خطبة الجمعة
التي ألقاها أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز
الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي u بتاريخ 22/1/2021م
في مسجد مبارك، إسلام آباد تلفورد بريطانيا
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرّجيم. ]بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم* الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يوْم الدِّين * إيَّاكَ نعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهمْ وَلا الضَّالِّينَ[، آمين.
سأبدأ اليوم ذكر حضرة عثمان t الذي سيستمر لبضعة أسابيع إن شاء الله. والجدير بالذكر أولا أن عثمان t لم يشهد بدرا ولكنه من أولئك السعداء الثمانية من الصحابة الذين حسبهم النبي r من شاهدي بدر إذ أعطاهم نصيبا من غنائم بدر.
اسمه عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب، ويلتقي نسبه بنسب رسول الله r في عبد مناف. وأمه أروى بنت كريز، وأمها أم حكيم البيضاء بنت عبد المطلب، وهي شقيقة عبد الله والد النبي r، ويقال: إنهما ولدا توأما. وقد أسلمت أم عثمان بعد صلح الحديبية، وعاشت في المدينة حتى ماتت في خلافة ابنها عثمان، وأما أبوه فتوفي في الجاهلية. قيل عن كنية عثمان t أنه كان يكنى في الجاهلية أبا عمرو، فلما ولد له من رقية بنت رسول الله غلام سماه عبد الله، واكتنى به، فكناه المسلمون أبا عبد الله. (سيرة أمير المؤمنين عثمان بن عفان t شخصيته وعصره)
قال ابن إسحاق: زوّج النبيّ r ابنته رقية من عثمان، وماتت عنده في أيام بدر، فزوّجه بعدها أختها أم كلثوم، فلذلك كان يلقّب ذا النّورين. (الإصابة في معرفة الصحابة)
وقيل في رواية: سمي بذي النورين لأنه كان يكثر من تلاوة القرآن في كل ليلة في صلاته، فالقرآن نور وقيام الليل نور. (سيرة أمير المؤمنين عثمان بن عفان t شخصيته وعصره)
وأما ولادته فولد في مكة بعد عام الفيل بست سنين على الصحيح، وقيل: ولد في الطائف، فهو أصغر من رسول الله r بنحو خمس سنين. (سيرة أمير المؤمنين عثمان بن عفان t شخصيته وعصره)
وورد عن إسلامه عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ: خَرَجَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ وَطَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ عَلَى أَثَرِ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فَدَخَلا عَلَى رَسُولِ اللهِ r فَعَرَضَ عَلَيْهِمَا الإِسْلامَ وَقَرَأَ عَلَيْهِمَا الْقُرْآنَ وَأَنْبَأَهُمَا بِحُقُوقِ الإِسْلامِ وَوَعَدَهُمَا الْكَرَامَةَ مِنَ اللهِ. فَآمَنَا وَصَدَّقَا، فَقَالَ عُثْمَانُ: يَا رَسُولَ اللهِ قَدِمْتُ حَدِيثًا مِنَ الشَّامِ فَلَمَّا كُنَّا بَيْنَ مَعَانٍ وَالزَّرْقَاءِ (معان مدينة في جنوب الأردن قريبة من حدود الحجاز والزرقاء تقع إل الشمال من معان نحو 250 كم) فَنَحْنُ كَالنِّيَامِ إِذَا مُنَادٍ يُنَادِينَا أَيُّهَا النِّيَامُ هُبُّوا فَإِنَّ أَحْمَدَ قَدْ خَرَجَ بِمَكَّةَ. فَقَدِمْنَا فَسَمِعْنَا بِكَ. وَكَانَ إِسْلامُ عُثْمَانَ قَدِيمًا قَبْلَ دُخُولِ رَسُولِ الله r دَارَ الأَرْقَمِ. (الطبقات الكبرى لابن سعد ج3)
تعرض للاضطهاد أيضا بعد إسلامه، قال مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ عَنْ أَبِيهِ: لَمَّا أَسْلَمَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أَخَذَهُ عَمُّهُ الْحَكَمُ بْنُ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ فَأَوْثَقَهُ رِبَاطًا وَقَالَ: أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ آبَائِكَ إِلَى دِينٍ مُحْدَثٍ؟ وَاللهِ لا أَحُلُّكَ أَبَدًا حَتَّى تَدَعَ مَا أَنْتَ عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الدِّينِ. فَقَالَ عُثْمَانُ: وَاللهِ لا أَدَعُهُ أَبَدًا وَلا أُفَارِقُهُ. فَلَمَّا رَأَى الْحَكَمُ صَلابَتَهُ فِي دِينِهِ تَرَكَهُ. (الطبقات الكبرى لابن سعد ج3)
وأما زواجه من السيدة رقية رضي الله عنها فورد أنه قبل دعوى النبي r النبوة كانت رقية تحت عتبة بن أبي لهب، وأختها أم كلثوم تحت أخيه عتيبة، فلما نزلت سورة المسد أو سورة اللهب قال لهما أبوهما -أبو لهب- رأسي من رؤوسكما حرام إن لم تفارقا ابنتَي محمد، ففارقاهما ولم يكونا قد دخلا بهما. فتزوج عثمان بن عفان رقية بمكة، وهاجر بها الهجرتين إلى أرض الحبشة. وكانت بارعة الجمال، وكذا كان عثمان جميلا، فكان يقال أحسن زوجين رآهما إنسان رقية وزوجها عثمان. (شرح العلامة الزرقاني، جزء 4)
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عُثْمَانَ الْقُرَشِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ r دَخَلَ عَلَى ابْنَتِهِ وَهِي تَغْسِلُ رَأْسَ عُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فَقَالَ: “يَا بُنَيَّةُ، أحْسِني إِلَى أَبِي عَبْدِ اللهِ فَإِنَّهُ أَشْبَهُ أَصْحَابِي بِي خُلُقًا”. (المعجم الكبير للطبراني ج1)
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ عن الهجرة إلى الحبشة: فَلَمَّا رَأَى رَسُولُ اللهِ r مَا يُصِيبُ أَصْحَابَهُ مِنْ الْبَلَاءِ، وَمَا هُوَ فِيهِ مِنْ الْعَافِيَةِ، بِمَكَانِهِ مِنْ اللهِ وَمِنْ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِمَّا هُمْ فِيهِ مِنْ الْبَلَاءِ، (أي كان النبي r في العافية بعض الشيء ولكنه لم يكن يقدر على منع الظلم عن الصحابة الذي كانوا يواجهونه، لذا) قَالَ لَهُمْ: لَوْ خَرَجْتُمْ إلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ فَإِنَّ بِهَا مَلِكًا لَا يُظْلَمُ عِنْدَهُ أَحَدٌ، وَهِيَ أَرْضُ صِدْقٍ، حَتَّى يَجْعَلَ اللهُ لَكُمْ فَرَجًا مِمَّا أَنْتُمْ فِيهِ. فَخَرَجَ عِنْدَ ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ r إلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، مَخَافَةَ الْفِتْنَةِ، وَفِرَارًا إلَى اللهِ بِدِينِهِمْ، فَكَانَتْ أَوَّلَ هِجْرَةٍ فِي الْإِسْلَامِ. (سيرة ابن هشام، باب الهجرة الأولى)
