خطبة الجمعة
التي ألقاها أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز
الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي u بتاريخ 28/5/2021
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرّجيم. ]بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يوْم الدِّين * إيَّاكَ نعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهمْ وَلا الضَّالِّينَ[، آمين.
]وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ[ (النور: 56-57)
كان يوم الأمس هو 27 من أيار/ مايو، ونذكر هذا اليوم بصفته يوم تأسيس الخلافة، وبهذا الشأن تُعقد الجلسات أيضا في فروع الجماعة، لنبقى مطلعين على تاريخ الجماعة وواجباتنا تجاه الخلافة؛ لنكون من الذين يؤدون مسؤولياتهم بعد بيعة الخلافة، ونستمر في نوال أفضال الله تعالى. لقد منّ الله تعالى علينا إذ وفقنا للإيمان بمن بعثه الله فينا في هذا الزمان ليُطلعنا على تعليم الإسلام الحقيقي، ثم وفقنا I لبيعة الخلافة لنضع أمامنا دائما التعليم الذي أخبرنا به المسيح الموعود u، ولننشره أيضا في العالم باستمرار. فالارتباط بالخلافة يلقي على عاتق كل أحمدي مسؤولية كبيرة، فإن أدّيناها فإننا بذلك سنؤدّي حق هذه المنَّة التي منّ الله بها علينا.
لقد وعد الله تعالى في الآيات التي تلوتها بتمكين الدين، وتبديل الخوف أمنا، ولكنه I جعل ذلك الوعد مشروطا بشرط؛ وهو أنه يجب علينا أن نكون أقوياء الإيمان، ونكسب الأعمال الصالحة، ونؤدي حق عبادة الله تعالى، وألا نشرك بالله شيئا، ويجب ألا تكون في أعمالنا أدنى شائبة من الشرك. وإن الصلاة وعبادة الله ضرورية جدا للقيام بالأعمال المذكورة آنفا. وقد علّم الله تعالى في هذه الآيات طريق العبادة وهو الالتزام بالصلاة. كذلك لا بد من الإنفاق في سبيل الله وطاعة الرسول r، فأنفقوا في سبيل الله وأطيعوا جميع أوامر الله ورسوله.
فلو جعلنا كل هذه الأمور نصب أعيننا، وبذلنا قصارى جهودنا للعمل بها، ووفينا بعهدنا أننا سنقدم الدين على الدنيا، وعملنا بهذا العهد بصدق القلب، عندها فقط ننال نصيبا من إنعامات الله تعالى التي وعدها، ونتمكّن من الاستفادة من بركات الخلافة أيضا. إذًا، هذه الآيات تتضمن بشرى عظيمة للمؤمنين. وفي الوقت نفسه تضعنا أمام فرصة تأملية أيضا، لأننا إن لم نعمل بالشروط الواردة فيها كما هو حقها فلن ننال بركات هذه النعمة على وجه الحقيقة. فالذي لا يلتزم بالصلاة ولا يؤدي الزكاة ولا يؤدي حقوق الله وحقوق العباد لن ينال أفضال الله تعالى كما قلتُ قبل قليل. فالاطلاع على التاريخ والاحتفال بيوم الخلافة وحده لا يكفي ما لم نصبح عبادا حقيقيين لله تعالى. أي ما لم نلتزم بالصلاة ولم نؤدّ حقوق الله وحقوق العباد لن ينفع أحدا الاحتفال بيوم الخلافة. لذا يجب علينا أن نفحص كيفية إيماننا، ولنرى هل نتحلى بخشية الله؟ هل نسلك دروب التقوى الدقيقة؟ هل نحب الله تعالى أكثر من أي شيء آخر؟ هل نطيع الله تعالى ورسوله طاعة كاملة؟ ثم يجب أن نفحص أعمالنا أيضا بدقة، وهل كل عمل من أعمالنا يطابق تعليم الإسلام الحقيقي؟ وهل نقوم بهذه الأعمال للرياء، وهل نصلّي لإراءة الناس؟ أو هل إنفاقنا في سبيل الله وأداؤنا الزكاة ناتج عن الرياء؟ أو هل نصوم رياءً أم لوجه الله؟ وهل نحج لننال من الناس لقب: “الحاج”؟ لن نُعدّ مطيعين صادقين لله ولرسوله، ولن ننال سكينة وطمأنينة قلبية إلا إذا كان كل عمل من أعمالنا لنيل رضا الله تعالى فقط. لن يتكوّن المجتمع تحت ظل الخلافة إلا إذا أدّينا حقوق الله وحقوق العباد في كل عمل من أعمالنا. إذن، الكلام باللسان فقط لا ينفع شيئا، بل لا بد من جعْل أوامر الله تعالى أمام أعيننا دائما. والمؤمنون الذين يكسبون أعمالا صالحة هم الذين سينالون البركات والفيوض.
