خطبة الجمعة
التي ألقاها أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز
الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي u بتاريخ 23/4/2021م
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرّجيم. ]بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يوْم الدِّين * إيَّاكَ نعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهمْ وَلا الضَّالِّينَ[، آمين.
سوف أتحدث اليوم عن سيدنا عمر بن الخطاب t. كان عمر t من بني عدي بن كعب بن لؤي. اسم والده الخطاب بن نفيل. وفي رواية أن والدته حنتمة بنت هاشم، وهكذا تكون ابنةَ عم أبي جهل. وفي رواية أن اسمها حنتمة بنت هشام، وهكذا تكون أختًا لأبي جهل. ولكن هذه الرواية الأخيرة لا يؤخذ بها عادة. قَالَ أبو عمرو: من قَالَ إنها أخت لأبي جهل فقد أخطأ، وإنما هي ابنة عم أبي جهل وأخيه الحارث، حيث كانت ابنة هاشم.
أما سنة ولادة عمر t فهناك روايات مختلفة بهذا الصدد. ورد في قول أن عمر t وُلد قبل حرب الفجار الأعظم بأربع سنوات. بينما ورد في رواية أخرى أنه وُلد بعد هذه الحرب بأربع سنوات. وتسمى هذه الحرب حرب الفجار لأنهم قاتلوا في الأشهر الحرم، وهو عمل فسق وفجور. وقد وقعت هذه الحرب في أربع مراحل، والرابعة منها تسمى حرب الفجار الأعظم، وكذلك الفجار الأعظم الآخِر. ووقعت هذه الحرب بين قريش وبني كنانة وهوازن.
وفي رواية أخرى أن سيدنا عمر t وُلد في مكة بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة، ويطابق عام الفيل 570 الميلادية، وهكذا تكون ولادة عمر في 583 الميلادية.
وفي قول ثالث أن عمر t أسلم في السنة السادسة من البعثة وعمره 26 عاما. والسنة السادسة من البعثة تطابق 616 الميلادية، فلو كان سنه عند إسلامه 26 عاما فكانت ولادته في 590 الميلادية.
والقول الرابع هو أنه t وُلد وعمرُ النبي r 21 عاما. على كل حال هذه أقوال مختلفة عن سنة ولادة عمر رضي الله عنه، وعليه فكان عمره t عند إسلامه ما بين الواحد والعشرين أو السادس والعشرين.
وكان عمر t يكنى أبا حفص. فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي r قال لأصحابه يوم بدر إنى قد عرفت أن رجالا من بني هاشم وغيرهم قد أُخرجوا كرهًا لا حاجة لهم بقتالنا، فمَن لقي منكم أحدا من بني هاشم فلا يقتله، ومَن لقي أبا البختري بن هشام فلا يقتله، ومَن لقي العباس بن عبد المطلب فلا يقتله، فإنما خرج مستكرَهًا وقال ابن عباس: فقال أبو حذيفة بن عتبة: أنقتلُ آباءنا وإخواننا وعشيرتنا ونترك العباسَ؟ والله لئنْ لقيتُه لألجمنّه السيف. قال: فبلغ ذلك رسولَ الله r، فقال لعمر بن الخطاب يا أبا حفص (قال عمر: والله إنه لأول يوم كناني فيه رسول الله r بأبي حفص): أيُضرَب وجه عم رسول الله r بالسيف؟ فقال عمر: يا رسول الله دَعْني فلْأَضْرِبْ عنقه بالسيف، فوالله لقد نافقَ. فكان أبو حذيفة يقول: ما أنا بآمنٍ من تلك الكلمة التي قلتُها يومئذ ولا أزال منها خائفا إلا أن تكفّرها عني الشهادةُ. فقُتل أبو حذيفة يوم اليمامة شهيدا.
وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي r شرّف سيدنا عمر بلقب الفاروق. وعن خلْفية إطلاق هذا اللقب عليه هناك رواية عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: سألت عمر بن الخطاب: لأي شيء سُمّيت الفاروق؟ قال: أسلمَ حمزةُ قبلي بثلاثة أيام. قال: فخرجت إلى المسجد الحرام صدفة، فأسرع أبو جهل إلى رسول الله r يسبّه، قال: فعلم حمزة بذلك، فأخذ قوسه ثم خرج إلى المسجد الحرام ووصل إلى حلقة قريش التي فيها أبو جهل، فاتكأ على قوسه مقابل أبي جهل، فنظر إليه، فعرف أبوجهل الغضب في وجهه، فقال: ما لك يا أبا عُمارة؟ (أبو عُمارة كُنْيةُ حمزةَ t)، فرفع حمزة القوس فضرب بها خدّي أبي جهل، فقطعه، فسالت الدماء. فأصلحتْ ذلك قريش بسبب غضب حمزة. قال عمر هذا ما وقع وقد رأيته. ثم بعده بثلاثة أيام خرجت، فإذا شخص من بني مخزوم، فقلت له: أرغبتَ عن دين آبائك، واتبعتَ دين محمد؟ فقال المخزومي: إنْ فعلتُ فقد فعله مَن هو أعظم عليك حقًّا مني. قال: قلت: ومَن هذا؟ قال: أختك وختنُك. قال: فانطلقت، فوجدت الباب مغلقًا، وسمعت همهمةً (أي صوت قراءة شيء). ففُتح لي الباب، فدخلتُ، فقلت: ما هذا الذي أسمع عندكم؟ قالوا: ما سمعتَ شيئًا. فما زال الكلام بيني وبينهم حتى أخذتْ برأس ختني، فضربته ضربًا، فأدميتُه. فقامت إليّ أختي، فأخذتْ برأسي، فقالت: قد كان ذلك على رغم أنفك. (أي أننا قد أسلمنا رغم أنفك. وفي رواية أخرى أن أخته أيضا جُرحتْ). قال عمر: فاستحييته حين رأيت الدماء (أي دماء ختنه أو دماءَ ختنِه وأخته كليهما)، فجلستُ وقلت: أَروني هذا الكتاب. فقالت أختي: إنه لا يمسّه إلا المطهرون، فإن كنتَ صادقًا فقم، فاغتسلْ. قال: فقمت فاغتسلت وجئت فجلست. فأخرجوا لي صحيفة فيها: بسم الله الرحمن الرحيم. قلت: أسماء طاهرة طيبة”: ]طه * مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى… إلى قول الله تعالى… لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى[، (وهي الآيات 2 إلى 9 من سورة طه). قال عمر t: فتعظّمَ هذا الكلام في صدري، وقلت: مِن هذا فرّت قريش؟! ثم شرح الله صدري للإسلام، فقلت: أين رسول الله؟ قالت أختي: إنه في دار الأرقم. فأتيت الدار، وحمزةُ وأصحابه جلوس في الدار ورسولُ الله r في البيت، فضربت الباب، فاستجمع القوم. فقال لهم حمزة: ما لكم؟ قالوا: عمر بن الخطاب، قال: أوَعمر بن الخطاب؟ افتحوا له الباب، فإنْ أقبلَ (أي بنية حسنة) قبِلْنا منه، وإنْ أدبرَ (أي جاء بنية سيئة) قتلناه. قال: فسمع ذلك رسول الله r فقال: “ما لكم؟” قالوا: عمر بن الخطاب. فخرج رسول الله r. فقلتُ: أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. فكبّر الصحابة كلهم تكبيرة سمعها أهل مكة. قلت: يا رسول الله، ألسنا على الحق؟ قال: ” بلى. قال: فقلنا: ففيم الاختفاء؟ (أي لماذا نخفي ديننا؟). فخرجنا في صفّين: حمزة في أحدهما، وأنا في الآخر، حتى دخلنا المسجد. قال: فنظرتْ إليّ قريشٌ وإلى حمزة، فأصابتهم كآبة وألم لم يصبهم مثلُها، فسماني رسول الله r يومئذ الفاروق، لأن الإسلام تقوَّى، وفُرّق بين الحق والباطل.
عن أيوب بن موسى أن رسُولَ اللَّهِ r قَالَ إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ الْحَقَّ عَلَى لِسَانِ عُمَرَ وَقَلْبِه، وإنه الفاروق لأن الله تعالى فرّق به بين الحق والباطل.
كان عمر t معتدلَ القامة، قويَّ الجثة، أصلعَ الهامة، مائلا إلى الحمرة، ذا لحية كثّة تلمع من طرفها الحمرة، وخفيفَ العارضين.
أما مشاغل عمر t في الجاهلية، فقد ورد أنه كان يهوى الفروسية والمصارعة، وكان يفوز تقريبا في كل مرة في سباق المصارعة في سوق عكاظ سنويا.
أما في شبابه فكان يرعى جمال أبيه حسب عادة العرب.
لم يكن للقراءة والكتابة رواج في العرب قبل الإسلام، فعندما بعث النبي r لم يكن في قريش إلا سبعة عشر شخصا يعرفون القراءة والكتابة. وكان عمر t أحدًا منهم. وكان عمر t من أشراف قريش.
قبل الإسلام كانت السفارة من قبل قریش إلى عمر بن الخطاب، إنْ وقعت حرب بين قريش وغيرهم بعثوه سفيرًا. فلمّا هاجر بعض المسلمين إلى الحبشة رأى عمر بعض معارفه يهاجرون -مع أنه لم يكن قد أسلم بعد، وكان يتسم بطبع قاس مع ذلك- كانت ردّة فعله تفيض بالرقة العميقة.