ومن بين الصحابة المهاجرين إلى الحبشة كان عُثْمَانُ t وزوجته رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ r. (الطبقات الكبرى لابن سعد، ج3)
عَنْ أَنَسٍ t قَالَ: خَرَجَ عُثْمَانُ مُهَاجِرًا إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ وَمَعَهُ رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ r وَاحْتَبَسَ عَلَى النَّبِيِّ r خَبَرُهُمْ، فَكَانَ يَخْرُجُ يَتَوَكَّفُ عَنْهُمُ الْخَبَرَ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَأَخْبَرَتْهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ r: “إِنَّ عُثْمَانَ لَأَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ إِلَى اللهِ بِأَهْلِهِ بَعْدَ لُوطٍ.” (مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ج6)
قال سَعْدٌ: لَمَّا أَرَادَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ t الْخُرُوجَ إِلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ r: «اخْرُجْ بِرُقَيَّةَ مَعَكَ» قَالَ: أَخَالُ وَاحِدًا مِنْكُمَا يَصْبِرُ عَلَى صَاحِبِهِ، ثُمَّ أَرْسَلَ النَّبِيُّ r أَسْمَاءَ بِنْتَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فَقَالَ: «ائْتِينِي بِخَبَرِهِمَا» (يعني أين وصلوا وما هي الظروف في الخارج؟) فَرَجَعَتْ أَسْمَاءُ إِلَى النَّبِيِّ r وَعِنْدَهُ أَبُو بَكْرٍ t فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ أخرَج حِمَارًا مُوكَفًا، فَحَمَلَهَا عَلَيْهِ وَأَخَذَ بِهَا نَحْوَ الْبَحْرِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ r: «يَا أَبَا بَكْرْ، إِنَّهُمَا لَأَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ بَعْدَ لُوطٍ وَإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ». (المستدرك على الصحيحين ج7)
ورد حادث العودة من الحبشة أيضا، قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَبَلَغَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللهِ r الَّذِينَ خَرَجُوا إلَى أَرْضِ الْحَبَشَةِ، إسْلَامُ أَهْلِ مَكَّةَ، فَأَقْبَلُوا لِمَا بَلَغَهُمْ مِنْ ذَلِكَ، حَتَّى إذَا دَنَوْا مِنْ مَكَّةَ، بَلَغَهُمْ أَنَّ مَا كَانُوا تَحَدَّثُوا بِهِ مِنْ إسْلَامِ أَهْلِ مَكَّةَ كَانَ بَاطِلًا، فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُمْ أَحَدٌ إلَّا بِجِوَارٍ أَوْ مُسْتَخْفِيًا فَكَانَ مِمَّنْ قَدِمَ عَلَيْهِ مَكَّةَ مِنْهُمْ، فَأَقَامَ بِهَا حَتَّى هَاجَرَ إلَى الْمَدِينَةِ، فَشَهِدَ مَعَهُ (مع النبي r) بَدْرًا وَأُحُدًا، وَمَنْ حُبِسَ عَنْهُ حَتَّى فَاتَهُ بَدْرٌ وَغَيْرُهُ، وبعد العودة من الحبشة كان عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ ممن هاجر من مكة إلى المدينة، وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ رُقَيَّةُ بِنْتُ رَسُولِ اللهِ r. (سيرة بن هشام)
ورد في كتاب أن عثمان t مكث في الحبشة بضع سنين وحين عاد الصحابة بسبب خبر باطل لإسلام قريش عاد عثمان t معهم، فعلموا بعد العودة أن الخبر باطل، فعاد بعض الصحابة إلى الحبشة ولكن بقي عثمان t في مكة حتى جاء أمر الهجرة إلى المدينة فأمر رسول الله r جميع صحابته بالهجرة إلى المدينة، فهاجر عثمان t مع أهله إلى المدينة. ورد في رواية أن عثمان t هاجر إلى الحبشة ثانية ولكن معظم كتب السيرة لا تذكر هجرة عثمان الثانية إلى الحبشة.
أما خلفية الهجرة الثانية إلى الحبشة وتفصيلاتها الواردة في كتب السيرة والحديث فلا يقبلها كلّية أصحاب السِيَر الحذرون لأنه لا يمكن أن يحدث ذلك دراية.
لقد قام مرزا بشير أحمد t بالبحث في أحداث الهجرة إلى الحبشة، وقد ذكرتُ بعض الأمور بهذا الشأن من قبل أيضا في ذكر بعض الصحابة الآخرين ولكن أرى بيانه هنا أيضا ضروريا. فيقول مرزا بشير أحمد t: عندما بلغ تعذيب المسلمين منتهاه وظلت قريش تتقدم في إيذائهم يوما إثر يوم، أمر النبي r المسلمين بالهجرة إلى الحبشة، وقال إن فيها مَلِكا عادلا لا يُظلم عنده أحد. (تسمى الحبشة بالإنجليزية Ethiopia أو Abyssinia وتقع في شمال شرق القارة الأفريقية وتقابل جنوب جزيرة العرب تماما وليس بينهما سوى البحر الأحمر. كانت في الحبشة في ذلك الزمن حكومة مسيحية قوية، ويلقَّب مَلِكها “النجاشي”، بل يلقَّب الملوك باللقب نفسه إلى الآن. حين كتب مرزا بشير أحمد t هذا الكلام كانت علاقات تجارية بين بلاد العرب والحبشة قائمة. وكانت عاصمتها أكسوم التي تقع قرب مدينة “عدوا” الحالية ولا تزال تُعدّ مدينة مقدسة إلى اليوم. كانت مدينة أكسوم في تلك الأيام مركز حكومة قوية جدا وكان اسم النجاشي الموجود حينذاك أصحمة. وكان ملكا عادلا وذكيا وقويا). فحين بلغ إيذاء المسلمين منتهاه قال النبي r للمسلمين أن من كان قادرا على الهجرة إلى الحبشة فليفعل. فبناء على ذلك هاجر إليها في شهر رجب في العام الخامس من البعثة النبوية اثنا عشر رجلا وأربع نساء، أشهرهم عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت رسول الله r، وعبد الرحمن بن عوف، والزبير بن العوام، وأبو حذيفة بن عتبه وعثمان بن مظعون، ومصعب بن عمير، وأبو سلمة بن عبد الأسد، وزوجته أم سلمة.
