خطبة الجمعة
التي ألقاها أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز
الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي u بتاريخ 20/3/2020م
في مسجد المبارك في إسلام آباد ببريطانيا
******
بعد ثلاثة أيام يأتي يوم الثالث والعشرون من آذار/مارس، ففي هذا اليوم بدأ سيدنا المسيح الموعود u أخْذ البيعة وبذلك وضع أساس الجماعة الإسلامية الأحمدية رسميا. الجماعة تحتفل بهذا اليوم باسم “يوم المسيح الموعود” وبهذه المناسبة تقام البرامج أيضا وتصدر الخطب حول دعوى سيدنا المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام والهدفِ من بعثته. وصحيح أن ثلاثة أيام باقية لكن ينبغي ألا ننتظر إلى الجمعة القادمة لذا أود أن أعرض عليكم اليوم بعض المقتبسات حول هذا الموضوع من كلام حضرته u بنصها.
قد لا تُعقد الجلسات بهذه المناسبة هذا العام في شتى البلاد والمناطق بسبب الوباء المتفشي في هذه الأيام، لذا سوف تُبثّ البرامج المختلفة بهذه المناسبة على القناة إضافة إلى خطبتي، ويجب أن يشاهدها كل أحمدي في البيت مع أولاده.
كان سيدنا المسيح الموعود u قد بُعث في العالم من أتباع النبي r لمواصلة عمله r ونشْر دينه في أنحاء العالم كله، فقد قال في موضع عن هذا الموضوع:
“إنني أصلِّي على النبي r، فقد أقام الله هذه الجماعة من أجله r حصرا، وبفضل فيوضه وبركاته تظهر هذه التأييدات. إنني أقول بكل وضوح، وهذا هو اعتقادي وديني؛ أنه لا يمكن لأحد أن ينال فيضا روحانيا أو فضيلة إلا باتّباعه واقتفاء أثره r.”
وبسبب الفيض الروحاني الذي ناله u من النبي r فقد أرسله الله I لإصلاح العالم، وإقامة مجد الإسلام وشوكته في العالم من جديد، وقد قال u في موضع باللغة العربية: “وأرسلني ربي لإصلاح الخلق.”
ثم قال u موضحا بعثتَه أكثر:
“سأعلن مرارا وتكرارا، ولا يسعني الامتناع عن ذلك، أني قد أُرسلتُ في الوقت المناسبِ لإصلاح الخلق لكي يقام الدين في القلوب مجددا. لقد أُرسلتُ كما أُرسل- بعد كليمِ الله I الرجل الإلهي- مَن رُفعت روحُه إلى السماء بعد معاناة شديدة في عهد حُكمِ هيرودس”.
ثم قال حضرته u معلنا أن المسيح الموعود الذي تنبأ به النبيُّ r قد ظهر في وقته:
“فيا أيها الإخوة، أناشدكم بالله ألا تتعصبوا لرأيكم ولا تتعنتوا، فقد كان ضروريا أن أقدِّم أمورا أخطأتم فهمها. فلو كنتم على جادة الصواب مسبقا، لما كانت الحاجة لمجيئي أصلا؟ لقد قلت مرارا إني جئت بصفة ابن مريم لإصلاح هذه الأمة، وجئت كما جاء المسيح ابن مريم لإصلاح اليهود. وإنني مثيله، لأنني قد كلِّفت بالمهمة نفسها- ومن النوع نفسه- التي كلِّف بها هو u. لقد حرّر المسيحُ بعد ظهوره اليهودَ من كثير من الأخطاء والأفكار التي لا أصل لها؛ منها أن اليهود كانوا يأملون عودة النبي إيليا إلى الدنيا ثانيةً، كما يأمل المسلمون اليوم عودة المسيح ابن مريم رسول الله، ولقد قال المسيح ابن مريم: لن ينزل النبي إيليا من السماء بل يوحنا (يحيى بن زكريا) هو إيليا، فمن شاء فليؤمن، وبذلك قد أزال خطأ قديما، وسُمِّي على لسان اليهود ملحدا ومنحرفا عن الكتب، ولكنه مع ذلك أماط اللثام عن وجه الحقيقة. والحال نفسه ينطبق على مثيله أيضا، إذ قد لُقّب- مثل المسيح u- بالملحد. أليست هذه المماثلة من الطراز الأسمى؟”
