خطبة الجمعة
التي ألقاها أمير المؤمنين سيدنا مرزا مسرور أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز
الخليفة الخامس للمسيح الموعود والإمام المهدي u بتاريخ 20/9/2019م
في مسجد بيت الفتوح بلندن
******
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّين. آمين.
الصحابي البدري الذي سأبدأ بالحديث عنه اليوم هو يزيد بن رقيش الذي كان من بني أسد بن خزيمة، إحدى قبائل قريش، وكان من حلفاء يزيد بن عبد شمس. وقيل اسمه أربد ولكن هذا ليس صحيحا. اسم أبيه رقيش بن رئاب، ويُكنى أبا خالد. شهد يزيدٌ بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله r. وقتل يزيدٌ يوم بدرٍ عمروَ بن سفيان من قبيلة طي. كان اسم أخي يزيد: سعيد بن رقيش الذي هاجر من مكة إلى المدينة مع أهله وكان من أوائل المهاجرين. وكان اسم أحد أخوَي يزيد عبد الرحمن بن رقيش الذي شهد معركة أُحد. واسم أخته آمنة بنت رقيش التي آمنت في مكة في أوائل الأيام، وهاجرت إلى المدينة مع أهل بيتها. قُتل يزيد يوم اليمامة شهيدا سنة اثنتي عشرة من الهجرة. وفيما يلي بعض تفاصيل هذه المعركة (وقد ذكرتُها بإيجاز من قبل أيضا)
كانت وقعة اليمامة في ربيع الأول سنة اثنتي عشرة، في خلافة أبي بكر الصديق t. ويقول بعض المؤرخين أنها كانت في السنة الحادية عشرة. وقد نشبت هذه الوقعة في اليمامة ضد مسيلمة الكذاب، وقد أرسل أبو بكر t عكرمةَ بن أبي جهل في عسكر إلى مسيلمة وأتبعه شرحبيل بن حسنة، فعجّل عكرمة ليذهب بصوتها، فواقعهم فنكبوه، وأقام شرحبيل بالطريق حين أدركه الخبر، وكتب عكرمة إلى أبي بكر بالخبر. فكتب إليه أبو بكر t: لا أرينّك ولا تراني، لا ترجعنّ إلى المدينة فتوهن الناس. قاتلْ أهل عمان ومهرة، ثم تسير أنت وجندك وقاتِل المتمردين باليمن وحضرموت. فكتب أبو بكر t إلى شرحبيل بالمقام إلى أن يأتي خالد. (أي قد أرسل أبو بكر t خالدا لمواجهة مسيلمة الكذاب) وأوعب معه المهاجرين والأنصار، وعلى الأنصار ثابت بن قيس بن شماس، وعلى المهاجرين أبو حذيفة وزيد بن الخطاب… عجل شرحبيل ابن حسنة، وبادر خالدًا بقتال مسيلمة، فنكب فلامه خالد، وأمد أبو بكر خالدًا بسليط ليكون ردءًا له لئلا يؤتى من خلفه. وكان أبو بكر يقول: لا أستعمل أهل بدر، أدَعهم حتى يلقوا الله بصالح أعمالهم، فإن الله يدفع بهم وبالصالحين أكثر مما ينتصر بهم. وكان عمر t يرى استعمالهم على الجند وغيره.
كان عدد المسلمين 13000 نفر، وقيل أن قوام جيش مسيلمة أربعين ألفا. ومع مسيلمة نهارٌ الرجال بن عنفوة، وكان قد هاجر إلى النبي r وقرأ القرآن، وفقُه في الدين، وبعثه r معلمًا لأهل اليمامة وليشغب على مسيلمة، ولكنه ارتد هنالك…وشهد أنه سمع محمدًا r يقول: إن مسيلمة قد أُشرِك معه في النبوة.
(أقول: هذه بطبيعة الحال شهادة زور. عندما يرتد الناس، سواء اليوم أو في غابر الأزمان، يقولون مثل هذا الكلام ويلصقون التهم وينسبون كلاما خاطئا. باختصار، كان تأثير ارتداد هذا الشخص على قبيلة مسيلمة أي بني حنيفة أكثر بكثير من ادعاء مسيلمة، لأنه كان مرسَلا ليقوم بالتربية، لذا كان الناس متأثرين به. على أية حال، عندما قال هذا الكلام، بدأ الناس يتأثرون بأقواله أكثر من ادعاء مسيلمة النبوة.)
تتابع الرواية أنه عندما سمع الناس منه هذا الكلام صدّقوه واستجابوا له، وأمروه بمكاتبة النبي r، ووعدوه إن هو لم يقبل أن يعينوه عليه.