يتابع مزرا بشير أحمد t: الغريب في الموضوع أن أكبر عدد من المهاجرين الأوائل كانوا من أقوى قبائل العرب وعدد الضعفاء قليل. هذا الأمر يوحي بأمرين: أولا، أن المنتمين إلى قبائل قوية للعرب أيضا ما كانوا في مأمن من مظالم قريش. وثانيا: أن الضعفاء منهم مثل العبيد وغيرهم كانوا في حالة يُرثى لها لدرجة أنهم ما كانوا قادرين حتى على الهجرة.
عندما وصل المهاجرون في الجنوب إلى “الشعيبة” التي كانت في ذلك الزمن مرفأ في جزيرة العرب. وكان من فضل الله تعالى على هؤلاء المهاجرين أن وجدوا سفينة تجارية جاهزة للإبحار إلى الحبشة. فركبوها جميعا في سلام وأمان وانطلقت. عندما علمت قريش بذلك استشاطوا غضبا على أن هؤلاء الناس قد أفلتوا من أيديهم، فلاحقوهم ولكن عندما وصل رجالهم إلى الساحل كانت السفينة قد أبحرت فعاد الملاحقون خائبين خاسرين. حظي المسلمون في الحبشة بالأمن ونجوا من مظالم قريش بفضل الله تعالى. ولكن، كما يقول المؤرخون، أنه لم تمض فترة طويلة على وصول المسلمين إلى الحبشة إذ تناهى إلى آذانهم خبر (ولكنها كانت إشاعة في الحقيقة) أن قريشا كلهم قد أسلموا وصارت مكة آمنة تماما. فبسماع هذا الخبر عاد معظم المهاجرين من الحبشة إلى مكة دون بحث وتحقيق. وعندما وصلوا إلى مكة علموا أن الخبر كان كاذبا، فصاروا في مواجهة مصيبة كبيرة. فعاد بعضهم على أدراجهم من الطريق ودخل بعضهم مكة خفية أو تحت حماية شخص ذي نفوذ قوي. هذا الكلام يعود إلى شهر شوال السنة الخامسة من البعثة النبوية الشريفة. هذا يعني أن بين بداية الهجرة وعودة المهاجرين مدة شهرين ونصف أو ثلاثة أشهر. كان الخبر المذكور كاذبا تماما ولا أصل له من الصحة ولعل قريشا أذاعوه لإعادة المهاجرين وإيذائهم مجددا. بل لو تعمقنا في الموضوع لتبين أنه لا أصل لقصة انتشار الخبر الكاذب وعودة المهاجرين أصلا. ولكن إذا اعتبرنا القصة صحيحة أيضا فمن الممكن أن يكون سببها عائدا إلى قصة ذُكرت في الأحاديث. فإذا نظرنا من هذا المنطلق لثبتت رواية رواها البعض وتقول إن عثمان t مكث هنالك بضع سنين باطلة. فإذا حسبنا الرواية باطلة ثبت أن المهاجرين عادوا في غضون ثلاثة أو أربعة أشهر. على أية حال: يقول مرزا بشير أحمد بناء على بحثه أن الرواية المذكورة باطلة. ويقول أيضًا: إذا اعتبرناها صحيحة فمن الممكن أن يكون السبب عائدا إلى قصة ذُكرت في بعض الأحاديث وكما جاء في صحيح البخاري ما مفاده أن رسول الله r قرأ ذات مرة في فناء الكعبة آيات من سورة النجم حين كان العديد من زعماء الكفار وبعض المسلمين موجودين هنالك. وحين أنهى رسول الله r تلاوة سورة النجم سجد، فخرّ معه جميع المسلمين والكفار ساجدين. علما أن سبب سجود الكفار لم يُذكر في الحديث، ولكن يبدو أن النبي r تلا آيات القرآن الكريم بصوت مؤثر جدا. علما أن الآيات المتلوة تناولت وحدانية الله تعالى وقدرته وجبروته بالفصاحة والبلاغة كما ذَكرتْ مننه I، وقد أُنذرتْ فيها قريش بكلام جلالي وقوي وقيل أنه إن لم يتوقفوا عن شرورهم وإيذائهم لواجهوا ما واجه الأقوام قبلهم الذين كذبوا رسل الله، وأُمِر في نهاية الآيات بالسجود لله. وبعد تلاوة هذه الآيات خرّ النبي r والمسلمون جميعا ساجدين عفويا. فقد ترك الكلام وهذا المشهد تأثيرا كبيرا على قريش فخروا ساجدين عفويا مع المسلمين. وهذا ليس بأمر غريب لأن قلب الإنسان في معظم الحالات يرتعب تلقائيا في مثل هذه المناسبات متأثرا بمثل هذه الظروف فيصدر من الإنسان عفويا عمل يخالف دينه ومبادئه. وليس ضروريا أن يصدر منه عمل من هذا النوع نتيجة إيمانه بل يصدر أحيانا عفويا ودون قصد منه. ففي بعض الأحيان يتفوه الملحد أيضا باسم الله عفويا عندما تحل به مصيبة قاسية ومفاجئة. (لقد سألت أنا أيضا بعض الملحدين بهذا الشأن وقالوا إنه صحيح تماما أننا لا نؤمن بالله ومع ذلك يخرج من لساننا اسم الله أحيانا في ظروف حالكة وخطيرة. أما قريش فما كانوا ملحدين على أية حال بل كانوا يؤمنون بوجود الإله). فحين خرّت جماعة المسلمين ساجدين بغتة نتيجة رُعب الكلام المتلو وجلاله، فقد ترك هذا الأمر تأثيرا سحريا على قريش فخروا هم الآخرون أيضا ساجدين. ولكن مثل هذا التأثير يكون مؤقتا ثم يعود الإنسان إلى حالته السابقة سريعا. وهذا ما حدث بتلك المناسبة أيضا إذ ظلت قريش بعد السجود على ما كانت عليه من قبل من عبادة الأوثان وما صاروا موحدين. على أية حال، هذا الحادث مذكور في الأحاديث.
فإذا كان خبر عودة المهاجرين من الحبشة صحيحا فيبدو أن قريشا روّجوه بعد الحادث المذكور إذ كانوا يريدون بكل شدة أن يعيدوا المهاجرين من الحبشة إلى مكة، فأذاعوا الخبر بعد حادث سجودهم أن قريشا أسلموا وأن مكة صارت آمنة تماما للمسلمين. وحين وصل هذا الخبر إلى المهاجرين فرِحوا به كثيرا بطبيعة الحال وتحمسوا له ولكن عندما وصلوا قرب مكة تبينت لهم حقيقة الأمر، فدخل البعض مكة متخفين وبعضهم تحت حماية زعيم من زعماء قريش الأقوياء ورجع البعض الآخرون إلى الحبشة. فلو كان في خبر إسلام قريش شيء من الصحة فهو ليس إلا ما ذُكر في قصة الساجدين عند تلاوة سورة النجم، والله أعلم.