لقد أخبر المسيح الموعود u كل قوم وأتباع كل دين- وليس المسلمين فقط- عن أهمية بعثته، فقال في موضع عن ذلك:
“وفي الأخير أريد أن أوضّح أيضا أن مجيئي من الله تعالى في هذا الزمن لا يهدف إلى إصلاح المسلمين فقط، بل قُصد به إصلاح الأمم الثلاث؛ المسلمين والهندوس والمسيحيين. وكما أرسلني الله تعالى مسيحا موعودا للمسلمين والنصارى، كذلك أنا “أوتار” (أي مبعوث) للهندوس أيضا. وأعلن منذ عشرين عاما أو أكثر أني جئت بصفة المسيح ابن مريم لإزالة الذنوب التي مُلئت بها الأرض، كذلك جئت بصفة الراجا “كرشنا” أيضا؛ الذي كان نبيا من الأنبياء الكبار في الهندوسية، أو يمكن القول كأني هُوَ هُوَ من الناحية الروحانية. وهذا الكلام ليس من بنات أفكاري أو تخمينا مني، بل هذا ما كشفه عليّ اللهُ رب السماء والأرض. وليس مرةً واحدة بل أخبرني مرارا أنني “كرشنا” للهندوس و”المسيح الموعود” للمسلمين والمسيحيين.
أعلم أن الجهلاء من المسلمين سيقولون عنّي فورَ سماعهم هذا الكلام: إنه قَبِل الكفر صراحة بإطلاقه اسم كافرٍ على نفسه، ولكن هذا وحيٌ من الله تعالى ولا يسعني إلا أن أُصرّح به. واليوم هو اليوم الأول الذي أطرح فيه هذا الأمر أمام جمع غفير كهذا لأن الذين يأتون من الله تعالى لا يخافون لومة لائم.”
هذا ما قال حضرته في محاضرة سيالكوت التي ألقاها في جمع غفير للمسلمين والهندوس.
ثم يقول سيدنا المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام مبيِّنا أهمية بعثته:
“إن عدم استجابة المرء لأوامر الله I يؤدي إلى معصية الله، فمثلا يأتي شرطيٌّ بسيط من قِبل الحكومة بأمر فالذي لا يمتثل لهذا الأمر يُعدّ مجرما ويعاقَب. إذا كان هذا هو حال الحكام الماديين، فما أكبر العصيان إن عصى المرء أمر أحكم الحاكمين واستخفّ به ولم يقدّره. إن الله غيور وقد أرسل بحسب الحكمة عند الضرورة بعينها على رأس القرن الفاسد شخصا ليدعو الناس إلى الهداية. إن الإعراض عن حِكم الله كلها ذنب كبير.”
ثم قال u: “إن عقل الإنسان لا يساوي حكمة الله. ما حقيقة الإنسان حتى يدّعي كونه أعلم من حكمة الله. إن حكمة الله بدَهية وأجلى في هذا الوقت. كان هناك زمن لو ارتد فيه شخص واحد عن الإسلام ثارت ضجة، أما الآن فقد ديس الإسلام تحت الأقدام لدرجة أنه قد ارتد عنه مئة ألف شخص. لقد شُنَّت على دين مقدس ومطهَّر مثل الإسلام هجماتٌ كثيرةٌ إذ تُنشر آلاف الكتب بل مئات الآلاف منها مليئة بالشتائم ضد النبي r، وتُنشر المجلات بالملايين. فإذا جُمع في مكان واحد ما يُنشر ضد الإسلام لصار جبلا كبيرا. إن حالة المسلمين توحي كأنه لا حياة فيهم بل ماتوا كلهم. وإذا بقي الله أيضا صامتا واجما فماذا يمكن أن تؤول إليه الحال. إن صولة الله تكون أقسى من ألف صولة الإنسان، وبصولته ستعلو كلمة الدين. يثير النصارى ضجة منذ 1900 عام أن عيسى إله، وظل دينهم يزدهر باستمرار، والمسلمون ينصرونهم أكثر. الحربة الكبرى في أيدي المسيحيين هي أن المسيح حي ونبيكم r ميت. لقد قدم الأسقف الأعلى في لاهور هذا الأمر في مجمع حاشد ولم يستطع مسلم أن يردّ عليه. فقام من جماعتنا السيد مفتي محمد صادق الذي كان موجودا هنا، وأثبت من القرآن والحديث والتاريخ والإنجيل وغيره أن عيسى u ميت ونبينا الأكرم r حيٌّ لأن أصحاب الكرامات والخوارق المستفيضين ببركته r ظلوا موجودين دائما، فلم يُطِق الأسقف جوابا.”