باختصار، كان تمردهم هذا السبب الحقيقي للحرب. ولما بلغ مسيلمة دنوَّ خالد ضرب عسكره بعقرباء، وخرج إليه الناس وخرج مجاعة بن مرارة ..فأخذه المسلمون وأصحابه، فقتلهم خالد واستبقاه لشرفه في بني حنيفة. (أي لم يقتلوا زعيمهم بل اتخذوه أسيرا… فقال شرحبيل بن مسيلمة: يا بني حنيفة قاتلوا فإن اليوم يوم الغيرة، فإن انهزمتم تستردف النساء سبيات، وينكحن غير خطيبات؛ فقاتلوا عن أحسابكم وامنعوا نساءكم. فاقتتلوا بعقرباء وكانت راية المهاجرين مع سالم مولى أبي حذيفة. وكانت قبله مع عبد الله بن حفص بن غانم، فقُتل..وكانت راية الأنصار مع ثابت بن قيس بن شماس .. واشتد القتال، ولم يلق المسلمون حربًا مثلها قط. وانهزم المسلمون، وخلص بنو حنيفة لتحرير مجاعة الذي أسره خالد. فقصدوا خيمة خالد. كانت امرأة خالد في الخيمة، فأرادوا قتلها، فنهاهم مجاعة عن قتلها وقال: أنا لها جار، فتركوها، وقال لهم: عليكم بالرجال، فقطعوا الفسطاط وانصرفوا…. واشتد القتال وتذامرت بنو حنيفة وقاتلت قتالًا شديدًا، وكانت الحرب يومئذ تارة للمسلمين وتارة للكافرين، وقتل سالم وأبو حذيفة وزيد بن الخطاب وغيرهم من كبار الصحابة. فلما رأى خالد ما الناس فيه قال: امتازوا أيها الناس لنعلم بلاء كل حي ولنعلم من أين نؤتى… فلما امتازوا قال بعضهم لبعض: اليوم يستحى من الفرار، فما رئيس يوم كان أعظم نكاية من ذلك اليوم…وثبت مسيلمة فدارت رحاهم عليه، فعرف خالدٌ أنها لا تركد إلا بقتل مسيلمة… ثم برز خالد ودعا إلى البراز ونادى بشعارهم، وكان شعارهم: يا محمداه! فلم يبرز إليه أحدٌ إلا قتله. ودارت رحى المسلمين، ودعا خالد مسيلمة .. فأعرض بوجهه مرة وركبه خالد وأرهقه، فأدبر وزال أصحابه واضطر هو وأصحابه للملاذ بالحديقة فدخلوها وأغلقوا عليهم بابها، فحاصرها المسلمون.
… قال البراء: يا معشر المسلمين ألقوني عليهم في الحديقة. فقالوا: لا نفعل. فقال: والله لتطرحنني عليهم بها! فاحتمل حتى أشرف على الجدار فاقتحمها عليهم وقاتل على الباب وفتحه للمسلمين ودخلوها عليهم فاقتتلوا أشد قتال، وقتل وحشيٌّ مسيلمةَ. (علما أن وحشيا هو الرجل نفسه الذي قتل حمزة t عمّ النبي r)
فقد ورد في رواية أنه قد اشترك في قتل مسيلمة وحشيٌّ ورجل من الأنصار. أما وحشي فدفع عليه حربته، وضربه الأنصاري بسيفه.
فلما هجمه كلاهما معا لذا كان وحشي يقول فيما بعد بأن الله وحده أعلم أيّ منا قتله بالفعل. قال ابن عمر: فصرخ رجل: قتله العبد الأسود. لذا من المرجح أن يكون وحشيٌّ هو الذي قتل مسيلمة. طلب خالدٌ من مجاعة أن يبحث عن جثة مسيلمة، فقال له مجاعة ما معناه: إن الذين خرجوا لمواجهة المسلمين كانوا متسرعين وأغرارا، أما الحصون فكلها مليئة بالجنود المتمرسين، فهلم إلى الصلح على ما ورائي. أما إذا دارت الحرب الآن فسيتضرر المسلمون أكثر. (هذه كانت خدعته)
فصالحه خالد على كل شيء دون النفوس. (أي سيطلق سراحهم ولن يؤخذوا أسرى وما دون ذلك فسوف يقبضه المسلمون) فقال له مجاعة: (وكان رجلا ذكيا): أنطلق إليهم فأشاورهم؛ ثم أرجع إليك.
(كان مسيلمة قد قُتل وكسرت شوكتهم لكن دهاء مجاعة أفاد أولئك الكفار)
فدخل مجاعة الحصون، وليس فيها إلا النساء والصبيان ومشيخة فانية، ورجال ضعفاء. فظاهر الحديد على النساء وأمرَهن أن ينشرن شعورهن، وأن يشرفن على رءوس الحصون حتى يرجع إليهن؛ ثم رجع فأتى خالدًا فقال: قد أبَوا أن يجيزوا ما صنعت، (أي احتلال المسلمين كل شيء دون النفوس) وقد أشرف لك بعضهم نقصًا على وهم مني برآء. فنظر خالد إلى رءوس الحصون وقد اسودت (حيث كان تقف بها أولئك النسوان لابسات الحديد، بحسب مكره)، وقد نهكت المسلمين الحربُ، وطال اللقاء؛ وأحبوا أن يرجعوا على الظفر. فصالحه خالد على الذهب والفضة والسلاح ونصف السبي، وقيل ربعه. قد استُشهد من المهاجرين والأنصار من أهل المدينة يومئذ ثلاثمائة وستون، ومن المهاجرين من غير أهل المدينة ثلاثمائة. وقُتل من بني حنيفة في الفضاء بعقرباء سبعة آلاف، وفي الحديقة سبعة آلاف؛ وفي الطلب نحو منها.