يقول المسيح الموعود u: “لقد ذكر الله تعالى العمل الصالح أيضا مع الإيمان. المراد من العمل الصالح ألا تخالطه أدنى شائبة من الفساد. اعلموا يقينا أن اللصوص يحاولون دائما أن ينهبوا أعمال الإنسان. وما أدراك ما تلك اللصوص؟ منها الرياء أي يعمل الإنسان لإراءة الآخرين لينال إعجابهم، أي يفرح المرء في نفسه بعد القيام بعمل ما. ومنها أنواع عدة من سوء الأعمال والذنوب التي تصدر منه وتؤدي إلى إبطال عمله. والعمل الصالح هو الذي لا تشوبه شائبة الظلم والعُجب والرياء، والكبر وإتلاف حقوق الناس. (أي عندما تتخلون عن كل الأعمال السيئة عندها ستكونون مؤمنين صادقين) فكما ينال الإنسان النجاة في الآخرة بناء على الأعمال الصالحة كذلك تماما ينالها في الدنيا أيضا. إذا كان في البيت شخص واحد ذو أعمال صالحة يُنقذ البيت كله. اعلموا أنه لا فائدة من الإيمان ما لم تعملوا أعمالا صالحة.”
إذًا، إن كسب الأعمال الصالحة ضروري جدا إلى جانب الإيمان. حيث يقول المسيح الموعود u:
“العمل الصالح لا يأتي نتيجة مرضاتنا ورغباتنا. بل الأعمال الصالحة هي تلك التي لا تشوبها شائبة الفساد قط لأن الصالح ضد الطالح. كما أن الطعام يكون طيبا حين يكون ناضجا وغير محروق، وليس من نوع أدنى بل يكون من النوع الذي يصبح جزءا من الجسم فورا. كذلك من الضروري تماما ألا يشوب العمل الصالح أي نوع من الفساد أي يكون مطابقا لأمر الله تعالى وسنة النبي r، ولا يشوبه كسل ولا عُجبٌ ولا رياء ولا هوًى”. (أي لا تقترحوا من عند أنفسكم أن عملكم هذا صالح وهذا غير صالح، ولا تفسروا من عند أنفسكم ولا تظنوا أن هذا هو المراد من قول كذا وكذا. بل يجب أن تعملوا به حرفيا، واعملوا بأوامر الله ورسوله، عندها سيكون العمل صالحا). يقول u: حين يكون العمل على هذا المنوال يُسمّى عملا صالحا وهو بمنـزلة الكبريت الأحمر[1].
[1] أي كشيء نادر. (المترجم)
أقول: هذا مهم جدا، فإذا نلتم هذه الحالة، فاعلموا عندها أنكم ستكونون ممن يستفيد من وعد الله تعالى. وأولئك الذين يفون بعهدهم لحماية الخلافة الأحمدية، وليس مَن يبدأون بأنفسهم في شرح العمل الصالح وتفسير الأمر المعروف وتتغلب عليهم أنانيتهم بسبب مصالحهم الشخصية، لن ينفع هؤلاء انتماؤهم إلى الخلافة مهما كرروا إعلان انتمائهم إليها. كلا، بل إن الذين يطيعون الخلافة بإخلاص وصدق فأولئك هم الأوفياء بالخلافة حقًا، وهم الذين يقومون بحماية الخلافة والخلافة تحفظهم، وأدعية الخليفة تحالفهم، وكروبهم وهمومهم تدفع الخليفة للدعاء لهم، وإن هؤلاء الذين يعملون الصالحات هم الذين يكونون على صلة مع الخلافة والخلافة على صلة بهم ولوجه الله تعالى.
فهذه هي الخلافة الحقة التي تكون العلاقة فيها بين الجماعة والخليفة من أجل مرضاة الله تعالى، وهذه هي الخلافة التي هي تتسبب في التمكين والأمان، وهذه العلاقة بين أفراد الجماعة والخليفة هي التي تجعل الطرفين ورثة لأفضال الله تعالى. إن المسلمين الآخرين أيضا يريدون إقامة الخلافة، ولكن حيلهم الدنيوية وتدابيرهم المادية هذه لن تنفعهم شيئا، إذ لا تقام الخلافة بهذه الحيل مهما سعوا لذلك. فالآن لن تقوم الخلافة ولن تستمر إلا كما قضى الله تعالى. فهذا الأمر، أعني إنعام الله علينا بالخلافة، يجب أن يحفّزنا على خلق مشاعر الشكر لله تعالى في قلوبنا والإنابة إليه، كما يجب أن يملأ قلوبنا بخشية الله كل حين، فنراقب أعمالنا ونرى ما إذا كانت وفق أحكام الله ورسوله أم لا؟ وما إذا كنا قد بلغنا المستوى المطلوب في أداء حقوق الله وحقوق العباد.