قال u: “ذات مرة نشرتُ للمسيحيين إعلانا في لدهيانه قلت فيه أن اختلافنا معكم ليس كثيرا بل هناك أمر بسيط وهو أن تؤمنوا بأن المسيح مات ولم يصعد إلى السماء. ماذا يضركم في ذلك؟ فتضايقوا من ذلك كثيرا وقالوا لو قبِلنا أن عيسى مات ولم يصعد إلى السماء لما بقي في العالم مسيحي. قال u: اعلموا أن الله عليم وحكيم، وقد اختار أسلوبا يؤدي إلى هلاك العدو. لماذا يصر المسلمون على هذه القضية؟ هل كان عيسى أفضل من النبي r؟ إذا كنتم تخاصمونني فلا تتجاوزوا الحدود، على الأقل، ولا ترتكبوا ما يضر بالإسلام. إن الله تعالى لا يختار أسلوبا معيبا، واعلموا أنكم لا تستطيعون أن تكسروا الصليب بدون هذا الأسلوب.” (الملفوظات)
ثم قال المسيح الموعود u في مناسبة: “أما المهمة التي بعثني الله من أجلها؛ فهي أن أزيل الكدر الحاصل في العلاقة بين الله وخَلْقه، وأرسي بينهما صلة المحبة والإخلاص ثانيةً؛ وأن ألغي الحروب الدينية بإظهار الحق مُرسِيًا دعائم الصلح، وأكشف الحقائق الدينية التي اختفت عن أعين الناس، وأقدم نموذجا للروحانية التي صارت مدفونة تحت ظلمات النفوس، وأكشف- بالحال لا بالقال فقط- تلك القوى الربانية التي تسري في الإنسان ثم تتجلى فيه نتيجة إقباله على الله تعالى أو نتيجة التركيز والدعاء. وفوق كل ذلك، أن أغرس في القوم من جديد؛ غرسًا خالدًا للتوحيدِ- الذي قد اختفى الآن- الخالص النقي اللامع الخالي من أية شائبة من شوائب الشرك. ولكن لن يحدث كل ذلك بقوتي أنا، بل بقدرة الله؛ فهو رب السماء والأرض. فمن ناحيةٍ أرى أن الله تعالى قد ربّاني بيده وشرّفني بوحيه وأودع قلبي حماسا لأن أقوم بمثل هذه الإصلاحات، ومن ناحية ثانية أَعَدّ قلوبا لتكون مستعدة لقبول كلامي. وأرى أن هناك انقلابا عظيما يحدث في الدنيا منذ أن بعثني الله تعالى بأمر منه.” (محاضرة لاهور)
هذا المقتبس كان من محاضرة لاهور. ثم بين حضرته u أن الله تعالى لإظهار رحمته ولحماية عباده يرسل رسله والمصلحين وعباده الأخيار، فقال: “إن سنّة رب العالمين القديمة هي أنه كلما بلغت الشدة والصعوبة في الدنيا منتهاها، توجّهت الرحمة الإلهية إلى إزالتها: فكلما أوشك الخلق على الهلاك بسبب حدوث المجاعة الشديدة في الدنيا نتيجة إمساك المطر، نزَّل الله تعالى المطر. وكلما أوشك مئات الآلاف من الناس على الموت نتيجة أحد الأوبئة، اختُرعت طريقة ما لتنقية الجو أو اكتُشف دواء. وحينما يقع قوم في قبضة ظالم، يُخلق عادلٌ مُغيث في نهاية المطاف. كذلك حين يضل الناس عن سبيل الله تعالى ويتركون التوحيد والصدق، يهب الله تعالى عبدا من عباده بصيرة كاملة من عنده ويشرِّفه بكلامه وإلهامه ويبعثه لهداية بني آدم ليصلح ما فسد. إن حقيقة هذا الأمر هي أن الرب -الذي هو قيوم الكون، وعليه يعتمد وجود العالم وبقاؤه- لا يحرم الخلق من صفة من صفات إفاضته ولا يعطلها أو يبطلها، بل تظهر كل صفة من صفاته في وقتها المناسب على الفور.” (البراهين الأحمدية)