على أية حال، إن كان بعض المهاجرين قد عادوا من الحبشة فقد رجع إليها معظمهم. ولما كان الوثنيون من قريش يتقدمون في الإيذاء يوما إثر يوم وكانت مظالمهم تتفاقم مع كل يوم جديد، بدأ المسلمون الآخرون أيضا بالاستعداد خفية للهجرة إلى الحبشة وظلوا يهاجرون كلما وجدوا فرصة مواتية. فقد بدأت سلسلة الهجرة هذه حتى وصل عدد المهاجرين إلى الحبشة إلى 101 مهاجر بمن فيهم 18 امرأة. ولم يبق عند النبي r في مكة إلا عدد قليل من المسلمين. يذكر بعض المؤرخين هذه الهجرة بالهجرة الثانية إلى الحبشة.
ثم يقول مرزا بشير أحمد ذاكرا تحليله للموضوع إن هناك أمرا آخر أيضا يجعل القصة المذكورة وعودة المهاجرين مشتبها فيهما كليا، وهو أن تاريخ بداية الهجرة إلى الحبشة مذكور في كتب التاريخ على أنها كانت في شهر رجب في السنة الخامسة من البعثة النبوية، بينما ذُكر تاريخ السجود المذكور أنه كان في شهر رمضان في السنة الخامسة من البعثة النبوية. وقد جاء في التاريخ أيضا أن المهاجرين عادوا من الحبشة في شهر شوال في السنة الخامسة من البعثة النبوية نتيجة الإشاعة. أي أن الفاصل الزمني بين بداية الهجرة وعودة المهاجرين إنما هو من شهرين إلى ثلاثة أشهر، وإذا حسبنا هذه المدة من تاريخ السجود فهو شهر واحد فقط. فمن المستحيل تماما نظرا إلى ظروف ذلك الزمن أن يكتمل السفر بين مكة والحبشة ثلاث مرات في هذه المدة القليلة، إذ قد وصل المسلمون من مكة إلى الحبشة أولا، ثم ذهب شخص من مكة إلى الحبشة بخبر إسلام قريش، وبعد ذلك انطلق المسلمون من الحبشة وعادوا إلى مكة.
وبغض النظر عن الوقت الذي تستغرقه أمور أخرى من استعداد وغيره من أجل القيام بالسفر، فإن من المحال قطعا أن تكتمل هذه الأسفار الثلاثة في هذه الفترة القصيرة، والأكثر استحالة أن تكتمل سَفْرتانِ ما بين واقعة السجود وعودة المهاجرين المزعومة من الحبشة في هذا الوقت. ذلك أنه كان على المسافر إلى الحبشة في ذلك العصر أن يذهب أولاً ناحية الجنوب ليركب من هنالك السفينة التي لم تكن متيسرة في كل وقت، ثم كان عليه أن يعبر البحر الأحمر ليصل إلى الساحل الأفريقي، ثم كان عليه أن يقطع مسافة طويلة من الساحل إلى أن يصل أكسوم عاصمة الحبشة. ونظرًا لبطء وسائل المواصلات في تلك العصور فمثل هذا السفر ما كان ليكتمل أبدا إلا ما بين شهر ونصف وشهرين. وعليه فهذه القصة تبدو باطلة من أساسها، ومع ذلك لو افترضناها حقيقة فهي ليست أكثر مما بيناه آنفا. والله أعلم.
على كل حال، مهما كانت الأسباب فإن سيدنا عثمان رضي الله عنه عاد من الحبشة بعد فترة.
ثم نجد ذكر هجرة عثمان رضي الله عنه إلى المدينة ومؤاخاته كالآتي: عن محمد بن جعفر بن الزبير أنه لَمَّا هَاجَرَ عثمان إِلَى الْمَدِينَةِ نَزَلَ عَلَى أَوْسِ بْنِ ثَابِتٍ أَخِي حَسَّانَ بْنِ ثَابِتٍ فِي بَنِي النَّجَّارِ.
وحدث مُوسَى بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: آخَى رَسُولُ اللَّهِ – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بَيْنَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ. وفي رواية: آخَى بَيْنَ عُثْمَانَ وَأَوْسِ بْنِ ثَابِتٍ أَبِي شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ. وَيُقَالُ أن المؤاخاة تمت بين عثمان رضي الله عنه وبين أَبِي عباده سعد بن عثمان الزُّرَقِيِّ.
وفي رواية أن النبي صلي الله عليه وسلم آخى بينه وبين عثمان رضي الله عنه. فقد ورد في الطبقات الكبرى عَنِ ابْنِ لَبِيبَةَ أن عثمان بن عَفَّانَ لَمَّا حُصِرَ (أي حاصره المفسدون في بيته كلية في آخر أيامه رضي الله عنه) أَشْرَفَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُوَّةٍ فِي الطَّمَارِ فَقَالَ: أَفِيكُمْ طَلْحَةُ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ هَلْ تَعْلَمُ أَنَّهُ لَمَّا آخَى رَسُولُ اللَّهِ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ آخَى بَيْنِي وَبَيْنَ نَفْسِهِ؟ فَقَالَ طَلْحَةُ: اللَّهُمَّ نَعَمْ. فَقِيلَ لِطَلْحَةَ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ: نَشَدَنِي، وَأَمْرٌ رَأَيْتُهُ أَلا أَشْهَدُ بِهِ؟
لما كان المعارضون قد حاصروا بيت عثمان رضي الله عنه حين وجّه هذا السؤال إلى طلحة رضي الله عنه والذي كان موجودا هناك، فعنّفوا طلحة وقالوا: ماذا فعلتَ؟ فرد عليهم طلحة رضي الله عنه بكل شجاعة: لقد سألني عثمان رضي الله عنه مستحلفا بالله عن أمر وقع أمام أعيني، فما كان لي إلا أن أشهد بما هو الحق، وما كان لي أن أكذب، فافعلوا ما شئتم ضدي.