قال سيدنا عمر لعبد الله بن عمر حين رجع الجيش: ألا هلكت قبل زيد! هلك زيد وأنت حي! ألا وارَيت وجهك عني! فقال: سأل اللهَ الشهادة فأعطيَها، وجهدت أن تُساق إليّ فلم أعطَها.
باختصار حين استُشهد في هذه الحرب عدد كبير من الصحابة أمر سيدنا أبو بكر بتدوين القرآن الكريم، حتى لا يضيع. وهذه هي تفاصيل حرب اليمامة.
الصحابي الذي سأذكره الآن، هو عبد الله بن مخرمة ويكنى أبا محمد. وكان من قبيلة بني عامر بن لؤي، ويقال له عبد الله الأكبر أيضا، وهو من السابقين إلى الإسلام. اسم والده مخرمة بن عبد العزى وأمه بهنانة بنت صفوان. ونجد ذكر أحد أولاده مساحق من بطن زوجته زينب بنت سراقة.
كان عبد الله t من أوائل المسلمين. وقام بهجرتين، الأولى إلى الحبشة والثانية إلى المدينة. وذكره ابن إسحاق مع الذين هاجروا إلى الحبشة مع جعفر بن أبي طالب t. لقد ذكر يونس بن بكير وسلمة والبكائي قول ابن إسحاق الذي ذُكر فيه أن عبد الله بن مخرمة t هاجر إلى الحبشة.
وحين هاجر عبد الله t بن مخرمة إلى المدينة أقام في بيت كلثوم بن الهدم t. وآخى النبي r بينه وبين فروة بن عمرو الأنصاري. شهد عبد الله بن مخرمة t بدرا وسائر الغزوات. حين شارك في بدر كان عمره 30 سنة، وحين استشهد في اليمامة في عهد سيدنا أبي بكر t كان عمره 41 سنة، وكان شوقه في الشهادة قد بلغ منتهاه. فكان يدعو الله I أن لا يتوفاه حتى يتلقى الجرح في كل مفصل لجسمه في سبيل الله، ففي يوم اليمامة أصيب بجروح في المفاصل مما أدى إلى شهادته.
كان عبد الله بن مخرمة t كثير العبادة حتى في الشباب. يقول عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إني وسالم مولى أبي حذيفة و عبد الله بن مخرمة كنا معا عام حرب اليمامة، فكنا نرعى الغنم ونحرس أموال الجيش بالتناوب، وفي اليوم الذي بدأ فيه القتال، كان دوري لرعي الغنم، وحين عدتُ بعد رعي الغنم وجدت عبد الله بن مخرمة جريحا في ميدان الحرب، فمكثتُ عنده، فسألني يا عبد الله بن عمر هل أفطر الصائم؟ وكان الليل قد حل فقلت له نعم، فطلب مني ماء ليفطر (إذ كان صائما حتى في الحرب) فانطلقت من عنده لجلب الماء وحين عدتُ إليه كان قد توفي.
الصحابي التالي الذي أذكره الآن هو عمرو بن معبد t، ويقال له عمير بن معبد أيضا، وكان اسم والده معبد بن الأزعر وكان من بني ضبيعة من قبيلة أوس الأنصارية.
شهد بدرًا، وأحدًا، والخندق، والمشاهد كلها مع رسول الله r وهو أحد المائة الصابرة الذين كفلهم الله يوم حنين. يقول عبد الله بن عمرو t: يوم حنين تولى فريقان من المسلمين ولم يبق مع رسول الله r مائة رجل. وهناك اختلاف في الذين ثبتوا مع النبي r يوم حنين، وكان عددهم عند البعض 80 رجلا وبعضهم يقولون أقل من مائة وبعضهم يقولون مائة. لكنهم في كل حال كانوا قلة.