ثم قال المسيح الموعود u في موضع: “كم هو مبارَك وسعيد مَن كان قلبه طاهرا، ويسعى لإظهار جلال الله وعظمته لأن الله يقدّمه على الآخرين. إن القضية بيننا وبين الذين يعارضونني مطروحة أمام الله وهو أعلم بما في صدرونا ويعلم من كان ينوي الرياء والمباهاة الدنيوية فقط ومن كان يكنّ في قلبه حرقة لوجه الله. قال u: اعلموا يقينًا أن الروحانية لا تصعد ما لم يكن القلب طاهرا وعندما تتولد الطهارة والنزاهة في القلب تتولد فيه قوة وقدرة خارقة للتقدم وتتهيأ له أسباب من كل نوع فيظل يتقدم. انظروا إلى النبي r أنه كان وحيدا فريدا وفي تلك الحالة من عدم الحيلة ادّعى قائلا: ]يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا[ (الأَعراف:159)، منَ كان له أن يتصور حينئذ نجاح هذا الادعاء لشخص عديم الحيلة مثله؟ وإضافة إلى ذلك واجه من المصائب ما لم نواجه جزءاً من ألف منها.” (الملفوظات)
ثم قال المسيح الموعود عليه السلام وهو ينصح العالم عامة:
“إن نصيحتنا الأخيرة هي: عليكم أن تهتموا بإيمانكم، مخافة أن تُعَدوا عند الله ذي الجلال من المتمردين بسبب استكباركم وإهمالكم. انظروا كيف أن الله تعالى قد نظر إليكم عندما كنتم بحاجة إلى نظره، فاسعوا لكي تكونوا وارثين للسعادة كلها.
لقد نظر الله من السماء فوجد أن الشخص الذي كتب له العز يُداس تحت الأقدام، وأن الرسول الذي هو أفضل الرسل يُسَبّ ويُعَدّ من الأشرار والكذابين والمفترين، وأن كلامه الذي هو القرآن الكريم يُذكر بكلمات مسيئة ويُقال إنه كلام البشر. فحقق الله وعده المذكور في قوله تعالى: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون.
فاليوم يوم تحقُّق ذلك العهد. لقد أثبت الله لكم بهجمات قوية وآيات متنوعة أن هذه الجماعة هي جماعة الله تعالى. هل رأت أعينكم من قبل آياتِ الله القطعية اليقينية كما ترونها الآن. لقد حارب الله من أجلكم الأممَ الأخرى كالمصارعين وغلبها. ألا إن قضية “آتهم” كانت بمثابة مصارعة. ابحثوا وأخبروا أين آتهم الآن؟ ألا إنه تحت التراب اليوم. لقد أُمهِلَ أيامًا قلائل وفق الشرط المتضمن في الوحي، ثم طبقًا للشرط نفسه أُخِذَ.
والمصارعة الثانية هي قضية ليكهرام. فكّروا الآن وانظروا كيف صار الله غالبا في هذه المصارعة أيضا. لقد رأيتم بأم أعينكم كيف أن علامات هلاكه قد تحققت كلها تماما كما كانت مذكورة في النبوءة الإلهامية سلفًا. لقد جعلت آيةُ الله القهرية أمةً (الهندوسَ) عرضةً لأحزانٍ شديدة. هل رأيتم من قبل آيةَ الله تظهر هكذا بهذا الجلال بين أيديكم وأمام أعينكم؟ فيا ذرية المسلمين لا تسيئوا إلى أفعال الله.