أما قصة وفاة رقية وزواج عثمان من أم كلثوم رضي الله عنهم جميعا فهي كالآتي: عن عبد الله بن مكنف بن حارثة الأنصاري قال: لَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِلَى بَدْرٍ خَلَّفَ عُثْمَانَ عَلَى ابْنَتَهِ رُقْيَةَ، وَكَانَتْ مَرِيضَةً، فَمَاتَتْ رَضِيَ اللَّهُ عنها يوم قدِمَ زيد بن حارثة للمدينة بَشِيرًا بِمَا فَتَحَ اللهُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَدْرٍ. وَضَرَبَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُثْمَانَ بِسَهْمِهِ وأجرِه في بدر، فكان كمَنْ شهدها. وزوّج رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ بَعْدَ رُقْيَةَ أُمَّ كُلْثُومِ بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لقي عثمان بن عفان عند باب المسجد، فقال: يا عثمان هذا جبريل يقول عن الله تعالى: إني قد زوّجتُك أمَّ كلثوم على مثل ما زوّجتُك رقيةَ وعلى مثل ما منحتَها. (أي أن الله تعالى قد أمرني بأن أزوجك من بنتي الأخرى)
وقالت عائشة رضي الله عنها: لما زوج النبي صلى الله عليه وسلم ابنته أم كلثوم من عثمان قال لأم أيمن رضي الله عنها: «هيئي ابنتي أم كلثوم وزُفِّيها إلى عثمان، وخفِّقي بين يديها بالدف». ففعلتْ ذلك. فجاءها النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد الثالثة فدخل عليها فقال: «يا بُنيّة، كيف وجدتِ بعلك»؟ قالت: خير بعلٍ.
ولم تزل أم كلثوم عند عثمان -رضي الله عنهما إلى أن توفيت سنة تسع من الهجرة بسبب مرض نزل بها. وصلى عليها رسول الله ﷺ وجلس على قبرها. وعن أنس ابن مالك أنه رأى النبيﷺ جالسا على قبر أم كلثوم، قال: فرأيت عينيه تدمعان.
وقد وردت في البخاري رواية عن ذلك كالتالي: عن هلال عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: شهدنا جنازة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسولُ الله صلى الله عليه وسلم جالس على القبر، فرأيت عينيه تدمعان.
وفي رواية: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاة أم كلثوم رضي الله عنها: لَوْ كَانَ عِنْدِيَ ثَالِثَةٌ زَوَّجْتُهَا عُثْمَانَ.
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: مرّ رسول الله ﷺ وإذا عثمان جالس يبكي على أم كلثوم بنت رسول الله ﷺ، قال: ومع رسول الله ﷺ صاحباه يعني أبا بكر وعمر، فقال رسول الله ﷺ: ما يبكيك يا عثمان؟ قال: أبكي يا رسول الله أنه انقطع صهري منك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تبكِ، والذي نفسي بيده! لو أن عندي مائة بنتٍ تموتُ واحدةٌ بعد واحدة زوّجتُك أخرى حتى لا يبقى من المائة شيء.
هذا أسلوب لإظهار المحبة من الطرفين، حيث كان سيدنا عثمان رضي الله عنه قلقًا على انقطاع أواصر القرابة مع النبي صلى الله عليه وسلم، فأكد له النبي صلى الله عليه وسلم بأسلوبه أن هذه الأواصر لم تنقطع بل هي باقية. سوف أكمل هذا الذكر فيما بعد إن شاء الله، أما الآن فكما أحثكم على الدعاء في كل خطبة جمعة منذ عدة جمعات فعليكم أن لا تبرحوا الدعاء للأحمديين في باكستان. إن المعارضين يضيقون علينا الخناق في زعمهم، ولكنهم لا يدرون أن هناك إلهًا فوقهم، وقدره يعمل عمله، وهو أيضا يضيق الخناق باستمرار عليهم، فإذا ضيق الخناق فلا مهرب منه. ألهمَهم الله تعالى الصواب، وألهمهم العقل لكي يعملوا بالعدل ويرتدعوا من الظلم والعدوان بغير حق. كذلك ادعوا للإخوة في الجزائر أيضا بأن يحفظ الله إيمانهم. وهناك بلاد أخرى أيضا في العالم تشتد فيها المعارضة ضد الأحمديين في هذه الأيام. حفظ الله بحمايته كل أحمدي في كل مكان في العالم.
بعد أداء الصلوات سوف أصلي على بعض المتوفين جنازة الغائب، وأوجز في ذكر سوانحهم الآن. أوّلهم المولوي سلطان محمود أنور، ناظر الإصلاح والإرشاد المركزي سابقا، وناظر خدمة الدراويش سابقا، وناظر الإصلاح والإرشاد (قسم الزواج) سابقا. لقد توفي في 11 يناير في ربوة وعمره حوالي 88 عاما. إنا لله وإنا إليه راجعون. والده هو تشودري محمد دين ووالدته السيدة رحمت بيبي. انضم والدُ المرحوم إلى الأحمدية في عام 1928مبايعًا على يد حضرة الخليفة الثاني رضي الله عنه.
كان مولانا سلطان محمود أنور الابن الوحيد لوالده. بعد إكمال دراسته في المدرسة المتوسطة التحق المرحوم بالمدرسة الأحمدية بقاديان في إبريل عام 1946 واقفا حياته لخدمة الدين. وبعد تأسيس باكستان انتقل إلى الجامعة الأحمدية في “أحمد نغر” في باكستان، وفي عام 1952 نال شهادة “مولوي فاضل”، وفي إبريل 1956 حصل على شهادة “الشاهد” من الجامعة الأحمدية.
تزوج المرحوم من السيدة محمودة شوكت بنت تشودري سعد الدين، حيث أعلن قرانه حضرة مولانا جلال الدين شمس في أيام الجلسة السنوية عام 1960. رُزق أربعة أبناء وبنتين.
وأحد أبنائه السيد إحسان محمود واقف لحياته لخدمة الإسلام ويخدم في إحدى دوائر التحريك الجديد بربوة.
عُيّن مولانا المرحوم بعد التخرج في غجرات، ثم قدم خدماته كداعية في عدة مدن باكستانية. ثم عمل داعية في غانا من عام 1974 إلى 1978. في تلك الفترة كنت أنا الآخر في غانا، وقد رأيته قد خدم الجماعة هنالك بمنتهى الإخلاص والتواضع.
لقد عمل سكرتير مجلس كاربرداز (اللجنة المشرفة على بهشتي مقبرة) من عام 1982 إلى 1983، ثم صار رئيسًا لهذا لمجلس. ثم خدم كناظر الإصلاح والإرشاد المركزي من عام 1983 إلى 1998. ثم بعد ذلك ظل يخدم الجماعة بصفته ناظرًا لــ”خدمة الدراويش” إلى عام 2011م، وبعد ذلك بصفته ناظرًا للزواج من عام 2011م إلى عام 2017م. وتقاعد في عام 2017 بسبب مرضه.