الصحابي الذي أذكره الآن اسمه النعمان بن مالك t، ويقال له النعمان بن قوقل أيضا، ذكر الإمام البخاري اسمه ابن قوقل، يقول العلامة بدر الدين العيني في شرحه للبخاري، إن الاسم الكامل لابن قوقل، النعمان بن مالك بن ثعلبة بن أصرم وكان لقب ثعلبة أو أصرم قوقلا، وكان النعمان يُنسب إلى جده، لذا كان يقال له النعمان بن قوقل. وكان في مشيه عرجة. كان اسم والد النعمان، مالك بن ثعلبة واسم والدته عمرة بنت زياد، وكانت أخت مجزر بن زياد. وكان ينتمي إلى بني غنم من قبيلة الخزرج الأنصارية، وكانت قبيلته مشهورة باسم بني قوقل. وعند ابن هشام كان النعمان بن مالك t مشهورا باسم النعمان القوقل، وذكر ابن هشام اسم قبيلة بني دعد أيضا. لماذا كان يسمى قوقلا فقد بينتُ ذلك في إحدى الخطب في الماضي، أنه عندما كان أحد يسأل الجوار من أي زعيم في المدينة قال له اصعد هذا الجبل حيثما تريد فأنت آمن. ولا تخف أي ضيق واشعر بسعة. والذين كانوا يقدمون هذا الأمن يسمون قواقلة.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَإِنّمَا قِيلَ لَهُمْ الْقَوَاقِلُ لِأَنّهُمْ كَانُوا إذَا اسْتَجَارَ بِهِمْ الرّجُلُ دَفَعُوا لَهُ سَهْمًا ، وَقَالُوا لَهُ قَوْقِلْ بِهِ بِيَثْرِبَ حَيْثُ شِئْت.
كان جد النعمان بن ثعلبة بن دعد t يقال له قوقلا، حيث كان ممن يجيرون. كما كان زعيم الخزرج غنم بن عوف يسمى قوقلا، وكذلك كان سعد بن عبادة t أيضا يلقب قوقلا، كما كان بنو سالم وبنو غنم وبنو عوف بن الخزرج يدعون قواقلة. وكان رئيس بني عوف عبادة بن الصامت t.
شهد النعمان بن مالك t بدرا وأحدا واستشهد في أحد حيث قتله صفوان بن أمية. وفي رواية أخرى كان قد قتله أبان بن سعيد. لقد دُفن النعمان بن مالك ومجزر بن زياد وعبادة بن الحسحاس y في قبر واحد يوم أحد.
كان النعمان بن مالك الأنصاري t قال لرسول الله r، في حين خروجه إلى أُحد ومشاورته عبد الله بن أبي ابن سلول: والله- يا رسول الله- لأدخلن الجنة. فقال له: بم؟ قال: بأني أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، وأني لا أفر من الزحف. قال: صدقت، فقتل يومئذ.
وعن خالد بن أبي مالك الجعدي أنه وجد في كتاب أبيه رواية أن النعمان بن قوقل الأنصاري قال: أَقْسَمْت عَلَيْك يَا رَبّ أَنْ لَا تَغِيب الشَّمْس حَتَّى أَطَأ بِعَرْجَتِي فِي الْجَنَّة. فَاسْتُشْهِدَ ذَلِكَ الْيَوْم، فَقَالَ النَّبِيّ r: لقد رأيته يطأ فيها وما به من عرج.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ t قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ r وَهُوَ بِخَيْبَرَ بَعْدَ مَا افْتَتَحُوهَا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَسْهِمْ لِي. فَقَالَ بَعْضُ بَنِي سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ: لَا تُسْهِمْ لَهُ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: هَذَا قَاتِلُ النعمان ابْنِ قَوْقَلٍ. فَقَالَ ابْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ: وَاعَجَبًا لِوَبْرٍ تَدَلَّى عَلَيْنَا مِنْ قَدُومِ ضَأْنٍ يَنْعَى عَلَيَّ قَتْلَ رَجُلٍ مُسْلِمٍ أَكْرَمَهُ اللهُ عَلَى يَدَيَّ وَلَمْ يُهِنِّي عَلَى يَدَيْهِ. (وضأن جبل في منطقة تهامة وهو أحد جبال دوس قبيلة أبي هريرة) قَالَ: فَلَا أَدْرِي أَسْهَمَ لَهُ أَمْ لَمْ يُسْهِمْ لَهُ.
عن جابر: أن النعمان بن قوقل جاء إلى رسول الله r فقال: يا رسول الله، أرأيت إن صليت المكتوبات، وصمت رمضان، وحرمت الحرام، وحللت الحلال، لم أزد على ذلك شيئًا، أدخل الجنة؟ قال r: نعم. قال: فوالله لا أزيد عليه شيئًا.
عن جابر t قال: جاء النعمان بن قوقل يوم الجمعة ورسول الله r يخطب فأمره أن يصلي ركعتين يتجوز فيهما. تحل هذه الرواية مسألة الركعتَين قبل صلاة الجمعة، جاء حين كان النبي r يخطب فأمره أن يصلي ركعتَين وينبغي أن تكونا خفيفتَين لأن الخطبة قد بدأت فيجب أن تؤدي ركعتين بسرعة، ثم قال: إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ فَلْيَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ وَلْيَتَجَوَّزْ فِيهِمَا.