والمصارعة الثالثة هي مؤتمر الأديان المسمى “جلسة مهوتسو”. انظروا كيف أن الله تعالى قد جعل الإسلام غالبا في تلك المصارعة أيضا، وأراكم آيته، وكشف لعبده سلفًا أن محاضرته تكون هي الغالبة، ثم جعلها الله غالبة بالفعل، وألقى الحضورَ كلهم في حيرة شديدة بتأثير هذه المحاضرة. هل كان هذا فعل غير الله أم فعله هو؟”
هذا المؤتمر الذي يتحدث عنه المسيح الموعود عليه السلام والذي قُرئ فيه كتابه “فلسفة تعاليم الإسلام”، كان الله تعالى قد أخبره عن نجاح مقاله سلفا، وكان عليه السلام قد نشر الإعلان عن ذلك، ثم إن الأغيار أيضا قد اعترفوا على الملأ بأن هذه المحاضرة كانت هي الغالبة يقينا.
ثم يقول المسيح الموعود عليه السلام: “والمصارعة الرابعة هي القضية التي رفعها الدكتور كلارك ضدّي، والتي اتفقت فيها الأمم الثلاث، الآريا الهندوس والمسيحيون والمسلمون الذين يعارضونني، على أن يثبتوا صحة تهمة محاولة القتل الموجهة ضدي. وكان الله تعالى قد كشف لي قبل الأوان أن هؤلاء سوف يفشلون في قصدهم، وكنت قد أخبرت قرابة مئتي شخص بهذا الوحي سلفًا، وكان الفتح لنا في النهاية.
والمصارعة الخامسة هي قضية مرزا أحمد بيك الهوشياربوري، الذي كان أعزاؤه وأقاربه يسخرون من الإسلام، وكان بعض المرتدين الشديدين منهم يُكذِّبون القرآن الكريم تكذيبا شديداً، وكانوا يطلبون مني آية على صدق الإسلام بإطلاق لسانهم ضد الإسلام بسوء وينشرون الإعلانات. فأعطاهم الله آية بأن قريبهم أحمد بيك سيموت خلال ثلاث سنوات بعد مشاهدة عدد من الوفيات والمصائب، وهذا ما حدث، فمات خلال الميعاد، ذلك لكي يعلموا أن لكل تجاسر عقوبةً.”
فقد حذر عليه السلام العالم بألا يحاربوا المبعوث الرباني، فمادام الله تعالى قد أرسله فلا بد أن يؤيده وينصره ويري الآيات أيضا.
وقال عليه السلام: “لقد قال الله تعالى لي بكلمات قوية: جاء نذير إلى الدنيا، فلم تقبله، ولكن الله تعالى سيقبله وسيُظهِر صدقه بصولات قوية.”
فإن الجماعة الإسلامية الأحمدية المنتشرة في أكثر من 200 دولة في العالم اليوم تعلن أن الله تعالى لم يبرح يظهر صدقه عليه السلام للعالم . ندعو الله تعالى أن يوفقنا للمساهمة في نشر مهمته عليه السلام في العالم، ويزيدنا إيمانا وإيقانا، ويوفقنا للقيام بواجباتنا.
أقرأ عليكم الآن بعض التعليقات والتحاليل التي قام بها أهل الدنيا حول الوباء المتفشي في العالم في هذه الأيام. فقد كتب فيليب جونستن في جريدة ديلي تيليغراف في يوم 18 مارس 2020: لقد ورد في تقارير نيتفلكس وما يماثله من المواقع أن في هذه الأيام إقبالا كبيرا على مشاهدة فيلم صُنع في 2011 واسمه كونتاجيون. وقصة هذا الفيلم تدور حولَ انتشارِ فيروسٍ في العالم، وبذلِ علماء الطب ومسؤولي المؤسسات الطبية لتشخيص هذا المرض واحتوائه جهودًا مضنية، وانهيارِ نظام المجتمع، وفي الأخير التعرفِ على لقاح له. ثم كتب: لعل رغبتنا في الأفلام المتعلقة بدمار العالم راجعةٌ إلى الاستقرار والتقدم اللذين نتمتع بهما منذ مدة طويلة، ولعل الأكثرية منا تظن أنهما سيظلان على الدوام. من المحير أن عالمنا قد انقلب رأسا على عقب خلال أسبوعين فقط.