كان يملك حنكة في التبليغ وخبرة في النقاش وقدرة على الخطابة. هناك أحداث كثيرة تتعلق بنقاشاته مع أناس من مذاهب شتى وعلمائها، كان يناقشهم في المسائل المختلف فيها وكان يرد عليهم بأدلة قوية وبردود علمية. كان خطيبا مفوّهًا لدرجة تجذب إليه السامعين. كتب الدعاة الذين عملوا معه بأنه كان يشاركهم في العمل ويوجههم في كل خطوة، كتبوا جميعًا أنه كان يعاملهم بالمحبة والحنان. كان بنفسه مواظبًا على صلاة التهجد والعبادة، وبالتالي كان يوصي بها الدعاة والناس أيضا. كان مستواه في الوفاء للخلافة وطاعتها عاليا جدًّا. تعرض للابتلاء في عهد الخليفة الرابع رحمه الله إلا أنه أمضى هذه الفترة بالطاعة الكاملة واشتغل كعامل عادي تحت إدارة الآخرين. قال له أحد بأنك كنت تعمل “ناظرًا” قبل ذلك والآن تضطر للعمل تحت أحد النظراء -وهذا ما كتب لي بعض الدعاة كما كتبته إحدى بناته أيضا – فردّ عليهم قائلا: الخليفة أعلم حيث توجد حاجة لعامل من العاملين، أما أنا فقد نذرت حياتي وسأقوم بما يأمرني به خليفة الوقت ولو كان ذلك العمل يتعلق بالكنس والتنظيف. ثم غيّر الله تعالى ظروفه، وأرى أن الله تعالى قد قبل سلوكه النابع عن الوفاء الكامل ونموذجَه للطاعة، فعاد عضوًا لمؤسسة صدر أنجمن أحمدية ومن ثم صار ناظرًا فيها مرة أخرى.
كان مثال التعاون والطاعة للأمير حيثما خدم، سواء في كراتشي أو في أماكن أخرى. غفر له الله تعالى ورحمه ووفق أولاده لمواصلة حسناته.
لقد قام ببعض الأعمال العلمية أيضا فألف بعض الكتب منها بعنوان: “إقامة عظمة الكلمة الطيبة أمرٌ يعرف به الأحمدي”، والكتاب الثاني بعنوان: “الله تعالى، محمد المصطفى r، القرآن الكريم والكعبة”، ثم هناك كتاب آخر بعنوان: “قضية عدد أفراد الجماعة الإسلامية الأحمدية”، وكتاب آخر بعنوان: “أسباب الإخفاق في تنفيذ نظام الشريعة”، وله كتاب آخر بعنوان: “عقوبة إهانة الرسول r”.
على أية حال، هذه هي مؤلفاته، حيث قام ببعض الأعمال العلمية الراسخة. رحمه الله تعالى وغفر له. آمين.
الجنازه الثانیة هي لمولانا محمد عمر ناظر الإصلاح والإرشاد الأسبق في قاديان، الذي كان ابنُ “ب. ك. إبراهيم كوتي”، وتوفي في 12 يناير الفائت عن عمر يناهز 87 عامًا، إنا لله وإنا إليه راجعون.
كان ينتمي إلى منطقة “كيراله”، ووالده “إبراهيم كوتي” كان معارضًا ومعاندًا شديدًا للجماعة. سافر والده قبل ولادة محمد عمر بعشر سنين إلى بومباي في رحلة تجارية، وكان بعض الأحمديين يشتغلون بالتجارة في بومباي في تلك الأيام، فالتقى هناك ببعض التجار الأحمديين من “مالا بار”، ودار النقاش بينهم حول معتقدات الأحمدية. فلما سافر الخليفة الثاني t إلى بومباي في عام 1924 تشرف بالبيعة على يده والدخول في الجماعة. ثم وفق لزيارة قاديان أيضا.
لقد جاء مولانا محمد عمر إلى قاديان في عام 1954م لما بدأت المدرسة الأحمدية تعمل من جديد بعد انقسام الهند إلى دولتين. فقد سجل في المدرسة الأحمدية في عام 1955 وتخرج منها في عام 1961، كما نال شهادة في العلوم الشرقية أيضا في السنة نفسها، وبعد ذلك ظلّ يدرّس في المدرسة الأحمدية لسنة كاملة. وأثناء فترة دراسته وُفّق لتلبية رغبة “بهائي عبد الرحمن t” أحد صحابة المسيح الموعود u، فظلّ يقصد بيته كل صباح لقراءة القرآن الكريم عنده لمدة سنة كاملة.
بدأ الخدمة في ميدان التبليغ في عام 1962، فعمل في العديد من المدن الكبيرة بالهند وظل يخدم فيها كداعية ناجح. كان يلقي خطابات في الجلسات التبليغية. شارك وفق توجيهات الخليفة الرابع رحمه الله في المناظرة التاريخية في “كومبي تور” التي استمرت لتسعة أيام متوالية والتي اشترك فيها مولانا دوست محمد شاهد والحافظ مظفر أحمد كمندوبي المركز، فقد لعب المرحوم فيها دورًا هامًّا.
لقد قال الخليفة الرابع رحمه الله في إحدى خطبه مشيدًا بأعماله: هناك فروع الجماعة التي ينهض فيها شخص واحد ويتحمل فورًا كل العبء لوحده، فيقوم بترجمة الخطب ويوزعها بشكل فوري، ونتيجة لذلك فإن مستوى مثل هذه الفروع يرتقي لأنها تجد خطبة الخليفة في أقرب وقت وتعرف من خلالها ما يجري على صعيد الجماعة. فهناك فروع الجماعة في جنوب الهند التي لا تفهم اللغة الأردية وفيها داعيتنا المولوي محمد عمر وقد شُغف بهذا العمل إلى حد الجنون بحيث إذا وصل إلى سمعه صوت الخليفة قام بترجمته فورًا وأوصلها إلى تلك الفروع عاجلا.
هكذا كان يعمل بكل جهد واجتهاد. وفق للخدمة في فلسطين أيضا لسنة واحدة. لقد قام بترجمة القرآن الكريم والعديد من كتب المسيح الموعود u وكتيباته إلى لغة “مليالم” و”تامل”.
لقد عينتُه في عام 2007 ناظرًا للإصلاح والإرشاد في المركز بقاديان، ثم ناظرًا إضافيا للإصلاح والإرشاد الخاص بتعليم القرآن والوقف المؤقت، ثم وفق للخدمة كنائب للناظر الأعلى أيضا. وهكذا أدى كل هذه الخدمات بأحسن ما يرام. وبعد التخرج في المدرسة الأحمدية وفق المرحوم لخدمة الجماعة قرابة 53 عامًا. ترك خلفه أربع بنات وأزواجهن والحفدة وأولاد الحفدة أيضا.
كان لديه رغبة عارمة تصل إلى حد الجنون لخدمة الجماعة إلى درجة أنه كان يظل مشغولا في أعمال الجماعة ولاسيما الترجمة وغيرها حتى في الرحلات العائلية الخاصة أيضا.
كتب الرئيس الوطني في سريلانكا يقول: سيظل محفوظًا للأبد في تاريخ الجماعة في سريلانكا تلك الفترة التي جاء فيها مولانا محمد عمر للمرة الأولى إلى سريلانكا في عام 1978م كداعية مركزي بفضل الله تعالى بأمر الخليفة الثالث رحمه الله. فلوحظ في الجماعة خلال هذه الفترة وبشكل غير عادي حماس روحاني جديد مصحوب بالإصلاح والتغيير الطيب. وله خدمات عظيمة أخرى أيضا قام بها هناك.