فعلى كل أحمدي أن يقضي كل لحظة من حياته شاكرًا لله على إنعامه علينا بنعمة الخلافة، وفاحصا نفسه ليرى ما إذا كانت أعماله موافقة لأحكام الله تعالى أم لا. ولو عشنا بهذا التفكير وأصلحنا أعمالنا بحسبه، مع الدعاء لبقاء الخلافة فينا، فسوف نظل وارثين للإنعامات الإلهية أيضا بدون انقطاع وبلا منازع. وهذا ما أخبرنا به سيدنا المسيح الموعود عليه السلام بأن الله تعالى قد طَمْأَنَه مبشرا بأن نظام الخلافة سيظل مستمرا، وأن البشارات التي بشره الله تعالى بها لا بد أن تتحقق إنْ وفينا بهذه الشروط. وقد أسهب عليه السلام في أمر الخلافة كثيرا في كتيب “الوصية” حيث قال:
“إن هذه هي سنة الله، ومنذ أن خلق الإنسانَ في الأرض فما زال يظهر هذه السنة دون انقطاع حيث ينصر أنبياءه ومرسليه، ويكتب لهم الغلبة، كما قال تعالى: ]كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي[. والمراد من الغلبة هو أن الرسل والأنبياء كما يريدون أن تتم حجة الله على الأرض بحيث لا يقدر أحد على مقاومتها، فإن الله تعالى يظهر صدقهم بالآيات القوية، ويزرع على أيديهم بذرة الحق التي يريدون نشرها في الدنيا، غير أنه لا يكمِّله على أيديهم، بل يتوفاهم في وقت يصحبه الخوفُ من الفشل باديَ الرأي، فيُفسح بذلك المجالَ للمعارضين ليَسخَروا ويستهزئوا ويطعنوا ويشنّعوا. وحينما يكونون قد أخرجوا كل ما في جعبتهم من سخرية واستهزاء يُظهر الله تعالى يدًا أخرى من قدرته، ويهيِّئ من الأسباب ما تكتمل به الأهداف التي كانت غير مكتملة لحدٍّ ما إلى ذلك الحين.”
نرى أن وفاة سيدنا المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام إذ هزت كيان كل أحمدي، فإنها قد جعلت المعارضين أيضا يطبّلون ويزمرون فرحين، فهذروا بما يندى له جبين الإنسانية، وتكلموا ببذاءة قذرة تذهل المرء فيتساءل: كيف يمكن لقوم يدّعون الإيمان بالله ورسوله أن يتردوا إلى هذه الدرجة. ولا حاجة بي لذكر بذاءاتهم هذه، إلا أنني سأذكر هنا بعض جهودهم للقضاء على جماعة المسيح الموعود u، وكيف أنهم نشروا الأراجيف بين الناس عن تشتُّت شمل الجماعة وتوبة الأحمديين عن الأحمدية. فمثلا أشاع أتباع المتصوف البير جماعت علي شاه أن المرزائيين يتوبون عن الأحمدية ويبايعون، أي أن الأحمديين يتوبون عن الأحمدية بعد وفاة المسيح الموعود (عليه السلام) وينضمون إلى صفوف أتباع شيخهم.
وأشار الخواجه حسن نظامي على الأحمديين وقال: عليهم أن ينكروا صراحةً دعوى المرزا بكونه مسيحا موعودا ومهديا، وإلا فإننا نخاف أن الجماعة الأحمدية لن تقدر على الصمود أمام معارضة المعارضين في غياب شخص حكيم ومنظم مثل المرزا، وسوف يتشتت شملها.
يقدم هذا المعارض مشورته للأحمديين بلغة لينة جدا كما يفعل الساسة، إذ كان من الشخصيات المحترمة، فتظاهر بكونه إنسانا بسيطا ومواسيا للأحمديين، وأشار على الأحمديين وقال إن حضرة المرزا قد توفي الآن، ولن يقدر بعده أحد على لم شملكم، فالأفضل لكم أن تتركوا الأحمدية وتنضموا إلينا. ولكن هذا الرجل لم يكن يعلم شيئا، ولم تقدر عينه أن تبصر عظمة الوعود التي وعد بها الله تعالى سيدَنا المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام حيث أوحى إليه وقال: “إني معك ومع أحبائك”، كما بشّره الله تعالى بقيام خلافته بعد وفاته، وكان لا بد من أن يتحقق ما وعد الله به من وعود وأنباء. فقد قال المسيح الموعود u بمنتهى الصراحة أن جماعة الأنبياء ترى القدرة الثانية أيضا. وقد ذكر حضرته هنا مثال الأنبياء الذي فيه ردٌّ على بعض الأحمديين الضعاف الطباع الذين يتلعثمون أحيانا في الإعلان بأن سيدنا المسيح الموعود عليه السلام كان نبيا. باختصار قد بيَّن عليه السلام في الفقرة التالية أن جماعة الأنبياء ترى القدرة الثانية أيضا، وسوف ترونها أنتم أيضا إن ظللتم مؤمنين وعملتم الصالحات، حيث قال عن ظهور القدرة الثانية واستمرارها:
“فالحاصل أنه تعالى يُري قسمين من قدرته: أولاً، يُري يدَ قدرته على أيدي الأنبياء أنفسهم، وثانيًا، يُري يدَ قدرته بعد وفاة النبي حين تواجه المحن، ويتقوى الأعداء ويظنّون أن الأمر الآن قد اختلّ، ويوقنون أن هذه الجماعة موشكة على الانقراض، حتى إن أفرادها أنفسهم يقعون في الحيرة والتردد، وتنقصمُ ظهورهم، بل ويرتدّ العديد من الأشقياء منهم، عندها يُظهر الله تعالى قدرتَه القوية ثانيةً ويُساند الجماعة المنهارة. فالذي يبقى صامدًا صابرًا حتى اللحظة الأخيرة يرى هذه المعجزة الإلهية، كما حصل في عهد سيدنا أبي بكر الصديق، حيث ظُنَّ أن وفاة الرسول r قد سبقت أوانَها، وارتد كثير من جهال الأعراب، وأصبح الصحابة من شدة الحزن كالمجانين، عندها أقام الله تعالى سيدنا أبا بكر الصديق، وأظهر نموذجًا لقدرته مرة أخرى، وحمى الإسلام من الانقراض الوشيك. وهكذا أتم U وعده الذي قال فيه: ]وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا[.. أي أنه تعالى سوف يثبّت أقدامهم بعد الخوف.
ثم قال حضرته: فيا أحبائي، مادامت سنة الله القديمة هي أنه تعالى يُري قدرتين، لكي يحطّم بذلك فرحتَين كاذبتين للأعداء.. فمن المستحيل أن يغيّر الله تعالى الآن سنته الأزلية. لذلك فلا تحزنوا لما أخبرتكم به ولا تكتئبوا، إذ لابد لكم من أن تروا القدرة الثانية أيضًا، وإن مجيئها خير لكم، لأنها دائمة ولن تنقطع إلى يوم القيامة. وإن تلك القدرة الثانية لا يمكن أن تأتيكم ما لم أغادر أنا، ولكن عندما أرحل سوف يرسل الله لكم القدرةَ الثانية، التي سوف تبقى معكم إلى الأبد بحسب وعد الله الذي سجلتُه في كتابي “البراهين الأحمدية”، وإن ذلك الوعد لا يتعلق بي بل يتعلق بكم أنتم. كما يقول الله U: إني جاعل هذه الجماعة الذين اتبعوك فوق غيرهم إلى يوم القيامة.
فمن الضروري أن يأتيكم يومُ فراقي لِيليه ذلك اليوم الذي هو يوم الوعد الدائم. إن إلـهنا إلـهٌ صادق الوعد، وفِيٌّ وصدوق، وسيُحقق لكم كل ما وعدكم به. وبالرغم أن هذه الأيام هي الأيام الأخيرة من الدنيا، وهناك كثير من البلايا والمصائب التي آن وقوعها، ولكن لا بد أن تظل الدنيا قائمة إلى أن تتحقق جميع تلك الأنباء التي أنبأ الله تعالى بها. لقد بُعثتُ من الله تعالى كمظهر لقدرته I، فأنا قدرة الله المتجسدة. وسيأتي من بعدي آخرون، سيكونون مظاهر قدرة الله الثانية. لذلك كونوا منتظرين لقدرة الله الثانية داعين لمجيئها مجتمعين. (كتيب الوصية)
فبحسب نبوءة المسيح الموعود u وبحسب وعد الله تعالى له، نرى منذ 113 عامًا تحققًا حرفيا لوعود نزول أفضال الله تعالى. لقد قال المعارضون عند وفاة المسيح الموعود u: قد قُطع رأس هذه الجماعة فما الذي بقي لديها الآن؟ فليترك الأحمديون هذه الجماعة لأنه لا يمكن لأحد أن يحتويها الآن، وما إلى ذلك من أمور ذكرتها قبل قليل؛ كما قال هؤلاء مثل قولهم السابق بعد تولي الخليفة الأول منصب الخلافة فقد كتبت جريدة كرزن غازيت عن الخليفة الأول: ماذا بقي في المرزائيين؟ لقد قُطع رأسهم، ولن يستطيع الرجل الذي أصبح إمامًا لهم أن يفعل شيئا غير أن يجلس في أحد المساجد ويُسمعهم القرآن.
ولكن أنى لهؤلاء العميان عقليًّا أن يعرفوا أنه هو العمل العظيم الذي دعا إبراهيم u أن يُبعث رسول عظيم من نسله للقيام به. وبالتالي فإن القرآن الكريم لهو تلك الشريعة العظيمة التي بُعث بها النبي r، وإنه لكتاب كامل ومكمَّل بحيث يحقق لمن يتعلمه ويعلّمه الآخرين الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة. وهذا هو الكتاب الذي بعث المسيح الموعود u لنشر تعليمه، وهي المهمة التي بدأ نظام الخلافة لأجلها.