ثم يقول: لقد باءت خططنا كلها بالفشل، وإن آمالنا عن المستقبل غير يقينية.
ثم كتب: لم يكن لخطرِ نشوب الحرب النووية خلال فترة الحرب الباردة ولا لشتى الأزمات الاقتصادية الحالية هذا التأثيرُ السيء على العالم كما هو تأثير هذا الوباء.
ثم كتب: في الحرب العالمية الماضية كان الناس يرتادون المسارح ودور السينما والمطاعم والنوادي والمقاهي والحانات، وكانت هذه الأشياء متوفرة للناس في تلك الأيام ولكنها ليست مهيأة لنا اليوم. ثم يقول: معظمنا قد شبّوا وترعرعوا بعد الحرب العالمية الثانية، وقد توقعنا دائما الاستقرار والسكينة التي لم تتصورها الأجيال السابقة قط، ولم يعيشوا في ظروف مثلها حتى يفكروا فيها. ويتابع المحلل قائلا: نتوقع أن تتقدم العلوم لنجدتنا باكتشاف مَصْلٍ أو علاج لمقاومة هذا الفيروس، ولعل هذا سيحدث على صعيد الواقع. وقد بدأت التجارب على المتطوعين من الناس في مدينة أميركية Seattle، ولكن الخبر السيئ هو أننا قد لا نعلم إذا كان هذا المصل مفيداً أم لا إلا بعد عدة أشهر؟ لقد مرّ الناس على مدى التاريخ كله بمثل هذه الظروف مستندين إلى معتقداتهم. (أي كلما نشأت في التاريخ القديم ظروف خطيرة كتلك الظروف السائدة الآن استند الملحدون إلى معتقداتهم ومروا بتلك الظروف، ثم توجهوا إلى الله تعالى ليعترفوا بما جرى لهم ولأحبائهم ويعيروا للأمر أهمية).
ثم يقول المعلق المذكور: إن الملحدين يتبنّون دائما في مثل هذه الظروف نظريات علمانية ليطُمْئِنوا أنفسَهم. هذه الفكرة التي يتبناها الملحدون تُعَدّ من حيث المبدأ فكرة التنوير، إذ يحسبون أن من شأن المساعي البشرية أن تُحسِّن عمل الطبيعة دائما، ولا حاجة إلى ربطه مع قدر الله I أو غضبه. وكم مرة سمعنا الناس يقولون أن الأمور سوف تعود إلى طبيعتها لأن العلماء سيكتشفون حلا لها سوءا أكانت قضية ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية أم الأمراض الوبائية. وسنعرف عما قريب، هل هذا الأمل في محله أم لا. ثم يقول: وإن لم يكن الأمر كذلك فقد أعود إلى الكنيسة، لأنني ما زلت بعيدا عن الدين إلى الآن. والشواهد البادية للعيان توحي أنه إن لم يحدث ما يقوله العلماء فلا بد لنا من التفكير هل يجب أن نعود إلى الكنيسة (أي إلى الدين) أم لا؟
أقول: لقد أكره هذا الفيروس العالَـمَ على التفكير في التوجه إلى الله ولكن الإله الحقيقي والحي هو إله الإسلام فقط الذي أعلن أن الذين يريدون أن يأتوه فهو يهديهم سُبله. وأعلن أن الذين يخطون خطوة واحدة نحوه فهو يخطو إليهم عدة خطوات ويمسك بيدهم ويؤويهم في ملاذه. ففي ظل الظروف السائدة نحن بحاجة ماسة إلى أن نصلح أنفسنا ونبلّغ دعوتنا بصورة مؤثرة، ونعرّف العالم بالإسلام أكثر من ذي قبل. يجب على كل أحمدي أن يخبر الناس أنه إن كنتم تريدون بقاءكم فاعرِفوا الإله الذي خلقكم، وإن كنتم تودّون أن تكون عاقبتكم حسنة فاعرِفوا خالقكم- لأن العاقبة الحقيقية هي عاقبة الحياة الأخروية- ولا تشركوا به أحدا، وأدّوا حقوق خلقه.