عن أم عبد الله بنت أبي حثمة قالت: والله إنا لنترحل إلى أرض الحبشة وقد ذهب زوجي عامر بن ربيعة في بعض حاجاتنا إذ أقبل عمر بن الخطاب حتى وقف عليّ وهو على شِركه -قالت وكنا نلقى منه البلاء أذًى لنا وشدةً علينا- قالت: فقال: إنه للانطلاق يا أم عبد الله؟ قالت: فقلت: نعم والله لنخرجن في أرض الله، آذيتمونا وقهرتمونا، حتى يجعل الله مخرجًا. قالت: فقال: صحبكم الله، ورأيت له رقة لم أكن أراها، ثم انصرف وقد أحزنه -فيما أرى- خروجنا. قالت: فجاء عامر بحاجته تلك، فقلت له: يا أبا عبد الله لو رأيت عمر آنفًا ورقّته وحزنه علينا. قال: أطمعت في إسلامه؟ قالت: قلت: نعم. قال: فلا يُسلِم الذي رأيت حتى يسلم حمار الخطاب. قالت: قال عامر يائسًا منه لما كان يرى من غلظته وقسوته عن الإسلام. أي قال عامر بأن مثل هذا العدو الشديد للإسلام كيف يمكنه أن يسلم. (السيرة النبوية لابن هشام)
لقد ذكر المصلح الموعود t هذه الواقعة بطريقته فقال:
كان عمر t يعادي الإسلام عداء شديدًا، ولكنه كان مزودًا بالمواهب الروحانية أيضًا. أعني أنه، رغم شدة غضبه ورغم إيذائه النبي r وأصحابه، كان يحمل بين جنبيه قلبًا رقيقًا. فعندما أراد المسلمون الهجرة الأولى إلى الحبشة تجهَّزوا للرحيل من مكة قبل صلاة الفجر كيلا يمنعهم المشركون ولا يؤذوهم. وكانت العادة في مكة أن يتفقد بعض رؤسائها شوارعها ليحرسوا الناس من السارقين. فخرج عمر t في تلك الليلة على نوبته للحراسة. فرأى أثاثًا أمام بيتٍ، فتقدم عمر وإذا هو بسيدة واقفة بجنب الأثاث. ولعل عمر كان صديقًا لزوج تلك الصحابية فقال لها: ما هذا؟ يبدو أنكما خارجان على سفر طويل. ولم يكن زوجها عند الأثاث، ولو كان هناك فلربما اختلق لسفره عذرًا من الأعذار خوفًا من عداء المشركين وأذاهم بأنهم ليسوا مسافرين أو يقصدون مكانًا قريبا؛ ولكن لم يكن عند تلك الصحابية أي خوف كهذا، فلزمت الصدق، فقالت يا عمر نحن مهاجرون من مكة. فقال عمر: ولكن لماذا تهاجرون؟ قالت: نترك وطننا لأنك وإخوانك لا يريدون لنا أن نعيش فيه، ولا نستطيع أن نعبد الله تعالى هنا بحرية. فبرغم أن عمر كان يعادي الإسلام عداء شديدًا، وبرغم أنه كان لا يبرح يضرب المسلمين، إلا أنه لما سمع الصحابية الواقفة هناك في ظلام الليل تقول له بأننا نترك أوطاننا لأنك وإخوانك لا يريدون لنا العيش فيه ولا يسمحون لنا بعبادة الله بحرية، حوّل وجهه إلى الناحية الأخرى ثم ودّعها وقال: صحبكم الله. ويبدو أن الرقة قد غلبت عمر لدرجة أنه علم أنه لو لم يحول وجهه إلى الناحية الأخرى لبكى. وبينما هو في ذلك إذ وصل زوج تلك الصحابية. فلما رأى عمرَ واقفًا هناك خاف أن يحول دون سفرهما إذ كان يعلم أنه عدو لدود للإسلام. فسأل زوجته كيف جاء عمر هنا؟ فقالت لقد وجدني واقفة هنا، وسألني عن قصدنا؟ فقال لها إني أخاف أن يثير عمر شرًا. (لعل زوجها رأى عمر واقفا عند زوجته، وكان عمر قد انصرف عند وصوله إلى زوجته أو قبل وصوله، أو ربما انصرف بعد أن لقيه، وبعد ذلك قال لها زوجها: أخاف أن يثير عمر شرًّا)
قالت يا ابن عم -وكانت العادة عن نساء العرب أن يقلن لأزواجهن يا ابن عم- تخاف أن يصيبنا عمر بشر، وأنا أرى أنه سيدخل في الإسلام في يوم من الأيام. فإني لما قلت لـه: إننا تاركون مكة لأنك وإخوانك لا يتركوننا لنعبد ربنا في حرية، أدار وجهه إلى الناحية الأخرى، وقال لي حسنًا، صحبكم الله. وكان في صوته ارتعاش، وأظنه قد اغرورقت عيناه، وأرى أنه سيعتنق الإسلام في يوم من الأيام حتمًا. (السيرة الحلبية الجزء الأول، باب الهجرة الأولى إلى أرض الحبشة)
لقد دعا النبي r لإسلام عمر t. فقد ورد في رواية عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ r قَالَ: “اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِأَحَبِّ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ بِأَبِي جَهْلٍ أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ” قَالَ: وَكَانَ أَحَبَّهُمَا إِلَيْهِ عُمَرُ.
وعن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي r قال: “اللهم أيد الدين بعمر بن الخطاب”.
وعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ r: “اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ خَاصَّةً”.
لقد دعا رسول الله r قبل يوم من إسلام عمر الدعاء التالي: “اللهم أيد الإسلام بأحب الرجلين إليك؛ عمر بن الخطاب أو عمرو بن هشام.”
فلما أسلم عمر نزل جبريل فقال: يا محمد! لقد استبشر أهل السماء بإسلام عمر. وردت هذه الرواية في الطبقات الكبرى.
وورد أيضًا عن إسلام عمر بن الخطاب أنه أسلم في ذي الحجة العام السادس النبوي. ووردت في كتب الحديث والسيرة قصص وروايات كثيرة تذكر سبب قبوله الإسلام. ومنها الرواية التالية التي وردت في السيرة الحلبية: أن أبا جهل قال: يا معشر قريش إن محمدا قد شتم آلهتكم، وسفّه أحلامكم، وزعم أن من مضى من أسلافكم يتهافتون في النار، ألا، ومن قتل محمدًا فله عليّ مائة ناقة حمراء وسوداء وألف أوقية من فضة.
والأوقية الواحدة تساوي أربعين درهمًا أي هي عند البعض تقريبًا 126 غرامًا، وعند الآخرين أزيد منها، وعليه فإنه حدّد مبلغًا كبيرًا جائزة لمن يفعل ذلك.