على أية حال، لقد سمع الخليفة الأول t قولهم هذا وردّ عليه قائلا: ليتحقق هذا الأمر، فأسمعكم القرآن الكريم.
لقد أنجز الخليفة الأول هذه المهمة وأحسن أداءها غير أنه لم تتحقق رغبة العدو في رؤية ضعف الإدارة في الجماعة وتفرق شملها. لقد أخمد الخليفة الأول بشدة فتن المنافقين وبعض أعضاء الأنجمن فلم يجرؤ أحدهم على إثارة أي نوع من الشر.
لقد قال حضرته في خطابه الأول بعد تولي الخلافة: “عليكم الآن أن تطيعوا جميع أوامري مهما كانت ميولكم وطبائعكم.” ثم ألقى في إحدى المناسبات خطابا جلاليا في المسجد المبارك قال فيه: لقد آذيتموني بتصرفكم هذا إيذاء شديدًا بحيث لم أقف الآن في الجزء الذي أنشأتموه أنتم، بل وقفت في المسجد الذي أنشأه حبيبي المرزا بنفسه. (أي كان يقف حضرته آنذاك في الجزء الذي كان موجودًا ابتداءً في زمن المسيح الموعود u، ولم يقف في الجزء الذي تم توسيعه لاحقًا بتبرعات أفراد الجماعة. فقد قال حضرته بأنني لم أقف في هذا الجزء بل وقفت في الجزء الأصلي للمسجد الذي تم إنشاؤه في زمن المسيح الموعود u أو الذي كان موجودًا في البداية.)
ثم قال حضرته: “إن قراري هو أن القوم والأنجمن كليهما يجب أن يطيعوا الخليفة، وهما خادمان له؛ (أي إن مؤسسة الأنجمن والمؤمنون كلهم خدام للخليفة) وإن الأنجمن مستشار له ووجوده ضروري للخليفة.”
كذلك قال: “مَن كتب أن مهمة الخليفة تقتصر على أن يأخذ البيعة، أما السلطة النهائية فهي للأنجمن، عليه أن يتوب، لأن الله تعالى أخبرني أنه إذا تخلى عني واحد وارتدّ فإنه تعالى سوف ينعم عليّ بجماعة من الناس بدلا منه.”
ثم قال حضرته: “يقال لي إن مهمة الخليفة تقتصر على أن يؤم الصلاة أو الجنازة أو يعقد القِران أو أن يأخذ البيعة! مع أن هذا الأمر يمكن أن يقوم به أي شيخ بسيط، ولا حاجة للخليفة لهذا الغرض.
وإنني أرى أن مثل هذه البيعة لا تساوي شيئا فلا أريد أن آخذ مثل هذه البيعة، بل البيعة الحقة هي تلك التي يطيع فيها المبايع طاعة كاملة ولا يحيد عن أمر من أوامر الخليفة.”
فلقد خيّب هذا الخطاب آمال المنافقين وقضى على مكايدهم كما أنه أفحم المعارضين. فمن كان عجوزًا ضعيفًا في نظر الناس لما تكلم بتأييد الله تعالى فقد أصبح الذين يطلقون التصريحات المتعالية يخفون وجوههم وذهبت ريحهم. ثم بايعه المخلصون بعزيمة متجددة، وبعد ذلك رأى العالم كيف سارت الجماعة في دروب الرقي والازدهار.