ثم الصحابي الذي سأتناول ذكره الآن هو خبيب بن عدي الأنصاري t. كان من بني جحجبا بن كلفة من الأوس، لما هاجر عمير بن أبي وقاص t من مكة إلى المدينة آخى النبي r بينه وبين خبيب بن عدي t، شهد خبيب بن عدي بدرا وقتل فيها الحارثَ بن عامر، وكان عهد إليه الحفاظ على أمتعة المجاهدين في معركة بدر. وشارك وقعة الرجيع في 4 للهجرة، فأسره وزيدَ بن الدثنة المشركون، وانطلقوا بهما إلى مكة فباعوهما، فاشترى خبيبا بنو الحارث بن عامر ليأخذوا منه ثأر أبيهم لأن خبيبا كان قتل الحارث بن عامر يوم بدر، وقال ابن إسحاق: وابتاع خبيبا حجير بن أبي إهاب التميمي حليف لبني الحارث، فابتاعه لعقبة بن الحارث ليقتله بأبيه. وقيل بأن عقبة بن الحارث اشترى خبيبا من بني النجار. وقيل أيضا: اشترك في ابتياع خبيب فيما زعموا أبو إهاب ابن عزير وعكرمة بن أبي جهل والأخنس بن شريق وعبيدة بن حكيم بن الأوقص وأمية بن أبي عتبة وبنو الحضرمي وصفوان بن أمية بن خلف، وهم أبناء من قتل من المشركين يوم بدر ودفعوه إلى عقبة بن الحارث فسجنه في داره.
ورد تفصيل وقعة الرجيع في صحيح البخاري كالتالي، عن أبي هُرَيْرَةَ t قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللهِ r عَشَرَةَ رَهْطٍ سَرِيَّةً عَيْنًا وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ عَاصِمَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ جَدَّ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْهَدَأَةِ وَهُوَ بَيْنَ عُسْفَانَ وَمَكَّةَ ذُكِرُوا لِحَيٍّ مِنْ هُذَيْلٍ يُقَالُ لَهُمْ بَنُو لَحْيَانَ فَنَفَرُوا لَهُمْ قَرِيبًا مِنْ مِائَتَيْ رَجُلٍ كُلُّهُمْ رَامٍ فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ حَتَّى وَجَدُوا مَأْكَلَهُمْ تَمْرًا تَزَوَّدُوهُ مِنْ الْمَدِينَةِ (أكل هؤلاء العشرة تمرا تزودوه من المدينة ورموا نواته فلما رأى النفر هذه النواة علموا أنها تمر المدينة) فَقَالُوا هَذَا تَمْرُ يَثْرِبَ فَاقْتَصُّوا آثَارَهُمْ فَلَمَّا رَآهُمْ عَاصِمٌ وَأَصْحَابُهُ لَجَئُوا إِلَى فَدْفَدٍ وَأَحَاطَ بِهِمْ الْقَوْمُ فَقَالُوا لَهُمْ انْزِلُوا وَأَعْطُونَا بِأَيْدِيكُمْ وَلَكُمْ الْعَهْدُ وَالْمِيثَاقُ وَلَا نَقْتُلُ مِنْكُمْ أَحَدًا قَالَ عَاصِمُ بْنُ ثَابِتٍ أَمِيرُ السَّرِيَّةِ أَمَّا أَنَا فَوَاللهِ لَا أَنْزِلُ الْيَوْمَ فِي ذِمَّةِ كَافِرٍ، اللَّهُمَّ أَخْبِرْ عَنَّا نَبِيَّكَ فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ فَقَتَلُوا عَاصِمًا فِي سَبْعَةٍ فَنَزَلَ إِلَيْهِمْ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ بِالْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ مِنْهُمْ خُبَيْبٌ الْأَنْصَارِيُّ وَابْنُ دَثِنَةَ وَرَجُلٌ آخَرُ فَلَمَّا اسْتَمْكَنُوا مِنْهُمْ أَطْلَقُوا أَوْتَارَ قِسِيِّهِمْ فَأَوْثَقُوهُمْ، فَقَالَ الرَّجُلُ الثَّالِثُ هَذَا أَوَّلُ الْغَدْرِ وَاللهِ لَا أَصْحَبُكُمْ إِنَّ لِي فِي هَؤُلَاءِ لَأُسْوَةً يُرِيدُ الْقَتْلَى فَجَرَّرُوهُ وَعَالَجُوهُ عَلَى أَنْ يَصْحَبَهُمْ فَأَبَى فَقَتَلُوهُ فَانْطَلَقُوا بِخُبَيْبٍ وَابْنِ دَثِنَةَ حَتَّى بَاعُوهُمَا بِمَكَّةَ بَعْدَ وَقْعَةِ بَدْرٍ، فَابْتَاعَ خُبَيْبًا بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَامِرِ بْنِ نَوْفَلِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ وَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ قَتَلَ الْحَارِثَ بْنَ عَامِرٍ يَوْمَ بَدْرٍ فَلَبِثَ خُبَيْبٌ عِنْدَهُمْ أَسِيرًا. قال ابن شهاب: فَأَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عِيَاضٍ أَنَّ بِنْتَ الْحَارِثِ أَخْبَرَتْهُ أَنَّهُمْ حِينَ اجْتَمَعُوا اسْتَعَارَ مِنْهَا مُوسَى يَسْتَحِدُّ بِهَا فَأَعَارَتْهُ (هذا أيضا حدث معروف جدا) فَأَخَذَ ابْنًا لِي وَأَنَا غَافِلَةٌ حِينَ أَتَاهُ قَالَتْ فَوَجَدْتُهُ مُجْلِسَهُ عَلَى فَخِذِهِ وَالْمُوسَى بِيَدِهِ فَفَزِعْتُ فَزْعَةً عَرَفَهَا خُبَيْبٌ فِي وَجْهِي فَقَالَ تَخْشَيْنَ أَنْ أَقْتُلَهُ مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ ذَلِكَ، قالت: وَاللهِ مَا رَأَيْتُ أَسِيرًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ خُبَيْبٍ.