وفي رواية أخرى: أعلن أبو جهل لمن يقتل محمدًا r كذا وكذا أوقية من الذهب وكذا وكذا أوقية من الفضة وكذا وكذا نافجة من المسك وكذا كذا ثوبا وغير ذلك، فقال عمر: أنا لها، فقالوا له: أنت لها يا عمر، وتعاهدَ عمر معهم على ذلك. قال عمر: فخرجت متقلدا سيفي متنكبا كنانتي -أى جعلتها في منكبي- أريد رسول الله، فمررت على عجل يذبح، فسمعت من جوفه صوتا يقول: يا آل ذريح، (وذريح اسم للعجل المذبوح) صائح يصيح، بلسان فصيح، يدعو إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله r، فقلت في نفسي: إن هذا الأمر لا يراد به إلا أنت.
إذا كانت هذه الرواية من السيرة الحلبية صحيحة فيبدو أنه كشف رآه أو صوت سمعه حين المرور من هناك.
الرواية الثالثة التي وجدناها لإسلام عمر t هي:
عن عمر t «قال: جئت المسجد أريد أن أطوف بالكعبة، فإذا رسول الله r قائم يصلي، وكان إذا صلى استقبل الشام» أي صخرة بيت المقدس «وجعل الكعبة بينه وبين الشام، فكان مصلاه بين الركن الأسود والركن اليماني» (الركن اليماني هو زواية الكعبة تجاه جنوب الغرب ناحية اليمن، لأنه بدون ذلك ما يستطيع أن يستقبل بيت المقدس) أي لأنه لا يكون مستقبلا لبيت المقدس إلا حينئذ كما تقدم «قال: فقلت حين رأيته r لو أني استمعت لمحمد الليلة حتى أسمع ما يقول، قال: فقلت لئن دنوت منه أستمع لأروعنه، فجئت من قبل الحجر فدخلت تحت ثيابها يعني الكعبة، فجعلت أمشي رويدا ورسول الله r قائم يصلي فقرأ r (سورة) الرحمن حتى قمت في قبلته مستقبله ما بيني وبينه إلا ثياب الكعبة، فلما سمعت القرآن رق له قلبي فبكيت ودخلني الإسلام، فلم أزل قائما في مكاني ذلك حتى قضى رسول الله r صلاته ثم انصرف فتبعته، فلما سمع رسول الله r حسي عرفني وظن إنما تبعته لأوذيه فنهمني أي زجرني، ثم قال: ما جاء بك يا ابن الخطاب هذه الساعة؟ قلت: جئت لأؤمن بالله ورسوله وبما جاء من عند الله»
الرواية الرابعة هي أن سيدنا عمر t قال: «ضرب أختي المخاض ليلا، فخرجت من البيت فدخلت في أستار الكعبة، فجاء النبي r فدخل الحجر فصلى فيه ما شاء الله ثم انصرف، فسمعت شيئا لم أسمع مثله، فخرج فاتبعته، فقال: من هذا؟ قلت عمر، قال: يا عمر ما تدعني لا ليلا ولا نهارا، فخشيت أن يدعو عليّ، فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقال: يا عمر أتسرّه (أي إيمانك). قلت: لا والذي بعثك بالحق لأعلننَّه كما أعلنت الشرك، فحمد الله تعالى، ثم قال: هداك الله يا عمر، ثم مسح صدري ودعا لي بالثبات، ثم انصرفت عن رسول الله r ودخل بيته».
والرواية الخامسة والمشهورة عن إسلام عمر t قد سبق بيانها بإيجاز.
عن أنس بن مالك قال: خرج عمر متقلدا السيف، فلقيه رجل من بني زهرة، فقال له: أين تعمد يا عمر؟ فقال: أريد أن أقتل محمدا (والعياذ بالله) قال: وكيف تأمن من بني هاشم، وبني زهرة، وقد قتلت محمدا؟ قال: فقال له عمر: ما أراك إلا قد صبأت وتركت دينك الذي أنت عليه، قال: أفلا أدلك على العجب (أي إنك تقول إني قد صبأتُ وأقول لك أعجب من ذلك وهو) أن ختنك وأختك قد صبأا وتركا دينك الذي أنت عليه قال: فمشى عمر ذامرا حتى أتاهما، وعندهما رجل من المهاجرين يقال له خباب (ولقد بينت هذا الحدث فيما سبق عند ذكر سيرة سيدنا خباب t) قال: فلما سمع خباب بحس عمر توارى في البيت، فدخل عليهما، فقال: ما هذه الهينمة التي سمعتها عندكم؟ قال: وكانوا يقرءون سورة طه فقالا: ما عدا حديثا تحدثناه بيننا. قال: فلعلكما قد صبأتما، فقال له ختَنُه: يا عمر (هل فكرت يوما) إن كان الحق في غير دينك؟ (إذا كنت تبحث عن الحق فهل فكرتَ يوما أن الحق قد يكون في دين غيرك) قال: فوثب عمر على ختنه، فوطئه وطئا شديدا. قال: فجاءت أخته لتدفعه عن زوجها، فنفحها نفحة بيده، فدمي وجهها، فقالت وهي غضبى: وإن كان الحق في غير دينك، إني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله. فلما يئس عمر قال: أعطوني الكتاب الذي هو عندكم فأقرأه قال: وكان عمر يقرأ الكتب، فقالت أخته: إنك رجس، وإنه لا يمسه أي رجس، فقم فاغتسل أو توضأ. فقام عمر فتوضأ، ثم أخذ الكتاب فقرأ طه حتى انتهى إلى إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري: فقال عمر: دلُّوني على محمد، فلما سمع خباب قول عمر خرج من البيت، فقال: أبشر يا عمر، فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله r ليلة الخميس: «اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب، أو بعمرو بن هشام» وكان رسول الله r في الدار التي في أصل الصفا. قال: فانطلق عمر حتى أتى الدار، وعلى باب الدار حمزة وطلحة، وناس من أصحاب رسول الله r، فلما رأى حمزة وجَل القوم من عمر فقال: هذا عمر إن يرد الله بعمر خيرا يسلم فيتبع النبي r، وإن يرد غير ذلك يكن قتله علينا هينا. قال: والنبي r داخل يوحى إليه قال: فخرج رسول الله r حتى أتى عمر، فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف، فقال: ما أنت بمنْتهٍ يا عمر حتى ينزل الله عز وجل بك من الخزي والنكال ما أنزل بالوليد بن المغيرة؟ ثم دعا الله I: «اللهم أعزَّ الإسلام أو الدين بعمر بن الخطاب» فقال عمر: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك عبده ورسوله، وأسلم وقال: اخرج يا رسول الله لنشر الإسلام.