ثم لما توفي الخليفة الأول في مارس 1914 حدثت في الجماعة صورة من الزلزلة، وأطل برأسهم بعض أعضاء مجلس صدر أنجمن الذين كانوا مصرين على اعتبار الأنجمن خليفة المسيح الموعود u وكانوا قد سكتوا مؤقتا بتصدي الخليفة الأول لهم، كما بدأ المنافقون أيضا نشاطهم مرة أخرى، ولكن يد نصرة الله وعونه كانت الأساس للحفاظ على منصب الخلافة ودعمه بحسب وعود الله تعالى مع المسيح الموعود u. كان زعماء الأنجمن يخافون من أن الجماعة ستنتخب مرزا بشير الدين محمود أحمد خليفة، لذلك فقد حاولوا كثيرا ألا يكون هناك أي خليفة، وأن يتأجل انتخابه بأي طريقة ممكنة ولو لمدة قصيرة، فقال سيدنا مرزا بشير الدين محمود صراحة أن الخليفة لا بد منه، لكنني أضيف وأقول معا إني لست تواقا لأن أكون خليفة، فاجعلوا من تريدون خليفة، وأنا وجميع أفراد عائلتي سنبايعه بصدق القلب. لكن هؤلاء كانوا الذين يعدون أنفسهم أعقل الناس وكانوا يخشون أن القرار سوف يصدر بحقه، لذا لم يقبل هذا الاقتراحَ أولئك الذين كانوا يريدون السلطة فقط. فحين قال لهم سيدنا الخليفة الثاني حضرة مرزا بشير الدين محمود أحمد t إنه مستعد لمبايعة من يعيِّنونه أيا كان، فوجود الخليفة محتم، لم يوافقوا معه. باختصار اجتمعت جماعة المؤمنين في مسجد نور بحسب وصية سيدنا المسيح الموعود u وكان عددهم يقدر بأكثر من ألفين، وانتخبوا كلهم تقريبا حضرة مرزا بشير الدين محمود أحمد t خليفةً لهم، وكان الناس يتقافزون من على رؤوس الحضور للوصول إلى بيعته، وشهود العيان كتبوا أن المشهد كان يوحي كأن الملائكة تسوق الناس لمبايعة هذا المنتخَب، وأخيرا حين لاحظ ذلك كبار الأنجمن الذين كانوا بضعة نفر، أخذوا خزينة الأنجمن كلها واختفوا من هناك، لكن العالم رأى كيف أن الله I مكَّن للجماعة دينها بواسطة الخلافة الأحمدية. وإن عهد سيدنا المصلح الموعود الخليفة الثاني للمسيح الموعود u الممتد على 52 سنة يشهد على أن الجماعة بدأت تقطع أشواط التقدم والازدهار بسرعة فائقة بقيادة الشاب الذي قلده الله I منصب الخلافة، أما الذين كانوا أخلوا خزينة الأنجمن وغادروا وادَّعوا أن المسيحيين الآن سيحكمون قاديان، يلاحِظ أجيالهم أن الله I يرينا بتأييداته مشاهد اجتماع المسيحيين تحت راية المسيح المحمدي، فنحن نشاهد ذلك بأم أعيننا. فقد فتح سيدنا المصلح الموعود مراكز الجماعة في كثير من بلاد العالم، والمبشرون المسيحيون لم يكونوا يقدرون على مواجهة الدعاة الأحمديين، وأخيرا لم يجدوا بدًّا من الاعتراف بأن الأحمدية عقبة كبيرة في انتشار المسيحية، وهذا مذكور في تقاريرهم. باختصار إننا نرى ذلك الخليفة من أولي العزم قد حفظ سفينة الجماعة في كل الأوضاع سواء أكانت مكايد للهجوم على قاديان، أو كان ميدان الدعوة، أو كانت الهجرة، وأوصلها بتأييد الله I ونصْره إلى الشاطئ بنجاح. وأخيرا حين توفي في نوفمبر 1965 بحسب القدر الإلهي أقام الله I بحسب وعده المظهرَ الثالث للقدرة الثانية، وبدَّل خوف الجماعة أمنا من جديد وجمعها على يد سيدنا مرزا ناصر أحمد الخليفة الثالث للمسيح الموعود u، وظلت الجماعة تسير على دروب التقدم والرقي. وبدأ العهد الجديد لفتح المدارس والمستشفيات في أفريقيا، وبدأ عهد جديد لتعريف أفريقيا بالجماعة الأحمدية، وبدأ العالم يتعرف إلى الجماعة أكثر. وخرج سيدنا الخليفة الثالث في أول جولة إلى بعض الدول الأفريقية لزيارة الأحمديين هناك، وظهرت لها نتائج رائعة، وكانت أول جولة في الخلافة.
في عام 1974 قادت الحكومة حملة شرسة منسقة ضد الجماعة وسنت القانون بأن الأحمديين ليسوا مسلمين، لكن الجماعة خرجت منها بنجاح وسلام لكونها وراء جُنة الخلافة، وفشلت جهود العدو لمنع الجماعة من التقدم. والعدو الذي كان يزعم أنه سيضع بأيدي الجماعة وعاء التسول، خابت آماله، وفتح الله I أبوابا جديدة لسعة الجماعة في المال، وأبناء الجماعة الذين بُذلت الجهود لجعلهم مفلسين اقتصاديا، قد أغناهم الله I وبارك في أرزاقهم، ثم فتح لهم الطرق للخروج إلى بلاد العالم. فالأحمديون الذين جاؤوا إلى ألمانيا وغيرها من البلاد بعد عام 1974 واغتنَوا هناك، يجب أن يحدِّثوا أجيالهم عن هذه الأمور، وكيف حاول العدو العمل ضد الجماعة، وكيف فتح الله I لهم سبلا جديدة في كنف الخلافة، وحسَّن وضعهم الاقتصادي آلاف الأضعاف.