ألقى في عام 1994 في قاعة كبيرة لحركة “رام كرشنا” في كولمبو محاضرةً بعنوان الأمن والوحدة، وجاء للاستماع إليها أزيد من 400 شخص، ولقد أعجب الناس كثيرًا بالمحاضرة ولاسيما الرئيس الوطني لحركة “رام كرشنا”، ووزير الثقافة للهندوس في البلد السيد ديوراج، وأخذا يثنيان عليها كثيرًا لأن مولانا محمد عمر قرأ في هذه المحاضرة بعض الفقرات من كتاب “غيتا” وأثبت من خلالها صدق النبي r. ولا زالت هذه المحاضرة التاريخية مشهورة بين الناس.
لقد ترجم المرحوم أربعة كتب للمسيح الموعود u، كما ألف سبعة كتب بلغة “تامل” حول مواضيع مختلفة. وأصدر مجلة للجماعة في مقاطعة “تامل نادو” باسم “سمدانه وازري” وظل إلى فترة طويلة يرسلها إلى مقاطعات أخرى كثيرة. غفر له الله تعالى ورحمه ورفع درجاته ووفق أولاده للاستمرار في الارتباط بالجماعة بكامل الإخلاص والوفاء.
الجنازة التالية هي للسيد حبيب أحمد داعية الجماعة، الذي كان ابن محمد إسماعيل من “فيكتري أيريا بربوة”، وتوفي في 25 ديسمبر الفائت في إسلام آباد إثر نوبة قلبية عن عمر يناهز 64 عامًا. إنا لله وإنا إليه راجعون.
لقد تخرج من الجامعة الأحمدية في عام 1979م ثم وفق للخدمة في محافظات مختلفة في باكستان. لقد خدم في نيجيريا من عام 1989م إلى 2003م وكان من 1998 إلى 2000م أميرًا ورئيس الدعاة في نيجيريا. ظل يؤدي خدماته بكل تواضع. وإضافة إلى أموره المكتبية كان يقوم ببعض الأعمال التربوية في الحيّ الذي يسكن فيه.
ترك خلفه زوجته وثلاث بنات وابنَين. غفر له الله تعالى ورحمه ووفق أولاده للاستمرار في الارتباط بالجماعة بكامل الإخلاص والوفاء.
والجنازة التالية هي للسيد بدر الزمان الذي كان يعمل في وكالة المال منذ فترة، وتوفي في 3 يناير الفائت بقضاء الله وقدره، إنا لله وإنا إليه راجعون. كان عاملا مخلصًا ومجتهدًا.
ولد في 1944 في أمرتسر، وكان أحمديًا بالولادة. كان يشغل وظيفة حكومية وخلال ذلك خدم الجماعة بوصفه قائدًا لخدام الأحمدية في محافظة “كويته”، ثم ناظمًا لإقليم بلوشستان تحت مجلس أنصار الله. لقد رفعت ضده قضية في عام 1986 وبالتالي ظل أسيرًا في سبيل الله أيضا. خدم في وكالة المال الأولى في ربوة من عام 1995 إلى 1999م. ثم بعد مجيئه إلى لندن خدم في مطبعة “الرقيم” وبعد ذلك في الوكالة الإضافية للمال في لندن لمدة 17 عامًا. غفر له الله تعالى ورحمه.
الجنازة التالية للسيد منصور أحمد تحسين ابن المرحوم المولوي محمد أحمد نعيم الداعية الإسلامي الأحمدي وكان يعمل في قسم الاحتساب في نظارة الأمور العامة في ربوة. كان قد جاء إلى هنا في لندن لزيارة ابنه إذ وافته المنية بقضاء الله في 30 ديسمبر عن عمر يناهز 70 سنة، إنا لله وإنا وإليه راجعون.
لقد وُفق لخدمة الجماعة لخمسة وعشرين عاما تقريبا بصفته موظفا في الجماعة في شتى المكاتب. كان يتصف بمنتهى الدماثة والتديُّن والشفقة، وكان يحب الخلافة لدرجة الوله، وينصح الآخرين بذلك دوما. وكان يحل الشؤون والقضايا بصبر وهدوء، وكانت القضايا المعقدة تُعهد إليه عادة، وكان الفريقان أحيانا يأتون إلى المكتب مغلوبين بعواطف الغيظ والغضب لكنه كان يسيطر على غضبهم وثورتهم بحب ولطف ويحل القضية. وكان شغوفا بخدمة الجماعة لدرجة قد كتبتْ زوجته أنه يوم وليمة عرس ابنته الدكتورة فارحة منصور حين تجهز للخروج إلى المكتب صباحا قلت له، في بيتنا عرس يجب أن تأخذ العطلة اليوم، فقال: موعد الوليمة الساعة الثانية، ولا داعي لإضاعة الوقت، فأنا ذاهب إلى المكتب وسأعود في الموعد. كان يتعامل مع المسؤولين باحترام وأدب، وإذا اختلف معهم في أمر قدم رأيه مراعيا مقتضيات الاحترام، ترك زوجته السيدة رخشنده وابنين وابنتين، رحمه الله وغفر له. أنا أعرفه منذ الطفولة إذ كان يدرس معي، ولاحظت فيه دوما النبل والدماثة والمزاح، فلم يكن يخاصم أحدا قط ولا يغضب. وتمسك بهذه الخصال التي ساعدتْه في إصلاح الناس إذ كان له دور مهم في ذلك.
الجنازة التالية للدكتور إيدي إبراهيم موانغا من تنزانيا، فقد توفي في 9 ديسمبر عن عمر يناهز 73 عاما، إنا لله وإنا إليه راجعون.