وعن معمر والزهري أن سيدنا عمر t أسلم بعد دخول النبي r دار الأرقم، وأن رقمه أربعون أو أسلم بعد نيف وأربعين من الرجال والنساء. ودار الأرقم هو بيت المسلم حديثًا أرقم بن أبي الأرقم وكان خارج مكة قليلا، وكان المسلمون اتخذوه مركزا يجتمعون فيه للعبادة وتعلُّم الدين وغير ذلك، وبذلك اشتهر باسم دار الإسلام أيضا، فظل مركزا في مكة لثلاث سنوات، وهناك كان المسلمون يعبدون بصمت، ويجالسون النبيَّ r، فلما أسلم سيدنا عمر t بدأوا يخرجون منه علنا.
ورد في الرواية أن عمر t كان آخر من أسلم في هذا المركز وكان إسلامه نصرا للمسلمين فخرجوا من دار الأرقم وبدؤوا بالتبليغ علنا. وواقعة إسلام عمر نفسها وردت في مكان آخر ببعض الإختلاف وهو في هذا الموضع ورد ذكر الآيات البدائية لسورة طه ولكن في موضع آخر ورد ذكر الآيات البدائية لسورة الحديد التي تلاها عمر في بيت أخته.
وهناك رواية سادسة عن إسلام عمر t. قال عمر بن الخطاب t: خَرَجْتُ أَتَعَرَّضُ رَسُولَ اللهِ r قَبْلَ أَنْ أُسْلِمَ، فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَى الْمَسْجِدِ، فَقُمْتُ خَلْفَهُ، فَاسْتَفْتَحَ سُورَةَ الْحَاقَّةِ، فَجَعَلْتُ أَعْجَبُ مِنْ تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ، قَالَ: فَقُلْتُ: هَذَا وَاللهِ شَاعِرٌ كَمَا قَالَتْ قُرَيْشٌ، قَالَ: فَقَرَأَ: “إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَّا تُؤْمِنُونَ”، قَالَ: قُلْتُ: كَاهِنٌ، قَالَ: “وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ * تَنْزِيلٌ مِّنْ رَّبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ * ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ * فَمَا مِنْكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ.” إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، قَالَ: فَوَقَعَ الْإِسْلامُ فِي قَلْبِي كُلَّ مَوْقِعٍ.” (مسند أحمد، كتاب مسند العشرة المبشرين بالجنة)
وهناك رواية سابعة عن إسلام عمر t في صحيح البخاري عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: مَا سَمِعْتُ عُمَرَ لِشَيْءٍ قَطُّ يَقُولُ إِنِّي لَأَظُنُّهُ كَذَا إِلَّا كَانَ كَمَا يَظُنُّ بَيْنَمَا عُمَرُ جَالِسٌ إِذْ مَرَّ بِهِ رَجُلٌ جَمِيلٌ فَقَالَ لَقَدْ أَخْطَأَ ظَنِّي أَوْ إِنَّ هَذَا عَلَى دِينِهِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَوْ لَقَدْ كَانَ كَاهِنَهُمْ عَلَيَّ الرَّجُلَ فَدُعِيَ لَهُ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ اسْتُقْبِلَ بِهِ رَجُلٌ مُسْلِمٌ (كان هذا الرجل أسلم فيما بعد) قَالَ (عمر t) فَإِنِّي أَعْزِمُ عَلَيْكَ إِلَّا مَا أَخْبَرْتَنِي، قَالَ: كُنْتُ كَاهِنَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، قَالَ: فَمَا أَعْجَبُ مَا جَاءَتْكَ بِهِ جِنِّيَّتُكَ، قَالَ بَيْنَمَا أَنَا يَوْمًا فِي السُّوقِ جَاءَتْنِي أَعْرِفُ فِيهَا الْفَزَعَ فَقَالَتْ أَلَمْ تَرَ الْجِنَّ وَإِبْلَاسَهَا وَيَأسَهَا مِنْ بَعْدِ إِنْكَاسِهَا وَلُحُوقَهَا بِالْقِلَاصِ وَأَحْلَاسِهَا؟ قَالَ عُمَرُ: صَدَقَ، بَيْنَمَا أَنَا نَائِمٌ عِنْدَ آلِهَتِهِمْ إِذْ جَاءَ رَجُلٌ بِعِجْلٍ فَذَبَحَهُ فَصَرَخَ بِهِ صَارِخٌ لَمْ أَسْمَعْ صَارِخًا قَطُّ أَشَدَّ صَوْتًا مِنْهُ يَقُولُ: يَا جَلِيحْ أَمْرٌ نَجِيحْ رَجُلٌ فَصِيحْ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فَوَثَبَ الْقَوْمُ قُلْتُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَعْلَمَ مَا وَرَاءَ هَذَا ثُمَّ نَادَى يَا جَلِيحْ أَمْرٌ نَجِيحْ رَجُلٌ فَصِيحْ يَقُولُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ فَقُمْتُ فَمَا نَشِبْنَا أَنْ قِيلَ هَذَا نَبِيٌّ. (صحيح البخاري، كتاب المناقب) وفي بعض النسخ لصحيح البخاري ورد “لا إله إلا أنت” بدلا من “لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ”. هذه رواية صحيح البخاري.