فعلينا جميعا أن نسعى جاهدين للعمل بهذه الأمور، وفق الله الجميع لذلك.
لقد بدأ الناس الماديون أيضا يقولون الآن إن الآفات سوف تكون في ازدياد مستمر، لذا –كما قلت من قبل أيضا إنه من الضروري جدا أن نعود إلى الله تعالى لتحسين أحوالنا ونخبر العالم أن العاقبة الحقيقية هي عاقبة الحياة الأخروية، ولهذا الغرض لا بد لكم من الرجوع إلى الله تعالى.
هناك خبير آخر قام بالإنذار بهذا الشأن وقد نُشر مقاله في جريدة The Times بتاريخ 6 آذار/مارس هذا العام، فقال فيه إنه بسبب هذا الفيروس الخطير هناك إمكانية كبيرة لحدوث التغييرات الجينية بكثرة، كذلك هناك إمكانية بانتشار فيروس “كورونا” الجديد في العالم في غضون البضعة أعوام القادمة. وقال أيضا: لعل مرضا جديدا سينتشر بعد ثلاثة أعوام من الآن.
وكتب “بلومبروغ” أيضا مقالا قال فيه إنه يمكن أن يتغلب العلماء على فيروس “كورونا”، ولكن حرب البشرية ضد الأمراض الوبائية لن تنتهي، وأن الجراثيم -في هذا العصر المتطور- في حربها مع البشرية سوف تحرز تفوقًا وتقدمًا ملحوظًا مرة أخرى.
وقالت منظمة الصحة الدولية إنه منذ 1970 إلى الآن قد تمّ اكتشاف أزيد من 1500 فيروس جديد. وإن الأمراض الوبائية في القرن الواحد والعشرين تنتشر بسرعة وإلى أماكن بعيدة أكثر بكثير مما سبق. وإن الأوبئة التي كانت تتحدد سابقًا في بعض المناطق الخاصة يمكنها الآن أن تنتشر بسرعة كبيرة على المستوى العالمي. على أية حال، هناك تفاصيل طويلة لهذه الأمور ولا يمكنني تناولها هنا، ولكن كما قلت ينبغي علينا أن نوثق صلتنا بالله تعالى أكثر من ذي قبل لتكون عاقبتنا هي الحسنى، وفقنا الله تعالى لذلك آمين.
لقد أعطيتكم تعليمات عن وباء الكورونا قبل هذا وأذكركم هنا أيضا لأنه ينتشر الآن بسرعة فائقة في العالم كله، يظهر أثره هنا أيضا كثيرًا جدًّا، والآن اضطرت الحكومة لأن تتخذ بعض الخطوات وتأخذ بعض الإجراءات الصارمة والكبيرة. عندما تنتشر الأمراض الوبائية فبإمكانها أن تصيب الجميع، لذلك على الجميع الالتزام بالحيطة الشديدة، والالتزام بتعليمات الحكومة. وهناك حاجة ماسة لأخذ الحيطة والحذر بشدة خصوصاً للمتقدمين في السن أو من كانت لديهم أمراض تُضعف من مناعة أجسامهم . وعلى المتقدمين في السن أن يقلّلوا خروجهم من البيت – هذا ما أعلنته الحكومة أيضا – إلا إذا كانت صحتهم جيدة جدًّا، وإلا فليلزموا بيوتهم عمومًا. وعليهم أن يحتاطوا عند مجيئهم إلى المسجد، ولْيصلّوا الجمعة أيضا في مسجد منطقتهم – وهو أمر يظهر من خلال الحضور هنا أن معظم الناس يصلون الجمعة الآن في مناطقهم- إلا إذا فرضت الحكومة الحظر على اجتماعات الجمعة أيضا. ينبغي على السيدات عمومًا أن يجتنبن المجيء إلى المسجد لأنهن يأتين بالأولاد فعليهن الاجتناب.