ثم قالت: وَاللهِ لَقَدْ وَجَدْتُهُ يَوْمًا يَأْكُلُ مِنْ قِطْفِ عِنَبٍ فِي يَدِهِ وَإِنَّهُ لَمُوثَقٌ فِي الْحَدِيدِ وَمَا بِمَكَّةَ مِنْ ثَمَرٍ وَكَانَتْ تَقُولُ إِنَّهُ لَرِزْقٌ مِنْ اللهِ رَزَقَهُ خُبَيْبًا فَلَمَّا خَرَجُوا مِنْ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ فِي الْحِلِّ قَالَ لَهُمْ خُبَيْبٌ ذَرُونِي أَرْكَعْ رَكْعَتَيْنِ فَتَرَكُوهُ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَالَ لَوْلَا أَنْ تَظُنُّوا أَنَّ مَا بِي جَزَعٌ لَطَوَّلْتُهَا، ثم دعا ربه قائلا: اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا، ثم قرأ الأبيات التالية:
ولستُ أُبَالِي حِينَ أُقْتَلُ مُسْلِمًا عَلَى أَيِّ شِقٍّ كَانَ لِلّهِ مَصْرَعِي
وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ وَإِنْ يَشَأْ يُبَارِكْ عَلَى أَوْصَالِ شِلْوٍ مُـمَزَّعِ
قال العلامة ابن حجر العسقلاني شارح صحيح البخاري في شرح هذا الحديث: دعا خبيب عند الاستشهاد: اللَّهُمَّ أَحْصِهِمْ عَدَدًا وزاد في رواية: وَاقْتُلْهُمْ بَدَدًا وَلَا تُبْقِ مِنْهُمْ أَحَدًا. فَقَتَلَهُ عقبة ابْنُ الْحَارِثِ بعد أن صلى ركعتَين.
وفي رواية أخرى لصحيح البخاري قتله أبو سروعة، فَكَانَ خُبَيْبٌ هُوَ سَنَّ الرَّكْعَتَيْنِ لِكُلِّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ قُتِلَ صَبْرًا فَاسْتَجَابَ اللهُ لِعَاصِمِ بْنِ ثَابِتٍ يَوْمَ أُصِيبَ فَأَخْبَرَ النَّبِيُّ r أَصْحَابَهُ خَبَرَهُمْ.
فدعا عاصم بن ثابت الذي كان أمير الجماعة التي كان فيها خبيب وقال اللهم أخبرْ نبيك بما نحن فيه. فأخبرَ النبيُّ r أصحابه بالخبر وبما لقيه هؤلاء من أذى. ولما أخبر الناسُ قريشا بأن عاصم قد قتل، بعثوا إليه جماعة منهم ليأتوا بجزء من جثته يُعرَف به أنه هو عاصم. وكان عاصم قد قتل أحد كبار قريش يوم بدر. فلما جاءوا إلى جثته أرسل الله سربًا من الزنابير التي أظلت جثته، فلم يتمكنوا من الوصول إليها والتعرض لها وقطعِ شيء منها.
ولما أرادوا قتل خبيب t دعا ربه قائلا اللهم ليس عندي ما أبلّغ به سلامي رسولك r، فبلّغْه سلامي من عندك. ولما تقدم خبيب للقتل دعا مرة أخرى: اللهم أَحْصِهم عَدَدًا واقْتُلْهم بَدَدًا. وكان أحد المشركين يسمع دعاءه هذا، فألقى نفسه على الأرض ذعرًا. ولم تمض سنة على دعائه حتى قُضي على كل الذين اشتركوا في قتله ولم يبق منهم إلا الذي ألقى نفسه على الأرض عند سماع دعائه.