ثم حين رحل عنا سيدنا الخليفة الثالث أيضا في يونيو 1982 بدَّل الله I من جديد خوف الجماعة أمنا بحسب وعْده بواسطة سيدنا مرزا طاهر أحمد الخليفة الرابع للمسيح الموعود u، وكان العدو قد فقد صوابه بمشاهدته تقدمَ الجماعة، فخطط للهجوم من جديد، وحاول أن يجعل الجماعة كعضو مبتور أو مفلوج، وحاول بحسب زعمه قطع رأس الجماعة، لكن ما أدرى أولئك الجهلة وعميان القلوب ما الذي خططه الله I، فقد مكَّن سيدَنا الخليفة الرابع من الهجرة من باكستان بنجاح ونصْر غير عاديين، وبقي العدو يتحسر. وبعد الهجرة في عهد الخليفة الرابع بدأ عهد جديد للترقيات وبدأ يصل صوت الخليفة ورسالةُ الأحمدية الإسلامِ الصحيح بواسطة الأقمار الصناعية إلى بيوت الأحمديين وغيرهم في كل بلد، وفُتحت آفاق جديدة لنشر الدعوة، حيث غُرست غراس الأحمدية في كثير من البلاد وانتشر تعليم الإسلام الصحيح، وزاد نشر القرآن الكريم كثيرا، وصدرت تراجمه إلى لغات جديدة.
ثم حين توفي سيدنا الخليفة الرابع رحمه الله تعالى أيضا بحسب ما قدر الله وقضى في إبريل 2003 تلقَّت الجماعة هزة عنيفة، وزعم العدو أن الفرصة للقضاء على الأحمدية سانحة وملائمة، لكن الله I الذي وعد المسيحَ الموعود u أدرك الجماعة مرة أخرى وتولى أمرها بحيث قال المشايخ المعارضون إننا لا نعتبركم صادقين لكننا نرى أن تأييد الله يحالفكم، كأنَّ شهادة الله الفعلية معكم. لكنهم رغم تسليمهم بأن شهادة الله معنا لا يؤمنون إلا قليلا. فتقبَّل الله I أدعية المؤمنين وبدَّل خوفهم أمنا، وفي تاريخ الإسلام بدأ عهد الخلافة الخامسة بواسطة المسيح الموعود u. صحيح أن الخلافة الراشدة في صدر الإسلام توقفت عند الخلفاء الأربعة فقط، فكان بحسب ما تنبأ به النبيُّ r، أما الآن فحين بدأ عهد الخليفة الخامس في عهد المسيح الموعود u فهو الآخر بحسب نبوءة النبي r، فالخلافة الخامسة أيضا باب من الأبواب الكثيرة التي فتحت في تاريخ الإسلام بعد بعثة المسيح الموعود u.
كان الأعداء يحسبون الآن أن زمام الجماعة ليست في يد قوية، ولكن ما أدراهم أن اليد الحقيقية وراء الجماعة هي يد الله تعالى التي تقوم في تأييد هذه اليد، فاليوم عين الأعداء الحاسدة ترى ترقيات الجماعة أكثر من ذي قبل. وما حصل من تعريف للجماعة في الدنيا في هذا العهد في كل فئة وعلى كل مستوى هو شيء غير عادي، إنني إنسان ضعيف جدا ولا يحصل هذا الرقي بسبب أي ميزة لي. وإذا كان يحصل تعريف الجماعة الأحمدية بين حكام العالم وفي برلماناتهم فهو بمحض فضل الله تعالى وبسبب وعوده التي قطعها مع المسيح الموعود u ووفق نبوءة النبي r. ونرى مشاهد أفضال الله تعالى يوميا. إن عملنا في نشر القرآن وكتب المسيح الموعود u في مختلف اللغات قد توسع كثيرا بحيث تصل رسالة الإسلام الحقيقية إلى جميع بلدان العالم بواسطة أيم تي ايه. كانت في البداية قناة فضائية واحدة فقط وفي لغة واحدة، ولكن الآن تعمل ثماني قنوات لأيم تي ايه في الدنيا، وقد أصبحت ستوديوهات لأيم تي ايه في بلاد العالم المختلفة التي تنشر برامجها على مدار اليوم، والآن ليس هناك ستوديو واحد فقط بل أصبحت ستوديوهات في كل مكان، ليست في كل مكان، ولكن في عدة أماكن في إفريقيا وأمريكا الجنوبية وفي أوروبا أيضا. وإذا نظرنا إلى إمكانياتنا فيبدو ذلك من المستحيلات. يتم تبليغ رسالة الإسلام الحقيقية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أيضا، وإذا كانت حكومة باكستان فرضت الحظر علينا بطرق مختلفة فقد فتح الله تعالى علينا سبلا أكثر بكثير في دول أخرى. ثم قد ألهم الله تعالى طريقا جديدا للارتباط بالخلافة وقد ظهر هذا الطريق بسبب وباء الكورونا، وبذلك تُعقد اجتماعات