ثم يقول الأطباء في هذه الأيام أنه ينبغي الاهتمام بالراحة الكافية من أجل رفع مستوى المناعة للجسم، وبالتالي فينبغي على الكبار والأطفال معًا أن يأخذوا قسطًا من الراحة الكافية والنوم الكامل بحيث يجب على الكبار أن يناموا من ست إلى سبع ساعات، أما الأطفال فينبغي أن يناموا من 8 إلى 10 ساعات بدلا من أن يقضوا لياليهم أمام التلفاز أو يظلوا ساهرين إلى الثانية عشرة ليلا مما يؤدي إلى صعوبة الاستيقاظ لصلاة الفجر؛ ثم بعد النوم بساعات قليلة يستيقظون صباحًا ويستعجلون الذهاب إلى العمل حيث يواجهون صعوبة العمل ويسودهم طوال اليوم الكسل الذي ينتج عن التعب والضعف وهو ما يجعلهم أكثر عرضة لمثل هذه الأمراض الوبائية من غيرهم. فيجب التركيز على هذا الأمر، والخلود إلى النوم مبكّرًا، كما ينبغي تعويد الأطفال أيضا على النوم مبكرًا والاستيقاظ مبكرًا بعد أخذ النوم حوالي 8 أو 9 ساعات. إضافة إلى ذلك ينبغي الامتناع عن تناول الوجبات الجاهزة من السوق لأنها أيضا تؤدي إلى انتشار الأمراض ولاسيما أكياس شيبس أي رقائق البطاطس المحمرة -التي يعطيها الناس للأولاد- فإنها لاحتوائها على موادّ حافظةٍ خطيرةٌ وضارةٌ بالصحة، وإنها تضعف جسم الإنسان رويدًا رويدًا، ينبغي الامتناع من تناولها نهائياً.
ثم يقول الأطباء أنه ينبغي شرب الماء في هذه الأيام مرة بعد أخرى، فمن الضروري تناول جرعة أو جرعتين باستمرار بعد كل ساعة أو نصف ساعة أو ثلاث أرباع الساعة، فإنه ذريعة أيضا للوقاية من هذا المرض. ينبغي الحفاظ على نظافة اليدين، والمداومة على غسلهما بانتظام إن لم تتيسر المواد المطهّرة، بل كما قلت سابقًا إن الذي يتوضؤون خمس مرات يوميًا يجدون فرصة لتنظيف الأيادي بشكل جيّد، وعليهم أن يفعلوا ذلك بكل اهتمام.
أما بالنسبة إلى العطس فلقد قلت أيضا أنه سواء أَعَطِسَ المرء في المسجد أو جالسًا في البيت فعليه تغطية الأنف باستخدام المنديل، وينصح بعض الأطباء باستخدام أعلى الكوع لتغطية الأنف عند العطس وذلك حتى لا يتطاير الرذاذ هنا وهناك. على أية حال، إن النظافة ضرورية جدًّا، وينبغي الاهتمام بها، ولكن الحربة الأخيرة هي الدعاء، ويجب الدعاء أن ينقذنا الله تعالى جميعًا من شر هذا الوباء.
عليكم أن تتوجهوا بالدعاء بشكل خاص لجميع الأحمديين أيضا الذين أصيبوا بهذا المرض لسبب ما أو يشك الأطباء في أنهم مصابون بهذا الفيروس أو أنهم مصابون بأي مرض آخر، فينبغي أن تدعو للجميع، لأنه يمكن أن يهاجم هذا الفيروس أكثر عند الضعف الناتج عن أي مرض كان. فادعو لهم أن ينقذهم الله تعالى ويحفظهم. وبشكل عام يجب أن تدعو للجميع أن يحفظ الله تعالى العالم كله من شر هذا الوباء، ويشفي المرضى شفاء كاملا، وأن يشفي الله تعالى جميع الأحمديين وإلى جانب ذلك يزيدهم قوة في الإيمان واليقين. آمين.