وعن معاوية بن أبي سفيان كنت موجودًا مع أبي عندما دعا خبيب بهذا الدعاء، فلما سمع أبي دعاءه أراد أن يلقيني على الأرض. وهذا يعني أن آخرين أيضا كانوا موجودين عندها. وفي رواية أخرى عن عروة: كان من بين هؤلاء الموجودين عندها أبو إهاب أخنث بن شريق، عبيدة بن الحكيم، وأمية بن عتبة. وقال: جاء جبريل النبيَّ r وأخبره بالحادث، فأخبر النبي r أصحابه بذلك.
وقال الصحابة: بينما النبي r جالس بيننا ذات يوم إذ قال: وعليكم السلام يا خبيب، وأخبرَنا أن قريشا قتلته. وهكذا بلّغ الله تعالى نبيه r سلام خبيب.
وقد ورد في شرح لصحيح البخاري: لما قُتل خبيب t حول المشركين وجهه إلى غير جهة القبلة، ولكنهم رأوا بعد قليل أنه تحول إلى القبلة ثانية، فحاولوا مرة أخرى أن يجعلوا وجهه إلى غير جهة القبلة ولكنهم لم ينجحوا فتركوه على حاله.
وفي رواية أن قريشا علقوا خبيبا بشجرة وقتلوه بتثقيب جسده بالرماح. وكان من بين هؤلاء المشركين الذين ارتكبوا هذا الظلم رجل اسمه سعيد بن عامر وقد أسلم فيما بعد، وكان حتى زمن خلافة عمر t كلما تذكر حادث قتل خبيب أغميَ عليه.
لا يزال عندي واقعات ومقتبسات أخرى عن خبيب، ولكني سوف أذكرها فيما بعد.
أما الآن فأود أن أعلن أن قسم تاريخ الأحمدية في الجماعة قد أنشأ موقعه الخاص باللغتين الأردية والإنجليزية، وقد نشر فيه المواد المطبوعة من قبل الجماعة عن تاريخ الأحمدية ومختلف السير والسوانح، مثل سيرة المسيح الموعود u، وخلفاء الأحمدية، وأصحاب أحمد، وشهداء الأحمدية، ودراويش قاديان، ودعاة الجماعة، وكتبا ومقالات عن سيرة الصلحاء الآخرين والصور التذكارية، وكل المجلدات المطبوعة حتى الآن عن تاريخ الجماعة، وتاريخ التنظيمات الفرعية في الجماعة، وتاريخ فروع الجماعة في مختلف البلاد والمدن، وبعضا من مخطوطات صلحاء الجماعة، وصورا لبعض التبركات، وللقصاصات الهامة والنادرة من الجرائد والمجلات، والمقالات التاريخية القيمة، وصورًا لأهم مناسبات الجماعة، ومباني الجماعة كالمساجد، ومراكز الدعوة والمؤسسات المركزية، ومراكز التعليم، والمستشفيات والمستوصفات ودور الضيافة وغيرها. وقد قدموا تعريفا لها قدر المستطاع. كما وضعوا في الموقع الوثائق النادرة من برامج قناتنا ايم تي اي بفيديو عبر يوتيوب. كما وضعوا في الموقع كل الأحداث الهامة في تاريخ الجماعة منذ تأسيسها حتى اليوم. فسوف أقوم بافتتاح هذا الموقع بعد صلاة الجمعة إن شاء الله.
وهناك خبر مؤسف وهو وفاة أحد دعاتنا القدامى السيد صفي الرحمن خورشيد ابن حكيم فضل الرحمن، حيث وافته المنية إثر سكتة قلبية في 16 سبتمبر عن عمر يناهر 75 عاما، إنا لله وإنا إليه راجعون. قد عمل المرحوم داعية في أفريقيا وفي أماكن أخرى. كما خدم مديرًا لمطبعة “نصرة آرت بريس”. سوف أصلي عليه صلاة الغائب بعد الجمعة. كان المرحوم حفيدا من أمه لصحابي المسيح الموعود u حضرة مولوي قدرت الله السنوري t. كان والد المرحوم واقفا لحياته لخدمة الدين، حيث قدم الخدمات في أراضي الجماعة في السند بأمر من حضرة المصلح الموعود t.
تلقى المرحوم صفي الرحمن تعليمه الابتدائي في ربوة. ثم إن أمه رأت رؤيا، وبناء على رؤياها التحق المرحوم بالجامعة الإسلامية الأحمدية في 1961، ونال شهادة “الشاهد” في 1970. كانت للمرحوم زوجتان، وقد رُزق من الأولى بنتا، بينما لم تنجب الأخرى. واسم ابنته روشن آراء وهي زوجة السيد جميل أحمد، وتقيم هنا في إنجلترا. بعد تخرُّجه في الجامعة عمل المرحوم صفي الرحمن في الدوائر المركزية للجماعة في ربوة بعض الوقت. ثم عمل داعية في جكوال، حيث خدم هنالك الجماعة لعام مع حضرة حكيم عبد الله t أحد صحابة المسيح الموعود u.
