبوا فيها أسماء الله وصفاته، وبهذا الخصوص ساعد كثيرا في كتابتها السيد رضوان بيك الذي يشرف على مشروع كتابة القرآن أثناء الجلسة السنوية أيضا، فجزاه الله. كما ساعد كثيرًا مدير مجلة ريفيو أوف ريليجنز السيد عامر سفير، كما جاء من كندا أحد الدعاة “باسل بت” الذي تخرج هذه السنة مبشرًا، ومعه موسى ستار ومصور دين، فإنهم ركبوا هذه الأسماء حرفًا حرفًا بغِراءٍ خاص قوي، ولقد قاموا بهذا العمل بجهد كبير، جزاهم الله جميعًا أحسن الجزاء.
كذلك إن فريق الصوتيات والمرئيات لجماعة بريطانيا وفريق أم تي أيه أيضا بذلوا جهدا كبيرا، جزاهم الله أحسن الجزاء.
لقد شُكّلت لجنة مركزية للإشراف على مشروع البناء هذا وتفقد أموره بين حين وآخر، وأضيف إليها عضوان قاما بالإشراف المستمر على المشروع؛ أحدهما السيد إدريس الذي وقف نفسه مؤقتا لهذا الغرض والثاني الشاب المهندس من “وقف نو” هو السيد فاتح. لابد أن تبقى بعض الثغرات والقصور ولكن بشكل عام قاما بإشراف مستمر وإلى الآن يشرفان على العمل. إضافة إلى ذلك فمن تطوع مِن أعضاء هذه اللجنة وأعطى وقتًا كافيا فهو السيد شودري ظهير الذي أبلى، جزاه الله، بلاءً حسنا بحيث أبدى اهتمامًا بالغًا وصحح كثيرًا من الأعمال مستخدمًا فيها خبرته الشخصية.
كما ذكرت أنه لم يتم توجيه دعوة للتبرعات لهذا المشروع مع أنه كان مشروعًا كبيرًا جدًّا، وكانت هناك مشاريع كبيرة أخرى تجري على قدم وساق في بلاد أخرى لاسيما في قاديان وفي مالي وفي تنزانيا وغيرها، وكنت أقلق أحيانًا من أن نضطر إلى إيقاف مشروع منها لبعض الوقت، ولكن الله تعالى كان يمنّ علينا فظل العمل في جل المشاريع جاريا. أنشئت في تنزانيا بناية ذات طوابق عديدة تشتمل على مكاتب الجماعة ومرافق أخرى بالإضافة إلى مسجد جديد، فإنه مُجَمَّع كامل. كما أنشئ في مالي مسجد كبير جدًّا إضافة إلى بنايات أخرى فهو أيضا مجمع كامل وجميل جدًّا بحيث يثني عليه كل زائر. أصبح الناس يقولون في مالي الآن أنه يتضح من إنشاء هذا المسجد الكبير والمباني الأخرى أن هذه الجماعة ثرية جدًّا. لسنا أثرياء من حيث الدنيا بل نحن أثرياء بأفضال الله حيث يمن الله تعالى علينا بأفضاله. وسينزل الله تعالى علينا أفضاله ما بقينا نسأله إياها، وسينزل علينا فضله ما بقينا نؤدي حقه. وفقنا الله تعالى لذلك. آمين.
لقد ذهب طبيب من أمريكا إلى مالي مؤخَّرا بعد أن كرّس نفسه ليخدم هناك لفترة مؤقتة، يقول هذا الطبيب: لما كنت في الطريق من المطار إلى مركز الجماعة رأيت من بعيد مسجدًا جميلا ومبنى ضخمة فسألت سائق السيارة: لمن هذا المسجد الجميل الذي أنشئ هنا؟ فقال: هذا مسجد الأحمديين وإليه تتوجه الآن. فكل زائر يثني على هذا المشروع الذي كان كبيرًا جدًّا واكتمل بفضل الله تعالى، ولقد قامت بالتصميم مؤسسة المهندسين الأحمديين من هنا، فجزاهم الله أحسن الجزاء.
على أية حال ندعو الله تعالى أن يمن علينا بأفضاله وأن تكتمل المشاريع المستقبلية أيضا التي هي قيد الإنجاز حاليا، وأن يوفق الله تعالى لإكمال مشاريع أخرى أيضا.
إن هذه المشاريع كلها اكتملت وتكتمل من خلال روح التضحيات المالية التي حظيت بها الجماعة بشكل عام وستكتمل مشاريع أخرى هكذا في المستقبل أيضا. إن شاء الله.
زاد الله تعالى السعة المالية لأفراد الجماعة وبارك في أموالهم ونفوسهم.
وبناء على كل ذلك أستطيع أن أقول أن هذه المشاريع قد اكتملت بدون أية دعوة خاصة للتبرعات لها، وبما أنها أنجزت من خلال الميزانية العامة للجماعة لذلك يمكن القول أن جميع فروع الجماعة في العالم ساهمت فيها وليس هناك تحديد لفرع من الفروع أنه ساهم أكثر من غيره. جزاهم الله تعالى جميعًا أحسن الجزاء وبارك في أموالهم ونفوسهم بركات مستمرة. آمين.