ولقاءات أونلاين أو اللقاءات الافتراضية التي بواسطتها يتم التواصل مع فروع الجماعة مباشرة ويسترشد أفراد الجماعة من الخليفة مباشرة، وإنني من هنا، من بريطانيا ألتقي بالجماعة أحيانا في أحد الدول الأفريقية وأخرى في إندونيسيا، وأحيانا في أستراليا وأخرى في أمريكا. فهذه كلها مشاهد تأييدات الله تعالى، وينبغي ألا ننسى أن الله قد أنزل علينا هذه الأفضال وأنعم علينا بنعمة الخلافة فيجب علينا أن نؤدي حقها دوما لكي نظل نستفيد من هذه النعمة إلى يوم القيامة وفق نبوءة الرسول r. وقد وعد الله تعالى المسيح الموعود u بالرقي والازدهار، وإن الله تعالى لا يخلف وعده، ولكن يجب أن نؤدي واجبنا لنيل بركاتها وأن نسجد لله تعالى شاكرين له، ولا بد أن يظهر هذا الشكر لنعمة الخلافة من خلال كل قول وكل عمل لنا. وكذلك ينبغي أن نظل مستعدين حتى النفس الأخير لتقديم كل تضحية من أجل الإيفاء بعهد الطاعة للخلافة، حينها نستطيع أن نجعل أجيالنا أيضا مطيعين للخلافة إلى يوم القيامة. لقد أكد المسيح الموعود u لمن يستعدون لكل تضحية ثابتين على الإيمان على أنهم سيرثون أفضال الله تعالى. فقال u:
“لا تظنوا أن الله تعالى سوف يضيعكم، أنتم بَذْرةٌ بَذَرَها الله تعالى في الأرض بيده. يقول الله تعالى: إن هذه البَذْرة سوف تَنْمُو وتَزْدَهِرُ وتَتَفَرَّعُ في كل طرف، ولَسَوْف تصبح دَوْحَة عظيمةً. فطوبى لمن يؤمن بقول الله تعالى ولا يخاف الابتلاءاتِ العارضة، لأنه لابد من الابتلاءات أيضا لكي يختبركم الله مَن منكم صادق في ادعائه للبيعة ومن هو كاذب. والذي يَزِلّ بسبب الابتلاء لن يضر الله شيئا، والشقاوة سوف تُوصله إلى الجحيم، ولو لم يُوْلَد لَكان خيرًا له. ولكن الذين يصبرون إلى نِهايَة المـَطافِ في حين تأتي عليهم زلازل المصائب وتَهُبُّ عليهم عواصِفُ الابتلاءات، وتَسْخَرُ منهم الأقوامُ وتستهزئ، وتُعاملُهم الدنيا بمنتهى الكراهية؛ فأولئك الذين سوف يفوزون في آخرِ الأمر، وتُفتَح عليهم أبوابُ البركاتِ على مِصْراعَيْها. لقد قال اللهُ تعالى مخاطبا إيَّايَ أن أُخْبر جماعتي بأن الذين يؤمنون إيمانا لا تشوبُهُ شائِبةٌ من الدنيا، وليس ذلك الإيمان مُلوَّثا بالنفاق أو الجُبنِ وليس خاليًا من الطاعة، فأولئك هم المـَرْضِيُّون عند الله تعالى. ويقول الله تعالى إنهم هم الذين قدمُهم قدمُ صِدْقٍ. (الوصية)
ثم قال u: يخبرني كلام الله أن الحوادث واقعة والآفات نازلة على الأرض، فمنها ما يقع أثناء حياتي ومنها ما يقع من بعدي. وإنه I سوف يرزق هذه الجماعة كل تقدم وازدهار، بعضه على يدي وبعضه الآخر من بعدي. (الوصية)
فسوف تحصل هذه الترقيات حتما بفضل الله تعالى. ندعو الله تعالى أن يثبت أقدامنا وأن نرى رقي الجماعة الكامل بأم أعيننا، وأن يوفقنا الله تعالى لنوفي بعهودنا حتى نرى تحقق وعود الله تعالى في حياتنا، وأن تنال عباداتنا وصلواتنا وأعمالنا رضاه تعالى، وأن نفهم مقام الخلافة الصحيح، ونُفهمَهُ أجيالنا أيضا، لكي يتمتع أجيالنا ببركات هذه النعمة.
وأريد أن أوجه الاهتمام إلى الأدعية اليوم أيضا، فاذكروا أحمديي باكستان أيضا في أدعيتكم وجميعَ الأحمديين المظلومين حيثما كانوا وجميعَ المسلمين المظلومين حيثما كانوا، سواء كانوا في فلسطين أم في أي مكان آخر، اذْكروهم جميعا في أدعيتكم. رفع الله تعالى عن الجميع مشاكلهم وفرج عنهم ووفق الأحمديين ليعملوا بتعاليم المسيح الموعود u بوجه حقيقي ويُصبحوا أحمديين حقيقيين، كما وفق المسلمين الذين لم يعرفوا المسيح الموعود u ليعرفوه ويبايعوه، وأن نرى عاجلا راية الإسلام وراية محمد رسول الله r ترفرف في العالم أجمع ونرى قيام وحدانية الله تعالى في العالم كله.