أُوفدَ المرحوم إلى سيراليون للدعوة عام 1972. قال المرحوم: أوصاني حضرة الخليفة الثالث عندما ودّعني أنْ أحبّ الأفارقة، فوعيتُ وصيته وعملتُ بها. ويحكي المرحوم واقعة نصرة الله له ويقول: ذات مرة سافرت برفقة أخ أحمدي أفريقي كبير السن إلى منطقة نائية في سيراليون من أجل الدعوة، سفرًا طويلا، مشيًا على الأقدام وعبر السفينة، حتى عند المساء وصلنا إلى قرية بين الأدغال. وكان رئيس القرية غائبا عنها، فذهبنا إلى إمام القرية بحسب تقاليد القوم، ولكن الإمام رفض أن يسمع قولنا وأخرجنا من القرية.
وكان الليل قريبا، ولم يكن هناك مكان للمبيت. فعدنا أدراجنا، وكانت الغابة تبدأ بعد الخروج من القرية قليلا، وكانت أمواج البحر أو النهر تصل إلى تلك المنطقة. وبينما كنا نمشي قلقين حتى نادانا شخص من إحدى الجهات وكان جالسا على مكان مرتفع، ثم إنه آوانا في كوخه. وبعد وقت يسير سمعنا أصواتا تنادينا، ولما اقتربوا منا قالوا إن إمام القرية يقول لكم أن ترجعوا إليه، لأنه قد أصيب بصداع شديد منذ أن أخرجكم من القرية، وقد أمرنا باسترجاعكم لأنه يقول إن هذا الصداع بسببهم. فلما رجعنا، جمع الإمام أهل القرية كلهم، وقمنا بالدعوة بالليل، فانضم إلى الأحمدية حوالي عشرة أو اثنا عشر شخصا. أما صداع الإمام فقمت برقيته بسورة الفاتحة، فشفي بفضل الله تعالى. وهكذا هيأ الله تعالى لنا المبيت بل قد آتانا البيعات أيضا.
وفق الله تعالى المرحوم صفي الرحمن لإنشاء مطبعة للجماعة في سيراليون. وكان حضرة الخليفة الثالث قد أرسل مطبعة خاصة، فركبوها هنالك. وكانت المطبعة لم تعمل بنجاح من قبل هنالك في تلك الأيام، ولكن المرحوم أدار المطبعة هنالك بنجاح، وكان حضرة الخليفة الثالث يثني عليه كثيرا بسبب نجاحه في أمر المطبعة. ثم إن المرحوم أُوفدَ إلى نيجيريا، وهنالك أيضا أنشأ مطبعة للجماعة وأدارها بنجاح. وخلال تلك الفترة تعرض لحادث في المطبعة حيث قُطعت إصبع له أثناء العمل ، فداواها كثيرا لكن بدون جدوى.
وعلم حضرة الخليفة الثالث بذلك، وكان في لندن في تلك الأيام على ما يبدو، فقال له تعال إلى لندن من أجل العلاج، فجاء وتماثل للشفاء بفضل الله تعالى.
وكان المرحوم في لندن قبيل إنشاء مطبعة الرقيم هنا في إنجلترا، فأمر حضرة الخليفة الرابع بالسعي لإنشاء المطبعة هنا، وجعله ضمن اللجنة التي شكلها حضرته لإنشاء المطبعة وكان من أعضائها أيضا المرحومان مصطفى ثابت ومبارك أحمد ساقي. وهذه المطبعة تعمل هنا منذ ذلك الوقت حتى اليوم بفضل الله تعالى. وفق الله تعالى المرحوم لخدمة الدين في أفريقيا في سيراليون ونيجيريا لسبعة عشر عاما.
ثم في عام 1988 أمره حضرة الخليفة الرابع أثناء جولته لأفريقيا بالذهاب إلى الكاميرون وإنشاء فرع الجماعة هنالك. فبعد أن حصل على التأشيرة بصعوية ذهب إلى الكاميرون وعمل هنالك شهرًا وهيأ الله له فرص التبليغ أيضا، وأذيعَ حوار له على الإذاعة، ووفق الله إحدى العائلات بالبيعة أثناء جولته تلك.
رجع المرحوم إلى باكستان في عام 1988. ثم عمل داعية في لاهور. وكان المرحوم قد حضر الجلسات السنوية هنا عدة مرات، فكان يأتي ويخدم في مكتب السكرتير الخاص. ومنذ عام 1991 وفقه الله لخدمة الجماعة بصفة مدير مطبعة “نصرة آرت بريس”. مرض المرحوم منذ فترة إثر سكتة دماغية، فتقاعد. رحمه الله وتغمده بمغفرته ورفع درجاته، وألهم بنته وزوجته الصبر السلوان والهمة، آمين.