لقد درس الطب في جامعة مكريره في أوغندا وكان له شرف كونه أول طبيب أحمدي محلي في أفريقيا الشرقية، لقد نال سعادة البيعة في شبابه، وكان منذ دراسته في المدرسة يشارك في برامج دينية. ونتيجة لكثرة الاعتراضات التي تثار ضد الجماعة الإسلامية الأحمدية من قِبل العلماء المسلمين المزعومين، نشأ لديه الشوق في التعرف إلى الجماعة، فقابل الداعيةَ الأحمدي الشيخ أبا الطالب الساندي المحترم الذي كان من أقاربه أيضا. فلما تكلم معه عن الاعتراضات السخيفة ردَّ عليها الشيخ بالتفصيل وليس ذلك فحسب بل قدم له الترجمة السواحيلية للقرآن الكريم التي نشرتها الجماعة وكتبا أخرى، فبايع بعد قراءة تلك الكتب. وقد وفى بعهد البيعة بفضل الله I إلى آخر لحظة من حياته. كان دوما ينشر رسالة الأحمدية “الإسلام الصحيح” في كل طبقة من الناس، فكانت في قلبه لوعةٌ لنشر الدعوة، وبذلك كان معروفا في الأحمديين وغيرهم. كان عادة يخرج إلى السوق حاملا حقيبة فيها كتب الجماعة والجرائد، ليبيعها. حين قال له الناس: كيف تبيع الكتب هنا في السوق وأنت طبيب؟ قال بكل سرور ولطف: حين أكون في المستشفى أعالج أجسام الناس، أما هنا فأعالج أرواحهم. ولا نستطيع أن نفصل أحدهما عن الآخر ولا ينبغي إهمال أحدهما. كان المرحوم يحب الخلافة ويحترمها لأقصى حد، فقد ربى أولاده تربية إسلامية. فقد اهتم بأمور التعليم والتربية بوجه خاص، وكان في البيت يهتم بأداء الصلاة جماعة مع الأولاد، كما كان قد بنى مكتبة تضم كتب الجماعة أيضا إضافة إلى كتب علوم أخرى. كان يدعو الله I ليتمسك أولادُه بالأحمدية أي الإسلام الصحيح ويطلب الدعاء من الآخرين أيضا من أجل ذلك. فكان متمسكا بالجماعة وجميعُ أولاده أيضا متمسكون بنظام الجماعة، وهم صلحاء كوالدهم. نسأل الله تعالى أن يديم علاقتهم القوية بالجماعة، وتتحقق فيهم دعواتُ والدهم وأمنياتُه الطيبة، وأن يغفر الله للدكتور ويتغمده بواسع رحمته، ويرفع درجاته.
الذكر التالي للسيدة صغرى بيغم زوجة السيد دين محمد النَنْغلي درويش قاديان، فقد توفيت في السادس من يناير عن عمر يناهز خمسة وثمانين عاما، إنا لله وإنا إليه راجعون. كانت المرحومة ابنةَ صحابي المسيح الموعود u حضرةِ الحكيم محمد رمضان t، كانت المرحومة تداوم على الصلاة والصوم والتهجد وكانت مضيافة وصبورة وشاكرة ومجتهدة ومواسية وصاحبة الخصال الجميلة الكثيرة. كانت تحب الخلافة لأقصى حد، لقد خدمت سنين طويلة بصفتها سكرتيرة خدمة الخلق في لجنة إماء الله، وكانت موصية. تركت خلفها ابنين وابنتين. ولقد وُفق أحد ابنيها السيد بشير الدين لخدمة الجماعة أربعين سنة، وابنُها الثاني السيد منير الدين أيضا يخدم الجماعة في قسم بناء المباني في قاديان، تغمدها الله بواسع رحمته وغفر لها، ووَفَّق أولادها أيضا لتقليد حسناتها.
الذكر التالي لشودري كرامة الله المرحوم الذي توفي في 26 ديسمبر عن عمر يناهز خمسة وتسعين عاما، إنا لله وإنا وإليه راجعون. كان المرحوم حفيد صحابي المسيح الموعود u السيد شودري شاه دين t من غهتياليان، الذي كان قد بايعه عند زيارته u لسيالكوت. كان المرحوم نبيلا محبا مخلصا مواسيا للفقراء وذوي الحاجة، وكان عبدا شكورا مخلصا في كل حال. لقد كتب ابنُه السيد سهيل المحترم: كان والدي يتميز بإكرامه للضيف، وكان يتجلى ذلك بوجه خاص عندما كان واقفو الحياة يأتون إلى محافظة بدين السندية في جولة لأعمال الجماعة. كما قد وُفق المرحوم لتقديم خدماته في كتيبة الفرقان، وخدم الجماعة تطوعا في مكتب جريدة الفضل العالمية من 1983 إلى 2018. وكان قد قدم بيته منذ بداية عهده لتُعقد فيه برامج الجماعة وكان قد بنى مكانا في بيته الحالي أيضا ليُستخدم كمركز للصلاة. بناته وابنه أيضا يخدمون الجماعة، أحد أحفاده السيد فرهاد أحمد داعيةٌ أحمدي ويعمل في قسم الصحافة والإعلام هنا في بريطانيا. تغمده الله بواسع رحمته وغفر له ووفق أولاده وأجياله أيضا لمتابعة حسناته.
الجنازة التالية لشودري منور أحمد خالد من ألمانيا الذي توفي في 20 أغسطس عن عمر يناهز خمسة وثمانين عاما، إنا لله وإنا إليه راجعون. كانت علاقة المرحوم بنظام الجماعة قوية جدا، وكان يساهم في أمور التبليغ والتربية مساهمة وافية، ووُفق لخدمة الجماعة على فترات بصفته رئيس الجماعة والسكرتير العام، كما خدم في مراكز مختلفة لأنصار الله أيضا. وعندما كان في باكستان وُفق للعمل مشرفا على أراضي التحريك الجديد. كانت له علاقة قوية بالخلافة، وكان موصيا، ترك خمسة أبناء وست بنات.
الذكر التالي للمرحومة نصيرة بيغم زوجة السيد أحمد صادق محمود الداعية الأحمدي المتقاعد في بنغلاديش، فقد توفيت في السابع والعشرين من نوفمبر، إنا لله وإنا إليه راجعون. كانت المرحومة ابنة السيد المرحوم محمد صادق أمير الجماعة سابقا. كانت سيدة صالحة تداوم على الصوم والصلاة وكانت مضيافة وصبورة وشاكرة. كانت تكمل دورة القرآن الكريم في رمضان باهتمام، وكانت تتمتع بخصال حسنة أخرى كثيرة، تغمدها الله بواسع رحمته وغفر لها.
الذكر التالي للمرحوم رفيع الدين بت الذي توفي في السادس من ديسمبر عن عمر يناهز 92 عاما، إنا لله وإنا إليه راجعون. كان ابنَ صحابي المسيح الموعود u السيد المولوي خير دين. وكان قد انخرط في نظام الوصية بفضل الله I في شبابه، ووُفق لخدمة الجماعة في شتى الأماكن. فكان رئيس الجماعة في بدوملهي في محافظة نارووال وأمير الجماعة في إقليم واه كينت، ورئيس الجماعة فيها أيضا. كان قد تشرف بكونه أسيرًا في سبيل الله. ترك خلفه ابنًا وأربع بنات، أحد أصهاره السيد نسيم أحمد يخدم الجماعة في نيجيريا بصفته داعيةً إسلاميا أحمديا. تغمده الله بواسع رحمته وغفر له، ورفع درجات جميع هؤلاء المرحومين، وجعل مأواهم عند أحبته. وكما قلت سأصلي عليهم جنازة الغائب بعد الصلاة.