باختصار، تعددت الروايات عن إسلام عمر t في كتب التاريخ والسيرة وأشهر هذه الروايات هي التي وردت في معظم الكتب وتقول بأن عمر خرج بسيفه عازما قتل النبي r فقال له شخص في الطريق اذهب إلى بيت أختك فذهب إلى بيت أخته وزوجها. هذه الرواية تُحسب أوثق، وهي وردت في معظم الكتب ولكن توجد روايات أخرى أيضا وقد ذكرتها. وقد تحدث كثيرا كل من المؤرخين وأصحاب السيرة في صحة هذه الروايات بحسب رأيهم، ولكننا نرى الرواية، التي تتحدث عن بيت أخته وزوجها والذهاب من هناك إلى دار الأرقم، صحيحة. ومن الممكن جدا أن تكون جميع الروايات عن قبولِ عمر الإسلامَ صحيحةً وتدل على حدوث انقلاب في قلب عمر t في مناسبات مختلفة. أيْ حدثت أحداث مختلفة أحدثت انقلابا في قلبه ولكنه لم يخطو خطوة أخيرة إلا في الحادث الأخير حين سمع القرآن في بيت أخته وزوجها ثم ذهب إلى النبي r لقبول الإسلام. والله أعلم بالصواب.
كان عمر t في الثالث والثلاثين من عمره حين بايع وأسلم وكان رئيس بني عدي، وكذلك كان سفير قريش، والمعلوم أنه كان وجيها وجريئا وشجاعا للغاية، تقوى المسلمون بإسلامه فخرجوا من دار الأرقم وصلوا في البيت الحرام علنا. كان عمر آخر الصحابة إسلاما في دار الأرقم، وذلك في الشهر الأخير من السنة السادسة بعد النبوة، وكان عدد رجال المسلمين حينها أربعين. سأذكر الباقي لاحقا إن شاء الله.
والآن أريد أن أذكر بعض المرحومين الذين سأصلي عليهم صلاة الغائب. أولهم السيد أحمد محمد عثمان الشبوطي ابن محمد أحمد الشبوطي من اليمن. توفي في جمهورية مصر يوم 9 أبريل/نيسان 2021 عن عمر يناهز 87 عامًا، إنا لله وإنا إليه راجعون. وُلد أحمد محمد عثمان الشبوطي في مدينة عدن باليمن وحين ذهب الداعية غلام أحمد إلى عدن بايع السيد الشبوطي في سن الرابعة عشرة. وبعد ذلك خدم الجماعة في مناصب مختلفة وبصفته رئيس الجماعة في اليمن لفترة طويلة إلى أن وافته المنية. كان زواجه من السيدة وسيمه محمد أحمد دين ابنة الدكتور محمد أحمد عدني وهي حفيدة الصحابي حضرة حاجي محمد دين الدهلوي والصحابية حضرة حسينه بي بي رضي الله عنهما، وقد عُقد قرانهما في ربوة ولكن في غيابه. ثم نشأ ارتباطه بالمركز ووُفق لزيارة ربوة وتشرف بلقاء حضرة المصلح الموعود t وزار صلحاء الجماعة والصحابة أيضا.
تلقى دراسته العليا في مجال التمريض والإدارة الصحية من عدة جامعات في بريطانيا وكان آخرها ماجستير في الإدارة الصحية من جامعة ليفربول في المملكة المتحدة. وشغل 29 عامًا تقريبا مناصبَ عديدة منها منصب عميد المعهد العالي للعلوم الصحية في اليمن كما عمل في مهام مؤقتة كمستشار لمنظمة الصحة العالمية في بعض البلدان من الشرق الأوسط ومناطق أخرى.
كان مريضا منذ فترة وقبل أشهر انتقل إلى مصر ساعيا للحصول على التأشيرة لبريطانيا وكان يتعالج أيضا هناك واشتد مرضه مما أدخله المشفى وبعد بضعة أيام من دخوله المشفى لقي خالقه في 9 نيسان/أبريل. كان منخرطا في نظام الوصية وخلف وراءه زوجته وابنه محمد الشبوطي الذي يشتغل طبيبا في أمريكا وثلاث بنات وأحفاد وحفيدات. البنت الكبرى في اليمن وإحدى البنات في ألمانيا وابنته السيدة مروى الشبوطي تخدم هنا في أيم تي ايه العربية.
قالت ابنته السيدة مروى الشبوطي: لا شك أن الجنة تحت أقدام الأمهات ولكنني وجدتُ حنانه مثل حنان الأمهات، أو لم أجد فرقا بين حنان أبي وحنان أمي. وقالت أيضا: كان والدي تقيا صالحا وذا أخلاق عالية ومتواضعا للغاية ومتحليا بالصبر والصدق والأمانة ومهتما بالفقراء ومحبا للجميع والبشرية كلها. وقد كتب كثير من معارفه أنه كان يتحلى بهذه الأمور. كان ينجز مهامه بدقة متناهية، ويلتزم بالمواعيد ويفي بوعده دائما. كان يكثر من النوافل والعبادات الأخرى. كان يهتم دائما بأداء الصلاة المكتوبة بالتزام. ووفّق أبواها لأداء حج بيت الله في عام 2002م.
يقول السيد خالد علي الصبري القائم بأعمال رئيس الجماعة في اليمن: كان المرحوم يتمتع بشخصية قوية وحضور قوي بالرغم من كبر سنه وكان أيضًا طيب القلب دائم الابتسامة كريما ومرحِبًا بضيوفه وكل فرد يدخل في الجماعة يعامله معاملة الأب الحنون. كان ينفق من ماله الخاص عند احتياج جماعتنا لشراء أي شيء فيه خدمة الجماعة كشراء طابعة وفاكس وما شابه ذلك. كان يشفق على الفقراء كثيرا ويمد يد العون إلى عائلات أحمدية كثيرة ويتكفل بأيتام وأرامل من الجماعة، وحتى أنه كان يدفع إيجار شهري من ماله الخاص لإحدى العائلات النازحة من مناطق الحرب.
بالرغم تقدمه في العمر سافر من عدن إلى صنعاء وقطع مسافة كبيرة جدا وشاقة لـ20 ساعة وكانت هذه الرحلة الشاقة في عام 2018 وفي أوج فترة حرب السعودية على اليمن وكانت الطريق محفوفة بالمخاطر بسبب نقاط التفتيش. كان المشي على الأقدام صعبا له بسبب تقدمه في السن إلا أنه تحمل مشقة السفر ذهابا وإيابا من أجل مشاركة جماعة صنعاء في صلاة عيد الأضحى وتقديم هدايا العيد وإسعاد الأسر الفقيرة والمشاركة في أفراحها. وكان قدومه مفرحا جدا لجميع أفراد الجماعة.
الجنازة التالية هي للمرحوم قريشي ذكاء الله الذي كان يعمل محاسبا في مكتب الجلسة السنوية، وقد توفي في 19 شباط عن عمر يناهز 87 عاما، إنا لله وإنا إليه راجعون. دخلت عائلته الأحمديةَ بواسطة جده من الأم وجدّ زوجته من الأب السيد خورشيد علي t. عندما جاء سيدنا المسيح الموعود u إلى مدينة سيالكوت، تشرف السيد خورشيد علي -وكان عمره 16 عاما- ببيعته u. لقد توفِّيت زوجة السيد ذكاء الله من قبل، وترك المرحوم وراءه خمس بنات وابنا، وهو حافظ للقرآن ويسكن هنا في بريطانيا. إحدى بناته هي زوجة موظف يعمل في مكتب السكرتير الخاص في ربوة. والأخرى تسكن في مدينة مانشستر ببريطانيا. وقد توفِّيت إحدى بناته. لقد بدأ بخدمة الجماعة في عام 1954م كموظف تحت إشراف حضرة مرزا بشير أحمد t الذي كان رئيسا للجنة المشرفة. وقد توظف المرحوم في مؤسسة صدر أنجمن أحمدية أكثر من 58 عاما. يقول ابنه الحافظ شمس الضحى: لقد وُفِّق والدي للعمل تحت إشراف حضرة مرزا بشير أحمد t، وكان يزوره في بيته. ذات مرة ذهب إلى بيت مرزا بشير أحمد t، وذلك في أوائل الأيام فقال له: تفضل بالجلوس. قال أبي: كيف يمكنني أن أجلس أمام ابن المسيح الموعود u؟ فقال مرزا بشير أحمد t: الأمر فوق الأدب، فجلس أبي مراعاة للأمر. كان والدي قليل الكلام ملتزما بالصلوات الخمس جماعة إلى جانب الالتزام بصلاة التهجد. كان يدفع التبرعات نيابة عن المرحومين. وكان يستضيف في بيته المتقدمين في السن من العائلة ويخدمهم، وبعضهم توُفُّوا في بيتنا. كان مخلصا ومحبا للخلافة بشدة. وكان يسعى جاهدا أن يخلق هذه العاطفة في أولاده أيضا. كان يأخذني معه للصلاة عندما كنت صغيرا وكان كثيرا ما ينصحني في الطريق أنه كلما كلَّفك الخليفة لأمر ما يجب أن تكون مستعدا للخدمة دائما. كان ينفق على عديد من الفقراء والعائلات الفقيرة.
تقول بنته السيدة أمة السلام: لقد وهب والدي من مِلكه الخاص قطعة أرض باسم صدر أنجمن أحمدية لبناء المسجد في حارة “نصير آباد سلطان بوره” في ربوة. كان يختم دورة تلاوة القرآن مرتين كل شهر عادة. لقد دبّر المرحوم لتعليم بناته الخمس وابنه جيدا وربّاهم جميعا على أحسن ما يرام.
الجنازة التالية هي للمرحوم مَلِك خالق داد من كندا الذي توفِّي عن عمر يناهز 85 عاما، إنا لله وإنا إليه راجعون. كان جده من الأم حضرة شيخ نور الدين t تاجرا في قاديان وكان من صحابة المسيح الموعود u. أما جده من الأب، السيد مولا داد فقد وُفِّق للانضمام إلى الأحمدية نتيجة البيعة على يد الخليفة الأول t. خدم كرئيس الجماعة المحلية في كراتشي إلى فترة طويلة، كما خدم في كندا في مكتب المال. كان ملتزما بالصلاة والصوم، ومواسيا للجميع ويساعد الفقراء وكان إنسانا مخلصا ووفيّا جدا. كان سباقا دائما في أداء التبرعات والإسهام في مشاريع مالية أخرى. كان يحب الخلافة كثيرا. لقد لاحظتُ أنا أيضا أن علاقته بالخلافة كانت متسمة بالحب والولاء الكثير. كان من أوائل المشتركين في نظام الوصية بفضل الله تعالى. ترك وراءه أرملة وأربعة أبناء وثلاث بنات. أحد أبنائه يعمل في الهيئة الإدارية المركزية في جماعة كندا.
الجنازة التالية هي للسيد محمد سليم صابر الذي كان يعمل في مكتب “الأمور العامة” في ربوة، وقد توفي في 27 آذار عن عمر يناهز 77 عاما، إنا لله وإنا إليه راجعون. تعرفت عائلته على الأحمدية بواسطة والده السيد ميان نور محمد الذي كان صحابيا للمسيح الموعود u. كان والد المرحوم يسكن في قرية “ونجوان” قريبة من قاديان فذهب إلى قاديان وبايع على يد المسيح الموعود u في عام 1903م. لقد عيِّن المرحوم في صدر أنجمن أحمدية في 19/5/1962م، ثم انتقل إلى مكتب السكرتير الخاص في عام 1968م، وقد اختاره الخليفة الثالث رحمه الله بنفسه للعمل في مكتبه. ثم عمل كمحاسب في مكتب “الأمور العامة” من عام 1987م إلى 2006م. إن مدة خدمته للجماعة ممتدة إلى 69 عاما تقريبا. كان منخرطا في نظام الوصية. يقول صهره وهو ابن أخته أيضا: كان المرحوم ملتزما بصلاة التهجد. وكان يدعو في الصلاة ولا سيما في صلاة التهجد بألم وحرقة كبيرة لدرجة كان قلب الجالس بالقرب منه يذوب ويرِقّ. كان يوصي الأجيال الناشئة دائما بطاعة الخلافة وكان يقضي وقته في المكتب خارج أوقات الدوام أيضا. كان يشعر بمعاناة الآخرين كمعاناته وآلامهم كآلامه. وكان يحل مشاكل الناس في ضوء طاعة الخليفة وطاعة نظام الجماعة. كان يصلّى على النبي r دائما. وكان يساعد الفقراء بصمت. كان يتحلى بصفات حميدة كثيرة.
الجنازة التالية هي للسيدة نعيمة لطيف زوجة السيد صاحبزاده مهدي لطيف من أميركا. وقد توفيت في 10 آذار، إنا لله وإنا إليه راجعون. إن زوج المرحومة، السيد مهدي لطيف حفيد الشهيد الصاحبزاده عبد الله. حصلت المرحومة على شهادة الماجستير في علم النباتات من جامعة بيشاور بباكستان في عام 1969م، ثم عملت باحثة في قسم البحوث في علم النباتات في جامعة بيشاور، وظلت منخرطة بهذا العمل إلى عام 1972م. ثم نذرت حياتها تحت مشروع “نصرت جهان” الذي بدأ به سيدنا الخليفة الثالث رحمه الله. كذلك نذر أخوها الصغير أيضا حياته تحت المشروع نفسه وسافرت إلى نيجيريا ومكثت هنالك إلى 1975م، وفي هذه الأثناء عملت عميدة لكلية عربية للنساء. ثم سافرت في عام 1975م إلى أميركا وعملت في جامعة نبراسكا كباحثة في مجال علم النباتات. ثم سافرت إلى ميري لاند، ووفقت هناك في لجنة إماء الله في مناصب مختلفة، وعملت كنائبة رئيسة لجنة إماء الله في أميركا، كذلك كرئيسة لجنة إماء الله في واشنطن. كانت تحب الجميع وتشارك في أفراح الآخرين وأتراحهم. تركت وراءها زوجها وأربعة إخوة وأختين، علما أنها لم تُرزق أولادا. أحد إخوتها يخدم نائبا لرئيس الجماعة في أميركا، وآخر يعمل في دار القضاء في أميركا.
الجنازة التالية هي للسيدة صفية بيغم زوجة السيد محمد شريف في كندا وقد توفيت في 11 آذار عن عمر يناهز 80 عاما. إنا لله وإنا إليه راجعون. كانت المرحومة البنت الكبرى للمرحوم المولوي جراغ دين، داعية الجماعة في بيشاور. وقد وُفِّقت لخدمة الجماعة طويلا في مدينه “واه كينت” بباكستان. توفِّي زوجها في حادث مرور في عام 1993م. وقد ربّت المرحومة أولادها على أحسن وجه بعد وفاة زوجها. كانت ملتزمة بالصوم والصلوات الخمس وبصلاة التهجد، وكانت صبورة وشكورة، دمثة الأخلاق وصالحة ومواسية للجميع. كانت قد أوصت في نظام الوصية بثُلث دخلها وأملاكها. تركت وراءها أربع بنات وابنا. جميع أولادها يخدمون الجماعة بشكل أو بآخر. ندعو الله تعالى أن يرحم هؤلاء المرحومين جميعا ويغفر لهم ويرفع درجاتهم.